الجنوب يطلب الطحين
معتصم الديري
يجوع الشعب السوري عن خبزه، ويحدث أن تدخل الحرب وكحلها فيه، من نمنماته الشخصية إلى طحين الصبح. يحدث ان يتساءل ناشطو الجنوب، “فتحنا الحدود كاملةً كاملةً، لا تدخلوا السلاح لكنّنا نريد الطحين فحسب”.
هي صرخة وجهها الناشطون لكل ما يحيطهم من مؤسسات داعمة للثورة السورية، ولأطراف المعارضة، ولدولِ تُعرف بدعمها للثورة السورية، بعد أن قطع النظام الطحين عن معظم مدن درعا. كعقاب على دخولها طريق التحرير، ليغدو بعض المخابز في مدينة واحدة ممتلئة بسكان اكثر من خمس مدن كحد متوسط، أو فارغة تجلس الأفران هنا تؤكد: “يجوع الشعب السوري عن خبزه”.
ابو محمد رجل في الخمسين من عمره، يعرف من الخبز كونه سورياً لا يملكه، وكونه صاحب فرن سابق: “أصبح البقاء في درعا مشكلة، لا وقود، عالجناها. لا كهرباء كافية، نتحملها. لا خبز، كيف سيطلع الصبح على اولادنا هكذا.
هم يحاولون أن يجوعوننا، وربما الى الآن استطاعوا يا بني، فحتى لو أمنت الطحين ستخبز في منزلك لعائلة واحدة، وحينها تتكلف ما يعادل ثلاثمائة ليرة، مع صعوبة تامين الطحين من السوق السوداء طبعاً”.
لم يكن جائعا ذالك الرجل الجنوبي، حين كان يقول”السوق السوداء”، لكنه غاضب جدا، من تلك السوق التي اكلت أموال الشعب السوري، حيث كل شيء مؤمن فيها، ولكن ينتهي سعره فيها بأضعاف ما كان عليه.
وفيها يباع الطحين، بسعر الدولار في أغلب الأحيان، أو بسعر الوقود. وجدت أحوال الصباح السوري الفارغ من الخبز، بعض الآذان المحبة للثورة السورية، على اختلاف اسبابها.
فبدأت جمعيات خيرية اغلبها من دول الخليج، بالتنسيق مع أطراف المعارضة المعروفة من “ائتلاف” وغيره، بإدخال الطحين الى مناطق للمعارضة في درعا، بالتنسيق مع حدود التهريب الاردنية، وكانت الحمولة المعروفة شبه يومية تُقدر بعشرين طنا من الطحين، توزع على مختلف القرى الفقيرة .
الطحين يأتي للسوريين من الخارج برسالتين، ليس ليغطي فقر الطحين فقط، بل كمساعدات غذائية لكتائب الجيش الحر، تشتمل على الحليب والرز.
وجع السوريين من الخبز لا ينتهي، في مدن أخرى في حوران ، التنظيم والتوزيع مشكلة، البعض يأكل والبعض لا، سرقة اسمها أم سوء توزيع، يغضب الأمر ناشطي بعض القرى: “من الحدود غطت حوران حتى بعض مناطق القنيطرة التي عاقبها النظام بقطع الطحين عنها.
يدخل الطحين وبنوع جيد أيضاً، تساهم في هذه الحملة دولة الكويت خاصة، وتتسلم الطحين هنا أطراف توزعه للكتائب كمادة غذائية خاصة يتقاسمونها مع المدنيين كأفراد وليس كأفران، ومن هذا الترتيب الذي يذكرنا تماما بحزب البعث تتضح مشاكل التوزيع والسرقة.
ثمة قرى كثيرة لم تأكل من حصص طحينها منذ أول كيس دخل الحدود، وكتائب أيضاً لم تأخذ حصصها للأن، لمن ولمن يذهب هذا الطحين؟ وهل بدأنا المحسوبيات من نصف الثورة؟ وعلى ماذا يا رجل كل هذه المشاكل، على كيس طحين!”.
يدخل الطحين لأبناء الجنوب، فتبدأ السرقة باسم الجوع ، حيث سجلت أكثر من منطقة عدم دخول أي كيس طحين، واخرى سجلت دخول بعض الطحين لقراها، وأخرى سجلت دخول طحين لعائلات وعائلات، اغلبها لعناصر الجيش الحر. ليت التحرير يحررنا أيضاً من ذمم البعض، ينهي فوضى التوزيع، وويؤدي الى ترتيب لا يكرر حزب البعث، ومؤسسات المحسوبيات.
الشعب السوري يجوع عن خبزه.
المدن