صفحات العالم

“أيام النظام معدودة ” مجدّداً إلى الواجهة


والكباش مستمر في تفسير اتفاق جنيف

    روزانا بومنصف

حين بادر المسؤولون الاميركيون في آب من العام الماضي الى مطالبة الرئيس السوري بشار الاسد بالرحيل والاصرار مع دول اوروبية عدة على ان ايام الاسد في الحكم باتت معدودة، لم تخف مصادر ديبلوماسية  الاثر السلبي لمثل هذه المواقف على الدول المعنية في حال طال وجود الرئيس السوري في موقعه، علما ان ما كان سائدا وراء الكواليس كان يؤكد هذا الاحتمال. وقد لفتت بعض المراقبين اخيرا عودة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى الاعلان ان ايام النظام باتت معدودة على اثر اجتماع جنيف في تساؤل عما اذا كان لدى المسؤولين الاميركيين ما يؤكد هذا الاتجاه، ام انه بات اقرب الى التحقيق بفعل التطورات الميدانية والديبلوماسية التي طرأت على وضع النظام ام ان المسألة لا تزال تقتصر على وجود اقتناع اميركي بذلك من دون قدرة على تحقيق الامر.

بعض المصادر المتابعة والمعنية تقول ان الاميركيين يحاولون ان يسبغوا اكثر مفهومهم على اتفاق جنيف الذي وضع آلية لمرحلة انتقالية تساهم في استبعاد الاسد من خلال تأليف حكومة بصلاحيات تنفيذية واسعة تنزع عنه اي دور في حكم سوريا. وهو امر برز في اجتماع اصدقاء سوريا في باريس اخيرا الذي خرج بموقف حسم فيه ضرورة رحيل الاسد. وتقول المصادر ان هذا القول، اي ان نظام الاسد باتت ايامه معدودة بات يكتسب صدقية اكبر بعد اجتماع جنيف وبعد تغييرات هائلة حصلت لغير مصلحته، الا ان هذا لا يعني انطباق هذا الكلام بحذافيره. اذ ثمة عامل آخر هو ان الدول العربية والغربية تواصل الضغط على موسكو من خلال جملة مواقف، من بينها محاولة ترسيخ هذا المفهوم في اذهان العالم بحيث يضغط على روسيا للسير به الى جانب امور اخرى، منها الالحاح على طلب اللجوء الى مجلس الامن من اجل صدور قرار تحت الفصل السابع يفرض المزيد من العقوبات على النظام، لكن من دون احتمال اللجوء الى الحل العسكري. وهناك ايضاً التلويح باستمرار العمل على هذا الخيار على رغم توافقها في اجتماع جنيف بتأجيل هذه الخطوة الى مرحلة لاحقة. لكن المغزى هو ان صدور هذا القرار، بعيدا من احتمال اللجوء الى القوة العسكرية، يؤمن موقفاً دولياً جامعاً يوجه رسالة قوية ضد النظام يمكن ان تساهم في تعجيل وتيرة الانشقاقات العسكرية وغير العسكرية من حول النظام، ويكون كذلك اكثر من مفاعيل عقوبات اقتصادية يمكن ان تساهم فيها روسيا والصين ايضا. ولذلك فان المسألة تتصل في نهاية الامر ليس بتنفيذ اتفاق جنيف او خطة انان بمقدار ما يحصل من تطورات موازية وفق ما تقول هذه المصادر. اذ ان اتفاق جنيف اقام اتجاهين دوليين اذا صح التعبير:  احدهما يبدي ثقة بان المجتمع الدولي يبذل افضل ما لديه من اجل وقف العنف وانه يقع على اقطاب لقاء جنيف اقناع شركائهم الدوليين والمجتمع الدولي بالجدية والقدرة اللازمة على السير بخريطة طريق جدية عملية وان لا حلول سحرية اخرى لديه. فيما الاتجاه  الاخر يعتقد ان كلا من روسيا والولايات المتحدة تضيع الوقت لعدم رغبة كل منهما في التفاوض الجاد حول سوريا في الوقت الراهن، لاعتبارات متعددة لدى كلا الجانبين. وفي لقاء ديبلوماسي واسع حصل اخيرا في بيروت، كان الاتجاه الثاني هو الغالب، بحيث ظهر كأنه يتعين على الدول الكبرى اقناع شركائها الاوروبيين  قبل اقناعهم المحللين واصحاب الرأي الذين شككوا بقدرة الدول الكبرى على فرض حل والاتفاق عليه.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى