صفحات العالم

العقدة السورية… والحل اليمني!


أحمد المنصوري

القمة الإسلامية الطارئة التي تعقد اليوم وغداً في مكة المكرمة لاستصدار اتفاق لحل الأزمة في سوريا تنص بشكل رئيسي على تنحي الأسد مع ضمان أمنه وأمن عائلته وجميع الأقليات، بعد دخول قوات من دول إسلامية إلى سوريا لوقف العنف وتثبيت الاستقرار.

ويأتي المسعى الجديد لحل الأزمة السورية باسم “بلاغ مكة”، بعد فشل جميع المساعي الدولية في ظل استمرار نظام الأسد المدعوم من إيران و”حزب الله” وروسيا والصين، واستخدم هذا النظام كافة وسائل القمع والقوة العسكرية الضاربة لإخماد نار الثورة وإسكات المطالب الشعبية بضرورة رحيله.

وتتضمن المبادرة التي نشرتها قبل أيام وسائل الإعلام، والشبيهة بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، دخول قوات دولية قوامها وحدات من دول إسلامية وإشرافها على الأمن وتنظيم انتخابات حرة لاختيار نظام جديد، بعد تنحي الأسد عن السلطة.

ويرى مراقبون أن المبادرة السعودية المدعومة من الدول العربية والإسلامية ستقطع الطريق أمام التدخل العسكري الخارجي وتدويل الأزمة السورية مثلما جرى في ليبيا. كما أن وجود قوات من دول إسلامية لفترة انتقالية، وتنتهي بإجراء انتخابات عامة، سيكون له دور مهم في منع حصول حرب أهلية، وأن يأخذ الصراع منحى طائفياً أو مذهبياً مما قد يطيل أمد الحرب. وفي المقابل هناك من يرى أن هذه المبادرة تهدف أيضاً إلى قطع الطريق أمام سيطرة الجيش الحر على زمام الأمور في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد وخاصة أن الدلائل على الأرض تشير إلى قرب سقوط النظام.

فهل سيرتضي الأسد بالتنحي مقابل ضمان سلامته وسلامة أسرته وهو الذي دخل الصراع مع شعبه لضمان استمرار حكمه؟ أم هل سيرتضي الثوار في سوريا والجيش الحر بصفقة خروج الأسد سالماً معافى من دون محاكمة، وهو الذي بسببه أريق دم ما يزيد عن 20 ألف سوري منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس من العام الماضي؟

لم تتم دعوة النظام الرسمي السوري لحضور القمة، إلا أن إيران أكدت حضور رئيسها نجاد للقمة. ويشير البعض أن حضور نجاد هو لإجهاض أي اتفاق أو إجماع على المبادرة التي أبدت إيران تحفظات عليها.

يبدو أن الدول الخليجية وتركيا والولايات المتحدة والدول الغربية هي الأكثر حماسة للمبادرة السعودية، التي يبدو أنها البديل لتطورات سيئة ستطال المنطقة العربية بأسرها.

إن مطالب فئات كبيرة من السوريين لم تنحصر فقط في إسقاط النظام وإنما طالبت أيضاً بمحاسبة من كان السبب في إراقة كل هذه الدماء، والمسؤول عن التخريب والدمار الكبير اللذين لحقا بالمدن والقرى السورية. فلا يمكن، من وجهة النظر هذه، أن تهدأ أنفس السوريين أو أن يضمد جراحهم حل من هذا النوع يوفر لجلادهم الملاذ الآمن ورغد العيش في أحد القصور بقية عمره بينما لا يكاد بيت في سوريا إلا ويكون قد قدم شهيداً من أبنائه، أو هَدّت أسقفه جدرانه قذائف وصواريخ الأسد.

إن واقع الأزمة السورية وتعقيدها قد يفرض على جميع الأطراف القبول بالحل الوسط والرضا بسقف أقل من المطالب القصوى. فهل ستنجح هذه المبادرة في وقف الحرب وحقن الدماء على طريقة حل الأزمة اليمنية أم أنها ستفشل لتأخذ الأزمة منحى الحل الليبي من تدويل وتدخل خارجي؟

الاتحاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى