إيران والمعتقلون في أعزاز!
راجح الخوري
عندما شاهد احد السياسيين صورة السفير الايراني السابق في لبنان محمد رضا شيباني وهو يشرف في دمشق على عملية اطلاق الاسرى الايرانيين والاتراك في مقابل الافراج عن المعتقلين السوريين علّق بالقول: ان السفارة القطرية ليست المكان الملائم ليتظاهر اهالي المخطوفين اللبنانيين التسعة امامها مطالبين بالعمل لاطلاق اهلهم في أعزاز، لأن السفارة الايرانية في بيروت هي المكان المناسب للتظاهر أمامها اذ في وسع طهران ان تضغط على النظام السوري لاقناعه بالانخراط في صفقة مماثلة تفضي الى اطلاق اللبنانيين التسعة.
صحيح ان قطر اثبتت مرة جديدة، ان العبرة ليست في الجغرافيا بل في مساحة الطموح وبراعة المبادرة السياسية والسهر على لعب دور فاعل، وذلك بعدما قامت على امتداد ثلاثة اشهر برعاية مفاوضات ايرانية – تركية في اطار من الديبلوماسية السرية، افضت بالنتيجة الى قيام ايران بممارسة ضغط على الرئيس بشار الاسد ليوافق على اطلاق 2126 معتقلاً ومعتقلة سوريين إضافة الى الاتراك الاربعة في مقابل اطلاق الايرانيين الـ48، ولكن ذلك لا يعني انها قادرة على اقناع خاطفي اللبنانيين باطلاقهم دون مقابل، كأن يقوم النظام السوري باطلاق عدد من عشرات آلاف السوريين المعتقلين لديه.
واذا استطاعت طهران ان تقنع النظام بأن ينخرط في صفقة مماثلة لاطلاق اللبنانيين وهم المقربون منها اصلاً، ربما تستطيع قطر ان تنظم جسراً للتفاوض مع الخاطفين، الذين اعلن الناطق باسمهم “أبو أياد” انهم مستعدون لصفقة مماثلة تطلق اللبنانيين، وخصوصاً بعدما قبل النظام التفاوض مع من يسميهم “الارهابيين”.
وعندما تعلق صحيفة “الراية” القطرية على العملية فتكشف ان جهود الدوحة جاءت بعد طلب من طهران واستجابة لمبدأ الحرص على الحوار والاستقرار، من الطبيعي ان يدفع ذلك الى القول ان ايران يجب ان تكون متحمسة اكثر من القطريين لترتييب اطلاق هؤلاء المظلومين الذين يعجز لبنان عن اطلاقهم.
في اي حال لم يكن مفاجئاً ان تلعب قطر هذا الدور، وخصوصاً في ظل الدينامية المثيرة التي تطبع تحركها الاقليمي والدولي، فاذا كانت تبرز كراعية متحمسة لدول “الربيع العربي”، فانها تثير جدلاً واسعاً بسبب مساعداتها السخية وتوظيفاتها المالية. وفي هذا السياق تغرق الآن مصر في موجة من التعليقات المستغربة، اثارها رفع الدوحة مساعداتها لها الى خمسة مليارات دولار اضافة الى مشروع مشترك بين البلدين بقيمة 18 ملياراً، وهو ما اطلق شائعات مغرضة عن رغبة قطر في الإستحواذ على قناة السويس لمدة 99 عاماً، ولكأن اميرها الشيخ حمد بن خليفة يريد وراثة “فرديناند دي ليسبس”، ولهذا جاء تعليق رئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم جازماً: “هذا مزاح مغرض. قناة السويس تراث مصري، ومصر أكبر من ان يهيمن عليها أحد”!
النهار