صفحات العالم

إيران و”الخطة باء” لسوريا ولبنان


    علي حماده

نقلنا في مقالنا الاخير هنا كلاما سمعناه من شخصية سياسية لبنانية صديقة لبشار الاسد ويشير بوضوح لا لبس فيه الى خطة بشار الاسد لرسم حدود دويلة علوية ينكفئ اليها ساعة لا يعود في إمكانه الحفاظ على مواقعه في المدن الكبرى كدمشق وحلب. وأشرنا أيضاً من خلال الحديث نفسه الى ان الخطة لا ينفرد بها بشار بل إنها خطة إيرانية تهدف الى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجسر السوري، ومنع محاصرة “حزب الله” في لبنان.

اليوم نكمل مع إيران: فهي تقاتل في سوريا ليس دفاعاً عن نظام بشار الاسد فحسب بل عن أمنها القومي الذي بني منذ ثلاثين عاماً على مبدأ التوسع خارج الحدود، واختراق المشرق العربي تحديداً في سوريا باعتبارها البوابة المثلى للعبور الى لبنان وترسيخ “القلعة اللبنانية المتقدمة”. والأهم من ذلك كله إن الجسر السوري يمثل منطلقاً لاقتناص جزء أساسي من الورقة الفلسطينية التي كانت ولا تزال مصدر شرعية عربية وإسلامية استغلتها الانظمة العربية الديكتاتورية مدة طويلة، ونجح الإيرانيون في انتزاع جزء منها مع الحركات الاسلامية “حماس” و”الجهاد الاسلامي” وغيرهما، وبقي الحال هكذا حتى اشتعال الثورة في سوريا التي قلبت كل المعادلات.

إيران تخوض حرباً كبرى في سوريا. وعندما يقول المسؤولون في طهران ان أمن سوريا من أمن إيران يقصدون ان إسقاط النظام في سوريا هو تهديد مباشر للنظام في إيران. فهو يعيد رسم خريطة المنطقة، ويمهد لإعادة التوازن الى المشهد العراقي، ويحشر “حزب الله” المدجج بخمسين ألف صاروخ بين اسرائيل التي تنتظر الفرصة لاقتناصه، وسوريا معادية وحاقدة على تورط الحزب ومرجعيته بسفك دماء عشرات الآلاف من المدنيين والثوار.

في إيران قيادة واقعية، تعرف ان شيعية النظام ستعيده بعد الثورات العربية الى مربع ضيق. ولا يمكن ايران “ولاية الفقيه” ان تكون مرجعية إسلامية في المشرق العربي حيث مئتا مليون مسلم بينهم ثمانون مليون سني. وبالتالي فان مصير نظام الاسد محسوم. وسيسقط كيفما اتفق الامر. أما “حزب الله” فسيكون في المشهد الجديد نمراً من ورق، بمعنى انه محاصر في لبنان ولا يمكنه شن حرب جديدة ضد اسرائيل لأنه سيكون وحده هذه المرة، ولان مرحلة استيلائه على السلطة في لبنان بالقوة شارفت النهاية، ولان صواريخه ستصير مع الوقت مجرد خردة.

بناء على ما تقدم تتفق آراء العديد من الخبراء الدوليين على ان طهران تعمل مع بشار من خلال سير القتال على الارض وسياسة الارض المحروقة والقتل والتهجير الجماعي على الخطة “باء”، اي رسم حدود الدويلة العلوية المتصلة بمناطق سيطرة “حزب الله” في لبنان لتشكيل جسم علوي – شيعي يمتد من حدود الاسكندرون الى الجنوب اللبناني… وهذا ما سيستدعي إزهاق أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء السوريين. فإيران تعتبر وجودها في المشرق العربي أساساً لحماية مشروعها خارجياً وداخلياً أيضاً.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى