سوريا: رفع سعر الخبز للحد من “الهدر”!/ سلام السعدي
في شهر رمضان، وفي وقت “يكافح” السوريون لتأمين قوت يومهم، ولإحياء ما تبقى من طقوس رمضانية تذوي عاماً بعد آخر، رفعت الحكومة السورية على نحو مفاجئ، ومن دون أن يرف لها جفن، سعر ربطة الخبز المدعوم بنسبة 67 في المئة.
ماذا تغير؟
وأعلن معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب عن “رفع سعر ربطة الخبز إلى 25 ليرة” في حين كان سعرها 15 ليرة. ويأتي ذلك في أعقاب نفي متكرر، دأبت عليه الحكومة السورية خلال الأشهر الماضية، لـ”شائعة” رفع سعر الخبز. وكان المدير العام لـ“الشركة العامة للمطاحن” أبو زيد كاتبة قد أكد قبل نحو شهر أن “رفع سعر الخبز غير وارد وخصوصا في هذه الظروف الصعبة، فالخبز يبقى المادة الأساسية للمواطن السوري”.
ولا يعرف بالضبط ما الذي تغير، فلا الخبز هبط إلى مصاف المواد “غير الأساسية” بالنسبة للسوريين، ولا “الظروف الصعبة” التي نوه لها كاتبة قد تبددت ليحل الاستقرار والإزدهار.
بل إن واقع الأمر يشير إلى العكس تماماً، فالخبز لم يزل غذاءً رئيسياً للفقراء ولمتوسطي الدخل الذين يدخلون على نحو متزايد ومتسارع في دائرة الفقر.
وتؤكد ذلك تصريحات المدير العام للشركة العامة للمخابز عثمان حامد، والتي تشير إلى انخفاض استهلاك السوريين للخبز نحو 35 في المئة خلال الأسبوعين الماضيين أي قبل رفع سعر ربطة الخبز.
ذلك أن الظروف الاقتصادية والمعيشية لا تني تنحدر إلى مستويات أكثر بؤساً، خصوصاً مع ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات بصورة متواصلة.
مع بداية شهر رمضان ارتفعت أسعار الخضار والفواكه وتجاوزت نشرة الأسعار التي تصدرها مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك. وعلى سبيل المثال، في حين سجلت النشرة سعر كيلو البندورة بـ 40 ليرة، بيعت في الأسواق بسعر تراوح بين 60 و75 ليرة. كما ارتفعت أسعار الحليب والألبان والاجبان مع بداية شهر رمضان بزيادة نحو 75 ليرة لكل منها، وفق ما نقلت صحيفة الثورة الحكومية عن رئيس “جمعية مشتقات الحليب في دمشق وريفها” عبد الرحمن الصعيدي. كما ارتفعت أسعار الفروج بحسب عضو جمعية اللحامين بسام درويش نحو 10 في المئة في غضون أسبوع.
“قرار عقلاني”!
بالعودة إلى قرار رفع سعر الخبز، فقد انبرت وسائل الإعلام القريبة من الجكومة للدفاع عن القرار بوصفه “مبرراً” لا بل “عقلاني ومجتمعي”، إذ أن مقدار الارتفاع بحسب المحللين الاقتصاديين التابعين للحكومة “لن يرهق الأسر السورية على اختلاف شرائحها”. وذهب البعض لاعتبار أن القرار يخفف من “الهدر” في استهلاك السوريين للخبز. فبحسب رئيس لجنة المخابز الاحتياطية علي ابراهيم علي فإن “الهدر ازداد خلال الفترة الماضية واختلفت نسبته بين مكان وآخر، ففي بعض المناطق كانت نسبة الهدر نحو50 في المئة، وهي عينة عشوائية قامت بها لجنة المخابز الاحتياطية على منطقتي المزة ومشروع دمر، في حين كانت في المناطق الشعبية 25 في المئة”.
ويتجاهل المسؤولون الحكوميون، كما عودونا دائماً، أنهم يتحدثون عن سوريا في العام 2014، أي بعد ثلاث سنوات ونصف على الحرب المتواصلة. الحديث يدور عن بلد بات مدمراً بالكامل، ويعاني من تبقى من سكانه من فقدان فرص العمل حيث يصل معدل البطالة إلى 60 في المئة، وتبلغ نسبة من يعانون من “الفقر الشديد” 55 في المئة من مجموع السكان، إذ لا يستطيعون تأمين الحد الأدنى من حاجاتهم الأساسية، فيما يعيش 20 في المئة منهم في دائرة “الفقر المدقع” التي تشمل العاجزين عن تأمين قوت يومهم. ومع ذلك، لا تجد الحكومة السورية حرجاً في الحديث عن “هدر” السوريين للخبز!.
إنها لشجاعة فائقة، لا تستحق سوى الازدراء.
المدن