صفحات سورية

انتصرت سوريا …وسقطت الاقنعه

 


طلال الغوّار

الحراك الشعبي الواسع الذي شهدته اغلب الاقطار العربيه منذ مطلع عام 2011 , قد اكتسب شرعيته من خلال المطالب المحقه التي نادت بها هذه الجماهيرفي الاصلاح والتغير وخصوصا وهي ترضخ تحت وطأة تسلط بعض هذه الانظمه الاستبداديه وحرمانها لكثير من مقومات الحياة الحره الكريمه, وان اختلفت سقوف هذه المطالب من قطر الى اخر, لكنها تظل تحت عنوان الدعوه من اجل الحريه والعداله , غير انه اصبح في الوقت نفسه هذا الحراك الشعبي ودعواته الى غطاء يمرر من خلاله التدخل الامريكي الاوربي ,بالتعاون مع من هم في دائرة التبعيه لهما من دول المنطقه, وحجة يتذرعون بها من اجل الالتفاف على هذا الحراك والعمل على تغير بوصلته بالاتجاه الذي يريدونه وبما يخدم مصالحهم ومشروعهم الهادف الى تفتيت المنطقه من خلال اشاعة النعرات الطائفيه والعرقيه والاثنيه, ومحاولة خلق حالة الاحتراب والاقتتال بين ابناء البلد الواحد, بغية تقسيمه,وتوظيف المنظمات والهيئات الدوليه من اجل ذلك ومحاولة اضفاء الشرعيه المخادعه لتدخلها,ولعل احتلال العراق عام 2003 يشكل الخطوه الاولى في مشروعهم التدميري للمنطقه,وها هي ليبيا اليوم يعيث بها هذا التدخل الاجنبي تدميرا وقتلا تحت غطاء الامم المتحده الخاضعه لاراده هذه القوه الغاشمه,كذلك المحاولات المستمره للالتفاف على ثورة الشعب المصري,بعد ان خسرت اميركا والكيان الصهيوني السد الامين لهما في المنطقه الذي كان يمثله نظام مبارك,.

ومن اجل الاستمرار في تنفيذ مشروعهم هذا ركزوا جل اهتماماتهم وسخروا اجندتهم المختلفه في مواجهة العقبه التي يصطدمون بها والخندق الاخير المقاوم والممانع لهذا المشورع, المتمثل بسوريا,وان هذا المخطط التأمري الشرس الذي تواجهه سوريا ليس وليد هذه الاحداث والمتغيرات التي تشهدها المنطقه وانما يمتد الى سنوات خلت وخصوصا بعد احتلال العراق عام 2003حيث واجهت الكثير من الضغوطات والاتهامات الباطله مرورا بمقتل الحريري والعدوان الصهيوني عام 2006 على لبنان ومحاولات ايجاد الحجج والذرئع من اجل اسقاط النظام السياسي فيها او على الاقل اضعافها كي لا تمارس دورها في مواجهة المخطط الصهيوني – الامريكي واستسلامها له, وكانت الاحتجاجات ودعوات الاصلاح التي عمت الشارع العربي,ومن بينها الشارع السوري وان كان بشكل محدود خير وسيله لان تجد فيها اميركا والكيان اصهيوني ومن معهما من تابعين في المنطقه والاستعجال في ركوب هذه الموجه واستغلالها ليزجوا بالعصابات المسلحه الاجراميه يرافقها تجبش اعلامي كبير يشوه الحقائق ويثير الطائفيه والتوجهات الضيقه ليسهم في خلخله النسيج الوطني السوري وخلق اضاع شاذه ومضطربه كما فعل في العراق بعد احتلاله وتركه مشلولا الى يومنا هذا,ليكون مدعاة للتدخل الاجنبي ومبررا له,وقد كان التعامل مع الوضع السوري سريعا ومخطط له يختلف عن تعاملهم مع الاحداث الي وقعت في الاقطار العربيه الاخرى,وهذا دليل على النيه السيئه والمبيته لسوريا, لان الموقف السوري دائما يجسد الثوابت الوطنيه والقوميه وتمثل بحق قلعة الصمود العربي ,فموقفها من القضيه الفلسطينيه واعبارها القضيه المركزيه,كذلك موقفها من الاحتلال الامريكي للعراق ورفضها له ودعمها للمقاومات العربيه والتمسك بها كخيار ستراتجي لتحقيق الامن والسلام للمنطقه وعدم مساومتها على الحقوق المشروعه للعرب ودعوتها للتضامن العربي بما يخدم مصالح وطموحات الشعب العربي,يضاف الى ذلك الخوف من انتصار ثورة الشعب العربي في مصر الذي سيعيد مصر الى دورها العربي الفاعل بعد ان كان ضمن دائرة التبعيه وسيشكل انتصارها دعما جديدا للموقف العربي السوري , وهذا ما يشكل تهديد لمشروع ( الشرق الاوسط الكبير) ومستقبل الكيان الصهيوني

إن دعوات الاصلاح والتطوير في سوريا لم تكن جديده او متأثرة بدعوات الاصلاح في الشارع العربي, فسوريا دعت اليها منذ عام 2000 واشرت على الكثير من الامور التي يجب اصلاحها وتطويرها ,بل هي اول من اطلقت مفردة الاصلاح واولتها اهتماما وهيأت لها وفق منظروها الاسترتيجي, ولهذا نجد ان مطاليب الاصلاح في الشارع السوري قد استجابت لها القياده السوريه بكل رحابة صدر وبدا اقرار الكثيرمن الاصلاحات والانجازات على مختلف الصعد وهي عازمه في الاستمرار في ذلك وقد تكون اكثر مما يطالب به الشعب السوري, بأتجاه تعميق الاصلاح والتطوير والعداله والديمقراطيه,غير ان ما نلاحظه ان اي انجاز ايجابي تقوم به سوريا بهذ الاتجاه نجد اميركا ومن معهم يصعدون الحمله العدائيه لها ويسخرون كل ما يتاح لهم من امكانيات واساليب تضليل ومخادعه سواء كان على مستوى الامم المتحده بدعوتها الى اصدار عقوبات وممارسة الضغوط عليها ,وتزويد هذه العصابات الاجراميه المسلحه بالدعم الكبير والمتواصل ,واستخدام وسائل الاعلام المختلفه المأجوره في تشويه الحقائق وفبركتها باسايب بشعه وهذ التصعيد امام قرارات الاصلاح يدلل على هزيمتهم وان سوريا في طريقها الى النصر .

وامام هذا المشهد تتأكد لنا حقيقة قد تكون غائبه عن البعض,وهي ان امريكا والغرب لا تريد اي اصلاح في الوضع العربي بل تقف في وجهه وتسعى الى عرقلته بكل الوسائل والاساليب ,فهي ضد اي تحول ديمقراطي ينشأ في المنطقه وما دعواتها الى الديمقراطيه ليس الامخادعه وتضليل لتنفذ من خلالها وتتخذ منها ذريعه للتدخل في شؤونها وخير مثال على ذلك احتلالها للعراق الذي كانت الدعوه الى الديمقراطيه احدى الاغطيه للاحتلال ,لان ما حدث على الارض من فوضى وتدمير وتشريد وقتل يدحض كل هذه الادعاءات ,ليبقى العر اق غير قادر على ان يحقق ابسط مقومات الدوله بعد ما اوجدت وضعا قائما على النوزيع الطائفي والاثني ,وتسيس هذه الانتماء الذي من شأنه ان يلغي المواطنه وبالتالي يغيب الوطن امام هذه الانتماءات الفرعيه , فهي تخشى الديمقراطيه الحقيقيه في اي قطر عربي والتي تبنى مؤسساتها على الاسس الوطنيه والنابعه من ثقافة وقيم المجتمع العربي,بل تفضل الاصوليين والمتطرفين على ذلك ,لانها لا تريد ان يكشف زيف ديمقراطيتها ودعواتها اليها,لتبقى تحتكر ها لمجرد انها تمتلك القوه الغاشمه وكأنها المثال الذي يجب ان يحتذى به ,ولان في الديمقراطيه التي ينشدها الشعب العربي هي عامل موحد ويعمق التماسك الوطني ويغلق الطريق امام القوى التي تريد الهيمنه على مفدراته ومستقبله , وهي اليوم بموقفها المتشدد من سوريا يوكد هذه الحقيقه ,لان سوريا عازمه بكل اصرار وعزيمه وامريكا تدرك ذلك انها (اي سوريا) في طريقها الى الديمقراطيه القائمه على الاسس الوطنيه السليمه وتؤسس لها البناء الرصين لتحقق المشاركه الوسعه للجماهير في ممارسة خيارها الديمقراطي في مناخ الحريه,وما الانجازات والاصلاحات المتواصله في سوريا تأكيد حقيقي على ذلك ,وانها بذلك اسقطت مخطط امريكا وحلفاءها , ولهذا نجد كيف تدعم هي واتباعها هذه القوى الارهابيه المسلحه لتخرب وتدمر وتقتل,وكشفت عن زيف ادعاءها عندما احتلت بلدان بحجة مقاومة الارهاب,وغضت الطرف عن ما يجري في بعض الاقطار العربيه الاخرى التي شهدت احتجاجات ومظاهرات عارمه ,لانه حدثت في دول يطلق عليها بدول الاعتدال المتهادنه معها بل والمساهمه معها في مخططها المعادي لسوريا.

إن عضب الشارع العربي ومطاليبه بالصلاح والتغير, وضع اميركا والغرب في المازق الصعب وكشف بشكل صريح وجلي انها ضد ارادة الشعوب وانها ستنهزم امام هذا الوعي الذي يتعمق يوما بعد اخر وستسقط كل الاقنعه عن وجوه كل الذين وضعوا انفسهم سماسره لمشاريعها, بل هاهم يتعرون امام شعوبهم هم والغربان التي تنعق على شاشات الفضائيات.

الحوار المتمدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى