أحداث وتقارير اخبارية

أحداث السبت، 04 آب 2012


133 دولة تطالب بانتقال سياسي في سورية

نيويورك – راغدة درغام

دمشق، بيروت – «الحياة»، رويترز، ا ف ب – تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة في جلسة امس بغالبية 133 صوتاً القرار الذي قدمته المملكة العربية السعودية، والذي دان مواصلة استخدام السلطات السورية الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين. وشدد على محاسبة المسؤولين عن انتهاكات القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها حقوق الإنسان، وعلى ضرورة إنهاء العنف من كل الأطراف والشروع في عملية انتقال سياسي نحو نظام تعددي ديموقراطي.

وشددت الجمعية العامة على مسؤولية الحكومة السورية عن ترسانتها من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وعن عدم نقلها الى «جهات غير حكومية». وأكد القرار الذي تولت المملكة العربية السعودية إعداده وتقديمه، باسم أكثر من ٦٠ دولة راعية، ضرورة «الشروع في عملية الانتقال السياسي وإنشاء هيئة حكم انتقالية توافقية وإعادة النظر في الدستور بناء على حوار وطني شامل وإجراء انتخابات حرة ومتعددة الأحزاب في إطار النظام الدستوري الجديد».

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في كلمة امام الجلسة، من «تكرار المجتمع الدولي الخطأ الذي ارتكبه في سربينيتشا»، مشدداً على ضرورة «وقف أعمال القتل والجرائم التي قد ترقى الى جرائم ضد الإنسانية والتحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها». وأشار الى «استمرار الحكومة والمعارضة في الاعتماد على العنف المسلح»، مشدداً على أنه «ليس من رابح في حلب أو سواها في حين ان الخاسر هو الشعب السوري». وقال إن «الكارثة كان يمكن تجنبها قبل ١٨ شهراً لو استجابت الحكومة للتظاهرات السلمية بدلاً من استخدام العنف لقمعها». وشدد على ضرورة «استخدام كل الوسائل الديبلوماسية للتوصل الى حل سياسي»، داعياً مجلس الأمن الى «التوصل الى توافق بعدما صعبت الانقسامات فيه عمل المبعوث المشترك كوفي أنان». وأعرب بان عن الخشية من «ازدياد الوضع سوءاً في حال غياب الأمم المتحدة من سورية»، محذراً من خطورة «زيادة عسكرة الأزمة».

ودان رئيس الجمعية العامة ناصر عبد العزيز النصر «مواصلة ارتكاب السلطات السورية الفظائع وانتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي على نطاق واسع». وشدد على أن على «جميع الأطراف في النزاع التزامات ينبغي لها التقيد بها بموجب القانون الدولي ويجب محاسبة المسؤولين عن مرتكبي تلك الانتهاكات». وقال إن «وصول مجلس الأمن إلى طريق مسدود يبعث بإشارات خاطئة إلى جميع الأطراف في النزاع في سورية». وأكد أن للجمعية العامة في حالات وصول الأوضاع إلى طريق مسدود «دوراً تؤديه في صون السلم والأمن الدوليين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة». ودعا الى «المضي قدماً في اتخاذ تدابير إضافية لحماية الشعب السوري من البطش المستمر الذي يتعرض له».

وقدم السفير السعودي عبدالله المعلمي القرار باسم مجموعة الدول العربية والدول الراعية له، داعياً الى دعم القرار الذي يهدف الى «إعادة التأكيد أن المجتمع لا يقبل استمرار القتل والمذابح وأنه آن الأوان للبدء في العملية الانتقالية في سورية بما يلبي رغبات أبناء الشعب السوري ويضمن المساواة في الحقوق والواجبات للجميع». وشدد على «المسؤولية الدولية المشتركة في تأمين الحماية للمواطنين السوريين والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين». وقال إن التطورات الأخيرة المتمثلة في تخلي أنان عن مهمته هي «تعبير عن الإحباط والعجز الذي شعر به» والهجوم العنيف المستمر من القوات السورية على حلب «وإطلاق صفة العدو عليها كل ذلك يجعل من التحرك في الجمعية العامة أكثر أهمية من أي وقت مضى».

وقال المعلمي ان النظام السوري بدل تطبيق النقاط الست في خطة انان ارتكب ست مجازر في باب عمرو والرستن والحولة والتريمسة والقفير وفي حلب. وختم بالقول «نتقدم بمشروع القرار واثقين أن الضمير العالمي لن يتجاهل استغاثة الشعب السوري وهو يتصدى بصدور أبنائه للدبابات».

واتهم السفير السوري بشار الجعفري الدول الراعية للقرار بأنها «تدعم المجموعات الإرهابية المسلحة علنا بالمال والسلاح وبحملة إعلامية سياسية هستيرية شرسة». وهاجم السعودية وقطر والبحرين، وحذر من «خطورة أن تشكل الأمم المتحدة غطاء لنشر الإرهاب الحلال في العالم أو أن تساهم في إضفاء الشرعية على أجندات هزت العالم خاصة بعد غزو أفغانستان والعراق وليبيا».

وانضمت أكثر من ٦٠ دولة الى رعاية تقديم القرار الى الجمعية العامة بينها المغرب والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين وتونس وعمان وقطر والكويت وليبيا ومصر والسعودية واليمن وموريتانيا، والولايات المتحدة وألمانيا وتركيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وسواها. وحصل القرار على تأييد ١٣٣ دولة فيما عارضته 12، وامتنعت ٣١ عن التصويت.

وبعد الجلسة، قال السفير المعلمي إن «نتيجة التصويت هي تعبير عن يوم انتصار للشعب السوري وتطلعاته، رغم أنه انتصار مؤلم». واعتبر أن «حجم التأييد للقرار هو رسالة واضحة الى العالم أجمع بأن الموقف الذي اتخذه مجلس الأمن نتيجة الفيتو الروسي – الصيني لا يعبر عن ضمير المجتمع الدولي، وبأن الشلل في مجلس الأمن غير مقبول واستمرار سفك الدماء غير مقبول وأن العالم يطالب باتخاذ إجراء». ورداً على اتهامات السفير السوري للسعودية وقطر والدول الأخرى قال: «هذا تحويل للأنظار عن معاناة الشعب السوري».

ميدانياً، اجتاحت القوات السورية مساء امس حي التضامن في جنوب دمشق بعشرات الدبابات والمركبات المدرعة والجنود في محاولة لاستعادة السيطرة على المعقل الأخير للمعارضة في العاصمة. وقال نشطاء ان معظم الحي أصبح تحت سيطرة القوات الحكومية بحلول عصر امس. وسبق ذلك هجوم بالقذائف شنته قوات النظام على مخيم اليرموك القريب من حي التضامن سقط فيه عشرون قتيلاً. وقال سكان في المخيم ان سبب القصف ان النظام يتهم اللاجئين في المخيم بايواء هاربين من حي التضامن.

واصدرت رئاسة السلطة الفلسطينية بياناً امس دانت فيه «الجريمة النكراء» التي راح ضحيتها «عشرات الشهداء والجرحى» من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك. واتهمت في بيانها اطرافا فلسطينيين بمحاولة لزج الفلسطينيين في الصراع الدائر في سورية، مشيرة بالتحديد الى احمد جبريل زعيم «الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، الموالي للنظام السوري. كما وصفت «حماس» الهجوم على اليرموك بـ «الجريمة النكراء»، ويعد هذا اشد انتقاد للنظام السوري من قبل الحركة الاسلامية منذ خروج قيادتها من دمشق.

وقالت مصادر في المعارضة إن قوات النظام قتلت امس أكثر من 110 أشخاص في سلسلة هجمات في مختلف أنحاء البلاد وتحدثت المصادر عن معارك عنيفة في عدة مناطق بينها حي صلاح الدين في حلب.

وأكد «الجيش السوري الحر» انه يسيطر على خمسين في المئة من حلب التي حشد فيها آلاف العناصر في مواجهة القوات النظامية التي حشدت بدورها تعزيزات في العديد والعتاد. وقالت الامم المتحدة ان هجوم الجيش السوري المتوقع على حلب منذ فترة طويلة بات وشيكاً. ووقعت امس اشتباكات عنيفة في حي صلاح الدين استخدمت فيها قوات النظام المدفعية والطائرات المروحية في اعمال القصف الذي سقط بسببه 20 مدنياً على الاقل. ونقل صحافي في وكالة «فرانس برس» من حلب ان تظاهرات حاشدة خرجت امس في المدينة طالبت باسقاط النظام وهتف مئات المتظاهرين في حي الشعار في شرق المدينة هتافات «الشعب يريد اعدام بشار»، و»الشعب يريد الحرية والسلام».

وقالت مصادر المعارضة ان قوات النظام ارتكبت امس عدداً من «المجازر» منها في مشاع الاربعين في حماة حيث سقط 69 قتيلاً وفي بصر الحرير في درعا حيث سقط 30 قتيلاً. فيما خرجت تظاهرات في مناطق سورية عدة امس تحت شعار «دير الزور، النصر الآتي من الشرق»، في اشارة الى موقع محافظة دير الزور في شرق سورية، التي تشهد منذ ايام عمليات عسكرية واسعة. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان سبعين في المئة من محافظة دير الزور باتت خارجة عن سيطرة النظام، من دون ان يعني ذلك انها باتت تحت السيطرة الكاملة لمقاتلي المعارضة. وذكر ان قوات النظام تستخدم الطيران بالاضافة الى مدفعيتها الموجودة في الميادين لقصف مناطق اخرى في دير الزور اصبحت تحت سيطرة الثوار.

تحرك دولي للاستفسار عن ترحيل السوريين

بيروت – «الحياة»

تواصل السجال السياسي في بيروت حول ترحيل المديرية العامة للأمن العام اللبناني 14 سورياً الى بلادهم. ولقيت الخطوة اهتماماً دولياً فتحركت غير جهة وسفير للاستفسار عن حقيقة هذا التدبير ولتذكير الحكومة اللبنانية بالتزاماتها حيال الاتفاقات الدولية بعدم تسليم من يمكن ان يتعرضوا للعنف في بلادهم، لأسباب سياسية.

وفيما اعتبر رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ان الحكومة اللبنانية مسؤولة، وجدد المطالبة باستقالتها «لأنها ترتكب كل يوم خطأ أكبر من الذي سبق»، أصدرت المديرية العامة للأمن العام بياناً ثانياً أمس حول هذه القضية أكدت فيه ان «المرحلين صدرت بحقهم أحكام قضائية عن جرائم تتراوح بين السرقة والتزوير ومحاولات الاغتصاب والاعتداء ولا علاقة للدولة السورية بها». وأفاد بيان المديرية بأنها جمدت ترحيل أشخاص ادعوا انهم من المعارضة السورية وأن بعضهم رحل بعد توقيع تصاريح لدى إحدى المنظمات الدولية برغبتهم في العودة الى ديارهم.

وكانت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان انجلينا ايخهورست التقت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اللذين أكدا لها ان لا معارضين سياسيين بين المرحلين. كما التقت ايخهورست السنيورة وعدداً من النواب، فيما اجتمع المنسق الخاص لنشاطات الأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي مع السنيورة بدوره بعدما كان التقى اللواء ابراهيم.

وأبلغ السنيورة الديبلوماسيين الدوليين أن ما قامت به الحكومة اللبنانية «سابقة خطيرة بناء لطلب أو ضغط الحكومة السورية لتسليم هؤلاء». وطالب بأن يستعلم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن مصير السوريين الـ14 مذكراً بتسليم شخصين في السابق من التابعية السورية أعدما على الحدود، وبحصول عمليات خطف لسوريين.

ومقابل الانتقادات التي وجهت الى خطوة الأمن العام، دافع نواب وسياسيون من قوى 8 آذار عن الجهاز الأمني. وقال السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم علي إن ما قام به الأمن العام التزم فيه معايير قانونية. وقال إن :»تطبيق القانون اللبناني على مواطنين سوريين لا يدعو الى القلق بل الى الاطمئنان».

وكان وزراء «جبهة النضال الوطني» النيابية التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط طالبوا بلائحة مفصلة بأسماء الذين جرى ترحيلهم مع الأحكام التي صدرت بحقهم. وقالت مصادر وزارية ان ميقاتي الذي كان استفسر من الأمن العام عن عمليات الترحيل فقيل له ان شخصاً واحداً رحّل ثم قيل له أنهم 4 الى أن رسا الرقم على 14، يفترض أن يكون تسلّم اللائحة من الأمن العام. وأضافت المصادر: «ان الرئيس ميقاتي أبلغ بعض من اتصل به لاحقاً ان قرار الترحيل حصل بعلمه».

من جهة أخرى تجاوزت قوى الأكثرية أمس أحد عناوين الخلاف بين مكونات الحكومة بفك اعتصام مياومي مؤسسة كهرباء لبنان بعد اتفاق جرى بين حركة «أمل» وبين «التيار الوطني الحر» ممثلاً بوزير العمل سليم جريصاتي، يقضي بحصول المياومين على مطالبهم بإمكان تثبيت من ينجح منهم في مباراة محصورة ستجرى وفق القانون في مديريات المؤسسة والتعاقد مع من يرغب في الشركات الخاصة التي لزمت اليها بعض أوجه الخدمات التابعة للمؤسسة وشارك في الاتفاق الاتحاد العمالي العام. كما ان «حزب الله» شارك في تشجيع التوصل الى هذا الاتفاق.

روسيا تحذّر من «تراخي الديبلوماسية» وتدعو إلى إيجاد بديل لأنان «سريعاً»

موسكو، طهران، بكين، لندن، نيويورك -»الحياة»، أ ف ب، رويترز

وسط حالة غموض حول مصير الجهود الديبلوماسية لحل الأزمة السورية، دعت روسيا أمس الى ايجاد خلف «سريعاً» لمبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الى سورية كوفي انان، الذي أعلن استقالته احتجاجاً على ما قال إنه «ضعف الدعم الدولي» لمهمته.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان، أنه «ينبغي ايجاد خلف مؤهل لكوفي انان سريعاً». وأضاف البيان «أن الحفاظ على وجود للأمم المتحدة في البلاد يكتسب اهمية خاصة في الوضع الراهن». وأكدت وزارة الخارجية أن الأهم في هذه المرحلة هو «عدم السماح بحصول تراخ في الجهود الدولية لحل الازمة في سورية».

واعتبرت ان بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سورية «عامل مهم في ضمان دعم دولي للتطلعات المشروعة للسوريين ليحددوا بأنفسهم وسائل تحقيق تطور ديموقراطي ومستقل لبلدهم».

ووجهت موسكو إصبع الاتهام الى المعارضة السورية والقوى الغربية في دفع انان الى الاستقالة. وقالت: «للأسف، رفضت المعارضة السورية دائماً كل الاقتراحات لتأسيس حوار سياسي، ولم يقم شركاؤنا الغربيون وبعض دول المنطقة التي كان في إمكانها التأثير على المعارضة بأي شيء». ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقالة انان، بأنها «خسارة كبرى»، مؤكداً أنها لا يجب ان تعوق جهود التوصل الى حل ديبلوماسي للنزاع.

من جانبها، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الامم المتحدة والجامعة العربية الى سرعة تعيين موفد جديد الى سورية. وأعربت آشتون في بيان عن «أسفها العميق» لاستقالة أنان، مشيرة الى ان الاتحاد الاوروبي «يدعو الى سرعة تعيين خليفة لانان ليكمل العمل الذي كان يقوم به من أجل الانتقال السياسي السلمي في سورية». وقالت آشتون ان تلك الخطة «لا تزال تمثل افضل أمل للشعب السوري»، محذرة من تعرض السوريين لمزيد من المعاناة بسبب زيادة عسكرة النزاع واستخدام النظام السوري المقاتلات ضد المتمردين الذين اصبحوا يملكون دبابات في مدينة حلب. وأضافت ان «استقالة أنان تظهر الآثار المؤسفة لعجز مجلس الامن الدولي عن الاتفاق على قرار». وقالت ان انان «خصص الكثير من الوقت وأبدى تفانياً شخصياً للقيام بهذه المهمة الصعبة والخطيرة»، وتعهدت بأن تواصل اوروبا مساعيها مع مبعوث جديد للأمم المتحدة والجامعة العربية.

لكن، وفي علامة على صعوبة بعث الروح في العملية الديبلوماسية، قال سفير فرنسا لدى الامم المتحدة ان مجلس الامن الدولي «لن يجدد على الأرجح» التفويض لبعثة مراقبي الامم المتحدة في سورية عندما ينتهي في وقت لاحق من هذا الشهر، وهو ما سيضطرها لمغادرة البلد الذي يمزقه الصراع.

وأبلغ السفير جيرار أرو -الذي يرأس مجلس الامن هذا الشهر- الصحافيين: «أعتقد ان البعثة ستختفي في التاسع عشر من آب (اغسطس)» وهو موعد انتهاء تفويض بعثة الامم المتحدة في سوريا المعروفة باسم يونسميس.

وانتقد السفير الروسي فيتالي تشوركين سفير فرنسا لإعلانه تجميد نشاط يونسميس فعلياً، وأوضح ان موسكو «ستحث بقوة الامين العام (بان جي مون) على مواصلة مهمة المراقبة» ليونسيمس بعد 19 آب. ولكي يبقى المراقبون في سورية بعد 19 الشهر، فانه يجب ان يتبنى مجلس الامن قراراً جديداً ينص على ذلك. وأوضح أرو ان من الصعب تصور ان يصل المجلس الي اتفاق لعمل هذا. ومن المتوقع ان يقدم بان تقريراً الاسبوع القادم الى مجلس الامن المؤلف من 15 دولة يتضمن توصيات في ما يتعلق بمستقبل يونسميس.

وأعربت الصين بدورها امس عن «أسفها» لاستقالة أنان وأكدت انها ستواصل «العمل من اجل حل سلمي» في النزاع. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي في بيان، إن «الصين تعبر عن اسفها لاستقالة انان». واضاف: «نتفهم صعوبات العمل لوساطة انان ونحترم قراره». وتابع الناطق الصيني أن «الصين تدعم الامم المتحدة لتلعب دوراً مهماً في حل المسألة السورية بطريقة مناسبة».

من ناحيتها، اكدت ايران امس ان استقالة انان من مهمته جاءت نتيجة «تدخلات» بعض الدول، التي لم تذكرها، وألمحت الى انها يمكن ان تلعب بعد الآن دوراً اكبر في تسوية النزاع.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست، في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الايرانية الرسمية: «يبدو ان دولاً مسؤولة عن تدخلات في سورية لم تكن راضية عن الجهود التي بذلها انان لوقف شحنات الاسلحة (ووقف) الاعمال الارهابية». واضاف الناطق خلال زيارة الى الصين، أن «هذه الدول لم تكتف بعدم بذل اي جهد لتطبيق خطة انان بنقاطها الست، بل عملت على افشال مهمته».

وقال مهمانبرست إن «دولاً مستقلة في المنطقة سيكون لها دور أكبر تلعبه» في تسوية الازمة. واضاف ان هذه الدول «المستقلة» يجب ان «تمهد الطريق لحوار بين الحكومة والمتمردين»، ملمحاً بذلك الى معارضة بلده ايَّ تغيير للنظام في سورية.

وكانت عواصم دولية عدة قد اعربت عن اسفها لمغادرة انان مهامه. وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي: «يؤسفني بشدة ان يغادر كوفي انان منصبه نهاية آب». واضاف أنه «من المخيب للآمال ان خطة السلام التي وضعها لم تطبق حتى اليوم. من البديهي ان سبب تخلي كوفي انان عن مهمته هو في جزء منه العرقلة التي يشهدها مجلس الامن، والمسؤولة عنها روسيا والصين».

وأكد الوزير الالماني أنه اذا كانت سورية قد غرقت في دوامة العنف، فإن «السبب في هذا خصوصاً هو ان نظام (الرئيس بشار) الاسد لم يلتزم بوعده باحترام الاتفاق. لقد حان الوقت وبشدة لأن توقف روسيا والصين تغطيته».

المعارضة السورية تعلن عن الاستيلاء على مقر أمني في محافظة دير الزور

عمان- رويترز – قال متحدث باسم المعارضة السورية المسلحة إن المقاتلين استولوا على مقر أمني في محافظة دير الزور المنتجة للنفط اليوم الجمعة وقتلوا 13 من افراد الأمن في معارك للسيطرة على طريق سريع رئيسي يؤدي إلى العراق.

وفقدت قوات الرئيس بشار الأسد السيطرة على مساحات كبيرة من دير الزور في الشهرين الماضيين لكن القوات ما زالت تحاصر عاصمة المحافظة وتقصف المدينة بالمدفعية والطائرات.

وقال عمر أبو ليلى المتحدث باسم المجلس الثوري العسكري في المنطقة الشرقية إن المسلحين اقتحموا مساء اليوم الجمعة مجمعا للأمن السياسي ومبان أخرى قرب بلدة الميادين في منتصف الطريق بين عاصمة المحافظة والحدود العراقية.

واضاف أن عدداً من أفراد الأمن انشقوا خلال الايام القليلة الماضية وإن “الثلاثة عشر الذين ظلوا يدافعون عن المجمع” قتلوا.

واضاف أنه تم أسر ثلاثة من عملاء المخابرات.

وقال أبو ليلى بالهاتف من المحافظة “يسيطر المقاتلون الآن على الموقع. لا يزال هناك موقع واحد للجيش وموقع للمدفعية تحت سيطرة الجيش قرب الميادين.”

وقال مصدر آخر بالمعارضة المسلحة إن المعارضين يحاولون قطع خط امداد الجيش عبر الطريق السريع إلى بلدة البوكمال على الحدود مع العراق. وكان مقاتلو المعارضة سيطروا لفترة وجيزة على معبر حدودي الشهر الماضي لكنهم انسحبوا عندما أغلقت السلطات العراقية الحدود من جانبها.

ودير الزور منطقة قبلية سنية على نهر الفرات الذي يقطع صحراء البلاد الشرقية.

وانهار تحالف كان والد الأسد الرئيس الراحل حافظ الأسد ابرمه مع قبائل دير الزور عندما أرسل الأسد الدبابات قبل نحو عام إلى مناطق حضرية بالمحافظة لاخماد الاحتجاجات.

سيدا: الجيش الحر لم ولن ينسحب من حلب

أربيل- ا ف ب – أكد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا في أربيل أن الجيش السوري الحر لم ولن ينسحب من حلب حيث يقاتل القوات النظامية، مشيراً الى أن المجلس على تواصل مع المقاتلين المعارضين للرئيس بشار الاسد “لتقديم الإمداد لهم”.

وقال سيدا في مؤتمر صحافي في عاصمة اقليم كردستان العراق رداً على سؤال لوكالة فرانس برس حول تقارير تحدثت عن انسحاب المعارضة السورية المسلحة من حلب “لم ينسحب الجيش الحر ولن ينسحب من حلب ونحن على تواصل معهم في سبيل تقديم الامداد لهم ولكافة المدن التي تنتفض ضد النظام”.

الجمعية العمومية تندد بدمشق بغالبية ساحقة

وتوقع معركة رئيسية وشيكة في حلب

    و ص ف، رويترز، أ ب، ي ب أ، أ ش أ

سوريا تطلب من روسيا قرضاً بالعملة الصعبة وتوقّع معها اتفاقاً نفطياً

الجيش النظامي يقتحم حي التضامن ومخيّم اليرموك والمعارضة تتقدم في دير الزور

في ضربة معنوية للنظام السوري، تبنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بغالبية ساحقة  قراراً يندد بالحكومة السورية ويطالب بانتقال سياسي في سوريا التي تشهد انتفاضة بدأت قبل 17 شهراً على حكم الرئيس بشار الأسد. ووافقت الجمعية المؤلفة من 193 دولة على مشروع القرار الذي أعدته السعودية والذي يعبر عن “القلق البالغ” لتصاعد العنف في سوريا. وأيدت 133 دولة القرار وعارضته 12 وامتنعت 31 عن التصويت. وشاركت عشرات من الدول بينها دول غربية في رعاية القرار.

وكما كان متوقعاً، كانت روسيا الحليف القوي للأسد احدى الدول التي صوتت ضد القرار في الجمعية  العمومية، حيث لا تملك أي دولة حق النقض، لكن القرارات غير ملزمة. ومن الدول الأخرى التي عارضت القرار، الصين وايران وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وكوبا ودول أخرى تنتقد الغرب باستمرار. واعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي-مون ان سوريا تشهد الان “حرباً بالوكالة” وألقى على طرفي الازمة تبعة عدم التقيد بخطة المبعوث الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا كوفي انان الذي قدم استقالته الخميس.

ميدانياً، قال ناشطون ان الاشتباكات العنيفة تواصلت في حلب حيث تحاول القوات النظامية اقتحام حي صلاح الدين، بينما سيطر المقاتلون المعارضون على مقر امني مهم في دير الزور. واقتحمت القوات الحكومية حي التضامن في دمشق وقصفت ايضاً حي القدم ونفذت حملة دهم في مخيم اليرموك الذي قتل فيه الخميس 21 شخصا في قصف لم يعرف مصدره.

وصرح رئيس “المجلس الوطني السوري” المعارض عبد الباسط سيدا في مؤتمر صحافي في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق تعليقاً على تقارير عن انسحاب المعارضة السورية المسلحة من حلب: “لم ينسحب الجيش الحر ولن ينسحب من حلب، ونحن على تواصل معهم في سبيل تقديم الامداد لهم ولكل المدن التي تنتفض على النظام”.

وتوقع وكيل الامين العام للامم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام إرفيه لادسوس نشوب معركة رئيسية وشيكة للسيطرة على حلب.

سفن روسية

وفي موسكو، لم تستبعد وزارة الدفاع الروسية احتمال ان تزور السفن الحربية الروسية، التي تنفّذ مهمات تدريبية في البحر الابيض المتوسط حالياً، ميناء طرطوس السوري في الايام المقبلة.

وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية ان “القرار النهائي في شأن دخول السفن ميناء طرطوس سيتخذ بعد تحديد حاجات السفن من المياه والغذاء والوقود”.

وكان ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية صرح في وقت سابق بأن سفن انزال حربية روسية من تشكيلة المجموعة البحرية الروسية الموجودة في شرق البحر الابيض المتوسط حالياً لا تخطط لدخول ميناء طرطوس السوري.

من جهة اخرى، صرّح نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية قدري جميل الذي يزور موسكو حالياً بأن دمشق لم تقرر بعد قيمة المبلغ الذي ترغب في اقتراضه من روسيا، لكنها ستقرر في غضون اسابيع.

الى ذلك، قال وزير المال السوري محمد جليلاتي في مؤتمر صحافي بموسكو ان بلاده طلبت من روسيا قرضاً مالياً بالعملة الصعبة، وان الاخيرة وعدت بالنظر في هذا الطلب، مضيفاً ان هذا من شأنه مساعدة سوريا في التعافي من الأزمة.

وأعلن وزير النفط السوري سعيد هنيدي في المؤتمر الصحافي ايضاً ان دمشق وموسكو اتفقتا على امداد سوريا بالنفط الخام وانهما بحثا في آلية التفصيل، مؤكداً ان هذا الاتفاق كان من أهم المسائل التي طرحت في موسكو.

واشنطن لا ترى في طلاس قيادياً انتقالياً

وتتوقع انشقاق وحدات عسكرية بكاملها

    واشنطن – هشام ملحم

قالت مصادر أميركية مسؤولة ان التطورات الميدانية المتلاحقة بسرعة مذهلة في سوريا منذ اسقاط الطائرة الحربية التركية في حزيران الماضي، وتحديداً بعد الفيتو الثالث لروسيا والصين في مجلس الامن، دفعت الحكومة الاميركية الى التخلي عن اقتناعها السابق بامكان تحقيق تسوية ديبلوماسية – سياسية للنزاع في سوريا، وهي تركز الآن على تكثيف الدعم “المادي والتقني والاستخباري للمعارضة، وتوسيع دائرة الاتصالات مع المعارضة المسلحة وغير المسلحة في الداخل السوري للتعجيل في التخلص من بشار الاسد وزمرته”.

وفي هذا السياق كشفت المصادر ان العميد المنشق مناف طلاس كان على اتصال مع الاميركيين قبل انشقاقه. وكانت واشنطن قد وزعت ديبلوماسييها الذين كانوا يعملون في سفارتها بدمشق على سفاراتها في المنطقة ليواصلوا رصد الوضع في سوريا وابقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع المعارضة في الداخل. وقد تحدثت الى “النهار” قبل اعلان استقالة المبعوث الخاص المشترك كوفي انان، وقبل إعلان وجود قرار تنفيذي للرئيس باراك اوباما يقضي بتكثيف الدعم الاميركي السري للمعارضة.

وكررت المصادر ان الدعم الاميركي للمعارضة لم ولن يشمل تزويدها أسلحة، لكنها اعترفت بأنها تعلم بعمليات التسليح التي تقوم بها دول مثل تركيا والسعودية وقطر والتي تنسق من داخل تركيا، ولم تنف الانباء التي تحدثت عن وجود عناصر استخبارية اميركية في تركيا تشارك في هذه الجهود.

وقال احد المصادر: “فوجئنا بالتلاحق السريع للاحداث منذ اواخر حزيران، مثل لجوء طيار الى الاردن، اسقاط الطائرة التركية، انشقاق مناف طلاس، والقتال في دمشق والحدث الابرز، التفجير الذي قضى على القيادات الكبيرة”.

واضاف: “هذه التطورات في سوريا، والفيتو المزدوج في مجلس الامن، غيّرت المعادلة، اذ بتنا نرى النهاية الوشيكة لنظام الاسد”.

ولخّصت المصادر اولويات واشنطن الملحة الآن كالآتي: اولاً: تكثيف الدعم للمعارضة (والذي يشمل الضغط عليها ليس للتوحد في تنظيم واحد، ولكن اعتماد رؤية واضحة للمستقبل)، ثانياً، المعالجة السريعة لأزمة اللاجئين “التي تهدد بالتحوّل كارثة انسانية”، وثالثاً: التعجيل في التخطيط للحالات الطارئة، وتحديداً منع وصول عناصر متطرفة او غير مسؤولة الى الترسانة الكيميائية السورية، ومنع النظام من استخدامها.

وأفادت ان هذه المسألة هي من أبرز المسائل التي أثارها وزير الدفاع ليون بانيتا خلال جولته الاقليمية وتحديداً في اسرائيل والاردن.

و”التحدي الأمني او بالأحرى هاجسنا الأمني في سوريا الآن هو الاسلحة الكيميائية وما سيحدث لها عندما يبدأ الانهيار السريع للنظام، كما نتوقع”.

وأبدت ارتياحها الكبير الى التحسن النوعي الملحوظ لاداء المعارضة المسلحة في الاسابيع الأخيرة.

وهذا الهاجس هو من الأسباب التي تفسر تركيز واشنطن على تحسين اتصالاتها مع المعارضة المسلحة في الداخل، ومع الضباط المنشقين “لأن هذه العناصر هي التي سوف تساهم في منع حلول انهيار كامل لمؤسسات الدولة وخصوصاً الجيش والامن. لقد تعلمنا دروساً قاسية في العراق ولا نريد تجربة مماثلة في سوريا”.

ولفت الى انه “على نقيض ما يعتقده الكثير من العرب، هناك قلق حقيقي في اسرائيل من احتمالات الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة في سوريا، مع ما يوفره ذلك من فرص للتنيظمات المتطرفة. وهذا القلق تشاطرها اياه تركيا والاردن”.

وتأمل المصادر الاميركية في تسارع وتيرة الانشقاقات في الجيش، ولا تستبعد في هذا السياق انشقاق وحدات عسكرية بكاملها، الأمر الذي يعجل في انهيار النظام. ومع انها رحبت بانشقاق العميد طلاس، الا انها نفت ما يشاع من ان واشنطن تريد الاستثمار فيه زعيماً انتقالياً، وقالت: “لا نستثمر في شخص واحد، ولن نتدخل في مسألة من سيقود سوريا، هناك بعض المبادئ التي يهمنا احترامها مثل نبذ الطائفية وضرورة ان تكون اي حكومة انتقالية ممثلة لجميع اطياف المجتمع السوري، بما فيها الاقليات التي لديها مخاوف واسئلة مشروعة”.

واعتبرت انه كانت لانشقاق العميد طلاس أهمية خاصة نظراً الى قربه السابق من الرئيس الأسد، ولكن “نحن ندرك التحفظات الموجودة في اوساط المعارضة عن سجل طلاس وعائلته كأحدى دعائم حكم الاسد الاب والابن، ورغبة المعارضة في نظام مدني وتمثيلي”.

واسترعت الانتباه ان المصادر رأت في مواقف روسيا، وخصوصاً بعد تفجير دمشق ومقتل القادة الامنيين، بداية قلق حقيقي حيال قدرة الاسد على البقاء في السلطة. لكنها قالت ان هذا القلق الروسي لم يترجم بعد الى رغبة حقيقية في التعاون مع واشنطن وحلفائها للتعجيل في العملية الانتقالية التي تشمل التخلص من الاسد وكبار مساعديه.

وعن مواقف الحكومة اللبنانية من الاوضاع في سوريا واللاجئين الذين نزحوا الى لبنان، اعربت المصادر عن انزعاجها لعجز الحكومة عن اتخاذ موقف سياسي قوي من انتهاكات سوريا للأراضي اللبنانية، واكدت ان اي دعم مالي يمكن ان تقدمه واشنطن للبنان لتلبية حاجات اللاجئين السوريين مشروط باقامة مخيمات رسمية للاجئين، (كما فعلت تركيا والاردن) وتوفير الحماية لهم.

سيدا: كردستان العراق لا يتدخّل في الشؤون السورية

عميد منشق: “الجيش الحر لن يسمح بمنطقة كردية عازلة”

    (وص ف، رويترز، أش أ، ي ب أ)

مع مواصلة القوات التركية مناوراتها على الحدود مع سوريا، أكد رئيس المجلس الانتقالي السوري عبدالباسط سيدا أن إقليم كردستان العراق لا يتدخل في شؤون سوريا، وقال عميد سوري منشق إن “الجيش السوري الحر” لن يسمح بإقامة منطقة كردية على الأراضي السورية. وفي تفاعلات زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو لكركوك، استدعت السلطات العراقية القائم بأعمال السفارة التركية في بغداد وأبلغته احتجاجا على هذه الزيارة.

أصدرت وزارة الخارجية العراقية بيانا شديد اللهجة جاء فيه أن وكيل الوزارة سلم القائم بالأعمال التركي (مولود ياقوت) مذكرة احتجاج “تضمنت طلب الحكومة العراقية تفسيراً عاجلاً لما حدث”. وكان وكيل وزير الخارجية لبيد عباوي سلم ياقوت المذكرة التي تطلب تبريراً لـ”استهانة بالسيادة الوطنية وخرق للضوابط في العلاقات الديبلوماسية بين البلدين الجارين”.

وطالب النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي جامعة الدول العربية باتخاذ موقف واضح والتنديد بانتهاك تركيا لسيادة العراق وخرقها لدستوره. وقال إن مواقف تركيا حيال العراق غير مشجعة، وزيارة وزير الخارجية التركي لاقليم كردستان من دون إعلام وزارة الخارجية العراقية، ثم دخوله محافظة كركوك في حماية من قوات البشمركة، انتهاك واضح للسيادة العراقية.

ودعت جماعة علماء العراق الحكومة العراقية الى الرد بحسم وحزم على الزيارة، من طريق إعادة النظر في شكل التمثيل الديبلوماسي بين البلدين وحجمه.

وكان داود أوغلو، الذي عاد إلى بلاده، استقبل في مقر وزارة الخارجية التركية رئيس “القائمة العراقية” رئيس الوزراء سابقا إياد علاوي، وبحثا في الأوضاع في العراق وسوريا ولبنان، وتبادلا وجهات النظر في شأن “الربيع العربي”. وأطلع المسؤول التركي الضيف العراقي على نتائج زيارتيه لأربيل وكركوك، وأكد له حرص تركيا على تحسن الوضع الداخلي والأمني والاقتصادي في العراق واستقراره بعيدا من تهديدات الحرب المذهبية والطائفية.

وعلى رغم الأزمات المتتالية في العلاقات، فإن العراق ثاني أكبر الشركاء التجاريين لتركيا بعد ألمانيا، وبلغ حجم التجارة بينهما 12 مليار دولار العام الماضي، أكثر من نصفها مع كردستان العراق.

الأكراد وسوريا

وتفقد سيدا مخيم دوميز للاجئين السوريين جنوب مدينة دهوك في كردستان العراق. وقال إن وفداً برئاسته أجرى محادثات إيجابية مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني في أربيل في شأن مستجدات المنطقة وتأثرها بالوضع السوري. وأضاف أن “كردستان لا يتدخل في الشؤون السورية، وإنما يساعد سوريا ويساندها”. وأضاف أن “ما يجري في سوريا يهم الشعب العراقي بأسره، باعتبار أن علاقته بالشعب السوري علاقة تكاملية وتاريخية، على رغم المماحكات السياسية والتجاذبات”، ذلك أن “ما يربط الشعبين العراقي والسوري أقوى من كل المحاور والمناخات غير السوية التي نأمل في أن تكون في طريقها إلى الحل قريباً لمصلحة الشعبين”.

وكانت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك أعلنت في 25 تموز لجوء أكثر من 11 ألف سوري إلى كردستان العراق.

وفي أنقرة نقلت وكالة “الأناضول” التركية شبه الرسمية عن العميد المنشق عبد الرزاق أصلان اللاز أن “الجيش السوري الحر لن يسمح بإقامة منطقة كردية على الأراضي السورية، ولن يسمح بتقسيم البلد”. وأضاف أن “النظام سلح بعض الفصائل الكردية لإثارة النعرات”. لكن “مطلب المنطقة الكردية ليس مطلب عموم الأكراد في سوريا، وإنما مطلب مجموعة متنكرة لهم”. وأكد “حماية جميع الحقوق السياسية والثقافية لكل المجموعات العرقية والدينية التي تشكل نسيج المجتمع السوري، بمن فيهم الأكراد”.

وكان اللاز الذي انشق عن وزارة الداخلية السورية في 10 تموز، اعتبر “التحركات العسكرية التركية على الحدود شأنا تركيا بحتا”.

في غضون ذلك، واصل الجيش التركي مناوراته العسكرية على طول الحدود بين تركيا وسوريا، بمشاركة دبابات ثقيلة وناقلات جند وقاذفات صواريخ أرض-جو تابعة لـ”اللواء 5″ عند نقطة اونجوبينار الحدودية في محافظة كيليس بجنوب شرق تركيا. وشملت تدريبات بالذخيرة الحيّة وتجربة منظومات وكاميرات للمراقبة الليلية. ولوحظ وجود منصات لإطلاق صواريخ “ستينغر” ومشاركة عربات التدخّل السريع.

وأشارت “الأناضول” الى أن التدريبات العسكرية على الحدود بين سوريا وتركيا ستنظم دورياً لفترة غير محددة.

وهذه المناورات هي الثانية في 24 ساعة، وكانت مناورات جرت الخميس قرب قرية سوروتش بمحافظة سنليورفا في جنوب شرق البلاد. وأقيمت الأربعاء مناورات في نصيبين بمحافظة ماردين على مسافة نحو 250 كيلومترا شرق سوروتش على طول الحدود السورية.

على صيعد آخر، قتل ثلاثة جنود أتراك وجرح 20 آخرون في هجومين نفذهما مسلّحون من “حزب العمال الكردستاني” في ولاية سيرت بجنوب شرق تركيا.

الجمعـيـة العامـة تـوافـق علـى القـرار السـعودي غيـر الملـزم حـول سـوريـا

روسيا تدخل الخط الكردي شـرارة حلب تزداد اشـتعالاً

محمد بلوط

سباق تركي روسي على كردستان الغربية. ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، والمبعوث الخاص لفلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط، اجتمع إلى القيادة الكردية لحزب الاتحاد الديموقراطي، القوة الرئيسية التي تسيطر على المناطق الكردية في الشمال السوري.

الاجتماع الذي لم يكشف عنه تم في اربيل بشكل متزامن مع وصول وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الثلاثاء الماضي إلى عاصمة إقليم كردستان العراق. وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤول روسي على هذا المستوى ممثلين أكراد بالقرب من الأراضي السورية، التي بات حزب الاتحاد الديموقراطي، يديرها بشكل ذاتي، وعبر هيئات منتخبة، منذ ما يقرب العام.

وفي هذه الأثناء، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار سعودي يدين استخدام النظام السوري للعنف، ويطالب بعملية انتقالية وبوقف استخدام الأسلحة الثقيلة من قبل القوات الحكومية، عارضته روسيا والصين وإيران، فيما امتنع لبنان والجزائر عن التصويت. وأعربت موسكو عن «قلقها» البالغ من تطورات الوضع السوري، وخاصة في مدينة حلب التي شهدت أمس مواجهات عنيفة في حي صلاح الدين الذي يحاول الجيش اقتحامه.

وبدأت المداولات لتعيين خليفة للمبعوث الدولي والعربية إلى سوريا كوفي أنان. وأبرز المرشحين للمنصب وزير الخارجية الاسباني الأسبق ميغيل أنخيل موراتينوس، والفنلندي مارتي اهتساري الذي ساهم في إنهاء صراع كوسوفو، المدّعية العامة السويسرية السابقة كارلا دول بونتي، والمبعوث الدولي السابق إلى افغانستان ستيفان دومسيتورا. وقال ديبلوماسي غربي إن موراتينوس الأوفر حظاً بين هؤلاء.

روسيا والأكراد

ويبدي الروس اهتماماً كبيراً لمعرفة خطط الأكراد في المنطقة التي باتوا يسيطرون عليها، خصوصا بعد التهديدات التركية بالتدخل ضدهم، وبعدما تحولوا إلى لاعب رئيسي في الشمال السوري، الذي انسحب منه الجيش السوري، للتفرغ للقتال على جبهات اخرى، فيما تشهد المناطق الكردية على المقلب التركي مواجهات يومية بين أنصار حزب العمال الكردستاني، وفي المدن التي يسيطرون على بلدياتها.

ويشكل الحزام الكردي، الذي يسيطر على مدنه وبلدياته حزب العمال داخل الاراضي التركية بموازاة «كردستان الغربية» السورية، عمقاً استراتيجياً لحزب الاتحاد الديموقراطي، ورادعاً حقيقيا للجيش التركي، «قد ينفجر بوجهه اذا ما حاول اختراق المناطق الكردية السورية»، كما قال مسؤول في اوروبا من حزب العمال الكردستاني لـ«السفير».

وقال مسؤول كردي سوري لـ«السفير» إن الوفد الذي التقاه بوغدانوف، هو نفسه الوفد الذي رفض أحمد داود اوغلو لقاءه بحجة تبعية اعضائه من حزب الاتحاد الديموقراطي إلى حزب العمال الكردستاني، واتهامه إياه بالإرهاب.

وسمع بوغدانوف تطمينات من الأكراد بأن الإدارة الذاتية أقيمت تعويضاً عن غياب الدولة السورية في المنطقة وأنها ستنتهي عندما تستقر الأمور، وأنه لا توجد نيات انفصالية لدى الأكراد السوريين وأنهم يعملون في إطار الدولة السورية، ولن يكونوا سبباً في أي توتر بين دول المنطقة.

وقال المصدر المعارض إن احمد داود اوغلو قد حاول تقسيم الجبهة الكردية، وإفشال تطبيق الاتفاق بين حزب الاتحاد الديموقراطي، و14 حزباً كردياً منضوياً في المجلس الوطني الكردي، على تشكيل هيئة عليا مشتركة لإدارة المجلس الشعبي لكردستان الغربية، والهيئات المنبثقة عنه.

ونجح وزير الخارجية التركي بالتسبب بنشوب خلاف بين الأكراد، الأربعاء الماضي، بإصراره على لقاء يقتصر عليه وعلى عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري الذي ترعاه اسطنبول، وممثلي الأحزاب الكردية، يستثنى منه الاتحاد الديموقراطي.

وقال معارض كردي سوري، إن صالح مسلم محمد، الأمين العام لحزب الاتحاد الديموقراطي، اتهم الأحزاب الكردية الأخرى بالتفريط بوحدة الموقف، بموافقتها على الشروط التركية وحضور الاجتماع الذي استثني منه الاتحاد الديموقراطي، شريكهم في الهيئة الكردية العليا.

وقال المعارض السوري إن الاتحاد الديموقراطي يرى ان صفقة عقدت بين الأحزاب الكردية والمجلس الوطني السوري، لضمها إلى مؤسساته، لقاء عزل الاتحاد الديموقراطي. واتهم الاتحاد الديموقراطي الأطراف الأخرى بالتفرد في اتخاذ المواقف، من دون الرجوع إلى الهيئة العليا المشتركة، ووعد بالرد على التفرد في المواقف، بعدم العودة مستقبلا إلى اربيل، ودعوة من يطلب اي لقاء بالذهاب إلى القامشلي، مقر المجلس الشعبي لكردستان الغربية.

وأكد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا في اربيل ان «الجيش السوري الحر» لم ولن ينسحب من حلب حيث يقاتل القوات النظامية، مشيراً الى ان المجلس على تواصل مع المقاتلين المعارضين للرئيس بشار الأسد «لتقديم الإمداد لهم».

حلب والجمعية العامة

وتواصلت الجمعة الاشتباكات العنيفة في حلب شمال سوريا حيث تحاول القوات النظامية اقتحام حي صلاح الدين. واستطاعت القوات النظامية التقدم نحو 50 متراً داخل حي صلاح الدين فيما تمكن مقاتلو الجيش السوري الحر من السيطرة على حي الاذاعة بالكامل بالإضافة الى بعض مراكز الشرطة والأمن، بحسب ما اكد قائد كتيبة «نور الحق» في «الجيش الحر» واصل ايوب، فيما قال النائب المساعد للأمين العام للامم المتحدة لحفظ الأمن هيرفيه لادسو إن المعركة «الكبرى» في حلب «وشيكة».

وفي المقابل، وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة المؤلفة من 193 دولة على مشروع القرار غير الملزم الذي أعدّته السعودية ويعبر عن «القلق البالغ» لتصاعد العنف في سوريا. وكان 133 صوتاً لمصلحة القرار وعارضه 12 صوتاً وامتنع 31 عضواً عن التصويت. ويدين القرار لجوء «السلطات السورية الى الاستخدام المتزايد للأسلحة الثقيلة، والقصف العشوائي من الدبابات والمروحيات»، داعياً السلطات الى الوفاء بوعدها بـ«سحب قواتها والأسلحة الثقيلة الى الثكنات». ويطالب القرار بتأليف «هيئة انتقالية توافقية حاكمة»، وبتعاون كل الأطراف مع موفد الجامعة العربية والامم المتحدة كوفي انان على تنفيذ مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات حرة.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية ان روسيا «قلقة جداً من التطور الخطير» للوضع في سوريا. وقالت الوزارة في بيان إن «موسكو قلقة جداً من التطور الخطير للوضع في سوريا واستمرار اعمال العنف والاستفزازت الرامية الى توسيع حجم النزاع ووحشيته» في سوريا، مؤكدة أن «معاناة المدنيين السوريين تزداد باستمرار».

إلى ذلك، قال نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل في موسكو إن رحيل الرئيس الأسد لن يحل الأزمة في سوريا. وقال جميل خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية «لنفرض انه ستكون هناك استقالة، ماذا بعد؟ فالأطراف لا تستطيع الاتفاق حتى حول بدء حوار والجلوس الى طاولة المفاوضات»، مضيفاً انه ينبغي فتح حوار لحل الأزمة سياسياً، مشيراً الى انه في حال رحل الأسد فلن يكون هناك طرف يمكن التفاوض معه.

واتهم جميل الولايات المتحدة، التي تصر على رحيل الأسد على غرار ما تفعل المعارضة السورية، «بالنفاق». وقال «الغرب لديه موقف منافق، اذ انه لا يساهم في إنشاء شروط للحوار، ولا يرغب بأن يكون هناك سلام، بل يريد استمرار نزف الدم».

من يحوّل سوريا «أرض جهاد» عالمي؟

وسيم ابراهيم

بروكسل ـ وسيم إبراهيمدعوات «الجهاد» إلى سوريا صارت أمراً يحتمل الدعابة في بلجيكا. ليس بداعي الغرابة أو المفارقة، بل لأن هذه «القضية» ذاعت، وتوطنت ربما في الأحاديث، إلى حد جعلها تدخل في نسيج مزاح الناس. الرجلان بلجيكيان من أصول مغربية، أحدهما ستيني والآخر في الأربعينات، ومحدثهما شاب سوري.الحرب الدائرة التي تسبب بها النظام في سوريا محطة رئيسية للنقاش. مصادر حديث الرجلين شاشات التلفزة، والتحليلات الشفهية المتداولة، والأئمة والمبشرون بالنصر. وهكذا، لا مفر من الخلاف في الرأي. ليس حول السبب ومن تسبب، بل ما هدف نضال السوريين وما أدواته؟ خلاف كهذا لا يحل في حديث ساعات، خصوصاً أنه بين متحاورين على هذه الدرجة من البعد متعدد الأسباب. لذلك، يسرب الرجل الستيني امتعاضه، ويقول معاتباً محاوره السوري «ما بالك تخالفنا، كنا نريد الذهاب والجهاد في سوريا». جملة يغمز بها الرجل لصديقه، قبل أن يطلقا العنان للضحك.لم يرد الرجلان الحديث عن تفاصيل ما أضحكهما، لكن آخرين يؤكدون أن الأمر لم يعد سراً، وأن القضية أصبحت متداولة على نطاق واسع. هذا ما يقوله رجل منخرط في أوساط المهاجرين، رفض ذكر اسمه لحساسية الموضوع. ويلفت إلى أن «هناك من ذهبوا فعلاً للجهاد في سوريا، وأيضاً الحملات والدعوات قائمة لحشد المزيد منهم».المصدر يؤكد أن دعوات «الجهاد» يقودها متشددون، وهي تخرج من صالات بعض المساجد، لكنها ليست رسمية، ولا تطلق من على المنابر، بل تكون الاجتماعات بعد الصلوات مناسبة يجد فيها هؤلاء المتشددون من يصغي لهم. وعند سؤاله عن حجم الاستجابة لهذه الدعوات، يرد «بالتأكيد تجد صدى، والمجتمع يدعمها لأن الناس لا تعرف حقيقة الأمور، بل تصغي فقط لخطاب متشدد يريد منهم دعم المسلمين نصرة للدين».لم يعد الأمر يدور في الخفاء، وها هم مسؤولون بلجيكيون يحذرون منه علانية. وكالة الأنباء البلجيكية الرسمية «بيلغا»، نشرت الأربعاء الماضي تقريراً بعنوان «مسلمون من بلجيكا يقاتلون إلى جانب المتمردين في سوريا». ونقلت عن مصدر في جهاز أمن الدولة، لم تسمّه، أنهم باتوا يشعرون «بالقلق» من هذه القضية، والسبب أن «الناس الذين شاركوا بالفعل في القتال يشكلون خطراً أمنياً حقيقياً عندما يعودون إلى بلادنا، لأنهم اكتسبوا معرفة ملموسة بكيفية استخدام الأسلحة وحول استراتيجية الحرب وتكتيكاتها». الوكالة لم تحدّد، لكنها اكتفت بالتأكيد أن هناك «مسلمين بلجيكيين، أو مهاجرين قاطنين في بلجيكا، يقاتلون إلى جانب الجيش السوري الحر أو ميليشيات أخرى». مصدرها الأمني رفض توفير معلومات عن عدد المقاتلين «لأسباب تشغيلية وعملانية»، كما قال. وبرر المصدر الأمني حصولهم على هذه المعلومات أن «من واجب» أمن الدولة «مراقبة كل الأسفار إلى مناطق النزاع بما فيها سوريا». وأوردت وكالة الأنباء البلجيكية، في سياق تقريرها، أن «تجنيد» المقاتلين للذهاب إلى سوريا يحصل في مدينة انتويرب أيضاً. ونقلت عن رئيس «اللجنة الفلمنكية للمسلمين السابقين» بيتر فيله قوله «منذ مدة جاء شيخ من السعودية إلى حي برغرهوت في انتويرب ليلقي موعظة من أجل النضال في سوريا». تتوجب الإشارة هنا إلى أن هذه الشهادة تأتي على لسان رئيس منظمة يمينية متطرفة تعلن صراحة «النضال» ضد ما تسمّيه «أسلمة بلجيكا».لكن هناك شهادات موثقة، وفي المحاكم. وفي حزيران الماضي أصدرت المحكمة الجنائية حكماً على عبد الرحمن العياشي بالسجن ثماني سنوات، بعدما أدانته بلائحة طويلة من التهم، أبرزها «عمليات إرهابية» و«تجنيد الشباب للقتال في أفغانستان والعراق». في بداية المحاكمة، خلال نيسان، سئل سيباستيان كورتوا، محامي عبد الرحمن، إذا كان موكله سيحضر جلسات المحاكمة، فردّ إن «أصل موكلي من سوريا، وهو يقوم هناك بأعمال إرهابية ضد نظام الرئيس الأسد»، كما أوردت صحيفة «ستاندارد» البلجيكية الواسعة الانتشار. المحامي قال على سبيل المرافعة إن عبد الرحمن «يقوم اليوم في سوريا بدعم من الأمم المتحدة بالأشياء نفسها التي يتم اتهامه بها هنا في بروكسل»، ويضيف بلهجة ساخرة «في العراق كان يحارب الأميركيين ولم يكن ذلك مسموحاً. في سوريا يحارب الأسد، وهذا مسموح. إن مسالة اعتبار شخص ما إرهابياً أو بطلاً أمر يتعلق في شكل أساسي بمصالح بلادنا الجيوستراتيجية».وعبد الرحمن ليس أي أحد، فهو ابن الشيخ بسام العياشي، الذي من كثرة ما تناولته الصحافة البلجيكية وصلت إلى تلقيبه بـ«الشيخ ذي العينين الزرقاوين». لكن الأهم من هذا اللقب، هو الوصف الآخر «الخطر رقم واحد» عاد ليتجول في ضاحية مولنبيك ببروكسل. وفي العام 2008 ألقت السلطات الايطالية القبض عليه بشبهة التخطيط لهجوم إرهابي، لكنه عاد إلى بلجيكا أخيراً بعدما أطلق سراحه لعدم توفر أدلة كافية.الرجل غادر سوريا في الستينيات إلى فرنسا، ومنها إلى بلجيكا، حيث يقيم حتى الآن. وأسس في العام 1992 «المركز الإسلامي البلجيكي» في ضاحية مولنبيك. وحسبما نشرت الصحافة البلجيكية فإن «كل المجاهدين الذين حوكموا في بلجيكا كانوا أعضاء في هذا المركز». مركزه أقفل في العام 2002، لكن نشاط العياشي (66 عاماً) استمر. وأكد أن ابنه عبد الرحمن «يقاتل» الآن في سوريا، ويضيف «هو خبير في الاتصالات ولديه منصب عال في الجيش الحر حول حلب». ينبغي أخذ «الخبر» في كلام العياشي، أما حكاية «المناصب» فهي طويلة عنده، فهو يقول أيضا إن ابنه سيكون «سفيراً للنظام الجديد في فرنسا أو بلجيكا، بعد تحرير سوريا».وليست بلجيكا نقطة الانطلاق الوحيدة لدعوات «الجهاد» إلى سوريا. وكالات أنباء وصحف عربية وأجنبية أوردت تقارير عن توجه «جهاديين» إلى سوريا، من العراق وفرنسا والجزائر. وقبل أيام، بثت قناة «فرانس 24» تقريراً من تونس عن القضية ذاتها. التقرير رصد كيف تلقى أهل أحد «الجهاديين»، ويدعى مروان، خبر مقتله الذي بثه التلفزيون السوري. أكد أهله ذهابه للقتال، وعبروا عن فخرهم به. وبعد سؤاله عن الظاهرة، خلص التقرير إلى أن «هناك عشرات من جهاديي تونس يقاتلون في سوريا، ويترك عدد من الشبان تونس كل أسبوع للانضمام إليهم». وليس واضحاً تحت أي لواء وكيف ينشط «الجهاديون». فعندما خطف صحافيان، هولندي وبريطاني، الشهر الماضي، أوردت تقارير صحافية أجنبية أن من خطفهما «إسلاميون غير سوريين»، قبل أن يقوم «الجيش السوري الحر» بالإفراج عنهما بعد أسبوع.وبالعودة إلى بلجيكا، لا يبدو أن «الاستثمار» الذي تقوم به شبكات المتشددين خاسر. فالحكومة فشلت، حتى الآن، في علاج مشاكل اجتماعية واقتصادية جعلت من بعض أوساط المهاجرين أرضاً خصبة لتلك الاستثمارات. «هذا النوع من الجهاد ليس غريباً علينا. حدث في حالة العراق وأيضاً ليبيا»، كما يقول لنا رجل، بلجيكي من أصول مغاربية، وقع لفترة ضحية إحدى شبكات التشدد، ويشكر الآن «القدر» الذي جعله «يستفيق» بعدما كان قاب قوسين من القبول بالذهاب «للجهاد» في كوسوفو. يخبرنا أن شبكات المتشددين «لديهم عقول وممولون بشكل جيد». إضافة إلى الأموال، فدعاة «الجهاد» يقومون «بغسل دماغ ضحاياهم عبر التحريض»، كما يقول محدثنا، مضيفاً «إنهم يتوجّهون للشباب الذين لديهم مشاكل، ومن يفتقدون لأي أمل، ويعدونهم بأنهم سيرسلونهم إلى الجنة».الأمن البلجيكي يعرف ذلك. فقبل أسـبوع، نقلت الصـحف البلجـيكية عن مدير الاستخبارات قوله إن السـلفيين باتوا يشـكلون «الخطر الأكبر» على بلجيكا. مع ذلك، لم يوضح الأمن البلـجيكي لماذا لا يتم إيقاف واستـجواب من يشتبه في أنه متجه للمشاركة في نزاع مسـلح. قلقهم يتمحور حول عـودته التي ستشكل «خطراً أمنياً حقيقياً»، ولا يبــدو مهمـاً لهم على من سـيشكل هؤلاء خطراً قبل تلك العودة.. التي لا يمكن للأمن البلجيـكي تأكـيدها!

اقتصاد سوريا في أسوأ أيامه: شد الأحزمة يوحد الأغنياء والفقراء

طارق العبد

دمشق ـ طارق العبدلم ينس السوريون بعد سنوات التقشف في الثمانينيات، وذكريات الطوابير الطويلة في انتظار علبة السمن أو الإعانة الشهرية من الأرز والسكر، وأيام الحصار الاقتصادي الخانق الذي شهدته البلاد مع التوتر بين سوريا والغرب، بينما ولد جيل جديد تمتع بحياة أكثر رفاهية في العقدين الأخيرين، مع انفتاح البلاد اقتصادياً على أسواق جديدة ودخول القطاع الخاص مجالات استثمارية مهمة، كالتعليم والمصارف والسياحة والطاقة، وهو ما حمل شيئاً من الرخاء الاقتصادي ونمواً مقبولاً وفق المعايير الدولية.وحتى في الفترات التي كانت فيها العلاقات السياسية مضطربة مع الغرب، استمرت سوريا في شهر عسل اقتصادي، أرخى ظلاله على مختلف جوانب الحياة، وذلك بسبب وجود علاقات قوية مع عدد من الدول التي كسرت الطوق المفروض على دمشق، لتتبدل الحال كليا مع وصول رياح «الربيع العربي» إلى سوريا.واليوم، بعد سنة ونصف السنة تقريبا من عمر الأزمة، أصبح شد الأحزمة هو القاسم المشترك بين مختلف أبناء سوريا، الأغنياء منهم والفقراء. وحتى المدن التي بقيت بمنأى عن المعارك المسلحة، لم تسلم من التراجع الاقتصادي والمعيشي، بل لعل وضعها قد تفاقم في ظل أزماتها التي تغرق بها، كحال المنطقة الشرقية، التي تعيش مشكلة الجفاف ونقص الموارد المائية، لتسيطر على البلاد موجة من غلاء الأسعار، بالإضافة إلى الصعوبة في تأمين المواطنين للعديد من المواد الغذائية اليومية.وبالرغم من كل هذا، كانت مصائب بعض القوم فوائد للآخرين، فصنفت عدة قطاعات اقتصادية على أنها الرابح الأكبر من الأزمة، التي دفعت السواد الأعظم من السوريين إلى إعادة ترتيب حياتهم، وربما مستقبلهم، ليتلاءم مع ظروف الأزمة التي تعصف بالبلاد، من دون أي بارقة أمل بنهايتها.هكذا قرر كريم (22 سنة ـ طالب جامعي) التوقف عن متابعة دراسته، والبحث عن عمل يستطيع من خلاله تأمين لقمة عيشه. فابن حوران يشير، في حديثه إلى «السفير»، إلى أن متطلبات الحياة أصبحت قاسية لدرجة لم تعد أسرته قادرة على تسديد أقساطه في الجامعة الخاصة، فأكمل سنته الدراسية الرابعة في كلية الصيدلة قبل أن يتخذ قراره بالتوقف.وفي ظل الوضع السيئ الذي تعيشه عائلته، ومنطقته درعا بشكل عام، مع المعارك شبه اليومية بين الجيش النظامي و«الجيش الحر» ولجوء المسلحين إلى إحراق العديد من الأراضي الزراعية التي كانت مصدر رزق للآلاف من أبناء حوران ما شكل ضغطاً اقتصاديا بالغا، فإنه لم يعد ينفع أي حل سوى شد الأحزمة، والبحث عن خيارات لتوفير لقمة العيش، ربما عبر العمل في دمشق أو السفر إلى الأردن قبل إيقافه من قبل الجيش وسوقه إلى الخدمة العسكرية.أما عمران (19 سنة) فقد تحطم حلمه بالدخول إلى كلية الطب باعتبار أن معدله في الشهادة الثانوية لن يؤهله لدخول التعليم الحكومي، ولن يتمكن في المقابل من دخول الجامعات الخاصة مع الارتفاع الكبير في الرسوم الجامعية، لتصل إلى 20 ألف ليرة سورية (حوالى 300 دولار) للساعة الدراسية. وبالطبع لن يطلب ابن دوما من عائلته تسديد مثل هذه المبالغ في ظل الوضع الأمني والاقتصادي السيئ الذي تغرق به البلاد، فبات خياره الأمثل هو السفر.السياحة أكبر المتضررينوتشكو سناء (32 سنة ـ موظفة في شركة للسياحة) من عدم قدرتها على السفر، بسبب تدهور الأوضاع من جهة وتراجع قيمة الليرة السورية من جهة أخرى. وتشرح الشابة أوضاع قطاع السفر، باعتباره أحد أكثر القطاعات تأثرا، فتشير إلى أن عدداً كبيرا من شركات الطيران التي كانت تعمل في سوريا قد أوقفت رحلاتها، وهو يشمل بعض الدول ذات العلاقة الجيدة معنا، كالطيران الروسي الذي انضم مؤخراً إلى عشرات الخطوط العربية والأوروبية التي توقفت، وهو ما أضاف ثقلاً جديدا على الخطوط الجوية السورية التي تعيش طائراتها مشكلة في الصيانة وعدم توفر معدات متطورة بحكم العقوبات الأميركية.وتقول سناء «مع ذلك تمكنت الخطوط السورية من التأقلم مع الأمر، بل حققت ربحا معقولا السنة الماضية، مع تحول عدد كبير من ركاب الشركات المتوقفة إلى الطيران السوري الذي أعاد تشغيل رحلاته الجوية إلى مدن الداخل، وعززه برحلات إضافية، قبل أن تتعطل الرحلات مجددا مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات المسلحة في كل من دير الزور وحلب التي كانت تنطلق إليها من دمشق أكثر من خمس رحلات يومية.على أن الضرر الأكبر في السياحة، أصاب الفنادق والمنشآت السياحية وفق قول سمير (35 سنة ـ موظف سابق). فقد تعرض الشاب، مع مئات غيره، للتسريح من العمل، بالرغم من أنه يعمل في أحد أفخم فنادق دمشق. ويشير إلى انه كان يتوقع مثل هذا القرار منذ اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات في البلاد، إذ تراجعت أعداد السياح شيئاً فشيئاً، لتصل نسبة إشغال كبرى فنادق دمشق إلى الصفر، بينما يعمل البعض وفق الحد الأدنى، معتمدا على مناسبات لصالح شخصيات رسمية أو رجال أعمال.ويشير سمير إلى أن نسبة السياح الأكبر كانت تصل من أوروبا ومعهم الأتراك، وهم المشغل الأساسي للفنادق في سوريا. وبالطبع لن يفكر أي منهم في القدوم إلى سوريا في مثل هذه الظروف، بما في ذلك ما أسماها الأسواق البديلة مثل روسيا والصين وشرق آسيا وأميركا الجنوبية. وحتى القادمون بهدف السياحة الدينية، وتحديداً من العراق أو إيران أو لبنان، فقد تراجع عددهم بشكل ملحوظ، خصوصاً اثر المعارك الأخيرة التي شهدتها عاصمة الأمويين.وإذا كان هذا هو حال العاصمة دمشق، فإن حال بقية المدن سياحيا سيكون أكثر سوءاً، ولن يرتاد شواطئ اللاذقية وطرطوس، بحسب قول الشاب الدمشقي، الكثير من السياح وهو ما قد يدفع بأصحاب تلك المنشآت إلى خفض أسعارها بشكل كبير، طمعاً في اجتذاب أبناء المناطق المجاورة التي مازالت تنأى بنفسها عما يجري.أما مازن (45 سنة ـ تاجر) فيشير إلى تخبط في معالجة الأزمة الاقتصادية، معتبراً أن تدهور قيمة الليرة السورية أصاب البلاد بضرر كبير، بالإضافة إلى صعوبة تأمين القطع الأجنبي الضروري لشراء أي قطع من الخارج، ناهيك عن أزمة أخرى تمثلت في قرار العديد من المصارف في الخارج التوقف عن التحويل أو التعامل مع الشركات السورية، وهو ما ينسحب على مصارف العديد من الدول التي ما زالت تحتفظ بعلاقات جيدة مع سوريا، بينما جاء قرار الحكومة بالتعامل بالروبل الروسي أو اليوان الصيني من دون أي تأثير يذكر، فحتى رجال الأعمال والتجار في تلك البلاد يفضلون التعامل باليورو والدولار اللذين أوقفت الحكومة التعامل فيهما.ويتوقع التاجر الدمشقي أن يشهد الاقتصاد السوري مزيدا من التضخم، خصوصاً أن الليرة السورية فقدت أكثر من 40 في المئة من قيمتها، فبعد أن كان سعر الدولار تقريباً 47 ليرة سورية، ها هو اليوم يصل إلى 67 ليرة. وفي السوق السوداء قد يصل إلى 80 ليرة، وهو ما يعني ارتفاعاً في أسعار مختلف السلع في الداخل.قطاع الطاقة من جهة أخرى، يعتبر فريد (34 سنة – مهندس) أن قطاع الطاقة يمر اليوم بأسوأ أحواله مع استهداف «الجيش الحر» خطوط نقل النفط في شرق البلاد، والسيطرة على مواقع بعض الحقول من جهة وتجميد الشركات الغربية عملها في استخراج الذهب الأسود، إضافة إلى توقف السوق الأوروبية عن شراء النفط من جهة أخرى. وأوضح انه لا تستطيع أي شركة أخرى أن تحل محل الشركات العاملة في حقول النفط، باعتبار أن عقودها ما زالت قائمة، لكنها في طور التعليق لا أكثر. ويزداد الأمر صعوبة مع تأمين المشتقات النفطية، فالمازوت بات سلعة نادرة، بحسب وصفه، وقد وصل سعره إلى أرقام غير معقولة، حتى في فصل الصيف، بينما بات مشهد طوابير السيارات أمام محطات البنزين أمرا عاديا مع قلة الموارد وصعوبة الاستيراد، وهو ما فرض على البلاد أزمة خانقة امتدت إلى قطاع الكهرباء مع تضرر الكثير من محطات توليد الطاقة الضعيفة بالأساس، ما دفع الحكومة إلى تقنين شديد وصل إلى حد أكثر من سبع ساعات في بعض المناطق، كريف دمشق مثلاً، لتزدهر في المقابل سوق المولدات الكهربائية، التي وصلت أسعار بعضها إلى 250 ألف ليرة سورية (3500 دولار).قطاع البناء يزدهروحده قطاع العقارات والبناء يشهد تقدماً ملحوظاً، مع استغلال البعض انشغال الدولة بقمع الاحتجاجات، فازدادت أبنية السكن العشوائي في بعض المناطق، بينما تستعد أخرى لعمليات إعادة الاعمار، اثر الدمار الهائل الذي لحق بها. وشهدت أسعار العقارات في دمشق ارتفاعا غير مسبوق، مع وصول آلاف النازحين من حمص وحماه وريف دمشق إليها، ليتحول الحصول على مسكن فيها إلى معضلة حقيقية، زادتها سوءا التوترات الأمنية التي لحقت ببعض الإحياء الدمشقية.

أربعة أسماء لخلافة أنان: موراتينوس الأوفر حظاً

المراقبون سيتحولون إلى بعثة سياسية تتبع جيفري فيلتمان

                      محمد بلوط

ميغيل أنخيل موراتينوس، مارتي اهتساري، كارلا دول بونتي، ستيفان دومسيتورا. السباق إلى خلافة كوفي انان في متاعبه السورية يدور بين الدبلوماسي الإسباني الأشهر عربياً، والفنلندي اهتساري الحائز على جائزة نوبل للسلام لدوره في إنهاء الصراع في كوسوفو. والسويسرية كارلا دول بونتي المدّعية العامة السابقة التي تبحث لها بلادها عن اي منصب لإخراجها من تقاعد ممل، تصطدم برفض روسي قاطع بسبب دورها في محكمة يوغوسلافيا السابقة.

وستيفان دومسيتورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى افغانستان، الذي قال مقرب منه لـ«السفير» إنه لا يبحث عن اي منصب جديد، وإنه يبذل كل جهوده للنجاح في نيابة وزارة الخارجية الإيطالية حالياً. ويحدد اختيار الاسم المقبل، مقدار الاهتمام الذي سيوليه مجلس الأمن للديبلوماسية في النزاع السوري، ورهانه الحقيقي على إيلاء الديبلوماسية فرصة لتحقيق ما تدعو اليه خطة انان.

مورايتنوس، وزير الخارجية الإسباني السابق، أبرز الأسماء المتداولة للإبقاء على حضور للأمم المتحدة في سوريا، ووراثة خطة انان التي لا تستحق شهرتها لما انجز منها على الأرض، وإنما لحملها اسم الدبلوماسي الدولي، الذي لم يعصمها من الفشل.

ويتحلى الديبلوماسي الإسباني، في الثانية والستين من العمر، بخبرة واسعة في كواليس الصراع العربي الإسرائيلي بشكل خاص. وراكم موراتينوس شبكة علاقات مترامية، خلال ستة اعوام، من العام 1996 وحتى العام 2003، عندما تولى مبعوثية الاتحاد الأوروبي الخاصة إلى العملية السلمية بين اسرائيل وفلسطين، قبل ان يتولى حقيبة الخارجية في اسبانيا الاشتراكية ما بين العامين 2004 و 2010.

والحال إن خلافة دبلوماسي بوزن كوفي انان تتطلب اسماً كبيراً، ورغبة في الانتحار السياسي، ليس بسبب الإرث الثقيل والمعقد لخطة انان الفاشلة فحسب، بل لأنه لن يكون بوسعه ان يحصد أكثر مما حصد انان: التلاعب به من قبل روسيا و«اصدقاء سوريا» لكسب الوقت، فيما يبدو ان الرهان الحقيقي للجميع، في خنادق الحرب الأهلية السورية وحدها.

وقال مصدر دبلوماسي غربي إن موراتنيوس، قد يكون الأقرب إلى حمل وصية انان، ليس بسسب دعم الاتحاد الأوروبي له لتولي المنصب وإنما بسبب علاقاته الوطيدة مع النظام السوري ايضاً، وتلك المستجدة مع قطر. ويسجل لموراتينوس حيازته لرقم قياسي لا ينافسه اي ديبلوماسي غربي آخر في عدد اللقاءات التي اجراها مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، والرئيس بشار الأسد من بعده.

وكان موراتينوس قد حصد إخفاقين متتاليين العام الماضي للعودة إلى المؤسسات الدولية. الوزير الإسباني، الذي جنده القطريون مستشاراً ديبلوماسيا لبرنامج قطر للأمن الغذائي، منذ ما يقرب العام، اضطر إلى التوجه إلى الدوحة بعدما اخفق في انتزاع رئاسة منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» في انتخابات جرت في حزيران من العام الماضي. ويبدو انه حاول العودة مبعوثاً للأمم المتحدة في بيروت، منافساً ديريك بلامبلي على خلافة مايكل وليامز نهاية العام الماضي، لكن من دون كبير نجاح.

ومن غير المؤكد في أي حال ان يحمل وريث انان الصلاحيات التي كانت لسلفه في قيادة أي مفاوضات على الأرض. والأرجح أن «اصدقاء سوريا»، والولايات المتحدة بشكل خاص، ستكون في قيادة المهمة المقبلة لأي ديبلوماسي دولي جديد يحل في دمشق. فعندما ينتهي تكليف المراقبين رسمياً، بعد اسبوعين تقريباً، ستتحول مسؤولية العمليات في سوريا، من ادارة عمليات السلام، التي يديرها هيرفيه لادسوس، إلى جيفري فيلتمان مساعد الأمانة العامة للشؤون السياسية.

ومن المنتظر أن تتحول البعثة الدولية من بعثة عسكرية إلى بعثة سياسية صرفة تتبع لجيفري فيلتمان، وترفع تقاريرها اليه، وتتلقى تعليماتها منه مباشرة.

هجوم على مبنى الاذاعة في حلب واشتباكات على اطراف دمشق

دمشق- (ا ف ب): قام معارضون مسلحون السبت بمهاجمة مبنى الاذاعة والتلفزيون في مدينة حلب (شمال) فيما دارت اشتباكات عنيفة بين “مقاتلين من الكتائب الثائرة” والقوات السورية في حي يقع على اطراف العاصمة السورية.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان فان “مقاتلي الكتائب الثائرة” قامت بتفجير عبوات ناسفة في مبنى الاذاعة والتلفزيون في العاصمة الاقتصادية حلب قبل ان ينسحبوا من محيطه اثر القصف من الطائرات الذي تعرضت له المنطقة المحيطة بالمبنى.

واكدت وكالة الانباء الرسمية (سانا) من جهتها ان “مجموعات من المرتزقة الارهابيين هاجمت المدنيين والمركز الاذاعي والتلفزيوني في منطقة الاذاعة بحلب وتصدت قواتنا المسلحة الباسلة لهم”.

واشار التلفزيون السوري في شريط اخباري إلى “مقتل واصابة عدد كبير من الارهابيين خلال محاولتهم اقتحام المركز الاذاعي والتلفزيوني في حلب”.

وفي حلب ايضا، دارت “اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية السورية” في محيط حي صلاح الدين الذي يسيطر عليه المتمردون، بحسب المرصد.

وفي دمشق، اضاف المرصد في بيان ان “اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية”في حي التضامن الذي “يتعرض لقصف هو الاعنف” حسبما نقل المرصد عن نشطاء في الحي.

كما دارت اشتباكات في حي جوبر وحي دمر حيث شوهدت سحابة دخان.

وكانت سانا افادت عن ملاحقة القوات السورية “لفلول الارهابيين المرتزقة في حي التضامن واشتبكت معهم وأوقعت في صفوفهم خسائر فادحة”.

وأسفرت العملية عن مقتل واصابة عدد من “الارهابيين والقاء القبض على عدد اخر اضافة الى مصادرة أسلحة وذخيرة متنوعة وأدوية وتجهيزات طبية مسروقة” بحسب سانا.

يأتي ذلك فيما قتل السبت 13 شخصا خلال اعمال عنف في سوريا بينهم ستة في دمشق وريفها وستة في دير الزور (شرق) واخر في اللاذقية (غرب).

سيدا: الجيش الحر باق في حلب ولن نسعى لاجتثاث البعث كما حدث بالعراق

اربيل- (ا ف ب): اعلن رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا في اربيل الجمعة ان الجيش السوري الحر لم ولن ينسحب من حلب، مؤكدا ان المعارضة لن تسعى الى اجتثاث حزب البعث في سوريا كما حدث في العراق.

وقال سيدا في مؤتمر صحافي في عاصمة اقليم كردستان العراق ردا على سؤال لوكالة فرانس برس حول تقارير تحدثت عن انسحاب المعارضة السورية المسلحة من حلب “لم ينسحب الجيش الحر ولن ينسحب من حلب ونحن على تواصل معهم في سبيل تقديم الامداد لهم ولكافة المدن التي تنتفض ضد النظام”.

وتواصلت الجمعة الاشتباكات العنيفة في حلب شمال سوريا حيث تحاول القوات النظامية اقتحام حي صلاح الدين.

واستطاعت القوات النظامية التقدم نحو 50 مترا داخل حي صلاح الدين فيما تمكن مقاتلو الجيش السوري الحر من السيطرة على حي الاذاعة بالكامل بالاضافة الى بعض مراكز الشرطة والامن، بحسب ما اكد قائد كتيبة نور الحق في الجيش الحر النقيب الطيار واصل ايوب لفرانس برس.

جاء ذلك في وقت اقرت الجمعية العامة للامم المتحدة بغالبية واسعة الجمعة مشروع قرار بخصوص سوريا طرحته الجامعة العربية يدين استخدام الحكومة السورية الاسلحة الثقيلة وينتقد عجز مجلس الامن عن التحرك في اطار الازمة الجارية في البلاد.

ورأى سيدا أن هذا القرار “يؤكد أن هذا النظام قد فقد شرعيته ولم يعد المجتمع الدولي يؤمن بشرعيته”.

وفي موازاة ذلك، دعا سيدا الحكومة العراقية للوقوف إلى جانب الشعب السوري. وقال “نحن نأمل وهناك تواصل بيننا وبين الحكومة العراقية ونأمل بان يتخذ الموقف المنشود وهو الوقوف الى جانب الشعب السوري”.

واضاف ان “الشعب السوري لن يتراجع في حال بقاء هذه السلطة وحينئذ ستتوجه البلاد نحو المصير المفتوح على كافة الاحتمالات واذا خرجت الامور عن السيطرة لن تقتصر النتائج الكارثية على الداخل الوطني السوري بل ستمتد الى الجوار الاقليمي والعراق هو الاخر سيتاذى”.

وتدعو الحكومة العراقية الى حل سلمي للنزاع في سوريا، فيما ترفض تسليح المعارضة وتتحفظ عن عقوبات فرضت على النظام السوري.

وفي هذا السياق، اكد رئيس المجلس الوطني السوري “اننا في سوريا لسنا مع اجتثاث البعث، لا نريد تكرار هذه التجربة وانما نقول ان حزب البعث سيعامل كاي حزب اخر بعد انسحاب كامل الامتيازات منه”، في اشارة الى اجتثاث حزب البعث في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين العام 2003.

وكان سيدا اجرى في الايام الماضية في اربيل محادثات مع قوى كردية سورية شارك فيها وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو وتناولت انضمام هذه القوى الى المجلس الوطني السوري.

واعلن سيدا انه جرى خلال هذه الاجتماعات “التأكيد على اهمية الوحدة الوطنية السورية وضرورة اعتبار القضية الكردية جزءا من القضية الوطنية العامة ونحن اكدنا من جانبنا ان سوريا المستقبل لن يكون فيها مكان للتعصب القومي او الديني او الايديولوجي”.

وحول رفع علم كردستان في المناطق الكردية في سوريا، قال سيدا ان “رفع العلم الكردي هو للتعبير عن الهوية الكردية ولا يدعو الى الانفصال ولا يوجد اي حزب كردي يدعو في برنامجه الى الانفصال”.

وتحدث سيدا عن الموقف الايراني من النظام السوري قائلا ان “المعلومات المؤكدة ان النظام الايراني يدعم النظام السوري بالامدادات والمال، ونحن بهذه المناسبة نتوجه الى المسؤولين في ايران بالقول ان ما يجري في سوريا هو شأن سوري داخلي والثورة السورية كانت نتيجة الاحتياجات الداخلية في سوريا”.

تعرض موقع رويترز للقرصنة وبث مقابلة مزورة مع قائد الجيش السوري الحر

نيويورك- (ا ف ب): اعلنت وكالة رويترز الجمعة أن قراصنة معلوماتية تسللوا إلى موقع الوكالة الالكتروني ونشروا معلومات “مفبركة” بينها مقابلة مع قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد.

وأورد بيان للوكالة البريطانية أن موقع “رويترز دوت كوم تعرض للقرصنة الجمعة”.

واضاف البيان ان “منصة مدوناتنا تعرضت لعمل تخريبي ونسبت مقالات الكترونية مفبركة في شكل مغلوط الى صحافيين في رويترز”.

وينسب احد هذه المقالات الى قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد قوله ان عناصر الجيش انسحبوا من مدينة حلب في شمال سوريا بعد مواجهات.

واكدت رويترز انها لم تجر هذه المقابلة وقد شطبتها من موقعها.وبدوره، نفى الجيش السوري الحر المقابلة، متهما النظام السوري بممارسة القرصنة.

واوضحت الوكالة انه تم تعليق العمل في منصة المدونات في انتظار معالجة المشكلة.

واعلن رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا في مدينة اربيل العراقية الجمعة ان الجيش السوري الحر لم ولن ينسحب من حلب التي تستمر فيها المواجهات العنيفة بين الجيش النظامي السوري والمقاتلين المعارضين.

الجمعية العامة تدين العنف بسورية وتطالب بانتقال سياسي وانباء عن مجزرة بحماة.. والقصف يصل لمخيم اليرموك

بعد حذف فقرة تطالب الاسد بالتنحي.. والجيش الحر بالداخل يدين اعدام مؤيدين للنظام

بيروت ـ حلب ـ دمشق ـ وكالات: استمرت الاشتباكات العنيفة في حي صلاح الدين في حلب فيما حاولت قوات النظام اقتحام الحي، غداة انباء عن قتل عشرات المدنيين والمقاتلين السوريين المعارضين في حي الاربعين في مدينة حماة في عملية عسكرية لم تتضح تفاصيلها، فيما تواصلت الاشتباكات في حي التضامن في دمشق حيث افاد ناشطون عن اقتحامه من القوات النظامية وعن قصف على حي القدم وحملة مداهمات في مخيم اليرموك الذي قتل فيه الخميس 21 شخصا في قصف للمخيم.

وادانت رئاسة السلطة الفلسطينية الجمعة ‘الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا في مخيم اليرموك في دمشق والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، من المواطنين العزل’، مشددة في بيان رسمي نشرته وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية على التنديد ‘بمحاولات بعض الاطراف من امثال احمد جبريل والدور المشبوه الذي يقوم به هو وفصيله بالزج بأبناء شعبنا ومخيماتنا في اتون دائرة العنف الدموي الدائرة في سورية، وتحويلهم الى وقود لهذه المحرقة’.

وفي شريط فيديو بثه ناشطون على موقع يوتيوب على شبكة الانترنت، يمكن مشاهدة تظاهرة مناهضة للنظام سارت مساء الخميس في شوارع مخيم اليرموك. وبين الهتافات التي اطلقها المتظاهرون ‘احمد جبريل، دمك مهدور’.

من ناحيتها قالت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان ‘مجموعة ارهابية مسلحة استهدفت حي اليرموك بقذائف هاون’ من حي التضامن المجاور، ما ادى الى مقتل واصابة عدد من المواطنين.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان بعد الظهر ‘تدور اشتباكات عنيفة في حي صلاح الدين بين مقاتلين من الكتائب الثائرة والقوات النظامية السورية التي تحاول اقتحام الحي. وتترافق الاشتباكات مع قصف للحي’. كما اشار الى تمدد الاشتباكات الى حي المارتيني.

جاء ذلك بينما دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة إلى تحول سياسي بقيادة سورية نحو نظام سياسي تعددي يشمل ‘جميع أطياف المعارضة السورية’.

وصوتت الجمعية المؤلفة من 193 عضوا بأغلبية ساحقة لصالح ‘إدانة الانتهاكات الجسيمة والمتواصلة والواسعة والممنهجة لحقوق الإنسان من جانب السلطات السورية والميليشيات الموالية للحكومة بقوة’. واتهمت سورية بتنفيذ ‘عمليات إعدام وقتل ومحاكمات بشكل تعسفي ضد المحتجين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين’.

وأدانت ‘كافة أعمال العنف بغض النظر عن الجهة التي تقوم بها بما في ذلك الجماعات الإرهابية’ وذلك في قرار تم تمريره بأغلبية 132 صوتا مقابل 12 بينما امتنع 31 عضوا عن التصويت.

كما طالب القرار السلطات السورية بـ ‘المراعاة الصارمة’ لالتزاماتها في إطار القانون الدولي بعدم استخدام أو نقل أو إنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية.

وعلم انه تم تعديل القرار في اخر لحظة قبل التصويت بحذف فقرة تطالب بتنحي الرئيس السوري بشار الاسد.

كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة من احتمالات ان تواجه سورية’ حربا أهلية طويلة الأمد’.

وحذر مون من خطورة حدوث ‘حرب بالوكالة (في سورية) حيث يسلح اللاعبون الإقليميون والدوليون جانبا أو اخر (من اطراف الصراع)’.

وقال بان كي مون ان الفظائع التي تحدثت عنها الأنباء الواردة من حلب أكبر مدينة سورية حيث تخوض القوات الموالية للرئيس بشار الأسد ومقاتلو المعارضة اشتباكات دموية قد ترقى الى جرائم في حق الإنسانية.

في هذا الوقت، دعت المعارضة الى التظاهر الجمعة تحت شعار ‘دير الزور، النصر الآتي من الشرق’، في اشارة الى موقع محافظة دير الزور في شرق سورية، وهي تشهد منذ ايام عمليات عسكرية واسعة.

وبدأت التظاهرات المناهضة للنظام تخرج في مدن عدة، لا سيما في مدينة حلب وريفها، رغم ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري والامني.

من جهة ثانية، افادت مصادر في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية الجمعة عن وصول سفن حربية روسية في الايام القليلة المقبلة الى مرفأ طرطوس في سورية حيث ستمضي بضعة ايام، نافية اخبارا عن استخدام هذه السفن لنقل السلاح الى نظام الرئيس بشار الاسد.

على صعيد آخر، دان الجيش السوري الحر في الداخل اقدام مقاتلين معارضين على تنفيذ ‘اعدام ميداني’ في حق عناصر موالين للنظام في حلب قبل ايام، وتبرأ من العملية معتبرا اياها ‘عملا مرفوضا وفرديا وخارج اطار القانون’.

القوات السورية تستعد لـ ‘ساعة الصفر’ وعمليات على حدود تركيا وعمق حلب

دمشق ـ ‘القدس العربي’ من كامل صقر: علمت ‘القدس العربي’ من مصدر سوري عليم أن القوات السورية تواصل إرسال تعزيزاتها العسكرية إلى مدينة حلب شمالاً. وقال المصدر ان أرتالاً كبيرة من الشاحنات العسكرية وناقلات الجند تحمل آلاف الجنود توجهت من محافظة اللاذقية إلى حلب عصر الخميس وصباح الجمعة وسلكت طريق اللاذقية ـ جبلة ـ حماة ـ حلب.

وقال المصدر ان أطراف حلب من الجهة الجنوبية بات مكتظة بقوات الجيش السوري، فيما تتركز التعزيزات داخل المدينة في كل من ‘مدرسة المشاة’ و’كلية المدفعية’.

ولفت المصدر الى أن ساعة الصفر التي ستبدأ من خلالها القوات السورية هجومها على الأحياء التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة باتت قاب قوسين أو أدنى، موضحاً أن العملية ستكون شاملة لجميع تلك الأحياء دفعة واحدة، وستعتمد على أعداد كبيرة وغزيرة من جنود النخبة المدربين على حرب الشوارع والتدخل السريع.

وأضاف المصدر أن الجيش السوري سيطلب من المدنيين بداية وقبل الشروع بعملياته الواسعة إخلاء الأحياء التي يتحصن بداخلها مقاتلو الجيش الحر.

وفي مقابل ذلك على مستوى داخل مدينة حلب، ستنفذ وحدات من قوات النخبة عمليات خاطفة على الحدود مع تركيا في أقصى الشمال لاستعادة جميع المعابر والطرق الفرعية التي يستخدمها الجيش الحر لإمداد مقاتليه.

وسائل القتال الكيماوية السورية في مهب الريح

صحف عبرية

بشار الاسد على ما يبدو لن يكون رئيس سوريا عما قريب، والسؤال الذي يسأله كثيرون في هذه الايام هو أين تمر خطوطه الحمراء. هل عندما يكون ظهره الى الجدار وعندما يُحدق بحكمه خطر شديد، سيتصرف مثل صدام حسين في حرب الخليج الاولى ويطلق الصواريخ على اسرائيل التي يبغضها؟ رئيس طاقم مفتشي الامم المتحدة في العراق بعد الحرب، رولف اكايوس حدث ان صدام حسين زود 25 صاروخ الحسين بسلاح بيولوجي وكيماوي ووجهها نحو اسرائيل. هذه الصواريخ لم تطلق في نهاية الامر لأن صدام نفسه خشي وادرك ان اسرائيل سترد بسلاح فتاك ضد العراق. فما الذي ستفعله سوريا؟ ما الذي سيفعله الاسد، وهل يتوجب على اسرائيل ان تقوم بهجمة وقائية ضد المنشآت الكيماوية السورية؟.

التقارير المنشورة في الاسابيع الاخيرة حول الخطر الكيماوي السوري تزيد من القلق. اسرائيل قد أرسلت للولايات المتحدة واوروبا تحذيرا بالهجوم لأن كل خطوة سورية ولو حتى القيام بالتحضيرات وحدها في موضوع السلاح الكيماوي ستشكل ذريعة لشن هجوم اسرائيلي. مصدر اسرائيلي بارز ذو تأثير على عملية صنع القرار قال لي في الاسبوع الماضي: ‘اذا أخرج السوريون الصواريخ وزودوها بسلاح كيماوي أو أرسلوها الى حزب الله فيتوجب اعتبار ذلك بمثابة اعلان حرب وشن هجوم على سوريا. حتى اذا تحول الامر الى معركة شاملة. على الدولة ان تضع خطوطها الحمراء’..

اسبوعية ‘دير شبيغل’ الالمانية نشرت هذا الاسبوع بأن الموساد توجه الى جهات استخبارية اوروبية مؤخرا وأعلمها ان معلوماته تفيد بأن أجزاء من السلاح الكيماوي وصواريخ بعيدة المدى قد نقلت الى حزب الله. هذا التقدير يتناقض مع الاستخلاصات التي توصلت اليها استخبارات غرب اوروبا وامريكا. الصحيفة نشرت ان الجهاز المماثل للموساد في المانيا ‘بي.ان.دي’ قد تلقى معلومات بأن السوريين قد اتخذوا تدابير أمنية متشددة في الاسابيع الثلاثة الاخيرة لحماية ترسانة السلاح النووية السورية ولم ينقلوها الى حزب الله. الترسانة التي كانت مخزنة في قاعدة سلاح الجو بجانب حمص التي تعتبر أقل حصانة نُقلت من هناك الى مصياف. هذا ما حدث ايضا في المواد التي تم تخزينها في القاعدة المجاورة لحماة. اضافة الى ذلك في منشأة السفير تم استبدال كل القيادة العليا ولم يتبق هناك إلا الضباط العلويون (لا سنة ولا شيعة) الذين يعتبرون موالين بصورة استثنائية.

جهات امريكية أوصلت الى دمشق في الاسابيع الاخيرة رسالة حادة مفادها ان كل استخدام للسلاح الكيماوي سواء نحو الداخل أو نحو الخارج ستجر الى تدخل عسكري امريكي. الاسد لم يكن يرغب بالتأكيد بزيادة حدة وضعه وضم الولايات المتحدة الى المقاتلين ضده.

الفجوة بين اسرائيل وسوريا

كل شيء بدأ في حرب الخليج الاولى التي اندلعت بعد ان قام صدام حسين باجتياح الكويت. الولايات المتحدة شكلت ائتلافا دوليا وكان من المهم لها ان تشارك الدول العربية في هذا الائتلاف على الأقل بصورة رمزية. حافظ الاسد الذي كان قد أدرك مهب الريح في العالم بعد انهيار المعسكر الشيوعي استجاب بفتور للدعوة وأمر الفرقة التاسعة الميكانيكية بالانضمام الى القوات المهاجمة. هذه الفرقة لم تخض الحرب في نهاية المطاف إلا ان مجرد وجودها في ارض المعركة كان ذو أهمية هائلة. قائد الفرقة مع رئيس هيئة الاركان السوري حكمت الشهابي تواجدا في غرف قيادة الائتلاف وفي بعض الاحيان شاهدا عن بعد ارض المعركة التي أدخل الامريكيون اليها لاول مرة وسائل قتالية من أفضل الوسائل في العالم.

السوريان أصيبا بالذهول. أكثر ما أثار ذهولهما كان السلاح الدقيق الذي استخدمه سلاح الجو الامريكي بصورة مكثفة ضد الحرس الجمهوري العراقي. الشهابي تأثر بصورة بالغة. في بداية آذار 1991 عاد الى دمشق وحدث حافظ الاسد عما رأيته عينيه وعيون ضباطه. في عام 2002 بعد ان تخاصم مع بشار الاسد سافر لزيارة ابنه الذي يدرس في لوس انجلوس واستخدم هذا السفر للفرار الى الولايات المتحدة. هناك قال الامور الدراماتيكية التي كان قد نقلها للرئيس السوري قبل 11 سنة.

أحد الامور التي رواها الشهابي للامريكيين كانت انه إثر التقارير التي نقلها للاسد قام هذا الاخير بعقد سلسلة جلسات خلال النصف الثاني من عام 1991، تلك الجلسات التي أدارها بنفسه وحضرها قادة الجيش والاستخبارات ووكالات تطوير السلاح السوري. هذه الجلسات كانت على أهمية عميقة لما يجري من تطورات في الشرق الاوسط وهي ترتبط بصورة عميقة بالتوتر المتزايد في المنطقة في الاسابيع الاخيرة، وحالة التأهب التي اعلنها الجيش الاسرائيلي خشية استخدام سوريا للسلاح الكيماوي أو تسربه الى حزب الله.

في خلفية جلسات 1991 كانت الخسارات المتكررة التي منيت بها سوريا في ارض المعركة في مواجهة اسرائيل. في حرب يوم الغفران فاجأت سوريا الجيش الاسرائيلي ولكنها لم تنتصر في الحرب رغم ذلك. رغم المساعدة السوفييتية السخية بالطائرات والبطاريات المضادة إلا ان طائرات سوريا لم تنجح في النفاذ الى مناطق اسرائيل واحراز التفوق الجوي. بعد الحرب وافق الاتحاد السوفييتي على امداد سوريا ببضعة عشرات من صواريخ ارض ارض من طراز سكاد بي ذات مدى يصل الى 300 كم، إلا ان سوريا لم تكتف بذلك إذ ان هذا المدى يغطي فقط جزءا من مساحة اسرائيل، وهذا اذا كانت الصواريخ بجانب الحدود الامر الذي يعرضها للهجمات الاسرائيلية. في حزيران 1982 منيت سوريا بهزيمة مريرة مرة اخرى عندما أُسقطت عدة طائرات من سلاحها الجوي خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان. هذا في الوقت الذي لم تنجح فيه باسقاط طائرة اسرائيلية واحدة حتى. الرئيس الاسد وقائد سلاح الجو السابق بدءا يوجهان الموارد نحو غايات اخرى حيث سمح للخميني باقامة مليشيات شيعية مسلحة في لبنان (حزب الله)، وحول ميزانيات أقل للجيش النظامي السوري بينما قام بارسال المال المتبقي من هذه العملية لترميم سلاح الجو وتطوير الصواريخ.

في آذار 1990 زار رئيس حكومة كوريا الشمالية، يي تشونغ اوك، دمشق، وتم التوقيع على اتفاق سري للتعاون العسكري والتكنولوجي وكان في مركزه امداد سوريا بصواريخ سكاد سي. في مطلع شباط 1991 خرجت الشحنة الاولى من الصواريخ الى ميناء اللاذقية في شمالي سوريا. وكالة الامن القومي الامريكية كانت تعرف شيئا ما عما يحدث، كما علم الموساد لاحقا، ولكن امريكا خشيت من ان تقوم اسرائيل باستغلال المعلومات لمحاولة احباط هذه الشحنة ولذلك لم تعلمها بالامر.

إلا ان اسرائيل كانت تمتلك مصادرها الخاصة. الموساد، كما كتب أحد مسؤوليه السابقين المقيم في كندا حاليا واسمه مايكل روس في كتابه ‘المتطوع’، تابع مسار الشحنة. عملاء شعبة قيساريا المدربين على التغلغل في الدول العربية كمنوا للشحنة في المغرب. الخطة كانت وضع قنبلة موقوتة على جسم السفينة. طائرة اف 15 اسرائيلية تابعت المسار من اجل اطلاق صاروخ توربيدو نحو السفينة قبل وصولها الى ميناء اللاذقية وتفجيرها. ولكن رئيس الوزراء اسحق شمير قرر الغاء العملية في نهاية المطاف خشية حدوث حرب واسعة النطاق في الشرق الاوسط.

الشهابي حدث الامريكيين بأنه خلال اللقاءات التي جرت بعد حرب الخليج قال الاسد ان الافتراض الأساسي بالنسبة له يجب ان يكون: اذا كان لدى الامريكيين مثل هذا السلاح المثير فهذا يعني ان اسرائيل تمتلك نفس الأدوات، الامر الذي يوسع الفجوة التكنولوجية والنوعية بين الجيشين (الاسد نسب ذلك فقط الى الوسائل القتالية وليس كما يدعون في اسرائيل بتعال معين الى جودة اعداد القوى البشرية). على حد قول الشهابي في جلسات القيادة السورية تم الاتفاق على ان مجمل ديون سوريا وروسيا من صفقات السلاح يبلغ 11 مليار دولار. لم تكن لدى الاقتصاد السوري المنهار مصادر لدفع الدين. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي لم توافق روسيا على امداد السوريين بالمزيد، وأعلمتهم أنها ترفض امدادهم بصواريخها المضادة للطائرات المتطورة التي طلبت دمشق شراءها.

الشهابي اضاف بأن الاسد تحدث في هذه الجلسات ايضا عن بقاء الولايات المتحدة كدولة عظمى وحيدة في العالم، وإثر سلسلة من الجلسات اتخذ الاسد عدة قرارات مصيرية بالنسبة لسوريا. أولها: الاستجابة غير المتحمسة لدعوة الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر مدريد خلافا لكل ما صرح به سابقا. ولكن الى جانب هذا القرار المعتدل سياسيا اتخذت قرارات اخرى. الاسد أعلن انه لا يعتقد ان من الممكن اغلاق الفجوة النوعية بين الجيشين في المستقبل المنظور، ولذلك يتوجب توفير الموارد نحو آفاق اخرى في محاولة لبلورة ‘وزن مضاد’ للقوة العسكرية. الأفق المركزي الذي قرر الاسد السير فيه كان اقامة سلاح الصواريخ المنفصل الواسع القوة وتزويد هذه الصواريخ برؤوس كيماوية فتاكة.

بمساعدة المستشار الروسي

في أساس التركيز على الصواريخ كان هناك افتراض من الاسد بأن سلاح الجو السوري ليس قادرا على النفاذ من الدرع الجوي الاسرائيلي، إلا ان وابل الصواريخ سينجح في فعل ذلك. وبعد حين من ذلك الوقت تبنى حزب الله والتنظيمات الاسلامية الفلسطينية نفس الافتراض. إثر ذلك القرار تم توقيع عقود جديدة مع كوريا الشمالية، في المرحلة الاولى تم تزويد سوريا بـ 500 صاروخ سكاد سي ذات مدى 500 كم، ولكن السوريين لم يرغبوا في ان يكونوا معتمدين على الدول الاخرى وخافوا من اغلاق الاسواق العالمية إثر منظومة الرقابة الدولية الآخذة في التشدد. منذ 1995 تقوم سوريا بانتاج دوري لصواريخ سكاد سي. الانتاج تم في البداية برقابة دائمة من بعثات المهندسين الكوريين الشماليين وبعد ذلك نجح السوريون في شراء المعلومات والتجربة الكثيرة بأنفسهم.

سكاد سي يغطي كل مساحة اسرائيل، ولكن الوصول الى جنوب الدولة يلزمهم بوضع الصواريخ بجانب الحدود. الاسد أمر بتحويل اموال هائلة للبدء في انتاج صواريخ سكاد دي ذات مدى 700 كم. في نهاية ايلول 2000 أجرت سوريا عدة تجارب ناجحة على صواريخ سكاد دي التي وصلت الى مدى 580 كم. في بداية تموز 2001 كشفت منظومة اسرائيلية حديثة لرصد الصواريخ عملية اطلاق لصاروخ سكاد من منطقة حلب في شمالي سوريا حتى هبوطه، على مسافة 700 كم من هناك في جنوب سوريا. سكاد دي يتيح للسوريين نشر اسلحتهم بصورة واسعة ومرنة.

الترسانة الموجودة لدى السوريين تصل اليوم الى 500 صاروخ سكاد من طراز بي وسي، و60 قاعدة اطلاق صواريخ لكل واحد منها. سكاد بي قادر على حمل رأس متفجر وزنه ألف كغم لمسافة تصل الى 300 كم، وصواريخ سكاد سي تستطيع حمل رؤوس تزن 770 كغم الى مسافة تصل 500 كم. وفقا للتقديرات الاستخبارية الاسرائيلية تملك سوريا 250 صاروخ سكاد دي ذو مدى 700 كم. قسم من الصواريخ ذات محركات وقود مضغوط. هذا يعتبر انجازا هاما لسوريا لأن جهاز الدفع الصاروخي الذي يعمل على الوقود السائل يتيح شحنها قبل الاطلاق فقط. الحديث يدور عن مادة سامة جدا وقابلة للسقوط التي تشكل خطرا صحيا على عناصر طواقم الصواريخ وقد تشتعل بسهولة. والأخطر من ذلك: الحاجة الى تزويد الصاروخ في الأجواء المفتوحة، أي خارج المكمن الذي تُخزن فيه وقبل الاطلاق تماما، تتمخض عن فترة زمنية طويلة نسبيا يكون فيها الصاروخ وطاقم الاطلاق معرضين للاكتشاف والضربات من الخصم، على سبيل المثال وحدة السكاد سي السورية تشمل في العادة 18 قاعدة اطلاق و50 صاروخا. عملية الاعداد للاطلاق الاول تستغرق ساعة ونصف، وهذه تعتبر فترة زمنية أبدية في المصطلحات العسكرية من حيث التعرض للهجمات الجوية المعادية. أما الوقود المضغوط فهو موجود في الصاروخ طوال الوقت وكل ما هو مطلوب فقط جر القاعدة نحو الخارج واطلاق الصاروخ.

في موازاة التزود بالصواريخ بدأ السوريون يبذلون جهودا كبيرة لشراء سلاح كيماوي. الاعتقاد الاول كان استخدام هذا السلاح كوسيلة تكتيكية في حرب المدرعات في ارض المعركة مع اسرائيل بصورة تمس بطواقم الدبابات أو على الأقل منعها من أداء دورها. في وقت لاحق عندما توصل الاسد الى الاستنتاج بأن من المحظور عليه اطلاقا الوصول الى مجابهة مباشرة كلاسيكية مع اسرائيل كان الهدف من هذا السلاح ردع اسرائيل عن مهاجمة سوريا تحت التهديد بأن ذلك سيدفع الى استخدام السلاح الكيماوي ضد المدن الاسرائيلية.

سوريا لم توقع على معاهدة منع نشر السلاح الكيماوي الدولية، وبدأت بانتاج هذا السلاح في اواسط الثمانينيات. في البداية أنتجت قنابل معدة للالقاء من الطائرات المملوءة بغاز السارين. في وقت لاحق تم تطوير رؤوس قتالية لتركيبها على صواريخ سكاد السورية. مصادر استخبارية اسرائيلية تقول ان جوهر العتاد والمعلومات الخاصة بانتاج السلاح الكيماوي جاء من الاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا الى جانب جهات خاصة في غرب اوروبا واليابان.

في اواسط التسعينيات نجحت سوريا في انتاج السلاح الكيماوي الفتاك جدا في إكس. هاتان مادتان تُحفظان بصورة منفصلة عن بعضهما البعض داخل الرؤوس القتالية الصاروخية. وعندما تصيب الارض تختلط مع بعضها فتصبح مادة فتاكة بصورة خاصة، وخلافا لباقي الاسلحة الكيماوية هذا السلاح لا ينتشر بعد ايام. المعلومات الخاصة بانتاج هذه المادة جاءت تحديدا من مستشار بوريس يلتسين لقضايا تفكيك السلاح الكيماوي الذي كان في ذلك الوقت يمتلك صلاحيات رسمية عليا جدا في روسيا في هذا المجال. الجنرال ناتولي كونتشيفس دميانوفيتش، مواليد 1934، كما يعتقد الموساد، كان خبيرا في الفيزياء والكيمياء العضوية ويعتبر مسؤولا رفيعا في هذا المجال في الاتحاد السوفييتي، وكان من كبار قادة مشروع السلاح الكيماوي السوفييتي السري جدا. مع انهيار الاتحاد السوفييتي قرر يلتسين تفكيك هذه المنظومة الشهيرة وعين الجنرال مسؤولا عن ذلك بما في ذلك المفاوضات حول الامر مع الولايات المتحدة. إلا ان دميانوفيتش أراد ايضا ان يكسب لنفسه. تحت غطاء زيارة عمل روتينية لسوريا في 1995 في اطار العلاقات العسكرية الجيدة التي تبقت بين الدولتين (ما زال الروس يمتلكون قواعد استخبارية في هضبة الجولان وشمالي سوريا) بدأ في اقامة علاقات شخصية مع قادة الحكم في سوريا. وحصل منهم على مبالغ هائلة وزودهم بالمعلومات وبعض العتاد التي اشتراها من اوروبا لانتاج هذا السلاح.

بعض المعلومات حول الصفقات وصلت الى علم الموساد في 1998. رئيس الوزراء باراك حاول تحذير قادة الحكم في موسكو مما يفعله الجنرال إلا ان ذلك لم يجدِ نفعا. بدا ان الرئيس يلتسين لا يستطيع أو لا يريد التدخل. مايكل روس يدعي انه عندما رأى الاسرائيليون ان الضغط لا يجدي نفعا، قام عدد من عملاء الموساد في اوروبا بالتنكر بصورة باحثين مستقلين يقومون بانتاج فيلم وثائقي عن قضية الحرب الغازية. هم اتصلوا مرارا وتكرارا بمصادر عليا في الكرملين والجيش الاحمر وقالوا انهم يمتلكون معلومات تفيد بأن دميانوفيتش يقوم ببيع السلاح الكيماوي لسوريا. القصد كان اخافة موسكو من أن هذه المعلومات توشك على الانتشار قريبا، إلا ان ذلك ايضا لم يجد نفعا، ولم تفعل موسكو شيئا ضد الجنرال باستثناء توجيه تحذير شديد له.

في اسرائيل غضبوا. في التاسع والعشرين من نيسان 2002 مات الجنرال خلال رحلة من حلب الى موسكو في ظروف ما زالت غامضة حتى يومنا هذا. وثيقة سرية جدا خاصة بالـ سي.آي.ايه من تلك الفترة تفيد بأن سوريا قد نجحت في انتاج كميات كبيرة من السلاح الكيماوي حتى ذلك الحين، وانه هناك احتمال كبير في ان تكون سوريا ما زالت حتى الآن تقوم بانتاج قدرات هجومية بالسلاح البيولوجي.

المواقع المركزية

المساعي السورية لانتاج السلاح الكيماوي والبيولوجي تبذل بالاساس عن طريق ‘مركز الابحاث والدراسات العلمية’ الذي أُسس في عام 1971 وعمل بأسماء مختلفة في موازاة مراكز الابحاث والجهات التجارية الغربية الى ان تم تشخيصه والتعرف عليه من قبل الاستخبارات الامريكية والفرنسية باعتباره هيئة جبهوية لجهاز الامن السوري ولذلك تمت مقاطعته.

هذا المركز يعمل بخضوع مباشر لرئيس الدولة حيث يعمل قادته كمدراء في مؤسسات اخرى في الجهاز، مثلا رئيس الوكالة هو ايضا أحد مدراء المجلس الاعلى للابحاث العلمية والوكالة السورية للطاقة النووية. مكانته توازي مكانة وزير بارز في الحكومة. وفي هذه الوكالة تنشط مؤسسة عليا لاعداد العاملين في الاختصاصات العلمية التي هي في الواقع مدرسة عليا لاعداد الوكالة لعامليها في الانشطة المختلفة. في السياق تقوم المؤسسة باعداد مهندسين للاجهزة الالكترونية والميكانيكية ومهندسين للبرامج والاختصاصات الجوية والبيولوجية والكيماوية. مركز الابحاث هذا يقوم ايضا بتفعيل المنشآت المركزية لانتاج وتخزين صواريخ ارض ارض والسلاح الكيماوي السوري التي يعمل بها حوالي 10 آلاف شخص حسب التقديرات الاستخبارية. هناك منشأتين مركزيتين، الاولى بجانب الموقع الحصين بجوار مصياف الذي بني في القرن الثامن للميلاد، وهي منطقة تقع في منتصف الطريق بين بانياس وحماة شمال غرب سوريا. أما الثاني فهو موقع السفير شمالي دمشق، وفي هذا الموقع ينتج السوريون سلاحا كيماويا من نوع السارين والـ في.اكس وهناك يخزنون ايضا بعض صواريخ وقواعد سكاد. الى جانب هاتين المنشأتين هناك مراكز صغيرة اخرى تعمل كأطر منفصلة داخل قواعد سلاح الجو السورية بجانب حماة وحمص.

صور اقمار صناعية لموقع السفير المركزي الذي يعتبر المكان الأكثر حماية في سوريا باستثناء المنشآت العسكرية الرئاسية في دمشق، تظهر ان صواريخ سكاد لا تنتج هنا وانما تُجلب للمكان من موقع آخر وتخزن في الانفاق تحت الارض. هذا الموقع هائل الاحجام ويمتد على عشرات الكيلومترات ومركب من عدة أجزاء ومحاط بطرق للدوريات وجدران مزدوجة عالية. صور الاقمار الصناعية تظهر الاستثمارات الهائلة السورية التي بذلت على حماية المكان خشية تعرضه للهجوم الاسرائيلي بما في ذلك منطقة انتاج السلاح الكيماوي الضخمة ومنطقة تخزينه في المخابيء الاسمنتية المضادة للهجمات الجوية ومن ضمن الاسلحة المخبأة هناك صواريخ متطورة جدا وتتسبب بوجع رأس غير بسيط لسلاح الجو الاسرائيلي وهي صواريخ بانتسير اس.إي22.

من يحاول الاقتراب فقط من السفير سيصطدم على مسافة كيلومترات منه بحاجز الطريق الاول الذي يعتبر مقدمة لسلسلة حواجز وتفتيشات مشددة يجتازها كل من يطلب الدخول الى الموقع.

وحدات مختارة من سلاح المشاة تعود لسلاح الجو تتولى الحراسة المشددة وهي تعتبر موالية جدا للنظام وللرئيس، حيث لم تتعرض حتى اليوم إلا لحالات فرار قليلة جدا. الصور الجوية تظهر الافضلية والامتيازات المعطاة لمن يعملون في مجالات الصواريخ في سوريا. المساكن في السفير فاخرة وفيها بركة سباحة ومنطقة عشبية وهي أفضل بكثير مما جرت عليه العادة في المنشآت العسكرية السورية الاخرى.

الاستخبارات شاهدت شاحنات

بشار الاسد حل محل ابيه في حزيران 2000. وأدخل تغيرات واصلاحات على المنظومة الامنية السورية وعين الجنرال محمد سليمان مركزا لكل المشاريع الخاصة بما في ذلك المسؤولية عن الترسانة الكيماوية السورية. الرئيس الجديد استخدم العلاقات القائمة مع كوريا الشمالية ووقع صفقة لامداده بمفاعل نووي قامت اسرائيل بتدميره في ايلول 2007. بتشجيع من سليمان (الذي تم اغتياله حسب اعتقاد السوريين على يد وحدة خاصة اسرائيلية في آب 2008) عزز الاسد علاقاته مع حزب الله. جل العلاقات أُقيم بوساطة سليمان وعماد مغنية، القائد العسكري للتنظيم الذي اغتيل في دمشق في عام 2008 على يد الموساد كما يشيرون.

الاسد غير نهج والده تجاه حزب الله كليا واستبدل غض الطرف عن امدادات السلاح الايرانية احيانا عبر الاراضي السورية بمساعدة عسكرية مكثفة. في صيف 2006 في حرب لبنان الثانية سيطر الجيش الاسرائيلي على ترسانة السلاح التابعة لحزب الله واكتشف وسائل قتالية سورية فيها حيث لم يتمكنوا من حذف اسم المنتج عنها. مركز الابحاث والدراسات العلمية SSRC. الاسد قام بأمر أكثر أهمية: نقل 70 100 صاروخ من كافة الانواع الموجودة في ترسانته الى حزب الله في المواقع التي بنيت من اجل تنظيم حزب الله في غرب سوريا. المقصود كان امداد هذا التنظيم بقدرات استراتيجية وكذلك تحصينه من الهجمات الاسرائيلية من خلال وضعه داخل سوريا حيث تخشى اسرائيل من التحرك هناك.

في الوضع الناشيء اليوم يمكن لحزب الله ان يطلق صواريخ الى كافة أجزاء اسرائيل تقريبا. مع اندلاع الحرب في صيف 2006 قال رئيس الموساد حينها مئير دغان ان لا جدوى من مهاجمة حزب الله من دون ابادة القواعد الموجودة في سوريا، وفي نهاية المطاف قرر اولمرت عدم شن الهجوم على هذه القواعد خشية نشوب حرب شاملة مع سوريا.

في شباط 2010 شخصت الاستخبارات الاسرائيلية قافلة شاحنات تنطلق من السفير مجتازة الحدود الى داخل لبنان. في اسرائيل اعتقدوا ان الشاحنات تحتوي على قطع من صواريخ سكاد التي يزود بها حزب الله في لبنان. هذا كان اجتيازا للخطوط الحمراء في نظر اسرائيل وطرح اقتراح على نتنياهو بضرب القافلة. نتنياهو تردد وفي نهاية المطاف قرر عدم شن الهجوم. بدلا من ذلك نقلت المعلومات للامريكيين. في الاول من آذار دُعي السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى، على عجل لوزارة الخارجية وهناك تلقى تحذيرا شديد اللهجة مفاده ان نقل الوسائل القتالية لحزب الله يخرق التوازن وقد يؤدي الى نشوب حرب. السوريون توقفوا عما يفعلونه على الأقل في تلك الفترة.

مصدر استخباري اسرائيلي مختص في مجال السلاح الكيماوي السوري يقول انه اذا نقل السلاح الى حزب الله فهذا لا يعني انه سيعرف كيف يستخدمه لأنه سلاح معقد ويحتاج الى عدد كبير من الاشخاص والمعلومات لاستخدامه بنجاعة. التطورات المختلفة بصدد الترسانة الكيماوية والصاروخية السورية لم تمر من دون تطرق من قبل اسرائيل. هذه الترسانة كانت في أساس قرار اسرائيل بذل ميزانيات هائلة بدعم امريكي لتطوير منظومة ‘حيتس’ المضادة للصواريخ التي تعتبر اليوم المنظومة الأكثر تطورا في العالم والتي يفترض بها ان تحمي اسرائيل من الصواريخ التي تطلق باتجاهها من ايران أو من لبنان. وفي موازاة ذلك تبذل اسرائيل جهودا كبيرة للتأكد من ان اغلبية السكان سيحصلون على أقنعة واقية من المواد الكيماوية.

الورقة الاخيرة

في اسرائيل وخصوصا في شعبة الاستخبارات العسكرية بذلت في العشرين سنة الاخيرة موارد كثيرة في محاولة لدراسة المنظومة الصاروخية السورية. في اسرائيل يتابعون الاستراتيجية القتالية السورية بالغازات أي متى ستستخدم سوريا هذا السلاح وما هو خطها الاحمر وإن كانت على العموم ستتجرأ على مهاجمة اسرائيل بهذا السلاح الذي قد يثير رد فعل اسرائيلي صعب. ‘بصورة عامة’، يقول مصدر استخباري اسرائيلي، ‘من الواضح انهم يرون بالسلاح الكيماوي عموما منظومة استراتيجية تحاول موازنة القدرات الاسرائيلية. في العادة يوجه السلاح الاستراتيجي لأن يكون المخرج الاخير لمن يستخدمونه. ونحن نعتقد ان السوريين ينظرون اليه على هذا النحو’.

وفقا للتقديرات في اسرائيل منذ عشر سنوات هناك في كل لحظة معينة عدة صواريخ مزودة بسلاح في.اكس جاهزة للاطلاق في سوريا في حالة حدوث هجوم اسرائيلي فجائي. اسرائيل تخشى من ناحيتها من الهجمة السورية الفجائية كما حدث في تشرين الاول 1973 ولذلك طالبت في اطار مباحثات السلام السرية التي جرت في فترة اهود باراك كرئيس للوزراء بضمانات شديدة بأن لا تهاجم سوريا اسرائيل بما في ذلك تحريك’فرقة الصدمة’ السورية الى الخط الواقع شمالي دمشق. بصورة غريبة قضية السلاح الكيماوي تحديدا لم تطرح على المداولات حتى من قبل اسرائيل نفسها.

أحد المشاركين الكبار في تلك المفاوضات يقول: ‘قبل توجهنا الى الولايات المتحدة تلقينا تقريرا كاملا حول مواقع وكميات انتاج وتخزين السلاح الكيماوي والتهديد الشديد الذي يلوح منه لمواطني اسرائيل. في نهاية المطاف نشأ حول طاولة المفاوضات نوع من توازن الرعب بالغمز: نحن لا نذكر السلاح الكيماوي السوري ومطلبنا بتفكيكه وهم لا يتحدثون عن مفاعل ديمونة وما يحدث فيه. كان من الواضح للجانبين من دون ان نتحدث عن ذلك علانية ان طرح القضية سيعقد المسألة بصورة ملموسة’.

في نهاية المطاف فشلت المباحثات رغم ان قضية السلاح غير التقليدي لم تطرح. تهديد الصواريخ السورية المزودة بالرؤوس الكيماوية ما زال مركزيا في خارطة التهديدات التي تواجهها اسرائيل والتي تستوجب الاهتمام بها في الخطط القتالية الاسرائيلية. من الناحية الاخرى يتوجب ان نذكر ان اسرائيل قد هاجمت سوريا ثلاث مرات في السنوات الثلاث الاخيرة على الأقل من دون استفزاز مسبق قصف المفاعل في دير الزور وتصفية عماد مغنية في دمشق وتصفية الجنرال سليمان في طرطوس. رغم ذلك لم يرد الرئيس الاسد لا بالوسائل الكيماوية ولا بأي وسيلة اخرى. هناك في اسرائيل من يعتقد ان من الممكن اعتبار ذلك تلميحا ايجابيا بأنه شخص منضبط ومعتدل يمكن عقد اتفاق سلام معه.

افتراض اجهزة الاستخبارات في غرب اوروبا هو ان الاسد لا يمتلك مصلحة في نقل اسلحته الكيماوية الى حزب الله. هو يعتبرها ورقة أخيرة في الساعة الاخيرة التي لم تصل بعد، وهو لا يريد فقدان السيطرة على هذه الورقة بالتأكيد. كما ان نصر الله من ناحيته لا يسارع الى حيازة سلاح الابادة الجماعية خشية ان يثير الامر حربا شمولية مع اسرائيل، وهو ليس معنيا بذلك الآن. في اوروبا يدعون انهم لم يروا بعد أية تدريبات أو تحضيرات من قبل حزب الله لاستيعاب السلاح الكيماوي، كما ان هذا التنظيم لا يمتلك القدرة على استخدامه.

فهل يمكن ان يستخدم الاسد هذا السلاح كمخرج أخير؟ هنا ايضا تعطي المصادر الاوروبية تقديرا معتدلا ومطمئنا ومفاده: اذا كان الحكم في دمشق سيصل الى شفا الانهيار الحقيقي فسيفضل قادته التفكير بايجاد ملجأ لأنفسهم على ان يقوموا بخطوة انتحارية كاستخدام السلاح الكيماوي. المطلوب الآن فقط التأكد من صحة اعتقادهم.

رونين بيرغمان

يديعوت 3/8/2012

قوات سي اي ايه الخاصة تعمل الى جانب المعارضة وتفتش عن طرف تتعاون معه في المرحلة القادمة

جيش الاسد ينهار تدريجيا تحت الضغط ولا بد من تزويد المقاتلين بصواريخ ارض جو

لندن ـ ‘القدس العربي’: شهدت فترته كأمين عام للامم المتحدة مذابح ابادة في رواندا وتطهير عرقي في البوسنة وحرب اهلية في دارفور والصومال، وتميزت مهامه في حفظ السلام فيما بعد خروجه من المنظمة الدولية بتحقيق نتائج متواضعة او فشل.

ومن هنا ومنذ بداية تعيينه مبعوثا عن الامم المتحدة والجامعة العربية كان كوفي عنان، يقوم بمهمة غير موجودة، لان كل الاطراف في النزاع لم تكن راغبة او لم تكن لديها الرغبة بالاستماع اليه وتطبيق خطته ذات النقاط الست، مما يعني ان المبادرة ولدت ميتة. ولعل ما ادى الى افشال المهمة هي الاطراف الخارجية التي ظلت تؤثر على هذا الطرف او ذاك، ومن هنا لم تكن مفاجأة ان يعلن عنان استقالته فما يحدث الآن في سورية حرب بين نظام يملك الاسلحة ومعارضة بدأت تضع يدها على اسلحة ثقيلة، كما تشير اليه التقارير من حلب التي لا تزال المعارك تدور فيها بين الطرافين. وعلى الرغم من تأكيد المبعوث الدولي والامين العام السابق ان المبادرة لا تزال قائمة لانها ليست مبادرته الشخصية بل مبادرة مجلس الامن، لكن الجميع يعرف ان وقت الدبلوماسية قد انتهى، المحزن لعنان انه لم يستطع اقناع الطرفين للاتفاق على ارضية مشتركة.

علامة مهمة

وبعيدا عن الفشل الدبلوماسي الا ان الاستقالة بحد ذاتها علامة مهمة في الصراع. فالمبادرة حسب صحيفة ‘الغارديان’ في افتتاحيتها كانت ومنذ البداية عاملا في تردي الوضع ولم تحسنه، فقد اعطت الموالين للاسد الفرصة لمواصلة عملياتهم فيما اصبحت العملية السياسية التي تحدث عنها الاسد طريقا لخروجه من سجنه او عزلته. كما ان خطة عنان عبرت عن الثغرة بين التوقعات والانجازات والتي استغلها الاسد وبطريقة اجرامية.

وتضيف ان الدبلوماسية المتجولة من بلد الى آخر لم تكن ولن تكون قادرة على التوافق مع الاحداث التي كانت تتطور سريعا على الارض. صحيح ان الاسد لم يطبق المبادرة، مع انه اوقف في شباط (فبراير) مؤقتا قصف المدن، لكن ما هو صحيح ايضا هو ان المعارضة لم تلتزم بها ولم تفكر مرة بجديتها بشكل يدفعها لوقف القتال. وتقول الصحيفة ان ما افشل المبادرة ليس بنودها لانه لم يكن هناك اي بديل حقيقي لوقف العنف – بل مجلس الامن الذي صوت عليها.

رصاصة الوداع

وعليه جاءت رصاصة عنان الاخيرة قبل ان يقول وداعا وهي ان سبب هزيمة مبادرته هو الانقسام الدولي الذي دعم حربا بالوكالة والتي افشلت جهوده، فيما فشلت كل من روسيا والصين وايران بمعرفة ان الاسد قد فقد شرعيته بالكامل، فيما فشلت هذه الدول بالضغط على الاسد الذي قال عنان انه يجب ان يرحل عاجلا ام آجلا. وكان عنان صريحا في نقده لكل من امريكا وبريطانيا وفرنسا وتركيا والسعودية وقطر بالضغط على المعارضة للموافقة على عملية سياسية ما تعمل من داخلها، فالمعارضة ليست متشرذمة بل وفشلت في الموافقة على شمل اي جزء من النظام القائم في العملية الانتقالية لمرحلة ما بعد الاسد. وتواصل بالقول ان الكتل المتنافسة في مجلس الامن ظلت تغذي الوحش الذي كان ممثلوها فيه يحاولون تدجينه. مشيرة الى انه لم يعد مهما ان يدعو ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين بعد اجتماعهما يوم الخميس كي يدعم قرارا شديدا ضد النظام السوري، لان روسيا استخدمت الفيتو ثلاث مرات. وتشير الى ان عنان شجب الدول التي تدعم وتسلح المعارضة بنفس شجبه لروسيا.

وعليه فرحيله يعني ان الاطراف التي غذت الحرب ستواصل ما تمنته ـ اي الحرب-، وحتى لو كان هناك حل عسكري للنزاع الذي كلف حتى الآن اكثر من 20 الف شخص، فلن يستطيعوا الخروج منه بسهولة لان الحل العسكري لم يعد موجودا. وتنهي بالقول ان الجيش السوري ضعيف الان اكثر مما كان عليه قبل شهرـ، مجهد من القتال ويعاني من الانشقاقات ومن القوة العسكرية المتزايدة للمعارضة، مشيرة الى ان حلب تمثل تحديا اكبر للنظام فهي بشوارعها وازقتها الضيقة تجعلها عصية على قوات الجيش مما يعني لجوءها الى استخدام القوة المفرطة التي لن تكون قادرة على انهاء التمرد.

سي اي ايه

وفي النهاية فرحيل عنان لم يقد ابدا الى مواجهة مع النفس والتفكير مليا بل وكما ذكرت وكالة انباء ‘رويترز’ فالرئيس الامريكي باراك اوباما وافق بشكل سري على دعم المخابرات الامريكية للجيش الحر. وبحسب التقارير فعملاء الاستخبارات الامريكية يقدمون المعلومات الاستخباراتية للجيش الحر عن مواقع قوات النظام، وكشفت تقارير في الايام القليلة الماضية عن مركز عمليات في قاعدة تركية في مدينة اضنة تنسق منها تركيا والسعودية وقطر جهود التسليح والتدريب للمعارضة وبمباركة امريكية، وهي التي قدمت للمقاتلين اجهزة اتصال واسلحة غير فتاكة بقيمة 25 مليون دولار. ويعتقد ان الامر الرئاسي للسي اي ايه يسمح للفرق المسلحة التابعة للمخابرات الامريكية بالعمل جنبا الى جنب مع مسلحي المعارضة حسب صحيفة ‘التايمز’. ويرى تحليل في الصحيفة نفسها ان عملاء الاستخبارات ربما كانوا يعملون من داخل سورية لوقت غير قصير، فهذه الوحدات او ما تعرف مجموعات العمليات الخاصة مسلحة جيدا وتوفر لاوباما غطاء على انه لا يتدخل في سورية، حيث يظل البنتاغون يؤكد انه لا قوات امريكية على الارض. ومن مهام القوات الخاصة ايضا توفير معلومات امنية تمكن المعارضة من تحديد مواقع الجيش السوري.

وفي ضوء التقدم الذي تحققه المعارضة فالاستخبارات الامريكية ستعمل على تحديد المرشح الافضل للتعاون معه في مرحلة ما بعد الاسد. واشارت الصحيفة الى ان ادارة اوباما كانت قلقة لدرجة انها اقترحت خيارات عسكرية للتعامل مع سورية وقامت البنتاغون برسم خطط طارئة، ضمت مناطق حظر جوي، وانشاء مناطق للاغاثة الانسانية لكن عندما سئل المسؤولون عن تدخل عسكري مباشر، اشاروا للنظام الدفاعي الجوي المتقدم الذي تملكه سورية. ونظرا للتحفظات لدى العسكريين في البنتاغون، التفت اوباما نحو سي اي ايه التي اتخذت عملياتها طابعا عسكريا، فمع ان مدير الاستخبارات الحالي الجنرال ديفيد بترايوس اكد انه لا يخطط لجلب فريقه العسكري معه ولا تحويل الوكالة الى منظمة ذات طابع عسكري لكن الوكالة تمت عسكرتها قبل دخول بترايوس مركزها الرئيسي في لانغلي، وتحت ادارة وزير الدفاع الحالي ليون بانيتا، حيث لعبت دورا في ملاحقة اسامة بن لادن والآن يأمل اوباما في ان يكون لعملائها دور في الاطاحة بنظام الاسد.

الجيش السوري يتداعى

في تقرير آخر لـ ‘نيويورك تايمز’ جاء فيه ان الجيش السوري الذي يقاتل على اكثر من جبهة ينهار ببطء، واشارت الى ان اعتماد الجيش على المقاتلات الحربية تظهر انه غير قادر على مواجهة حرب برية. وترى ان عدم قدرة المهندسين الحفاظ على فاعلية الآليات، وتزايد قوة المعارضة، وزيادة اعداد الجنود المنشقين تضع ضغوطا على اداء الجيش السوري. واضافت ان قوة السلاح الجوي السوري المكونة من 36 طائرة من نوع ام اي ـ 25 لا تستطيع تغطية جبهات متعددة في حلب وحمص وحماة. كما ان اعتماد الجيش السوري على القصف الجوي تحدد من قدرة قواته البرية على التحرك في مناطق شاسعة لم تعد تحت سيطرة الحكومة.

ونقلت عن جيفري وايت، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية السابق قوله ان الجيش سيبدأ بالانهيار، ليس مرة واحدة بل تدريجيا. وقال ان طول امد الحرب وزيادة الخسائر، حيث قتل من الجيش 1100 في الشهر الماضي، وخسارته المعدات التي بدأت المعارضة تحصل عليها منه، اثرت على معنويات الجيش وقدراته. وتزعم قوات المعارضة انها وضعت يدها على ما مجموعه 14 دبابة من نوع تي -72 وتي- 55 وكميات من الاسلحة وقطع الآليات. ويقول احد قادة المقاتلين ان الدبابات يقودها جنود انشقوا عن الجيش وكانوا يعملون في سلاح المدفعية قبل انشقاقهم.

وكاشارة عن حجم الضغوط المفروضة على قوات الجيش النظامي وسلاحه الجوي هي استخدامه المقاتلات (الـ 39) التي تستخدم للتدريب فوق وحول مدينة حلب. ويقول محلل عسكري ان واحدا من الاسباب لظهور المقاتلات في الجو هو ان الدبابات ليست لديها القنابل الكافية لاطلاقها. ويرى عسكريون امريكيون ان السلاح الجوي لم يعد رصيدا للجيش السوري لانه من بين 36 مقاتلة لن يتوفر الا 20 للخدمة يوميا. ولم يمنع هذا ‘ديلي تلغراف’ من الدعوة لتزويد المقاتلين بصواريخ ارض – جو فهي ترى في افتتاحيتها ان نهاية مهمة عنان فتحت الباب امام خيارات العمل العسكري ودعم المعارضة عسكريا.

صواريخ ارض ـ جو ضرورة وخطر

ففي افتتاحيتها تقول انه حان الوقت لانهاء الحرب، فرحيل عنان جلب الينا الرسالة القاسية، لان طرفي هذا الصراع قد كرسا نفسيهما للحرب – المعارضة التي تقاتل من اجل النصر، وبشار الاسد بسبب القمع الذي يعرفه. وتقول انه مع اغلاق اخر طريق لحل دبلوماسي للازمة فالدول المنخرطة في النزاع ستفكر الآن بالخيارات التي لم تكن تفكر بها من قبل، فتركيا وامريكا تناقشان فكرة السماح للدول الاخرى تسليح المعارضة وتزويدها بصواريخ ارض – جو، خاصة ان الاسد ارسل مقاتلات لتنفيذ هجمات على الارض. وتضيف الصحيفة ان مساعدة اعدائه لمواجهة تهديد طائرته ستعطي المعارضة قوة معنوية وعسكرية. ولكن الخطوة قد تكون متهورة لم تحمله من مخاطر وقوع هذه الصواريخ بأيد خطيرة في بلد تحاول فيه القاعدة وجماعات اسلامية متطرفة اخرى اختطاف ثورة شرعية. فالسلاح الذي يقصد منه اسقاط مقاتلات النظام قد يستخدم يوما ضد الطائرات المدنية. وفي الجانب الآخر فالفشل بتزويد المعارضة بالسلاح سيجعلها عرضة لغضب الديكتاتور. وتواصل القول انه في هذا المنعطف المظلم فان اي خيار يحمل معه مخاطر وما تأمله هو ان تتم الاطاحة بالاسد ونظامه. وتختم مذكرة بريطانيا والغرب انه عليهم الاعتراف ان اية نتيجة للنزاع ستكون خارج اطار سيطرتهم.

دبلوماسية الجودو

في لقاء كاميرون مع بوتين الذي زار لندن ‘بصفة شخصية’ لحضور فعاليات مباريات الجودو التي يعتبر واحدا من ابطالها، لوحظ ان المسؤولين تصادما حول سورية حيث اظهرت حركاتهما الجسدية وهما يراقبان واحدة من المباريات. ولم تكن نتيجة اللقاء الذي تم بينهما قبل المباراة الا الاتفاق على لقاء سيتم بين وزيري خارجتي البلدين، سيرغي لافروف وويليام هيغ. اخيرا فان نهاية مهمة عنان على المستوى الشخصي تمثل ضربة جديدة لجهوده كوسيط دولي في النزاعات. ولم ينجح منذ البداية في ان يكون وسيطا مقنعا للمعارضة او النظام، فقد تحول في الشارع السوري الى رمز للكراهية حيث اخذ المتظاهرون يهتفون باسمه واطلقوا عليه ‘صديق الاسد وايران’. لكن تصريحات عنان تظل صرخة من القلب.

الجيش السوري الحر في الداخل يدين ‘اعدام’ مقاتلين لاشخاص موالين للنظام

عميد سوري منشق: الجيش الحر لن يسمح بإقامة مناطق كردية

بيروت ـ انقرة ـ ا ف ب ـ يو بي آي: دان الجيش السوري الحر في الداخل اقدام مقاتلين معارضين على تنفيذ ‘اعدام ميداني’ في حق عناصر موالين للنظام في حلب، وتبرأ من العملية معتبرا اياها ‘عملا مرفوضا وفرديا وخارج اطار القانون’.

وشجبت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل في بيان ليل الخميس الجمعة ‘بقوة وشدة مثل هذه التصرفات اللامسؤولة’ ودعت ‘جميع قوى الثورة والكتائب الموجودة على الارض الى ادانته’، معتبرة اياه ‘عملا مرفوضا وفرديا وخارج اطار القانون ولا نتحمل اي مسؤولية عنه’.

وفيما اشار البيان الى ان ليس لدى القيادة تأكيدات عن نبأ ‘اعدام شبيحة في حلب’، اكد ان ‘مثل هذه التصرفات المشينة ليست من اخلاقيات الجيش السوري الحر وليست من اخلاقيات الثورة السورية المجيدة’.

وتابعت القيادة المشتركة للجيش الحر في الداخل ‘نحن نحترم ونلتزم القوانين والاتفاقيات الدولية وبشكل خاص اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالأسرى’.

وطالبت ب’اجراء تحقيق فوري وشفاف حول الحادثة الشنيعة لمحاسبة الفاعلين وفقا للقانون بعد التحرير في اطار حكومة الثورة المقبلة’.

واورد البيان من جهة ثانية معلومات عن قيام ‘الشبيحة’ الذي تم اعدامهم ‘بتوجيه طعنة في الظهر وقتل 15 جنديا من الجيش الحر’، الا انه رفض مع ذلك ‘الاعمال الانتقامية من اي مصدر اتى’.

ونشرت على موقع ‘يوتيوب’ على شبكة الانترنت في 31 تموز (يوليو) اشرطة فيديو تظهر مقاتلين وسط هتافات مؤيدة للجيش الحر يطلقون النار على اسير شبه عار وقد غطت الدماء وجهه بعد ان اوقفوه الى جانب رجال آخرين وجههم الى جدار، ويقتلونهم.

وذكر ناشطون ان الاسرى ينتمون الى عشيرة آل بري الموالية للنظام في حلب.

وعلى اثر الحادث، اقترحت لجان التنسيق المحلية السورية المعارضة ‘وثيقة عهد’ طالبت بان يتبناها عناصر الجيش الحر. وتنص هذه الوثيقة على توجيه السلاح ‘حصرا ضد النظام الأسدي المعتدي’، والابتعاد عن ‘اي سلوكيات او ممارسات تسيء الى مبادىء ثورتنا’، وتطبيق قوانين الاسرى، وعدم ممارسة ‘اي شكل من اشكال التعذيب او الاغتصاب أو التشويه او التحقير في حق الأسير’. من جهة اخرى قال عميد سوري منشق إن ‘الجيش السوري الحر’ لن يسمح بإقامة منطقة كردية على الأراضي السورية.

ونقلت وكالة أنباء ‘الأناضول’ عن العميد المنشق عبد الرزاق أصلان اللاز، قوله إن ‘الجيش السوري الحر لن يسمح بإقامة منطقة كردية على الأراضي السورية ولن يسمح بتقسيم البلد’.

وأضاف اللاز أن ‘النظام سلح بعض الفصائل الكردية لإثارة النعرات’، واعتبر أن ‘ التحركات العسكرية التركية على الحدود هي شأن تركي بحت’.

وقال إن ‘مطلب المنطقة الكردية ليس مطلب عموم الأكراد في سورية وإنما طلب مجموعة متنكرة لهم’.

وأشار اللاز إلى أنه سيتم ‘حماية جميع الحقوق السياسية والثقافية لكل المجموعات العرقية والدينية التي تشكل نسيج المجتمع السوري بما فيهم الأكراد’.

وكان اللاز أعلن انشقاقه عن وزارة الداخلية السورية في 10 تموز (يوليو) الماضي.

وكانت تقارير اشارت إلى سيطرة عناصر مسلحة من الأكراد على مناطق حدودية مجاورة لتركيا، ما أثار تحفظ السلطات التركية التي هددت بإجراءات لمنع إقامة منطقة كردية على حدودها.

تغطية النزاع في سورية اقرب الى عمل المخبر العامل لحسابه الخاص

قرب حلب (سورية) ـ ا ف ب: تكثر عمليات الدعاية والتزييف والتضليل الاعلامي في الحرب الدائرة في سورية سواء من النظام او المعارضة المسلحة ما يجعل من الصعب التثبت من ‘الحقائق’ التي يبثها هذا الطرف او ذاك.

وفي هذا النزاع وضع الصحافيون امام احد خيارين اما دخول شمال سورية حيث تخرج مناطق عن سيطرة النظام بطريقة غير شرعية وهو ما يفعله الكثير منهم حيث يتحركون بحماياتهم الخاصة، او محاولة الحصول على تاشيرات دخول من السلطات التي لا تمنحها بسهولة.

وكما هي الحال في ظل كل الانظمة المستبدة فان الصحافيين مجبرون على التنقل مع ‘مرافق’ من وزارة الاعلام ما يحد بشكل كبير من امكانية التواصل مع المعارضين ويثني الناس في الشارع عن الحديث بحرية. واذا ما عمد المراسل الى التخلص من ‘المرافق’ فغالبا ما يتم توقيفه من عناصر المخابرات.

وعلاوة على ذلك فاذا لم يعجب مقال الصحافي السلطات فانه لن يحصل على تاشيرة عمل في المستقبل. اما الصحافيون الذين يدخلون سرا الى البلاد، فتتم ‘معاقبتهم’ في حال القبض عليهم بعدم السماح لهم بدخول البلاد بشكل شرعي في المستقبل.

وبالنظر الى هذا الواقع فان معظم التغطية اليومية للنزاع تقوم اساسا على شبكات التواصل الاجتماعي ومعارضين يتم الاتصال بهم عبر سكايب او وسائل الاعلام الرسمية التي كثيرا ما تنكر ما يجري في الواقع.

وبحكم ان الحرب تدور على عدة جبهات فان وسائل الاعلام توظف مراسلين عرضيين يترتب عليها اختبار مصداقيتهم تدريجيا.

ويحاول صحافيون في مكاتب التحرير منذ بداية الاحتجاجات قبل اكثر من 16 شهرا، فرز سيل المعلومات واشرطة الفيديو التي ترسل يوميا عبر البريد الالكتروني وتبث عبر موقع يوتيوب، والتثبت من صحتها.

وازاء دعاية النظام والمعلومات المجتزأة من المسلحين المعارضين يعول الكثير من وسائل الاعلام على منظمة غير حكومية مقرها لندن هي المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يستند الى شبكة واسعة من الناشطين المعارضين والاطباء والمحامين.

ويقول رامي عبد الرحمن رئيس المرصد ان حصيلة القتلى والجرحى والمعلومات التي ترد يتم التثبت من صحتها من خلال عدة مصادر لا تعرف بعضها في المدينة ذاتها. ونادرا ما وقع المرصد حتى الآن في خطأ وان كانت حصيلته لعدد القتلى من المعارضين ادنى من الحقيقة.

وزاد من صعوبة التاكد من المعلومات توقف الامم المتحدة نهاية 2011 عن احصاء القتلى.

وتتعقد مهمة الصحافيين بالخصوص حين يتعلق الامر بمجازر مفترضة حيث تختلف الارقام بشكل كبير بين المصادر من ناشطين والمرصد وحتى منظمات دولية احيانا.

ومن الصعب على وجه الخصوص توضيح على ملابسات حالات القتل خصوصا حين تتم الاشارة الى بعد طائفي او اتني.

وتعذر على الصحافيين مثلا التاكد مما جرى في قرية الحولة (وسط) في ايار (مايو) التي شهدت مقتل نحو مئة شخص وتبادلت المعارضة المسلحة والنظام الاتهامات بالضلوع فيها.

واتهم المسلحون ‘العلويين’ بارتكاب مجزرة بحق ‘السنة’ في حين اتهم النظام ‘ارهابيين’ بتنفيذ المجزرة لاثارة ‘فتنة’. ومن المصادر الاخرى للمعلومات اجهزة الامن. ويقدم مسؤولون كبار في النظام معلومات يتم التعامل معها بحذر ومقارنتها بالمعلومات التي يقدمها المعارضون. وعادة يتنقل الصحافيون الذين يدخلون سورية عن طريق ‘وسطاء’ مع المعارضين المسلحين.

والمشكلة الاساسية هي ان هؤلاء المخبرين ليسو احرارا في تحركاتهم وهم عرضة ليكونوا هدفا لاي هجوم عسكري.

والتنقل لوحده معضلة. وحتى وان خرجت مناطق واسعة من شمال سورية قرب الحدود مع تركيا من سيطرة السلطات فان القوات النظامية و’الشبيحة’ لا يزال بامكانهم التدخل والسيطرة على قرية او مفترق طرقات.

واضطر فريق لوكالة فرانس برس احيانا للسير ليلا داخل منطقة تحت سيطرة الجيش السوري النظامي والتعرج بين المدن وسلوك مسالك فلاحية للوصول الى مدينة هي في الاصل قريبة جدا.

ويضاف الى هذه الظروف نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وشبكة الهاتف الجوال علاوة على العطل الذي يصيب انظمة الاتصال عبر الاقمار الصناعية وخطر استخدام هاتف الثريا الذي قد يدل السلطات على موقع الجهاز.

سوريا مغناطيس لمجــموعات الجهاديين

لم يعد يخفى على أحد وجود مجموعات إسلامية أصولية تقاتل في سوريا، نبتت فيها أو استُقدمت من الخارج. مجموعاتٌ تتألّف من خليط عربي إسلامي يُعدّ الفصيل الأقوى في الميدان، ويُشكّل العمود الفقري في المواجهة المحتدمة بين المعارضة والنظام. كما يتهيّأ هؤلاء لـ«مرحلة ما بعد (الرئيس بشار) الأسد»، فيُمنّون النفس بالنصر في «معركة بلاد الشام الكبرى» التي ستسبق «تمكينهم في الأرض» وقيام «إمارة الإسلام»، فيما يبدو واضحاً أن الجيش السوري الحر باتت لديه هواجسه من هذه المجموعات

رضوان مرتضى

تحوّلت سوريا مغناطيساً لجهاديي العالم. ومنذ بدء الأزمة، بدأت الهجرة إلى القِبلة الجديدة. «أرض الجهاد» هذه من منظورهم ستشهد «تحقق وعدٍ إلهي». إذ يعتقد هؤلاء أنهم المقصودون في كتاب القرآن بأولئك «الظاهرين على الحق الذين يقاتلون في أكناف بيت المقدس». ويستندون إلى أحاديث شريفة وقُدسية ذات دلالات غيبية، ليخلصوا إلى أنهم يخوضون «معركة فاصلة في بلاد الشام تسبق تحقق الوعد الإلهي القائل بإقامة دولة الإسلام». وفوق ذلك، يؤمن هؤلاء بأنهم «منصورون»، و«النظام في سوريا ساقطٌ لا محالة».

لقد جعلت نقطة الاستقطاب هذه من أرض الشام موطئ قدمٍ للجهاديين القادمين من بقاع الأرض تلبية لـ«نداء الجهاد». إزاء ذلك، انفلش دور الجهاديين في الميدان السوري.

وفي هذا السياق، تفيد مصادر جهادية لـ«الأخبار» بأن المقاتلين الأجانب يضمّون لبنانيين وأردنيين وعراقيين وفلسطينيين وكويتيين وتونسيين وليبيين وسعوديين ويمنيين. وتكشف عن «مقاتلين إسلاميين قدموا من أفغانستان وباكستان للمشاركة في الجهاد»، لافتةً إلى أن «أكبر وحدات الغرباء القتالية تتألف من مقاتلين لبنانيين وأردنيين وعراقيين وفلسطيينين»، سبق أن شاركوا في القتال ضد الولايات المتحدة في العراق. هكذا تدور سوريا في الفلك الجهادي. كما يؤلف هؤلاء مجموعات تقاتل تحت راية واحدة، لكن بأكثر من رأس. فهناك إلى «كتائب عبد الله عزّام» و«جبهة النصرة لبلاد الشام»، تبرز «مجموعة دوما المقاتلة». تتشارك هذه المجموعات الثلاث في الفكر التكفيري. فتستلهم رؤياها من كتاب «عودة رجال صلاح الدين»، القائل باستحالة دخول القدس من دون تطهير ما حولها. كتاب يناهز الـ 200 صفحة يحكي عن تجربة القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي ومنهجه في إصلاح الأمة من وجهة نظرٍ متشددة، محاولاً إسقاطها على الواقع الحالي. يعتبر مريدو هذا النهج أن «الواجب الجهادي لتحرير بيت المقدس يُحتّم إزالة النفوذ الباطني في بلاد الشام»، أي «طرد أو إبادة النُصيريين والروافض الذين يشكّلون حرس الحدود للإسرائيليين». ويعتقد المؤمنون بهذا الكتاب أنهم أولئك الذين «استُضعفوا في الأرض قبل أن يحين إذن الله لحكمهم». تمتاز هذه المجموعات بالخبرة القتالية التي تتفوّق بها على باقي المجموعات. وتكشف المعلومات الواردة من الداخل السوري أن هؤلاء يتهيأون لـ«المعركة الكبرى»، مؤكدةً أنها معركة سرية لم تكن تعلم بها مجموعات الثورة الليبرالية، لولا رصدها مجموعات إسلامية تدفن كميات كبيرة من السلاح من دون مبرر. وتفيد المعلومات التي تنقلها مجموعات تقاتل بمعظمها تحت لواء «الجيش السوري الحر» بأنّهم على يقين من أن «السلاح المدفون سوف يُستخدم بعد إسقاط النظام لمواجهتها»، كاشفةً عن سيناريو موضوع سلفاً يخطط لمحاربة المجموعات التي لا توافقها في الفكر للقضاء عليها.

وفي هذا السياق، يروي أحد مقاتلي «الجيش السوري الحر» لـ«الأخبار»، أن العناصر التابعين لهذا الجيش كانوا يتهكّمون على مجموعات مسلّحة متشددة، أُطلق عليها تسمية «جيش أبو الطماير»، كان أفرادها يدفنون السلاح في النصف الأول من الثورة. لم يكن يعلم هؤلاء الغاية من ذلك، لكن بمرور الأيام تكشّفت حقائق توجب قرع جرس الإنذار.

في موازاة المجموعات الثلاث الأكثر تشدداً، يبرز «لواء الأمة» كفصيلٍ جهادي. وُلِد على أيدي جهاديين ليبيين، مستمداً فكره من الفتوى القائلة بالجهاد في سبيل الله حتى تحرير سوريا والقضاء على الطاغوت وعصابته كـ«فرض عين» يتحتم على كل مسلم. قدمت نواته الأولى من ليبيا لـ«الوقوف إلى جانب الشعب السوري حتى تحقيق النصر وإقامة حكم إسلامي راشد». يستند هؤلاء إلى قواعد ثلاث: الالتزام بأحكام القتال في الإسلام فلا قتال مع غير العدو (فلا عدوان إلا على الظالمين)، ولا يَتحمل أحدٌ وزر أحد (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، ولا يُتعرض لمال ولا متاع (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها).

أما قياديو هذا اللواء، فهما القياديان البارزان في الثورة الليبية اللذان قاتلا تحت راية «لواء طرابلس»، الشيخ المهدي الحاراثي والشيخ عبد الحكيم المشرى. والحاراثي هو إمام مسجد النور ومؤسس مدرسة النور لتحفيظ القرآن في إيرلندا، ومؤسس مكتب الدعوة في دبلن. وهو أحد المشاركين في أسطول الحرية لغزة عام 2010، علماً بأنه سبق أن سُجن في معتقل بئر السبع في تل أبيب.

وهناك «لواء صقور الشام»، ينتشر مقاتلوه في محافظة إدلب وريف دمشق واللاذقية وريف حماه، وتحديداً في جبل الزاوية وخان شيخون ومنطقة أريحا وريف المعرة الشرقي والغربي وسراقب وإدلب المدينة وسرمين. يتردد أن عدد سرايا هذا اللواء يزيد على 50 سرية مقاتلة. يتولى قيادة هذه المجموعات السوري أحمد الشيخ المعروف بـ«أبو عيسى»، وهو من قرية «سرجة»، ويعدّ المحرك الأساسي والمرجعية الأولى. أما الكتائب التابعة له فهي: كتيبة محمد الخلف، وكتيبة داوود التي يقودها حسان العبود، وكتيبة أنصار الحق التي يقودها رشيد أبو عبدو، وكتيبة ذي قار التي يقودها عبد العزيز بن وسام، وكتيبة المهاجرين والأنصار التي يعرف قائدها بـ«أبو مصعب». وهناك كتيبة الخنساء يقودها «أبو شيماء». وأخيراً، كتيبة الشهيد محمد العبدالله التي يتولى قيادتها نضال الحج علي. وبين لواءي الأمة وصقور الشام، تبرز «كتيبة الأنصار» التي أنشأها «أبو علي الأنصاري»، أحد مقاتلي فتح الإسلام الذي «فرّ من السجن ليقاتل في حمص حيث استُشهد». ويعتبر هؤلاء أنهم المعنيّون بحديث النبي محمد القائل بأن «الله تكفل لي بالشام وأهله»، ثم قال «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون لا يضرّهم من خذلهم»، قاصدين كغيرهم أن بقعة القتال المقصودة هنا هي سوريا. ويعتقد هؤلاء بأن النصر آتٍ مذ رفع الثوّار شعار «ما لنا غيرك يا الله»، باعتبار أن «المدد بدأ حينها بإذن الله الذي أوجب الجهاد في سبيله». وهناك «كتيبة الشيخ حجاج العجمي». وينتشر مقاتلو هذه المجموعة في ريف البوكمال، علماً بأن بعض مقاتليها قدموا من ليبيا أيضاً. وفي هذا السياق، يُنقل عن أحد مشايخ السلفية الجهادية الموجود في سوريا قوله، نقلاً عن أحد الرواة التابعين: «تكون فتنة بالشام، كان أولها لعب الصبيان، ثم لا يستقيم أمر الناس على شيء، ولا تكون لهم جماعة حتى ينادي منادٍ من السماء». يستند هؤلاء إلى هذا الحديث للقول إن ما يجري في سوريا من احداث نفس الفتنة المذكورة في هذا الحديث. إضافة إلى ما سبق، يبرز اسم الشيخ أبو المنذر الشنقيطي (موريتاني الجنسية) الناشط الأبرز في الدعوة للمنظمة الجهادية السورية المعروفة باسم «جبهة النصرة لأهل الشام». ويُقدّر عدد المجموعات الجهادية المقاتلة في حمص بـ 23 مجموعة. تأتمر جميعها بإمرة «المجلس العسكري لمدينة حمص» الذي يضم: مجلس الشورى/ المجلس العسكري/ المجلس المدني.

يتألف مجلس الشورى من خمسة علماء دين يُطلق عليهم تسمية مشايخ. يُعدّ المسؤول الأول والأخير عن الفتاوى الشرعية وتنظيم الأمور الحياتية، علماً بأنه أعلى سلطة في حمص. إذ إنه يقرر الحرب والسلم، فضلاً عن توليه تأمين الدعم المادي للمقاتلين في مدينة حمص. أما المجلس العسكري، فيضم 16 قيادياً مهمتهم حماية مدينة حمص. وتتوزع مهماتهم بين الاستطلاع وتأمين الذخيرة وتوزيع المقاتلين على الخطوط الأمامية واستقبال المتطوعين الجدد وإيواء العناصر المنشقة، فضلاً عن تولّي استقبال المقاتلين العرب في صفوف الثورة. أما في ما يتعلق بـ«المجلس المدني»، فيعتبر المسؤول عن تأمين الطعام والدواء والمأوى للمدنيين والمقاتلين على حد سواء. يضم ثلاثين عضواً، يطلق عليهم الثوار تسمية «الخال»، فيما ينادى قائدهم بـ«الجد».

وتبرز بين المجموعات المقاتلة الموجودة في حمص «كتيبة الفاروق» التي تُعدّ الأشهر إعلامياً. تتبع لها 16 مجموعة تسمى سرايا الفاروق. يرأسها القائد العام الذي يُنتخب من بين الأعضاء الخمسة الذين يشكلون مجلس الشورى. يُعرف باسم الحجّي، في حين أن لقبه «أبو سفيان».

وتبرز بين هذه السرايا المقاتلة في حمص كل من سرية العبادلة، وسرية عمر بن الخطاب، وسرية المجاهدين، وسرية الأحرار وسرية حرائر حمص. وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة المجاهدين الأكثر سرية بين المجموعات، وتتألف من ٥٣ مقاتلاً متمرّساً يقودهم رجلٌ يُدعى عبد اللطيف، علماً بأن جميعهم شاركوا في القتال في العراق ضد الغزو الأميركي.

في موازاة كتيبة الفاروق، تبرز كتيبة خالد بن الوليد التي تتبنى فكر حركة الإخوان المسلمين. لا توجد معلومات مفصلة عن هيكليتها، إلا أنها تضم عدداً أقل من الثوار، بعضهم عرب، وبالتحديد ليبيون وتونسيون. ثقلها الأكبر في مدينة الرستن، ويتولى قيادتها النقيب المنشق همام الديك. ويصل تعدادها إلى قرابة 1200 مقاتل، علماً بأنها تنشط أيضاً في مناطق السلمية وحمص والقصير وتلكلخ.

أما المجموعات الخمس الباقية، فليست ذات تأثير كبير.

على الضفة المقابلة، وُلد خلال المعارك الجارية في حلب تنظيم جديد جمع عدداً من الكتائب المقاتلة تحت لوائه سُمّي «تجمّع كتائب شهداء سوريا» الذي يقوده جمال معروف، الذي كان يرأس «كتيبة شهداء جبل الزاوية». وينشط هذا التجمع القتالي في كل من حلب وإدلب وريف إدلب وحماه وريف حماه ودير الزور والرقة.

«الحر» ينفي وجود دور لـ«القاعدة»

يرفض قياديون في «الجيش السوري الحر»، وفي مقدمهم رياض الأسعد (الصورة)، التسليم بوجود مجموعات جهادية تقاتل تحت راية «تنظيم القاعدة» في المعارك الدائرة في حلب ومحيطها. ولدى مواجهتهم بالدلائل التي وثّقتها وسائل إعلامية عربية وغربية وروايات شهود عيان، يردّ هؤلاء بأن «عدد المقاتلين الجهاديين لا يتجاوزون بضع مئات». ليس هذا فحسب، بل يذهبون إلى القول إنه «لا دور فعلياً للمقاتلين الأجانب الذين لا يعرفون الأرض»، ولا سيما أن أحدهم يكشف أن «حلب وحدها تضم أعداداً هائلة من المقاتلين تتجاوز الـ 20 ألف مقاتل».

وفي ما يتعلق بنوعية السلاح الذي بات في حوزة مقاتلي المعارضة السورية، يؤكد أحد القياديين المعارضين أنهم استولوا على مضادّات للطائرات، مشيراً إلى أنهم غنموا دبابات ومدرعات من نوع شيلكا من الجيش السوري النظامي. وحول حقيقة امتلاكهم صواريخ مضادة للطائرات من نوع سام 7 وغيرها، يرد القيادي المذكور بأن لا حقيقة لها، زاعماً أن «تلك شائعات يبثّها النظام للحصول على ذريعة قصفنا بطائرات الميغ 23».

جهاديون «لتحرير الشام» من لبنان إلى الصومال

الحديث الغربي عن مشاركة جهاديين أجانب في القتال على الجبهات السورية لم يعد افتراضاً أو تشكيكاً في معطيات النظام السوري. فالمسؤولون الأمنيون والصحافيون رصدوا منذ أشهر مؤشرات عن وجود مقاتلين تابعين لتنظيم «القاعدة» أو «مقرّبين منه». ومع تصاعد حدّة المعارك ووصولها الى حلب ودمشق، ازداد الكلام عن دور الجهاديين والبعض قابلوهم في الميدان، ليؤكدوا أن سوريا باتت كمغناطيس جاذب للجهاديين، الذين يتقاطرون إليها من كل حدب وصوب، معتمدين على خبرات قتالية اكتسبوها في العراق وأفغانستان

صباح أيوب

التفجيرات التي هزّت المدن السورية منذ كانون الاول عام ٢٠١١، والتي قال النظام السوري إنها تحمل بصمات تنظيم «القاعدة» وأسلوب عمله، قوبلت بفتور غربي تضمّن تشكيكاً في الاتهامات الرسمية، لكن اللهجة الغربية بدأت تتغيّر منذ أشهر قليلة، وما كان يراه بعض المحللين والمسؤولين «تهويلاً مقصوداً من نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد»، بدا في كتاباتهم وتصريحاتهم اليوم واقعاً وحقيقة ميدانية بالأرقام و… بالصوت والصورة.

أشرطة الفيديو الآتية من سوريا ــ التي مثّلت المصدر الأساس للمقالات والتحليلات منذ بداية الأزمة ــ تغيّرت على نحو جذري بالنسبة إلى بعض المتابعين الغربيين: فالمقاتلون الذين جلسوا أمام الكاميرات يقسمون بأرواحهم على «تحرير سوريا من الطاغية الأسد» تحت راية علم الثورة السورية، حلّ محلّهم مسلّحون ملتحون يعلنون، تحت رايات «القاعدة» السوداء، «إقامة خلايا سرية للمضي في الجهاد» و«إسقاط النظام العلوي». «حتى إن كلام بعض قادة الجيش السوري الحرّ أنفسهم بدأ يشبه الى حدّ بعيد لهجة الجهاديين في بياناتهم».

ميدانياً، لم تعد الأخبار الآتية من محافظة إدلب تقتصر على «فصول سيطرة الجيش الحرّ على مناطقها»، بل باتت تحكي عن «انتشار مجموعات جهادية متطرفة بكثافة» وعن «رفع أعلام القاعدة في التظاهرات» و«تغيير الشعارات التي تهتف خلالها».

أخبار الجبهات الحدودية واضحة أيضاً، وصحافيو الحدود السورية ــ وخصوصاً الحدود مع تركيا ــ التقوا عشرات «الجهاديين القادمين من السعودية والامارات ومصر والعراق ولبنان والاردن وليبيا والمغرب العربي والشيشان والصومال وبنغلادش وباكستان…». ومن لم يلتقهم شخصياً تحدّث معهم عبر «سكايب».

حتى أخبار الخطف باتت تعلن صراحة عن الجهة الخاطفة: «جهاديون يتكلمون بلكنة إنكليزية خطفوا مصوّرين صحافيين أثناء عبورهما الحدود مع تركيا».

أسماء كتائب ومجموعات إسلامية جهادية عادت للظهور مجدداً مثل «جبهة النصرة لأهل الشام» و«كتائب عبد الله عزام» و«فتح الإسلام» و«أحرار الشام» و«كتائب البراء بن مالك» و«أسود السنّة» وغيرها…

«هكذا حلّت الرموز الدينية مكان الوطنية… ومن سخرية القدر أن ما كان يكرره الأسد منذ البداية حول حرب الجهاديين والمتطرفين بات أقرب الى التصديق اليوم»، علّق بعض الصحافيين.

الجهاديون هنا اذاً، فلم لا يعلن تنظيم «القاعدة» صراحة عن ذلك، ولمَ لا يتبنى العمليات التي يقوم بها؟ لم لا يزال المعارضون السوريون متمسكين بنفي الأمر وإنكاره؟ أين هم الجهاديون وكم عددهم؟ أسئلة كثيرة تشغل المحللين. بعض مصادر المعلومات الصحافية حول تحركات الجهاديين وأعدادهم استخبارية، وبعضها الآخر جاء على لسان مقاتلين ميدانيين في صفوف «الجيش السوري الحر»، كما أن بعض الصحافيين تحدّث مع الجهاديين وقابلهم وتعرّف على «جهادهم في سبيل إسقاط الكافر بشار».

الأمر «ليس مفاجئاً»، يكاد يجمع المحللون، إذ إن سوريا اليوم «هي مغنطيس جاذب لكل تلك المجموعات المتطرفة التي تحاول بناء قواعد لها في ظلّ الفوضى والأزمة المحلية». أضف إن «الشحن الديني المذهبي بلغ ذروته، والسلاح مؤمّن كالمال».

نموذج إدلب

«كما في الصومال والشيشان ومالي واليمن والعراق»، عدّد المحللون نماذج عن أرضيات خصبة استغلها الجهاديون ليثبتوا وجودهم فيها و«يقلبوا نزاعاً محلياً لصالحهم».

«القاعدة في العراق» هو المصدر الأساس لتصدير الجهاديين الى سوريا، يتفق معظم الصحافيين. «لقد كسبنا خبرة بقتال الأميركيين وسنكسب المزيد منها في الثورة السورية»، يقول أحد مجاهدي «القاعدة» في الحويجة قرب كركوك العراقية لمراسل «ذي نيويورك تايمز» الاميركية. «أملنا هو بإنشاء دولة سوريا ـــ العراق الإسلامية ثم إعلان الحرب على إيران وإسرائيل وتحرير فلسطين» يضيف الجهادي.

كاتب مقال الـ «تايمز»، رود نوردلاند، يذكّر، كما معظم زملائه، بكلام مدير الاستخبارات القومية الأميركية جايمس كلابر خلال شهادته أمام الكونغرس في شباط الماضي عن «أن الهجمات ضد مقار حكومية وأمنية في دمشق تحمل كل علامات أساليب القاعدة». نوردلاند يضيف إن «كلابر وشهوداً آخرين من الاستخبارات عزوا الأمر الى انتشار «القاعدة في العراق» داخل الاراضي السورية». نوردلاند يذكّر أيضاً بكلام زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري وثنائه على أداء الجهاديين في سوريا وتلقيبهم بـ «أسود المشرق».

الصحافي نيل ماكفاركر في «ذي نيويورك تايمز» أيضاً، كتب مقالاً مطوّلاً حول «تعاظم دور الجهاديين في الحرب السورية». ماكفاركر يقول إنه «في الأشهر الاخيرة شهدنا صعود منظمات مسلحة أوسع وأقوى وأكثر تنظيماً تتبنى أجندة جهادية». ويتابع «حتى إن الحركات الأقلّ حماسة أحاطت نفسها بهالة إسلامية معلنة لأن ذلك يجذب الأموال الداعمة».

الصحافي يعطي محافظة إدلب كمثال على انتشار تلك المجموعات الجهادية «بكثافة»، التي «شنّت هجمات كبيرة على أهداف حكومية هناك». ماكفاركر ينقل عن أحد قادة «الجيش السوري الحر» في سراقب قوله «إن تلك المجموعات تنمو على نحو سريع في إدلب وتزداد قوة ونفوذاً ولم نرد أن ندخل في علاقة متوترة معهم». ويروي المقال أن «المجموعة الجهادية طلبت من قادة أحد مجالس الثورة في المحافظة رفع علم «لا اله الا الله» خلال تظاهرات الجمعة، وبعدما رفض الثوار المحليون الأمر رفع الجهاديون العلم رغماً عنهم… ما سبّب بعض التوترات».

الضابط في الجيش السوري الحرّ في سراقب يروي للصحافي أيضاً أنه «عندما عرض على الجهاديين الانضمام اليه حصل اختلاف حول تسمية الكتيبة الموسعة، إذ إن الجهاديين رفضوا كل اسم يتضمن كلمة سوريا كرمز للوطن».

لكن الصحافي الاميركي يشير الى أن «الجهاد بات صرخة مميزة بين الحشود الهاتفة». ويستشهد ماكفاركر بشريط نشر على موقع «يوتيوب» يظهر فيه قائد الكتائب الموحدة حديثاً والمقاتلة في حلب يقول لمقاتليه «من لم تكن أهدافه لله فليبقَ في منزله، أما من سيقاتل لله، فليمضِ للجهاد ولتكتب له الجنّة». الـ «تايمز» كما غيرها من الصحف ومراكز الابحاث، تحدّثت عن ظهور لـ «القاعدة» في شمال سوريا «وخصوصاً في منطقة باب الهوا الحدودية مع تركيا».

رغم كل ذلك ينقل ماكفاركر عن بعض المعارضين السوريين قولهم إنه «لا دليل حسياً فعلياً على وجود القاعدة أو مقاتلين من جنسيات مختلفة على الجبهات السورية، وإن وجدوا فأعدادهم ضئيلة جداً».

لكن معظم المحللين وبعض الصحافيين الميدانيين التابعين لوكالات الأنباء العالمية أكدوا وجود جهاديين من جنسيات عربية وأوروبية وأفريقية، وأجروا مقابلات معهم.

من المغرب والشيشان وباكستان

هارون ي. زيلين، كان قد أشار في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» منذ حزيران الماضي إلى أن «مقاتلين أجانب يتسللون للمشاركة في الثورة السورية». وقدّر نسبة هؤلاء بـ ٤ الى ٧٪ من مجموع المقاتلين في سوريا. زيلين يعدد البلدان التي أتى منها المجاهدون الى سوريا. ويقول إن أكبر الوحدات الوافدة ضمّت لبنانيين وأردنيين وعراقيين وفلسطينيين ممن قاتلوا في حرب العراق. وثانية أكبر الوحدات، جاء مقاتلوها من شمال أفريقيا. زيلين يشرح أن بعض تلك المجموعات الجهادية «على علاقة وتنسيق مع الجيش السوري الحرّ»، أما البعض الآخر، «فيعمل على نحو مستقل بصفة جهادية بحتة».

يخلص المحلل إلى أنه على الرغم من حجمهم البسيط نسبياً فإن ظاهرة الجهاديين في سوريا «تستحق النظر والمراقبة ـــــ فالمقاتلون الأجانب في سوريا لم يشكلوا قوة معلومة حتى الآن، لكن كلما استمر الصراع وزادت محاولات الجهاديين للمشاركة في القتال، زادت أرجحية أن يكون لهم نفوذ يتجاوز حجمهم وقدراتهم الفعلية». لذا، يطلب المحلل من واشنطن «أن تعمل مع حلفائها في تركيا ولبنان والأردن والعراق من أجل حماية الحدود من أعمال التسلل، وأن تتعامل مع الخطابات المتطرفة المنبعثة من المملكة العربية السعودية، حيث يقوم بعض رجال الدين السعوديين بتحريض الأفراد على شن حرب جهادية شعواء على نظام الأسد».

وفي هذا الإطار، يلفت باتريك برينين، على موقع «ذي ناشيونال ريفيو»، الى أن «العوامل التي تسمح للجهاديين بالاندساس في سوريا اليوم هي التي ستحدد أهمية دورهم في مرحلة ما بعد سقوط الأسد».

ظاهرة الجهاديين الأجانب في سوريا، أكدها قبل أيام المصور الألماني الذي أطلق سراحه بعدما خطف مع مصوّر بريطاني من قبل إحدى المجموعات الجهادية على الحدود السورية ـــــ التركية. «أحد الجهاديين داكن البشرة صرخ قائلاً هؤلاء صحافيون وسيعلمون أننا نحضّر للجهاد في هذا المكان»، يذكر المصور في حديث صحافي. «معظم الخاطفين قالوا إنهم من بنغلادش وباكستان والشيشان، وأغلبهم تكلّم بلكنة إنكليزية واضحة ومتقنة، ووعدوا بتطبيق الشريعة في سوريا وتحويلها الى دولة إسلامية بعد سقوط الأسد»، يضيف المصوّر.

«كيف لا يكون الجهاديون والمقاتلون الاجانب جزءاً من صورة المعارك السورية الآن؟»، يسأل الباحث في «مجموعة الأزمات الدولية» بيتر هارلينغ في حوار على موقع «مجلس العلاقات الخارجية». هارلينغ لا يبدو متفاجئاً أبداً بمشاركة الجهاديين في المعارك السورية، إذ يرى أن «قتال نظام علوي، وغياب أي أيديولوجية واضحة وموحدة في صفوف المقاتلين المعارضين، وعدم التدخل الغربي، وإغداق الأموال الخليجية» عوامل أدت الى «تطرّف الصراع القائم في سوريا حالياً، وجذب الحركات الجهادية»، لكن هارلينغ متفاجئ من «عدم تصاعد دور الجهاديين حتى الآن». وهو يعزو السبب الى أنهم «تعلموا الدروس من تجربتهم في العراق، حيث أدى ارتكابهم للجرائم الكبيرة المتكررة الى نهايتهم».

الاشتباكات مستمرة في حلب… والجيش يقتحم حيّ التضامن

استمرت الاشتباكات العنيفة في حيّ صلاح الدين في مدينة حلب، حيث لا تزال قوات النظام تحاول اقتحامه، كما شهد حي التضامن في دمشق مواجهات، حيث أفاد ناشطون عن اقتحامه من القوات النظامية، وعن قصف على حيّ القدم. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان له، «تدور اشتباكات عنيفة في حي صلاح الدين، وتترافق الاشتباكات مع قصف للحي»، كما أشار الى تمدّد الاشتباكات الى حيّ المارتيني، كذلك أفاد المرصد عن استمرار الاشتباكات العنيفة في حيّ التضامن، مترافقة مع قصف قتل فيه ستة أشخاص. وقال المرصد إنّ القوات النظامية اقتحمت حيّ التضامن «بعدد كبير من العناصر والآليات العسكرية الثقيلة، بعد اشتباكات استمرت منذ الصباح، ووردت معلومات عن سقوط المزيد من الشهداء». وأفادت «الهيئة العامة للثورة السورية» عن قصف واطلاق نار في معظم أحياء مدينة حماة، وبينها حيّ الأربعين.

وفي السياق، قال نشطاء إن القوات السورية قتلت 20 فرداً في اشتباكات مع المعارضين المسلحين في حي صلاح الدين، فيما قالت الأمم المتحدة إن هجوم الجيش المتوقع منذ فترة طويلة لاستعادة مدينة حلب بات وشيكاً. وقالت مصادر في المعارضة إن القوات النظامية قتلت أكثر من 110 أشخاص في سلسلة هجمات في أنحاء البلاد خلال اليومين الماضيين.

كذلك تدور اشتباكات عنيفة، منذ ثلاثة أيام، في مدينة الميادين، في محافظة دير الزور، بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين يحاولون السيطرة على المقار الأمنية فيها، بحسب ما ذكر «المرصد». وأوضح المرصد «أن الريف الشرقي بات في مجمله بين أيدي المعارضين، باستثناء مدينتي الميادين والبوكمال (على الحدود مع العراق)، اللتين تدور فيهما معارك عنيفة». وأشار إلى أن المقاتلين المعارضين سيطروا، أول من أمس، على مركز أمن الدولة في الميادين ورفعوا عليه «علم الثورة»، وذلك بعد انسحاب عناصره منه، وقتل عشرة عناصر من قوات الامن السورية، وعدد من المقاتلين المعارضين.

وكانت المعارضة السورية قد دعت الى التظاهر، أمس، تحت شعار «دير الزور: النصر القادم من الشرق». وذكر المرصد أن التظاهرات شملت في مدينة حلب أحياء الهلك، وسيف الدولة، والشعار، والسكري، وحلب الجديدة والفردوس، والفرقان، وبستان القصر. وأشار المرصد الى تظاهرات، كذلك، في عدد من القرى والبلدات في ريف حلب، ومناطق مختلفة في سوريا. من جهته، أعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أنّ بريطانيا ستزيد من دعمها للمعارضة السورية بالمعدات «غير المميتة». وقال هيغ، لإذاعة «بي بي سي4»، «نحن نقدم مساعدة الى عناصر من المعارضة السورية، لكن غير مميتة»، مشيراً الى «أجهزة اتصالات وأشياء أخرى» والى «اننا سنزيد من ذلك في المستقبل». وشدد على أنّ «هذا لا يشمل التزويد بالسلاح».

ورداً على سؤال عن احتمال مشاركة أجهزة الاستخبارات البريطانية في عمليات للاستخبارات المركزية الأميركية لمساعدة المعارضين المسلحين، أوضح هيغ أنّه «لا يعلق أبداً على قضايا الاستخبارات». ورأى الوزير البريطاني أنّه لا ينبغي لرحيل أنان أن ينهي الجهود الدبلوماسية. وقال إن مسار التفاوض «لم يمت، لكن يحق القول اننا ازاء لحظة قاتمة ليس فقط للشعب السوري، بل أيضاً لجهودنا الدبلوماسية».

في موازاة ذلك، منحت وزارة المالية الأميركية «مجموعة الدعم السورية» ترخيصاً يخوّل لها دعم «الجيش السوري الحر» مالياً. وقال المتحدث باسم وزارة المالية الاميركية، جون سوليفان، «إن الوزارة اجازت لمجموعة الدعم السورية الانخراط في انشطة مالية غير محظورة مع الجيش السوري الحر». ورغم أن هذا الترخيص لا يسمح للمجموعة بشراء معدات عسكرية أو معدات ثقيلة، بل يسمح لها بتمويل الجيش الحر مالياً فقط، فإنه يسمح للمجموعة بدعم الجيش الحر بوسائل الاتصالات والمعدات اللوجستية وخدمات أخرى. ويذكر أن مجموعة الدعم السورية قد أنشئت في مطلع العام الجاري، للضغط من أجل الحصول على دعم أميركي للمقاتلين المعارضين، وتتكون من عدد من المغتربين السوريين. وقد أسس المجموعة لؤي السقا، وهو مغترب سوري يحمل الجنسية الكندية.

إلى ذلك، نفت وزارة الدفاع الروسية، تقريراً نُسب إلى مصدر في هيئة الأركان العامة، قوله في وقت أمس، إن روسيا أرسلت ثلاث سفن إنزال على متنها جنود من مشاة البحرية، لزيارة منشأة الصيانة البحرية الروسية في طرطوس.

في سياق آخر، طالبت منظمة العفو الدولية بأن يكون تحقيق «الجيش السوري الحر»، حول قتل 14 شخصاً من عشيرة آل بري بطريقة غير قانونية في مدينة حلب، مستقلاً وشاملاً وغير متحيّز، وبإحالة نتائجه إلى لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا. وقالت المنظمة إن لجنة التحقيق هي المسؤولة عن رصد وتوثيق وإبلاغ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمثل هذه الحوادث، للقيام بأي ملاحقة قضائية إذا ما أُحيل الوضع في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية. وأضافت أن أفرداً من عشيرة آل بري الموالية للحكومة ظهروا بشريط فيديو في وسائل الاعلام الاجتماعية، زُعم بأن لواء التوحيد في «الجيش السوري الحر» صوّره، وهم يُعدمون رمياً بالرصاص.

من ناحيته، أعلن رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، انتونيو غوتيريس، أمس، عن الحاجة الى وضع «خطط طوارئ» في ضوء التصاعد المحتمل للنزاع في سوريا. ورأى غوتيريس، خلال مؤتمر صحافي، أن العمل الذي تقوم به المفوضية مع اللاجئين السوريين الى الدول المجاورة «لا يرتبط مباشرة بما يحدث في سوريا»، لكنه أكد أيضاً أن المفوضية تعمل على مساعدة اللاجئين والنازحين داخل البلاد بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري.

(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

اتفاق روسي ــ سوري بشأن النفط

قال نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، إن سوريا تنتج نحو 200 ألف برميل يومياً من النفط الخام ووافقت على تصديرها إلى روسيا، مقابل الحصول على البنزين والديزل. مؤكداً «نحن مستعدون لإرسال كل نفطنا وتسلم ما نحتاج إليه من البنزين والديزل». وفي سياق آخر، اعتبر جميل أنّ استقالة كوفي أنان جاءت احتجاجاً على السلوك الغربي الأوروبي والأميركي المعرقل لتنفيذ مهمته، معتبراً أنه لا يوجد حلّ عسكري للأزمة السورية. ونقلت قناة «روسيا اليوم»، عن جميل الموجود في روسيا، في ردّه على سؤال حول ما حققته المعارضة الموجودة داخل الحكومة، أنّه «أطلقنا عملية سياسية جديدة عبّرت عن إرادة سياسية جديدة بالمصالحة الوطنية، ونضع الأساس لحلول متوسطة وبعيدة المدى من أجل النهوض بالاقتصاد السوري بعد اليوم الأول من انتهاء الأزمة». وأقر بأن «العقوبات والحصار على سوريا أثرت بلا شك على الوضع الاقتصادي، ولم نكن مستعدين تماماً لمواجهة مثل هذا الوضع، ولكن لدينا أصدقاء كثر في العالم، ويمكن التكيف مع منظومة العقوبات الجائرة».

(رويترز، يو بي آي)

ليفي ينتقد هولاند: خطط الهجوم جاهزة

انتقد المفكر برنار هنري ليفي، الذي كان من أوائل مؤيدي التدخل الأجنبي في ليبيا، سياسة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إزاء سوريا. وقال ليفي، في مقابلة صحافية، إن هولاند فشل في تحقيق وعوده الانتخابية بتكثيف الجهود «لإزاحة» الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة. وأضاف «أحبطني هولاند. أعطيت صوتي له في وجه ما قد يكون أكبر اختبار تاريخي وسياسي وأخلاقي خلال فترة رئاسته». وأضاف ليفي «إن نفس النهج الذي اتبع مع ليبيا يجب أن يتبع مع سوريا»، وتابع «خطط الهجوم جاهزة. والكل يعرف أن توجيه ضربة مميتة للنظام لن يأخذ الكثير. كل ما نحتاج إليه هو طيار».

(رويترز)

هجوم على مبنى الاذاعة في حلب واشتباكات على اطراف دمشق

أ. ف. ب.

دمشق: اكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس السبت ان شهر تموز/يوليو كان “الاكثر دموية” في سوريا منذ بداية حركة الاحتجاجات فيها منتصف اذار/مارس 2011.

وقال عبد الرحمن ان اكثر من 4239 شخصا قتلوا في شهر تموز/يوليو.

وتضم هذه الحصيلة 3001 مدني بينهم المدنيين الذين حملوا السلاح بالاضافة الى 1133 جنديا و105 منشقين، بحسب مدير المرصد.

واوضح عبد الرحمن ان شهر حزيران/يونيو ياتي بالترتيب الثاني من حيث عدد القتلى الذين بلغت حصيلتهم 2917 قتيلا، مشيرا الى ان “الحصيلة تزداد دموية شهرا بعد اخر”.

وكانت حصيلة القتلى، من 12 نيسان/ابريل الى 12 ايار/مايو، انخفضت الى 989 شخصا لدى قدوم بعثة المراقبين الدوليين.

واتخذ الصراع منحى اكثر عنفا عند بداية عمليات الاقتتال في دمشق وحلب، المدينتين الاكثر اهمية في البلاد.

ولا تتضمن هذه الحصيلة “الاف المعتقلين الذين ما يزال مصيرهم مجهولا كما لا تشمل القتلى مجهولي الهوية” حسبما يشير عبد الرحمن.

ولا يمكن الحصول على حصيلة القتلى من مصدر مستقل منذ ان اوقفت الامم المتحدة احصاء الضحايا.

وقام معارضون مسلحون السبت بمهاجمة مبنى الاذاعة والتلفزيون في مدينة حلب (شمال) فيما دارت اشتباكات عنيفة بين “مقاتلين من الكتائب الثائرة” والقوات السورية في حي يقع على اطراف العاصمة السورية.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان فان “مقاتلي الكتائب الثائرة” قامت بتفجير عبوات ناسفة في مبنى الاذاعة والتلفزيون في العاصمة الاقتصادية حلب قبل ان ينسحبوا من محيطه اثر القصف من الطائرات الذي تعرضت له المنطقة المحيطة بالمبنى.

واكدت وكالة الانباء الرسمية (سانا) من جهتها ان “مجموعات من المرتزقة الارهابيين هاجمت المدنيين والمركز الاذاعي والتلفزيوني في منطقة الاذاعة بحلب وتصدت قواتنا المسلحة الباسلة لهم”.

واشار التلفزيون السوري في شريط اخباري الى “مقتل واصابة عدد كبير من الارهابيين خلال محاولتهم اقتحام المركز الاذاعي والتلفزيوني في حلب”.

وفي حلب ايضا، دارت “اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية السورية” في محيط حي صلاح الدين الذي يسيطر عليه المتمردون، بحسب المرصد.

وفي دمشق، اضاف المرصد في بيان ان “اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية”في حي التضامن الذي “يتعرض لقصف هو الاعنف” حسبما نقل المرصد عن نشطاء في الحي.

كما دارت اشتباكات في حي جوبر وحي دمر حيث شوهدت سحابة دخان.

وكانت سانا افادت عن ملاحقة القوات السورية “لفلول الارهابيين المرتزقة في حي التضامن واشتبكت معهم وأوقعت في صفوفهم خسائر فادحة”.

وأسفرت العملية عن مقتل واصابة عدد من “الارهابيين والقاء القبض على عدد اخر اضافة الى مصادرة أسلحة وذخيرة متنوعة وأدوية وتجهيزات طبية مسروقة” بحسب سانا.

ياتي ذلك فيما قتل السبت 13 شخصا خلال اعمال عنف في سوريا بينهم ستة في دمشق وريفها وستة في دير الزور (شرق) واخر في اللاذقية (غرب).

فرنسا تطور المساعدات

في غضون ذلك، صرح سفير فرنسا في الامم المتحدة جيرار ارو السبت ان باريس ستنتهز فرصة رئاستها لمجلس الامن الدولي في آب/اغسطس لتطوير المساعدة للشعب السوري في غياب تقدم سياسي بسبب موقف روسيا، محذرا موسكو من “كارثة نهائية”.

وقال ارو انه بشأن “التقدم على الصعيد السياسي، علي الاقرار بانني اعتقد انه صعب”.

لكن هناك امور يمكننا تحقيقها “من وجهة النظر الانسانية لاننا ننسى انه وراء العراقيل في مجلس الامن الدولي او استقالة (كوفي) انان، هناك معاناة السوريين”.

وتولت فرنسا في الاول من آب/اغسطس الرئاسة الدورية لمجلس الامن الدولي.

ومن ناحيتها، تبنت “جبهة النصرة” التي سبق ان اعلنت مسؤوليتها عن عمليات تفجير عدة في سوريا خلال الاشهر الماضية، في بيان مقتل المذيع في التلفزيون السوري الرسمي محمد السعيد الذي خطف منتصف تموز/يوليو.

ونشر البيان الذي يعلوه علم يمثل تنظيم القاعدة ويحمل صورة للاعلامي وهو حي مرتديا قميصا ازرق ومتكئا على الحائط مكتوف اليدين، على الموقع الالكتروني “لشبكة انصار الشام”. وتنشر “جبهة النصرة” بياناتها على هذا الموقع عادة.

وقال البيان الذي يحمل الرقم 41 “من فضل الله تعالى على المجاهدين في جبهة النصرة، تمكن ابطال الغوطة الغربية من اسر الشبيح الاعلامي محمد السعيد بتاريخ 19 تموز/يوليو وتم قتله بعد التحقيق معه”.

واشار الى ان هذه العملية وغيرها لعلها تكون “عبرة لكل من يساند هذا النظام الطاغوتي ان يتوب الى الله”.

وتابع البيان ان “الحرب التي اعلنها النظام على سوريا واهلها قد طالت كل شيء وقد استخدم فيها كل شي، ومما استخدمه اعلام الدولة الذي دفع الناس ثمن معداته”.

ولم يورد التلفزيون السوري اي خبر يتعلق بمقتل المذيع. وقال مدير التلفزيون معن صالح ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ان “لا دليل مادي على صحة الخبر”.

وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد عبرت عن قلقها ازاء مصير المذيع في 24 تموز/يوليو، داعية خاطفيه الى اطلاق سراحه مشيرة الى ان “اطراف النزاع لا يجب ان تستهدف وسائل الاعلام والصحفيين، سواء اكانوا محترفين او مواطنين”.

وتبنت المجموعة نفسها التي لم تكن معروفة قبل الاضطرابات في سوريا في اشرطة فيديو وبيانات سابقة عمليات تفجير في دمشق وحلب (شمال) ودير الزور استهدفت في معظمها اجهزة امنية سورية.

الولايات المتحدة ثابتة على موقفها في رفض تسليح الثوار السوريين

أ. ف. ب.

تتمسك الولايات المتحدة برفضها ضخ السلاح في نزاع معقد، على الرغم من زيادة دعمها لمقاتلي المعارضة السورية وفشل مهمة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان.

الامين العام السابق للامم المتحدة الذي عيّن مبعوثًا مشتركًا للمنظمة الدولية وجامعة الدول العربية، قدم استقالته الخميس، تاركًا المسار الدبلوماسي مجهول المصير، ومفسحًا في المجال امام دعوات الى التحرك.

لكن الولايات المتحدة تؤكد أنها لا تفكر في تدخل عسكري. واعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني من على متن الطائرة الرئاسية الجمعة أن الموقف الاميركي “لم يتغيّر: نقدم مساعدة غير قاتلة الى المعارضة”.

اضاف: “لا نعتقد أن زيادة عدد الاسلحة في سوريا هو الامر المطلوب للمساعدة في الوصول الى انتقال سلمي”.

وكلفت حركة الاحتجاج المستمرة ضد نظام الرئيس بشار الاسد منذ 17 شهرًا، اكثر من عشرين الف قتيل غالبيتهم من المدنيين، وزادت المخاوف من لجوئه الى ترسانته من الاسلحة الكيميائية.

وبدأ بعض الخبراء والنواب الاميركيين يتساءلون علنًا عن عدم استخدام بلادهم قوتها العسكرية المتفوقة وقدراتها الاستخبارية لقلب الموازين في صالح المعارضة والتسريع في سقوط النظام.

لكن الادارة الاميركية مترددة في التورط بحرب جديدة في الشرق الاوسط، ولا سيما أن الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل تلوح في الافق.

وخوفًا من حمام دم في سوريا يلي سقوط الاسد، شددت ادارة الرئيس باراك اوباما على أن رمي المزيد من الاسلحة وسط هذا المزيج المكون من ترسانة النظام والاسلحة المهربة الى المعارضين، سيكون بمثابة وقود للمزيد من العنف.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية باتريك فنتريل: “تحليلنا أن قدرة النظام تضعف، ومعنويات الجنود السوريين تتراجع والمعارضة تكسب المزيد من الارض”.

اضاف: “لذا فاستراتيجيتنا هي التأثير. سنستمر في اللجوء الى كل رافعة نملكها في خطتنا لتسريع (قدوم) اليوم الذي يتنحى فيه الاسد”.

واشارت تقارير امس اول الاربعاء الى أن اوباما وقع وثيقة سرية تسمح بتقديم المساعدة للمقاتلين المعارضين السوريين، مما يجيز لوكالة الاستخبارات المركزية “سي اي ايه” القيام بنشاطات سرية لمساعدتهم.

وستسمح هذه المذكرة لواشنطن بتقديم كل اشكال الدعم، ومنها التواصل مع مختلف المجموعات المتمردة، وتوفير وسائل اتصال ومعلومات وتحليلات استخبارية.

وواشنطن لا تزود المعارضين بالسلاح مباشرة، الا أن بعض حلفائها الاقليميين يقومون بذلك في اطار استراتيجية اقليمية تهدف الى تعزيز التدخل المباشر لجيران سوريا بدعم من واشنطن، مما سيؤدي في نهاية الامر الى اضعاف ايران، خصم الولايات المتحدة في المنطقة.

واشارت ريفا بالا من وكالة ستراتفور الاميركية الخاصة للاستخبارات والتحليل الاستراتيجي الى أن خلاصة الامر “تظهر أن المتمردين يحصلون على الدعم، وثمة استراتيجية موضوعة لاسقاط النظام (عبر) صدع من الداخل”.

وقالت بالا لوكالة فرانس برس إن الولايات المتحدة “لا تخفي أنها متورطة جدًا هناك وتستخدم هذه القنوات الخفية التي تلجأ اليها ايضًا تركيا والسعودية”. ولفتت الى أن المقاتلين المسلحين يستخدمون حاليًا اسلحة ثقيلة.

اضافت: “لنكن واقعيين، تلك الاسلحة تصل الى المتمردين. وإن لم تأتِ من الولايات المتحدة مباشرة، يبدو أن المتمردين يحصلون على هذا النوع من الدعم”.

ورصدت الولايات المتحدة 25 مليون دولار من الدعم غير القاتل المتمثل بأجهزة اتصال مخصصة للمعارضة السورية.

كما وافق اوباما الخميس على تقديم 12 مليون دولار اضافية في المساعدة الانسانية للسوريين للتخفيف من “الفظاعات المروعة” التي يرتكبها الاسد.

وارتفع الى 76 مليون دولار مجموع المساعدات الاميركية من غذاء وماء ومواد طبية وغيرها، التي تصل الى 5ر1 مليون سوري من خلال منظمات عدة كبرنامج الغذاء العالمي والمفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة.

وقامت الاستراتيجية الاميركية وفق فنتريل على “تسريع عقوباتنا، والضغط على هذا النظام الذي ينفد من المال، ومساعدة المعارضة على التواصل في شكل افضل والتنظيم ووضع خطة انتقال سياسي”.

وحملت الولايات المتحدة تصلب روسيا والصين مسؤولية استقالة انان بعدما حالت الدولتان ثلاث مرات دون اقرار عقوبات على نظام الاسد في مجلس الامن.

وقال انان وهو يعلن انتهاء مهمته: “لم اتلقَ اطلاقًا كل الدعم الذي استحقته القضية”.

واعتبر فنتريل أن استقالة انان “ليست مفاجئة” نظرًا الى الوضع الراهن و”الهجوم المستمر” في سوريا وغياب الاجماع في مجلس الامن.

لكن الامم المتحدة شددت على أن خطة النقاط الست التي اقترحها انان “اطار نستمر في دعمه للتقدم في سياق استراتيجيتنا الاوسع”.

وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في بيان الجمعة إن انان “عمل بلا كلل لمحاولة بناء توافق في الاسرة الدولية ووقف حمام الدم وتشكيل حكومة تحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري”.

واضافت “للأسف، منع مجلس الامن الدولي من منحه الادوات الاساسية للدفع بجهوده قدمًا”، معبرة عن شكرها لأنان لتوليه “المهمة الصعبة” التي تتمثل في تحقيق انتقال سلمي.

من جهته، رأى الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني الذي يرافق كلينتون في جولة في أفريقيا أن استقالة انان مرتبطة برفض نظام الاسد وقف الهجمات القاتلة على شعبه.

وقال إن “استقالة انان تبرز اخفاق روسيا والصين في مجلس الامن الدولي في دعم قرارات جدية ضد الاسد التي كان من الممكن أن تحاسب الاسد على اخفاقه في الالتزام بخطة انان”.

واضاف أن استخدامهما حق النقض ثلاث مرات “مؤسف للغاية وقد وضع روسيا والصين في الجانب السيىء من التاريخ وفي الجانب السيىء للشعب السوري”.

وتابع كارني أن الرئيس باراك اوباما ينظر بتقدير الى رغبة انان في القيام بدور المبعوث لسوريا، وجهوده للقيام بعملية انتقال سلمي وسط القتال المرير بين القوات السورية والمتمردين.

واعربت الصين الجمعة عن “اسفها” لاستقالة انان واكدت أنها ستواصل “العمل من أجل حل سلمي” في النزاع، بينما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستقالة بأنها “خسارة كبرى” يجب أن لا تعيق جهود التوصل الى حل دبلوماسي.

وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة ستبقى الى جانب الشعب السوري و”نبقى ملتزمين العمل من اجل انتقال سياسي فعلي وسريع في اطار خطة انان”.

وفي الكونغرس، قال السناتور الجمهوري جون ماكين في خطاب في مجلس الشيوخ حول الازمة السورية استمر 14 دقيقة إن مهمة انان كانت “محكومة بالفشل منذ بدايتها”، مؤكدًا أنه على واشنطن والامم المتحدة تحمل مسؤولية ذلك.

ورأى ماكين أن “المهمة حددت على اساس ارسال مراقبين ليفصلوا بين قوتين متحاربتين وتجاهلت بشكل كامل اسس هذا النزاع”.

وتابع المرشح للرئاسة في انتخابات 2008 وأحد صقور الامن القومي الاميركي أنه من “المثير للسخرية” أن يعتمد الرئيس اوباما على روسيا المصدر الرئيسي للاسلحة لسوريا، لاقناع الاسد بمغادرة السلطة.

وتساءل ماكين “أليس ضربًا من الجنون أن تقوم سياستنا ومبدأ عدم التدخل على الاعتقاد بأن مهمة الامين العام السابق للامم المتحدة ستنجح عندما كان من الواضح أن الشعب السوري لن يرضى ببقاء نظام بشار الاسد الوحشي؟”.

ودعا ماكين مرارًا الى تسليح المعارضة السورية ورحب بتوقيع اوباما الاربعاء قرارًا يسمح بدعم المتمردين.

الا أن كارني اكد الخميس مجددًا أن واشنطن لا تزال على قرارها بعدم ارسال اسلحة لمساعدة المقاتلين المعارضين في سوريا على الرغم من الدعوات الى تحقيق ذلك.

وقال إن “موقفنا لم يتغيّر. نقدم مساعدة غير عسكرية الى المعارضة”. واضاف “لا نعتقد أن زيادة عدد الاسلحة في سوريا هو الامر المطلوب للتوصل الى انتقال (سياسي) سلمي” في هذا البلد.

ورأى ماكين أن واشنطن يجب ان تبذل المزيد من الجهود بما في ذلك اقامة “ملاذ” يمكن للمتمردين التدرب فيه وبناء معارضة للحكومة.

وقال “لماذا لا يدافع رئيس الولايات المتحدة عنهم؟ لم افهم يوماً ذلك”.

وتابع “اذا واصلنا السير على هذا الطريق من الجمود، سيستمر وقوع فظائع جماعية في حلب واماكن أخرى في سوريا. نملك القوة لمنع حدوث هذا الموت العبثي والدفع قدماً بمصالحنا الاستراتيجية في الشرق الاوسط في الوقت نفسه”.

أذرع بشار العسكرية تواجه ضغوطاً مع تزايد احتدام الصراع

أشرف أبو جلالة

مع احتدام الصراع العسكري نجح الثوار السوريون في تحويل جزء من ترسانة الأسد ضد قواته، حيث يستخدم مقاتلو المعارضة في بعض الأحيان أسلحة ثقيلة استولوا عليها من الجيش النظامي.

بعد توقف الجهود الدبلوماسية على صعيد حل الأزمة السورية، وتعلق المستقبل الذي ينتظر البلاد بنتيجة الصراع الدائر هناك، بدأت تبدو كثير من أسلحة الحكومة السورية القوية، بما في ذلك الطائرات الهليكوبتر والطائرات المقاتلة والدبابات، أقل فعالية وتبدو في بعض الحالات كما لو كانت مسؤولية بالنسبة لجيش الرئيس بشار الأسد.

وقد نجح الثوار في تحويل جزء من ترسانة الأسد الضخمة ضد قواته. وقام مقاتلون مناوئون للأسد يوم الأربعاء الماضي بقصف مطار عسكري داخل مدينة حلب المحاصرة بواسطة أسلحة قاموا بوضع أيديهم عليها. وقاموا كذلك يوم الثلاثاء باستخدام دبابات تابعة للجيش السوري في التناوش مع قوات الرئيس الأسد.

وربما بات الأمر الأكثر قلقاً للأسد الآن هو أن الوقت قد جاء على جيشه كي يرتكز فيه بقوة على معدات مصممة لخوض معركة كبرى ضد عدو أجنبي، هو إسرائيل، وليس للاستخدام في صراع أهلي ممتد مع شعبه. وقال مراقبون مقربون من جيش الأسد إن سوريا تواجه مشكلات على صعيد مواصلة تشغيل أسلحتها المتطورة التي تحتاج الى صيانة مكثفة.

ومن المرجح أن تتزايد حدة الضغوط، في الوقت الذي بدأت تعتمد فيه الحكومة على الطائرات الهليكوبتر لزيادة نطاق وصولها لأجزاء بالبلاد يتعذر وصول القوافل اللوجستية، وكذلك المركبات المدرعة إليها بسبب القنابل بدائية الصنع التي يمتلكها الثوار هناك.

وفي هذا السياق، أوردت صحيفة “النيويورك تايمز” الأميركية عن محللين قولهم إن أسطول سوريا من مروحيات Mi-25 Hind-D الهجومية، الذي كان مكوناً من 36 مروحية عند بداية الصراع المسلح في البلاد، ليس كافياً لردع الثوار، مع استمرار تزايد الجبهات التي يخوض منها الثوار العمليات القتالية، بدءًا من حلب وإدلب في الشمال وانتهاءً بضواحي دمشق في الجنوب وحماة وحمص في وسط البلاد.

وتابعت الصحيفة بتأكيدها أن الفنيين المسؤولين عن الصيانة يواجهون صعوبات على صعيد الاحتفاظ بأداء المعدات في ظل احتدام المعركة ومع ارتفاع درجات الحرارة والرمال نتيجة خوض القتال في أجواء صحراوية صيفية. ونقلت الصحيفة في هذا الخصوص عن جيفري وايت، محلل سابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية ويدرس الآن الشأن السوري لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قوله :” سوف يبدأ هذا الجيش في الانهيار. ليس كله دفعة واحدة، بل سيتحقق ذلك على مراحل”.

وأشار وايت كذلك، استناداً الى تقديرات خاصة به، إلى أن الجيش السوري فقد ما يقرب من 1100 جندي، إثر وفاتهم خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، وأنه يفقد المزيد من الجنود والضباط من خلال انشقاقهم. وأكد أن موالين لكثير من القادة والوحدات مشتبه فيهم، وأنه ليس هناك من شك في أن استمرار القتال بدأ يحقق خسائر فادحة في صفوف الدبابات والطائرات داخل الجيش الذي لم يقم بأي عمليات صيانة.

كما مضت الصحيفة تؤكد أن انشقاقات القوات الحكومية والاستيلاء على الأسلحة باتا من الأمور التي تشكل صداعاً متزايداً بالنسبة لنظام الأسد. وهناك أقاويل تتحدث عن نجاح الثوار في الاستيلاء على 14 دبابة طراز T-72 و T-55 وكثير من أسلحة إطلاق النار بشكل غير مباشر بما في ذلك قطع مدفعية وكذلك قذائف هاون.

وقال بشير الحاجي وهو قائد في الجيش السوري الحر في حلب :” أفرادنا هم من يقودون الدبابات، وتخصصهم هو قيادة الدبابات، وذلك ما كانوا يقومون به قبل انشقاقهم. وتحظى الدبابات والمدفعية بأهمية في قتالنا لأنها تمكننا من قصف النظام عن بعد”.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن نجاح الثوار في امتلاك أسلحة أكثر فعالية وزيادة الضغوط الملقاة على كاهل المروحيات ربما يساعدان في توضيح سر لجوء الجيش السوري مؤخراً لاستخدام طائرات التدريب L-39 داخل وحول حلب الأكثر اكتظاظاً بالسكان.

بينما أوضح جوزيف هوليداي، ضابط مخابرات أميركي سابق يغطي الحرب لمعهد دراسة الحرب في واشنطن، أن من بين التفسيرات الأخرى التي تبرر ظهور تلك الطائرات هو محاربة الجيش السوري ..”للثوار في حلب”.. دون أن يكون لديه عدد كافٍ من قطع المدفعية.

وأشارت الصحيفة في الإطار نفسه إلى أن سوريا تمتلك أسطولاً من مروحيات “غزال” الفرنسية بنفس حجم أسطولها من المروحيات الهجومية الاحتياطية، فيما أوضحت تقديرات مفتوحة المصدر أن سوريا بدأت حملتها بـ 100 مروحية من طراز Mi-8 و Mi-17، جنباً إلى جنب مع أكثر من 30 مروحية من طراز “غزال”.

وتحدث محللون بعد ذلك عن أمرين مهمين بالنسبة لعنصر الجو – أرض الخاص بالصراع، أولهما معنى الاستخدام الأخير لطائرات سورية تهاجم أهدافاً على الأرض، وثانيهما امتلاك الثوار للمزيد من الأسلحة التي تمكنهم من إسقاط الطائرات وبخاصة المروحيات.

أنقرة قلقة إزاء الحكم الذاتي لأكراد سوريا

لميس فرحات

 أكثر ما تخشاه تركيا من الصراع الدائر الآن في سوريا، هو أن يؤدي في نهاية المطاف إلى حصول أكراد سوريا على حكم ذاتي، ومن ثم استخدام حزب العمال الكردستاني المنطقة الجديدة لشن هجمات ضد تركيا.

بالنسبة لمعظم القوى الأجنبية، تعتبر الأحداث الأخيرة التي وقعت في المحافظات السورية ذات الأكثرية الكردية بمثابة جزء جانبي للصراع في البلاد التي تنزلق نحو الحرب الأهلية القاتلة، لكن الأمر مختلف للغاية بالنسبة لتركيا.

اتخذ بعض الاكراد السوريين في الاسابيع الاخيرة خطوات جذرية نحو الحكم الذاتي، الأمر الذي أدى إلى إعادة إحياء مخاوف أنقرة الوجودية، وهي أن عدوها الأكبر (حزب العمال الكردستاني)، يمكن أن يعزز نفوذه في سوريا، وحتى أن يقوم باستخدام المنطقة كقاعدة لمهاجمة تركيا.

ويخشى قادة تركيا أيضاً أنه في حال حصل الأكراد في سوريا على الحكم الذاتي والرسمي، كما أقاربهم في شمال العراق، فإن أكراد تركيا الذين يبلغ عددهم 12 إلى 15 مليوناً سيتجرأون على المطالبة بالاستقلال الذاتي أيضاً.

وذكرت وسائل الإعلام التركية أن أنقرة نفذت يوم الاربعاء تدريبات عسكرية بمشاركة 25 دبابة في منطقة نصيبين، على طول حدود تركيا الجنوبية مع المنطقة الكردية في سوريا، في رد فعل ليس فقط على التطورات الكردية، بل على احتمالات امتداد العنف واللاجئين من سوريا إلى الداخل التركي.

5إلى جانب ذلك، وصل وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، إلى اربيل، عاصمة المنطقة الكردية في العراق، لاجراء محادثات مع الزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني حول الحكم الذاتي للأكراد السوريين. واتفق الزعيمان على أن “أي محاولة لاستغلال الفراغ في السلطة من قبل أي جماعة أو تنظيم عنيف سينظر إليه باعتباره تهديداً مشتركاً ينبغي معالجته”، وفقاً لما قالته وزارة الخارجية التركية.

وبدأت الجماعات الكردية السورية، التي يعيش معظمها في المجتمعات المتجانسة على طول الحدود الشمالية للبلاد مع تركيا، باكتساب المزيد من الحقوق في نيسان/أبريل 2011، عندما منح الأسد الأكراد حق تقديم طلب للحصول على الجنسية كجزء من جهد أوسع لدعم شعبيته.

وقال الأكراد السوريون الذين وصلوا مؤخراً إلى نصيبين، على مسافة قصيرة من مدينة القامشلي في سوريا، إنهم فروا من بلدهم بسبب نقص المواد الغذائية والمخاوف الأمنية.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ “وول ستريت جورنال” أن  الأحزاب السياسية الكردية والجماعات شبه العسكرية قد اغتصبت أجهزة الدولة في الأسابيع الأخيرة وتسيطر الآن على عملية توزيع الغذاء والماء. ويرتفع علم الأكراد باللون الأحمر، الأبيض والأخضر فوق مباني البلدية، وعلى البنى البارزة مثل أبراج المياه وحاويات الغاز.

ويقول سكان نصيبين إن القوات السورية قد انسحبت الى ثكناتها، وتركت الأمن لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، وهي جماعة كردية مسلحة.

ونقلت الصحيفة عن أردال، شاب كردي (33 عاماً) من بلدة القامشلي الذي جاء الى نصيبين الاسبوع الماضي مع زوجته وطفليه، قوله إن “الدولة السورية موجودة رمزياً فقط … والآن لا يوجد أي وجود عسكري في منطقتنا”، مضيفاً “ليتهم رحلوا منذ زمن طويل، فالوضع مريح اكثر بكثير من قبل”.

أثارت الأعلام الكردية التي ترفع في القامشلي غضب المسؤولين في أنقرة، لا سيما وأن المنظمة الكردية اعترفت بحزب العمال الكردستاني. وتوقعت وسائل الاعلام التركية نشوء نوع من “جمهورية حزب العمال الكردستاني” أو “غربي كردستان” في الجهة الجنوبية من البلاد، في الوقت الذي تقول فيه السلطات التركية إن نشاط حزب العمال الكردستاني قد ارتفع داخل سوريا في الاشهر الاخيرة.

ويقول قادة المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر إن حزب الاتحاد الديمقراطي يتواطأ مع دمشق لمساعدتها على التركيز على قمع الانتفاضة وعلى زعزعة الاستقرار في تركيا.

“إن هيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي تثير مخاوف الناس”، يقول آلان، وهو كردي (18 عاماً) من القامشلي الذي وصل الى اسطنبول هذا الاسبوع بعد فراره من سوريا.

وأضاف: “الجميع يعرف أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو حزب العمال الكردستاني”.

العملاء الفلسطينيون في سوريا : موقف محرج واسقاط نظام كان يدعمهم

الجريدة الكويتية

 Jonathan Schanzer -TNR

لقد اتضح أن الصراع السوري وضع العملاء الفلسطينيين التابعين للأسد في موقف محرج، ويصعب على الجماعات الفلسطينية أن تدعي أنها تقاتل باسم العدالة حين يكون رئيسها منشغلاً بذبح شعبه بدم بارد، لهذا السبب يزداد عدد الفلسطينيين الذين يعملون الآن على إسقاط النظام بعد أن كانوا يدعمونه.

طوال عقود، كان نظام الأسد في سورية من أشرس الداعمين الإقليميين للقضية الفلسطينية، وعندما خاض البلد الحرب ضد إسرائيل في عام 1948 و1967 و1973، ادعى أنه أقدم على ذلك باسم فلسطين.

وقف حافظ الأسد بكل عزم ضد اتفاقيات أوسلو ورفض دعم التسوية التي كان الفلسطينيون أنفسهم مستعدين لقبولها، ومنذ وصول بشار الأسد إلى السلطة في عام 2000، بدأ يدير عدداً من الجماعات الإرهابية الفلسطينية، تماماً مثل والده من قبله. في السنوات الأخيرة، كانت سورية ساحة تدريب أساسية ومعبراً محورياً وخطاً لنقل الأسلحة إلى الجماعات التي تشارك في “المقاومة المسلحة” ضد إسرائيل بما في ذلك “حماس”، وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، و”حزب الله”، ولجان المقاومة الشعبية.

كان الفلسطينيون يحصلون على مساعدة سورية وحمايتها (ثمة 500 ألف شخص تقريباً في سورية ويعيش معظمهم في تسعة مخيمات للاجئين في أنحاء البلد)، فردوا على ذلك الدعم من خلال الولاء للنظام، لكن في ظل احتدام الحرب المحلية الآن داخل حدود سورية، يبدو أن الفلسطينيين بدؤوا يغيرون مسارهم.

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”، مقرها لندن، أن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين غادرت سورية باتجاه إيران، بينما كتبت وكالة “معاً” الإخبارية أن زعيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني، إبراهيم شحادة، غادر سورية حديثاً إلى غزة.

لقد اتضح منذ الآن أن الصراع السوري وضع العملاء الفلسطينيين التابعين للأسد في موقف محرج، ويصعب على الجماعات الفلسطينية أن تدعي أنها تقاتل باسم العدالة حين يكون رئيسها منشغلاً بذبح شعبه بدم بارد (ارتفعت حصيلة القتلى إلى 18 ألف شخص والعدد في تزايد مستمر). لهذا السبب، يزداد عدد الفلسطينيين الذين يعملون الآن على إسقاط النظام بعد أن كانوا يدعمونه. ينحدر معظم الفلسطينيين الذين يسكنون في سورية من اللاجئين الأصليين بعد حربَي 1948 و1967، ما يعني أنهم وُلدوا وتربوا في بلدهم الثاني. بالتالي، هم طوروا هوية مزدوجة: هوية فلسطينية سورية.

لكن بينما كان نظام الأسد مستعداً لدعم القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، لم ينعم هؤلاء الفلسطينيون الذين يعيشون داخل الحدود السورية بمعاملة جيدة يوماً. صحيح أن بعض هؤلاء الفلسطينيين يشعرون بأنهم سوريون، كما ذكرت صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية، لكنهم لا يستطيعون “الترشح للبرلمان أو أي مناصب سياسية أخرى، بل يُمنَع الفلسطينيون أيضاً من شراء المزارع وامتلاك أكثر من منزل واحد. يمكن أن تصبح المرأة المنحدرة من لاجئ فلسطيني مواطنة سورية من خلال الزواج برجل سوري، أما الرجال المنحدرون من رجال فلسطينيين وأولادهم، فلا يستطيعون كسب الجنسية السورية حتى لو تزوجوا من نساء سوريات”.

حين بدأت الاحتجاجات ضد نظام الأسد في عام 2011، كان الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يضطر الفلسطينيون إلى الانحياز إلى أحد طرفَي الصراع. أدت الاحتجاجات وحملات القمع إلى مقتل حوالي 300 فلسطيني. وقيل إن 10 آلاف فلسطيني اعتُقلوا أيضاً. وصف جهاد مقدسي، المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية، الفلسطينيين في سورية بعبارة “الضيوف” ودعاهم بنبرة ساخرة إلى “مغادرة سورية باتجاه إحدى الديمقراطيات العربية” إذا أساؤوا التصرف، وفي الأسابيع الأخيرة، ارتفعت وتيرة العنف ضد الفلسطينيين، فخلال إحدى الحوادث، قصفت القوات السورية مستشفى في مخيم اليرموك للاجئين، وذلك لأن المسعفين كانوا يعالجون الجرحى من الجانبين. حصل ذلك غداة تقارير مفادها أن القوات السورية فتحت النار على المتظاهرين في مخيم اليرموك وقتلت أربعة أشخاص وجرحت آخرين. ثمة فصيلة فلسطينية واحدة تقاتل بكل وضوح إلى جانب الأسد وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين–القيادة العامة. في يونيو 2011، أطلق أعضاء من تلك الحركة النار على 14 شخصاً من إخوتهم الفلسطينيين في اليرموك وقتلوهم. صرح أحد الفلسطينيين الموجودين في سورية لصحيفة “نيويورك تايمز”: “كل فلسطيني في سورية يدرك أن المقاتلين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين–القيادة العامة يعملون مع المخابرات ويجرون دوريات أمنية لمصلحة النظام”.

قال زعيم الحركة أحمد جبريل أمام الصحافة الإيرانية حديثاً: “إذا رغبت الأطراف الأجنبية في غزو سورية، فسنكون جزءاً من هذه المعركة وقد ناقشنا هذا الأمر مع إخوتنا في سورية ومع السيد حسن نصر الله (أمين عام “حزب الله”) وإخوتنا في إيران”.

لكن أقدمت أشهر جماعة مقاتلة فلسطينية على الإطلاق، “حماس”، على قطع علاقتها بالنظام بسبب انتشار العنف في البلاد، ولا شك أن ذلك الانفصال لم يكن سهلاً، إذ كانت “حماس” متمركزة في سورية منذ أواخر التسعينيات غداة طرد الحركة من الأردن، وكانت القيادة الخارجية في دمشق، برئاسة خالد مشعل، قريبة من “الجناح العسكري” لحركة “حماس”، أي كتائب عز الدين القسام. كانت “حماس” تدرك أنها تدين بالكثير للنظام، لذا وقفت بكل هدوء إلى جانب الأسد في الأشهر الأولى للانتفاضة، لكن اعتباراً من شهر فبراير من هذه السنة، جمع القادة الخارجيون حقائبهم واتجهوا إلى قطر ومصر، وذهب زعيم “حماس” المتمركز في غزة، إسماعيل هنية، إلى حد “توجيه تحية إلى الشعب السوري البطل الذي يناضل في سبيل الحرية والديمقراطية والإصلاح”. وقد انطلقت الاحتجاجات المعادية للأسد حديثاً في قطاع غزة الذي لم يشهد أي تحركات مماثلة في السابق. صحيح أن “حماس” ومنظمة التحرير الفلسطينية المنافِسة لها لا تتفقان حول أي شيء منذ الصراع الداخلي الذي نشب في غزة في عام 2007، ولكنهما تتفقان على ما يبدو حول الأهوال الحاصلة في سورية. تشير الحملة الدعائية الإيرانية إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية لا تزال تدعم نظام الأسد. (اقتبست مقالة إيرانية مشكوك في صحتها كلام مسؤول ادعى أن اللاجئين الفلسطينيين لن يتبنوا “مصالح النظام الصهيوني”). لكن سرعان ما اتّضح أن منظمة التحرير الفلسطينية تعارض الأسد فعلياً.

في أغسطس 2011، قال أمين عام المنظمة، ياسر عبد ربه، إن قوى الأمن السورية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية حين اعتدت على مدينة اللاذقية، بما في ذلك حي الرمل حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين، كذلك، دعا المتحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “السلطات السورية إلى وقف الاعتداءات على مخيم اللاجئين فوراً”.

سعت معظم الفصائل الفلسطينية المقيمة في سورية إلى تعديل مواقفها فوجدت طريقة لمغادرة البلد بهدوء تزامناً مع انتشار الفوضى هناك، لكن لا تملك الأغلبية الواسعة من الفلسطينيين الذين يعتبرون سورية موطنهم (عددهم 500 ألف شخص) خيار مغادرة البلد، لذا قرروا دعم المعارضة، فذكر أحد الناشطين: “يوماً بعد يوم، بدأ الفلسطينيون يرون ويسمعون ما يفعله نظام الأسد وقد دفعنا هذا الوضع إلى تغيير مواقفنا تدريجياً”.

صحيح أن عدداً كبيراً منهم يلتزمون الصمت ويتمنون بكل بساطة أن تبقى منازلهم سالمة حتى الصباح التالي، لكن ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن عدداً متزايداً من الفلسطينيين حملوا الأسلحة وانضموا إلى الجيش السوري الحر. أكد المتحدث باسم الجيش السوري الحر، العقيد قاسم سعد الدين، أن “الفلسطينيين يقاتلون إلى جانبنا وهم على مستوى عال من التدريب”. يستحيل معرفة عدد المقاتلين الذين انضموا إلى المعارضة، لكن لا بد من التفكير بالأثر المترتب على مشاركة الفلسطينيين حتى لو انضم 1% منهم فقط إلى القتال. يعني ذلك مشاركة 5 آلاف مقاتل.

تزامناً مع احتدام القتال، هرب بعض الفلسطينيين نحو الحدود الأردنية ولبنان وغزة أيضاً، كما فعلت الأجيال السابقة غداة الحروب مع إسرائيل، لكن بعد أن أصبح اللاجئون من الأجيال السابقة رموزاً حية للمعارضة السورية ضد الدولة اليهودية، أصبح اللاجئون الراهنون رموزاً مؤسفة للظلم الفاضح الذي يرتكبه النظام السوري الذي كان يدعم قضيتهم طوال عقود.

* نائب رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومؤلف كتاب “حماس في مواجهة فتح: الصراع على فلسطين” (Hamas vs Fatah: The Struggle for Palestine).

عودة الاشتباكات إلى دمشق.. والمعارضة: الأسد في منطقة جبلية

لندن: نادية التركي – بيروت: بولا أسطيح وليال أبو رحال ويوسف دياب الرياض: بدر القحطاني

شهدت دمشق وحلب اشتباكات عنيفة أمس، فيما واصلت قوات الأمن محاولاتها لاقتحام الأحياء التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر في حلب، كما تجددت الاشتباكات في حي التضامن في دمشق التي كان النظام أعلن السيطرة عليها، كما شهدت دير الزور اشتباكات عنيفة خلال محاولة عناصر من الجيش الحر للسيطرة على مراكز ومقرات أمنية، ولم يحل تصعيد النظام السوري لوتيرة عملياته العسكرية يوم أمس دون خروج مظاهرات في حلب وإدلب ومختلف المناطق السورية في «جمعة دير الزور.. النصر المقبل من الشرق». كما قتل 20 فلسطينيا على الأقل، وأصيب نحو 25 آخرين، الليلة قبل الماضية، في قصف مدفعي بالهاون على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين داخل دمشق.

في غضون ذلك أكدت مصادر من المعارضة السورية أن عدد المنشقين من الضباط الرفيعين وصل إلى 140.

وأعلن أمس، عن 3 انشقاقات كبيرة طالت وزارة الداخلية السورية وكلية الدفاع والمخابرات الجوية في دير الزور. من جانبه نفى المقدم المظلي المنشق خالد الحمود لـ«الشرق الأوسط» المعلومات التي تحدثت عن تمركز الأسد في اللاذقية، مؤكدا أن لديه معلومات تفيد «بتمركزه في منطقة جبلية تقع وراء قصر الشعب وبالتحديد في استراحة من 6 طوابق تحت الأرض تعود بالأساس إلى شقيقه ماهر الأسد وزوجته».

إلى ذلك وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كاسحة أمس على مشروع القرار العربي الذي اعدته السعودية بإدانة الحكومة السورية وطالبت بانتقال سياسي في سوريا.

وقال المهندس عبد الله المعلمي، المندوب السعودي لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار سيعطي زخما جديدا لمهمة المبعوث الدولي القادم.

القوات النظامية تواصل محاولاتها لـ«تحرير» حلب.. وتجدد الاشتباكات في حي التضامن بدمشق

المعارضة السورية تندد بمجزرة حي الأربعين في حماه.. ومظاهرات حاشدة نصرة لدير الزور

بيروت: ليال أبو رحال

لم يحل تصعيد النظام السوري لوتيرة عملياته العسكرية يوم أمس دون خروج مظاهرات في مناطق سورية عدة في «جمعة دير الزور.. النصر القادم من الشرق»، بالتزامن مع محاصرة قوات الأمن المساجد في محاولة لمنع خروج المتظاهرين واستهداف المدن الثائرة بالمروحيات. وفيما واصلت قوات الأمن محاولاتها لاقتحام الأحياء الممسوكة من قبل الجيش السوري الحر في حلب، وتجددت الاشتباكات في العاصمة دمشق وتحديدا في حي التضامن، شهدت دير الزور اشتباكات عنيفة خلال محاولة عناصر من الجيش الحر للسيطرة على مراكز ومقرات أمنية.

في موازاة ذلك، صعّدت قوات الأمن عملياتها العسكرية في مدينة حماه، حيث حاصرت عددا كبيرا من الجوامع في المدينة لمنع المتظاهرين من الخروج للتظاهر، فيما خرجت مظاهرات حاشدة في أحياء الصابونية والبياض وجنوب الملعب. وأعلنت المعارضة السورية عن شن قوات الأمن حملة عسكرية شرسة في حي الأربعين، أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين وعناصر الجيش الحر، ليل أول من أمس.

وفيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أنه «لم تتضح بعد تفاصيل العملية العسكرية»، مع القطع الكامل للكهرباء وخطوط الاتصال كافة، ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية ولجان التنسيق المحلية في سوريا أن عدد القتلى الذين سقطوا أول من أمس بلغ نحو خمسين، بينهم نساء وأطفال. وأشار المكتب الإعلامي للمجلس الوطني السوري، في بيان أصدره فجر أمس، إلى أن مدينة حماه تعرضت «لقصف وحشي شاركت فيه المدافع الثقيلة والطائرات وراجمات الصواريخ»، وأوضح أن «القصف استهدف خصوصا حي الأربعين وطريق حلب»، مشيرا إلى أن «الجثث متروكة في الشوارع بسبب منع قوات النظام للأهالي والمسعفين من انتشالها ومساعدة الجرحى».

وفي مدينة حلب وريفها، تواصلت الاشتباكات بين القوات النظامية وعناصر الجيش الحر في أحياء عدة، فيما أعلنت الناطقة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة ميليسا فليمينغ أن المفوضية «لم تتمكن من إدخال مساعدة إنسانية إلى حلب يوم الخميس الفائت بسبب تطويقها من قبل الجيش السوري». وقالت في لقاء مع صحافيين «كان من المستحيل إرسال مواد إغاثية إضافية لأن المدينة مطوقة من قبل القوات العسكريّة، وفريقنا في حلب تحدث عن غياب كامل لتغطية اتصالات الهواتف الجوالة والإنترنت».

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بحدوث «اشتباكات عنيفة في حي صلاح الدين بعد محاولة قوات الأمن السورية اقتحام الحي». وقال الناطق باسم المجلس الثوري في حلب وريفها أبو عبد الله الحلبي لـ«الشرق الأوسط» إن «اشتباكات عنيفة وقعت في حي سيف الدولة بعد صلاة الفجر»، لافتا إلى أن الجيش الحر تمكن من السيطرة على الحي إضافة إلى حي الزبدية. وأفاد بأن «خدمات الكهرباء والاتصالات مقطوعة بالكامل في حي صلاح الدين، الذي تعرض لقصف عنيف، ووصلت تعزيزات عسكرية إضافية إليه مساء أمس تمهيدا لاقتحامه»، فيما «خرجت مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة في أحياء حلب المحررة كالخالدية والأعظمية والحمدانية وسيف الدولة وحلب الجديدة والشعار، استهدفها النظام بالطيران الحربي وألقى قنابل على المدنيين للمرة الأولى منذ أسبوعين، مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى».

وكان المرصد السوري قد أشار إلى خروج «مظاهرات في أحياء الهلك وسيف الدولة والشعار والسكري وحلب الجديدة والفردوس والفرقان وبستان القصر في مدينة حلب، فيما خرجت بلدات ابين وكوباني وتقاد والسفيرة بريف حلب بمظاهرات نادت بإسقاط النظام ونصرة للمدن المنكوبة».

وفي العاصمة دمشق، وفي حي التضامن، تجددت الاشتباكات العنيفة منذ صباح أمس، حيث قصفت قوات الأمن الحي بمدافع الهاون. وأفادت لجان التنسيق المحلية بسقوط عدد كبير من الجرحى جراء القصف المدفعي العنيف، كما قتل خطيب وإمام مسجد الزبير الشيخ أحمد صالح.

وفي حين واصلت قوات الأمن حصارها لحي نهر عيشة في دمشق المفروض بالحواجز العسكرية وطوقته بالدبابات بالتزامن مع تحليق للمروحيات في سماء المنطقة، اقتحمت مدينة جديدة عرطوز في ريف دمشق بالدبابات والمصفحات وأعداد كبيرة من الجنود مع تحليق للطيران الحربي في منطقة البساتين.

واستمر القصف لليوم السادس عشر على مدينة الضمير باستخدام المدفعية وقذائف الهاون، وأشارت «لجان التنسيق» إلى «تدهور الوضع الإنساني في المدينة وشل حركة السكان بسبب انتشار القناصة، مما أدى إلى نزوح معظم الأهالي من المنطقة نتيجة للقصف العنيف، في ظل عدم إمكانية تلبية حاجات من تبقوا من الأهالي من غذاء وحاجات أساسية».

وفي دير الزور، استمرت الاشتباكات العنيفة في مدينة الميادين منذ ثلاثة أيام على خلفية محاولة وحدات من الجيش الحر السيطرة على المقرات الأمنية ومركز الشرطة فيها، وفق ما أفاد به المرصد السوري، مشيرا إلى «استخدام القوات النظامية الطيران والمدفعية الموجودة في الميادين لقصف مناطق أخرى في دير الزور أصبحت تحت سيطرة الثوار». وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إن «سبعين في المائة من محافظة دير الزور باتت خارجة عن سيطرة النظام، من دون أن يعني ذلك أنها باتت تحت السيطرة الكاملة للمقاتلين المعارضين»، مؤكدا أن «الريف الشرقي بات في مجمله بين أيدي المعارضين، باستثناء مدينتي الميادين والبوكمال (على الحدود مع العراق) اللتين تدور فيهما معارك عنيفة».

وخرجت مظاهرات في معظم قرى وبلدات ريف إدلب، وتحديدا في بلدات بنش وكفرنبل ومعرة شورين وحاس وكفريحمول وكفرعويد وكفرسجنة ومعرة حرمة وحربنوش وحيش وكنصفرة والفطيرة والركايا وجسر الشغور والقرى المحيطة بها. وأعلن المرصد عن «مقتل خمسة مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة إثر كمين نصبته لهم القوات النظامية في منطقة الجانودية بريف إدلب». وقالت لجان التنسيق المحلية إنه تم العثور على كل من صالح الحامض، وغازي البعل، وطريف حاج يوسف، ومحمد زياد مرشان، ومحمد الدقة، بعدما قتلوا بكمين من قبل قوات النظام في قرية الجانودية، حيث وجدوا «مكبلي الأيدي والأرجل، ووجدت طلقات عدة في أجسادهم وفي رؤوسهم».

وفي مدينة درعا، فرضت قوات الأمن السورية حصارا أمنيا خانقا وسط انتشار قناصة حالوا دون خروج مظاهرات في المدينة، في موازاة خروج مظاهرات حاشدة في بلدات عدة في ريف درعا، وتحديدا في بلدات المسيفرة وتسيل وأبطع وخربة غزالة والنعيمة واليادودة والغارية الشرقية، وتعرضت بلدة بصر الحرير للقصف من قوات الأمن السورية التي استخدمت الطائرات الحوامة في عملياتها العسكرية، في حين طال قصف عنيف أحياء الخالدية وجورة الشياح بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، وتصاعدت أعمدة الدخان من المنازل جراء القصف. كما تعرضت مدينة الحولة لقصف صاروخي ومدفعي بشكل عشوائي.

معلومات عن حصول المعارضة المسلحة في سوريا على صواريخ أرض – جو

العقيد العكيدي لـ«الشرق الأوسط»: هذه الصواريخ تمكننا من حسم معركة حلب خلال 48 ساعة

بيروت: بولا أسطيح

على الرغم من نفي الجيش السوري الحر عبر «الشرق الأوسط» حصوله على صواريخ أرض جو عبر تركيا وتأكيده أن «الأمور في هذا المجال لم تتخط المشاورات مع بعض الدول الراغبة بتسليح المعارضة»، لاقى تقرير شبكة «إن بي سي» الأميركية الذي أكّد حصول «المعارضة المسلحة في سوريا وللمرة الأولى على صواريخ أرض – جو عبر تركيا»، جملة من ردود الفعل باعتبار أن سلاحا مماثلا قد يحسم معركة حلب خلال 48 ساعة، كما أكّد العقيد عبد الجبار العكيدي قائد المجلس العسكري للجيش السوري الحر في محافظة حلب لـ«الشرق الأوسط».

وكانت الشبكة الأميركية كشفت أنّه «وللمرة الأولى في القتال الدائر في سوريا، حصل الجيش السوري الحر على نحو 20 صاروخا محمولا مضادا للطائرات تم إدخالها عبر تركيا» لافتة إلى أن «المعارضين يأملون أن تكون هذه الدفعة الأولى من شحنة من الأسلحة، مشيرين إلى أن تأثيرها سيظهر قريبا». وأشارت الشبكة إلى أن «القوات السورية تتفوق في حلب بمجال الجو»، ولكن المعارضين قالوا إن ذلك سيتغير قريبا وإن الأسلحة الجديدة المضادة للطائرات قد تساعد بمعركتهم في حلب. وبينما لم تشر الشبكة إلى الجهة التي قدمت الأسلحة للمعارضة السورية على الرغم من قولها إنه تم تسليمها عبر تركيا، نفى العقيد عبد الجبار العكيدي أن يكون الثوار في حلب قد حصلوا على سلاح مماثل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ما نتمناه ونسعى إليه ولكننا نؤكد أننا لم نحصل على أي قطعة من هذا النوع من أي جهة كانت»، مشددا على أنه «ولو أصبح هذا السلاح بأيدي الجيش الحر في حلب لكان حسم المعركة خلال 48 ساعة». ولفت العكيدي إلى أن «المطلوب وكحد أدنى أن لا ترسل دول الجوار سلاحا للنظام لعلمنا أنّها لن تتكبد عناء دعم المعارضة».

بدوره، أكّد العقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان بالجيش الحر أن «الأمور في هذا المجال لم تتخط المشاورات مع بعض الدول الراغبة بتسليح المعارضة ولكن لا شيء رسميا حتى الساعة» مشددا على «عدم استلام أي صواريخ أرض جو من جهات خارجية»، وأضاف: «السلاح المضاد للطائرات الذي بحوزتنا حصلنا عليه من الغنائم التي سيطر عليها عناصر الجيش الحر ولكن ما لدينا قطع بسيطة وقليلة من نوع (كوبرا) وهي صواريخ مضادة للطائرات تحمل على الكتف».

وأشار الحمود إلى أن «المساعي الحثيثة التي يبذلها الجيش الحر لامتلاك السلاح المضاد للطيران سببها الرئيسي أن هذا السلاح سيمكننا من خلق منطقة عازلة وآمنة بالقوة في شمال سوريا باعتبار أن المناطق هناك محررة بالكامل ولكن يخرقها النظام بطائراته».

وفيما لم يستبعد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية العميد المتقاعد هشام جابر أن تكون قوى المعارضة وبالفعل تلقت هذا النوع من السلاح، توقع أن تكون هذه الصواريخ من «صنع روسي ومن مخلفات ما كان بأيدي الليبيين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كلنا يعلم أن ترسانة الأسلحة التي لدى الليبيين بمعظمها روسية الصنع وبالتالي نتوقع أن تكون الصواريخ التي حصلت عليها المعارضة السورية من نوع سام 7 وهو سلاح خفيف يحمل على الكتف».

وأكّد جابر أن هذا السلاح، وبخلاف ما تقوله المعارضة السورية، «غير قادر على قلب المعادلة رأسا على عقب حتى ولو كان سيشكل خطرا على طائرات الهليكوبتر التابعة للنظام».

مجزرة بقذائف هاون على مخيم اليرموك في دمشق تودي بحياة 20 فلسطينيا وتصيب 25 آخرين

الفلسطينيون يدينون «مجزرة» اليرموك.. والرئاسة تهاجم الدور المشبوه لأحمد جبريل

بيروت: يوسف دياب رام الله: كفاح زبون

قتل 20 فلسطينيا على الأقل، وأصيب نحو 25 آخرين، الليلة قبل الماضية، في قصف مدفعي بالهاون على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين داخل العاصمة السورية دمشق.

ونقلت وكالة «سما» الفلسطينية أمس الجمعة عن مصادر إعلامية قولها إن «عشرين شخصا استشهدوا جراء سقوط قذائف على شارع الجاعونة وقت الإفطار في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بالعاصمة السورية دمشق». وقالت «إن الجيش السوري النظامي، ومع أذان صلاة المغرب تماما، أطلق عددا من القذائف في منطقة موقف (أبو حسن) بشارع الجاعونة، وسط شارع فلسطين الرئيسي في المخيم، مما أدى لاستشهاد وإصابة العشرات».

في هذا الوقت أعلن الناشط في «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» في مخيم اليرموك حسيب محمد، أن «المجزرة التي ارتكبت في المخيم مقصودة». وأكد في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «ما يثبت أن المجزرة مقصودة هو سقوط ثلاث قذائف خلال دقيقتين في نفس المكان داخل شارع الجاعونة في المخيم». وقال «لقد تحققنا من مصدر القذائف فتبين أنها أطلقت من موقع مدفعية النظام السوري في جبل قاسيون فوق القصر الجمهوري». وعزا السبب إلى «عدم رضا النظام السوري على الحراك الفلسطيني، خصوصا بعد انتفاضة المخيم والدعم الذي يقدمه للعائلات السورية المضطهدة، ولكون المخيم يؤوي أكثر من 15 نازحا سوريا من أحياء التضامن والحجر الأسود ويلدا والقاعة، ولكونه على تماس مع هذه الأحياء الساخنة». ولفت إلى أن «أربع قذائف أخرى سقطت اليوم (أمس) على شارع فلسطين وهناك أنباء عن سقوط ضحايا». موضحا أنه «جرى تشييع حاشد لشهداء المجزرة بعد صلاة الجمعة، وردد المشيعون خلاله هتافات منددة بالنظام السوري وبـ(الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة) أحمد جبريل».

إلى ذلك أكد ضابط قيادي في الجيش السوري الحر، أن «النظام السوري يحاول منذ مدة إدخال العامل الفلسطيني في الأزمة السورية». وقال لـ«الشرق الأوسط»، «منذ مدة قتل جنود (الرئيس السوري) بشار الأسد عناصر من منظمة التحرير الفلسطينية واتهم الجيش الحر بقتلهم، كما حاول تصدير الأزمة إلى الأردن ولم ينجح، والآن لم يعد يجد أمامه إلا مخيم اليرموك لينفس أحقاده فيه». متهما أحمد جبريل بـ«إقحام الشعب الفلسطيني في الأزمة السورية للتخفيف عن حليفه المتهاوي بشار الأسد في محاولات مدروسة». مؤكدا أن «مجزرة اليرموك حصلت بتوقيع الأسد وأحمد جبريل معا».

وأثار الهجوم المدفعي على مخيم اليرموك الفلسطيني في سوريا الليلة قبل الماضية، غضبا فلسطينيا عارما، وأدانت الرئاسة الفلسطينية وحماس وفصائل أخرى، «الجريمة النكراء» التي ارتكبت بحق الفلسطينيين هناك، والتي راح ضحيتها العشرات بين «شهداء وجرحى»، من المواطنين العزل.

ومن جانبها هاجمت الرئاسة، مسؤول الجبهة الشعبية القيادة العامة، أحمد جبريل ووصفت دوره «بالدور المشبوه» الذي يقوم به هو وفصيله، «بالزج بأبناء شعبنا ومخيماتنا في أتون دائرة العنف الدموي الدائرة في سوريا، وتحويلهم إلى وقود لهذه المحرقة».

وجددت الرئاسة، موقف الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، وتحييد المخيمات سواء في سوريا أو لبنان أو أي مكان آخر من دول الشتات، وإخراجها من دائرة الصراع والعنف الدموي.

كما طالبت بوقف فوري لجميع أعمال القتل والتدمير في المخيمات، وتوفير الحماية لسكانها بمن فيهم الأشقاء السوريون كي يبقى المخيم عنوانا للأمن والأمان.

وأدانت حركة حماس الجريمة، وقال رئيس الوزراء المقال في غزة إسماعيل هنية، «نعبر بكل الغضب والألم عن استنكارنا وتنديدنا لمجزرة مخيم اليرموك ونطالب بتحييد المخيمات الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني من آثار ما يحصل على الساحة السورية فهو شعب ضيف وينتظر لحظة العودة إلى أرض فلسطين والدماء التي سقطت بالأمس عزيزة علينا».

وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق، «إننا في حركة حماس ندين بشدة الجريمة البشعة التي استهدفت مخيم اليرموك والتي راح ضحيتها أكثر من 20 شهيدا وعشرات الجرحى من أبناء شعبنا الفلسطيني».

روسيا تنفي نية سفن حربية دخول ميناء طرطوس السوري

لندن: «الشرق الأوسط»

نفت وزارة الدفاع الروسية أمس نية السفن الحربية الروسية التي تنفذ مهام تدريبية في البحر المتوسط، دخول ميناء طرطوس السوري في الأيام المقبلة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية في تصريح أوردته قناة «روسيا اليوم»: «لا توجد نية لدخول السفن الحربية التابعة للأسطول الروسي إلى ميناء طرطوس. وتدخل ضمن تشكيلة مجموعة السفن الحربية الروسية، سفن الإمداد التي تسمح بتزويد السفن بالمؤن والمياه في البحر والإبحار لمسافات بعيدة».

وكان مصدر بهيئة الأركان الروسية قد قال في وقت سابق اليوم، إن سفن الإنزال الكبيرة التابعة لأسطول الشمال الروسي والموجودة الآن في البحر المتوسط ستتوجه إلى قاعدة إمداد بحرية روسية في ميناء طرطوس السوري في غضون الأيام المقبلة.

وقال المصدر إنه من المخطط أن تزور سوريا في الأسبوع المقبل 3 سفن إنزال كبيرة تابعة لأسطول الشمال وهى «ألكسندر أوتراكوفسكي» و«جورجي بوبيدونوسيتس» و«كوندوبوجا»، التي تحمل مشاة بحرية، حسب وكالة الأنباء الألمانية.

المفوضية العليا للاجئين تحتاج إلى «خطط طوارئ»

مع تصاعد النزاع في سوريا

لندن: «الشرق الأوسط»

أعلن رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أمس، عن الحاجة إلى وضع «خطط طوارئ» في ضوء التصاعد المحتمل للنزاع في سوريا.

واعتبر غوتيريس خلال مؤتمر صحافي أن العمل الذي تقوم به المفوضية مع اللاجئين السوريين إلى الدول المجاورة «لا يرتبط مباشرة بما يحدث في سوريا»، لكنه أكد أيضا أن المفوضية تعمل على مساعدة اللاجئين والنازحين داخل البلاد بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري.

وعن استقالة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان، أعرب غوتيريس عن أمله في التوصل إلى حل للنزاع، «لكن طبعا علينا وضع خطط طوارئ في حال تطور الوضع ليصبح أكثر دراماتيكية».

وتأتي تصريحات غوتيريس بعد إعلان المفوضية أمس الجمعة أنها لم تتمكن من إدخال مساعدة إنسانية إلى حلب أمس بسبب تطويقها من قبل الجيش السوري.

وقالت الناطقة باسم المفوضية ميليسا فليمينغ في لقاء مع صحافيين: «كان من المستحيل أمس (أول من أمس) إرسال مواد إغاثية إضافية لأن المدينة مطوقة من قبل القوات العسكرية».

وأضافت: «فريقنا في حلب تحدث أيضا عن غياب كامل لتغطية اتصالات الهواتف الجوالة والإنترنت»، مؤكدة أنها لا تعرف الوضع على الأرض.

وتقول المفوضية إن نحو 7200 شخص لجأوا إلى 45 مدرسة وستة مراكز أخرى، ورأى غوتيريس أن كل اشتداد في حدة النزاع قد يؤدي إلى «عدد أكبر من تدفق (اللاجئين والنازحين) السوريين»، وصعوبات أكبر في الوصول إليهم.

3 انشقاقات كبيرة في سوريا.. ومعلومات عن امتلاك المنشقين كما هائلا من الأسرار العسكرية

الجيش الحر ينتقد التضييق الذي تمارسه السلطات الأردنية على الضباط السوريين المنشقين

بيروت: بولا أسطيح

أعلن بالأمس، ومن الداخل السوري، عن 3 انشقاقات كبيرة طالت وزارة الداخلية السورية وكلية الدفاع والمخابرات الجوية في دير الزور. وأفادت المعلومات بأن الضباط المنشقين يملكون كما هائلا من المعلومات عن عقود السلاح وأسرار وزارة الداخلية، كما عن سياسة النظام المتعلقة بإدارة الأزمات.

وكان المجلس العسكري في درعا أول من أعلن انشقاق العميد أحمد طلاس، رئيس دائرة عقود السلاح في الداخلية، واللواء محمد الحاج علي، مدير كلية الدفاع بالأكاديمية العسكرية. وأوضح المجلس أن العميد طلاس من مرتبات وزارة الداخلية، لافتا إلى أنه قد يكون يملك كما هائلا من المعلومات عن عقود السلاح وأسرار وزارة الداخلية.

كما أفاد المجلس العسكري بوصول اللواء الحاج المنشق إلى الأردن، مشيرا إلى أن الحاج يملك معلومات عن سياسة النظام المتعلقة بإدارة الأزمات، وهو يتحدر من بلدة خربة غزالة في درعا.

وفي هذا السياق، كشف العقيد أحمد النعمة قائد المجلس العسكري بدرعا، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد تواصل لفترة مع العميد طلاس واللواء الحاج اللذين كانا متمركزين في الشام تم نقلهما إلى درعا ومنها إلى الأردن»، لافتا إلى أنه خلال حديثه معهما أكدا له أن أفواجا جديدة وبرتب أعلى تنوي الانشقاق قريبا. وعن سبب قرارهما الانشقاق بهذا التوقيت، قال النعمة: «هما قالا إنهما كانا ينتظران من النظام تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها ولكن بعدما أيقنوا أنها وعود واهية قررا الانشقاق وانتظرا الوقت المناسب لذلك».

وبينما أكد النعمة أن انشقاقهما يؤكد أن الخلل بدائرة القيادة يتنامى، أشار إلى أنهما «ركبا المركب الذي يسير باتجاه شاطئ الأمان وتركا المركب الذي يغرق». وأضاف أن «انشقاق مدير كلية الدفاع بالأكاديمية العسكرية اللواء محمد الحاج علي، كنز لما يملكه من معلومات عسكرية يمكن الاستفادة منها في المرحلة القادمة».

وكشف النعمة أنه على اتصال مع مسؤولين سوريين برتب أكبر يعمل الجيش الحر على نقلهم قريبا جدا خارج سوريا ليعلن عن انشقاقهم بوقت لاحق، وقال: «هذا بالإضافة للانشقاقات اليومية التي نشهدها والتي تؤكد حالة الانحلال السريعة للجيش السوري، وبالتالي للنظام الأسدي».

بدوره، أكد العقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في الجيش الحر، أن الضباط المنشقين لم يصلوا بعد إلى تركيا، معتبرا أن كل الضباط الذين يلجأون إلى الأردن يخضعون لما يشبه الإقامة الجبرية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «السلطات الأردنية تضيق كثيرا على الضباط السوريين المنشقين وتمنعهم حتى من امتلاك أجهزة الكومبيوتر، كما أنها تضعهم في مكان وعوائلهم في مكان آخر ويسمحون لهم بالزيارات مرة بالأسبوع».

وانتقد الحمود هذا التشدد بالتعاطي مع الضباط المنشقين والذي يجعل انشقاقهم لا يعود بالكثير من الفائدة على الثورة والثوار. وبالتزامن، أعلن العميد نصر مصطفى، نائب رئيس فرع المخابرات الجوية السورية في محافظة دير الزور، انشقاقه عن النظام وانضمامه إلى الجيش السوري الحر، بسبب «الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري».

وتعد المخابرات الجوية السورية من أشد أجهزة المخابرات السورية ولاء للنظام، وقد شهد هذا الجهاز عمليات انشقاق محدودة منذ بداية الثورة.

معلومات لدى الجيش الحر حول تمركز الأسد في منطقة جبلية وراء قصر الشعب

ناطق باسم الخارجية الأميركية: من الجبن أن يتوارى رجل عن الأنظار ويحث قواته المسلحة على الاستمرار في ذبح شعبه

بيروت: بولا أسطيح

تكثر التساؤلات في الداخل السوري كما في الأروقة العربية والدولية حول مكان وجود الرئيس السوري بشار الأسد خاصة بعد التفجير الذي طال مبنى الأمن القومي في وسط دمشق منذ أكثر من أسبوعين وأدى إلى مقتل 4 من أبرز القادة الأمنيين السوريين بينهم صهر الرئيس السوري.

المعلومات التي تحدثت عن تمركز الأسد في اللاذقية، نفاها المقدم المظلي المنشق خالد الحمود الذي نفى كذلك وجود الأسد بقصر الشعب أو قصر تشرين «الموصولين ببعضهما البعض من خلال أنفاق تحت الأرض»، مؤكدا أن لديه معلومات تفيد «بتمركزه في منطقة جبلية تقع وراء قصر الشعب وبالتحديد في استراحة من 6 طوابق تحت الأرض تعود بالأساس إلى شقيقه ماهر الأسد وزوجته». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل عائلة النظام السوري هناك ولدينا إحداثيات دقيقة لمكان تواجدهم كما لكثير من الأمكنة الاستراتيجية كمكان تخزين الأسلحة الكيماوية».

يُذكر أن الرئيس السوري لم يشارك في تشييع جثمان اللواء آصف شوكت زوج شقيقته بشرى، لكنه شوهد على شاشات التلفزيون في مراسم أداء وزير الدفاع الجديد العماد فهد جاسم الفريج اليمين الدستورية خلفا لداود راجحة الذي لقي مصرعه في حادث التفجير.

وقد أثارت الرسالة الخطية التي وجهها الأسد الأربعاء لمن وصفهم بأبطال القوات المسلحة السورية والتي نشرت في إحدى المجلات العسكرية ريبة المراقبين الذين يتساءلون عن المدة التي سيظل فيها الأسد بعيدا عن الأنظار. وكان البيت الأبيض أعلن وبعد التفجير عن عدم علمه بمكان تواجد الأسد. وقد نقلت الصحيفة الأميركية USA Today أمس عن باتريك فينتريل، الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، قوله: «صراحة نعتقد أنه تصرف جبان أن يتوارى رجل عن الأنظار ويحث قواته المسلحة على الاستمرار في ذبح شعبه».

واعتبرت الصحيفة أن البيان المكتوب الذي وجهه الرئيس السوري بشار الأسد إلى الجيش السوري بمناسبة ذكرى تأسيسه، «زاد من الغموض الذي يلف مكان إقامة الأسد بعد أسبوعين من مقتل المسؤولين الأمنيين الأربعة». ورأت الصحيفة الأميركية أن «اختفاء الأسد عن الأنظار يثير تساؤلات ما إذا كان يخشى على سلامته الشخصية مع تطور الأحداث بصورة دراماتيكية».

بدورها، عزت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أسباب اختفاء الأسد إلى مخاوف على حياته قالت إنها هي التي أجبرته على ما يبدو على البقاء داخل قصره بعيدا عن الأنظار، في وقت استطاع فيه المتمردون المسلحون شن هجمات في قلب العاصمة دمشق. وأشارت «ذي غارديان» إلى أنه لم يتسن التأكد من صحة الشائعات التي راجت حول فرار الأسد إلى مدينة اللاذقية الساحلية، وطلب زوجته أسماء البريطانية المولد اللجوء إلى روسيا.

وقال فواز جرجس مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد لـ«رويترز» إن تفجير 18 يوليو كان صدمة نفسية كبيرة، سيستغرق الأسد وقتا لاستعادة توازنه، لكنه أضاف أن «السرعة التي أعاد بها تشكيل فريقه من مساعديه المقربين أظهرت أن الأجهزة الأمنية بعيدة عن كونها قوة مستهلكة وأنها لا تزال تعمل». وأضاف جرجس: «ليس لدي أي شك في ذهني أنه اثبت أنه أكثر مرونة وعنادا والتزاما واستعدادا لكسب معركة حياته.. أعتقد أنه حتى الأميركيون والزعماء الأوروبيون الغربيون باتوا ينظرون له بطريقة أخرى.» وأردف قائلا: «كل التحليلات قالت إنه من النوع اللين ويفتقر إلى العزيمة. لقد اثبت أن الجميع كانوا على خطأ طيلة الأشهر السبعة عشر الماضية».

روسيا تدعو لإيجاد خلف لأنان سريعا وبريطانيا تعلن أنها ستزيد من دعمها للمعارضة بالمعدات «غير المميتة»

المجلس الوطني السوري اعتبرها «خطوة متأخرة»

بيروت: «الشرق الأوسط»

استمرت لليوم الثاني على التوالي المواقف الدولية الشاجبة لاستقالة كوفي أنان من منصبه كموفد للجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا، في وقت دعت فيه روسيا إلى السرعة في إيجاد خلف لأنان. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أنه «ينبغي إيجاد خلف مؤهل لكوفي أنان سريعا»، وأضافت: «إن الحفاظ على وجود الأمم المتحدة في البلاد يكتسب أهمية خاصة في الوضع الراهن».

بدورها عبرت الصين عن الأسف لتخلي أنان عن دور مبعوث السلام الدولي بشأن سوريا، وأكدت دعمها لاضطلاع الأمم المتحدة بدور مهم في حل الأزمة السورية. وقال هونج لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «ندرك الصعوبات في مهمة أنان للوساطة ونحترم قراره».

في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أن بريطانيا ستزيد من دعمها للمعارضة السورية بالمعدات «غير المميتة». وقال: «بالنظر إلى حجم الموتى والآلام وفشل العملية الدبلوماسية حتى الآن، فإننا سنزيد في الأسابيع المقبلة دعمنا المادي غير المميت» للمعارضة.

وأضاف هيغ: «نحن نقدم مساعدة لعناصر من المعارضة السورية، لكنها غير مميتة»، مشيرا إلى «أجهزة اتصالات وأشياء أخرى»، وتابع: «سنزيد من ذلك في المستقبل». وشدد على أن «هذا لا يشمل التزويد بالسلاح».

بدوره، اعتبر «المجلس الوطني السوري» أن استقالة الموفد الأممي والعربي إلى سوريا كوفي أنان من مهامه «خطوة متأخرة»، وحمل المجلس الوطني مسؤولية الاستقالة لـ«النظام السوري وحلفائه الذين وفروا له غطاء دوليا للتمادي في عمليات القتل المروعة التي يقوم بها». وأضاف المجلس: «بات على المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في التصدي للوضع الراهن والعمل من خلال الهيئات الإقليمية والدولية، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لحماية السوريين من حرب الإبادة التي يشنها النظام، وعدم جعل حالة الاستقطاب في مجلس الأمن ذريعة لتركهم وحيدين يواجهون آلة الموت والدمار التي يستخدمها النظام بمنتهى الوحشية والإجرام».

وجدد المجلس الوطني السوري دعوته للدول والشعوب الصديقة للشعب السوري والداعمة له إلى «التحرك خارج إطار مجلس الأمن إن اقتضى ذلك، لمنع النظام من مواصلة ارتكاب مجازره، وضرب مرتكزاته العسكرية والأمنية، وتوفير مناطق آمنة لحماية أكثر من مليوني نازح، وتأمين كل وسائل الدعم اللازمة للشعب السوري من أجل مقاومة النظام وإسقاطه وتفكيك آلته الوحشية».

وبالتزامن، أعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي عن أسفه لاستقالة كوفي أنان من منصبه كموفد للجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا، متهما موسكو وبكين بالتسبب جزئيا فيها بسبب تعنتهما في مجلس الأمن. وقال فسترفيلي في بيان: «يؤسفني بشدة أن يغادر كوفي أنان منصبه نهاية أغسطس (آب)».

وأضاف فسترفيلي أنه «من المخيب للآمال أن خطة السلام التي وضعها لم تطبق حتى اليوم. من البديهي أن سبب تخلي كوفي أنان عن مهمته هو في جزء منه العرقلة التي يشهدها مجلس الأمن والمسؤولة عنها روسيا والصين». وأكد الوزير الألماني أنه إذا كانت سوريا قد غرقت في دوامة العنف فإن «السبب في هذا خصوصا هو أن نظام (الرئيس بشار) الأسد لم يلتزم بوعده باحترام الاتفاق. لقد حان الوقت وبشدة لأن توقف روسيا والصين تغطيته».

41 قتيلا بسوريا ومعارك عنيفة بحلب

                                            قال مراسل الجزيرة إن الجيش السوري الحر عزز سيطرته على أحياء في مدينة حلب، وإنه يحاصر مبنى القصر العدلي المتاخم لقلعة حلب، في حين استمرت الاشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في محيط حي صلاح الدين بدمشق، كما شوهدت أرتال من الدبابات والآليات التابعة لقوات الأسد تتقدم باتجاه حلب قادمة من الطريق التي تربطها باللاذقية.

ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان وشبكة شام للأخبار فإن 41 شخصا على الأقل قتلوا اليوم السبت على يد قوات الأمن والجيش النظاميين معظمهم في دمشق ودير الزور، وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن من بين القتلى أربع سيدات.

وهاجم عناصر من الجيش الحر مبنى الإذاعة والتلفزيون في حلب، قبل أن يتراجعوا إثر قصف القوات النظامية للمنطقة المحيطة بالمبنى، وبث ناشطون صورا على الإنترنت تظهر دخانا كثيفا يتصاعد من منطقة الإذاعة والتلفزيون.

وأحبط مقاتلو المعارضة محاولتين من قبل قوات النظام لإعادة السيطرة على حي صلاح الدين، المعقل المهم للمعارضة بالعاصمة، واستولوا على دبابتين من الجيش.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسماع أصوات انفجارات في حيي الشعار وبستان الباشا بالإضافة لاشتباكات في حيي الفرقان والصاخور، وأوضح أن مقاتلي المعارضة انسحبوا من محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون في حلب بعد القصف الجوي الذي تعرضت له المنطقة المحيطة بالمبنى.

وشوهدت مروحيات وطائرات حربية مقاتلة تحلق في سماء المدينة بينما وردت معلومات عن تفجير عبوات ناسفة في مبنى الإذاعة والتلفزيون.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن أبو عمر الحلبي، وهو أحد القادة بالجيش السوري الحر قوله “وقعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلينا والقوات النظامية قرب محطة التلفزيون السوري في حلب”، وأضاف أن المقاتلين قاموا بـ”تراجع تكتيكي” بعد أن استخدمت الحكومة طائرات مقاتلة لمهاجمة المنطقة.

اشتباكات بدمشق

وفي العاصمة دمشق، أكد ناشطون سوريون أن جيش النظام جدد قصفه العنيف على أحياء جوبر والتضامن ودُمّر، تزامنا مع استمرار الاشتباكات بين مقاتلين من الجيشين الحر والنظامي في الحي الذي بدأت فيه القوات النظامية عملية عسكرية لملاحقة من تصفهم بـ”فلول الإرهابيين”.

من ناحية أخرى، حصلت الجزيرة على صور خاصة تظهر اقتحام كتائب من الجيش السوري الحر مقر الأمن السياسي في مدينة الميادين بدير الزور.

وقال ناشطون إن اشتباكات جرت بين مقاتلي الجيش الحر وقوات النظام أسفرت عن سيطرة المقاتلين على المقر الأمني كما قتْل بعض العناصر وأسر آخرين. وقد استولى مقاتلو الجيش الحر على عدد من الآليات العسكرية، بما فيها دبابات كانت تحمي مقر الأمن السياسي وتقصف الأحياء بمدينة الميادين بدير الزور.

من جهة أخرى، تبنت “جبهة النصرة” التي سبق أن أعلنت مسؤوليتها عن عمليات تفجير عدة في سوريا خلال الأشهر الماضية، في بيان، مقتل المذيع بالتلفزيون الرسمي محمد السعيد الذي خطف منتصف يوليو/تموز.

ولم يورد التلفزيون السوري أي خبر يتعلق بمقتل المذيع، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير التلفزيون معن صالح قوله إنه لا دليل ماديا على صحة الخبر.

وتأتي هذه التطورات بعد يوم دام قتل فيه 140 شخصا معظمهم في دمشق وريفها وحلب وحمص، أثناء مظاهرات يوم الجمعة التي أطلق عليها “دير الزور.. النصر القادم من الشرق”، حيث اقتحمت قوات النظام حي التضامن بعشرات الدبابات والمركبات المدرعة والجنود،  كما أعدمت عددا من الأشخاص بعد دخولها الحي.

بن جاسم: خطة النقاط الست انتهت

                                            وسط ترحيب واسع بقرار يدين سوريا

قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إن قرار الأمم المتحدة يثبت أن المجتمع الدولي يريد حلا للأزمة السورية، مؤكدا أن “خطة النقاط الست قد انتهت”، وذلك في وقت أثار فيه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يتضمن إدانة لسوريا ويدعو لانتقال سياسي للسلطة بها ترحيبا دوليا واسعا، بينما انتقدته سوريا وروسيا.

وقال بن جاسم في مقابلة مع الجزيرة إن مهمة أي مندوب جديد يجب أن تكون العمل على “الانتقال السلمي للسلطة في سوريا”، وإن أي شخص يخلف كوفي أنان كوسيط دولي بشأن سوريا لابد أن يتبع استراتيجية جديدة بسبب ما وصفه بإخفاق خطة سلام أنان المؤلفة من ست نقاط.

وقال بن جاسم “يجب أن يكون هناك تعديل واضح لهذه الخطة لأن قضية النقاط الست انتهت لم ينفذ منها أي شئ”، وأشار إلى أن النظام السوري أعطي الفرصة ستة عشر شهرا، ولكنه اختار طريقا واحدا للحل، وهو قتل شعبه وتدمير بلده.

وقال بن جاسم إنه أجرى اتصالات هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لجامعة الدول العربية، ومع كوفي أنان وأبلغهم أن الجانب العربي لن يقبل بمبعوث مشترك جديد بنفس التفويض الذي كان ممنوحا لأنان, مؤكدا أن التفويض الوحيد المقبول هو العمل على انتقال سلمي للسلطة في سوريا.

وأكد أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان وصل إلى نتيجة تفيد باستحالة مهمته، بسبب تعطيل مجلس الأمن على حساب الشعب السوري ومماطلة النظام السوري.

يأتي ذلك بينما أثار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يتضمن إدانة لسوريا ويدعو لانتقال سياسي للسلطة بها ردود فعل بعد يوم واحد من استقالة موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان من مهمته في سوريا بسبب اختلاف مجلس الأمن.

فقد رحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بالقرار، ودعا مجلس الأمن الدولي للتحرك لتنفيذه، وقال إن غالبية أعضاء الأمم المتحدة جددت دعمها المطلق لعملية الانتقال السياسي في سوريا وللشعب السوري.

وقال سنستمر في تكثيف جهودنا في الأسابيع المقبلة للمساعدة في إنهاء العنف، وندعو جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة للاستجابة لدعوة التحرك الواردة في هذا القرار.

وبدورها رحبت سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة سوزان رايس بالقرار، وقالت “رغم استمرار قلة تزداد عزلتها في المعارضة، من الواضح أن الأغلبية الساحقة من أعضاء الأمم المتحدة تقف بقوة مع الشعب السوري في سعيه لتحقيق طموحاته المشروعة”.

ورحب السفير الفرنسي جيرار أرو رئيس مجلس الأمن هذا الشهر بالموافقة على القرار، لكنه تأسف لعجز المجلس عن التحرك مثل الجمعية العامة، وقال “وصل مجلس الأمن إلى طريق مسدود، لا أرى كيف يمكننا المضي قدما بشأن هذه القضية”.

أما مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري فاتهم الدول الراعية لمشروع القرار بأنها تقود حملة أمنية واستخباراتية ضد سوريا، ووصف مشروع القرار بالتضليلي، وبأنه ينتهك مبادئ الشرعية وأولها سيادة الدول،. ووصف الاجتماع بأنه كان “مسرحية”.

وانتقد مبعوث روسيا بالأمم المتحدة فيتالي تشوركين القرار وعدّه “ضارا”، وقال “خلف واجهة الخطاب الإنساني ينطوي القرار على دعم صارخ للمعارضة المسلحة التي يدعمونها ويمولونها ويسلحونها بشكل نشط”.

من جهة أخرى، قال مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبد الله المعملي إن مجموعة الدول الراعية للقرار بشأن سوريا تقدمت به في ظل إخفاق مجلس الأمن. وأكد مندوب السعودية على ضرورة تأمين انتقال سلمي للسلطة في سوريا، كما شجب الاعتداء على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، وما خلفه من قتلى وجرحى.

قرار الجمعية

وقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار عربيا بتأييد 133 دولة من إجمالي 193، في حين عارضته 12 دولة، وامتنعت عن التصويت عليه 31.

ويدين المشروع -الذي وصف بأنه تحرك رمزي- “القصف الأعمى” للمدن بالأسلحة الثقيلة من قبل القوات السورية, ويحث دمشق على إعادة قواتها وأسلحتها الثقيلة إلى الثكنات.

يأسف في الوقت نفسه لعدم قدرة مجلس الأمن الدولي على تطبيق قراراته, في إشارة إلى خطة المبعوث الدولي العربي المشترك إلى سوريا كوفي أنان. وكانت الجمعية العامة صوتت في 16 فبراير/شباط الماضي على مشروع قرار عربي يدين عنف السلطات السورية بأغلبية 137 صوتا.

ويدعو مشروع القرار -غير الملزم باعتبار صدوره عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لا عن مجلس الأمن- إلى تشكيل حكومة توافقية, لكنها لا تدعو صراحة إلى رحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

ولا يدعو مشروع القرار إلى فرض عقوبات على دمشق مماثلة لتلك التي فرضتها عليها الجامعة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويعبر المشروع -الذي تدعمه دول غربية مثل فرنسا الرئيس الحالي لمجلس الأمن- عن القلق من الأسلحة الكيماوية السورية, ويحث النظام في دمشق على تأمينها, وعدم استخدامها ضد المدنيين. ويدعو أيضا السلطات السورية إلى تمكين المنظمات الإنسانية الدولية من الوصول بحرية إلى المدنيين.

وقال دبلوماسيون إن مشروع القرار العربي يعكس إحباط دول كثيرة في ضوء المأزق الحالي بمجلس الأمن بعد استخدام روسيا والصين الفيتو في ثلاث مناسبات لإحباط قرارات تدين دمشق, أو تفرض عليها عقوبات.

بعد الاستقالة

ويأتي التصويت اليوم في الجمعية العامة بعد 24 ساعة تقريبا من إعلان موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان استقالته، بعد فشله في تطبيق خطته لإنهاء العنف في سوريا في ظل انقسام حاد في مجلس الأمن.

وكان أنان -الذي ينتهي التفويض الممنوح له نهاية هذا الشهر- قد برر استقالته بتزايد عسكرة الصراع في سوريا, والخلافات الحادة في مجلس الأمن. وقال في مؤتمر صحفي بجنيف إنه فعل كل ما في وسعه, وإنه لم يحصل على الدعم اللازم لمهمته التي بدأت في مارس/آذار الماضي.

وقد بدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مشاورات مع الأمين العام للجامعة العربية لاختيار خليفة لأنان الذي تنتهي مهمته في 31 من هذا الشهر, وقد أشار سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة إلى أسماء يجري تداولها، دون أن يحددها.

وكان البيت الأبيض قد حمل أمس روسيا والصين مسؤولية استقالة أنان بعد استخدامهما الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن منذ أحيل إليه الملف السوري.

سعي تركي لعزل حزب العمال بسوريا

                                             وسيمة بن صالح-أنقرة

رغم تلميح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى احتمال تحرك بلاده عسكريا شمالي سوريا لمواجهة ما دعاه تهديد منظمة إرهابية تنشط هناك، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، إلا أن صحفيين وباحثين أتراكا يرون أن هذا الخطاب مجرد تهديد وأن احتمال حدوثه ضعيف جدا.

ويعزو الباحث الصحفي المختص بالشؤون الكردية مصطفى أكيول سبب ”جنون وهوس” الأتراك بالقضية الكردية إلى رفض الأكراد الخضوع لسياسة التذويب التي فرضتها الحكومات العلمانية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، وبروز فكرة ”القومية التركية” التي تعترف بالعرق التركي فقط كعنصر يعيش على أراضي الجمهورية، وفق تعبيره.

ووصف تشكيل حزب العمال بردة فعل ضد الاضطهاد الذي تعرض له الأكراد بسبب مقاومتهم للانصهار تحت مسمى القومية التركية، مضيفا أن ”هذا الحزب أصبح بدوره نسخة لنفس الفكرة التي قام ضدها ” وبالتالي أصبح هو الآخر ينادي بالقومية الكردية.

ولهذا السبب فقد حزب العمال تأييد معظم الأكراد في تركيا، خاصة مع قيام حزب العدالة والتنمية، بإصلاحات أهمها الاعتراف بوجودهم والسماح بتدريس لغتهم في المدارس وفق أكيول، وأشار إلى أن نسبة 5% فقط من الأكراد يدعمون حزب العمال، وهم القسم القومي العلماني منهم.

وتحدث عن مفاوضات سرية جرت ما بين جهاز المخابرات التركية ممثلة برئيسها هاكان فيدان، وقيادة حزب العمال في أوروبا من أجل إقناعهم لإلقاء السلاح والجلوس على طاولة المفاوضات، مقابل منحهم امتيازات لم يتم الإعلان عنها، لكن عودة مسلحي الحزب لتفجير أهداف عسكرية تركية، أفشلت تلك المفاوضات حسبما قال.

القوى الكردية

وأشار الصحفي التركي إلى أن الخطر الكردي الذي تخشاه أنقرة من داخل الأراضي السورية، هو تنامي شعبية حزب العمال هناك، وبالتالي زيادة عدد المنضمين إليه.

لكنه رأى أن رسالة أردوغان كانت فقط تهديدا لكل من يدعم حزب العمال أو ينضم إليه. متسائلا ”في حال قررت أنقرة التدخل عسكريا، كيف ستقدم تبريرا للشعب التركي؟ هذا السؤال الكبير الذي يطرح نفسه”.

ورغم اعتقاده أن أنقرة وجهت فقط رسالة تهديد لحزب الاتحاد الديمقراطي المرتبط بحزب العمال داخل سوريا، إلا أن الباحث التركي أيتون أورهان من مركز الدراسات الإستراتيجية الخاصة بالشرق الأوسط بأنقرة، لم يستبعد قيام تركيا بهجوم عسكري إلا في حال ”سيطرة حزب العمال على مناطق بشمال سوريا، واستخدامه السلاح ضد باقي الأحزاب الكردية المعارضة له، لإقامة منطقة حكم ذاتي”.

أما السيناريو الحقيقي التي ستستعمله أنقرة وفق أورهان ضد حزب العمال، فهو ”محاولة فرض عزلة على حزب العمال ومؤيديه من أكراد سوريا، وذلك بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لباقي الأحزاب الكردية داخل سوريا، واللعب على موازنة القوى الفاعلة في القضية الكردية”.

وهذا ما تم التطرق إليه خلال زيارة وزير الخارجية التركي داود أوغلو خلال زيارته لإقليم كردستان مؤخرا، ولقاء رئيسه مسعود البارزاني وأعضاء المجلس الوطني الكردي السوري، كما أفاد الباحث التركي.

يُذكر أن العمال الكردستاني هو الحزب الكردي الوحيد المسلح والمنظم الذي يقاتل منذ عام 1984 السلطات التركية، في صراع خلف أكثر من 45 ألف قتيل حسب الجيش التركي.

أسماء الأسد.. صورتان لزوجة الرئيس

                                            أسقطت الثورة السورية التي بدأت في مارس/آذار 2011 الصورة التي كانت تسوق عن أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، فلم تصمد صورة سيدة المجتمع الراقية الحريصة على الأعمال الخيرية والمنفتحة على نمط الحياة الغربية، أمام صور ضحايا القمع المنظم الذي لجأ إليه زوجها لمواجهة معارضيه.

أسماء الأسد (37 عاما) -التي راجت شائعات مؤخرا عن مغادرتها سوريا باتجاه روسيا عقب الانفجار الذي استهدف مقر الأمن القومي الذي أودى بقيادات من النظام السوري- اختفت عن الأنظار منذ مدة وانزوت في مكان معزول رفقة زوجها الذي لم يظهر منذ أسبوعين واكتفى بخطاب مكتوب لجيشه لحثه على مواصلة مواجهة “المتمردين”.

وقبيل بداية الأزمة السورية تسابقت وسائل الإعلام الغربية إلى مقابلة أسماء الأسد وأغدقت عليها الألقاب، فوصفتها مجلة “آل” الفرنسية بـ”سيدة الأناقة”، وكتبت عنها مجلة “باري ماتش” على هامش مرافقة زوجها في زيارته لفرنسا في 2010 واعتبرتها “شعاع نور في بلد تسوده الظلمات”.

وكان أبرز ما كتب عن قرينة الأسد، ما نشرته مجلة “فوغ” الأميركية تحت عنوان “وردة الصحراء” في مارس/آذار 2011، وهي المقابلة التي أُجبرت المجلة على سحبها من موقعها الإلكتروني بسبب موجة الانتقادات الكبيرة التي استهدفتها.

وجاء الاهتمام الغربي بأسماء الأسد انطلاقا من الصورة التي حاولت نقلها للعالم عقب تولي زوجها الرئاسة، فحرصت على الظهور بمظهر بالسيدة المتفتحة، واستقبلت مع زوجها في السنوات الماضية شخصيات عالمية بينها ملك إسبانيا خوان كارلوس وزوجته صوفيا والممثلان الزوجان براد بيت وأنجلينا جولي.

واقترن الاهتمام الإعلامي بجوائز حصلت عليها أسماء الأسد مثل الميدالية الذهبية لرئاسة الجمهورية الإيطالية تقديرا لدورها الانساني في عام 2008، والدكتوراه الفخرية في علوم الآثار من جامعة لاسابينزا في روما.

غير أن هذا الانطباع سرعان ما تلاشى عقب اندلاع الثورة السورية، وذلك بعد أن اختارت الصمت وعدم التعليق على التجاوزات المرتكبة من قبل نظام زوجها.

ودفع هذا الموقف بعض المعارضين إلى وصفها بأنها ماري أنطوانيت العرب، فقد أظهرت رسائل إلكترونية سربت خلال الأشهر الماضية أسماء الأسد حريصة على التسوق عبر الإنترنت لشراء مجوهرات، ومقتنيات فاخرة، واختارت الاستعانة بشركة بريطانية كبيرة من أجل تصميم حديقة أحد قصور الرئاسة بملغ تجاوز 176 ألف جنية إسترليني (270 ألف دولار)، وذلك في عز الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وفي خلفية صورة السيدة الأولى لسوريا، تبرز تنشأتها في بريطانيا، فهي ابنة طبيب القلب المعروف في بريطانيا فواز الأخرس والدبلوماسية السورية المتقاعدة سحر عطري.

حصلت على شهادة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر من كينغز كوليدج بجامعة لندن في عام 1996، وتلقت دورات تدريبية عقب ذلك على العمل المصرفي في نيويورك، لتعمل بعد ذلك في “دويتشه بنك” قبل أن تنتقل إلى مصرف “جى بى مورغان” حيث عملت في مجال الاندماج والاستحواذ.

وارتبطت ببشار الأسد في عام 2000، ولها ثلاثة أبناء حافظ (10 سنوات)، وشقيقته زين (8 سنوات)، وكريم (7 سنوات).

وأدرجت أسماء الأسد في قائمة الشخصيات التي تشملها العقوبات الأوروبية، ومنعت بذلك من السفر إلى بلدان الاتحاد وتم تجميد أرصدتها هناك.

ما تأثير اختفاء الأسد على ثورة سوريا؟

                                            بتواصل غياب الرئيس السوري بشار الأسد عن المشهد منذ الانفجار الذي أوقع عددا من قادته الأمنيين تتوارد الأسئلة عن مكان وجوده في ظل اقتراب الاشتباكات من عرينه في دمشق، وتفتح مجالا لتكهنات بشأن مآله ومصيره في حال تحقيق الثورة المستمرة على أركانه -والتي تشتد ضرواتها بمرور الوقت- مكاسب ميدانية مهمة.

وبعد الانفجار الذي استهدف مقر الأمن القومي في دمشق والذي قتل فيه عدد من القيادات الأمنية في البلاد، أظهرت لقطات بثها التلفزيون السوري بشار الأسد وهو يستقبل وزير الدفاع الجديد فهد الفريج لأداء اليمين، وهي آخر اللقطات التي ظهر فيها الأسد الذي اختار لاحقا اللجوء إلى خطاب مكتوب لدعوة قواته المسلحة لمواصلة الحرب على معارضيه.

وبالرغم من أن الأسد تعود على فترات غياب طويلة نسبيا عقب اندلاع الثورة السورية، فإن الاختفاء في الظروف الحالية التي تشهد تصاعدا للاشتباكات المسلحة بين قواته والجيش السوري الحر في أكبر مدينتين في سوريا، يجعل من ظهور الرئيس ضروريا لطمأنة الموالين له بقدرته على مواجهة هذه التطورات والتعامل معها بشكل يسمح بمواصلة قيادته للبلاد.

وفي وقت تقول الولايات المتحدة إنها لا تعرف مكانه وتؤكد أن “سيطرته تنحسر بصرف النظر عن مكانه”، ترك غياب الأسد المجال أمام خصومه مفتوحا لإذكاء شائعات عن هروبه نحو مسقط رأسه في اللاذقية، وسفر زوجته أسماء باتجاه روسيا، غير أن هذه المعلومات وفضلا عن عدم تأكيدها من قبل أطراف رسمية، تتعارض مع ما رصده بعض المحللين عن شخصية الأسد وطرق تعامله المتوقعة إزاء أي تطور قد يمس بسلامته.

فبالرغم من أن صحفي جريدة لوموند الفرنسية المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بنجامين بارث، يرى أن روسيا وإيران ستكونان وجهة الأسد في حال مغادرته سوريا، فإنه يعتبر أن هروبه مستبعد في الوقت الراهن لأن المعطيات المتوفرة عن حالته المعنوية تشير إلى أنه منغلق على نفسه بعيدا عن الواقع، بدليل ما كشفت عنه مراسلات مسربة أكدت حرصه على شراء أغان غربية في عز عمليات قمع الثورة.

سمات الأسد

ووفقا لخبراء درسوا إطلالات الأسد السابقة، فإن الرئيس السوري صاحب شخصية منفصلة عن الواقع، يُبرز نفسه كحامي للطائفة العلوية وحريص على بقاء الدولة السورية، وله قدرة على مواجهة المشاعر الموجهة إلية كشخص منبوذ.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن خبير مطلع على الوضع السوري -رفض الكشف عن هويته- أن الأسد يعتقد بصلاح ما يقوم به وتخيم هواجس المؤامرة على نمط تفكيره، وأوضح أن الأسد -وكحال من يشبهونه- قد تكون غطرسته دافعا له لاختيار قرارات خاطئة.

وتحدثت الصحيفة عن تزايد القناعة لدى الدول الغربية والعربية المهتمة بالشأن السوري أن الأسد سيلجأ إلى خيار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي ودفع حياته ثمنا لبقاء نظامه وأنه لن يتنحى عن السلطة إلا معتقلا أو قتيلا، ونقلت عن المحلل السابق لشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون جيفري وايت تأكيده أن لا مجال للحوار مع الأسد الذي سيواصل القتال وسيركز على دمشق.

ووفقا لما نقله مراسل صحيفة لوفيغارو، جان ماري كيمينير في كتابه “دكتور بشار.. مستر أسد” فإن نزعتي الاستئثار بالسلطة والتسلط لدى الأسد بلغتا حدا لم يعد فيه قادرا على التمييز بين مصالحه ومصالح شعبه أو بلده، وهذا ما يجعله يتعامل مع الثورة السورية كما لو أنها مجرّد اضطرابات تقف خلفها “عصابات إرهابية” أو “أياد خارجية”.

وبناء على تلك المعطيات فإنه من الصعب جدا توقع ردة فعل الأسد في حال مواجهته لخسارة، كما أن المؤشرات المتوفرة تشير إلى أنه سيواصل التقدم في الخيار الذي ارتضاه حلا للأزمة التي تعصف ببلاده، وهو ما يعني أنه سيحصر نفسه في زاوية ضيقة موازاة مع تقدم قوات المعارضة ميدانيا.

مواصلة السيطرة

وإلى أن تبرز معطيات قد تغير المشهد الحالي، يرى خبراء أن اختفاء الأسد لا يعني أنه فقد السيطرة. وقال جوليان بارنز داسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “إنه لا يزال بكل الحسابات، شخصية محورية جدا، وكل التقارير التي رأيناها من أناس في النظام تشير إلى أنه يسيطر على الأمور”، وأضاف لرويترز “عرفنا منذ بعض الوقت أن مجموعة من المسؤولين -وكثير منهم من أهله- يوجهون ما يجري لكنه هو المتحكم والموجه لهذه الحملة”.

وأوضح داسي أن الأسد يتعامل من منطق صاحب القوة وبالتالي فإن ظهوره لن يتزامن إلا مع تحقيق تقدم أو انتصار لقواته على الأرض. وإضافة إلى ذلك ونظرا لعلمه بأن نجاح أي ضربة موجهة ضده قد يمنح النصر للمعارضين بضربة واحدة، فإن الأسد سيفكر طويلا ومليا بشأن مخاطر أي ظهور علني.

من جانبه قال مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد فواز جرجس إن تفجير مقر الأمن القومي “كان صدمة نفسية كبيرة سيستغرق الأسد وقتا لاستعادة توازنه”، لكنه أضاف أن السرعة التي أعاد بها تشكيل فريقه من مساعديه المقربين أظهرت أن “الأجهزة الأمنية بعيدة عن كونها قوة مستهلكة، وأنها لا تزال تعمل، وسنرى المزيد من العنف وستنشر قوة أكبر في حلب لكسب المعركة”.

مخاوف عالمية من معارك حاسمة بحلب

                                            أشارت صحيفة ذي غارديان البريطانية إلى المخاوف العالمية إزاء المعارك المحتملة في مدينة حلب السورية بين الجيش السوري النظامي والجيش السوري الحر، وقالت إن الأزمة السورية المتفاقمة ستشهد مرحلة حاسمة في ظل تزايد الاستعدادات والتعزيزات من الجانبين من أجل المعارك الفاصلة.

كما أشارت إلى احتدام القتال البارحة في جميع أنحاء سوريا، وإلى أن قوات الجيش السوري  النظامي التابعة للرئيس بشار الأسد قصفت معاقل حصينة للمعارضة في أعقاب الصدمة التي أحدثتها استقالة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان إلى سوريا.

وتعرضت مناطق يسيطر عليها الجيش السوري الحر في مدينة حلب شمالي سوريا لهجوم من طائرات الهليكوبتر والمدفعية والطائرات المقاتلة، في ظل هجوم أرضي كان متوقعا من جانب قوات الأسد، اعتبرته الأمم المتحدة وشيكا الخميس  الماضي ولكنه لم يحدث.

واندلعت معارك البارحة بالقرب من قلب حلب لأول مرة منذ المعارك التي تدخل أسبوعها الثالث في المدينة، وقال الجيش السوري الحر إنه تمكن من السيطرة على أجزاء من شمالي شرقي وشرقي وجنوبي المدينة، ولكن المناطق في غربي حلب بقيت بيد النظام.

مرحلة فاصلة

وأشارت الصحيفة إلى أن عدة مئات من مقاتلي الجيش السوري الحر وصلوا إلى حلب قادمين من إدلب وحماة في شمالي البلاد، وإلى أن قادة في الجيش الحر قالوا إن آلافا من المقاتلين متوقع وصولهم إلى المدينة استعدادا لما قالوا إنها مرحلة فاصلة في القتال ضد النظام السوري ستبدأ في وقت ما من الأسبوع القادم.

وبينما تواصل مقاتلات النظام السوري تحليقها في أجواء حلب، يقول قادة في الجيش السوري الحر إن قوات النظام ربما ستقاتل حتى النهاية للدفاع عن قلب مدينة حلب وإن قوات الأسد تحيط بالمباني الحكومية الرئيسية والمعالم البارزة في  المدينة التي تعاني نقصا في الغذاء والوقود ووضعا إنسانيا كارثيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش السوري الحر يحاول السيطرة على مدينة حلب بالكامل، وذلك ليس بسبب كبر حجمها فحسب، ولكن لكونها تمكن المعارضة من تشكيل منطقة آمنة في شمالي البلاد إلى الحدود التركية.

ماذا بعد استقالة كوفي أنان؟

ليلى لعلالي-الجزيرة نت

تطرح استقالة كوفي أنان من مهمته كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا تساؤلات كثيرة عن دور الأمم المتحدة ومدى قدرتها على حل الأزمة السورية، وما إذا كانت هناك تحركات مستقبلية أكثر فاعلية لوقف دوامة العنف المستمر في هذا البلد منذ حوالي 17 شهرا؟ يأتي ذلك في ظل تمسك روسيا والصين بموقفيهما في إحباط أي مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي يدين نظام بشار الأسد.

وأبلغ كوفي أنان الأمم المتحدة والجامعة العربية الخميس في جنيف “نيته عدم تجديد مهمته حين تنتهي مدتها في 31 أغسطس/آب الجاري”، مرجعا قرار استقالته لعدة أسباب منها، عدم وحدة أعضاء مجلس الأمن الدولي و”تبادل الاتهامات والسباب” بينهم، فضلا عن زيادة عسكرة الوضع في سوريا.

وكان أنان قد عين بهذا المنصب في 23 فبراير/شباط الماضي، وكلف في بداية مارس/آذار بإعداد مبادرة لحل الأزمة، تبنى على إثرها خطته لإنهاء العنف في سوريا، ولكنها لم تجد طريقها إلى التطبيق، وبقيت صور القتل والتدمير تطغى على المشهد اليومي في سوريا.

ويرى الكاتب والباحث في القضايا الإستراتيجية، علي العبد الله -وهو معارض سوري- في مكالمة هاتفية مع الجزيرة نت إن كوفي أنان استقال دون أن يحدد السبب الحقيقي لفشل مهمته وهو النظام السوري الذي قال إنه لم ينفذ البند الأول من خطة أنان والقاضي بوقف إطلاق النار وسحب قواته من المدن.

ووصف المعارض السوري مهمة أنان بأنها كانت فاشلة منذ البداية، مشيرا إلى أنهم طالبوا مبكرا بموقف دولي حازم ضد النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الثقيلة ضد المتظاهرين. وأضاف أن كوفي أنان “حرص على تلميع صورته أكثر من حرصه على نجاح مهمته”.

وجاءت استقالة أنان بينما تشهد الأزمة السورية تصعيدا عسكريا وسياسيا متلاحقا، وبينما تستمر الخلافات بين القوى الكبرى بشأن حل هذه الأزمة، حيث تشدد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول العربية مع بقية الحلفاء، على ضرورة رحيل بشار الأسد عن السلطة كبداية للحل، ترفض روسيا وبعض حلفاء الأسد هذا الشرط.

وفي ظل هذا الوضع وهذه الانقسامات داخل المجتمع الدولي، تطرح تساؤلات عن مرحلة ما بعد انسحاب كوفي أنان، وهل أن اختيار خليفة له في المهمة سيؤدي إلى حلحلة الموقف وإجبار النظام السوري على تنفيذ القرارات الأممية، وما مصير بعثة المراقبين الدوليين؟

في هذا السياق، يرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون -الذي أبدى “أسفه العميق” لإنهاء مهمة أنان- أن الحل يكمن في الإسراع بتعيين خلف للمبعوث المستقيل “يستطيع مواصلة جهود السلام الأساسية”. ورغم أنه يشدد على أن الأمم المتحدة “تظل ملتزمة ببذل جهود دبلوماسية لوضع حد للعنف” في سوريا، يقر بان كي مون بأن “الانقسامات المستمرة داخل مجلس الأمن أصبحت عائقا أمام الدبلوماسية وجعلت تحرك أي وسيط أكثر صعوبة”.

وقد أجرى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مشاورات مع الرجل الأول في المنظمة الأممية بشأن الأسماء المقترحة لخلافة أنان. وتشير مصادر من جنيف أن العرب يفضلون ناصر القدوة، نائب أنان لتولي المنصب.

كما تشاطرهما الرأي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، حيث أعلنت أن الاتحاد الأوروبي “يدعو إلى سرعة تعيين خليفة لكوفي أنان ليكمل العمل الذي كان يقوم به من أجل الانتقال السياسي السلمي في سوريا”. وهو نفس موقف الصين التي أكدت تأييدها “لاستمرار الأمم المتحدة في لعب دور مهم في تشجيع حل ملائم للمسألة السورية”.

أما فرنسا وعلى لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس فقد أكدت أن استقالة أنان “تظهر المأزق المأسوي للنزاع السوري”، مؤكدة أن “وقفا لإطلاق النار وتنحي بشار الأسد والبدء بانتقال سياسي يحترم كل المجموعات السورية هي موضوعات أكثر إلحاحا من أي وقت”.

وبالنسبة لمواصفات الشخص الذي يتولى منصب المبعوث الأممي والعربي، يطالب المعارض السوري علي العبد الله في حديثه للجزيرة نت بأن يكون خليفة كوفي أنان ينتمي لدولة كبيرة سواء من الولايات المتحدة أو حتى من روسيا “لأن المهم أن يحترمه النظام السوري”، واعتبر أن ناصر القدوة لا يصلح للمهمة.

وانتقد الكاتب والباحث السوري دور الأمم المتحدة، وقال إنها “عملت على إدارة الأزمة السورية وليس على حلها” وأن قراراتها كانت ضعيفة، وأضاف “ما لم تكن قرارات الأمم المتحدة تحت الفصل السابع فلن ينفذ النظام السوري قرارات الأمم المتحدة”.

وبشأن ما تنتظره المعارضة السورية من خليفة كوفي أنان، حدد المعارض السوري ذلك في ثلاث نقاط هي: وقف إطلاق النار وسحب الجيش من المدن، وتنحي بشار الأسد، والدخول في المرحلة الانتقالية بمشاركة جميع القوى السورية في إدارتها.

أما بشأن مصير بعثة المراقبين الدوليين بعد استقالة كوفي أنان، فقد رجح مندوب فرنسا الدائم في الأمم المتحدة جيرار آرو أنها -أي البعثة- ستغادرعند انتهاء مهلة تفويضها في 19 أغسطس/آب. وقال آرو للصحفيين الخميس “بصراحة، أعتقد أنه لن يحصل اتفاق في مجلس الأمن، أعتقد أن البعثة ستنتهي في 19 أغسطس/آب”.

وأضاف السفير، الذي تولت بلاده رئاسة مجلس الأمن منذ مطلع الشهر الجاري “لا أرى أي سيناريو، باستثناء حصول تغيير على الأرض، يتيح الإبقاء على البعثة”.

وفي انتظار تعيين الشخصية التي ستتولى مهمة الأمم المتحدة في سوريا، فقد لجأت مجموعة الدول العربية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على مشروع قرار يندد بعمليات القصف التي يشنها الجيش السوري على المدن، في خطوة رمزية قد تساهم في تشديد الضغط على دمشق.

وليد المعلم.. واجهة النظام السوري‏‏

                                            برز وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع تصاعد تطورات الثورة السورية، كواجهة للنظام السوري وسعى عبر مؤتمراته الصحفية وتصريحاته المختلفة للدفاع عن وجهة نظر النظام وعمل على التقليل من شأن ما تشهده بلاده وربطه بما اعتبره مؤامرة تستهدف سوريا بسبب موقفها الممانع تجاه القضية الفلسطينية.

وانتقل المعلم المولود في دمشق عام 1941، عبر مختلف مناصب المسؤولية في الخارجية السورية التي التحق بها بداية من سنة 1964، وذلك عقب حصوله على بكالوريوس اقتصاد من جامعة القاهرة في 1963.

عمل في بعثات بلاده في تنزانيا والسعودية وإسبانيا وإنجلترا، قبل أن يتولى بداية من سنة 1975 منصب سفير سوريا في رومانيا، ثم عاد إلى دمشق لتولي بعض المسؤوليات في وزارة الخارجية إلى أن عين سنة 1990 سفيرا بالولايات المتحدة الأميركية إلى غاية 1999، وعمل عن قرب مع كبار المسؤولين في الخارجية الأميركية خلال إدارة بيل كلنتون في فترة شهدت غزو العراق للكويت ومشاركة سوريا في تحريرها.

وقام المعلم خلال تلك الفترة بدور أساسي انطلاقا من مرحلة ما بعد مؤتمر السلام في مدريد وصولا إلى اجتماعات وزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي في وقتها إيهود باراك في عام 1999.

ومع بداية الألفية الجديدة عين المعلم معاونا لوزير الخارجية، ثم نائبا لوزير الخارجية في 2005، وكانت مسؤولياته كنائب لوزير الخارجية تشمل العلاقات مع لبنان، وقام بالعديد من الزيارات إلى بيروت قبل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري التي كان من نتائجها انسحاب القوات السورية من لبنان.

تولى المعلم بداية من 11 أبريل/نيسان 2006 منصب وزارة الخارجية، وساهم في ربط علاقات جديدة مع عدد من الحكومات الغربية قبل أن تعود العلاقات إلى التأزم مع بداية الثورة السورية والقمع الذي واجهها بها النظام.

وخلال إطلالاته المتعددة في خضم الثورة السورية كان المعلم واجهة للنظام وأطل عبر عدد من المؤتمرات الصحفية التي سعى من خلالها للتسويق لرواية النظام عن مختلف الأحداث التي تعيشها بلاده، وبرز بتصريحات غريبة مثل حديثه عن تناسي وجود أوروبا من الخارطة، وتحدث في آخر إطلالة له من طهران عن “حرب كونية” على سوريا.

وأدرج المعلم في أغسطس/آب 2011 ضمن لائحة الشخصيات السورية التي تخضع لعقوبات أميركية، والتي يمنع التعامل المالي معها ويتم حجز أموالهم الموجودة في المصارف الأميركية أو على الأراضي الأميركية، وهو مشمول بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على أبرز رموز نظام الأسد والتي تنص على تجميد الأصول وحظر السفر إلى بلدان الاتحاد.

يذكر أن المعلم متزوج وأب لثلاثة أولاد، ولديه عدد من المؤلفات من بينها فلسطين والسلام المسلح الصادر سنة 1970، سوريا في مرحلة الانتداب من العام 1917 وحتي العام 1948، سوريا من الاستقلال إلى الوحدة من العام 1948 وحتى العام 1958‏‏، العالم والشرق الأوسط في المنظور الأميركي.

نصيحة أنان لإنقاذ سوريا

مع استقالته من مهمة سوريا أراد كوفي أنان أن يقدم نصيحة بشأن كيفية إنقاذها.

 واستهل أنان مقاله بصحيفة فايننشال تايمز بأن حلب تحت الحصار واحتمال فقدان المزيد من آلاف الأرواح من المدنيين في سوريا مرتفع جدا. ورغم إدانة الأمم المتحدة للمزيد من التوغل في الحرب الأهلية إلا أن القتال مستمر دون إشارة للتخفيف عن كاهل السوريين.

 وقد انجرت العناصر “الجهادية” في الصراع. وهناك أيضا قلق من أمن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية السورية. والمجتمع الدولي يبدو عاجزا بطريقة لافتة للنظر في محاولته للتأثير في المسار الوحشي للأحداث، لكن هذا لا مفر منه بأية حال.

وقال إنه في الوقت الذي يقف فيه مجلس الأمن محاصرا في طريق مسدود تقف سوريا في نفس الطريق. والنتيجة كانت المزيد من فقدان السيطرة على الأرض وانتقلت المعارضة إلى حملتها العسكرية الخاصة بها. ومع ذلك ما زال من غير الواضح كيف يمكن إسقاط الحكومة بالقوة وحدها.

والوسائل العسكرية وحدها لن تنهي الأزمة، وبالمثل ستفشل الأجندة السياسية التي لا هي ضمنية ولا شاملة. وتوزيع القوة والانقسامات في المجتمع السوري كبيرة لدرجة أن التحول السياسي التفاوضي الجاد فقط يمكن أن يكون الأمل لإنهاء الحكم القمعي من الماضي وتفادي الانزلاق في حرب طائفية انتقامية في المستقبل.

وقال أنان إذا وجد مجتمع دولي متحد، لمثل هذا التحدي الكبير، فهو الذي يستطيع فقط إلزام كلا الطرفين بالانخراط في عملية انتقالية سياسية سلمية. لكن العملية السياسية صعبة، إن لم تكن مستحيلة، في وقت ترى فيه كل الأطراف -داخل سوريا وخارجها- فرصة في تحقيق مصالحها الضيقة بالوسائل العسكرية. والانقسام الدولي يعني دعما لأجندات بالوكالة وتأجيج المنافسة العنيفة على الأرض.

مصالح مشتركة

وأشار أنان إلى أن هناك مصالح مشتركة واضحة بين القوى الإقليمية والدولية في عملية انتقالية سياسية ناجحة، وأي اشتعال للموقف يهدد بانفجار في المنطقة يمكن أن يؤثر في بقية العالم. لكن الأمر يحتاج إلى قيادة تقدم تنازلات للتغلب على الإغراء المدمر للتنافسات المحلية. والعمل المشترك يتطلب جهود ثنائية وجماعية من قبل جميع البلدان التي لها تأثير على الجهات الفاعلة على أرض الواقع في سوريا للضغط على الطرفين بأن الحل السياسي ضروري.

كوفي أنان فايننشال تايمز

وبالنسبة لروسيا والصين وإيران فهذا يعني أنها يجب أن تبذل جهودا مكثفة لإقناع القيادة السورية بتغيير المسار وتبني التحول السياسي مدركة أن الحكومة الحالية فقدت كل الشرعية. والخطوة الأولى من قبل الحكومة أمر حيوي لأن تعنتها ورفضها لتنفيذ خطة السلام ذات النقاط الست كان أكبر عقبة أمام أي عملية سياسية سلمية، وهو ما يؤكد ارتياب المعارضة في المقترحات من أجل تحول تفاوضي.

وبالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية وقطر فإن هذا يعني ضغطها على المعارضة لتبني عملية سياسية شاملة، وهذا سيشمل جاليات ومؤسسات مرتبطة حاليا بالحكومة. وهذا يعني أيضا اعترافا بأن مستقبل سوريا يرتفع ويهبط على أكثر من مصير رجل واحد فقط.

ومن الواضح أن الرئيس بشار الأسد يجب أن يترك منصبه، لكن التركيز الأكبر يجب أن ينصب على التدابير والهياكل لضمان تحول سلمي طويل الأجل لتفادي انهيار فوضوي. وهذه هي أخطر قضية. والمجتمع الدولي يجب أن يتحمل نصيبه في المسؤولية.

وأضاف أنان أن لا شيء من هذا ممكن دون تنازلات حقيقية من جميع الأطراف، والجمود يعني أن كل شخص يجب أن يتغير: الحكومة والمعارضة والقوى الدولية والإقليمية. وبهذه الطريقة يمكن للمجتمع الدولي أن يحل شرطا أساسيا للعملية السياسية، مجتمع دولي متحد داعم بنشاط وفاعلية لتحول سلمي إلى حكومة شرعية.

وختم أنان مقاله بأنه ما زال بالإمكان إنقاذ سوريا من أسوأ كارثة، لكن هذا الأمر يتطلب شجاعة وقيادة، معظمها من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومنهم الرئيسان بوتين وأوباما. والسؤال الآن هل مجلسنا هذا مجتمع دولي سيعمل للدفاع عن الفئات الأكثر ضعفا في عالمنا ويقدم التضحيات اللازمة للمساعدة؟ هذا ما ستخبرنا به الأسابيع القادمة.

المصدر:فايننشال تايمز

قصف جوي لاستعادة إذاعة حلب و”الحر” ينسحب تكتيكيا

توقف بث القنوات السورية الأرضية في المدينة إثر سيطرة الجيش الحر

العربية.نت

بعد سيطرة كاملة على مبنى الاذاعة السورية في حلب، انسحب الجيش الحر تكتيكياً، إثر قصف كثيف بالطائرات الحربية “ميغ”.

وكانت مدينة حلب السورية شهدت تطورات متلاحقة الليلة الماضية، إذ أعلن الجيش الحر أنه بات سيطر على 60% من أحياء حلب، موضحاً أنه يتمركز حالياً في محيط مباني الإذاعة والتلفزيون في حلب بعد انسحابه من داخلها بسبب قصف طائرات النظام.

وكان الجيش الحر قد أعلن أن عناصر قوات النظام فرت من المنطقة ولم يبق إلا القناصة على مبنى الإذاعة وهم محاصرون من قبل الجيش الحر.

وأفادت شبكة مراسلي المجلس الوطني السوري عن توقف بث القنوات السورية الأرضية الأولى والثانية في مدينة حلب بالتزامن مع سيطرة الجيش الحر على منطقة مبنى الإذاعة والتلفزيون.

وقال النقيب حسام أبو محمد الذي شارك في المعارك الدائرة حول مبنى الإذاعة والتلفزيون في حلب إن الجيش الحر أجرى “انسحاباً تكتيكياً” نظراً لضراوة القصف من جانب قوات النظام، وافتقاد الجيش الحر للأسلحة النوعية التي تقاوم القصف الجوي العنيف.

من جانبه، أعلن عبد الجبار العكيدي قائد المجلس العسكري في حلب في اتصال مع “العربية” أن قوات النظام السوري تستعين في معركتها بمقاتلين أجانب من إيران على وجه التحديد.

وأكد أبو عبد الله حلبي من المجلس الثوري لحلب وريفها، أن هناك عمليات كر وفر تدور في محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون في حلب، حيث اتسعت فيما اتسعت رقعة المعارك بين الجيش الحر وجيش النظام.

وتحدثت مصادر بالمعارضة عن معارك عنيفة في عدة مناطق بينها حي صلاح الدين في حلب.وقال ناشط لرويترز عبر خدمة “سكايب”: “تجري حالياً اشتباكات عنيفة في صلاح الدين وقتل 20 مدنياً. الحي يتعرض للقصف بالمدفعية وطائرات الهليكوبتر”.

من جهة ثانية، نفى العقيد رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر لـ”العربية” ما ورد من أنباء عن إعلانه سحب مقاتلي الجيش الحر من حلب احتجاجاً على عدم تلقي مساعدات عسكرية.

مقتل 9 من عائلة واحدة

ميدانيا أيضاً، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية أن اشتباكات عنيفة تدور في منطقة تل شهاب بدرعا لتأمين منشقين عن الحرس الحدودي السوري.

كما أشارت الهيئة إلى أن 9 أشخاص من عائلة واحدة قتلوا في قصف لقوات النظام على بلدة سفيرة تحتاني في دير الزور.

وفي العاصمة دمشق قال شاهد عيان ونشطاء إن قوات سورية اجتاحت حي التضامن في جنوب دمشق بعشرات من الدبابات والمركبات المدرعة والجنود في محاولة لاستعادة السيطرة على المعقل الأخير للمعارضة في العاصمة.

وقد وصل عدد قتلى الاحتجاجات في سوريا أمس إلى 137 قتيلاً بحسب لجان التنسيق، وفي غضون ذلك، بات الجيش الحر يسيطر على أحياء جديدة في حلب وسط اشتباكات مع قوات النظام في الراموسة وحي الإذاعة وأمام مبنى الهجرة والجوازات.

شهر يوليو الأكثر دموية منذ بداية الاحتجاجات

أكثر من 4239 شخصاً قتلوا في شهر يوليو غير حصيلة المعتقلين والقتلى مجهولي الهوية

العربية.نت

أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الأنباء الفرنسية السبت أن شهر يوليو كان “الأكثر دموية” في سوريا منذ بداية حركة الاحتجاجات منذ منتصف مارس 2011.

وقتل اليوم السبت 48 سوريا برصاص قوات الأمن، بينهم ثلاثة أطفال وست نساء وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان. وقالت الشبكة إن 20 شخصا قتلوا في دير الزور، و13 بدمشق وريفها، و6 في حلب، و2 في كل من درعا وحمص وحماة، و1 في اللاذقية.

وقبل ذلك، قال عبد الرحمن إن أكثر من 4239 شخصا قتلوا في شهر يوليو، حيث تضم هذه الحصيلة 3001 مدني، بالإضافة الى 1133 جنديا و105 منشقين.

وأوضح عبد الرحمن أن شهر يونيو يأتي في الترتيب الثاني من حيث عدد القتلى الذين بلغت حصيلتهم 2917 قتيلا، مشيرا الى أن “الحصيلة تزداد دموية شهرا بعد آخر”.

وكانت حصيلة القتلى، من 12 ابريل الى 12 مايو، انخفضت الى 989 شخصا لدى قدوم بعثة المراقبين الدوليين.

واتخذ الصراع منحى أكثر عنفا عند بداية عمليات الاقتتال في دمشق وحلب، المدينتين الأكثر أهمية في البلاد.

علما بأن هذه الحصيلة لا تتضمن آلاف المعتقلين الذين ما يزال مصيرهم مجهولا كما لا تشمل القتلى مجهولي الهوية حسبما أشار عبد الرحمن.

مقتل 48 سوريا غالبيتهم بدمشق وريفها

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

قتل السبت 48 سوريا برصاص الأمن، بينهم ثلاثة أطفال وست نساء وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وقالت الشبكة إن 20 شخصا قتلوا في دير الزور، و13 بدمشق وريفها، و6 في حلب، و2 في كل من درعا وحمص وحماة، و1 في اللاذقية.

وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها اليوم ثمانية وأربعين شهيد في محافظات مختلفة بين الشهداء ثلاثة أطفال وست سيدات

وذكرت شبكة شام الإخبارية المعارضة أن من بين قتلى دير الزور 10 أشخاص قضوا في حي الحميدية إثر قصف الجيش السوري للحي.

وقالت شبكة شام إن الطيران الحربي قصف بعنف مساكن هنانو وحي الصخور بحلب.

وذكر المرصد السوري للتوثيق أن قوات الأمن السورية تشن حملة عنيفة على كل من الرستن وتلبيسة بريف حمص، وتقصفها بعنف مستخدمة الطائرات والمدفعية.

سياسيا، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة بأغلبية 133 صوتا مشروع قرار عربيا بشأن الأزمة السورية الجمعة، ورفضت القرار 12 دولة، فيما امتنعت 33 دولة عن التصويت.

ويدين القرار، الذي تقدمت به دول عربية، “القصف الأعمى” للمدن بالأسلحة الثقيلة من قبل القوات السورية، ويحث دمشق على إعادة قواتها وأسلحتها الثقيلة إلى الثكنات.

ويدعو القرار إلى تشكيل حكومة توافق، من دون الدعوة صراحة إلى رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، ولم ينص القرار على فرض عقوبات على دمشق مماثلة لتلك التي فرضتها عليها الجامعة العربية في نوفمبر الماضي.

جبهة النصرة” تتبنى قتل مذيع سوري

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

تبنت “جبهة النصرة” التي سبق أن أعلنت مسؤوليتها عن عمليات تفجير عدة في سوريا خلال الأشهر الماضية، في بيان مقتل المذيع في التلفزيون السوري الرسمي محمد السعيد الذي اختطف منتصف يوليو.

ونشر البيان الذي يعلوه علم يمثل تنظيم القاعدة ويحمل صورة للإعلامي وهو حي مرتديا قميصا أزرق ومتكئا على الحائط مكتوف اليدين، على الموقع الالكتروني “لشبكة أنصار الشام”.

وتنشر “جبهة النصرة” بياناتها على هذا الموقع عادة.

وقال البيان الذي يحمل الرقم 41 “من فضل الله تعالى على المجاهدين في جبهة النصرة، تمكن أبطال الغوطة الغربية من أسر الشبيح الإعلامي محمد السعيد بتاريخ 19 يوليو وتم قتله بعد التحقيق معه”.

وأشار إلى أن هذه العملية وغيرها لعلها تكون “عبرة لكل من يساند هذا النظام الطاغوتي أن يتوب إلى الله”.

وتابع البيان أن “الحرب التي أعلنها النظام على سوريا وأهلها قد طالت كل شيء وقد استخدم فيها كل شي، ومما استخدمه إعلام الدولة الذي دفع الناس ثمن معداته”.

ولم يورد التلفزيون السوري أي خبر يتعلق بمقتل المذيع.

وقال مدير التلفزيون معن صالح ردا على سؤال لوكالة فرانس برس أن “لا دليل مادي على صحة الخبر”.

وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد عبرت عن قلقها على مصير المذيع في 24 يوليو، داعية خاطفيه إلى إطلاق سراحه، ومشيرة إلى أن “أطراف النزاع لا يجب أن تستهدف وسائل الإعلام والصحفيين، سواء أكانوا محترفين أو مواطنين”.

وتبنت المجموعة نفسها التي لم تكن معروفة قبل الاضطرابات في سوريا في أشرطة فيديو وبيانات سابقة عمليات تفجير في دمشق وحلب ودير الزور، استهدفت في معظمها أجهزة أمنية سورية.

صحف العالم: الإخوان المسلمون بسوريا وأهمية مدينة حلب

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– تصدر الملف السوري قائمة الأخبار والمقالات التي تناولتها أبرز الصحف العالمية في إصداراتها، السبت، ففي الوقت الذي ركزت فيه بعض الصحف على بدء ظهور الإخوان المسلمون على الساحة السورية بشكل واضح، أشارت صحف أخرى إلى الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها مدينة حلب بالنسبة لطرفي الصراع بسوريا.

دايلي تيليغراف

تناولت الصحيفة البريطانية في إصداراتها، الملف السوري بمقال حمل عنوان “الإخوان المسلمون يؤسسون ميليشيا داخل سوريا” حيث تتمتع بوجود قوي على الساحة السورية بشكل عام وخصوصا في بالعاصمة دمشق والمناطق الساخنة كحمص وإدلب.

ونقلت الصحيفة أن الميلشيا يطلق عليها اسم “الرجال المسلحون للإخوان المسلمون،” حيث أشار أحد المنظمين بالميليشيا ويدعى ابو حمزة أن هذه الجماعة تشكلت بالتعاون مع أعضاء بالمجلس الوطني السوري المعارض.

ونقلت الصحيفة على لسان أبو حمزة قوله “لاحظنا انتشار العديد من المسلحين في المناطق السورية، وقررنا جمعهم تحت مظلة واحدة.”

واشنطن بوست

ركزت الصحيفة الأمريكية في عناوينها الرئيسية على الملف السوري وخصوصا على تطور الأوضاع في مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية والتي لم يكن لها دور كبير منذ بدايات الثورة قبل 17 شهرا وأصبحت الآن معقلا لأكبر المواجهات بين الثوار والجيش النظامي.

ونقلت الصحيفة على لسان بروفيسور العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت، هلال خشان “تعتبر مدينة حلب مهمة جدا للثوار، حيث أن السيطرة عليها يمهد الطريق أمام الزحف إلى العاصمة دمشق.” مشيرا إلى “الثوار ينظرون إلى لمدينة حلب باعتبار أنها بنغازي ثانية كما كانت أهمية مدينة بنغازي بالثورة الليبية.”

وبينت الصحيفة أن النظام والجيش السوري يقاتل بشراسة لمنع مثل هذا الانشقاق لأحد أكبر المدن بالوقوع تحت سيطرة الثوار، وخصوصا أن التركيبة السكانية للمدينة أصلا غالبيتها من المسلمين السنة الذين لا يشعرون بالولاء للنخبة العلوية التي ينتمي إليها بشار وكبار رجالات الدولة والجيش.

الإنديبندنت

تناولت الصحيفة البريطانية في إصداراتها المعارك العنيفة التي تجري بين الثوار وقوات الجيش النظامي، وتصريحات أحد القائمين بعمليات الإسعاف وتقديم المساعدة للجرحى والمصابين الذين سقطوا في صفوف الثوار “نحن بحاجة للسلاح وللذخيرة من الغرب، حيث أنه لا توجد طريقة لوقف عمليات القتل إلا بالقتال والمواجهة.”

وبينت الصحيفة أن هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي تتعرض فيه المستشفيات والعيادات الطبية التي تتواجد في مناطق المواجهات إلى قصف وتدمير كلي مخافة تقديم مساعدات طبية أو إسعافات للثوار وعناصر الجيش الحر.

الإخوان السوريون: تصريحات بان كي مون إهانة لشعب سورية العظيم

روما (4 آب/ أغسطس) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء

اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين في سورية أن ما صدر من تصريحات عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن ما يجري في سورية “حرب بالوكالة” يعد ” إهانة لشعب سورية العظيم” وفق تصريح صادر عنها

وجاء في تصريح صادر عن الناطق الرسمي باسمها زهير سالم “سنة ونصف مرت على ثورة الشعب السوري ، قدم هذا الشعب خلالها من دماء أطفاله وأبنائه ما لم يقدمه شعب آخر دفاعا عن حريته وكرامته ومستقبل أجياله” و”مع خذلان المجتمع الدولي ، ولاسيما المنظمة الدولية التي يشغل السيد بان كي مون موقع أمينها العام، لشعب سورية ، ودخول دول كبرى منها روسيا والصين وإيران بكل ثقلها المعركة إلى جانب نظام الاستبداد والفساد ، خرج علينا الأمين العام للأمم المتحدة بقوله الفج الذي يصف مجريات الثورة في سورية بأنها حرب بالوكالة ؟ !!!!” حسب تعبيره

وتابع “لقد أثبت السيد بان كي مون ووكيله كوفي عنان منذ المقاربات الأولى للواقع السوري جهلا مطبقا بطبيعة الشعب السوري ، وبحقيقة المعركة التي تجري على الأرض هناك . ومن هنا كان هذا الفشل الذريع الذي منيت بها جهود المنظمة الدولية على هذا الصعيد” وأضاف “لا يستطيع السيد بان كي مون الذي يعيش خارج حركة التاريخ ، أن يستوعب تطلعات الشعوب إلى الحرية وإلى الكرامة” على حد قوله

وخلص إلى القول “إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية نستنكر قول السيد الأمين العام للأمم المتحدة عن الثورة السورية بأنها ( حرب بالوكالة )، ونعتبره إهانة مباشرة لشعب سورية العظيم . ونرى فيه جهلا فاضحا لايليق برجل في مقامه . كما نرى فيه إساءة للمنظمة التي يحتل السيد بان كي مون موقع أمينها العام ، وخروجا على المبادئ السامية التي قامت هذه المنظمة عليها ، والأهداف التي أنيط بالسيد بان كيمون العمل على تحقيقها” حسب تعبيره

رئيس إعلان دمشق بالمهجر: المبادرات الغربية والعربية قدّمت غطاءً شرعية لتصفية آلاف السوريين

روما (3 آب/أغسطس) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء

رأى رئيس تجمع إعلان دمشق في المهجر أن مبادرة الجامعة العربية ومعها مبادرة كوفي أنان قدّمتا “غطاءً من الشرعية” لتصفية أكثر من عشرة آلاف من الثوار ، ونوه بـ”عدم ثقة السوريين بكل هذه المبادرات لأنها تستند لمنظومة فهم جيوسياسية وفق منظوماتها الإقليمية التقليدية، ووفق مبادئ الحرب الباردة بين الغرب وروسيا”

وانطلاقاً من (مجلس لأمناء الثورة) وإعلانه عن نيّته تشكيل حكومة انتقالية أوضح عبد الرزاق عيد، رئيس المجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الديمقراطي في المهجر، لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “لقد اتصل بي الأخوة من مجلس الأمناء يحدثوني عن المجلس، ولم أكن بحاجة لمعرفة توجهات المجلس، لأني أستطيع أن أستنتجها من خلال شخوصه كأصدقاء”، وأضاف “لقد ذكر لي عدد من الأسماء الذين أحترمهم فوافقت أن أكون بينهم، لكني لم أتمكن من الذهاب إلى القاهرة، لأن القاهرة لا تعطيني الموافقة الأمنية لدخولها، وهذه أول مرة أعلن ذلك إعلامياً… حيث لم أُعط الموافقة الأمنية لعديد من اللقاءات التي قام بها الأخوة في المعارضة، بما فيها دعوات الجامعة العربية (دعوتان) التي أتتني موقعة من السيد نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، لكن غير ذلك لا أعرف عن المجلس التي لم تصلني نتائج تشكيله وبنيته التنظيمية حتى الآن، وهذا يعني أنه ليس لدي علم بتشكيل الحكومة الانتقالية، ولم أُخبر سابقاً بنية تشكيلها” وفق تأكيده

وحول اقتراح القيادة المشتركة لـ”الجيش الحر” لمشروع المرحلة الانتقالية (مجلس أعلى للدفاع، مجلس وطني أعلى، هيئات حماية الثورة، ثم حكومة انتقالية) قال “أنا دائم الترحيب بكل ما يصدر عن الداخل، ولقد نشرت إثر وصول رسائلهم لي أنه يشرفني أن أُشارك بكل ما يقترحه عليّ الداخل من مهمات وطنية، وأنا في الحقيقة أفترض أن قيادة الجيش الحر بقراراتها إنما تتشاور مع تنسيقيات الداخل، ولا تكرر خطأ المعارضة الرسمية (الخارجية: المجلس الوطني ـ والداخلية هيئة التنسيق)، باتخاذها قراراتها بالنيابة عن الجميع ـ لا سيما من أسميهم أولياء الدم ـ الأمر الذي يقود إلى الإقصاء، ومن ثم دفع المقصيين إلى المعارضة كردة فعل طبيعية على حالة إقصائهم (خارجيا وداخلياً)، ومن ثم دفع الجميع للاختلاف مع الجميع، كما هو حال (المعارضة) اليوم وهي تتحول إلى (عراضة) تُحرج بخفتها وركاكة أساليب محاصصاتها الحزبوية وولاءاتها الدولية الحراك الثوري العظيم لشعبنا، عندما تستند إلى شرعية الصفقات الحزبية وشرعية الولاءات الدولية التي تدعمها، لتغدو عبئاً حقيقياً على الثورة وليس إضافة نوعية لها” وفق تعبيره

وفيما إن كانت الدعوات الأوروبية والعربية للمعارضة السورية لتشكيل حكومة انتقالية هو الحل الأنسب، قال عيد “المشكلة أن أوروبا لا تزال تعيش موروث ثقافتها الاستعمارية، الذي لا يتيح لها أن ترى شعوبنا قادرة على المساهمة في صنع مصائرها، ولهذا فاجأها الربيع العربي، فتعاملت معه ضمن منطق الوصاية ذاتها، فبحثت بأرشيفها عن موظفين معروفين لديها لكنهم غير معروفين لدى شعوبهم، لتصنعهم إعلامياً بالمشاركة مع إعلام بعض البلدان العربية التي ليست أكثر احتراماً لإرادات شعوبها من أوربا، فشاركت أوربا بهذه الوليمة لصناعة نجوم إعلاميين للمعارضة لقيادة الثورة التي ليست بحاجة لقيادة المعارضة التقليدية (الخارجية والداخلية) بعد أن أنتجت قيادتها من بين صفوفها، ولو كانت تنتظرنا كمعارضين لقيادتها لما قامت الثورة بالأصل حتى يوم القيامة” حسب رأيه

وتابع “على هذا فإن المبادرات (الأوروبية ـ العربية) تُطرح دون الاستناد إلى رأي قوى الثورة على الأرض مدنيا (التنسيقيات) وعسكرياً (الجيش الحر)، دون أي استشعار بحجم الضرائب التي تدفعها الشعوب ثمن الحريتها، وعلى هذا (فأوروبا والجامعة العربية) غير قادرة أن تقدم لنا إلا مبادرات من مثل (مبادرة الجامعة العربية ومبادرة أنان) حيث قدمت هاتان المبادرتان غطاء من الشرعية لتصفية أكثر من نصف شهدائنا، أكثر من عشرة آلاف شهيد، إنني لم أعد ـ مثلي مثل الشعب السوري ـ أثق بكل هذه المبادرات التي تستند لمنظومة فهم للجيوبوليتيكا السياسية، وفق منظوماتها الإقليمية التقليدية القائمة منذ الحرب العالمية الثانية وفق مبادئ الحرب الباردة التي تعود روسيا اليوم لتسخينها بأكثر ما يمكن تصوره من تجاهل واحتقار للشعب السوري” على حد تعبيره

ورأى رئيس تجمع إعلان دمشق في المهجر أن “هذه المبادرات ستفشل دائماً لأنها لا تريد أن ترى شعوبنا دخلت التاريخ بجدارة وحسم، أي لا تريد أن تعترف بشعوبنا كقوى فاعلة في التاريخ كما لديهم في أوروبا، ولذا لم يستطيعوا حتى اليوم أن يهضموا فكرة ثورات الربيع الديموقراطي في عالمنا، وأن يستوعبوا أن شعوبنا اليوم تصنع تاريخها ومصائرها، وأن الأثمان التي تدفعها الثورة السورية اليوم لم تدفعها الثورة الفرنسية أو الروسية، ولا حتى كل ثورات الربيع الديموقراطي في روسيا وأوربا الشرقية، بل حتى الصين ومجازرها في تيانن منن” وفق قوله

وحول البدائل قال عيد “أظن أنه لا بد من هيكلية شبكة أمان تملأ الفراغ بعد سقوط العصابات الأسدية، لكن هذه الهيكلية لا بد لها أن تستند أولاً وثانياً وعاشراً ليس على المعارضة التقليدية، بل على إرادات الداخل الثورية (جيش حر ـ تنسيقيات)”.

وتابع “أما عن أن الوقت مناسب للطروحات، فأقول دائماً الوقت مناسب لكل الطروحات، لأننا ما عاد تاريخنا ولا أجيالنا الشابة الثورية قادرة على القبول بأن ثمة مقدساً ممنوع اللمس سماوياً، باسم قداسة القضايا حيث الشعار القامع القاتل (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، فكل الأصوات يجب أن ترتفع من أجل انتصار المعركة، معركة الحرية: حرية التفكير والتعبير… فليس لأحد أن يكون على حرية العقل وتبادل الطروحات بمسيطر” وفق تأكيده

سوريا: استمرار الاشتباكات المسلحة في دمشق وحلب

استمرت الاشتباكات المسلحة في كل من دمشق وحلب، وتركز القتال في الأطراف الجنوبية للعاصمة حيث افاد جيم موير مراسل بي بي سي في بيروت أن حي التضامن يتعرض لقصف شديد.

وتسمع اصوات الانفجارات وإطلاق النار في بعض الأحياء وسط العاصمة، وافاد ناشطون بوقوع اشتباكات في الجهة الغربية للمدينة، في دمر وحولها.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مسلحي المعارضة قاموا بتفجير عبوات ناسفة في مبنى الإذاعة والتلفزيون في حلب.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن من وصفتهم بالإرهابيين “هاجموا المركز الإذاعي والتلفزيوني في منطقة الإذاعة في حلب” وأن “عددا من المهاجمين قتلوا واصيبوا اثناء الهجوم وتصدي قوة من الجيش لهم”.

ويشهد حي صلاح الدين في حلب الذي يعتبره الجيش السوري بوابة الدخول الى المدينة اشتباكات عنيفة، حسب التقارير.

وأفاد معارضون أن الاشتباكات مستمرة في مناطق مختلفة من المدينة وخاصة في محيط نادي الضباط.

وتدفق المعارضون المسلحون على حلب في يوليو/ تموز بعدما طردوا من العاصمة التي كانوا قد شنوا هجوما عليها تزامن مع تفجير قنبلة قتل فيه اربعة من كبار المسؤولين الأمنيين.

وتصاعد الصراع على مدى الاسابيع الثلاثة الماضية بسبب القتال في المدينتين الرئيسيتين.

وقال معارضون انهم سيطروا على مركز شرطة كبير بعد اشتباكات استمرت اياما. وقال قائد كبير في المعارضة المسلحة يدعى أبو زاهر إنهم احتجزوا عددا من ضباط الشرطة وصادروا اسلحة وذخائر.

وتحدثت مصادر بالمعارضة عن معارك عنيفة في مناطق عدة بينها حي صلاح الدين في حلب.

وقال ناشط لرويترز: “تجري حاليا اشتباكات عنيفة في صلاح الدين خلفت 20 قتيلا مدنيا. الحي يتعرض للقصف بالمدفعية وطائرات الهليكوبتر.”

جرائم ضد الانسانية

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون ان الفظائع التي تحدثت عنها الأنباء الواردة من حلب قد ترقى الى جرائم بحق الإنسانية. وتبادل الجانبان الاتهامات بالقيام بعمليات اعدام لاسرى في المدينة.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة الجمعة على قرار يدين الحكومة السورية خلال جلسة خاصة، قال دبلوماسيون غربيون انها سلطت الضوء على عزلة روسيا والصين اللتين تؤيدان الاسد.

وانتقد فيتالي تشوركين مبعوث روسيا بالأمم المتحدة القرار واعتبره “ضارا”.

وكانت روسيا والصين من بين 12 دولة عارضت القرار الذي ايدته 133 دولة وامتنعت 31 دولة عن التصويت.

خطة جديدة

واعتبرت قطر ان اي شخص يخلف كوفي عنان كوسيط دولي بشأن سوريا لابد أن يتبع استراتيجية جديدة بسبب ما وصفته باخفاق خطة سلام عنان المؤلفة من ست نقاط.

وقال الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني وزير خارجية قطر: “يجب ان يكون هناك تعديل واضح لهذه الخطة لان قضية النقاط الست انتهت لم ينفذ منها اي شئ.” “يجب ان يكون هناك ارادة دولية لعمل شئ اذا مجلس الامن استمر في طريقة التعطيل التي هي الان فيه بسبب اختلاف الدول الكبرى والتي هي على حساب الشعب السوري.” وانحى الشيخ حمد باللائمة في اخفاق خطة عنان على “المماطلة في الجانب السوري” وتزايد وتيرة القتل.

BBC © 2012

الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين الحكومة السورية وموسكو ترى في الخطوة خدمة للمعارضة

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدين استخدام العنف في سوريا من قبل الحكومة ويطالب في الوقت ذاته بانتقال سلمي سياسي للسلطة.

كما انتقد مشروع القرار غير الملزم مجلس الأمن لفشله في اتخاذ اجراءات لوقف العنف.

وأوضح القرار أن الجمعية العامة “تأسف لفشل مجلس الأمن في الاتفاق على إجراءات لضمان اذعان السلطات السورية لقراراته”.

وأقرت الجمعية العامة القرار بموافقة 133 عضوا واعتراض 12 وامتناع 33 دولة عن التصويت.

وكان المندوب السعودي الذي أعدت بلاده القرار قد دعا أعضاء الجمعية العامة الى التصويت بالموافقة.

موسكو

واعتبر السفير الروسي في الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان القرار يشكل “دعما صارخا للمعارضة السورية المسلحة” بذريعة انسانية.

وقال تشوركين “خلف واجهة الخطاب الانساني ثمة دعم صارخ للمعارضة السورية المسلحة” من جانب دول “تسلح وتمول” هذه المعارضة وتقدم اليها “مرتزقة”.

واضاف “ليست صدفة ان تكون هذه الدول نفسها المروج الاكبر لهذا القرار”، في اشارة ضمنية الى دول الخليج وفي مقدمها السعودية.

ورفض تشوركين فرضية ان يكون الفيتو الروسي والصيني قد ادى الى شل عمل مجلس الامن، مؤكدا ان المجلس “كان يتوصل الى تفاهم حين كان يبحث قرارات متوازنة ومتوافقا عليها سياسيا”.

واعتبر ان القرار “يقلص فرص التوصل الى تسوية سياسية” يقودها السوريون انفسهم و”يفاقم المواجهة” في هذا البلد.

وكان تشوركين صرح في وقت سابق لوسائل الاعلام الروسية ان هذا القرار لا ينطوي على “معنى عملاني” وليس سوى “محاولة اضافية لممارسة ضغط سياسي ودعائي على سوريا”.

بدوره، رأى مساعد السفير الصيني وانغ مين ان “ممارسة ضغط على معسكر واحد لا يمكن ان تساعد في حل” النزاع في سوريا.

واضاف “على النقيض، هذا الامر سيعرقل التسوية السياسية للازمة وسيؤدي الى تصعيد وسيجر دولا اخرى في المنطقة” الى هذه الازمة.

إتهام

من جهته اتهم مندوب سوريا في الأمم المتحده بشار الجعفري كلا من الغرب ودول خليجية بدعم ما سماه خلايا ارهابيه في سوريا.

وقال الجعفري إن الدول نفسها التي ترعى القرار ” لها اليد الطولى في عسكرة الوضع في سوريا ودفعه بعيدا عن الحل السياسي المنشود وذلك عن طريق تقديم السلاح للمجموعات الإرهابية في سوريا”.

وأضاف الجعفري أن هذه الدول مثل السعودية وقطر والبحرين “دول مستبدة ولا يمكن اعتبارها واحة لحقوق الإنسان”.

تحذير

وقبل التصويت على القرار، نبه الأمين العام للأمم المتحده بان غي مون الى احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في القتال الدائر في حلب بين قوات الحكومة السورية والمعارضه المسلحة.

كما حذر بان غي مون من “حرب أهلية طويلة الامد في سوريا تؤدي الى تحطيم النسيج الاجتماعي السوري وزعزعة الاستقرار في المنطقة”.

فقدان للشرعية

من جانبه اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا ان القرار الذي اقرته الجمعية العامة يؤكد أن النظام السوري “فقد شرعيته”.

وقال سيدا في مؤتمر صحفي في اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق إن القرار الذي يدين استخدام الحكومة السورية الاسلحة الثقيلة وينتقد عجز مجلس الامن “يؤكد أن هذا النظام قد فقد شرعيته ولم يعد المجتمع الدولي يؤمن بشرعيته”.

ميدانياً، قال سيدا ان الجيش السوري الحر لم ولن ينسحب من حلب، مؤكدا ان المعارضة لن تسعى الى اجتثاث حزب البعث في سوريا كما حدث في العراق.

وتواصلت الجمعة الاشتباكات العنيفة في حلب شمالي سوريا حيث تحاول القوات النظامية اقتحام حي صلاح الدين.

واستطاعت القوات النظامية التقدم نحو 50 مترا داخل حي صلاح الدين فيما تمكن مسلحو الجيش السوري الحر من السيطرة على حي الاذاعة بالكامل بالاضافة الى بعض مراكز الشرطة والامن، بحسب ما اكد قائد كتيبة نور الحق في الجيش الحر النقيب الطيار واصل ايوب.

في موازاة ذلك، دعا سيدا الحكومة العراقية للوقوف الى جانب الشعب السوري.

وقال “نحن نأمل وهناك تواصل بيننا وبين الحكومة العراقية ونأمل بان يتخذ الموقف المنشود وهو الوقوف الى جانب الشعب السوري.”

وفي هذه الاثناء، تصاعدت ضراوة المعارك في حلب، حيث واصل الجيش الحكومي قصف مواقع الجيش السوري الحر، كما شهدت مدينة حماة والعاصمة دمشق معارك متواصلة.

وتحاول القوات الحكومية استعادة مناطق استولى عليها الجيش السوري الحر في حلب خلال الاسبوعين الماضيين.

وابلغ هيرفي لادوس رئيس بعثة المراقبين مجلس الأمن الدولي أن المراقبين في حلب يلحظون “تراكما كبيرا للوسائل العسكرية”.

وتابع معلقا على الأوضاع في حلب “لدينا من الأسباب ما يدفعنا للاعتقاد بأن المعركة الرئيسة على وشك البدء”.

تبادل اتهامات

وقال ناشطون معارضون إن 170 شخصا على الأقل قتلوا في مختلف أنحاء البلاد يوم أمس الخميس، بينهم العشرات في حماة الواقعة جنوب حلب.

وقتل ما لا يقل عن 15 شخصا بقذائف هاون اطلقت على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة دمشق في وقت متأخر من يوم الخميس.

وسارعت الحكومة وقوات المعارضة بتبادل الاتهامات في شأن هذا الحادث.

ويقول الناشطون المعارضون إن اكثر من 20 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين العزل، قتلوا في سوريا خلال 17 شهرا هي عمر الانتفاضة السورية.

BBC © 2012

الجيش السوري يشق طريقه وسط ساحة المعركة في حلب

حلب (سوريا) (رويترز) – قال شاهد من رويترز إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش السوري قصفت مدينة حلب يوم السبت في الوقت الذي أطلقت فيه قوات سورية قذائف مدفعية لشق طريقهم وسط صفوف مقاتلي المعارضة في صلاح الدين.

وأضاف أن هناك طائرة هليكوبتر واحدة وبالامكان سماع دوي انفجارين كل دقيقة.

واختبأ معارضون من الجيش السوري الحر في الأزقة في صلاح الدين لتفادي رصاص وقذائف دبابات الجيش السوري التي أصابت مبنى في المنطقة.

(إعداد علا شوقي للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

تحليل-ازمة سوريا تغذي العنف في العراق وتعيد الحياة للقاعدة

بغداد (رويترز) – كان هجوما جريئا ومعقدا حريا بالقاعدة في اوج نشاطها في العراق. انفجرت قنبلتان لم يفرق بينما سوى دقائق معدودات لتقتلا وتبترا اطرافا وتصرفا الانظار عن قيام مجموعة من الانتحاريين باقتحام مقر للشرطة في بغداد لتحرير مسلحين مسجونين.

والهجوم الكبير الذي وقع على وحدة شرطة مكافحة الارهاب في بغداد هو الاحدث الذي تشنه جماعة دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة تنفيذا لتهديدها باستعادة ما خسرته في قتالها ضد القوات الامريكية بل ان قائدها هدد بشن هجمات في الولايات المتحدة.

وفي النهاية اخفق المسلحون في اطلاق سراح السجناء ولكن الرسالة الموجهة كانت واضحة.. عدنا.

ومع تسلل مسلحين سنة إلى سوريا المجاورة لمحاربة الرئيس بشار الأسد يقول خبراء في مجال الامن إن القاعدة جمع اموالا وتضم مقاتلين جددا بل وترتفع معنوياتها على جانبي الحدود لتستعيد حيويتها بعدما ما تكبدته من خسائر على ايدي القوات الامريكية وحلفائها العراقيين طيلة سنوات.

وتبغض جماعة دولة العراق الإسلامية وجماعات سنية متشددة اخرى الاقلية العلوية وهي احدى الفصائل الشيعية التي ينتمي إليها الاسد الذي يرون انه يضطهد السنة.

وتناصب الجماعة العداء ايضا الشيعة بصفة عامة وتعارض حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها شيعة. وإيران القوة الشيعية الكبرى في المنطقة حليف وثيق للأسد ولها نفوذ هائل لدى بغداد.

ويبدو أن القاعدة تستغل التوتر بين السنة والشيعة التي يؤججها تفاقم الصراع الطائفي في سوريا. ويغضب كثيرون من سنة العراق بالفعل ما يعتبرونه اصرارا من جانب المالكي على تقليص حصتهم في السلطة.

وقال رمزي مارديني المحلل في معهد دراسات الحرب في واشنطن “الازمة السورية تتيح مجالا يجتذب منه جناح القاعدة المهيمن في العراق مسلحين وموارد لخدمة قضيته. ربما يكون ذلك احياء للثقة في قطاع من المتطرفين السنة.”

وفقدت القاعدة – التي كانت من قبل المحرك لاعمال العنف التي شنها السنة ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة – كثيرين من قادتها في مواجهات مع القوات العراقية والامريكية.

وانقلبت القبائل السنية عليها بداية من عام 2007 وقاتلت القاعدة باسلحة امدتها بها القوات الامريكية ويرجع ذلك في جزء منه لاستيائها مما سببوه للمدنيين من مآس دون تمييز.

وهدأت اعمال العنف الطائفية في العراق الذي غرق في حمام من الدم في عامي 2006 و2007 ولكن منذ رحيل اخر مجموعة من القوات الامريكية في ديسمبر كانون الأول تعلن القاعدة مسؤوليتها في كل شهر عن هجوم ضخم واحد على الاقل ومنسق بشكل جيد.

ويبدو مستبعدا عودة اعمال العنف الطائفية الشاملة ولكن احتمال سقوط الأسد في سوريا يثير قلق الزعماء الشيعة في العراق الذين يخشون ان تتولى السلطة حكومة سنية متشددة ما يقوي شوكة المسلحين السنة في العراق.

وبالفعل تقول بغداد إن مقاتلي القاعدة من اصحاب الخبرة يعبرون الحدود التي تمتد لمسافة 680 كيلومترا للتواصل وشن هجمات ضد حكومة الأسد. ويقول خبراء ان هذا يمنح جماعة دولة العراق شرعية جديدة في اعين بعض السنة.

وعلى حدود العراق الغربية مع سوريا وبالقرب من نقطة البوكمال اثارت الاضطرابات على الجانب الاخر من الحدود تعاطفا في منطقة سنية تشاركها روابط قبلية وعائلية.

ويقول مسؤول امني عراقي بارز إن نفوذ القاعدة كبير في بعض القرى الحدودية النائية وتقع مناوشات يومية بين القوات العراقية ومهربين ومسلحين يرسلون مقاتلين واسلحة لسوريا.

وقال سيث جونز خبير مكافحة الارهاب في مؤسسة راند في واشنطن ومؤلف كتب عن القاعدة “الشرعية الدينية للحرب السورية وزيادة التمويل والمقاتلين يفيد دون شك القاعدة في العراق.”

ومع رحيل القوات الامريكية زالت معها قدرة مخابراتها على جمع المعلومات مما يمنح المسلحين حيزا أكبر للعمل في معاقلهم السابقة مثل محافظة الانبار ومناطق تشهد اقتتالا سياسيا تنشغل به القوات المسلحة.

وفي بداية شهر رمضان اصدر القائد المحلي للقاعدة أبو بكر البغدادي بيانا نادرا يعلن فيه الجهاد مجددا لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها القاعدة في معارك مع قوات امريكية على مر الاعوام.

وفي رسالة حماسية لمقاتليه حذر البغدادي الامريكيين من أن الحرب بدأت للتو وان المقاتلين سيحاربوهم في عقر ديارهم.

وحتي قبل دعوة حمل السلاح شهد شهر يونيو حزيران بعضا من اعنف الهجمات التي القي اللوم فيها على القاعدة في العراق وذلك منذ الانسحاب الامريكي بما في ذلك تفجيرات على زوار شيعة وهجوم انتحاري على مركز ديني للشيعة في بغداد.

وكان شهر يوليو تموز الأكثر دموية في العامين الماضيين إذ قتل 325 شخصا معظمهم من المدنيين.

ورغم انحسار التأييد للقاعدة في العراق نتيجة سقوط ضحايا من المدنيين فان التفجيرات في الوقت الراهن تستهدف اهدافا شيعية ومكاتب حكومية وقوات امن محلية سعيا لاشعال التوتر الطائفي وتقويض سلطة المالكي.

وتحولت الجماعة – التي كانت تجتذب من قبل مقاتلين اجانب يثيرون حفيظة السكان المحليين – لمجموعة رئيسية من العراقيين وقد قوى من عزيمتهم القتال ضد القوات الامريكية والزج بهم في سجون امريكية.

وقال جون دريك من ايه.كيه.اي جروب للاستشارات “اظهرت هذه المنظمات مقاومة بالتكيف وتشكيل خلايا صغيرة منتشرة.”

وأضاف أنه ينظر لتنظيم القاعدة في العراق الآن على انه “تنظيم أكثر محلية لذا يمكنه ان يكسب دعما أكبر من بعض المواطنين العراقيين.”

ويعترف مسؤولون عراقيون بان القاعدة – التي اضحت اضعف بكل تأكيد وقلت قدرتها على الاحتفاظ باراض عما كانت عليه قبل اعوام – تسللت من جديد لمعاقل قديمة ساعدها على ذلك عدم تحرك الحكومة بسبب الفساد والاقتتال السياسي.

وتعتبر الموصل المدينة الشمالية – التي اطلق عليها الجنود الامريكيين في يوم ما اسم مثلث الموت – العاصمة غير الرسمية لجماعة دولة العراق ويقول مسؤولون انهم يجمعون ملايين الدولارات شهريا من خلال عمليات ابتزاز.

وفي مدينة بعقوبة – حيث اصابت الخلافات السياسية بين زعماء سنة وشيعة واكراد الحكومة المحلية بالشلل – استقال أكثر من عشرين مختارا (رئيس حي) ينقل معلومات لقوات الامن من منصبه في يوليو خوفا من القاعدة.

وقال رئيس مجلس البلدية عبد الله الحيالي ان سبب سلسلة الاستقالات هجمات القاعدة التي استهدفت المخاتير واسرهم.

ويهون بعض المسؤولين العراقيين من نفوذ القاعدة ويقولون إن الادلة من العديد من الهجمات الكبرى في الاونة الاخيرة توحي بانها من تنفيذ مسلحين اخرين على صلة بجماعات سياسية تحاول زعزعة استقرار الحكومة.

ويشيرون لسلسلة من الهجمات اسفرت عن سقوط أكثر من مئة قتيل في 23 يوليو تموز فيما اعلنت القاعدة المسؤولية ولكن ايا من الهجمات لم يكن تفجيرا انتحاريا وهو ما يميز عمليات القاعدة. واستخدمت في الهجمات عدة سيارات ملغومة فجرت عن بعد.

وتقاتل ست جماعات مسلحة سنية على الأقل من ضمنها اعضاء سابقون في حزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل صدام حسين بعد رحيل القوات الامريكية بينما تم حل معظم الميليشيات الشيعية او ضمها لقوات الامن الحكومية.

وهذا يشكل مزيجا معقدا من الجماعات السنية المسلحة تتصارع احيانا وتتعاون في احيان اخرى.

ولكن هجوم يوم الثلاثاء الماضي في وسط بغداد بدا عملا نمطيا للقاعدة. فقد هرعت قوات الامن إلى موقع انفجار أول لسيارة ملغومة واعقبه انفجار اخر بعد خمس دقائق اوديا بحياة 25 شخصا على الاقل.

واقتحم ثلاثة مسلحين على الاقل يرتدون احزمة ناسفة وزي رجال الشرطة مقرا لمكافحة الارهاب وفجر أحدهم المتفجرات التي يحملها عند البوابة حسب ما أعلنته وزارة الداخلية التي انحت باللائمة على القاعدة.

ولم تستعد قوات الامن السيطرة على المبنى الا بعد معركة ضارية بالرصاص.

وقال دانييل بايمان من مركز سابان التابع لمعهد بروكينجز الذي نشر في الاونة اخيرة دراسة عن الجماعات المنبثقة عن القاعدة “كانت الناس تقول في 2009 ان القاعدة انتهت. حتى وان اخفقت في استعادة اراض فان حقيقة قدرتها على منازعة (هذا القول) بصورة مقنعة أكبر دليل على نجاحها.”

من باتريك ماركي

(شارك في التغطية سؤدد صالحي ورحيم سلمان في بغداد- إعداد هالة قنديل للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

الصين ترد على هجوم الغرب بعد تصويت الامم المتحدة بشأن سوريا

بكين (رويترز) – ردت الصين يوم السبت على انتقاد موقفها بشأن الازمة في سوريا في اعقاب تصويت في الامم المتحدة ادان بأغلبية ساحقة الحكومة السورية مكررة موقف بكين من ان التدخل الخارجي لن يفيد.

ووافقت الجلسة الخاصة للجمعية العامة للامم المتحدة التي تضم 193 دولة يوم الجمعة على مشروع القانون الذي صاغته السعودية والذي يعبر عن “القلق البالغ” من تصاعد العنف في سوريا وادان مجلس الامن لتقاعسه عن التحرك.

وكما كان متوقعا كانت روسيا الحليف القوي للأسد بين الدول الاثنتى عشرة التي صوتت ضد القرار في الجمعية العامة حيث لا تملك اي دولة حق النقض لكن القرارات غير ملزمة. ومن بين الدول الأخرى التي عارضت القرار الصين وايران وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وكوبا ودول أخرى دائما ما تنتقد الغرب.

وقال دبلوماسيون غربيون ان التصويت ابرز عزلة روسيا والصين اللتين تؤيدان الرئيس السوري بشار الاسد.

وقال وانج كيجيان نائب رئيس ادارة شؤون غرب اسيا وشمال افريقيا بوزرة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي رتب على عجل في بكين إن الصين تواصل دعم الجهود الرامية لايجاد حل سلمي وسياسي في سوريا.

وأضاف “يجب الا نتسرع في اغلاق النافذة امام حل سياسي ناهيك عن البدء في التدخل العسكري.

“الصين تتفهم رغبة الدول العربية وجامعة الدولية العربية في سرعة حل الازمة السورية… لقد شددنا في مناسبات عدة للاطراف المختلفة ان المطالب والطموحات المشروعة للشعب السوري للتغيير وحماية مصالحة تستحق الاحترام.”

وقال “الحكومة السورية يجب ان تطبق اجراءات ملموسة للتجاوب مع هذه المطالب. لقد شددنا مرارا على ان مستقبل سوريا ومصيرها يجب ان يحدده الشعب السوري بصورة مستقلة.

“هذه الدول التي وجهت انتقادا بلا اساس للصين بشأن موقفها من سوريا …انما تسعى وراء تحقيق مصالحها السياسية في سوريا وحاولت عرقلة او تقويض عملية التسوية السياسية وتحاول تحويل المسؤولية عن الصعوبات الى دول اخرى.”

وكانت روسيا والصين قد صوتتا ضد مشروع قرار لمجلس الامن بشأن سوريا الشهر الماضي وهي ثالث مرة تستخدم فيها الدولتان الفيتو لعرقلة مشاريع قوانين تستهدف عزل الاسد وانهاء الصراع الذي مضى عليه 16 شهرا واودى بحياة الالاف.

(اعداد علي خفاجي للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

قطر تقول ان من يخلف عنان يحتاج لخطة جديدة بشأن سوريا

بيروت (رويترز) – قالت قطر يوم السبت ان اي شخص يخلف كوفي عنان كوسيط دولي بشأن سوريا لابد وان يتبع استراتيجية جديدة بسبب ما وصفته باخفاق خطة سلام عنان المؤلفة من ست نقاط.

وقال الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني وزير خارجية قطر “يجب ان يكون هناك تعديل واضح لهذه الخطة لان قضية النقاط الست انتهت لم ينفذ منها اي شئ.” “يجب ان يكون هناك ارادة دولية لعمل شئ اذا مجلس الامن استمر في طريقة التعطيل التي هي الان فيه بسبب اختلاف الدول الكبرى والتي هي على حساب الشعب السوري.”

وقال عنان يوم الخميس انه استقال من منصبه كوسيط مشترك للجامعة العربية والامم المتحدة بشأن سوريا.

وتركزت خطته للسلام على وقف لإطلاق النار في ابريل نيسان بين حكومة الرئيس بشار الاسد ومقاتلي المعارضة كخطوة اولى نحو اجراء حوار سياسي. ولم يتماسك وقف اطلاق النار ابدا وقتل الاف المدنيين والجنود ومقاتلي المعارضة منذ الاتفاق عليه.

وانحى الشيخ حمد باللائمة في اخفاق الخطة على “المماطلة في الجانب السوري” وتزايد وتيرة القتل.

واضاف الشيخ حمد لقناة الجزيرة “نحن كدول عربية لن نقبل ان يكون هناك مندوب اخر يمثل العرب مع مجلس الامن لان الظروف تغيرت تماما.”

وقال “نحن نرى ان اي مهمة لاي مندوب جديد اذا كانوا يريدون الدول العربية ان تساهم يجب ان يغير مهمته وتكون مهمته لنقل سلمي للسلطة في سوريا.”

(اعداد احمد صبحي خليفة للنشرة العربية)

(إعداد أحمد صبحي خليفة للنشرة العربية- هاتف 0020225783292)

القوات السورية تقصف معقلا للمعارضة في حلب

حلب (سوريا) (رويترز) – قال شاهد من رويترز إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش السوري قصفت مدينة حلب يوم السبت في الوقت الذي أطلقت فيه قوات سورية قذائف مدفعية لاقتحام صفوف مقاتلي المعارضة في صلاح الدين.

وفي وقت سابق من يوم السبت قال نشطاء ان القوات السورية اشتبكت مع قوات المعارضة حول مبنى الاذاعة والتلفزيون بحلب يوم السبت وذكر قائد محلي بالمعارضة ان مقاتليه يتأهبون لشن هجوم قوي من جانب القوات الحكومية على اكبر مدن البلاد.

واقتحمت القوات السورية آخر معقل للمعارضة المسلحة في دمشق بالدبابات والمركبات المدرعة الجمعة في مسعى لسحق هجوم للمعارضة تزامن مع تفجير قنبلة قتل فيه اربعة من كبار المسؤولين الأمنيين.

وفي دمشق قال سكان ان الهجوم استمر يوم السبت حيث قصفت الطائرات المقاتلة العاصمة في محاولة للقضاء على المقاومة.

واحتدم الصراع في سوريا في الاسابيع القليلة الماضية مع دخول القتال دمشق وحلب للمرة الاولى منذ اندلاع الانتفاضة ضد اسرة الاسد قبل 17 شهرا.

وتمثل المدينتان جائزتين حاسمتين لكلا الجانبين في صراع يزداد وحشية ولم يستجب لجميع المحاولات لحل دبلوماسي ويجازف باشعال مواجهة اوسع.

ووافق اعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة وعددهم 193 دولة بأغلبية ساحقة الجمعة على قرار يدين الحكومة السورية خلال جلسة خاصة قال دبلوماسيون غربيون انها سلطت الضوء على عزلة روسيا والصين اللتين تؤيدان الاسد.

وتريد القوى الغربية والعربية من الاسد التنحي لكن روسيا والصين تستخدمان حق النقض (الفيتو) لعرقلة محاولات الاطاحة به. وتقولان ان التدخل الخارجي يطيل أمد اراقة الدماء.

وفي حي صلاح الدين ساحة المعركة في حلب اختبأ مقاتلون من الجيش السوري الحر في الازقة لتفادي رصاصات الجيش السوري وقذائف الدبابات التي سقطت على مبنى في الحي يوم السبت.

وقال مراسل لرويترز “هناك طائرة هليكوبتر واحدة ونحن نسمع انفجارات كل دقيقة.”

وابلغ ناشط سوري رويترز ان قوات المعارضة سعت في وقت سابق لتوسيع المنطقة التي تسيطر عليها في حي صلاح الدين حيث يتركز اشد القتال شمالا الى المنطقة المحيطة بمبنى الاذاعة والتلفزيون.

وقال الناشط براء الحلبي لرويترز “الجيش السوري الحر طرد من صلاح الدين الى الاعضمية حيث اشتبك هذا الصباح مع القوات السورية. لكنها اضطرت للتقهقر.”

وقال مقاتل في الموقع يدعى معاوية الحلبي ويبلغ من العمر 19 عاما ان القناصة السوريين احاطوا بمبنى التلفزيون واستهدفوا قوات المعارضة.

واضاف “كنا داخله (المبنى) لعدة ساعات بعد الاشتباكات مع الجيش السوري لكن الجيش السوري ارسل قناصة واحاطوا بمبنى التلفزيون وبمجرد طلوع الصبح بدأ الجيش اطلاق النار. احد مقاتلينا استشهد واصيب اربعة.”

واكد المرصد السوري لحقوق الانسان الذي قال ان 110 اشخاص قتلوا الجمعة بينهم 88 مدنيا وقوع الاشتباك قرب مبنى الاذاعة والتلفزيون. وقال ان الاشارة الارضية للتلفزيون السوري في حلب قطعت.

وقال التلفزيون السوري ان عددا كبيرا من الارهابيين وهو الوصف الذي تستخدمه للحديث عن المعارضة قتلوا واصيبوا بعدما حاولوا اقتحام مبنى الاذاعة والتلفزيون في حلب.

وقال شاهد من رويترز تابع الاشتباكات ان طائرة مقاتلة قصفت مواقع المعارضة بنيران الرشاشات قرب مركز للشرطة استولى عليه المقاتلون المناهضون للاسد الجمعة.

وقال قائد محلي للمعارضة يدعى ابو علي للمقاتلين النائمين في مركز شرطة الزبدية “افقيوا ..افيقوا ..الجيش قادم.”

وتصاعد دخان اسود في السماء من مناطق صلاح الدين التي تعتبر بوابة الجيش السوري الى المدينة التي يسكنها 2.5 مليون نسمة. وسيحدد مصيرها نتيجة حرب اودت بالفعل بحياة 18 الف شخص.

وقال قائد محلي اخر بالمعارضة في حلب انه يتوقع ان يهاجم الجيش السوري المعارضة “خلال ايام” مرددا تصريحات لايرفيه لادسو رئيس عمليات حفظ السلام بالامم المتحدة الذي قال ان هناك “حشدا كبيرا للعتاد العسكري.”

وفي العاصمة دمشق قال شاهد عيان ونشطاء ان قوات سورية اجتاحت حي التضامن في جنوب دمشق بعشرات من الدبابات والمركبات المدرعة والجنود في محاولة لاستعادة السيطرة على المعقل الأخير للمعارضة في العاصمة.

وقال النشطاء ان معظم الحي أصبح تحت سيطرة القوات الحكومية بحلول عصر الجمعة. ويحاول الجيش دخول حي التضامن منذ أكثر من اسبوع إلا أنه تراجع في مواجهة مقاومة شرسة من قوات المعارضة.

وفي مقال نشر على الموقع الالكتروني لصحيفة فايننشال تايمز قال الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان الذي استقال كوسيط دولي بشأن سوريا “من الواضح أنه يجب على الرئيس بشار الأسد ترك السلطة.”

وحث روسيا والصين وإيران على “القيام بجهود منسقة لاقناع القيادة السورية بتغيير نهجها وتبني عملية انتقال سياسي”.

وشكا عنان من “الاشارة باصابع الاتهام” الى الامم المتحدة في حين تستمر اراقة الدماء في سوريا.

في غضون ذلك ردت الصين يوم السبت على انتقاد موقفها بشأن الازمة في سوريا في اعقاب تصويت في الامم المتحدة ادان بأغلبية ساحقة الحكومة السورية مكررة موقف بكين من ان التدخل الخارجي لن يفيد.

وقال وانج كيجيان نائب رئيس ادارة شؤون غرب اسيا وشمال افريقيا بوزرة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي رتب على عجل في بكين “هذه الدول التي وجهت انتقادا بلا اساس للصين بشأن موقفها من سوريا …انما تسعى وراء تحقيق مصالحها السياسية في سوريا وحاولت عرقلة او تقويض عملية التسوية السياسية وتحاول تحويل المسؤولية عن الصعوبات الى دول اخرى.”

وكانت روسيا والصين قد صوتتا ضد مشروع قرار لمجلس الامن بشأن سوريا الشهر الماضي وهي ثالث مرة تستخدم فيها الدولتان الفيتو لعرقلة مشاريع قوانين تستهدف عزل الاسد وانهاء الصراع الذي مضى عليه 16 شهرا واودى بحياة الالاف.

من هديل الشالجي

(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى