صفحات العالم

لجانُ طوارئ لسوريا


راجح الخوري

في موازاة الصمت الدولي المريب، ماذا يمكن أن يُقال عن الصمت العربي الذي لا يشكو من قلّة الريبة، ولو مطعّماً وموشّى باجتماعات فاشلة من هنا، وتصريحات لا تغادر خانة رفع العتب من هناك؟

صحيح أن الرئيس المصري محمد مرسي دعا في افتتاح اجتماع وزراء الخارجيّة العرب إلى رحيل القيادة السوريّة، على أساس أن الوقت هو وقت التغيير، إلا أنه لم يطرح أيّة أفكار، أو اقتراحات للشروع في ورشة التغيير.

حتى “المجموعة الرباعيّة” التي اقترحت القاهرة إنشاءها، لم يحدّد لها الرئيس المصري موعداً للقاء والتعارف، أو برنامج عمل لا يختلف في مضمونه عن “المهمّة المستحيلة” التي انتدب لها الأخضر الابرهيمي.

موقفٌ تعاطفيّ يتّسم بالحماسة، لكنه لا يقدّم ولا يؤخّر، ولا يختلف عن تفسير الماء بعد الجهد بالماء…

ليس مطلوباً من الدول العربيّة، مجتمعة ومنفردة، ارتداء الدروع وسرج الخيول وامتشاق الرماح استعداداً للدخول العملي في صلب المأزق السوري، ولو على سبيل الفصل بين جيش النظام والجيوش الحرّة المنتشرة في المدن والأرياف المشتعلة.

كل ما هو مطلوب إزاء هذا الجحيم، الذي يكتسح الناس والأبنية وكل ما هو قائم فوق الأرض، خطوة عملانيّة تترجم الاهتمام العربي بالناس على الأقل. بأولئك الذين لا ناقة لهم ولا جمل، وليس في مقدورهم الاحتماء من القصف الجوّي والبرّي وهمجيّة الشبّيحة.

أما بالنسبة إلى الفارين من فرسان الموت والقتل الجماعي، والمشرّدين في البراري والغابات، والمهجّرين خلف الحدود أو عند تخومها حيث يفترشون التراب ويلتحفون السماء، فكيف يستطيع العرب والعالم بأسره أن يكتفوا بالتفرّج على مأساتهم القاسية، وإبداء الأسف الجماعي للإبادة الجماعيّة؟

أين دعاء الشرق، وأمجاد يا عرب أمجاد، وبلاد العرب أوطاني، أينكم جميعاً ممّا يتعرّض له الشعب السوري منذ 17 شهراً، والمدى الزمني والدموي والتدميري مفتوح على أشهر مقبلة مع المزيد من المذابح المفجعة التي تقشعر لهولها الضمائر والأبدان؟

في انتظار الحلول غير المرئيّة، لا بدّ من الشروع فوراً في تشكيل “لجنة طوارئ عربيّة”، “لجنة انقاذ عربيّة”، لجنة عناية عربيّة”، بل لجان عربيّة متعدّدة تهب حالاً وسريعاً لنجدة الناس بما يفتقرون إليه من مواد غذائيّة، من أدوية، من مستشفيات ميدانيّة، من أطباء وممرّضين، من مسعفين، من خيم وأغطية وما إليها.

هذا الكلام المائي البليد اللزج من شأنه مضاعفة آلام المأساة التي تفتك بمعظم فئات الشعب السوري، وتضع الآلاف والملايين منه أمام سيوف الشبيحة وسيوف الإهمال واليأس في عراء يفترش النار ويلتحف القذائف والصواريخ بكل أنواعها.

حالاً وسريعاً لبّوا نداء سوريا واستغاثتها. وبالأفعال واللجان والمساعدات.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى