صفحات العالم

«لاءات» أنـقـرة والــدم السـوري المــراق

 


حوار «سوري» مع كبير مستشاري الرئاسة التركية ارشاد هورموزلو

خليل حرب

صارت سوريا الشغل الشاغل لتركيا. تقول انقرة انها قضية تركية داخلية، تمسها في السياسة والاقتصاد والمجتمع… وتمسها في ما تعتبره «هيبتها» لا كقوة صاعدة فحسب، وانما كدولة سوقت نفسها، او تم تسويقها، على انها تمتلك مفاتيح الربط والحل، وان سياستها «صفر مشكلات»، ان تجلى نجاحها، فهو في أبهى صوره، مع السوريين.

هناك من يتحدث عن حرج تركي، وهناك من يتحدث عن تخبط. والبعض يقول بوجود «مؤامرة»، والاتراك يؤكدون انه حرص على القادة السورية وعلى الشعب السوري، بينما تدور التساؤلات في حلقات مفرغة، فلا تأتي اجابات شافية عما يجري فعليا على خط أنقرة ـ دمشق، الذي الى ما قبل اسابيع قليلة، كان ما يزال مثار حقد دوائر غربية… ناهيك عن اسرائيل.

حاولت «السفير» استخلاص أجواء «قصر شنقايا» الرئاسي من خلال كبير مستشاري الرئيس عبدالله غول، ارشاد هورموزلو الذي قال انه قبل اندلاع الاحداث السورية، «كنت اقول ان الوضع في سوريا مختلف عن الوضع في مصر… في سوريا هناك تطابق بين السياسة الخارجية لسوريا وبين تطلعات الشعب السوري، سواء في الموقف من اسرائيل او مواقف دمشق المستقلة من قضايا ايران والموقف من الولايات المتحدة».

«شرعية النظام السوري بين الشعب كبيرة لهذه الاسباب، لكن الناس لديها تطلعات داخلية ومطالبة مشروعة بالاصلاحات»، يقول هورموزلو.

لكنه يحرص على التوضيح «نحن لا ندافع عن نظام، لكننا ندخل الدول من بواباتها الشرعية.. وهذا النظام هو الحاكم، الى ان تقرر غالبية الشعب تغييره او تبديله».

وبعدما اشار هورموزلو الى ان المواقف التركية تركز على أمرين هما اعلان اصلاحات تلبي المطالب الشعبية، وتسريع عملية الاصلاح نفسها، قال ان النقطة الاهم هي «ألا تراق الدماء السورية.. ولا نفرق بين دم رجل الامن ودم المتظاهر في الشارع… لا نريد ان نرى الدم السوري يراق… ولا لارهاب المدنيين والعوائل… الاحتكام يجب ان يكون الى المنطق والحوار».

وقال المستشار الرئاسي التركي انه يتحدث مع السوريين وانه كصديق لهم ولسوريا، دعاهم الى «مخاطبة الشعب التركي والعربي والسماح للاعلام بالتحرك للحديث عما يحدث، لكنني حتى الان لم أر تجاوبا حول هذا الموضوع»، مشددا على اهمية ذلك من الناحية النفسية.

واشار الى ان انقرة اقترحت على القيادة السورية جملة اصلاحات، من بينها تنظيم قانون الاحزاب والاقتصاد ومحاربة الفساد التي وصفها بأنها «مهمة للمواطن السوري والرأي العام العالمي»، مضيفا «لم نقطع الامل بإمكان التغيير والاصلاح، وتصورنا ان الشعب السوري سيتجاوب مع هذه الخطوات من جانب الحكم».

وبعدما رفض نظرية «التدخلات الخارجية» قائلا انه «لا يعلم بوجودها»، تساءل هورموزلو مستنكرا «لو كانت هناك جهات تريد تحطيم النظام من الخارج، او جهات ارهابية او معادية للعرب والاسلام، فهل من المعقول ان تقف تركيا ضد سوريا».

وعندما سئل عن طبيعة اجواء العلاقة القائمة بين دمشق وانقرة، قال هورموزلو ان «تواصلنا مستمر مع القيادة السورية، وهي مرتاحة حسب تصوري لهذا التواصل.. وهم يعرفون حسن نيتنا بهذا الموضوع».

وعندما سئل عن النظريات المتضاربة حول حقيقة موقف انقرة من المعارضة السورية واستضافة مؤتمر انتاليا مؤخرا، قال هورموزلو «نحن لا نجمع المعارضة السورية لضبطها، ولا نجمعها لتعمل ضد دمشق».

وأوضح ان المعيار بالنسبة لأنقرة هو «عدم استخدام العنف او التحريض عليه سواء من جانب المعارضة او النظام»، مبررا السماح للمعارضة بالاجتماع في انتاليا بالقول انه «بدلا من اجتماعها في بروكسل او برلين او غيرهما، فما المانع في ان تلتقي في انقرة او انتاليا؟!».

لكنه سعى الى التشديد على ان السلطات التركية لم تقدم الرعاية ولم تدفع الى عقد مؤتمر المعارضة، مشيرا الى انه سأل مشاركين في المؤتمر عن مصادر تمويلهم فأبلغوه بان «تمويلهم ذاتي».

التدخل الخارجي

وردا على سؤال عن موقف تركيا في حال جرى التصعيد الخارجي ضد دمشق، سواء بالعقوبات او الحصار او العمل العسكري، قال مستشار الرئاسة التركية «حذرنا منذ اسابيع من ان استخدام العنف سيؤدي الى تدخل خارجي، وهذا ما لا نريده… لكن عندها سيقال اننا يجب ان نلتزم بالقانون الدولي».

ودعا هورموزلو الشعب السوري نفسه الى ان «يكون ضد التدخل الخارجي والتنبه الى ضرورة ان يكون الحل داخليا».

وقال ان «الخطأ الذي نرتكبه في منطقتنا اننا نحيل قضايانا الى متعاقدين بالباطن لحل مشاكلنا… نحن قادرون على حل مشاكلنا بأنفسنا حتى لا يكون هناك ما يبرر التدخل الخارجي».

واشار الى ان «مشكلتنا هي القرب الجغرافي… هذه مسألة داخلية وشخصية، ولهذا لا نريد عقوبات دولية، ونريد من القيادة السورية ان تمسك زمام الامور وتنحو الى الحوار، ومن الآخرين ان يحتكموا الى الحوار وليس الى العنف».

واضاف «المهم تغليب الهوية السورية الجامعة، لا تغليب فئة او مذهب.. ولا أراه صراعا سنيا ـ علويا.. ونحن لا نستغله، فقوة سوريا من قوة تركيا، ولهذا لا مصلحة لنا في تغليب الاختلافات… ولهذا فلا علاقة لتصريحات اردوغان حول سوريا، بالحساسيات الانتخابية التركية، ولا رابط بينهما».

السفير

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى