أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الثلاثاء 15 أذار 2016

 

بوتين يأمر بسحب «الجزء الأكبر» من قواته في سورية اليوم
لندن، دبي – «الحياة»
أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب «الجزء الأكبر» من قواته العاملة في سورية اليوم. وقال إن التدخل العسكري الروسي «حقق أهدافه إلى حد كبير». وأضاف خلال اجتماع في الكرملين مع وزيري الدفاع والخارجية الروسيين إن «الانسحاب سيبدأ اعتبارا من اليوم الثلثاء». وذكر ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين، أن بوتين تحدث هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد لإبلاغه بالقرار الروسي.ى الترحيب بالخطوة الروسية، قائلة إن «الانسحاب الجاد سيضغط على السلطات السورية، ويعطي مفاوضات السلام قوة دفع إيجابية»، في حين قال مسؤولون أميركيون إن واشنطن لا ترى اي مؤشرات بعد على استعدادات لانسحاب روسي من سورية.
وقال الكرملين في بيان، إن الأسد أبلغ بوتين انه «يأمل أن تقود عملية السلام الجارية في جنيف إلى نتائج ملموسة، وأن الأسد أكد في الاتصال على الحاجة إلى وجود عملية سياسية في سورية». وأشار الكرملين الى أن القاعدتين الروسيتين البحرية والجوية «ستبقيان قيد العمل كالعادة بعد بدء سحب القوات».
وأفاد بيان اصدرته الرئاسة السورية أن «الأسد اتفق مع بوتين على خفض القوات الجوية الروسية في سورية» و«أن روسيا تعهدت بمواصلة دعم سورية في مواجهة الارهاب». وجرى تداول معلومات في موسكو ليل أمس ان «الانسحاب بدأ عبر سفن حربية غادرت القاعدة البحرية في طرطوس أمس ناقلة قوات لم تعد ضرورية للعمليات المستقبلية».
يذكر أن الاتفاق المبرم بين موسكو ودمشق والذي اعلنه الروس من جانب واحد، نص على إرسال قوات جوية روسية الى سورية، وان «توفر السلطات السورية قاعدة حميميم في محافظة اللاذقية لمجموعة الطيران الروسي، بكل بنيتها التحتية، وكذلك المواقع التي يتم الاتفاق في شأنها بين الطرفين».
ونص الاتفاق أيضاً على أن «قوات روسيا الفيديرالية تستفيد من قاعدة حميميم من دون مقابل»، بالإضافة إلى أن «مكونات مجموعة الطيران الروسي من معدات وجنود يحددها الجانب الروسي بناء على الاتفاق مع الطرف السوري».
وقال الناطق باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» في المعارضة سالم المسلط انه «اذا كانت هناك جدية في تنفيذ الاتفاق فسيعطي ذلك دفعا ايجابيا للتسوية، وسيشكل عنصرا اساسيا في الضغط على النظام، ما سيغير الامور الى حد كبير».
في الوقت نفسه، انطلقت في جنيف أمس جولة جديدة من مفاوضات السلام، وسط تحذير المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا من أن البديل عن المفاوضات هي حرب قد تكون أسوأ مما هي عليه اليوم، في خطوة تهدف كما يبدو إلى زيادة الضغط على الحكومة والمعارضة لتقديم تنازلات متبادلة. وتحدث وفد الحكومة السورية عن محادثات «إيجابية وبناءة»، كاشفاً تقديمه «أفكاراً وآراء» بعنوان «عناصر أساسية للحل السياسي» كي يناقشها دي ميستورا مع وفد المعارضة خلال اجتماعهما اليوم الثلثاء.
ولم يكشف رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري تفاصيل عن هذا «الحل السياسي»، لكن لا يُعتقد أنه يخرج عن الإطار الذي رسمه وزير الخارجية السوري وليد المعلم السبت الماضي عندما فسّر «العملية الانتقالية» المنصوص عليها في بيان جنيف بأنها تعني الانتقال من الحكومة الحالية إلى حكومة جديدة تضم المعارضة والانتقال من الدستور الحالي إلى دستور جديد، من دون المس بوضع رئيس الدولة. ولا يبدو أن المعارضة يمكن أن تقبل بمثل هذه الرؤية لـ «الحل السياسي» وستُعيد التأكيد أمام دي ميستورا اليوم أن «العملية الانتقالية» تعني انتهاء حكم الرئيس بشار الأسد وتسليمه السلطة إلى هيئة انتقالية «كاملة الصلاحيات التنفيذية».
وعُقد الاجتماع بين دي ميستورا والوفد الحكومي صباح أمس في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وحضره مساعدو المبعوث الأممي وأفراد الوفد السوري. وقال الجعفري في تصريحات بعد الاجتماع إن «الجلسة كانت إيجابية وبناءة» وناقشت «ضرورة الإعداد الجيد للجانب الشكلي بما يسمح بالانطلاق على أسس متينة وصلبة باتجاه مرحلة مناقشة المضمون أو الجوهر». وشرح أن البُعد الشكلي يعني تحديد «الوفود التي حضرت إلى جنيف أو التي دُعيت، وهل تم تجنّب (دي ميستورا) الثغرات التي واجهتنا في الجولة الأولى، وما هي قوائم الأسماء المشاركة، وهل تم التعامل مع جميع الوفود على قدم المساواة وغيرها». وكان الجعفري يشير إلى الجدل الذي رافق الجولة السابقة من المفاوضات في شباط (فبراير) الماضي في شأن تشكيلة وفد المعارضة الذي ضم ممثلين لجماعات يتهمها النظام بأنها «إرهابية»، مثل «جيش الإسلام»، واستثناء الأمم المتحدة حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم من المشاركة.
والملاحظ أن دي ميستورا لم يغيّر موقفه هذه المرة أيضاً، إذ أنه لم يدع الأكراد، كما أن اجتماعه مع وفد المعارضة اليوم سيحضره «كبير المفاوضين» محمد علوش عضو المكتب السياسي لـ «جيش الإسلام».
وكان دي ميستورا حذّر قبل بدء الاجتماع مع الوفد الحكومي من أن البديل عن نجاح المفاوضات هو استمرار الحرب. وقال: «الخطة الوحيدة المتاحة هي العودة إلى الحرب. وربما إلى حرب أسوأ مما هي اليوم». وبعدما قال: «إنها لحظة الحقيقة»، أضاف متسائلاً: «ما هي النقطة الأساسية؟ الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية في كل القضايا» التي ستتم مناقشتها بين وفدي الحكومة والمعارضة. وتابع أن «جدول الأعمال وضع استناداً إلى القرار الدولي 2254، وفي إطار توجيهات إعلان جنيف بالطبع». واتفقت مجموعة عمل من الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا ودول عربية في 30 حزيران (يونيو) 2012 في جنيف، على مبادئ مرحلة انتقالية تتضمن هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، لكن الأطراف المعنية بالنزاع، سورية أم غير سورية، اختلفت على تفسير هذه المبادئ التي لم تلحظ بوضوح مصير الرئيس بشار الأسد.
ميدانياً، استمر الغليان أمس في محافظة إدلب (شمال غربي سورية) على خلفية سيطرة «جبهة النصرة» وجماعات إسلامية أخرى على مقرات «الفرقة 13» والاستيلاء على أسلحتها وأسر عدد من عناصرها المدعومين من دول غربية. لكن «الفرقة 13» و «النصرة» وافقتا على اللجوء إلى «لجنة شرعية» تنظر في الخلاف بينهما.
وأشارت «فرانس برس»، من جهة أخرى، إلى أن قوات النظام كثّفت عملياتها العسكرية في المناطق التي تسيطر عليها تنظيمات إرهابية، وتركز التصعيد خلال الساعات الـ 24 الماضية في منطقة تدمر (ريف حمص الشرقي) بشكل خاص، حيث شن الطيران السوري عشرات الغارات. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان: «تتعرض منذ ما بعد منتصف ليلة (أول من) أمس وحتى الآن مناطق في مدينة تدمر (وسط) ومحيطها لقصف مكثف بما لا يقل عن 200 قذيفة وأسطوانة متفجرة وقذيفة صاروخية»، كما نفذت طائرات حربية أكثر من 80 غارة على المنطقة. وإلى جانب القصف تتواصل الاشتباكات بين قوات النظام وتنظيم «داعش» في محيط المدينة الأثرية، ما أسفر عن مقتل ستة من مسلحي التنظيم.

روسيا تسعى إلى طمأنة إسرائيل حيال خطة انسحابها من سورية
القدس (الأراضي الفلسطينية المحتلة) – رويترز
سعى ديبلوماسي روسي إلى طمأنة إسرائيل اليوم (الثلثاء)، بأن أمنها لن يمسه ضرر إذا ما بدأت موسكو إنهاء تدخلها العسكري في الحرب الأهلية السورية لكن قائد القوات المسلحة الإسرائيلية قال إن التداعيات لم تتضح بعد.
وقال المسؤولون الإسرائيليون في أحاديث خاصة إن القوات الروسية التي تدخلت في العام الماضي لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد في قلب الموازين لصالحه في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، أسهمت أيضاً في كبح جماح حليفيه المعاديين لإسرائيل وهما إيران وجماعة «حزب الله» اللبنانية المسلحة.
وساعدت روسيا إسرائيل عبر إقامة خط ساخن مباشر بينها وبين القاعدة الروسية الجوية في حميميم في سورية، ما أتاح لها الاستمرار في ضرباتها الخفية لإحباط ما تشتبه بأن يكون عمليات ضدها لـ «حزب الله» أو إيران من الجانب السوري من دون الخوف من الاشتباك العرضي مع موسكو.
وذرّت موسكو الرماد في عيون القوى الدولية أمس، عندما أعلنت أن جزءاً رئيساً من قواتها العاملة في سورية سيبدأ في الانسحاب. وأكّد مساعد السفير الروسي في إسرائيل ألكسي دروبينين اليوم، أن التنسيق بين البلدين في شأن سورية باق كما هو.
وقال دروبينين لموقع «واي نت»: «سنحاول أن نضمن حل الأزمة السورية وسنفعل أيضاً كل ما بوسعنا كي لا تتضرر المصالح الأمنية الإسرائيلية في هذه الأثناء».
وفي تصريحات منفصلة إلى راديو الجيش الاسرائيلي قال دروبينين إن روسيا ستحافظ على تواجدها العسكري في حميميم فضلاً عن القاعدة البحرية في مدينة طرطوس الساحلية.
وقال إن «إسرائيل دولة مجاورة ولا يمكن أن تكون غير مهتمة بما حصل في سورية. نأخذ هذا الأمر في الاعتبار بالطبع»، وأضاف: «نخوض حواراً مستمراً مع الجانب الإسرائيلي على جميع المستويات: المستويان العسكري والديبلوماسي».
وكانت إسرائيل نفذت عدداً من الضربات العسكرية عبر مرتفعات الجولان في مناسبات عدة رداً على توسع القصف المدفعي أو بغية قصف شحنات أسلحة متقدمة كانت تشتبه في أن النظام السوري ينقلها إلى جماعة «حزب الله».
وقتلت الغارات الإسرائيلية الماضية في سورية جنوداً سوريين فضلاً عن مقاتلين في «حزب الله» وفقاً للبلدين والجماعة اللبنانية على رغم أن الرقم المحدد للضحايا ما زال غير واضح.
ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأربعاء المقبل.
وقال دروبينين إن الاجتماع سيكون «فرصة جيدة للغاية لتبادل الآراء وتوفير الإجابات على أي أسئلة يمكن أن يطرحها الجانب الإسرائيلي».
ويعتبر دور ريفلين رمزياً إلى حد كبير وكانت رحلته إلى روسيا تقررت قبيل إعلان روسيا نيتها الانسحاب من سورية.
ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق على الموضوع، غير أن قائد الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال جادي إيزنكوت قال لأعضاء الكنيست إن إسرائيل لم يكن لديها أي علم مسبق بخطة روسيا للانسحاب التي سيصعب توقع تأثيرها.
وقال إيزنكوت في جلسة الاستماع المغلقة، بحسب ناطق باسم الكنيست: «التواضع والحذر مطلوبان في هذه المرحلة لمحاولة فهم الأطر التي سيتطور المسرح السوري على أساسها مع خروج القوات الروسية».
وأضاف قائد الجيش الإسرائيلي أن التدخل الروسي قوّى حتى الآن موقف الأسد في محادثات وقف إطلاق النار مع الفصائل المسلحة المعارضة لحكمه.
وعبّرت إسرائيل عن شكوكها حيال توقعات الهدنة في سورية التي تتوقع أن ينتهي بها الأمر بالتقسيم وفق خطوط طائفية.
وتوقع إيزنكورت أن يحصل الانسحاب الروسي بالتدريج، ولكن ليس بشكل كامل على أن تحافظ روسيا على قاعدتين في سورية وسط تخفيف عدد جنودها المنتشرين في أنحائها.

أوباما وبوتين بحثا انسحاب القوات الروسية من سورية
برلين، واشنطن، الأمم المتحدة – رويترز، أ ف ب
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ناقش في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين «الانسحاب الجزئي» للقوات الروسية الذي أعلنه الكرملين اليوم.
وأوضح البيت الأبيض في بيان أن الرئيسين ناقشا في «إعلان الرئيس بوتين إنسحابا جزئيا للقوات الروسية من سورية والخطوات المقبلة اللازمة للتنفيذ الكامل لوقف الأعمال القتالية».
وقال أوباما إن اتفاق «وقف الأعمال القتالية» الساري منذ 27 شباط (فبراير) الماضي، تعرض لانتهاكات في أحيان عدة، لكنه حد من أعمال العنف.
ونقل البيت الأبيض عن أوباما قوله إن «استمرار العمليات الهجومية من قوات النظام السوري تهدد بتقويض وقف الأعمال القتالية والعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة على حد سواء».
وأضاف بيان البيت الأبيض أن اوباما «أشار أيضا إلى بعض التقدم في جهود المساعدة الإنسانية في سورية لكنه شدد على ضرورة أن تسمح قوات النظام بوصول المساعدات إلى المناطق المتفق عليها من دون عوائق، وخصوصا إلى داريا»، المحاصرة في ريف دمشق.
وأكد أوباما أن «المطلوب هو عملية انتقال سياسي لإنهاء العنف في سورية».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون تحت ضغط للتفاوض على انتقال سلمي لإنهاء الحرب الأهلية السورية إذا سحبت روسيا معظم قواتها من البلاد.
وأضاف شتاينماير في بيان: «وإذا تحقق إعلان سحب القوات الروسية فسيزيد ذلك الضغط على نظام الأسد للتفاوض بجدية في نهاية المطاف على انتقال سياسي سلمي في جنيف» في إشارة إلى مفاوضات السلام الجارية في المدينة السويسرية.
ورحبت فرنسا اليوم، بحذر بقرار روسيا سحب القسم الأكبر من قواتها من سورية، واعتبرت أنه «لا بد من تشجيع أي خطوة تساهم في تخفيف حدة التوتر».
وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية: «أخذنا علماً بإعلان الرئيس بوتين. وفي حال ترجم إلى وقائع فسيكون تطوراً إيجابياً. لا بد من تشجيع أي خطوة تساهم في تخفيف حدة التوتر».
وكان وزير الدفاع الفرنسي قال في تصريح إلى صحيفة «لوفيغارو» إن «روسيا توقفت عملياً عن قصف المعارضة السورية المعتدلة».
وتعامل البيت الأبيض بحذر مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب «الجزء الأكبر» من قواته المنتشرة في سورية، واعتبر انه من السابق لاوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار من هذا النوع على المفاوضات الجارية في جنيف. وقال الناطق باسم الرئيس الأميركي باراك اوباما جوش ايرنست، «لا بد لنا من ان نعرف بدقة ما هي النوايا الروسية». وأضاف في مؤتمره الصحافي اليومي: «من الصعب علي ان اقيم التداعيات المحتملة لهذا القرار على المفاوضات الجارية». وذكر الناطق أن الولايات المتحدة كانت على الدوام تشدد على أن التدخل العسكري الروسي يجعل الجهود الايلة للتوصل الى مرحلة انتقالية سياسية في سوريا «أكثر صعوبة». وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه «نأمل ان نعرف المزيد عن الموضوع خلال الساعات المقبلة». وتزامن اعلان بوتين سحب الجزء الاكبر من قواته من سورية مع بدء جولة جديدة من المفاوضات في جنيف بين النظام والمعارضة. ومكّن القصف الجوي الروسي قوات الرئيس السوري من تحقيق تقدم على الارض في مناطق عدة بعد سلسلة انتكاسات خلال العام الماضي.
بدوره، أكد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن الانسحاب العسكري الروسي من سورية سيساعد على تكثيف الجهود للتوصل الى تسوية سياسية للنزاع. وقال تشوركين في تصريح قبل اجتماع لمجلس الأمن حول سورية إن «جهازنا الديبلوماسي تلقى الاوامر بتكثيف الجهود في سبيل حل سياسي في سورية». وأضاف: «نحن حاليا في فترة سياسية، فترة وقف الاعمال القتالية»، متابعاً أن الوجود العسكري الروسي بعد الان «سيركز خصوصا» على مراقبة وقف اطلاق النار في البلاد. وتابع: «سنبقي مرافق (في سورية) لمراقبة وقف الاعمال القتالية»، مشيراً الى امتلاك روسيا طائرات من دون طيار لهذا الغرض. وأوضح الرئيس الروسي أن «الجهود الدولية لمكافحة الارهاب ستتواصل»، مؤكداً أن القوات الروسية نجحت في «اضعاف البنى التحتية» لتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في سورية.

المعارضة السورية: خفض القوات الروسية قد يضع نهاية للصراع
جنيف، موسكو – رويترز، أ ف ب
قالت المعارضة السورية اليوم (الثلثاء)، إن الخطوة التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخفض عدد قواته في البلاد، يمكن أن تمهد الطريق لوضع نهاية للحرب التي بدأت قبل أكثر من خمس سنوات على رغم أن موسكو لم تبلغها بالقرار.
وقال الناطق باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة سالم المسلط للصحافيين، إن «سحب القوات يمكن أن يساعد في وضع نهاية لدكتاتورية بشار الأسد وجرائمه»، وأضاف أن «الانسحاب الروسي قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على مسار الحرب في سورية، وأن ما أبقى الأسد في السلطة هو وجود القوات الروسية».
وتابع المسلط أن المطلب الرئيس لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» عندما تبدأ المحادثات الرسمية الأولى في وقت لاحق اليوم مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص ستيفان دي ميستورا، سيكون «تشكيل حكومة موقتة من دون وجود الأسد في إطار خريطة طريق ترعاها الأمم المتحدة».
وقال :«حرصنا أن تبدأ هذه المفاوضات اليوم… بمناقشة هيئة الحكم الانتقالي… لأنها ضمانة لكل السوريين بدلاً من أن تكون حكومة وحدة وطنية»، وتابع: «حكومة وحدة وطنية هي مثل الحكومة الحالية عبارة عن وزارات، لكن من يملك توجيههم وتعيينهم هو رأس النظام. هذا غير مقبول لدى السوريين».
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن المسلط قوله اليوم إن المعارضة «ليست ضد» المحادثات المباشرة مع وفد الحكومة السورية. ونسبت الوكالة إلى المسلط قوله: «لسنا ضد بدء محادثات مباشرة».
وكانت المعارضة السورية سارعت إلى الترحيب بالخطوة الروسية أمس، قائلة إن «الانسحاب الجاد سيضغط على السلطات السورية، ويعطي مفاوضات السلام قوة دفع إيجابية»،
وقال المسلط أمس، إنه «إذا كانت هناك جدية في تنفيذ الاتفاق فسيعطي ذلك دفعاً إيجابياً للتسوية، وسيشكل عنصراً أساسياً في الضغط على النظام، ما سيغير الأمور إلى حد كبير».
وفاجأت روسيا القوى العالمية أمس حين أعلنت أن «الجزء الأكبر» من قواتها في سورية سيبدأ الانسحاب.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم، إن روسيا ترى استعداداً من جانب الولايات المتحدة للتأثير على المعارضة السورية في مفاوضات جنيف للمشاركة في المفاوضات، وضمان تماسك وقف هش لإطلاق النار في سورية.
من جهة ثانية، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مستشارة الأسد بثينة شعبان قولها إن دمشق تتوقع أن تمارس الولايات المتحدة المزيد من الضغوط على من يعارضون حل الأزمة في سورية.
وأضافت أن انسحاب القوات الروسية من سورية بعد إعلان الرئيس الروسي الأمر أمس، «خطوة طبيعية» وأن دمشق ترحب بالتنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا.
ورحّب محققو الأمم المتحدة من جهتهم، بـ«الانخفاض الكبير» في مستويات العنف في سورية، معتبرين أنه «للمرة الأولى» منذ بداية النزاع قبل خمسة أعوام «هناك أمل» بانتهاء الحرب في سورية.
وصرح باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة الخاصة بسورية للصحافين في جنيف «الآن، للمرة الأولى، هناك أمل في انتهاء» الحرب.
وفي كلمة ألقاها أمام «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة في وقت سابق، رحب بينيرو باتفاق وقف الأعمال القتالية الجزئي في سورية الذي سمح لكثيرين بأن «يشعروا بالعودة إلى الوضع الطبيعي في حياتهم اليومية».
وقال: «وأخيراً هناك بصيص أمل في التوصل إلى سلام في سورية»، مضيفاً أن وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو في 27 شباط (فبراير)، خلق أجواء مناسبة للمفاوضات التي انطلقت أمس في جنيف.
وقال بينيرو: «ندعو أطراف اتفاق وقف الأعمال القتالية إلى وقف جميع العمليات العسكرية حتى التي تجري على مستوى صغير».
وأكد بينيرو أنه لا يزال من غير الواضح ما سيكون عليه تأثير الانسحاب الروسي، مصرحاً للصحافيين «يجب أن ننتظر لنرى ما سيحدث خلال الأيام المقبلة». إلا أنه أشاد بإعلان بوتين وقال إنه يظهر «التزاماً واضحاً جداً… لدعم المفاوضات».
وعلى رغم «سروره» بالتطورات الإيجابية على الأرض، إلا أن بينيرو حذر من أن «انتهاكات خطيرة لا تزال ترتكب»، وقال: «الآلاف ما زالوا معتقلين ويتعرضون للتعذيب، والعديد يموتون في أماكن الاعتقال، وأعداد كبيرة من الناس ما زالوا مفقودين».
وأضاف أن متطرفي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يواصلون تنفيذ التفجيرات الانتحارية في مناطق المدنيين.
وطالب المحققون مراراً بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم من خلال «إجراءات دولية أو محلية موثوقة».
وأكد بينيرو أن جهود محاسبة مرتكبي الجرائم لا يمكن أن تنتظر إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام، بل يجب أن تبدأ «فوراً»، ودعا إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين الذين احتجزوا تعسفياً، وبينهم العديد من النساء والأطفال».

ظريف: الصواريخ البالستية للدفاع عن النفس.. وقرار سحب قوات روسية من سورية إيجابي
كانبيرا – رويترز، أ ف ب
اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم (الثلثاء) أنه ينبغي النظر إلى خطوة روسيا ببدء الإنسحاب من سورية، كإشارة إيجابية لوقف إطلاق النار.
كلام ظريف جاء من كانبيرا بعد لقائه نظيرته الأسترالية جولي بيشوب، أكد ظريف على موقف إيران حول ضرورة وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي في سورية.
وقال إن “حقيقة صمود شبه هدنة في سورية موضع ترحيب، هذا شيء كنا نطالب منذ ما لا يقل عن عامين ونصف العام أو ثلاثة أعوام”.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني أن “حقيقة أن روسيا أعلنت بدء سحب جزء من قواتها يشير إلى أنهم لا يرون حاجة وشيكة للجوء إلى القوة في الحفاظ على وقف إطلاق النار”.
وتابع “هذا في حد ذاته يجب أن يكون إشارة إيجابية. الآن علينا أن ننتظر ونرى”.
وأوضح ظريف أنه طالما تم استثناء تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، فرع تنظيم القاعدة في سورية، أو المتعاونين معهم، من الهدنة، فإن المجتمع الدولي متحد ضدهم.
وقال إن “الرسالة التي أوصلها المجتمع الدولي إلى داعش، والتي يجب أن ترسل إلى داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، مفادها أن حربنا ضدهم بلا هوادة”.
وأضاف “لن نتوقف، وأعتقد أن المجتمع الدولي بأسره متحد في هذا الأمر”.
واعتبر ظريف أنه لا يعتقد أنه ينبغي لأي شخص أن ينظر إلى تنظيم الدولة الإسلامية أو التنظيمات المتطرفة الأخرى كورقة ضغط “حتى ولو لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة”.
وأعرب عن أمله بأن “تصل تلك الرسالة إلى كل مكان في المنطقة، خصوصا ونحن نرى المزيد والمزيد من المجازر الإرهابية التي يقوم بها داعش في منطقتنا”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امر اسم (الاثنين) بسحب القسم الاكبر من القوات العسكرية الروسية من سورية، وذلك بعد اسبوعين على بدء العمل بوقف لاطلاق النار، وبالتزامن مع بدء جولة من المفاوضات في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة.
من جهة أخرى، تطرق ظريف الى الانتقادات التي وجهت الى ايران بسبب التجارب الصاروخية التي اجريت مؤخراً وقوبلت بإدانة من الولايات المتحدة، وقال إن صواريخ إيران الباليستية مخصصة للدفاع عن النفس وإن التجارب التي أجرتها مؤخرا لا تنتهك الاتفاق النووي بين طهران والدول الست.
وقال ظريف أمام الصحافيين مشيرا إلى قرار أصدره مجلس الامن في تموز (يوليو) أيد الاتفاق النووي “هذه الصواريخ لا تقع حتى في نطاق القرار 2231 وهي ليست غير مشروعة.”
واضاف قائلا “إيران لن تستخدم مطلقا أي وسائل لمهاجمة أي دولة بما في ذلك صواريخنا. هذه مخصصة فقط للدفاع عن أنفسنا. أتحدى اؤلئك الذين يشتكون من برنامج إيران الصاروخي… أن يعلنوا نفس البيان.”
وقوبلت تلك التجارب بقلق دولي وأدت إلى إجتماع يوم الاثنين لمجلس الامن التابع للامم المتحدة المؤلف من 15 دولة.
وزادت الضغوط الدبلوماسية على إيران بعد التجارب الصاروخية الباليستية مع اعتزام الولايات المتحدة إثارة هذه القضية خلال مشاورات مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع.
وقالت وكالتا أنباء فارس وتسنيم الإيرانيتان إن الحرس الثوري الإيراني اختبر إطلاق صاروخين باليستيين يوم الأربعاء الماضي

روسيا تُنقذ إيران في مجلس الأمن
نيويورك – «الحياة»
فشلت الولايات المتحدة في إقناع روسيا بأن إطلاق إيران صواريخ «قادرة على حمل رؤوس نووية»، يُعد خرقاً لقرارات مجلس الأمن وللاتفاقية النووية بين طهران والدول الست، في أول اختبار في مجلس الأمن لكيفية التعامل مع البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مع إيران. (راجع ص 7)
ولم تجد السفيرة الأميركية سامنثا باور بعد جلسة مشاورات في مجلس الأمن الاثنين سوى التلويح باتخاذ الولايات المتحدة «إجراءات على المستوى الوطني»، أي أحادية، رداً على إطلاق إيران صواريخ باليستية الأسبوع الماضي من دون الإشارة إلى عزمها على إعداد إجراءات دولية في مجلس الأمن.
وووجهت باور أمس برفض نظيرها الروسي فيتالي تشوركين اعتبار إطلاق إيران الصواريخ خرقاً للقرار ٢٢٣١، معتبراً أن «نص القرار صيغ بعناية بحيث دعا إيران إلى عدم إطلاق صواريخ مصممة لتحمل رؤوساً نووية، وهو لم يحظر على إيران إطلاق هذه الصواريخ بل كانت مجرد دعوة، وعدم تطبيق الدول للدعوة لا يعد خرقاً لأنه أمر يختلف عن الحظر» وفق نص القرار.

1.3 تريليون دولار كلفة الحرب السورية
لندن – إبراهيم حميدي
تختلف الإحصاءات عن حجم الدمار البشري والمادي بعد خمس سنوات من الأزمة السورية، لكنها تتقاطع على أن نصف السوريين البالغ عددهم ٢٣ مليوناً باتوا مهجرين في الداخل أو الخارج. كما تفيد تقديرات أن استمرار الحرب أربع سنوات أخرى سيرفع كلفة الخسارة إلى 1.3 تريليون دولار أميركي علماً أن الناتج المحلي كان نحو٦٠ بليون دولار قبل ٢٠١١.
وتُقدر الأمم المتحدة عدد ضحايا الحرب في الأعوام الخمسة الماضية بحوالى ٢٥٠ ألفاً، فيما قدرهم «المركز السوري لأبحاث السياسات» السوري بـ ٤٧٠ ألفاً. يضاف إليهم حوالى مليون شخص أصيبوا بإعاقات مباشرة وعشرات آلاف المعتقلين.
وتستضيف الدول المجاورة لسورية 4.8 مليون لاجئ وشكل السوريون ٢٩ في المئة من 1.2 مليون شخص طلبوا اللجوء في أوروبا العام الماضي، بينهم ١٥٨ ألفاً سجلوا أسماءهم في ألمانيا. يضاف إليهم مئات آلاف اللاجئين غير المسجلين و6.5 مليون نازح داخل سورية. وقال شهود عيان أنهم لاحظوا في الفترة الأخيرة وجود أطفال حديثي الولادة مرميين في شوارع دمشق.
وترك اللاجئون منعكسات اقتصادية، إذ كلف تدفق ٦٣٠ ألفاً الأردن 2.5 بليون دولار، الأمر الذي يزداد حدة في لبنان وتركيا اللذان يضمان أكثر من 3.5 مليون لاجئ. وكان موضوع مساعدة اللاجئين والدول المضيفة أحد عناوين مؤتمر المانحين في لندن بداية الشهر الماضي، الذي أسفر عن وعود بتقديم أكثر من عشرة بلايين دولار.
وإلى معاناة البشر، فإن الخراب ضرب الحجر أيضاً. وأصاب التدمير مواقع مسجلة في جداول الأمم المتحدة للتراث العالمي بينها السوق القديمة في حلب ثاني أكبر مدينة سورية. وروى ديبلوماسي غربي لـ «الحياة» مشاهداته في مدينة حمص، مشيراً إلى أن أحياء باب عمرو والخالدية وحمص القديمة «مدمرة ما يُذكر بالحرب العالمية الثانية». ولاحظ «أن التدمير أصاب حياً في شكل كامل قرب حي آخر لم يمس بشيء… في حمص كأنك في عالمين».
وسيطر «داعش» على مدينة تدمر التاريخية منتصف العام الماضي، ونفذ إعدامات على مدرجها التاريخي، فيما بث نشطاء معارضون الجمعة صوراً لمتظاهرين على مسرح بصرى الروماني في درعا، ضمن استفادة المتظاهرين من أجواء الهدنة واستعادة التظاهرات السلمية في أكثر من مئة نقطة في البلاد مع اقتراب بدء السنة السادسة اليوم، قبل أن تنقض «جبهة النصرة» على متظاهرين رفعوا «علم الثورة» في ريف إدلب.
وأصاب الخراب تل مرديخ (ايبلا) ومتحف الفسيفساء و «المدن المنسية» الأثرية في إدلب والجسر المعلق في دير الزور المحاصرة من «داعش» وضواحي دمشق، لكن مناطق الساحل السوري بقيت بمنأى عن الخراب. وقال ديبلوماسي أمس أنه شاهد حياة طبيعية في طرطوس ومدينة اللاذقية، لافتاً إلى أن أهالي دهنوا بيوتهم بالعلمين الروسي والسوري وانتشرت مقاه ومطاعم روسية وسط وجود لافت لجنود روس في شوارع مدن ساحلية ودمشق. وقدر عدد الروس بأكثر من ١٥ ألف عسكري ومدني وصلوا منذ أيلول (سبتمبر) الماضي.
وباعتبار أن الصراع كلف أكثر من ٢٧٠ بليون دولار حتى الآن يُقدر ارتفاع كلفة الصراع إلى 1.3 بليون دولار في ٢٠٢٠، بحسب تقرير لـ «أسوشيتد برس»، التي أشارت إلى أن مشروع إعادة الإعمار بات محكوماً بمضمون الحل. وأن دولاً غربية وعربية بدأت ترسل إشارات إلى استعدادها للمساهمة في إعادة الإعمار «في حال حققت مفاوضات جنيف تقدماً ملموساً».

فرنسا تريد «تعاوناً فاعلاً مع تركيا» لكن من دون «ابتزاز»
براغ – أ ف ب
أعلن رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس اليوم (الثلثاء) أن فرنسا ستدعو الجمعة خلال القمة بين الاتحاد الاوروبي وتركيا في بروكسيل إلى قيام «تعاون فاعل» مع أنقرة في شأن استقبال اللاجئين، مشدداً في الوقت نفسه على أنه «لا يمكن القبول بأي ابتزاز» من قبل أنقرة.
وقال فالس أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أن التعاون مع تركيا «ضروري بالتأكيد، إلا أنه لا يمكن القبول بأي ابتزاز». ولفت إلى أن الرئيس فرنسوا هولاند سيدافع عن «ثلاث نقاط» للتوصل إلى اتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن أول هذه النقاط أن على هذا التعاون أن «يحترم في شكل كامل القانونين الدولي والأوروبي»، وخصوصا اتفاق جنيف وحق اللجوء، مشيداً في هذا الاطار بـ«التزام تركيا الكبير استعادة كل المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى أوروبا».
وأضاف فالس «ثانيا، يجب ألا يؤدي الاتفاق مع تركيا إلى أي التزام إضافي لفرنسا، وأريد ان أكون واضحا هنا: لقد ألتزمنا استقبال 30 ألف شخص. هذا هو هدفنا ووعدنا».
وثالثا وأخيراً اعتبر فالس أن هذا الاتفاق «لا يمكن أن يحل بأي حال من الأحوال مكان الإطار المقرر للعلاقة» بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، مشيراً إلى تأشيرات الدخول، وأيضاً إلى المفاوضات المتعلقة بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وهددت قبرص اليوم بعرقلة مشروع الاتفاق بين الدول الـ28 وأنقرة في شأن اللاجئين، إذ اصطدم رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك بتحفظات قوية من السلطات القبرصية على هذا الاتفاق.
واتهمت تشيخيا اليوم تركيا بـ «ابتزاز» الاتحاد الأوروبي من خلال مطالبته بمزيد من الأموال لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى اليونان.
وبموجب اتفاق تم التوصل إليه في تشرين الثاني (نوفمبر)، تعهد الاتحاد الأوروبي تقديم ثلاثة بلايين يورو (3.3 بليون دولار) لمساعدة اللاجئين الذين تستقبلهم تركيا في مقابل تعاون أنقرة في معالجة أسوأ أزمة لاجئين تواجهها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز قال الأسبوع الماضي أن أنقرة تطالب بثلاثة بلايين يورو أخرى.
وصرح الرئيس التشيخي ميلوس زمان عقب محادثات مع نظيره البولندي أندريه دودا في براغ بأن «الاقتراح الذي قدمه الاتحاد الأوروبي إلى تركيا أصلاً، كان لتقديم مبلغ ثلاثة بلايين يورو، لكن أنقرة تطالب بستة بلايين يورو وهناك حديث عن مطالبتها بنحو 20 بليون يورو».
وأضاف أن «الأشخاص غير المهذبين مثلي يصفون هذا بالابتزاز».

الأمم المتحدة: محاسبة «مجرمي الحرب السورية» يجب ألا تنتظر انتهاءها
جنيف – رويترز
قال محققو الأمم المتحدة في قضايا حقوق الإنسان في سورية اليوم (الثلثاء) إن إعداد الدعاوى ضد مجرمي الحرب «يجب ألا ينتظر انتهاء الصراع» الذي اقترب من دخول عامه السادس.
وأوضح رئيس لجنة التحقيق في شأن سورية لمجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية باولو بينيرو أنه يجب «ألا ينتظر اتخاذ الإجراءات التي تمهد الطريق للمحاسبة حتى التوصل إلى اتفاق سلام نهائي ولا يحتاج إلى ذلك».
ودعا بينيرو الأطراف السورية المشاركة في محادثات السلام المنعقدة حالياً في جنيف إلى الاتفاق على «إجراءات بناء ثقة تشمل الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع السجناء الذين اعتقلوا بشكل تعسفي ووضع آلية لاقتفاء أثر المفقودين».
وفي سياق متصل صوّت المشرعون الأميركيون في الكونغرس أمس على تصنيف جرائم «تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق» (داعش) في «خانة الإبادة»، داعين إلى إنشاء محكمة دولية مكلفة التحقيق في جرائم الحرب في النزاع السوري.

بوتين يُواكب جنيف بالضغط على الأسد بدء سحب القوات الروسية من سوريا اليوم
المصدر: (وص ف، رويترز، روسيا اليوم)
في قرار مفاجئ تزامن مع بدء الجولة الثانية من محادثات جنيف غير المباشرة بين النظام السوري والمعارضة، أوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بسحب القوات الرئيسية من سوريا بدءاً من اليوم. وقالت سوريا إن الرئيس بشار الأسد اتفق في مكالمة هاتفية مع بوتين على “خفض” حجم القوات الروسية. وصدر القرار بعد خمسة أشهر ونصف شهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي ساعد على تحويل دفة الحرب لمصلحة النظام بعد أشهر من المكاسب التي حققتها المعارضة المسلحة في غرب سوريا بدعم إمدادات عسكرية أجنبية منها صواريخ أميركية مضادة للدبابات.
وآخذاً في الاعتبار توقيت القرار، يسعى الكرملين الى الاستفادة سياسياً من التطورات الميدانية التي تحققت بفعل الغارات الجوية الروسية وتفادي تورط عسكري اوسع في الحرب السورية.
وكان لقاء ثلاثي جمع بوتين وشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف في الكرملين الذي أعلن أن “كل ما خرج به اللقاء تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد”.
وقال بوتين خلال اللقاء: “أعتبر أنه تم انجاز أكثر مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة، لذلك آمر وزير الدفاع ببدء سحب الجزء الأساسي من مجموعتنا الحربية من الجمهورية العربية السورية… العمل الفعال لجيشنا هيأ الظروف لبدء عملية السلام”. واكد أن القوات المسلحة السورية تمكنت بمشاركة الجيش الروسي “من تحقيق تحول جذري في الحرب ضد الإرهاب الدولي وملكت زمام المبادرة في جميع النواحي تقريباً”، مشيراً الى أن “الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال العدائية على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية”. كذلك فإن “القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق”.
وأمل أن يشكل بدء سحب القوات الروسية من سوريا دافعاً إيجابياً لعملية التفاوض بين القوى السياسية في جنيف. وكلف وزير الخارجية “تعزيز المشاركة الروسية في تنظيم العملية السلمية لحل الأزمة السورية”.
وصرّح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن بوتين تحدث هاتفياً مع الأسد لإبلاغه القرار الروسي، موضحاً أن المحادثة الهاتفية لم تتطرق الى مستقبل الرئيس السوري.
وأعلن المجلس الاتحادي الروسي بلسان رئيس لجنته لشؤون الدفاع والأمن فيكتور أوزيروف، أن سحب القوات الروسية لا يعني الامتناع عن الالتزامات المتعلقة بتصدير السلاح والتقنيات العسكرية للحكومة السورية، فضلاً عن تدريب الخبراء العسكريين.
واعتبر “أنه سنح للحكومة السورية بفضل مساعدة القوات الفضائية الجوية الروسية، امكان للتعامل مع الإرهابيين بقواها الذاتية”.

شويغو
الى ذلك، أبلغ شويغو الرئيس الروسي أن القوات السورية يدعمها سلاح الجو الروسي تمكنت منذ بدء العملية الروسية في البلاد من تحرير 400 مدينة وقرية سورية واستعادة السيطرة على أكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع من أراضي البلاد.
وقال إن سلاح الجو الروسي نفذ، في إطار عمليته في سوريا منذ 30 أيلول 2015، أكثر من تسعة آلاف طلعة، مشيراً إلى أن القوات الروسية تمكنت خلال هذه الفترة من عرقلة اتجار الإرهابيين بالنفط أو القضاء عليه تماماً في بعض المناطق، كما استطاعت وقف أو تدمير الإمدادات الأساسية لتمويل الإرهابيين ونقل الأسلحة إليهم.
وأضاف أن الطيران الحربي الروسي دمر في سوريا نحو 209 منشأة خاصة بإنتاج النفط، فضلاً عن أكثر من 2000 شاحنة لنقل المنتجات النفطية.
وقتلت القوات الجوية الفضائية الروسية في سوريا أكثر من 2000 مسلح، بينهم 17 قائداً للمجموعات الإرهابية، تسللوا إلى البلاد من أراضي روسيا.
وشدد على أن العسكريين الروس ضمنوا متابعة التزام أطراف الهدنة نظام وقف الأعمال العدائية، وذلك باستخدام طائرات من دون طيار ووسائل استخبارية أخرى ومجموعة الأقمار الاصطناعية الروسية.

دمشق
وجاء في بيان للرئاسة السورية في صفحتها الرسمية بموقع “فايسبوك” للتواصل الاجتماعي: “اتفق الجانبان السوري والروسي خلال اتصال هاتفي بين الرئيسين الاسد وبوتين على خفض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا مع استمرار وقف الأعمال القتالية، وبما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية، مع تأكيد الجانب الروسي على استمرار دعم روسيا الاتحادية لسوريا في مكافحة الإرهاب”.
وأضافت ان ذلك يأتي “بعد النجاحات التي حقّقها الجيش العربي السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في محاربة الارهاب، وعودة الأمن والأمان الى مناطق عدة في سوريا، وارتفاع وتيرة ورقعة المصالحات في البلاد”.
ونفت الرئاسة السورية في بيان ما تردّد عن أن الاعلان الروسي يعكس خلافاً بين البلدين قائلة إن تلك الخطوة جرى التنسيق لها ودراستها منذ فترة.
وأعلن الجيش السوري أنه سيواصل “مقاتلة تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها من التنظيمات الارهابية المرتبطة بها بكل حزم واصرار بالتنسيق مع الحلفاء”.

المعارضة
ورحبت المعارضة السورية بالاعلان الروسي. وصرّح الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، بأنه إذا كانت هناك “جدية” في تنفيذ الانسحاب، فسيعطي ذلك دفعة إيجابية للمحادثات. وقال إنه إذا كانت هذه خطوة جدية فستشكل عنصرا أساسياً للضغط على “النظام” وستتغير الأمور كثيراً نتيجة لذلك.

واشنطن
وفي واشنطن، افاد مسؤولون أميركيون إنهم لم يتلقوا أي إشعار مسبق بقرار بوتين وعبروا عن دهشتهم من الإعلان المفاجئ الصادر عن موسكو.
وقال مسؤولان أميركيان طلبا عدم ذكر اسميهما إن الولايات المتحدة لا ترى مؤشرات حتى الآن لاستعدادات للقوات الروسية للانسحاب من سوريا.

باريس
وفي بارس، صرّح وزير الدفاع الفرنسي جان-إيف لودريان في مقابلة أجرتها معه صحيفة “الفيغارو” بأن القوات الروسية توقفت عمليا عن قصف المعارضة السورية المعتدلة.
وفي برلين، قال وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير إن الأسد سيكون تحت ضغط للتفاوض على انتقال سلمي لإنهاء الحرب الأهلية السورية إذا سحبت روسيا معظم قواتها من البلاد.

المعارضة السورية لا تعارض المحادثات المباشرة مع النظام
المصدر: “ا ف ب”
قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية في محادثات جنيف سالم المسلط إن المعارضة “ليست ضد” المحادثات المباشرة مع الحكومة السورية. لكن موفد الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا هو الذي قرر البدء بمحادثات غير مباشرة.
وجاء تصريح المسلط قبل اجتماع مفاوضي الهيئة مع دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة، في وقت يتوقع أن تبدأ جولة محادثات غير مباشرة مدتها 10 أيام بين الجانبين. وتوقع المسلط أن “يعتمد دي ميستورا أسلوب المحادثات المباشرة في مرحلة لاحقة”. لكنه قال إن “الأمر يرجع إلى دي ميستورا”.

من جهته، قال دي ميستورا إنه يخطط لإجراء ثلاث جولات من المحادثات تتوج بخارطة طريق واضحة بشأن الخطوات المقبلة. واشار الى ان أسلوب المحادثات غير المباشرة يمنحه قدرا كبيرا من المرونة للتنقل بين الجانبين المتحاربين والتشاور مع آخرين على الهامش. لكنه لم يقل إذا كان أي من الحكومة أو الهيئة العليا للمفاوضات رفض المحادثات المباشرة. وقال المسلط ان لا مانع لدى المعارضة بشأن شكل المفاوضات، ما دامت ستسفر عن حل”.

دو ميستورا يحذر من عودة الحرب في حال فشل محادثات جنيف
جنيف – موسى عاصي
لم يكن أحد يتوقع اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البدء بسحب القوات الروسية من سوريا اعتباراً من اليوم، مع بداية محادثات تعتبر مصيرية ومهمة في مسار الأزمة السورية. وهكذا باتت كل التصريحات والمواقف واللقاءات التي عقدت أو التي ستعقد في المستوى الثاني من اهتمامات متابعي جولات الحوار ومراقبيها من ديبلوماسيين وصحافيين. وفيما فضل الجانب الاميركي انتظار “أن تنجلي حقيقة القرار الروسي وأهدافه اذا كان جدياً”، رأت أوساط قريبة منه في جنيف “أن القرار الروسي مسألة ايجابية وأن موسكو تحاول الاقتراب من الرؤية الاميركية للأزمة السورية، وقبل كل شيء الخطوة الروسية، اذا كانت جدية، موجهة الى النظام السوري مباشرة”.

كذلك هللت المعارضة السورية للقرار الروسي، وبعد صمت دام طوال النهار، خرج معظم أعضاء الوفد مساء وعبروا أمام الصحافيين عن سعادتهم بالتطور ورأوا انه “سيضغط على الرئيس السوري بشار الاسد من أجل السير في مسار الحل السياسي والتخلي عن احلام الحسم العسكري”.
وفي انتظار انقشاع تداعيات القرار الروسي، تعقد اليوم الجلسة الثانية من الحوار السوري الذي انطلق أمس مع الوفد الحكومي برئاسة السفير بشار الجعفري، ويستقبل المبعوث الدولي ستافان دو ميستورا في الخامسة بعد ظهر اليوم وفد الهيئة العليا للمعارضة. وكان الوفد قد عقد اجتماعات مكثفة أمس بين قواه من جهة، وبينه وبين “مجموعة دعم سوريا”، وهي مجموعة عربية – دولية تدعم المعارضة السورية. وعلمت “النهار” ان الوفد المعارض سيسلم اليوم تصوراً للحل في سوريا أساسه “هيئة الحكم الانتقالية كأرضية ثابتة لا تراجع عنها للحل”.
وحذر دو ميستورا قبل بدء اللقاءات من فشل الحوار السوري، قائلاً إن البديل أو “الخطة باء التي يتحدث عنها البعض ستكون العودة الى الحرب ومآسيها”. وحذر من أنه إذا لم تتوافر الإرادة للتفاوض فإنه سيتوجه الى الدولتين الراعيتين روسيا والولايات المتحدة والى مجلس الأمن.
وفي مقاربة أظهرت الخلاف مع الجانب الحكومي، قال دو ميستورا إننا نعمل على الأجندة التي تستند الى القرار الدولي 2254 والى وثيقة جنيف والتي تقوم على المبادئ الثلاثة: حكم جديد ودستور جديد وانتخابات بعد 18 شهراً و”علينا الذهاب مباشرة الى قلب الموضوع”. وشدد على ان المحادثات “يجب أن تركز على الانتقال السياسي ، أو كل القضايا”.
أما الجعفري، فوصف لقاءه ودو ميستورا بأنه كان ايجابياً وبنّاء، معلناً انه قدم وثيقة بعنوان “العناصر الاساسية للحل السياسي”، وقال بعد الجلسة الاولى إن “رؤيتنا في هذه المرحلة تقوم على اساس التحضير الجيد للحوار من خلال وضع الاطار العام كالبحث في هوية المشاركين وهل شارك جميع الاطراف السوريين قبل البدء بالمواضيع الحساسة”.

معارك بين قوات النظام السوري والجهاديين في محيط تدمر روسيا رصدت 24 خرقاً للهدنة في الساعات الـ 24 الأخيرة
المصدر: (رويترز، و ص ف)
كثفت قوات النظام السوري عملياتها العسكرية في المناطق التي تسيطر عليها تنظيمات جهادية، وتركز التصعيد خلال الساعات الـ24 الأخيرة في منطقة تدمر خصوصاً، حيث شن الطيران السوري عشرات الغارات.
قال “المرصد السوري لحقوق الانسان” الذي يتخذ لندن مقراً له: “تتعرض منذ ما بعد منتصف ليل أمس وحتى الآن مناطق في مدينة تدمر ومحيطها لقصف مكثف بما لا يقل عن 200 قذيفة واسطوانة متفجرة وقذيفة صاروخية”، كما نفذت طائرات حربية أكثر من 80 غارة على المنطقة.
والى القصف تتواصل الاشتباكات بين قوات النظام وتنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) في محيط المدينة الأثرية، التي أوقعت ستة قتلى من الجهاديين.
ويسيطر “داعش” على مدينة تدمر منذ أيار 2015، وقد أقدم مذذاك على تدمير الكثير من معالمها الأثرية ومنها قوس النصر الشهير ومعبدا شمين وبل.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن عملية استعادة تدمر بدأت قبل ايام، إذ اقامت قوات النظام تحصينات في المنطقة واستدعت تعزيزات ضخمة. لكنه أضاف ان العملية “تحتاج الى وقت، ولا يمكن قوات النظام ان تتقدم بسرعة كونها منطقة مكشوفة ومن السهل على تنظيم الدولة الاسلامية نصب مكامن فيها”.
ومعروف ان اتفاق وقف الاعمال العدائية، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 شباط، يستثني المواجهات مع “داعش” و”جبهة النصرة” التابعة لتنظيم “القاعدة” ومجموعات “ارهابية” أخرى.
وأفاد عبد الرحمن أنه “بالتوافق مع روسيا، تركز قوات النظام قدراتها على الجبهات مع الجهاديين… خلال الاسبوعين اللذين سبقا الهدنة، قصفت الطائرات الحربية (الروسية والسورية) مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بنحو ثلاثة آلاف غارة وبرميل متفجر”، مشيراً الى ان “هذا العدد تراجع الى نحو 325 منذ 27 شباط”، و”زادت بشكل كبير الغارات على الجهاديين”.

اللاذقية
وعلى جبهة أخرى، تقاتل قوات النظام في ريف اللاذقية الشمالي جهاديي “جبهة النصرة” وحلفاءها سعياً إلى استعادة الريف الشمالي وتالياً تمكين سيطرتها على كل المحافظة الساحلية.
وتتركز المعارك حالياً في محيط منطقة تل كبانة المشرف على مناطق واسعة من الريف الشمالي وعلى سهل الغاب في محافظة ادلب التي لا تبعد سوى كيلومترات الى الشرق منها.
ولاحظ عبد الرحمن انه “من الصعب جداً تنفيذ الهدنة في مناطق تقاتل فيها جبهة النصرة الى جانب فصائل اخرى، إذ من الصعب معرفة الطرف الذي يحترم الهدنة”. وقال: “ستستخدم قوات النظام وجود النصرة حجة لمواصلة القتال”.
وقرب دمشق، تقصف قوات النظام منطقة مرج السلطان حيث تعتبر “جبهة النصرة” القوة الاساسية فيها.
وأعلن عبد الرحمن ان “النظام هدد بمحاصرة بلدة دير العصافير ومناطق أخرى قرب المرج حيث تقيم نحو 2500 عائلة”.

انتهاكات
الى ذلك، تحدثت وزارة الدفاع الروسية عن رصد مركز التنسيق الروسي في حميميم 14 خرقاً للهدنة في سوريا خلال الساعات الـ24 الأخيرة .
وجاء في بيان لها أورده موقعها الرسمي أن 5 انتهاكات للهدنة سجلت في اللاذقية وخمسة أخرى في درعا، واثنان في حلب، إلى خرق واحد في دمشق وآخر في حماه.
وقالت إن بلدتين في ريف اللاذقية تعرضتا لقصف بقذائف الهاون من جماعة “أحرار الشام” المسلحة، بينما قصفت تشكيلات مسلحة غير محددة ثلاث بلدات منها ضاحية الأسد في محافظة دمشق.
وأشارت إلى أنه يجري حالياً إعداد قوافل إنسانية لإرسال المساعدات إلى أربع بلدات في محافظتي حمص وحماه، بعد توجه رؤسائها إلى مركز التنسيق الروسي بطلب الحصول على مساعدات إنسانية.
وكشفت أن مركز التنسيق الروسي توصل خلال الساعات الـ24 الأخيرة إلى اتفاقات أولية لوقف النار مع شيوخ خمس قرى واقعة في محافظة حماه، وأن المركز عقد أيضاً لقاء عمل مع ممثلين لثلاث قرى في محافظة القنيطرة.
أضف أن المحادثات في شأن نظام وقف الأعمال العدائية مستمرة حالياً مع قادة ست مجموعات مسلحة عاملة في محافظتي دمشق والقنيطرة، مشدداً على أن العدد الإجمالي للقرى والمدن السورية التي تم التوصل معها إلى اتفاقات للهدنة لا يزال عند 44، كما استقر عدد المجموعات المسلحة التي قبلت شروط الهدنة عند 42.
كذلك أجرى مركز التنسيق الروسي محادثات عبر الهاتف مع مركز التنسيق الأميركي في عمان.

كيلو وسيدورف وأفقهي يتحدثون لـ”النهار” عن معنى “انسحاب القيصر”
المصدر: “النهار”
أسرار شبارو
فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجميع، وفجّر قنبلة من العيار الثقيل، بإعلانه اتخاذ قرار سحب الجزء الرئيسي من قوات بلاده في سوريا، بعد أن حقّق أهدافه إلى حد كبير.
فجأة تغيرت اللعبة وانتقل #بوتين من المغامرات العسكرية الى الطاولة السياسية، وبعد ستّة اشهر من قراره المشاركة بضربات جوية على “الارهابين” في سوريا، اتخذ قرار الانسحاب بالتزامن مع بدء جولة محادثات السلام في جنيف. القرار الذي سيستغرق تنفيذه خمسة أشهر، لم يعرف بعد ماهية العديد والعتاد التي سيشملها.
التدخل الروسي المباشر في سوريا لحماية نظام بشار الأسد من الانهيار، ومحاربة “الدولة الاسلامية”، بات من الماضي. وان كانت موسكو قد نجحت في تدخلها بقلب الكفة العسكرية لمصلحة النظام، من دون أن تتمكن من هزيمة المعارضة، كما استطاعت اضعاف “داعش” من دون القضاء عليه، فإنها اليوم تعمل على قلب الدفة لصالحها من دون خسائر مادية أوجعتها اقتصادياً. فكيف ينظر معنيون الى القرار الروسي وخلفياته؟
مفاجئ ومتوقع
قرار الرئيس الروسي كان مفاجئاً ومتوقعاً في الوقت عينه، بحسب المحلل السياسي الروسي يفغيني سيدورف الذي شرح ان ” القرار كان مفاجئاً لأن بوتين لم يستشر ولم يجر مباحثات ومشاورات تمهيدية مع الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ثانياً كان متوقعاً كون الرئيس الروسي اعلن بعيد دخول قواته الى سوريا في اواخر ايلول من العام الماضي ان لتواجدها جدولاً زمنياً دقيقاً، وأنه لا يمكن أن تبقى الى ما لا نهاية، والآن تعتبر روسيا أنها نفّذت الجزء الكبير من مهامها، حيث أعادت لقوات الرئيس الاسد بعض التفوّق، وبالتالي القرار الروسي الاخير افهم النظام السوري أن عليه أن يواصل بمفرده خوض العمليات الحربية، وانها غيّرت سياستها وتريد أن تركز على المسار السياسي والدبلوماسي داعية الدول الأخرى الى التنسيق معها في هذا المجال”.
دوافع القرار الروسي لا تتوقف عند هذا الحد اذ رأى سيدروف أنه “ربما يعود الى ادراك موسكو المتزايد أمرين مهمين، أولاً الصورة السلبية التي تكوّنت في عدد من البلدان العربية عنها، لا سيما تلك التي يشكّل السنّة فيها الأكثرية، وهي بالتالي لا تريد أن تتدهور علاقتها مع العالم العربي الى ما أبعد من ذلك، بل على العكس ربما تراجعت عن خطها السابق وتريد استعادة العلاقات الاقتصادية في المقام الأول مع عدد من الدول الخليجية التي سبق ووعدت باستثمارات واسعة النطاق في الاقتصاد الروسي”.

انسحاب روسي «جزئي» يفاجئ واشنطن.. ويضغط على دمشق تفاوضياً
بوتين يتموضع سورياً: «جنيف» بدلاً من الـ«سوخوي»
محمد بلوط
إعادة تموضع روسي، أو انسحاب تدريجي من سوريا، في لحظة إطلاق عملية سياسية، متعثرة كما يبدو بوضوح من عودة الشروط المسبقة في جنيف، يراهن الروس عليها لاستكمال الإمساك بقرار السلم، بعد الحرب في ميادين الضفة الشرقية للمتوسط حيث دخلت الحرب السورية عامها السادس.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فاجأ من دون شك دمشق، بالإعلان عن «سحب القوة الرئيسية» من الحشد الروسي الجوي، بعد أن أسهم إلى حد كبير، بالعودة إلى جنيف، وخصوصاً، وهذا الأهم بقلب المعادلة الميدانية في سوريا، ودفع الجيش السوري، للخروج من الحصون التي بدأت تضيق حوله في الصيف الماضي، داخل خطوط سوريا المفيدة، وبعد غزو المجموعات المسلحة، تركياً وسعودياً، لإدلب وجسر الشغور.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم لم يتلقوا أي إشعار مسبق لقرار بوتين البدء في سحب جزء من القوات العسكرية من سوريا، وعبّروا عن دهشتهم من الإعلان المفاجئ الصادر عن موسكو.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تناقش هاتفياً مع بوتين حول «الانسحاب الجزئي» للقوات الروسية.
وبرغم أن الروس أعلموا السوريين مسبقاً، وقبل 24 ساعة، من نشرهم نبأ سحب القوة الرئيسية إلى الإعلام، إلا أن التدبير الروسي، في توقيته وحجمه يظل مفاجئاً، خصوصاً أنهم كانوا قد نقلوا قبل ثلاثة أيام من الإعلان عن سحب جزء من قواتهم، سرباً من 10 طوافات مقاتلة، فيما تحتشد أعداد كبيرة منها في مطار الـ «تي فور» شرق حمص، لرفع وتيرة العملية ضد تنظيم «داعش» في تدمر، وطرده من المدينة.
ويبدو القرار متناقضاً تماماً مع إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن «امتلاك موسكو دلائل عن وجود عسكري تركي داخل الأراضي السورية»، أو تقرير وزارة الدفاع الروسية الذي تحدث عن عشرات قوافل الأسلحة والذخائر التي تتدفق إلى الشمال السوري، من تركيا، بعد أن أعلنت الوزارة أنها قامت بتدمير مستودعات أسلحة وذخائر أمضت المجموعات المسلحة خمسة أعوام في تخزينها، وهي عناصر كلها تحمل على الاستنتاج أن القرار الإنسحابي وليد الساعات الأخيرة وتطوراتها، مؤكداً وصول التباين بين موسكو ودمشق مرحلة متقدمة، خصوصاً أن التواجد في سوريا لا سقف زمنياً له، كما كشف عن ذلك الاتفاق الموقع مع دمشق في 26 آب الماضي، ما يزيد من حدة التساؤلات.
والأرجح أن التعايش الروسي – السوري حول أهداف هذه العملية وأثمانها السياسية قد وصل مرحلة حرجة، خصوصاً أن القرار جاء أحادياً، وصدر من موسكو، وليس بشكل متزامن أو متفق عليه بين دمشق وموسكو.
ويقول مصدر روسي إن السوريين لم يُظهروا مرونة كافية في الأسابيع الماضية في مقاربة المطالب الروسية بالانخراط في العملية السياسية. إذ يربط الروس، كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، مطلع آذار الحالي، بين إجراء الانتخابات التشريعية في 13 نيسان المقبل وبين إشراك المعارضة فيها، برغم أن الكرملين عاد في ما بعد ليرى ، ورداً على مواقف أميركية وسعودية، أن إجراء انتخابات تشريعية سورية، في قلب مفاوضات جنيف، لن يعرقل هذه المفاوضات.
ويقول مصدر روسي إن بوتين اعتبر الإعلان عن إجراء تلك الانتخابات، في يوم الإعلان عن الهدنة في 28 شباط الماضي، تجاهلاً لخريطة الطريق التي تبنتها موسكو وواشنطن في فيينا. وكان جلياً أن توقيت الهدنة، في ذروة تقدم الجيش السوري في ريف اللاذقية، وشمال وشرق حلب، وبدء إحكام الطوق على المدينة، وإغلاق الحدود والمعابر مع تركيا، كان تنازلاً غير مفهوم من السوريين، فضلاً عن أنهم كانوا يرفضون الهدنة بأكملها.
والجيش السوري، الذي كان يعيش قبل «عاصفة السوخوي» مرحلة تراجع نحو حصونه التقليدية، كان سيجد الهدنة خطأ استراتيجياً، وكبحاً لديناميكية بدأت تحقق إنجازات كبيرة، وتحوّل مناطق المجموعات المسلحة إلى مجرد جيوب معزولة يمكن إسقاطها، واستراحة للمقاتلين الذين بدأوا يعيدون تنظيم صفوفهم، وبناء قوتهم العسكرية. وجاء كلام فيتالي تشوركين في الأمم المتحدة، على مداخلة الرئيس السوري بشار الأسد أمام نقابة المحامين وإشارته إلى أنه لم يلتزم بالسياق الروسي، نقداً علنياً للخيارات الروسية، بعدم التوقف في منتصف الطريق، في حين تلوح بشائر النصر.
وإذا كان الموقف الروسي يعبّر عن حاجتهم إلى أفق سياسي لعمليتهم ويبدون أكثر استعجالاً من السوريين، للانخراط في العملية السياسية، وقد لا يتمسكون بالخطوط الحمراء التي تحدث عنها الوزير وليد المعلم، فإن موقف الأسد في التمسك بالانتخابات التشريعية، وبرؤية متوازنة إلى الحل السياسي لا تخضع لجنيف واحد وتسليم الموقع السوري لتركيا والسعودية وقطر ومجموعاتهم، ويحمل الموقف في طياته، حتى إزاء الحليف الروسي، إرادة الاحتفاظ بالقرار السوري المستقل برغم أن البدائل عن الروس صعبة وغير متوفرة. ويتقاطع الإعلان الروسي مع وصول نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى طهران برفقة وفد عسكري رفيع غير معتاد.
كما أن القرار يتجاوز بكثير ما قيل في حاشيته، سواء البوتينية عن «تنفيذها غالبية مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة» أو في ديباجة وزارة الدفاع من أن القوات الروسية في سوريا قتلت ألفي إرهابي روسي. وهي ديباجة توجه رسالة مزدوجة إلى الداخل الروسي، الذي تعصره العقوبات الاقتصادية تدريجياً، وتهديدات الإرهاب، معيداً الحرب على الإرهاب إلى مقاييس لا تسمو إلى ما كان الروس يتحدثون عنه في بداية «عاصفة السوخوي» عن حرب على كل الفصائل التي ترفع السلاح في وجه الجيش السوري. كما أن في طيات القرار طمأنة للخائفين من انزلاق روسي في الحرب السورية.
وتقول مصادر سورية إن الروس لم يباشروا حتى الأمس بسحب أي من طوافاتهم وقاذفاتهم الـ120 في قاعدة حميميم الجوية، فيما تقول واشنطن إنها لم تلحظ أي تغيير في قاعدة حميميم حتى الأمس. وكان لافتاً أن الهدنة انعقدت بعد عشرة أيام من لقاء سعودي – فنزويلي – روسي – قطري لتثبيت كميات الإنتاج النفطي، ومحاولة رفع أسعار النفط، التي قفزت من 28 دولاراً للبرميل الواحد، فور دخول الهدنة حيز التنفيذ في 28 شباط، الى 41 دولاراً أمس، وهو مؤشر على ارتباط الاتفاق الرباعي، لا سيما الروسي السعودي بمسار الهدنة، التي أوقفت انهيار المجموعات المسلحة في سوريا.
ولكن إخلاء الجزء الأكبر من القوة الرئيسة يعني بشكل خاص، الاستغناء عن عدد غير محدد حتى الآن من القاذفات من بين 12 «سوخوي 23»، وعدد مماثل من الـ «سوخوي 24» و6 قاذفات «سوخوي 30»، التي تتمركز 30 منها في حميميم، بالإضافة إلى الطوافات المقاتلة التي تشكل الأسراب الأساسية في توفير الإسناد الجوي لعمليات الجيش السوري، والتي أسهمت من 10 تشرين الأول، تاريخ إطلاق الحملة الجوية الروسية، وحتى هدنة 28 شباط في تغيير مسار الحرب في سوريا لمصلحة الجيش السوري.
ولا يشكل بقاء سربين من الـ «سوخوي 30 و35»، إضافة إستراتيجية لعمليات الجيش السوري، وهي الأسراب التي قال الروس إنها كُلفت بالبقاء في سوريا، لأن مهامها تقتصر على اعتراض أو تدمير أي هدف «تركي»، وتأمين حماية قاعدة حميميم، مع صواريخ الـ «اس 400» وقاعدة طرطوس البحرية، وهي أهداف روسية، لن تؤمن إذا ما تم الانسحاب أي ميزة إستراتيجية تقارَن بعمل القاذفات، ولأنها تنقل العملية الروسية من حالة الهجوم الإيجابي إلى حالة الدفاع.
كما أن الانسحاب الروسي، إذا نُفذ على نطاق واسع، يتحول إلى عنصر ضاغط لإجبار دمشق على تقديم تنازلات سياسية، للاستجابة للصفقة التي يبدو واضحاً أن التفاهم الروسي – الأميركي يقوم عليها، والتي ترفد حتى الآن قاعدة متينة لوقف إطلاق النار. ويجابه الجيش السوري مخاطر أكبر أمام انسحاب القاذفات الروسية الذي لا يزال حتى اللحظة غير مؤكد، إذ إن عشرات الآلاف من الجنود السوريين تدفقوا على عشرات الجبهات للقتال، وخرجوا من حصون المناطق التي خبروا الدفاع عنها خلف بيئة حاضنة، وانتشروا في أرياف حلب وحمص وحماه واللاذقية، وجزئياً في الجنوب، بفضل الإسناد الجوي الروسي.
ولكن السوريين يؤكدون أنهم لا يخشون الانسحاب الروسي، ويقللون من حجمه وأهميته، إذ تقول مصادر سورية رفيعة إن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، تحدث قبل الإعلان عن القرار مع المسؤولين العسكريين، وطمأنهم إلى أن تقليص الوجود الجوي الروسي لن يكون كبيراً، وأن العمليات الجارية، لا سيما في تدمر، لن تتأثر بالإجراءات التي ستكون محدودة جداً. وقال لمسؤولين في دمشق إن «الإعلان كان ضرورياً إعلامياً، لتبرير عودة بعض القطع الجوية والبحرية»، فيما قال مصدر سوري إن اكثر من 70 في المئة من القوة الروسية الجوية ستبقى في حميميم لمواصلة مهامها.
وكان لافتاً الربط بين إعلان الانسحاب وبين جواب الأسد لبوتين «عن استعداد دمشق لبدء العملية السياسية في البلاد بأسرع ما يمكن، معرباً عن أمله أن تثمر المفاوضات التي بدأت في جنيف بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة نتائج ملموسة». إذ لا تزال المفاوضات السورية في مرحلة الاختبار الأولي، من دون أن تتغير المواقف، أو تتبدل المقاربات والمطالب التي أدت إلى إسقاط الجولات الماضية.
ويتكتم الوفد الرسمي السوري على ورقة عمل، عنونها رئيس الوفد الحكومي السوري بشار الجعفري، «بعناصر أساسية لحل سياسي» في سوريا، وقُدمت إلى الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا، في أول لقاء للجولة الحالية للمفاوضات.
وبدأ يتبلور للمرة الأولى تقارب روسي ـ أميركي – أممي وسوري حكومي، حول خريطة فيينا المثلثة: حكومة موسعة، تعديلات دستورية، وانتخابات تشريعية ورئاسية، واعتبارها صالحة للبحث والتسوية، مع ضرورة البحث في آلياتها ورزنامتها. وكان وفد الرياض قد عقد خلوة مطولة في فندقه للتوصل إلى ورقة مضادة، لكنه لم يخرج، بحسب مصادر «ائتلافية»، سوى بعناوين معروفة تتمسك ببيان جنيف واحد، وضرورة البحث في حكومة انتقالية، ترفعه إلى السلطة في دمشق، من دون الانخراط في العملية السياسية، التي يكاد يتفق عليها الروس والأميركيون، وتتعاطى معها الحكومة السورية بإيجابية.
وللمرة الأولى أيضاً، أوضح دي ميستورا، أمام الوفد الحكومي السوري، أن المعارضة السورية لن تكون ممثلة بوفد الرياض، ولكن بوفدين، يضم الآخر منهما وفد «الديموقراطيين العلمانيين»، فيما بات مؤكداً أن الجولات الحالية لن تشهد أي حضور كردي.

دي ميستورا يرحب بالقرار الروسي
الكرملين: سحب قواتنا من سوريا لا يهدف للضغط على الأسد
نفى الكرملين أن يكون قرار سحب القوات الروسية الأساسية من سوريا يستهدف ممارسة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد. في حين
أعرب موفد الأمم المتحدة الخاص الى سوريا ستيفان دي ميستورا، أن يكون للخطوة الروسية “تأثير ايجابي” على مفاوضات السلام في جنيف.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، رداً على سؤال حول ما إذا كان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشير إلى عدم ارتياح موسكو لموقف الأسد: “لا ليس الأمر هكذا، إنه قرار اتخذه الرئيس الروسي والقائد العام للقوات المسلحة الروسية، اعتمادا على نتائج عمل القوات الروسية في سوريا”.
وأضاف أن بوتين أخذ تلك النتائج بعين الاعتبار وتوصل إلى استنتاج مفاده أنه تم تحقيق المهمات الأساسية المطروحة بسوريا.
وتابع بيسكوف “لم يكن هذا الموضوع مطروحا خلال المحادثات مع الزعماء الأجانب، بل هو قرار اتخذه الرئيس الروسي لوحده”.
وأكد أن قسما من العسكريين الروس يبقون في قاعدتي “حميميم” و”طرطوس”، لكنه نصح الصحافيين بالتوجه إلى وزارة الدفاع الروسية بأسئلتهم المتعلقة بمستقبل برنامج المستشارين العسكريين الروس في سوريا ومنظومة “إس-400” المنشورة في قاعدة “حميميم” الجوية.
وأشار بيسكوف إلى أن المهمة الرئيسية لموسكو في سوريا حالياً، تكمن في المساهمة بمنتهى الفعالية بعملية التسوية السلمية.
وتابع أن تحقيق المهمات المطروحة أمام القوات الجوية والفضائية الروسية في سوريا، سمح بتوسيع مساحة الأراضي المحررة من أيدي الإرهابيين، وتقديم المساعدة لقوات “المعارضة” في سوريا في محاربة الإرهاب، كما أنه أدى إلى تغيير الوضع الميداني بشكل جذري.
وفي غضون ذلك، أوضحت وزارة الدفاع الروسية أن الدفعة الأولى من طائراتها الحربية أقلعت من قاعدة “حميميم” متوجهة إلى روسيا.
وأشارت إلى أن الطائرات تغادر “حميميم” في مجموعات تقود كل منها طائرة شحن عسكرية من نوع “تو-154” أو “إيل-76”. وبعد عبور كل مجموعة حدود الاتحاد الروسي تقوم كل طائرة منها بالتوجه إلى قاعدة مرابطة دائمة لها بشكل مستقل.
وفي وقت سابق أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن العاملين في قاعدة “حميميم” الجوية الروسية في سوريا بدأوا إعداد الطائرات لمغادرتها إلى روسيا، موضحة أن العاملين في القاعدة قاموا بشحن طائرات النقل العسكرية بالمعدات والأجهزة التقنية وغيرها من الممتلكات، استعدادا للعودة إلى الوطن.
وفي هذا السياق، أكد احد مساعدي وزير الدفاع، الجنرال نيكولاي بانكوف، أن الطيران الروسي يواصل ضرباته الجوية على “اهداف ارهابية” في سوريا.
وقال بانكوف: “من المبكر جدا الحديث عن انتصار على الارهابيين. الطيران الروسي لديه مهمة تقوم على مواصلة الغارات ضد اهداف ارهابية”، كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية من قاعدة “حميميم”.
وتابع “هناك فرصة حقيقية لوضع حد لسنوات من العنف”، مشيراً إلى ان القوات الروسية والسورية تمكنت من “الحاق اضرار مهمة بالارهابيين واربكت تنظيمهم وقوضت قدراتهم الاقتصادية”.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن كبير موظفي الكرملين سيرغي ايفانوف قوله، إن روسيا تبقي نظام الدفاع الجوي “إس-400” الأكثر تطورا في سوريا.
وأضاف للصحافيين “هناك حاجة لأكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورا من أجل ضمان الأمن بفاعلية بما في ذلك من الجو.”
من جهة ثانية، أعلن دي ميستورا، اليوم، أن الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا يشكل “تطورا مهما”، معرباً عن الامل في ان يكون له “تاثير ايجابي” على مفاوضات السلام في جنيف.
وقال دي ميستورا في بيان تلاه احد المتحدثين باسم الامم المتحدة في جنيف احمد فوزي، إن “اعلان الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين في اليوم نفسه لبدء هذه الجولة الجديدة من المفاوضات في جنيف، هو تطور مهم نأمل ان يكون له تأثير ايجابي على تقدم المحادثات التي تسعى للوصول الى حل سياسي للنزاع في سوريا والى انتقال سياسي سلمي في هذا البلد”.
واوضح فوزي ان دي ميستورا قال إنه تبلغ القرار الروسي مساء الاثنين قبيل اجرائه محادثات عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الامن الدولي.
ولفت فوزي الإنتباه إلى أن “اليوم يوم مهم فهي الذكرى الخامسة (للنزاع السوري) واليوم ال18 لتوقف الاعمال القتالية”، مضيفا ان الهدنة “هشة لكنها صامدة بشكل عام”.
وعلَّق المتحدث باسم “المعارضة السورية” سالم المسلط على الخطوة الروسية بالقول، إن القرار الذي اتخذه بوتين لخفض عديد قواته في البلاد يمكن أن يمهد الطريق لوضع نهاية للحرب، على الرغم من أن موسكو لم تبلغها بالقرار.
ورحبت فرنسا، من جهتها، بالقرار الروسي، مشيرة إلى أنه “لا بد من تشجيع اي خطوة تساهم في تخفيف حدة التوتر”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال: “لقد اخذنا علما بإعلان الرئيس بوتين. وفي حال ترجم الى وقائع فسيكون تطورا ايجابيا. لا بد من تشجيع اي خطوة تساهم في تخفيف حدة التوتر”.
وأضاف نادال “يفترض ان تصمت الاسلحة من اجل البدء بمفاوضات حقيقية بهدف الوصول الى مرحلة انتقالية في سوريا”، موضحاً أن “النظام (السوري) يواصل مع ذلك استهداف المعارضة المعتدلة (…) ويواصل اعاقة” نقل المساعدات الانسانية.
وقال ايضاً: “في الوقت الذي يدخل فيه النزاع السوري عامه السادس، تجدد فرنسا دعوتها الى حل سياسي لهذه الازمة الرهيبة”.
(“روسيا اليوم”، أ ف ب، رويترز)

قرار مفاجئ لبوتين ببدء انسحاب القوات الروسية من سوريا
مصادر خاصة لـ«القدس العربي»: وثيقة النظام تقترح حكومة تشارك فيها المعارضة في ظلّ الأسد
احمد المصري وكامل صقر
لندن ـ دمشق ـ «القدس العربي»: في قرار فاجأ الأوساط السياسية في العالم أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيشه أمس الاثنين ببدء سحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا قائلا إن التدخل العسكري الروسي حقق أهدافه إلى حد كبير.
وقال بوتين خلال اجتماع في الكرملين مع وزيري الدفاع والخارجية الروسيين إن الانسحاب سيبدأ اعتبارا من اليوم الثلاثاء. وأمر بوتين بتكثيف الدور الروسي في عملية السلام الرامية لإنهاء الصراع في سوريا.
وذكر ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن بوتين تحدث هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد لإبلاغه بالقرار الروسي.
وتابع إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد لم يناقشا مستقبل الأسد في المكالمة الهاتفية.
وقالت وكالة أنباء النظام السوري (سانا)، أمس الإثنين، إن رئيس النظام بشار الأسد اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا».
وفي خبر عاجل نشرته الوكالة، مساء أمس، وأوردت فيه «بعد النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في محاربة الارهاب وعودة الأمن والأمان لمناطق عديدة في سوريا وارتفاع وتيرة ورقعة المصالحات في البلاد، اتفق الجانبان السوري والروسي خلال اتصال هاتفي بين الرئيس بشار الاسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا».
وبررت الوكالة القرار بأنه يأتي «بما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية واستمرار وقف الأعمال القتالية».
ويأتي نشر الوكالة الرسمية للخبر بعد دقائق من الإعلان عن إيعاز بوتين لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بسحب القوات الرئيسية من سوريا، اعتباراً من اليوم الثلاثاء.
وبحسب تلفزيون «روسيا اليوم»، فإن القرار جاء عقب لقاء جمع بوتين مع كل من شويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس الاثنين في الكرملين.
وأعلن الكرملين أن «جميع ما خرج به اللقاء تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد»، بحسب المصدر نفسه.
وأعلن سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية الاثنين أن المعارضة تريد التحقق من تنفيذ القرار الروسي «على الارض» بعد إعلان موسكو نيتها سحب الجزء الاكبر من قواتها من سوريا.
وقال المسلط للصحافيين في جنيف «لا بد من أن نتحقق من طبيعة هذا القرار وما المقصود به» مضيفا «إذا كان هناك قرار بسحب القوات (الروسية) فهذا قرار ايجابي ولا بد من ان نرى ذلك على الأرض».
وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف للصحافيين أمس الاثنين إن الحكومة قدمت وثيقة بعنوان «العناصر الأساسية لحل سياسي» إلى ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة في محادثات السلام، وكشفت مصادر مطلعة لـ«القدس العربي»، أن الوثيقة تحتوي على 12 بندا، وفيها اقتراح باجراء انتخابات برلمانية لا رئاسية واقتراح تشكيل حكومة مشتركة من المعارضة والنظام، مع إجراء انتخابات برلمانية وليست رئاسية.
وفي رده على مقترحات وفد الحكومة السورية إلى جنيف طالب كبير المفاوضين بوفد المعارضة السورية محمد علوش بـ»إعدام الرئيس السوري بشار الأسد»، وأعرب علوش، ممثل جماعة «جيش الإسلام» المعارضة عن رفضه لمقترحات الحكومة السورية بأن المفاوضات قد تفضي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة جديدة بمشاركة المعارضة لكن مع بقاء الأسد في السلطة.
وأضاف قائلا «لابد من محاكمة بشار وإعدامه لقاء ما اقترفه من جرائم في حق الشعب السوري».
وأضافت المصادر من داخل وفد دمشق المفاوض في جنيف أن وثيقة «العناصر الأساسية لحل سياسي» والتي قدمت لدي مستورا، طالبت «بعقوبات على الأشخاص أو المجموعات التي لا تلتزم بأي اتفاق سياسي قد يخرج عن المفاوضات، وتستند الوثيقة على القرار 2254 الذي يتحدث عن إجراء انتخابات لكن القرار لم يحدد هذه الانتخابات ما إذا كانت رئاسية أو برلمانية ولذلك الوفد الحكومي يركز على أن الانتخابات برلمانية.
وقالت المصادر في مجمل حديثها لـ«القدس العربي»، «إن الحكومة لطالما أوقفت الأعمال القتالية وسمحت بإدخال المساعدات، ولطالما كانت هذه هي مطالب المعارضة في الجولة السابقة فإن دمشق لن تقدم المزيد من التنازلات».
وأضافت المصادر «أن أجواء جنيف من الناحية اللوجستية أفضل من المرة الماضية وأن الوفد الحكومي مرتاح للتنظيم وللإجراءات المرافقة أكثر من الجولة الماضية».
وقال المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، إنه التقى امس الاثنين، وفد النظام السوري، لـ»تناول قضايا إجرائية وتوضيحها»، مشيرا إلى أن اللقاء كان مثمرا، وتم توضيح العديد من النقاط».
وعقب اللقاء الذي جرى في مقر الأمم المتحدة بجنيف، أوضح دي ميستورا في تصريح صحافي، أن «اللقاء التالي مع وفد النظام متوقع أن يجري صباح الأربعاء، بما يعطيه وفريقه فرصة للتشاور»، لافتا إلى أنه «سيركز في الاجتماع المقبل على جدول الأعمال، الذي أسس له القرار الأممي 2254».
وأضاف أنه «أخبر رئيس وفد النظام السفير بشار الجعفري، أنه سيطلع مجلس الأمن الدولي بالتطورات، مساء اليوم، لأن هم من يصر على إجراء المحادثات، وهم يراقبون التقدم والصعوبات المحتملة».
وأكد أن «النقطة الأساسية التي يهدف إليها، هي الشمولية»، مؤكداً «ضرورة إطلاع المحاورين على كل القضايا».
وقال دي ميستورا إن سوريا تواجه لحظة الحقيقة وذلك خلال افتتاحه لأولى ثلاث جولات من المحادثات التي تهدف إلى التفاوض على الانتقال السياسي والتوصل إلى «خارطة طريق واضحة» لمستقبل سوريا.
وأضاف أنه لا توجد «خطة بديلة» سوى العودة إلى الحرب وطلب الاستماع إلى جميع الأطراف لكنه قال إنه لن يتردد في طلب تدخل القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة وروسيا إذا تعثرت المحادثات.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي «إذا لم نر في هذه المحادثات أو في الجولات القادمة أي بادرة على الاستعداد للتفاوض… فإننا سنحيل الأمر مرة أخرى إلى من لهم تأثير أي روسيا الاتحادية والولايات المتحدة… ومجلس الأمن الدولي.»
وأعرب وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، عن أمله في أن يقوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بضبط حليفه السياسي والعسكري، بشار الأسد، مشيراً إلى أنّه «لا يبدو مسيطراً عليه في الوقت الراهن»، وفقاً لتعبيره.
جاء ذلك، خلال مؤتمر صحافي عقده هاموند أمس الاثنين، قبيل المشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث أشار إلى وجود حاجة للجانب الروسي، فيما يخص حل الأزمة السورية، لافتاً في الوقت ذاته إلى وجوب التأكد من أداء الأطراف لواجباتها فيما يخص اتفاق «وقف الأعمال العدائية» المُعلن في سوريا.
وستنتهي الجولة الأولى من المحادثات في 24 آذار/مارس تقريبا وتعقبها فترة راحة لمدة تتراوح بين سبعة وعشرة أيام ثم تجرى جولة ثانية لمدة أسبوعين على الأقل ثم فترة راحة أخرى تعقبها جولة ثالثة.
وقال دي ميستورا «نعتقد أنه بحلول ذلك الحين يجب أن تكون لدينا على الأقل خارطة طريق واضحة. لا أقول اتفاقا بل خارطة طريق واضحة لأن هذا هو ما تتوقعه سوريا منا جميعا.»
ولم يذكر دي ميستورا إن كان الزعماء الأكراد سيشاركون في المحادثات للمرة الأولى لكنه قال إن شكل المحادثات غير المباشرة يمنحه مرونة لسماع أكبر عدد ممكن من الأصوات وإنه يجب منح فرصة لكل السوريين.
وأضاف «قانون اللعبة سيكون هو أن تشمل الجميع.»
ونفى كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية لمفاوضات جنيف محمد علوش قيام المعارضة بتصعيد مطالبها قبل استئناف المحادثات في جنيف، وأكد أن النظام السوري وحلفاءه سيكونون هم المسؤولين إذا فشلت هذه المفاوضات.
واستنكر اتهام المعارضة بالتصعيد «لمجرد تأكيدها على أنه لا وجود لـ (الرئيس السوري بشار) الأسد في المرحلة الانتقالية بالرغم من كون ذلك مطلبا شعبيا».
وشدد «نحن وفد ثورة لا معارضة فقط… المظاهرات خرجت في الكثير من المدن السورية خلال فترة الهدنة للمطالبة بإسقاط النظام وليس التسوية أو الحل السياسي».

قصف جوي روسي يدعم تقدما لقوات النظام السوري قرب تدمر
بيروت- أ ف ب- قصفت مروحيات روسية الثلاثاء مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في محيط مدينة تدمر في وسط سوريا غداة اعلان موسكو سحب الجزء الاكبر من قواتها من البلاد، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس “تقصف مروحيات روسية ومقاتلات يرجح انها روسية مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في محيط تدمر” في ريف حمص الشرقي، مشيرا إلى أن قوات النظام السوري حققت تقدما لتصبح على بعد اربعة كيلومترات من المدينة الاثرية.
وبدأت معركة استعادة تدمر الاسبوع الماضي حيث احرز الجيش تقدما ملحوظا بغطاء جوي روسي.
وتعد هذه العملية، وفق عبد الرحمن، “معركة حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق امامها لاستعادة منطقة البادية وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقا”.
وقال مصدر ميداني سوري ان “الجيش السوري سيطر على تلة (…) غرب تدمر في ريف حمص الشرقي اثر اشتباكات عنيفة مع مسلحي تنظيم داعش وتحت غطاء الطائرات المروحية والحربية للقوات الروسية”.
واعلنت موسكو الاثنين انها ستسحب الجزء الاكبر من قواتها على الارض بعدما “انجزت” مهمتها في سوريا اثر تدخل جوي بدأ في 30 ايلول/ سبتمبر. الا ان مسؤولا عسكريا روسيا اكد الثلاثاء من قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية (غرب) ان موسكو ستواصل ضرباتها ضد “الاهداف الارهابية” في سوريا.
ووفق المصدر الميداني فان الجيش السوري يشرف حاليا على مدينة تدمر.
ويسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مدينة تدمر منذ ايار/ مايو 2015، وعمد مذاك الى تدمير العديد من معالمها الاثرية وبينها قوس النصر الشهير ومعبدي شمين وبل.

استقبال حاشد في روسيا لطلائع الطيارين والطائرات العائدة من سوريا
موسكو- أ ف ب- نظم استقبال حاشد في روسيا لطلائع الطيارين والطائرات الروسية العائدة الثلاثاء من سوريا، وتجمع اهالي الطيارين وعدد من المسؤولين لاستقبالهم في قاعدة جوية جنوب غرب البلاد، وذلك بعد إعلان سحب الجزء الأكبر من الوحدات العسكرية التي أرسلتها موسكو الى سوريا.
وعادت مجموعة اولى من قاذفات سو-34 وطائرات النقل تو-154 وعلى متنها فنيون ومعدات عسكرية من قاعدة حميميم الجوية في شمال غرب سوريا، الى روسيا، تنفيذا لامر اصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الاثنين.
وحطت الطائرات الروسية في قاعدة عسكرية قرب فورونيج في جنوب غرب روسيا، بعد ان حلقت على مستوى مخفوض فوق الحشد المتجمع، وفق ما اظهرت صور بثها التلفزيون الروسي.
وتجمع مئات الاشخاص لاستقبال الطيارين داخل المطار وهم يحملون الاعلام الروسية وباقات الورود والبالونات. وحضر الاستقبال ايضا ضباط كبار في الجيش الروسي، بينهم قائد القوات الجوية فيكتور بونداريف.
وقال بونداريف “اهنئكم على المهمة التي انجزتموها. وقد اثبتم مجددا للعالم اجمع ان تدريب طيارينا هو في اعلى مستوى”.
واضاف “خلال العملية في سوريا، لم يكن هناك اي قصف لم يصب هدفه. نشكركم كثيرا على ذلك”، مشددا على ان “الارهاب الدولي تكبد خسائر كبيرة” بفضل الجيش الروسي (اكرر الروسي).

المعارضة السورية: الانسحاب الروسي خطوة جيدة ترتبط بمدى تطبيقها ميدانيا
جنيف- الأناضول- قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، التابعة للمعارضة السورية، سالم المسلط، الثلاثاء، إن “المعارضة تجد في الانسحاب الجزئي الروسي من البلاد، خطوة جيدة ترتبط بمدى تطبيقها ميدانيا”.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بمقر الأمم المتحدة في جنيف، بمناسبة الذكرى السادسة لانطلاق “الثورة السورية”.
وأضاف “تلقينا الخبر عن روسيا، ونتمنى رؤية ذلك على الارض، ربما تتحدد إيجابية الخطوة بمدى تطبيقها على الأرض”.
وتابع قائلا “لا ندري إن كانت هناك نوايا أخرى لبوتين، ما يهمنا أن يكون هناك تحرك، نتمنى أن تكون علاقة روسيا مع الشعب السوري كما في السابق، ونأمل بأن تصحح روسيا موقفها”، على حد تعبيره.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها الثلاثاء، مغادرة أول مجموعة من طائراتها، من القاعدة الجوية الروسية في سوريا.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوعز الإثنين، لوزير دفاعه، سيرغي شويغو، بسحب القوات الروسية الرئيسية من سوريا، اعتباراً من الثلاثاء، عقب لقاء جمع بوتين مع كل من شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، في الكرملين.
وشدد على أن المعارضة “في جنيف لبدء المفاوضات بجدية، ويرغبون برؤية شريك حقيقي يحرص على سلامة السوريين، وإن كانت خطوطهم الحمراء رأس النظام، فإن خطوط المعارضة وثوابتها دماء نصف مليون شهيد”.
وكان وزير الخارجية السوي وليد المعلم، قد قال في مؤتمر صحفي عقده، السبت الماضي، في دمشق، إن “مباحثات جنيف لن تتطرق لانتخابات الرئاسة”، مشيرا أن “تعبير الفترة الانتقالية في المحادثات يعني الانتقال من الحكومة الحالية إلى حكومة أخرى ومن الدستور الحالي إلى دستور آخر”.
ومضى المسلط بالقول، مستذكرا بداية الحراك الشعبي بسوريا في آذار/ مارس 2011، “عندما قامت الثورة السورية، فإنها قامت على التغيير والإصلاح، فقوبلت بالرصاص، ومن يستخدمه لا يكون له دور (في الحل)، وعند الحديث عن حكومة وحدة، فإن ذلك يعني بقاء لحاكم سوريا، بينما المعارضة تتحدث عن هيئة حكم انتقالية، تمثل الجميع، باستثناء من تلطخت أيديهم بالدماء”.
وجدد التأكيد على “حرص المعارضة أن تبدأ المفاوضات بمناقشة هيئة الحكم الانتقالي، وهي ضمانة لكل السوريين، بدل الحكومة الحالية”، مشيرا أن “حكومة الوحدة الوطنية ستكون مثل الحالية، فيها وزراء، ولكن من يملك القرار هو رأس النظام، وهو غير مقبول لدى السوريين”.
وشهد المؤتمر الصحفي كلمات عديدة ألقاها ممثلون لكافة مكونات الشعب السوري، من الأكراد والتركمان والعلويين وفصائل المعارضة المسلحة، والنساء، ورفعت صور بعض المعتقلين والقتلى.
وقال عبد الحكيم بشار، ممثل المجلس الكردي في الائتلاف السوري المعارض، “نناشد الشعب السوري بكل مكوناته من عرب وتركمان وأكراد، ومختلف الأديان، أن يكونوا شعبا موحدا، ويحافظوا على سوريا موحدة، ويقفوا خلف ثورتها”.
وأوضح أن “على السوريين أن يعلموا أن الدكتاتور عدو الجميع الذي قتل مئات الآلاف، واعتقل مثلهم، وشرد نصف سكان سوريا، ولا يمكن أن يكون جزء من الحل، يجب أن يرحل في بداية الانتقال السياسي، ولن يكون له دور في مستقبل سوريا، بل يجب أن يحالوا إلى محاكم دولية”، على حد تعبيره.
من ناحيته، لفت عبد الرحمن مصطفى، رئيس المجلس التركماني السوري، إلى أن “الحراك الثوري بدأ ضد الطغيان بشكل سلمي، ولكن النظام استخدم كافة أنواع الأسلحة”.
وأضاف أن “المكون التركماني أخذ موقعه إلى جانب إخوانه السوريين”، مشددا أن “التركمان ضد أي تقسيم، تحت أي اسم كان، وأنهم مع وحدة التراب السوري، وسنستمر بثورتنا حتى إسقاط النظام، سياسيا وعسكريا”، على حد وصفه.
أما حسن إبراهيم، ممثل الفصائل الثورية في الهيئة العليا للمفاوضات، فقد قال “حملنا السلاح خمس سنوات وما زلنا، دفاعا عن النساء والأطفال والشيوخ، من أجل حرية السوريين”.
وأضاف “الآن نحمل الورود من أجلهم (السوريين) أيض15 Mar 2016 Sal 16:1ا، ونحن في كافة الساحات لوصول السوريين للحرية، وسنعمل للحفاظ على مكتسبات الثورة، ونريد الحرية لكل السوريين”.

أطفال سوريا يدفعون ثمن الحرب: أيتام وجوعى وبدون تعليم… والعنف شكّل حياتهم
لا بد للمعارضة من أجندة واقعية… والحفاظ على الهدنة أولوية… ومفاوضات جنيف تجري بموافقة أمريكية وروسية
إبراهيم درويش
لندن ـ «القدس العربي»: كشف تقرير لمنظمة الطفولة العالمية «يونيسيف» أن ثلث أطفال سوريا ولدوا خلال السنوات الخمس الماضية. وقال التقرير إن 300.000 من هؤلاء الأطفال البالغ عددهم 3.7 مليون ولدوا في مخيمات اللاجئين.
وكشف التقرير أن حياة هؤلاء الأطفال «تشكلت بالعنف والخوف والتشرد». وتقدر اليونسيف عدد الأطفال السوريين الذين يحتاجون لعناية ماسة بحوالي 8.4 مليون طفل أي نسبة 80% ممن هم تحت سن الثامنة عشرة ويعيشون في دول الجوار السوري.
وتعزز نتائج التقرير ما توصلت إليه أبحاث أخرى حول أثر الحرب المدمر خاصة على الأطفال الذين ولدوا في ظل الحرب وسيكبرون يتامى وغير متعلمين وبدون عمل وبحاجة ماسة للطعام والدواء.
وقدرت المنظمة البريطانية «سيف ذا تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال) الأسبوع الماضي أن ربع مليون طفل سوري يعيشون في مناطق محاصرة وأن بعضهم تغذى على طعام الحيوانات والحشائش من أجل البقاء على الحياة. وقالت منظمة «وورلد فيشن» وهي جماعة لوبي مسيحية إن خسائر النمو الاقتصادي بما فيها الطفولة المفقود ستصل إلى 1.3 تريليون دولار إن لم يتم تحقيق السلام بحلول عام 2020.
ويرى تقرير «اليونيسيف» أن أسوأ الإنتهاكات ضد الأطفال حصلت في عام 2015 ووثقت 1.500 «انتهاك خطير» معظمها حوادث قتل وتشويه بسبب استهداف الطيران للمناطق المدنية.
وقدر التقرير عدد الأطفال الذين لم حرموا من الدراسة العام الماضي بحوالي 2.1 مليون طفل فيما زاد عدد الأطفال والصبيان الذين تم تجنيدهم للقتال مع الفصائل المسلحة بشكل كبير.
وأشار التقرير إلى مشاركة الأطفال في معسكرات التدريب والمهام القتالية وإجبارهم على تولي مهام تمثل تهديداً على حياتهم بما في ذلك حمل الأسلحة وحراسة نقاط التفتيش وإجلاء الجرحى وعلاجهم.
ويشير التقرير إلى أن الأطراف المتحاربة تستخدم الأطفال لتنفيذ أحكام بالإعدام وكقناصة. ولاحظ التقرير زيادة عدد الأطفال الذين يعيشون في دول الجوار بنسبة 10% عما كان عددهم في 2012. ويبدو التقدير الذي تقدمه «يونيسيف» والمنظمات الإغاثية الاخرى متشائماً رغم الهدنة التي بدئ بتطبيقها في 27 شباط/فبراير. وحذرت « في تقريرها الذي صدر الجمعة أن الأسوأ قادم خاصة في ظل استمرار منع وصول المواد الإغاثية.
وقدرت المنظمة زيادة عدد السوريين الذين يعيشون في مناطق محاصرة بحوالي نصف مليون شخص.
وبحسب التقرير الذي حمل عنوان «صب الزيت على النار» أن زيادة العنف جاءت مع التدخل الروسي في سوريا الذي بدأ في الخريف الماضي لدعم نظام بشار الأسد.
دي ميستورا يحذر
وتأتي التقارير للمنظمات الإنسانية والدولية في ظل القراءة المتأنية لحرب الخمس سنوات والتحركات الدولية من أجل إنهاء العنف الذي شرد ملايين السوريين ودمر معظم المدن السورية وزعزع استقرار المنطقة.
وفي هذا السياق حذرالمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا من أن تنظيم «الدولة» سيكون المنتصر الوحيد في سوريا إن فشلت المفاوضات وذلك قبل استئناف الجولة الجديدة من محادثات جنيف.
وفي مقابلة مع صحيفة «دايلي تلغراف» قال إن القلق حول تنظيم الدولة كان السبب الذي دفع الأطراف المتحاربة إلى إنجاح محاولات وقف إطلاق النار. وبحسب دي ميستورا فإن أزمة اللاجئين التي تواجه أوروبا وتقدم تنظيم الدولة شكلاً خطراً مشتركاً بين اللاعبين الدوليين، حتى بين الروس أنفسهم. وتعتبر المحادثات الدبلوماسية هي الأولى منذ تدخل الطيران الروسي دعماً لحليفه النظام السوري برئاسة بشار الأسد.
ويرى دي ميستورا أن أحد أسباب نجاح وقف إطلاق النار هو التعاون الأمريكي الروسي، معتبرا أنه «نجح، رغم هشاشته وحدوث انتهاكات، بعضها كبير»، مؤكداً أن الأطراف المشاركة تسعى لإنجاح وقف إطلاق النار.
وحذر من وجود بعض الاختلافات «التي لا يمكن تجنبها» في محادثات جنيف. واتهمت الولايات المتحدة وفرنسا الأحد، النظام السوري بمحاولة تخريب الجولة المقبلة من المفاوضات، وقالتا إن «روسيا وإيران يجب أن تظهرا التزاماً للنظام السوري بالاتفاق». وأشار دي ميستورا إلى «وجود محاولات للاستفادة من نافذة وقف إطلاق النار، لكسر الحصار عن المناطق المحاصرة في سوريا»، وقد وصلت 262 شاحنة إلى مناطق محاصرة، بعد أن منع النظام دخول أي شاحنة العام الماضي.
وعبر دي ميستورا عن «تفاؤل حذر» من وضع الجولة الحالية موضحاً أن سبب ذلك هو أنه رأى «للمرة الأولى اهتماماً حقيقياً من القوى العظمى بالوصول لمكان ما». ويحاول دي ميستورا التأكيد على أهمية المفاوضات وهي جنيف الثالثة ومنحها فرصة. وهي تحمل فرصة.
وفي هذا السياق يقول الكاتب تشارلز غلاس مؤلف كتاب «سوريا تحترق: تاريخ مختصر لكارثة» بمقال نشرته صحيفة «الغارديان» إن على الولايات المتحدة وروسيا ممارسة سلطتهما وفرض حل سياسي في سوريا. وقال انه لو قرأ اللاعبون في الأزمة السورية محاولات سابقة ـ جنيف1 عام 2012 وجنيف 2 عام 2014 فإن جنيف 3 ستفشل مثلما فشلت المحاولتان السابقتان.
ويقول غلاس إن المؤتمر سيعقد كاتفاق الهدنة الذي بدأ قبل أسبوعين لأن روسيا والولايات المتحدة تريدان انعقاده. وهما متفقتان على أن الرئيس الأسد ليس مهماً. واتفق الطرفان على أن حرب الوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا خرجت عن السيطرة فقد ضربت أوروبا بأسوأ كارثة لجوء تواجهها منذ الحرب العالمية الثانية وهددت وحدتها الهشة، وانتشر النزاع إلى العراق ويهدد بالإنتشار إلى لبنان والأردن. ويقول غلاس إن المشاركين في الحرب السورية تخلوا عن القرار لصالح داعميهم وممولي حربهم: روسيا وإيران وتركيا والسعودية وقطر.
وكي تنتهي الحرب فعلى القوى هذه فرض حل في جنيف. ويصف غلاس الحرب في سوريا كورقة في لعبة إمبريالية يمكن أن تتركها الولايات المتحدة وفي يدها عدد من الأوراق. ويجب أن يدفع طرف ما فواتير إعادة إعمار البلاد بعدما تسكت المدافع.
ومن المحتمل أن يدفعها الطرفان الرابحان ـ روسيا وإيران- ولو لم تدفعا فستخسران في مرحلة السلام الإنتصارات في الحرب. فلماذا يعارض أي راسم للسياسة في واشنطن؟
الرابحون الخاسرون
ويرى غلاس أن روسيا والمتعاونين معها يربحون هذه الجولة من الحرب. وعليه فالعودة للمفاوضات ستثبت المكاسب التي حققوها بشكل يسمح للحكومة باستعادة سيطرتها على كل كامل البلاد.
ويقول إن هجوما مشتركا من الروس والأمريكيين والجيش السوري وحزب الله والأكراد والجماعات غير الإرهابية السورية وإيران والعراق سيمكنها من هزيمة تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
ويضيف أن روسيا تمسكت بموقفها منذ بداية عام 2011 وأكدت على بقاء الأسد. فيما طالبت الولايات المتحدة برحيلة ضمن تسوية مشروطة.
ونظراً لموقف روسيا ومصداقيتها التي أصبحت على المحك فلم تكن تحت أي ظرف مستعدة للتخلي عن حليفها الوحيد في المنطقة. فقبل تعليق الجامعة العربية عضوية سوريا عام 2011 كان من بين أعضائها الـ 22 (21) دولة زبون للولايات المتحدة أما روسيا فلم يكن لها سوى حليف عربي. وحتى تكون الولايات المتحدة مستعدة هي الأخرى لرفع مستوى مشاركتها بإرسال طائرات وقوات فعليها أن تغير من مواقفها.
ومن هنا جاءت تصريحات وزير الخارجية جون كيري في كانون الأول/ديسمبر إن «الولايات المتحدة وشركاءها لا تبحث عما يطلق عليه تغيير النظام». ويشير غلاس لما قاله علي حيدر، وزير الأسد للمصالحة الوطنية بمؤتمر عقد عام 2014 «لا جنيف رقم واحد أو رقم 3 ولا حتى رقم عشرة ستحل الأزمة السورية. فقد بدأ الحل وسيستمر حتى تحقيق النصر العسكري للدولة». ولكن حيدر كان مخطئاً: صحيح أن النظام بدأ بالإنتصار عسكريا الآن إلا أنه لا يستطيع شن حرب وللأبد. فكما فشلت الجماعات المدعومة أمريكيا بهزيمة الأسد، فقد فشل النظام في هزيمتها والطريق الوحيد هو التسوية.
لا فدرالية
ومن هنا فيجب على العالم الخارجي فرض تسوية من الخارج بدون إملائها على الأطراف المتحاربة. والمقترحات التي تتحدث عن تقسيم سوريا إلى فدراليات بناء على الهوية الطائفية لا حظ لها من النجاح.
وحاول الفرنسيون في العشرينات من القرن الماضي عندما قسموا سوريا إلى ست «دويلات» منفصلة. وقد رفض الشعب السوري هذا المخطط في الماضي. وبالمثابة نفسها فلا يمكن للأطراف الخارجية أن تقرر من سيحكم سوريا: فهذه قرارات تخص الشعب السوري. وهذا لا يعني عدم منح الأكراد نوعاً من الحكم الذاتي الذي تعارضه دول عربية وتركيا.
ويعتقد غلاس أن محادثات جنيف 3 يمكنها فرض ترتيبات انتقالية يقوم السوريون من خلالها بالإتفاق على كيفية حكم أنفسهم وبمراقبة دولية للإنتخابات. ولكن مواصلة النظام رفضه التشارك في السلطة مع «الإرهابيين» ورفض المعارضة الموافقة على العملية الإنتخابية قبل رحيل الأسد تعني عدم التوصل لحل.
وهنا يأتي دور الأطراف الدولية ـ أمريكا وروسيا- في التدخل وإجبار الطرفين على تغيير موقفهما خاصة أن السوريين يريدون هذا. فقد سمحت الهدنة التي يدئ بتطبيقها قبل أسبوعين لهم بمواصلة حياتهم. ولو جلبت جنيف 3 لهم السلام فلن يحتاجوا لوقت طويل لإعادة بناء بلدهم الذي يحبونه ويشعرون بالفخر به رغم القسوة التي رافقت الحرب كما يقول.
فترة هدوء
ويرى فيليب غوردون، مستشار الرئيس باراك أوباما السابق والزميل الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي بمقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» أن الهدوء الذي نتج عن الهدنة كان أكبر إنجاز يتحقق منذ الأزمة السورية، فقد تجرأ الناس على الخروج من بيوتهم وتظاهروا في حلب ودرعا وإدلب. وعادت خدمات السيارات العمومية للعمل ووصلت المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة.
ويرى غوردون أن تعزيز وقف الهدنة يجب أن يكون أولوية على مباحثات جنيف3 ويجب أن يكون سابقاً لأي هدف آخر مثل النقاش الطويل حول الإطاحة بنظام بشار الأسد وتهميش الدور الإيراني والروسي في سوريا.
ويعتقد الكاتب أن الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة والداعمين الرئيسيين لها مثل تركيا والسعودية تصر على أمور أكبر من مجرد الهدنة، وهو رحيل الأسد كمقدمة للمفاوضات بل والإطاحة به بالقوة إن لم يتحقق ما تريد عبر المفاوضات.
ويعلق الكاتب أن تغيير النظام وإن كان هدفاً مرغوباً به إلا أنه غير قابل للتحقيق. ويحذر من أن الإصرار عليه يضمن الفشل في المحادثات ويعني استئناف العنف. وفي الحقيقة فلم تتوقف الأعمال العدائية إلا عندما تخلت المعارضة وداعموها عن إصرارهم من أن أي وقف للقتال يجب أن يرفق بضمانات لعملية انتقال سياسي.
ويضيف أن المخاطر التي تحيط بمحادثات جنيف هي أن المعارضة ليست لديها خطة واقعية للإطاحة بالأسد أو مواجهة استئناف العنف في حال انهارت الهدنة. ويرى أن مدخلاً له حظ من النجاح يكون من خلال استخدام محادثات جنيف لتحقيق أهداف أكثر واقعية. وتبدأ بالتزام مفتوح بالهدنة والحفاظ عليها والتفاوض على شروط إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة والإفراج عن السجناء.
وبعد تحقيق هذه الأهداف يتم التحرك نحو الحكم المحلي الذي تقوم من خلاله الجماعات التي تسيطر على جيوب في الشمال والجنوب بمن فيها الجماعات الكردية والحكومة بتوفير الخدمات والأمن لمناطقها.
وهو ما سيقود لاحقاً للتواصل فيما بينها وتعاون مع بقية المناطق في سوريا لا مركزية. وتبقى المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المتشددة مثل «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة». ويرى الكاتب أن مهاجمة هذه الجماعات يجب أن لا تكون مهمة الروس أو النظام فقط ولكن بمشاركة جماعات المعارضة الأخرى والولايات المتحدة وشركائها.
وفي النهاية يجب أن تبدأ المحادثات بالتصدي للمشاكل الرئيسية للبلاد والمتعلقة بالدستور والإنتخابات والتمسك بالواقعية حتى يتم التوصل لاتفاق.
ويقول غوردون «نأمل في سوريا موحدة وللجميع تعيش السلام ولا يحكمها الأسد وعلينا الإعتراف في الوقت نفسه بأن الحرب التي صممت لتحقيق هذه الأهداف قتلت الآن مئات الألوف من الناس وزعزعت استقرار الدول القريبة وأدت لزيادة التشدد في أنحاء المنطقة والعالم وأنتجت ملايين اللاجئين الذين تدفقوا نحو أوروبا وقد تهدد استقرار الإتحاد الأوروبي. ومن هنا فتمديد اتفاقيات الهدنة سيظل تحسناً كبيراً مهما آلت إليه المحادثات السياسية.

متطوعات في الدفاع المدني في درعا: أكثر ما يخيفنا الشعور المتواصل بالخطر فنحن هدف رئيسي لقوات الأسد
مهند الحوراني
درعا ـ «القدس العربي»: تحتل المرأة في عملها في الدفاع المدني، مكانة كبيرة في نفوس المجتمع هنا في درعا، وذلك نظراً لانخراطها في عمل أقل ما يمكن وصفه به هو أنه خطر وشاق على الرجل فكيف بالمرأة، قبول المجتمع هنا في درعا لدور المرأة أتى نتيجة وعي بأهمية هذا الدور وخصوصيته، خصوصاً في الأماكن التي تتطلب وجود المرأة كإسعاف نساء أصبن جراء قصف النظام وغيره ودخول البيوت وتخفيف كم كبير على الحرج من دخول رجال الدفاع إلى بيوت مستهدفة يوجد بها نسوة مصابات.
سارة الحوراني إحدى المتطوعات بالدفاع المدني بدرعا واقدمهن تقول في حديث خاص لـ»القدس العربي»: لقد تطوعت في الدفاع المدني السوري رغبة مني لتقديم العون للأهالي ومساعدتهم جراء القصف بشتى أصناف الأسلحة من قبل قوات الأسد، وفقدان الكوادر المدربة والمؤهلة القادرة على المساعدة الطبية وخاصة الإسعافات الأولية، ولم تواجه سارة أي مشاكل أو نقد من قبل الأهالي بل على العكس قالت: لقينا كل ترحيب وارتياح لوجود العناصر النسائية القادرة على دخول المنازل والتعامل مع النساء والأطفال بدون أي احراج وعلى العكس لو كان المسعف رجلاً نظراً للعادات والتقاليد الاجتماعية في مجتمعاتنا.
وأضافت «من اللافت رغبة بعض الفتيات اليافعات بالتطوع في الدفاع المدني الذي يشكل أملاً في بناء سوريا جديدة كمنظمة مدنية تحظى باهتمام ورعاية ومصداقية من المنظمات والهيئات العالمية».
وتابعت سارة قائلة «إن عدد متطوعات النساء بالدفاع المدني يصلالى 23 عنصراً من مختلف الاختصاصات والمراكز»، وأوضحت سارة حول دور المرأة وعملها بالدفاع المدني «إننا نشارك بالحملات الطبية والاغاثية على مخيمات النزوح في المنطقة ولقينا كل ترحاب بالإضافة لقيامنا بحملات توعية للأطفال والنساء في المدارس والمنازل والمراكز التعليمية وكان هناك تجاوب رائع من قبل الجميع، أما في مجال الإسعاف فقد خضعنا لدورات طبية مختصة من قبل مدربين مؤهلين من منظمات عالمية لرفع مستوى العناصر وتأهيلهم للعمل في أصعب الظروف وخاصة أن الدفاع المدني يشكل هدفاً رئيسياً لقوات الأسد حيث استشهد من زملائنا 10 وأكثر من 20 جريحاً». وقالت سارة «إن أبرز ما يخيفها هو ذاك الشعور المتواصل بالخطر كون مراكز الدفاع تشكل هدفاً رئيسياً لقوات الأسد».
من جهتها قالت المتطوعة فاطمة محمد البقيرات في حديث خاص لـ «القدس العربي» عن تجربتها بالدفاع المدني في درعا «حين أخبرونا أننا نحن الفتيات الثائرات باستطاعتنا التطوع بالدفاع المدني بكافة أعماله لم تمنعنا الحرب أو الظروف المعيشية الصعبة من مساندة الرجال والوقوف معهم جنباً إلى جنب في كل المجالات التي تسهم في خدمة شعبنا الثائر حيث كان يتوجب وجود نساء في الدفاع المدني لانتشال الجرحى من النساء اللاتي غالباً ما يقع عدد كبير منهن من الضحايا، وتابعت فاطمة قولها: قوبلت مساعيي للانضمام للدفاع برفض من قبل والدي بسبب خطورته ونظرة بعض الناس للعمل، ولكن مع مضي شهور عدة تغير الوضع وتغيرت نظرة الناس إلينا لأننا خرجنا لأجلهم».
وعن عمل المرأة في الدفاع توضح «ليس انتشال الجثث والخروج إلى مناطق القصف هو العمل الوحيد لنا ولكن نحن قادرات على مساندة الاطفال نفسياً أكثر من الرجال ويمكننا التعامل مع بعض الحالات بشكل أفضل ومن أهم الصعوبات التي تواجه النساء في عملهن ضمن الطاقم عدم توفير آليات النقل وغياب الدعم المعنوي، فنحن نقدم صورة ناصعة عن المرأة السورية التي تجاوزت الصعاب كلها وانتقلت من المعلمة إلى المربية إلى الثكلى والمدافعة والمنقذة.
فالمرأة داخل الدفاع المدني في درعا تقوم بدور فعال، لتخفف به عبأ وحرجا ً في بعض الأعمال، لا بأس به عن الرجال وسط قبول مجتمعي إثر شهور من العمل المنظم للدفاع المدني في درعا، والذي نجح في رسم صورة ناصعة عن منظمات المجتمع المدني».

لاجئون سوريون في تركيا: نتمنى انتهاء الحرب لكننا لا نرغب في العودة
محمد إقبال بلو
أنطاكيا ـ «القدس العربي»: محادثات جنيف التي تشغل جزءاً كبيراً من الإعلام السوري بشقيه المعارض للنظام والداعم له، والتي تشغل وسائل الإعلام العالمية أيضاً، أصبحت حديث اللاجئ السوري في شتى بقاع الأرض ومختلف دول العالم، فالجميع يتمنى انتهاء الحرب، ووقف شلال الدم، كما يتمنون حدوث التغيير المطلوب شعبياً، على الرغم من أنهم يرون أن تحقيق كلا المطلبين أمر يشبه المستحيل، لكن ماذا عن عودتهم؟
وهل بالفعل هم يريدون انتهاء الحرب حتى يعودوا إلى منازلهم؟ وأية منازل تلك؟ منازلنا التي بنيناها حجراً على حجر مدمرة تماماً. لنفترض أن المفاوضات التي تجري بين النظام والمعارضة ستنجح، وستتوصل الأطراف كلها إلى حل سياسي يرضي الدول قبل أن يرضي المتفاوضين، وسيؤدي ذلك كله إلى إنهاء الحرب الدائرة في البلاد، فإلى أين سنعود نحن وأين سنقيم، بيوتنا مدمرة تماماً، تلك المنازل التي بنيناها حجراً حجراً خلال سنوات طويلة، ترى هل سنستطيع إعادة بنائها؟ ومن أين لنا ذلك؟».
أبو محمود اللاجئ السوري في مدينة انطاكيا يطرح موضوعاً أساسياً بالنسبة له ولمن حالهم كحاله، فالبقاء في تركيا والاستمرار بحياته التي اعتادها منذ أربع سنوات أفضل من العودة والبدء من جديد من وجهة نظره، فهو يرى أن «العودة إلى سوريا في حين توقفت الحرب، لا بد أن يسبقها ما يسمى إعادة إعمار لما تهدم، وإن تم ذلك فإنه سيحتاج سنوات كما أنه ليس بالضرورة أن يعاد بناء كل ما دمره القصف، وغالباً ما تلجأ الدول بعد الحروب لإعادة تجهيز البنى التحتية لا المنازل، لاسيما أن نسبة مرعبة من مساكن المدنيين قد دمرت تماماً والعمل على ذلك يحتاج جدية وزمناً طويلاً».
ويعتقد الرجل أن أفضل الاحتمالات بالنسبة له هو البقاء في تركيا وتمضية ما تبقى من حياته، بحسب قوله، «أما بالنسبة لأبنائي ليفعلوا ما يحلو لهم ولا أظن أن لديهم بديلاً عن ذلك «هل سنعود إلى سوريا؟ أم إلى دويلة جديدة لا نعرفها؟ يخشى كثيرون من اللاجئين السوريين الفكرة التي تتحدث عن تقسيم سورية، بل يجدون أن اقتسام البلاد على أساس قومي أو طائفي بحسب ما تطرحه الدول المعنية بالمفاوضات السورية السورية، أمر قد يناسب أمراء الحرب الجدد أو قادة القوى المتنازعة ويرضي عشقهم للسلطة والنفوذ.
يقول معلم المرحلة الابتدائية مصطفى، «لو تم تقسيم سوريا بالفعل، فلن يكون لنا كمواطنين في هذه الكيانات الجديدة أي رأي في نوعية الحكم والقوانين التي ستطبق علينا، فما سيحدث هو مجرد جوائز ترضية لأصحاب النفوذ الحالي سواء في المعارضة أو النظام من تيارات سياسية أو حزبية أو قومية ودينية، ومنح كل منهم جزءاً يحكمه من البلاد، وبالتالي ستقوم تلك الدويلات أو «الكانتونات» على أنظمة تناسب القوى التي تسيطر عليها لا أكثر، ويضيف «في كل مدينة سورية ترى أناساً مختلفي التوجه الفكري والديني، هؤلاء لا بد أن يصطدم كثيرون منهم بنظام حكم جديد لن يستطيعوا التأقلم معه، إذ لا يمكن أن تحكم الديمقراطية مختلف الكانتونات التي يتم الحديث عنها، كيف سيكون ذلك إذا كانت فكرة التقسيم أو الإدارات الذاتية بنيت على الضد.
خمس سنوات أدت لنشوء علاقات اجتماعية وارتباطات لا تزول: مئات الأسر المقيمة في المدن التركية بدأت تشعر بالتوطن عبر سنوات قضتها فيها، لا سيما أن بعض تلك الأسر ارتبطت بعلاقات اجتماعية وثيقة بالمجتمع التركي كالزواج مثلاً، بينما آخرون أنشأوا مشاريعهم سواء الصغيرة منها أو الكبيرة، والتي أصبحت مصدر رزقهم، هؤلاء غالباً لا يرغبون بالعودة إلى ديارهم التي مزقتها ودمرتها الحرب، بل يفضلون الاستمرار بعد أن أوجدوا لأنفسهم نمطاً حياتياً مناسباً لهم.
السيدة «أم وليد» مثال يوضح ذلك لنا إذ تقول لـ «القدس العربي»، «لقد زوجت ابنتيّ لشابين تركيين، من أسرة كريمة ومحترمة، وكلاهما تعيشان حياة جيدة وأنا أرغب بالبقاء هنا قريبة منهما، أتمنى أن تنتهي الحرب في سوريا وأن يعود من يرغب بالعودة، كما أرجو من الله أن يتوقف سفك الدماء في بلادي، لكنني اعتدت على الحياة هنا، وتضيف «ابني الوحيد افتتح مطعماً صغيراً هنا، يعيش من وارداته ويطعم أطفاله مما يدره عليه من أرباح، وقد وضع في هذا المطعم كل ما يملكه من مال وما جمعه خلال سنوات من شقائه وتعبه، وغالباً هو الآخر لن يرغب بترك مشروعه الناجح رغم صغره، بل سيرغب بالاستمرار بالحياة هنا، حيث لا منغصات حقيقية للحياة.
فئات من المجتمع السوري أو من اللاجئين المقيمين في تركية قد تكون محدودة إلا أنها موجودة في الحقيقة، فليس كل سوري لاجئ يرغب بالعودة في حال انتهاء الحرب أو البدء بوقف إطلاق نار تام في سوريا، لكن قد لا تجري الرياح بما تشتهي السفن، فللحكومة التركية رأي قد يكون مختلفاً حينها.

بدء اجتماع وفد المعارضة السورية مع دي ميستورا بجنيف
رويترز
بدأ، قبل قليل، الاجتماع، بين وفد المعارضة السورية، والمبعوث الدولي لسورية، ستيفان دي ميستورا، ضمن جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة في مدينة جنيف السويسرية.
وقبل انطلاق الاجتماع، قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، سالم المسلط، إن المعارضة “ليست ضد” المحادثات المباشرة مع النظام السوري.
وأوضح أن “الهيئة ليست ضد المحادثات المباشرة لكن دي ميستورا هو من قرر البدء بمحادثات غير مباشرة”.
وتوقع المسلط أن “يتحول دي ميستورا إلى أسلوب المحادثات المباشرة في مرحلة لاحقة”، لكنه قال إن “الأمر يرجع إلى مبعوث الأمم المتحدة”.
وبين أن “المعارضة ليس لديها مانع بشأن شكل المفاوضات، ما دامت ستسفر عن حل”.
ويخطط دي ميستورا، وفق ما أعلن، لإجراء ثلاث جولات من المحادثات تتوج بخارطة طريق واضحة بشأن الخطوات القادمة.
ولفت دي ميستورا إلى أن “أسلوب المحادثات غير المباشرة يمنحه قدرا كبيرا من المرونة للتنقل بين الطرفين المتحاربين والتشاور مع آخرين على الهامش”، لكنه لم يشر إذا كان أي من النظام أو الهيئة العليا للمفاوضات قد رفض المحادثات المباشرة.

حزب الله والانسحاب الروسي…الوجود العسكري في سورية لن يتأثّر
بيروت ــ نادر فوز
لم يتأخر عدد من المقرّبين من حزب الله في سؤال مسؤولين وقياديين فيه عن مصير المشاركة العسكرية لآلاف مقاتليه في سورية دفاعاً عن النظام فيها.
وجاء الردّ بديهياً من الجهة الأخرى بالإشارة إلى أنّ “لا شيء سيتغيّر ميدانياً، والانسحاب الروسي ليس سوى رسالة سياسية باستعداد موسكو لإنجاح المفاوضات”، بحسب ما يشير أحد هؤلاء المقرّبين لـ”العربي الجديد”. أي أتى الجواب واضحاً بأنّ عسكر حزب الله باقٍ في سورية من دون أن يتأثّر بالموقف الروسي المستجدّ، ولو أنه بات للعبة الميدانية قواعد جديدة تحدّدها المفاوضات.
وفي هذا الإطار، تقول القراءة الأولية لمسؤولي حزب الله، إنّ “الخطوة الروسية موجّهة للجميع، حلفاء وخصوماً، بأنّ نيّة التوصل إلى حل سياسي موجودة وكذلك متطلبات إنجاح المفاوضات”. كما سبق أساساً لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أن كرّر أكثر من مرة خلال إطلالاته منذ عام 2015.
وبالتالي، بحسب هذه القراءة، حان وقت تكريس التهدئة الميدانية بانتظار المستجدات السياسية، “من دون أن يكون لهذه التهدئة أي انعكاسات على واقع الأمور في الميدان”. فيبقى انتشار القوات المتقاتلة كما هو لترسيم الحدود في ما بينها، وليبقى أيضاً حزب الله القوة العسكرية الأجنبية الأكبر التي تقف إلى جانب النظام السوري، كتأكيد على أنّ التحالف مع هذا النظام والدفاع عنه والتمسك به لا يزال قائماً ولم يتغيّر.
ويشير المقربون من الحزب إلى أنّ “الانسحاب الروسي، قد يفرض من جهة إيران وحزب الله بذل المزيد من الإشارات العسكرية والسياسية لتأكيد الدعم لهذا النظام”، أي عكس ما افترضه بعض المحللين أو ما نشرته بعض وسائل الإعلام، حول بدء انسحاب الحزب من سورية نتيجة الانسحاب الروسي. حتى أنّ عملية تراجع عسكر الحزب إلى الحدود اللبنانية –السورية والداخل اللبناني، لا يمكن أن تتمّ بلمح البصر، نتيجة عوامل جغرافية وميدانية وسياسية عدة.
أولها لجهة تأمين المواقع والمدن التي يمسك بها الحزب، على طول سورية وعرضها، وتسليمها للنظام أو المليشيات التابعة له، كذا لجهة نقل آلاف المقاتلين من سورية إلى الحدود، وتنظيم هذا التراجع وتقديم التبريرات السياسية له وبحثه مع رجال النظام السوري.
كما أنّ أي تعديل جدي يطرأ على وجود حزب الله في سورية، يعني بشكل أو بآخر بدء التخلّي عن خيار الأسد، ويساهم في إضافة المزيد من الضعف الفعلي والمعنوي داخل النظام. وهي جميعها عوامل تدفع متابعي حركة الحزب في سورية إلى استبعاد أي تراجع محتمل للمشاركة العسكرية للحزب في الميدان السوري.
ولو قرّر الحزب الانسحاب من سورية أو إعادة النظر في أسلوب هذه المشاركة العسكرية، فالأمر يتطلّب من قيادته تقديم خطاب واضح لجمهوره ومقاتليه بهذا الشأن.
وسبق لأمين عام الحزب، حسن نصر الله، أن ذهب بعيداً في تبرير المشاركة في الحرب السورية، إذ قال عام 2013 إنّ “وجودنا في سورية ومجاهدينا على الأرض السورية، هو كما أعلنا في أكثر من مناسبة بهدف الدفاع عن لبنان وفلسطين والقضية الفلسطينية، وعن سورية، لمواجهة كل الأخطار التي تشكلها هذه الهجمة الدولية الإقليمية التكفيرية على هذا البلد”.
تسير كل الأمور إلى عكس ما يسوّق له بعض السياسيين اللبنانيين، من فريق 14 آذار، بأنّ الانسحاب الروسي من سورية سيتبعه انسحاب جيش حزب الله من الأراضي السورية.
بينما يبدو واضحاً في مجالس سياسية قريبة من الحزب، أن لا مهرب اليوم من التسلّح مجدداً، كما دائماً، بورقة “محاربة الإرهاب” للبقاء في سورية، على اعتبار أنّ عنوان “الحرب على الإرهاب” سيبقى فاعلاً دولياً وعربياً. فينتظر بعض المتابعين قول نصر الله في إطلالة إعلامية قريبة له “حزب الله باقٍ في سورية ما دامت الأسباب قائمة”، وهي استعادة لخطاباته السابقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

أنجلينا جولي من لبنان: ليتني في سورية اليوم
بيروت ــ العربي الجديد
زارت النجمة العالمية أنجلينا جولي لبنان صباح اليوم الثلاثاء، وعقدت عند الحادية عشرة ظهرا مؤتمراً صحافيًا في بلدة سعدنايل البقاعية، حيث يتواجد مخيم خاص للاجئين السوريين.

جولي لم تهتم بالجو العاصف ولا بالمطر، واختارت أحد الملاعب المكشوفة لعقد مؤتمر صحافي، قالت فيه “كنت أتمنى ان أكون اليوم في سورية وأساهم مع مفوضية اللاجئين بعودة النازحين إلى ديارهم، تزامنًا مع الذكرى الخامسة للأزمة السورية”.

وتوجّهت أنجلينا إلى الشعب اللبناني بالقول “ليس من السهل على أي بلد أن يستضيف هذا العدد من اللاجئين الذي يساوي ربع عدد سكانه. أنتم اليوم قدوة للعالم في الكرم والإنسانية والصمود والتضامن مع الشعب السوري”.

“هيومن رايتس” تحذر من منح الحصانات بمحادثات جنيف
لبنى سالم
حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من منح الحصانة لأي شخص متورط في جرائم خطيرة خلال محادثات السلام بين المعارضة والنظام بوساطة الأمم المتحدة في جنيف.

وشددت المنظمة أن على المحادثات تحقيق العدالة ومساءلة مرتكبي الانتهاكات في سورية، وأن تضمن عدم تولي أي فرد تتوفر ضده أدلة موثقة في التعذيب أو الجرائم أية مناصب في أي عملية انتقالية.

كما شددت على ضرورة مراجعة وتعديل أي حكم في القانون السوري يمنح الحصانة، مع ضمان تطوير نظام العدالة الجنائية في البلاد لمعالجة الجرائم الخطيرة، إلى جانب الآليات القضائية الأخرى، بما في ذلك “المحكمة الجنائية الدولية”.

وأشارت المنظمة إلى ضرورة أن يشمل الاتفاق إنشاء لجنة وطنية لها صلاحيات الكشف عن مصير المفقودين والتحقيق في حالات التعذيب والإعدام وباقي الانتهاكات، وأن يتكامل عملها مع عمل “لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق”، وأن يشارك في عضويتها سوريون وأطراف دولية أخرى.

بدوره، قال نديم حوري نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة “بعد خمس سنوات من هذا الصراع المدمّر، يجب ألا يتمتع أي شخص متورط في جرائم خطيرة بالحصانة، وألا يحصل اتفاق يتجاهل الضحايا”.

وأضاف حوري “بدأ جحيم سورية قبل 5 سنوات بعدما أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين وعذبت الأطفال في درعا. يجب وضع حد لهذا النزاع، ويجب أن يشعر الضحايا السوريون بأنه تم التطرق للأسباب الجذرية للحرب”.

وكانت المنظمة قد وثقت خلال السنوات الخمس الماضية عشرات الانتهاكات الكبرى وجرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الأمن ومسؤولون حكوميون سوريون، كما وثقت عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وحالات تعذيب وتجنيد للأطفال من قبل قوى المعارضة.

يذكر أن عدد القتلى بلغ وفقاً لـ”المركز السوري لبحوث السياسات” نحو 470 ألف شخص حتى فبراير/شباط 2016. ووصل عدد النازحين وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية داخل سورية إلى 6.6 ملايين شخص، في حين لجأ 4.6 ملايين سوري إلى دول الجوار.

مساعدات مؤجلة لسورية.. وأمور غيرتها الهدنة
إسطنبول ــ لبنى سالم
أجبرت الاشتباكات في وسط سورية المنظمات الدولية، اليوم الإثنين، على تأجيل إيصال المساعدات إلى أربع بلدات محاصرة، وفق ما أفاد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بافل كشيشيك.

وقال كشيشيك، إن “إيصال المساعدات يجب أن يحصل بالتزامن إلى كل من مضايا والزبداني المحاصرتين من قبل قوات النظام في ريف دمشق، وبلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل الفصائل الإسلامية في محافظة إدلب، شمال غربي البلاد”.

لكنه أشار إلى أن “الوضع في منطقة قلعة المضيق في محافظة حماة (وسط) دفع بالصليب الأحمر والأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري إلى تأجيل إيصال المساعدات”، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وذكر كشيشيك أنه “لأسباب أمنية لا يمكن أن نرسل قافلاتنا عبر هذا الاتجاه”، إذ تقع قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي الشرقي على الطريق الذي من المفترض أن تسلكه القافلات إلى الفوعة وكفريا.

من جهته، قال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن قافلة مساعدات منفصلة، ستتوجه إلى بلدة بلودان في ريف دمشق الأربعاء.

وقال أحمد فوزي المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن مجموعة عمل إنسانية مؤلفة من قوى كبرى وإقليمية، سوف تجتمع مجددا في جنيف يوم الخميس لمناقشة سبل تحسين الوصول إلى أكثر من أربعة ملايين مدني، في مناطق محاصرة ويصعب الوصول إليها.

وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قصف مدفعي لقوات النظام، يستهدف قلعة المضيق التي تسيطر عليها فصائل إسلامية ومقاتلة.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنه: “كل شيء جاهز، وحين تسمح الأوضاع الأمنية، سنوصل المساعدات بالتزامن (إلى البلدات الأربع) في أول فرصة”.

ولا تزال الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ في 27 فبراير/شباط الماضي، صامدة حتى اليوم، وبالرغم من عشرات الخروقات التي ترتكب كل يوم، إلا أنها أحدثت فرقاً كبيراً في حياة السوريين، وهو ما بدا واضحاً في المدن الأكثر تضرراً من الحرب، كما أن انخفاض عمليات القصف، أدى إلى تراجع عدد الضحايا اليومي.

وساهمت الهدنة في تشجيع الكثير من الشباب في مناطق سيطرة المعارضة، على إحياء نشاط الثورة السلمي والخروج بمظاهرات للتأكيد على التمسك بمطالبهم في الحرية والكرامة وإسقاط النظام، حدث هذا في كل من حلب وإدلب وحمص ودرعا، والعديد من المدن الأخرى.

من جانب آخر، نشطت حركة الأسواق والأماكن العامة خلال أيام قليلة من بدء الهدنة، رغم استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

يقول عبد الله، وهو صاحب متجر ألبسة في دمشق، إن: “مبيعاته تضاعفت خلال الأسبوعين الماضيين، فالأسواق باتت مزدحمة وارتفعت المبيعات”.

أما هيثم وهو من إدلب، فقال إن الأمر نفسه حدث في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة: “تعرضت الكثير من الأسواق والتجمعات في مناطق المعارضة للقصف المتعمد، ووقعت فيها المجازر، وكان الناس يتخوفون من التجمعات، لكن الهدنة شجعتهم على الخروج إلى الأسواق وقضاء وقت أطول فيها، رغم أن الأسعار لم تتغير”.

وأوضحت سارة من حلب، وهي طالبة جامعية “لم نعد نسمع أصوات القذائف ونركض للاختباء في الغرف الداخلية، منذ أيام لم أعد أشاهد كوابيس بأن صاروخاً يضرب بيتي يحول جسدي لمئة قطعة”، وتضيف “بت أخرج مع زميلاتي بعد الدوام للمقاهي التي باتت مكتظة بخلاف السابق، بالنسبة لي كانت والدتي تمنعني من ذلك سابقاً”.

أما أم محمد فأكدت إن كثيراً من تفاصيل حياتها اليومية تغيّرت “عدنا أنا وزوجي إلى الجلوس على الشرفة، خاصة أن الشمس باتت دافئة، في السنة الماضية توفّي شابان من جيراننا حين سقطت قذيفة هاون على شرفة منزلهم، لذا لم نكن نخرج إلى الشرفة حتى بدأت الهدنة.. صرت أسمح لأطفالي بالخروج واللعب في الحي، سابقاً لم أكن أسمح لهم بذلك خوفاً من القذائف”.

يقول عبد الرحمن (21 عاماً) من حلب إن: “الأسابيع الماضية من الهدنة كانت بمثابة استراحة المحارب، كل يوم من السنوات الماضية كان مليئاً بالقلق والضغط النفسي وترقب الخطر، هذه الحالة باتت جزءا من شخصيتي”. ويتابع “بعد الهدنة، أصبحت أكثر هدوءًا وأقل توتراً. مع أصوات القذائف والقصف كنت أشعر في كل يوم أنه يومي الأخير، الآن بدأت أفكر بمستقبلي أكثر، واكتشفت أني توقفت عن ذلك منذ زمن. طوال السنتين الماضيتين كنت أفكر كيف سأعيش يوم غد لا أكثر”.

مفوضية اللاجئين: الدعم الدولي للسوريين لا يوازي خطورة المأساة
جنيف ــ العربي الجديد
عبرت المفوضية الأممية للاجئين عن انزعاجها من المرحلة القاتمة التي وصلت إليها الأزمة السورية، وزيادة أعداد النازحين واللاجئين بعد مرور خمسة أعوام على تفجر الثورة على النظام، مشددة على أن التضامن الدولي مع الضحايا عاجز عن أن يساوي أو يعكس حجم وخطورة المأساة الإنسانية.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن “الأزمة السورية هي أكبر أزمة إنسانية وأزمة لجوء في العصر، وهي تشكل سبباً دائماً لمعاناة الملايين ويجب أن تحظى بدعم كبير من دول العالم”، مضيفاً أن “التسوية السياسية هي الوحيدة القادرة على إنهاء المعاناة، ولكن يتعين على عدد أكبر من الدول أن تستقبل في الوقت نفسه أعداداً أكبر من اللاجئين”.
وأضاف غراندي، في بيان نشرته المفوضية على موقعها الرسمي اليوم الثلاثاء، أنه “رغم ظهور بصيص أمل مؤخرا، مع تعزيز الوصول الإنساني إلى سورية، وتوقف أعمال القتال وتجدد محادثات السلام والوعود بالمزيد من التمويل، إلا أن الذكرى الخامسة للحرب في سورية تحل وسط إجراءات أكثر صرامة لإدارة الحدود من قبل الدول المجاورة التي ترزح تحت عبء عدد اللاجئين الهائل، الأمر الذي يتسبب في بقاء آلاف الأشخاص الضعفاء عالقين داخل سورية، غير قادرين على المغادرة”.
وفي ما يخص الدول الأوروبية التي رحبت باللاجئين في ما مضى، قال المفوض الأممي إنها اليوم “تغلق أبوابها مع ارتفاع أعداد اللاجئين الباحثين عن الأمان فيها. وقد فرضت دول عديدة قيودا على الدخول والحدود، ما أدى إلى وصول أعداد اللاجئين في اليونان إلى عشرات الآلاف، بينما يجري الاتحاد الأوروبي محادثات مع تركيا حول اتفاق قد يُعاد بموجبه طالبو اللجوء إلى تركيا”.

وتابع “في هذه الأثناء، يعتبر اللاجئون في الدول المجاورة لسورية أضعف من أي وقت مضى، كما أنهم يقومون بالمزيد من المخاطرة للبقاء على قيد الحياة، فيذهبون في رحلات خطيرة إلى أوروبا أو يلجأون إلى استراتيجيات خطيرة للبقاء على قيد الحياة كعمل الأطفال والزواج المبكر والاستغلال الجنسي”.
وقال غراندي، “على الرغم من أن تعهدات المانحين المرحب بها للنداء الإنساني والإنمائي لعام 2016 في لندن، ازدادت لتبلغ 5.9 مليارات دولار أميركي، إلا أنه يجب دفع المبالغ بصورة عاجلة وتقديم أشكال أخرى توازيها من التضامن الدولي، كتحسين إمكانيات الوصول إلى سبل كسب العيش والتعليم لغالبية اللاجئين في البلدان المجاورة وتعزيز تقاسم المسؤوليات من قبل المزيد من البلدان حول العالم، من خلال أنظمة اللجوء المفتوحة وزيادة فرص السوريين للانتقال إلى بلدان ثالثة عبر قنوات منظمة”.

وأوضح أن “مأساة بهذا الحجم تتطلب التضامن إلى جانب التمويل، فببساطة هنالك حاجة إلى قيام المزيد من الدول بتقاسم الأعباء من خلال استقبال عدد أكبر من اللاجئين نتيجة ما أصبح أكبر أزمة لجوء في جيل واحد”.
وفي 30 مارس/آذار، تستضيف المفوضية مؤتمراً دولياً رفيع المستوى في جنيف، يدعو الحكومات إلى زيادة كبيرة في الأماكن الموفرة للسوريين. وحتى الآن، تعهدت الحكومات حول العالم بتوفير نحو 170 ألف مكان، وتأمل المفوضية رفع هذا العدد في الأعوام القليلة المقبلة ليشمل على الأقل 10 في المائة من اللاجئين المسجلين والبالغ عددهم حالياً 4.8 ملايين شخص في المنطقة المجاورة وحدها.

وقال غراندي: “نحن نقف الآن على مفترق طرق مع بلوغ الحرب السورية محطة حزينة أخرى، وإن لم تعمل دول العالم معاً بسبب مصالحها قصيرة الأمد وافتقارها إلى الشجاعة وردود فعلها التلقائية القاضية بنقل العبء إلى مكان آخر، فسنأسف في المستقبل لإضاعة فرصة العمل على أساس التضامن وتقاسم المسؤولية”.

الصحافة البريطانية: انسحاب روسيا من سورية بين الصدمة والتشكيك
لندن ــ كاتيا يوسف
تصدّر خبر إعلان فلاديمير بوتين، الرئيس الرّوسي، انسحاب القوّات الرّوسية من معظم المناطق السورية، الصحف البريطانية، التي تناولته بعناوين تراوحت بين الشكّ والصدمة.
عنونت صحيفة “ذا تايمز”، الخبر بـ”بوتين يترك الغرب ليخمّن بصدمة الانسحاب من سورية”، وكتبت أنّ إعلان الرئيس بوتين مساء أمس، شكّل مفاجأة أدّت إلى التشكيك في دعم موسكو لنظام الرئيس بشّار الأسد. وممّا جاء في الخبر، أنّ بوتين أبلغ الأسد بقراره عبر الهاتف.

كما أشارت الصحيفة إلى أنّ أهداف آلاف الغارات الجويّة الرّوسية كانت غير دقيقة، وصبّت في صالح النظام السوري، بيد أنّه هناك مخاوف الآن في دمشق، من زوال تلك المكاسب قبل بدء عمليّة سياسية بقيادة الولايات المتحدّة وروسيا.
بدورها، عنونت صحيفة “ذا غارديان” صدمة وتشكيك في خطوة بوتين الانسحاب من سورية”، وتحدّثت عن تزامن خطوة بوتين مع بدء محادثات السلام في جنيف، حتى بدت كعلامة أنّ روسيا تقوم بما يكفي لإنقاذ نظام الأسد من الانهيار. كما لفتت إلى أنّ بوتين قال إنّه، أمر موظفيه الدبلوماسيين ببذل الجهود بهدف الوصول إلى تسوية وإنهاء الحرب الأهلية التي أودت بحياة 250 ألف إنسان وهي تدخل عامها السادس.

ونقلت عن مصادر أنّ دبلوماسيين غربيين، أصيبوا بالاندهاش والتشكيك لدى سماعهم الخبر، وقال أحد الدبلوماسيين في جنيف، إنّ عليهم الانتظار لمعرفة ماذا يعني ذلك، مضيفاً “إنّه، بوتين، لقد أعلن عن تنازلات مشابهة في الماضي ولم يتحقّق شيء منها”.
أمّا عنوان صحيفة “الإندبندنت” فجاء مختلفاً نوعاً ما عن التشكيك والمفاجأة، وكتبت “بوتين يقول إنّ القوّات الرّوسية ستبدأ بالانسحاب من سورية”، وأكّدت دور موسكو في لعب دور الحليف للنظام السوري منذ سبتمبر/أيلول ما أدّى إلى قلب الأمور فور تدخل القوّات الرّوسية لصالح الرئيس الأسد.
وأشارت إلى أنّ وكالة الأنباء السورية الوطنية، نقلت أنّ الرئيس السوري قال، إنّ التعاون بين روسيا والقوّات السورّية أمّن الانتصار ضدّ الإرهاب وأعاد الأمن إلى البلاد، بيد أنّ “الإندبندت” لفتت إلى أنّه على الرّغم من أنّ التدخّل الرّوسي انطلق رسمياً لمحاربة الجماعات “الإرهابية”، لكنّ روسيا اتّهمت وعلى نطاق واسع باستهداف الجماعات المعتدلة المعادية للنظام، فضلاً عن مئات المدنيين في المدارس والمستشفيات.
وأكملت أنّ الإعلان الأخير، سيقابل بنوع من السخرية في العواصم الغربية، إذ قال أحد الدبلوماسيين، إنّ بوتين، أثبت أنّه كالزئبق ولا يمكن الوثوق به كشريك، ليس فقط في الصراع في سورية بل في الحرب في أوكرانيا أيضاً.

انجلينا جولي في مخيمات البقاع: اللاجئون أبطال
لوسي بارسخيان
من مخيم اللاجئين العشوائي في محلة “الفيضا” بضواحي زحلة، إختارت الممثلة العالمية أنجلينا جولي أن توجه رسالتها إلى العالم كمبعوثة خاصة لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، في الذكرى الخامسة لبدء أزمة اللاجئين السوريين. فجلست تحت المطر لمدة 15 دقيقة وتلت بياناً مكتوباً يختصر معاناة اللجوء في سوريا والعالم.

أحد أسباب اختيار جولي زيارة لبنان، في الذكرى الخامسة لبدء الأزمة السورية، أنّ لها في هذا البلد، الذي أشادت بضيافته الكريمة للاجئين، أصدقاءاً كثراً من بين اللاجئين. ولكن لسفيرة “النوايا الحسنة” تجربة مميزة في مخيم “الفيضا” تحديداً. ففيه تعرفت في العام 2014 على معاناة عائلة الطفلة السورية هلا (12 سنة) التي فقدت والديها خلال الحرب السورية، فكُتب على أكبر أفرادها سناً (17 سنة) أن يعمل لإعالة عائلة من ثمانية أفراد. وكانت جولي قد صورت، بعيداً من وسائل الإعلام، مع هلا واشقائها فيلماً وثائقياً يعكس صعوبة حياة أطفال فقدوا طفولتهم باكراً، قبل أن تعود وتزورهم مرة أخرى في العام 2015 مع ابنتها شيلوه بعيداً من وسائل الإعلام أيضاً.

وقد ذكّرت جولي بهذه المعاناة في إشارتها إلى ما تشعر به من ذهول ورهبة ازاء شجاعة هؤلاء “الأبطال في نظري”، فـ”عندما ألتقي بشاب يتكفل برعاية اخوته واخواته لسنوات عديدة من دون أب وأم، ويقوم بكل ما في وسعه لتوفير الغذاء لهم، أسأل نفسي عما فعلناه”.

وتحدثت جولي عن 4.8 مليون لاجئ سوري في المنطقة، فضلاً عن 6.5 مليون نازح داخل سوريا، ولفتت إلى أن أكثر من مليون منهم استضافهم لبنان، و”ليس سهلاً على أي بلد أن يستضيف هذا العدد من اللاجئين، الذي يساوي ربع عدد سكانه”.

جولي تمنت لو انها تمكنت، في الذكرى الخامسة لبدء النزاع في سوريا، من رؤية العائلات التي تعرفت عليها قادرة على العودة إلى ديارها. واستشفت أيضاً من هذه الزيارة “مدى استماتة هذه الأسر وصعوبة كفاحها اليوم من أجل الصمود في وجه التحديات. فبعد خمس سنوات من المنفى لا بد أن تكون مدخراتهم قد استنفذت، والعديد ممن كانوا يعيشون في شقق في بداية الأزمة باتوا يتجمعون اليوم في مراكز تسوق مهجورة أو مخيمات عشوائية أو يرزحون تحت ثقل الديون. فلقد تضاعفت أعداد اللاجئين الذين يعيشون في أقل من الحد الأدنى من مقومات البقاء، أي العاجزين عن تأمين الغذاء والمأوى الضروريين للبقاء على قيد الحياة، علماً أن 79 بالمئة من مجموع اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان هم من النساء والأطفال”.

وبعد اشارتها إلى مشكلة اللجوء العالمية، التي يبلغ حجمها نحو 60 مليون لاجئ من مختلف أنحاء العالم، اعتبرت جولي أنه “لا يمكننا ادارة العالم من خلال مساعدات الاغاثة، بدلاً من الحلول الدبلوماسية والسياسية. ولم يعد بامكاننا مناقشة هذه الأزمة كما لو أنها مشكلة تقتصر على أوضاع عشرات الاف اللاجئين في أوروبا. ورجائي اليوم أن تتحلى الحكومات في جميع أنحاء العالم بروح القيادة، فتقوم بتحليل الوضع وتحدد المساهمة التي يمكن لبلادها تقديمها، وتعمد إلى تحديد عدد اللاجئين التي يمكنها مساعدتهم، فضلاً عن تحديد المجتمعات والاطار الزمني للمساعدة. كما لا بد من شرح ذلك لمواطنيها لتبديد المخاوف”.

تبللت الأوراق في يد جولي قبل أن تنتهي من قراءتها، فنظرت إلى الصحافيين قائلة “أعلم أنكم وأنتم جالسون تحت المطر تقولون إن ما نفعله جنوني، ولكن أقول لكم، إنني التقيت هذا الصباح إمرأة تعيش تحت سقف، أنا متأكدة أنه غير قادر على أن يقيها تسرب الأمطار إلى الداخل، وهي مشلولة بعدما أصيبت برصاص قناص، ولم تتوقف عن الابتسام ولم تقل شيئاً سوى أنها ممتنة لكونها تعيش بأمان هنا وشاكرة للبنان. فإذا لم تتذمر هي هل يحق لنا أن نتذمر؟”.

كيف أُبعِدَ الأكراد عن الثورة السورية؟
سميان محمد
في شارع “الوحدة” وسط مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، لم يعد مفاجئاً أن تصادف بائع البسطة وهو يبيع اكسسوارات عليها صور الرئيس السوري بشار الأسد أو علم النظام. المشهد كان مستحيل الحدوث في الأعوام السابقة بين 2011 و2013.

وشارع “الوحدة” هو نافذة المدينة والرابط بين أحيائها ومكوناتها، ومقراتها الحكومية الرئيسية بما في ذلك الفروع الأمنية. شارع شهد أول مشاركة كردية في الثورة السورية في 1 نيسان/ابريل 2011، في “جمعة الشهداء”، حين صدحت مئات الحناجر في القامشلي وعامودا، منادية بالحرية، ومعبّرة عن تألّم أهلها على دماء أطفال درعا وشباب بانياس. حينها لم يمر سوى أسبوعين على بدء الثورة السورية، حتى هبت القامشلي لتهتف للحرية، ليبدأ تفاعل أكراد سوريا مع الثورة، بعدما وجدوا فيها أملاً يخلصهم من نظام مارس بحقهم صنوف القهر والحرمان.

الأكراد دخلوا الثورة على أنها تمثل وجعهم، وأن الدماء التي أراقها النظام في بابا عمرو هي امتداد لتلك الدماء في انتفاضتهم ضده في العام 2004. وكانت الثورة السورية وفية لأكرادها، حين هتف الثوار في مختلف المناطق السورية، للأكراد، في “جمعة آزادي” في 20 آيار/مايو 2011.

أجهزة النظام الأمنية حاولت تحييد الأكراد عن الثورة من خلال الانفتاح المتأخر على القضية الكردية، عبر إعادة تجنيس أكثر من مئتي ألف كردي، بموجب المرسوم رقم 49 الذي أصدره الأسد في العام 2011، بعدما حرموا من الجنسية في 1962. الأسد أرسل دعوة إلى الأحزاب الكردية للاجتماع بممثلي النظام، لاستمالة الأكراد والالتفاف على الثورة، في حزيران/يونيو 2011. دعوة الأسد جاءت عبر عضو مجلس الشعب السوري الكردي عمر أوسي، الذي شغل لسنوات مهمة ضابط الارتباط بين النظام وحزب “العمال الكردستاني”. إلا أن ضغط الشارع الكردي حال دون ذلك، وقرر 12 حزباً كردياً رفض الدعوة، في اجتماع جرى في مدينة القامشلي في 12 يونيو 2011. والمفارقة أنه وبحسب ما كشفت إحدى القيادات التي حضرت الاجتماع لـ”المدن”، أن القياديين الكرديين الوحيدين اللذين شجعا على التفاوض مع النظام، كانا فؤاد عليكو وعبد الحكيم بشار، اللذان صارا لاحقاً ضمن وفد “الائتلاف الوطني” المعارض في محادثات “جنيف-3”.

الأحزاب الكردية التي كانت تمارس السياسة بأساليب كلاسيكية، منذ تأسيس أول حزب كردي في سوريا في العام 1957، لم تتمكن من السيطرة على الشارع الكردي وضبط تظاهراته.
النظام السوري حاول، بمختلف الأساليب، كسب الأكراد إلى صفه، وسمح لحزب “الاتحاد الديموقراطي” بفتح مراكز ثقافية ونشاطات سياسية في المناطق الكردية والأحياء الكردية في دمشق وحلب، وهو ما كان محرماً قبل الثورة. النظام أطلق سراح العديد من المعتقلين السياسيين الأكراد، من بينهم المعارض ورئيس “تيار المستقبل” مشعل تمو، مقابل تهدئة الشارع الكردي، إلا أن تمو ربط مصير الأكراد بمصير الثورة وألقى خطاباً يوم إطلاق سراحه، بدأه بمقولته المشهورة: “ابصقوا في وجوه جلاديكم”.

تمو غلب عليه الطابع الوطني السوري أكثر من القومي الكردي، وكان من مؤسسي “مؤتمر الإنقاذ” الذي عقد في مدينة انطاليا التركية، قبل أن يتم اغتياله من قبل أجهزة النظام الأمنية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2011، في منزل أحد رفاقه في مدينة القامشلي. حينها تفجرت الاحتجاجات في مختلف المدن الكردية، وبدا للحظة أن رهانات النظام على تحييد الأكراد عن الثورة السورية قد سقطت.

مع مرور أسابيع الثورة، تزايدت وتيرة المشاركة الكردية في الاحتجاجات، لتتحول المشاركة من نطاق المئات إلى الآلاف، قبل أن تصبح الاحتجاجات موكلة إلى “المجلس الوطني الكردي” الذي تأسس في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2011، والمؤلف من 11 حزباً كردياً ومنظمة شبابية ثورية، وفعاليات مدنية، في مدينة أربيل في إقليم كردستان، برعاية رئيس الإقليم مسعود برزاني.

“المجلس الوطني الكردي” أصبح منذ ذلك التاريخ الممثل الوحيد للجناح الثوري للأكراد، ليقوم حزب “الاتحاد الديموقراطي” وكردّ فعل، بالإعلان عن تأسيس “مجلس شعب غرب كردستان” المؤلف من جميع المنظمات التابعة للحزب، وبعض الأحزاب الكردية الصغيرة. بعد ذلك انقسم الحراك الثوري الكردي إلى قسمين؛ الأول يرفع علم الثورة وينادي بشعاراتها، والثاني يرفع أعلام منظمات حزب “العمال الكردستاني” وصور رموزه، ويسمى “جُمع الثورة” بمسمياته الخاصة.

النظام السوري ظل يمارس لأشهر سياسة غض الطرف عن النشاط الثوري الكردي، ولم تتعرض المظاهرات الكردي للعنف كما في بقية المناطق السورية. من جهته، سعى “الاتحاد الديموقراطي” إلى إقناع الشارع الكردي بتمثيله لـ”الخط الثالث”، وأن لا علاقة لهم بما سماه “الصراع على السلطة”، وأن لهم قضية كردية في ثورة سموها “ثورة روج آفا”.

سعي “الاتحاد الديموقراطي” والنظام السوري لوأد الثورة في المناطق الكردية، لم يتوقف، وتم تسليم المراكز الأمنية والعسكرية لـ”الاتحاد الديموقراطي” في 19 تموز/يوليو 2012. حينها أصبحت السلطة الفعلية في المناطق الكردية، لـ”الاتحاد الديموقراطي”، بموجب ما يعرفه الشارع الكردي بـ”الاتفاقية الأمنية” بين قيادات “العمال الكردستاني” والنظام السوري. وتم بعد ذلك تأسيس “وحدات حماية الشعب” وقوات “الأسايش” الأمنية. وعملت القوة العسكرية لـ”الاتحاد الديموقراطي” بقيادة كوادر “العمال الكردستاني”، على خلق حالة أمنية جديدة، لهدفين؛ الأول تصفية بعض قيادات “الاتحاد الديموقراطي” المنفتحين على الثورة السورية، والثاني ترهيب خصومهم السياسيين من الأحزاب الكردية المتحالفة مع الثورة.

وتزامنت فترة دخول “العمال الكردستاني” إلى المناطق الكردية في سوريا، بتغيرات جوهرية في قيادته التي كانت ذات توجهين؛ الأول تيار قومي يقوده مراد قر يلان، والثاني يقوده جميل باييق المقرب من حلف “الممانعة” وإيران. باييق تخلص من خصومه السياسيين بتصفية بعضهم أو اخراجهم من مقر القيادة في قنديل، عبر إرسالهم في مهمات خارجية إلى مناطق أخرى. وكانت المناطق الكردية في سوريا إحدى تلك المناطق، حيث أوفد القيادي في “العمال” خبات ديركي، وتمت تصفيته من قبل مسلحين ملثمين من “العمال الكردستاني” مطلع العام 2012 في مدينة القامشلي، بعد شهور من تأسيسه لـ”وحدات حماية الشعب”، وذلك بحسب الفيلم الوثائقي “فيلم روج آفا” للقيادي المنشق عن “العمال الكردستاني” عاكف حسن.

وتحرك “الاتحاد الديموقراطي” في النصف الثاني من العام 2012، على المستويين السياسي والعسكري للقضاء على الحراك الثوري. وعلى المستوى السياسي احتوى “الاتحاد” خصمه “المجلس الوطني الكردي” بعقد سلسلة من الاتفاقات السياسية بدأها بتأسيس “الهيئة الكردية العليا” في 25 تموز/يوليو 2012، في مدينة أربيل العراقية برعاية رئاسة إقليم كردستان. إلا أن “الهيئة” لم تُفعّل إلى حين فتح معبر سيمالكا الحدودي الرابط بين الأراضي الكردية في سوريا والعراق مطلع العام 2013، والذي كشف لاحقاً زيف الاتفاقية والهيئة.

وسهّل تأسيس قوة عسكرية وأمنية منظمة، إلى حد ما، من مهمة “العمال الكردستاني” لإنهاء الحراك الثوري في المناطق الكردية. وبدأت مرحلة تصفية قيادات الحراك الثوري باغتيال “العمال الكردستاني” للقائد الميداني للحراك الثوري محمود والي، في مدينة سري كانيه في 20 أيلول/سبتمبر 2012، وتبعها بفترة قصيرة اغتيال نظيره جوان قطنا، في مدينة الدرباسية، ثم اغتيال القيادي في “الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا” نصر الدين برهك، في بلدة الجوادية، واختطاف قيادات من الأحزاب الكردية متعاطفة مع الحراك الشبابي، ومن أبرزهم بهزاد دورسن، القيادي في “الديموقراطي الكردي” في مدينة المالكية.

الحراك الثوري في المناطق الكردية لم يهدأ، واستمر “المجلس الوطني الكردي” الذي ضم “التنسيقيات الثورية الكردية” في قيادة الاحتجاجات، ما دفع بـ”الاتحاد الديموقراطي” إلى سلوك سبل أخرى لوأد الثورة كردياً.

ما لم ينجح فيه “الاتحاد الديموقراطي” بالترهيب نجح فيه سياسياً في احتواء “المجلس الكردي”، من خلال تفعيل “الهيئة الكردية العليا” وتعهد “الاتحاد” بإشراك “المجلس” في موارد معبر سيمالكا، مقابل إنهاء الحراك الثوري. وكانت مظاهرة “الهيئة الكردية العليا تمثلني” في 12 آذار/مارس 2013 بداية للتظاهر ذي اللون واحد، ليسيطر بذلك “الاتحاد الديموقراطي” على الشارع الكردي، وتصبح المظاهرات الكردية مرهونة بقرار “الهيئة الكردية العليا”.

المشاركة الكردية في الثورة السورية انتهت منذ تأسيس “الهيئة الكردية العليا” التي انتهت صلاحيتها بدخول الشارع الكردي مرحلة الصمت الثوري. وفي حين انشغل الإطاران الكردييان الرئيسيان بالخلافات والتجاذبات السياسية، حاول رئيس إقليم كردستان استيعاب خلافاتهما بعقد اتفاقية أخرى بينهما تحت مسمى اتفاقية “هولير-2″، أواخر العام 2013، ونصت على شراكة الطرفين في إدارة المناطق الكردية عسكرياً وسياسياً. إلا أن “الاتحاد الديموقراطي” تنصل بعد شهور من الاتفاقية، لتسقط مع تبلور المحاور السياسية، وانضمام “المجلس الوطني الكردي” إلى “الائتلاف السوري” المعارض، فيما أعلن “الاتحاد الديموقراطي” عن “إدارة ذاتية” للمناطق الكردية، مؤلفة من ثلاثة كانتونات: عفرين وكوباني والجزيرة.

كما قام “الاتحاد الديموقراطي” بتفريغ ذكرى الانتفاضة الكردية في العام 2004 من محتواها، من خلال الاستيلاء على ذكرى المناسبة في العام 2013، بعدما استهدف تفجير انتحاري أحد المراكز الإدارية لـ”الاتحاد الديموقراطي” في مدينة القامشلي، وفسرها المراقبون بأنها مسرحية من “الاتحاد الديموقراطي” لإلغاء المناسبة التي كانت تمثل إيقونة ثورية للأكراد ضد النظام السوري.

“الاتحاد الديموقراطي” لم يكن يملك بين الجماهير الكردية، سوى نسبة قليلة من المؤيدين كانوا أساساً من جماهير “العمال الكردستاني” الذي نشط في التسعينيات في المناطق الكردية بدعم من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، قبل أن يتعرض للملاحقة ويضعف نشاطه بعد اعتقال زعيمه عبدالله أوجلان، على خلفية “اتفاق أضنة” بين سوريا وتركيا، والذي انتهى حينها بطرد أوجلان من الأراضي السورية. “الإتحاد” عمل على أكثر من صعيد لإعادة شعبيته، وتوسيعها من خلال سياسات تشبه إلى حد كبير سياسة نظام البعث.

الوجه الأول لتلك السياسة كان اللعب على الوتر القومي، وإبراز “الاتحاد” كحامٍ للغة والألوان الكردية. بدأ ذلك في العام الأول من الثورة، حين خرج في مظاهرات بألوان وشعارات كردية وفتح مراكز لتعليم اللغة الكردية. أما الوجه الثاني، فكان الوجه الذي تعتمده الأنظمة الشمولية التي تختلق أعداء خارجيين لها وتلعب على وتر المقاومة، وساعده في ذلك النظام الذي وضع أمامه تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويقول أحد المنشقين عن “وحدات حماية الشعب” لـ”المدن” بأن سبب انشقاقه ثم هربه إلى خارج البلاد، هو أنه رأى بعينيه إنزال الطيران المروحي لقوات النظام للأسلحة والذخائر للطرفين، قبل أن يصبح “الاتحاد” قوة اعتماد برية لطيران “التحالف الدولي” ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. وهو الأمر الذي عمل على توسيع الشرخ بين الأكراد وجوارهم العربي، من خلال استهداف المدنيين أكثر من استهداف مواقع التنظيم العسكرية.

أكثر من ثلاث سنوات من الاشتباكات المستمرة بين “الدولة الإسلامية” و”وحدات حماية الشعب”، كانت خلالها المدن الكردية تستقبل يومياً جنازات الضحايا، وتتخللها مراسم جماهيرية ينتقدُ فيها قادة “الاتحاد” خصومهم السياسيين، وينعتونهم بالخيانة والتعامل مع الأعداء، خاصة منهم القوى الثورية الكردية والعربية. “الاتحاد” عمل على توجيه الرأي العام الكردي باتجاه مناهضة سياسة حزب “العدالة والتنمية” في تركيا، من دون التطرق إلى الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري.

ومع مرور الوقت، وجد المتسلقون وعملاء النظام البعثي في المناطق الكردية، مكاناً لهم في “الإدارة الذاتية” التي أسست نظاماً أمنياً، من خلال نظام “الكومون” الذي صار يربط الأمور المعيشية في كل حي وقرية بشكل مباشر مع جهازه الأمني. ما دفع بالآلاف من معارضي “الاتحاد الديموقراطي” إلى الهجرة، وباتت محافظة الحسكة تُعتبر ثالث محافظة من حيث عدد المهاجرين، خاصة شريحة الشباب الذين طالهم قرار التجنيد الإجباري لـ”الإدارة الذاتية”.

الأكراد في سوريا عاشوا ثورة “سياحية” قياساً لما تعرضت له بقية المناطق السورية، إلا أن “الاتحاد الديموقراطي” كان يد النظام في قمع الأصوات الكردية الوطنية، سواء بالقتل أو الاعتقال أو النفي أو التهجير.

روسيا تبقي صواريخ دفاعية و1000 من جنودها في سوريا
نفت موسكو، الثلاثاء، أن يكون قرارها المفاجىء بسحب جزء من قواتها الموجودة في سوريا موجهاً ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد للضغط عليه، تزامناً مع استئناف مفاوضات التسوية السياسية في جنيف.

النفي الروسي جاء بعد نفي مماثل من دمشق، ليل الاثنين-الثلاثاء، حيث أصدرت الرئاسة السورية بياناً قالت فيه إنه “منذ إعلان الاتصال بين الرئيسين الأسد وبوتين مساء اليوم، وردتنا استفسارات وأسئلة عديدة حول ما تمّ الإعلان عنه، وروّجت بعض وسائل الإعلام الشريكة بسفك الدّم السوري وبعض مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت لمجموعة من الروايات والتفسيرات والتكهنات الغريبة والبعيدة كلّ البعد عن الواقع والحقيقة، جلّها تحدّث عن أنّ ما حصل يعكس خلافاً سورياً روسياً أدّى إلى قرار تخفيض القوّات، أو أنّه تخلّ روسيّ عن مكافحة الإرهاب في سوريا”. وأضاف “إن رئاسة الجمهورية العربية السورية تؤكّد أن الموضوع برمته تمّ بالتنسيق الكامل بين الجانبين السوري والروسي، وهو خطوة تمّت دراستها بعناية ودقّة منذ فترة، على خلفية التطوّرات الميدانية الأخيرة، وآخرها وقف العمليات العسكرية. كما تؤكّد رئاسة الجمهورية أن سوريا وروسيا ما زالتا كما كانتا دائماً ملتزمتين بشكل مشترك بمكافحة الإرهاب أينما كان في سوريا”.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرجع إلى عدم ارتياح موسكو لموقف الرئيس السوري، أجاب المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف “لا ليس الأمر هكذا”، موضحاً أن بوتين اتخذ قراره استنادا إلى نتائج عمل مجموعة القوات الروسية في سوريا، و”التي حققت المهمات الأساسية المطروحة أمامها في هذا البلد”.

وأضاف المتحدث “ببساطة شديدة، لا حاجة حالياً إلى الإبقاء على عدد الطائرات الحربية الروسية السابق في سوريا خصوصاً مع انخفاض كثافة الغارات الجوية”، مؤكداً أن قسماً من العسكريين الروس سيبقون في قاعدتي حميميم وطرطوس.

من جهته، رجّح رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد للبرلمان الروسي، فيكتور أوزيروف لوكالة “سبوتنيك”، بقاء ما يصل إلى 1000 عسكري روسي في سوريا، بمن فيهم من يؤدون الخدمة في حميميم وطرطوس وأفراد من كتيبة خفر السواحل، وعدد من طائرات الاستطلاع.

في غضون ذلك، عرضت قناة “روسيا 24” الرسمية، الثلاثاء، صوراً لجنود في قاعدة حميميم في اللاذقية وهم يحملون معداتهم على متن طائرة “إليوشن إي ال ـ 76” للنقل الثقيل لإعادتها إلى روسيا.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد ذكرت في بيان أن “تقنيين بدأوا بتحضير الطائرات لرحلات طويلة المدى إلى قواعدها في روسيا”، وأن القوات العسكرية تقوم بتحميل معدات وتجهيزات على متن هذه الطائرات، على أن تكون هذه “أول مجموعة من الطائرات الحربية الروسية التي تغادر قاعدة حميميم الجوية في سوريا، حيث بدأت رحلة العودة إلى الوطن”. وبحسب البيان، شملت المجموعة الأولى قاذفات مقاتلة من طراز “سوخوي-34”.

ولا يزال من غير الواضح إذا ما قررت موسكو على إبقاء منظومة الصواريخ المضادة للطائرات “أس 400” في سوريا، التي نشرت كرد على إسقاط قاذفتها من قبل تركيا أواخر العام الماضي، حيث أعلن الكرملين أنّ “الجيش الروسي سيحتفظ بأحدث أنظمته للدفاع الجوي في سوريا”، من دون أن يؤكّد نوعها. وكان رئيس المكتب الرئاسي في الكرملين، سيرغي إيفانوف، قد رجّح إمكانية الإبقاء على هذه الأنظمة في سوريا “لفترة زمنية محددة”.

وقال أوزيروف: “عندما يتبين لهيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع أن مسار الحل السياسي يسير بنجاح وأن الجيش السوري قادر بنفسه على تدمير جيوب الإرهاب في سورية حينها ربما نفكر بموضوع منظومات إس 400”. وأكدت وزارة الدفاع، من جهة أخرى، أنها ستواصل الطلعات الجوية على مواقع “التنظيمات الإرهابية” في سوريا.

إلى ذلك، وصف المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الخطوة الروسية بـ”التطور المهم” لتزامنها مع انطلاقة الجولة الجديدة من محادثات السلام السورية في جنيف. وأعرب دي ميستورا عن أمله بأن يكون للقرار الروسي “تأثير إيجابي على سير المفاوضات في جنيف، والتي تهدف للتوصل إلى حل سياسي للصراع السوري، والانتقال السياسي السلمي في البلاد”، على حد قوله.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، قرار روسيا بأنه “إشارة ايجابية لوقف إطلاق النار” في هذا البلد.
وكان البيت الأبيض قد ذكر في بيان صدر، في وقت متأخر من ليل للإثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما قد تحادثا هاتفياً “الليلة الماضية” حول الأزمة السورية وسحب جزئي للقوات الروسية.

وأضاف البيان أن أوباما “رحب بتقليل العنف منذ بدء وقف الاقتتال”، ولكنه شدد على أن “مواصلة الأعمال القتالية من جانب قوات الحكومة السورية تهدد بتقويض جهود العنف”. واعتبر المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست، أنه “من السابق لأوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار سحب القوات الروسية من سوريا على المفاوضات الجارية في جنيف”.

واشنطن تلاقي الانسحاب الروسي بتقليص الدعم للمعارضة السورية
دينا أبي صعب
ورقة جديدة رماها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على طاولة مفاوضات جنيف، بإعلان سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية من سوريا ابتداء من اليوم، قابلها تخفيض للدعم الاميركي للهيئة العليا للمفاوضات، التي تجتمع اليوم مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وتلويح، حسب بعض المصادر المتابعة في جنيف، بتحويل بعض الثقل الدولي الموجه للهيئة إلى الفريق الثاني من المعارضين، أي فريق العلمانيين الديموقراطيين، الذي يلتقي المبعوث الدولي الاربعاء المقبل.

إعلان سحب القوات الروسية أثار زوبعة من التحليلات لدى المتابعين في جنيف، رغم التصريحات الصادرة عن الكرملين أو عن الرئاسة السورية، التي اشارت الى توافق مسبق بين الرئيسين بوتين وبشار الاسد على تنفيذ هذه الخطوة. ورحبت الهيئة العليا للمفاوضات بهذه الخطوة باعتبارها نهاية للتواجد الروسي على الاراضي السورية، وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة “لا نعلم ماذا في ذهن بوتين، لكن الاهم انه لا يحق له التواجد في بلادنا، فليخرج من بلادنا”. وذهبت بعض المصادر الى القول إن الخطوة الروسية محاولة ضغط على الحكومة السورية “التي تمادت في تقدير حجمها العسكري على الارض، وتحاول نقل هذا التمادي الى طاولة المفاوضات، وهذا لا يسمح به السقف الروسي-الاميركي المحدد لهذه المفاوضات، التي لن تترك كالجولة الماضية تدخل في الجمود او المراوحة خصوصاً أن لا بدائل جدية مطروحة في حال الفشل”.

وبالفعل، لا خطة بديلة تطرحها الامم المتحدة في حال فشل المفاوضات، والبديل الوحيد أمام السوريين هو “الدخول في حرب دموية ستكون اسوأ من سابقتها” حسب دي ميستورا، الذي اعتبر خلال استئنافه المفاوضات أن أم “المعارك في سوريا هي عملية التحول السياسي”، وهدد في مؤتمر صحافي، الاثنين، بالعودة الى الراعيين الاساسيين للمفاوضات للضغط على الاطراف، “إذا لم نر في هذه المحادثات أو في الجولات القادمة أي بادرة على الاستعداد للتفاوض(..) فإننا سنحيل الأمر مرة أخرى إلى من لهم تأثير أي روسيا والولايات المتحدة (..) ومجلس الأمن الدولي”، ما يعني فعلاً استباقياً لسياسة المماطلة والتمترس خلف مطالب مسبقة التي عمد الطرفان على انتهاجها في الجولة الماضية من “جنيف-٣” الفاشلة.

وترتكز أجندة عمل المنظمة الدولية في هذه الجولة على القرار ٢٢٥٤ وبيان “جنيف-١”، وتقوم حسب دي ميستروا على انشاء سلطة جديدة، ودستور جديد خلال الاشهر الستة الاولى، على ان تجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد ١٨ شهراً، لكن رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، الذي التقى دي ميستورا، الاثنين، في أولى جلسات هذه الجولة من المفاوضات، أصر في مؤتمر صحافي على النظر الى شكل المحادثات وتوضيب الهيئة الخارجية للمباحثات، وتشكيلات الوفود واسماء المشاركين، قبل الانتقال الى زبدة المفاوضات والخوض في ما أقرته القرارات الدولية، وعليه، وربما لحسم هذا الجدل، سلم المبعوث الدولي، للجعفري، خلال الاجتماع لائحتين بأسماء وفدي المعارضة، هما وفد الهيئة العليا ووفد العلمانيين الديموقراطيين، وتضم اللائحة الثانية من بين الاسماء هيثم مناع وماجد حبو عن “مجلس سوريا الديموقراطية”.

ويبدو أن دي ميستورا اختار عقد اجتماعاته بالتناوب مع الوفود، فبعد اجتماعه بوفد الحكومة يجتمع اليوم بوفد الهيئة العليا للمفاوضات، الذي عقد اجتماعات مطولة، الليلة الماضية، مع عدد من الجهات، علمت “المدن” أن أبرزها كان مع مجموعة أصدقاء سوريا، ومن بينهم ممثلون عن السعودية وتركيا وقطر وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول الأخرى، إضافة لاجتماعات مع تكتلاتها السياسية، وينتظر أن تسلم الهيئة دي ميستورا تصوراً للحل في سوريا، يبقى الثابت الوحيد فيه حسب مصادر المعارضة “عدم التراجع عن هيئة الحكم الانتقالي”.

وبالتوازي، تلتقي مجموعة من الاطراف الدوليين الفاعلين في هذا الملف، من بينهم الخارجية السويسرية التي تواكب مسار العملية التفاوضية بشكل حثيث بالتواصل مع كافة الاطراف وتقديم التسهيلات اللوجستية للوفود المشاركة.

«ستراتفور»: لماذا سحب «بوتين» قواته من سوريا؟
ترجمة وتحرير فتحي التريكي – الخليج الجديد
هزت موسكو سوريا مرة أخرى ولكن هذه المرة من خلال تركها. يتباهى الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بأن جيشه قد وفي مهمته في محاربة الإرهاب الدولي، وأمر وزير دفاعه ببدء انسحاب القوات الجوية الروسية من البلاد التي مزقتها الحرب، بداية من اليوم الموافق 15 مارس/أذار 2016 ولكن مثل هذه الخطوة غير المتوقعة من المرجح أن تثير العديد من الأسئلة حول الاستراتيجية الروسية.

وتدخلت روسيا في سوريا لعدة أسباب. وكان الهدف المعلن هو محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» وغيرها من الجماعات المتشددة التي انضم إليها الكثير من المواطنين الروس إضافة إلى مواطني دول الاتحاد السوفييتي الأسبق. على الرغم من أن روسيا أن ركزت جل اهتمامها على المعارضة التي تقاتل ضد النظام السوري وليس على مقاتلي «الدولة الإسلامية»، فليس هناك من ينكر أن روسيا ساهمت بالفعل في إلحاق أضرار جسيمة بالجماعات المتشددة خلال الأشهر الماضية.

وبسبب هواجسها حول تدخلاتها الفاشلة سابقا، فقد أرادت روسيا أن تثبت للعالم لاسيما إلى الولايات المتحدة أن بإمكانها تثبيت أقدامها سياسيا وعسكريا خارج حدودها. كان الكريملين يريد أن يسمع صوته. خلال الأسابيع الأولى التي تلت بداية التدخل الروسي في سوريا، قلل الرئيس الأمريكي من تحركات الروس وأكد أن روسيا تتصرف من موقف ضعف وأن تحركاتها لا تنم عن قوة. خلال الأشهر التالية، قامت روسيا جنبا إلى جنب مع إيران بتعزيز استقرار النظام السوري والقوات الموالية له. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاركتها في سوريا ورغم محدوديتها قد أعطتها الفرصة لإعادة تقديم جيشها المطور بعد إصلاحه لتبرهن على تعافيه من حالة الاضمحلال التي أصابته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

رغم إعلانها الانسحاب، فإن روسيا لن تترك سوريا بشكل كامل. على الرغم من أن موسكو قد أشارت إلى أنه سوف يتم سحب التجمع الجوي الرئيسي لها، ونظرا لأنه لا يوجد تاريخ انتهاء للانسحاب، فقد جعلت من الواضع أنها سوف تبقي القاعدة الجوية باسل الأسد قرب اللاذقية والقاعدة البحرية في ميناء طرطوس قيد العمل. قد تكون روسيا تعاني اقتصاديا ولكن كلفة العمليات في سوريا، التي تبلغ بضعة ملايين من الدولارات يوميا، من إجمالي ميزانية دفاع تقدر بـ50 مليار دولار، هي أمر مقبول جدا بالنسبة إلى واحد من أكبر المنفقين على صناعة الدفاع في العالم. في الواقع فإن مشاركة روسيا في الصراع قد حفزت صناعاتها الدفاعية من خلال إبرام عدد من العقود مع المشترين الأجانب الذين أعجبوا بالأسلحة الروسية الجديدة. ومع ذلك، فإنه من الجدير بالذكر أن هناك البعض في روسيا ممن يضعون في اعتبارهم حجم تكلفة الالتزام المفتوح تجاه النظام السوري، وربما يكون هؤلاء قد مارسوا ضغوطا على الحكومة من أجل تقليص عملياتها. الشعب الروسي يؤيد بحماس عمليات بلاده في سوريا طالما أنها لا تقتل الكثير من الروس. إنهم ببساطة لا يريدون أفغانستان أخرى.

وربما يكون «بوتين» قد قدم هذا الإعلان في إطار رغبته في تغيير النظرة إلى سلوك روسيا في سوريا. ولكن إلى أي حد؟ هل ترتب موسكو لصفقة أكبر ليس فقط في سوريا وإنما مع القوى الغربية في أماكن أخرى؟

وبالنظر إلى توقيت الانسحاب، فإن «بوتين» على ما يبدو يسعى إلى إعادة تشكيل أحدث جولة من مفاوضات السلام التي بدأت يوم 14 مارس/أذار فى جنيف. في ما يسمى جهد الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق سلام، فإن وفودا من النظام السوري والمعارضة يجتمعون مع مبعوثين للأمم المتحدة هذا الأسبوع. قدم النظام السوري عرضا سياسيا للأمم المتحدة يوم الاثنين في الوقت الذي دعت فيه المعارضة روسيا إلى استخدام نفوذها على النظام خلال المفاوضات. مع تقليص عملياتها الميدانية فإن روسيا ربما تضع نفسها في موضع الحكم أو أنها بالفعل قد توصل إلى صفقة مع النظام سرعان ما سيتم الكشف عنها. وفي كلتا الحالتين، فإن الكرملين يسعى لربط مستقبل الصراع السوري مع رغبته في كسب النفوذ في أماكن أخرى.

يمكن أن تكون موسكو أيضا تعيد تشكيل دورها في الصراع من أجل تحويل الأنظار إلى ما بعد سوريا. أحد الأسباب التي ربما تكون قد دفعت روسيا إلى التدخل في المنطقة من الأساس هو تحقيق مكاسب مع الغرب بشأن قضية أكثر حتمية لموسكو: وهي أوكرانيا والعقوبات الغربية ذات الصلة. فشلت موسكو في استخدام نفوذها في سوريا لأجل زحزحة دعم الولايات المتحدة لكييف أو لرفع العقوبات المفروضة عليها بسبب أنشطتها في القرم وشرق أوكرانيا. يعرف الكرملين أيضا أن كلا الجانبين قد توقفا عن إحراز أي تقدم في مفاوضات «مينسك» المتعلقة بالوضع هناك. ومع ذلك، فإن النفوذ الروسي، على الأقل في أوروبا، قد نما خلال الأشهر الأخيرة في الوقت الذي استمر فيه اللاجئون السوريون في التدفق إلى القارة العجوز. إذا غيرت روسيا عملياتها في سوريا، فإن ذلك يمكن أن يبطئ رحلة المهاجرين. يمكن لروسيا أن تأمل ليس فقط في تشكيل مساهمات إيجابية في المفاوضات السورية فحسب، ولكن أيضا في حل أزمة المهاجرين في الاتحاد الأوروبي.

في الأشهر المقبلة، يمكن لروسيا محاولة تبديد المناخ السلبي الذي يحيط بها، استباقا للتصويت الحاسم في يوليو/تموز من قبل الاتحاد الأوروبي بشأن تجديد العقوبات. وعقب الاجتماع الرسمي الأول بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بخصوص السياسة الروسية منذ أكثر من عام، فقد قالت إيطاليا والمجر (كلا البلدين تتعرضان لضغوط روسية مكثفة) في 14 مارس/أذار، أن تجديد العقوبات على روسيا لن يكون أمرا تلقائيا. وحيث يتطلب التصويت على تمديد العقوبات إجماعا داخل الاتحاد الأوروبي، فإن روسيا تحتاج إلى مخالف واحد يرفض العقوبات وهو الأمر الذي فشلت في تأمينه سابقا.

تقوم روسيا بالمزج ما بين استراتيجيات متنوعة ذات مخرجات متعددة دون أي نتائج مضمونة. الشيء الوحيد المؤكد هو أن موسكو ستواصل المناورة في هذه المنطقة المتغيرة للعالم.
المصدر | ستراتفور

نهاية المهمة: لماذا تقوم روسيا بسحب قواتها من سوريا؟
ترجمة وتحرير فتحي التريكي – الخليج الجديد
في 14 مارس/أذار الجاري أعلن الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» أنه سيسحب الجزء الرئيسي من القوات العسكرية الروسية التي قام بنشرها في سوريا قبل 6 أشهر. وسوف تحافظ روسيا على قدرتها على العمل من خلال قاعدة حميميم الجوية في سوريا جنوب شرق اللاذقية ومن القاعدة البحرية العريقة في طرطوس، وكلاهما تعهد «بوتين» بحمايتها من البر والبحر والجو. وبالتالي، فإن الوقت لا يزال مبكرا جدا لإدراك أثر الانسحاب الروسي من سوريا، وبالتأكيد فإنها سوف تحتف بقدرتها على إعادة الانتشار في حال أرادت ذلك.

الآن، ومع ذلك، فإن الأهداف التي تم تحديدها من قبل وزارة الدفاع للعملية العسكرية قد تم إنجازها، وأن الأوان قد آن من أجل أن تعمل الدبلوماسية. فكيف يفكر «بوتين» إذا؟

لا يمكن أن يكون هذا القرار هو مجرد خطوة تهدف إلى توفير المال، على الأقل في المدى القصير. لم تكن تكلفة العمليات في سوريا باهظة على النحو المتخيل وهي في كل الأحوال تتراوح ما بين مليار إلى ملياري دولار سنويا. كان بإمكان «بوتين» أن يستمر في حملته الجوية لعدة أشهر أخرى دون أن يواجه صعوبات تذكر، رغم أن كل مبلغ متوفر يبقى مهما نظرا للحالة المتردية للاقتصاد الروسي. انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 3.7% خلال عام 2015، كما فقد الروبل نصف قيمته في مقابل الدولار خلال عام 2014، وهناك دلائل على فترات متقطعة من السخط في شكل إضرابات واحتجاجات.

وكجزء من خطة شد الأحزمة الحكومية، كان «بوتين» قد أعلن بالفعل عن تخفيضات في ميزانية الدفاع، والذي قال عنه «سيرغي شيميزوف» رئيس تكتل الأسلحة الروسية روستك، والمقرب من «بوتين»، أن نسبته قد تصل إل 10% خلال العام المقبل. وسوف تكون الحرب المفتوحة في سوريا مكلفة. ونظرا للصعوبات الخطيرة التي تواجه الاقتصاد الروسي، بفعل انخفاض أسعار النفط ثم بفعل العقوبات الغربية، فإن «بوتين» لديه جميع الأسباب التي تدفعه من أجل تجنب عبء حرب طويلة الأمد.

الأهم من ذلك هو أن «بوتين» بإمكانه أن يعلن انتصاره من دون التعرض لخطر التورط في مستنقع الشرق الأوسط. حققت الحملة الجوية الروسية الكثير من الأهداف بما في ذلك منع انهيار حكومة الرئيس السوري «بشار الأسد»، وتمكينه من استعادة قدر جيد من الأراضي التي فقدتها قواته لصالح جيش الفتح وبخاصة في محافظات إدلب وحلب. وقد كان لروسيا حصة استراتيجية في سوريا يعود تاريخها إلى منتصف الخمسينيات، وقد ضمن «بوتين» حماية هذا النفوذ من خلال تدخله العسكري.

كما أجبرت تحركات «بوتين» المعارضة السورية على قبول وقف إطلاق النار الذي دخل إلى حيز التنفيذ في 27 فبراير/شباط واكتسب مكانا على طاولة المفاوضات في روسيا، وفرض على الولايات المتحدة عدم تجاهل مصالح بلاده. وقد أجبر الولايات المتحدة أيضا على التخلي عن موقفها الأصلي بعدم إجراء أي محادثات سلام في وجود «الأسد». الاحترام والمكانة، وخاصة في نظر الولايات المتحدة، هو أكثر ما ترغب فيه روسيا.

وبدلا من أن ننظر إلى الانسحاب الروسي على أنه نصر لـ«بوتين»، ربما يكون من الأفضل أن يتم النظر إليه كحالة فوز متبادل خصوصا إذا استمر وقف إطلاق النار وتم النجاح في التوصل إلى إرساء لأسس تسوية سياسية. توقف الضربات الجوية الروسية هي أيضا أنباء جيدة للشعب السوري الذي عانى بشكل مفزع من القصف الروسي الذي بلغ حد استهداف المستشفيات في المناطق التي يسيطر عليها المعارضة.

ويمكن للانسحاب الروسي أيضا أن يعزز من فرص صمود وقف إطلاق النار. من ناحية، فإنه سوف يقلل طموح «الأسد» في جني المزيد من المكاسب العسكرية مع افتقاره للدعم الجوي الروسي. ومن ناحية أخرى، فإن قرار «بوتين»، حال التمسك به، فإنه سوف يمنع فرص حدوث اشتباك عسكري جديد بين روسيا وتركيا وهو السيناريو الذي يمكن أن يتصاعد بسرعة.

من الناحية السياسية، يخبرنا قرار «بوتين» أنه على الرغم من الحديث المتزايد حول وجود حرب باردة بين روسيا والولايات المتحدة، فإن البلدين قد تعاونا بشكل وثيق من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا. كان «بوتين» دوما يرغب في أن يتم التعامل مع روسيا كقوة عظمى وخصوصا من جانب الولايات المتحدة. وقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى وصول العلاقات الروسية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. ولكن في سوريا، فإن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» ونظيره الروسي «سيرغي لافروف» قد عملا معا جنبا إلى جنب حتى الآن بشكل جيد.

وعلاوة على ذلك، فإنه يدل على أن العلاقات هي أمر مهم. ويمكن أن نضرب مثالا على ذلك باجتماعات «كيري» و«لافروف» و«الحميمية» التي تظهرها صورهما معا والتي تأتي متناقضة بشكل صارخ مع اللقاءات الفاترة بين «بوتين» و«أوباما». في النظام الروسي، حيث تعتمد السياسة على شبكات غير رسمية بين الحلفاء المقربين من «بوتين» أكثر مما تعتمد على أنشطة المؤسسات كما في الولايات المتحدة، فإن تحقيق نتائج سياسية إيجابية يتوقف على الكيمياء الشخصية بشكل كبير. ما ننتظر أن نراه هو كيف ستكون هذه المخرجات قادرة على الصمود.

وأخيرا، فإن هناك بعض الجمهوريين في الولايات المتحدة يروجون أن «بوتين» قد فاز من جديد ونجح في تحقيق أهدافه في سوريا ونجح في محاصرة الولايات المتحدة. وهم يلقون اللوم في ذلك كالمعتاد على ضعف سياسة «أوباما» الخارجية. ولكن قرار «بوتين» في سوريا قد تكون محصلته النهائية في صالح «أوباما» بأكثر مما قد تكون ضده. ما يهم «أوباما» الآن هو إذا ما كان الانسحاب الروسي سوف يساهم في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في سوريا والذي يمكن أن يمهد الطريق في النهاية لإنهاء الحرب التي أودت بحياة أكثر من 300 ألف شخص وشردت 5 ملايين إلى لاجئين بخلاف المشردين في الداخل. في ضوء هذه الحقائق الرهيبة، فإنه إذا كان للدبلوماسية أن تعمل في نهاية المطاف في سوريا فإن ذلك سوف يكون مكسبا للجميع.
المصدر | فورين أفيرز

«ناشيونال إنترست»: ما الذي ربحه «بوتين» من تدخله العسكري في سوريا؟
ترجمة وتحرير فتحي التريكي – الخليج الجديد
عندما بدأت حملة القصف الروسية في سوريا الخريف الماضي، كان يمكن للمرء أن يصدق أن أعمال موسكو سوف تبدأ أخيرا في كشف المزيد عن السياسة الخارجية للبلاد. والآن أثبت هذا الافتراض صحته في أعقاب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انسحاب القوات الروسية الرئيسية. تصرفات موسكو خلال الأشهر الستة الماضية في سوريا قد ساهمت في توضيح مبادئ السياسة الخارجية الروسية وكيف تتعامل مع المشاكل شديدة التعقيد في الشرق الأوسط.

أولا، لماذا بدأت العملية الروسية في سوريا؟ هناك أجوبة كثيرة لهذا السؤال ولكن في النهاية هناك جواب رئيسي واحد بدأت روسيا عمليتها في سوريا استجابة لطلب رسمي سوري. مرة أخرى، يمكن للمرء أن يجادل كثيرا حول أسباب التصرف الروسي ولكن روسيا كانت حريصة على اتباع إجراءات القانون الدولي والمحلي. وكان من المنطقي إذن أن إعلان الانسحاب سوف تعقبه أخبار الشكر والثناء من «الأسد» لروسيا على دعمها. لقد تم كتابة الكثير حول كيف أن مبادئ نظام ويستفاليا قد فقدت أهميها بصورة كبيرة وكيف فقدت الدول، كجهات فاعلة، الكثير من أهميتها في العلاقات الدولية. ولكن، في الصراع السوري، كما في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن الدول تظل مهيمنة. وقد أظهرت تصرفات روسيا فاعليتها في التعامل مع الدول وفقا للقانون الدولي وليس وفق ما تقتضيه الشعارات.

ثانيا: أثبتت موسكو أن قدراتها العسكرية أكثر تطورا مما كان متوقعا. أنصار القوة الناعمة والدبلوماسية العامة يمكنهم أن يجادلوا كيفا شاؤوا ولكن القوة العسكري هي أمر لا غنى عنه لمن يريد أن يمتلك كلمة مسموعة في عالم السياسة. وقد سبق أن قال الرئيس «أوباما» مقولته التي أثارت جدلا واسعا بأن روسيا هي مجرد قوة إقليمية دون أن يسمي المنطقة أو الإقليم الذي تعمل فيه. ويبدو واضحا أننا نحتاج إلى قدر كبير من الخيال من أجل اعتبار روسيا قوة إقليمية شرق أوسطية في الوقت الذي لا يزال فيه الكريملين قادرا على استعراض قوته العسكرية هناك. يمكن للمرء أن يشكك في أن روسيا قد حققت كل أهدافها ولكن من الصعب أن يجادل بأن العملية الروسية هي التي فرضت شروط وقف إطلاق النار الحالي.

ثالثا: توفر تصرفات روسيا أدلة عديدة على أهمية المصالح الوطنية وأن البلاد لا تتصرف وفق أحلام متفائلة حول عالم أفضل خال من الصراعات ولكنها تفعل ما هو ضروري لحماية مصالحها في ظل صراع دولي مكثف. مرة أخرى، يمكن للمرء أن يجادل بأن روسيا قد أخطأت ولكن الخبراء والدبلوماسيين في روسيا بإمكانهم أن يقدموا قائمة من الحالات التي أظهر خلالها الحلفاء الغربيون، كما يحب «بوتين» أن يطلق عليهم، اختلافا في المصالح بينهم وبين روسيا. بين المواقف السياسية والأيديولوجية والمصالح الوطنية، فقد اختار روسيا الأخيرة. قام الكريملين بمساندة حليفه «الأسد» عندما رأى ذلك ضروريا وقد قررت موسكو إيقاف عملياتها حين رأت أنا قدمت ما يكفي من الدعم. و قد تغير الوضع وتغيرت المصالح وفقا لذلك.

هذه المرتكزات الثلاثة (نظرة القانون الدولي والمحلي لإدارة العلاقات الدولية – القدرة على إبراز القوة العسكرية – النظر في المصلحة الوطنية) هي أمور ضرورية لاستراتيجية روسيا في الشرق الأوسط. ما هي إذا ملامح هذه الاستراتيجية وما هي استراتيجيات الجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى؟

ليس من قبيل الصدفة أن اتفاق وقف الأعمال العدائية قد تقرر بمشاركة كل من روسيا والولايات المتحدة وأن السيد «بوتين» قام بالاتصال بالرئيس «أوباما» لإبلاغه بانسحاب القوات الروسية من سوريا. لفترة طويلة ظلت الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، ولكن ما هي استراتيجية واشنطن؟ لا نزال ننتظر الإجابة على هذا السؤال. ورغم أن انتقادات الجمهوريين لإدارة «أوباما» تبدو غير محتملة ولكن إجراءات الولايات المتحدة في سوريا كفيلة بتحيير أكثر وسائل الإعلام الأمريكي ليبرالية وحتى بعض حلفائها الأوربيين. منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، أبدت اللهجة الأمريكية تعاطفا مع القوى المناهضة للأسد، ولكن لماذا تقم الولايات المتحدة بدعم هذه القوى قبل التدخل الروسي؟

يمكن للمرء أن يفترض أن هناك تأثيرا لأمثلة من العراق وليبيا، حيث تسببت إطاحة واشنطن بالديكتاتوريات العلمانية في خلق مشاكل أمنية أكثر خطورة. ومع ذلك، فإنه ليس من الواضح ما هي حقيقة الموقف الأمريكي في سوريا. وقد لعبت كل من واشنطن وموسكو دورا حيويا في مفاوضات وقف إطلاق النار في سوريا رغم أن كان من الواضح أن روسيا تقف إلى جانب حليفها «الأسد» عسكريا ودبلوماسيا. ولكن من هم حلفاء الولايات المتحدة في سوريا؟ وماذا حدث للموقف الأمريكي السابق المتمسك برحيل «الأسد»؟ اعترافات الولايات المتحدة بأن المحادثات حول سوريا لن تنجح سوى بجلب كل من روسيا وإيران على الطاولة قد تكون مفيدة في تحقيق الاستقرار الفوري في الشرق الأوسط، ولكن ما هي خطة أمريكا في اللعبة طويلة الأمد؟

دون الإجابة على هذه الأسئلة سيكون من الصعب على الولايات المتحدة أن تطور سياساتها في الشرق الأوسط. يمكن للجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى أن تستكشف بوضوح التحركات الروسية بغض النظر عن حقيقة رضاها عن هذه التحركات. في كثير من الحالات، فإن استراتجيات هذه القوى الإقليمية أيضا ليست عصية على الفهم وخاصة بالنظر إلى حقيقة أن هذه القوى مهتمة بزيادة نفوذها في المقام الأول وتحصين مواقعها الاستراتيجية في مواجهة المعارضين والحد من التهديدات الأمنية. في ضوء هذه الخلفية، فإن عدم وضوح في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة ليس مفيدا لا للمكانة الدولية للولايات المتحدة ولا على صعيد العلاقات الدولية بشكل عام.

وفي الوقت نفسه، فإن وضوح تحركات موسكو بغض النظر عن حجم الاتفاق معها قد تسبب في تسارع التفاعلات الروسية مع دول الشرق الأوسط. الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية تدرك بشكل واضح دوافع روسيا ومصالحها وأهدافها التي تعمل وفقها.

كما أن التقارب الروسي الإيراني في سوريا وغيرها من الملفات معروف بوضوح أيضا. ومع ذلك، على سبيل المثال، فقد حسنت موسكو من علاقاتها مع الأكراد بعد بدء حملتها رغم علمها بأنهم الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». يفهم كلا الطرفين دوافع الطرف الآخر، وهما على استعداد للمساومة وعقد الصفقات. على الرغم من دعم روسيا للأسد، تواصل موسكو الدفاع عن مشاركة الأكراد في محادثات جنيف.

ومن الممكن أن نشير إلى نتيجة أخرى لتصرفات روسيا في الشرق الأوسط، وهي المواقف الأميركية صارت مهددة بصورة أكثر وضوحا من ذي قبل: قد تثبت روسيا أنها شريك جيد لـ(إسرائيل) في تطوير حقول الطاقة الساحلية. وفقا لعدد من الخبراء والمراقبين، فإن الشراكة الروسية الإسرائيلية يمكن أن تزيد بشكل كبير من أمن مرافق إنتاج الغاز الطبيعي. إذا كان حزب الله وإيران يشكلان تهديدا أمنيا خطيرا إلى هذه البنية التحتية، فإن مشاركة روسيا قد تقطع شوطا طويلا في الحد من هذه المخاطر. بالنسبة إلى روسيا، فإن هذه الشراكة يمكن أن تحسن من موقفها الاستراتيجي في أسواق الغاز وخاصة على صعيد العلاقة مع تركيا والاتحاد الأوروبي.

يحافظ هذا النهج الواضح في إدارة العلاقات الدولية لروسيا على قنوات الاتصال مفتوحة. يمكن للمرء أن يفترض بصدق أن السعودية أبعد ما تكون عن دعم «الأسد» أو تأييد تحركات روسيا الداعمة له. ومع ذلك فإن الرئيس «فلاديمير بوتين» والملك «سلمان» يتبادلان النقاش حول الوضع في سوريا. ووفقا للكريملين، فإنه يمكن للبلدين وضع خلافاتهم جانبا، في حين أعرب الملك «سلمان» استعداده للعمل مع روسيا لتنفيذ خطة وقف إطلاق النار. بعد انسحاب قواتها، فإن روسيا لم تعد بعد شريكا في الحرب، وهو ما قد يساعدها على زيادة جهودها الدبلوماسية.

ليس هناك شك في أن منطقة الشرق الأوسط سوف تبقى مكانا مضطربا وخطيرا. ومن السابق لأوانه إعلان الفائزين والخاسرين من الحرب في سوريا. (ومن المحتمل بشكل مرجح أنه قد لا يكون هناك أي رابحين في نهاية المطاف). ولكن تصرفات روسيا خلال الأزمات في سوريا تظهر على حد سواء أن قوة وتوقيت هذه الإجراءات كانت شديدة الفاعلية ومتوافقة مع كلاسيكيات العمل الدبلوماسي في القرن الحادي والعشرين. عبر الإعلان عن انسحاب القوات الروسية، أظهر الرئيس بوتين، مرة أخرى، أنه لا يزال يطلق الرصاصات.
المصدر | ناشيونال إنترست

«جبهة النصرة»: سنشن هجوما في سوريا خلال 48 ساعة
أعلن قيادي ميداني في «جبهة النصرة»، بسوريا، أن الجبهة ستشن هجوما في البلاد خلال 48 ساعة، وذلك بعد ساعات على إعلان روسيا سحب الجزء الأكبر من قواتها من سوريا.

وقال القيادي في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية إن «هزيمة الروس واضحة، وخلال 48 ساعة ستبدأ الجبهة هجوما في سوريا» من دون تحديد المكان الذي سيشهد الهجوم.

وأضاف «هناك عمل عسكري بإذن الله، الروس انسحبوا لسبب واحد وصريح لأن النظام خذلهم، ولم يحافظ على المناطق التي سيطر عليها، وليس هناك جيش وميليشياته مرهقة»، مشيرا إلى أنه «من دون الطيران الروسي لكنا الآن في (مدينة) اللاذقية».

وتأتي هذه التصريحات غداة إعلان موسكو أن المهمات الرئيسية المطلوبة من القوات المسلحة قد أنجزت. وتم الاتفاق على سحب القسم الأكبر من القوات الجوية الروسية.

وأوعز الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، لوزير الدفاع الروسي، «سيرغي شويغو»، أمس الإثنين، بسحب «القوات الرئيسية» من سوريا، اعتبارا من اليوم الثلاثاء، معتبرا أن «المهام التي كٌلفت بها القوات الروسية في سوريا تم إنجازها».

ووفق تلفزيون «روسيا اليوم»، جاء قرار «بوتين» عقب اجتماع عقده في الكرملين مع كل من وزير الدفاع «سيرغي شويغو»، ووزير الخارجية، «سيرغي لافروف».

وأوضح «بوتين»، خلال الاجتماع، أن «الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية».

أيضا، لفت إلى أن «القاعدتين الروسيتين في (بلدة) حميميم (وسط) و(ميناء) طرطوس (على البحر المتوسط غربا) ستواصلان عملهما كما في السابق».

وبدأت روسيا في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي حملة جوية دعما للعمليات العسكرية لجيش النظام، وقالت إنها تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية ومجموعات إرهابية أخرى، في حين اتهمتها دول الغرب وفصائل مقاتلة باستهداف المعارضة “المعتدلة” التي تقاتل بشار الأسد.

ومنذ بدء التدخل الروسي، حققت قوات النظام تقدما ملحوظا في محافظات عدة بينها اللاذقية في غرب البلاد وذلك بعد سلسلة نكسات عسكرية.

وتقاتل قوات النظام منذ مدة في ريف اللاذقية الشمالي مقاتلي جبهة النصرة وحلفائها بهدف استعادة الريف الشمالي وبالتالي تمكين سيطرتها على كافة المحافظة الساحلية.
المصدر | الخليج الجديد

أكد أن رئيس النظام السوري «ضعيف وأمره انتهى»
«الجبير» تنبأ قبل أسابيع بفشل روسيا في إنقاذ «الأسد»
خالد المطيري
تساءلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية، في تقرير لها، بشأن ما إذا كان وزير الخارجية السعودي توقع انسحاب روسيا من سوريا قبل أسابيع من إعلان الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، هذا القرار، لافتة إلى أن «الجبير» تنبأ في مقابلة أجرتها معه في 13 فبراير/شباط الماضي بأن روسيا لن تتمكن من انقاذ «بشار الأسد»، وأكد أن الأخير «ضعيف وأمره انتهى».

وفي المقابلة سئل الوزير السعودي عن وضع «الأسد» بعد نحو ثلاثة أشهر من الدعم العسكري الروسي، فأجاب: «بشار الأسد ضعيف، واعتقد أن بشار الأسد انتهى وليس له مكان في مستقبل سوريا، بشار الأسد قتل شعبه رجالا ونساء وأطفالا، ولم يستطع جيشه إنقاذه؛ لذلك لجأ إلى إيران لدعمه، والذين أرسلوا بدورهم قوات القدس لمساعدته والحرس الثوري، ولكن هم أيضا لم يستطيعوا إنقاذه، وعليه قامت إيران وبشار الأسد بجذب حزب الله والميليشيات الشيعية من العراق وباكستان وأفغانستان، وأيضا كل هؤلاء لم يستطيعوا إنقاذه».

وأضاف: «الآن لدينا روسيا تدخل في سوريا لدعم بشار الأسد وهم لن يتمكنوا من إنقاذه أيضا، الرجل المسؤول عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص ونزوح 12 مليون شخص ودمار دولة بأكملها هو رجل لا يملك موقعا على الإطلاق في مستقبل هذه الدولة».

وفي خطوة مفاجئة، أوعز الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، لوزير الدفاع الروسي، «سيرغي شويغو»، أمس الإثنين، بسحب «القوات الرئيسية» من سوريا، اعتباراً من اليوم الثلاثاء، معتبرا أن «المهام التي كٌلفت بها القوات الروسية في سوريا تم إنجازها».

ووفق تلفزيون «روسيا اليوم»، جاء قرار «بوتين» عقب اجتماع عقده في الكرملين مع كل من وزير الدفاع «سيرغي شويغو»، ووزير الخارجية، «سيرغي لافروف».

وأوضح «بوتين»، خلال الاجتماع، أن «الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية».

أيضا، لفت إلى أن «القاعدتين الروسيتين في (بلدة) حميميم (وسط) و(ميناء) طرطوس (على البحر المتوسط غربا) ستواصلان عملهما كما في السابق».
المصدر | الخليج الجديد + سي إن إن

دي ميستورا: هذه لحظة الحقيقة والانتقال السياسي أساس كل القضايا في جنيف
روسيا تنسحب من سوريا
في تطور مفاجئ قد تكون له تبعات على مسار الأزمة في سوريا ومصير رئيس النظام بشار الأسد، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته الرئيسية من سوريا، في خطوة وصفتها مصادر ديبلوماسية في موسكو لـ«المستقبل» بأنها جاءت «بهدف الضغط على نظام الأسد وإيران للكفّ عن عرقلة المسار السياسي». وجاء هذا التطور بالتزامن مع مفاوضات جنيف التي سبقتها إشارة دلت على أنها ستكون مختلفة عن سابقاتها لجهة إمكان أن توصل الى تسوية بعد خمس سنوات من الدم والدمار، مع تأكيد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أن الانتقال السياسي سيكون «أساس كل القضايا» التي ستتم مناقشتها مثبّتاً مرجعية قرار مجلس الأمن 2254 المغطى من قبل الراعيين الدوليين للمفاوضات، روسيا والولايات المتحدة، وذلك في رد مباشر على تصريحات لرموز في النظام السوري حاولت رسم «خط أحمر» تحت مصير بشار الأسد باعتباره خارج التفاوض.

إشارة دي ميستورا جاءت في مؤتمر صحافي عقده قبيل انطلاق مفاوضات جنيف، اعتبر خلاله أن «هذه هي لحظة الحقيقة»، اكتسبت دلالة أكثر إيلاماً لنظام الأسد، مع إعلان الرئيس بوتين مساء قرار سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية، التي لعبت دوراً بارزاً منذ أيلول الماضي في إمالة دفة الميزان الميداني لمصلحة الأسد، ما يعني عملياً سحب الغطاء عن هذا النظام وإجباره على الانخراط في التفاوض وفقاً للمرجعية الدولية التي حددها دي ميستورا.

المعارضة السورية سارعت الى التقاط دلالة قرار بوتين فرحبت به معتبرة أن الانسحاب الجاد سيضغط على النظام ويعطي محادثات السلام قوة دفع إيجابية، خصوصاً أن الكرملين قال إن بوتين أبلغ الأسد في اتصال هاتفي بأن الهدنة السارية في سوريا، أسهمت في تهيئة الظروف المواتية لبدء عملية التسوية السياسية للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة.

وقال الكرملين في بيان إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما ناقشا الأزمة السورية عبر الهاتف، وأبلغ بوتين أوباما أن القوات الروسية ستبدأ الانسحاب من سوريا بعدما استكملت «المهام الأساسية» في مكافحة الإرهاب. ونقلت فضائية «العربية» أن أوباما رحّب بالخطوة الروسية.

وقال الكرملين «دعا الرئيسان إلى تكثيف العملية من أجل تسوية سياسية للصراع السوري، وعبرا عن دعمهما للمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة وبدأت في جنيف بين الحكومة السورية والمعارضة«.

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي تناقش هاتفياً مع نظيره الروسي حول «الانسحاب الجزئي» للقوات الروسية الذي أعلنه الكرملين. وأوضح البيت الأبيض في بيان أن الرئيسين تناقشا في «إعلان الرئيس بوتين انسحاباً جزئياً للقوات الروسية من سوريا والخطوات المقبلة اللازمة للتنفيذ الكامل لوقف الأعمال القتالية».

وكان البيت الأبيض تعامل بحذر مع إعلان الرئيس الروسي، واعتبر أنه من السابق لأوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار من هذا النوع على المفاوضات الجارية في جنيف. وقال جوش ايرنست، المتحدث باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما، «لا بد لنا من أن نعرف بدقة ما هي النيات الروسية». وأضاف في مؤتمره الصحافي اليومي «من الصعب علي أن أقوّم التداعيات المحتملة لهذا القرار على المفاوضات الجارية».

وذكر المتحدث أن الولايات المتحدة كانت على الدوام تشدد على أن التدخل العسكري الروسي يجعل الجهود الآيلة للتوصل الى مرحلة انتقالية سياسية في سوريا «أكثر صعوبة».

وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه «نأمل أن نعرف المزيد عن الموضوع خلال الساعات المقبلة».

وقال مسؤولان أميركيان طلبا عدم نشر اسميهما إن واشنطن لم تتلق أي إشعار مسبق لقرار بوتين. وأضافا أن الولايات المتحدة لا ترى مؤشرات حتى الآن على استعدادات للقوات الروسية للانسحاب من سوريا.

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن الأسد سيكون تحت ضغط للتفاوض على انتقال سلمي لإنهاء الحرب الأهلية السورية إذا سحبت روسيا معظم قواتها من البلاد. وأوضح شتاينماير في بيان «وإذا تحقق إعلان سحب القوات الروسية فسيزيد ذلك الضغط على نظام الأسد للتفاوض بجدية في نهاية المطاف على انتقال سياسي سلمي في جنيف» في إشارة إلى محادثات السلام الجارية في المدينة السويسرية.

وعبر ديبلوماسي أوروبي عن تشككه، وقال «من الممكن أن يضع ذلك كثيراً من الضغط على الأسد والوقت ملائم لذلك«. لكنه أضاف «أقول أيضاً من الممكن لأننا شاهدنا من قبل أن ما تعد به روسيا ليس دائماً ما يحدث«.

وأكد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مقابلة أجرتها معه صحيفة «لوفيغارو« إن القوات الروسية توقفت عملياً عن قصف المعارضة السورية المعتدلة. وجاءت تصريحات لودريان قبل أن يعلن بوتين أنه سيبدأ في سحب قواته المسلحة من سوريا. وأضاف لودريان «الروس.. توقفوا عملياً عن قصف المعارضين المعتدلين»، مضيفاً أن الروس ينفذون هجمات على تنظيم «داعش» المتشدد.

وكان وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، أعلن الأسبوع الماضي أن الحديث عن مصير الأسد «خط أحمر» وهو «ملك الشعب السوري»، وأن وفد النظام الذاهب إلى جنيف «لن يحاور» أحداً يبحث في «مقام الرئاسة»، ما استدعى رداً من وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي رأى أنها «محاولة واضحة لتعطيل العملية السياسية»، مطالباً الرئيس الروسي بأن «ينظر كيف يتصرف بشار الأسد«.

وقال كيري متّهماً رئيس النظام السوري بالتعطيل المتعمّد ومؤكداً موافقة الروس والإيرانيين على طرح بند مصير الأسد في المفاوضات، بأن الأخير أرسل «وزير خارجيته كي يخرّب ما وافق عليه الرئيس بوتين والإيرانيون«.

ويبدو من مسار التطورات أن «المعلم الروسي» نظر فعلاً كيف يتصرف الأسد، فكان قرار سحب القوات عقب اتصال أجراه بوتين مع الأسد، سارع بعده الى استدعاء وزيري الدفاع سيرغي شويغو والخارجية سيرغي لافروف الى الكرملين وإبلاغهما بقراره.

ففي خطوة مفاجئة قال الرئيس الروسي إنه أصدر تعليمات لقواته المسلحة للبدء في سحب «الجزء الرئيسي» للقوات من سوريا وأمر بتكثيف الجهود الديبلوماسية الروسية بغية التوصل لاتفاق سلام في سوريا مع استئناف محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات.

وأوعز الرئيس الروسي لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بسحب القوات الرئيسية من سوريا خلال لقاء ثلاثي جمع بوتين بشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف في الكرملين، الذي أعلن ناطق باسمه أن «ما خرج به اللقاء (الثلاثي) تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد«.

واعتبر بوتين أن «المهمات التي كلفت بها القوات الروسية في سوريا تم إنجازها«. وقال خلال اللقاء: «أعتبر أنه تم تنفيذ أغلب مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة، لذلك آمر وزير الدفاع ببدء سحب الجزء الأساسي من مجموعتنا الحربية من الجمهورية العربية السورية»، مؤكداً أن «الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية، على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية«. وأكد أن «القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق«.

وأعرب بوتين عن أمله بأن بدء سحب القوات الروسية من سوريا سيشكل دافعاً إيجابياً لعملية التفاوض بين القوى السياسية في جنيف، وكلف بوتين وزير الخارجية «بتعزيز المشاركة الروسية في تنظيم العملية السلمية لحل الأزمة السورية«.

وقال بيان الكرملين إن بوتين والأسد، أكدا خلال اتصال هاتفي أمس بأن «الهدنة أسهمت في تراجع حاد لوتيرة سفك الدماء في سوريا، وتحسن الوضع الإنساني في البلاد، وتهيئة الظروف المواتية لبدء عملية التسوية السياسية للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة«. وأشارا إلى أن عمل سلاح الجو الروسي «سمح بتحقيق نقلة نوعية في محاربة الإرهابيين وتشويش بنيتهم التحتية وألحق بهم خسائر بشرية جسيمة«.

وذكر البيان أن الرئيس الروسي أكد أن القوات المسلحة الروسية «نفذت المهمات الرئيسية التي كلفت بها، وتم الاتفاق على سحب الجزء الأكبر من مجموعة الطيران الحربي الروسي من سوريا، مع إبقاء مركز مكلف بضمان تحليقات الطيران في سوريا، وذلك بهدف مراقبة تنفيذ شروط وقف الأعمال القتالية«.

كما جاء في البيان أن الأسد أشاد «بمهنية وبطولة الجنود والضباط الروس الذين شاركوا في الأعمال القتالية، وأعرب عن امتنانه«. وأشار الأسد أيضاً ـ وفق بيان الكرملين ـ إلى استعداد نظامه «لبدء العملية السياسية في البلاد بأسرع ما يمكن، معرباً عن أمله أن تثمر المفاوضات التي بدأت في جنيف بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة بنتائج ملموسة«.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن بوتين والأسد لم يناقشا مستقبل رئيس النظام في المكالمة الهاتفية.

ورحبت المعارضة السورية بقرار موسكو، قائلة إن الانسحاب الجاد سيضغط على النظام ويعطي محادثات السلام قوة دفع إيجابية. وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات إنه إذا كانت هناك «جدية» في تنفيذ الانسحاب فسيعطي ذلك دفعة إيجابية للمحادثات. وأضاف المسلط أنه إذا كانت هذه خطوة جادة فستشكل عنصراً أساسياً للضغط على «النظام» وستتغير الأمور كثيراً نتيجة لذلك.

وقال كبير المفاوضين في محادثات السلام السورية في جنيف إن انسحاب الجيش الروسي بشكل حقيقي من سوريا سيكون تطوراً إيجابياً لكن لا يوجد مؤشر على ذلك إلى الآن. وقال محمد علوش رئيس المكتب السياسي لجماعة جيش الإسلام وهو كبير المفاوضين للمعارضة في المحادثات التي تجري في جنيف «أرحب بانسحاب روسيا إن كان حقيقياً وليس مجرد مناورة«. وأضاف في رسالة على برنامج التراسل «واتساب« من جنيف «لا يوجد مؤشرات على التنفيذ«.

وفي هذا السياق، قالت مصادر ديبلوماسية في موسكو لـ»المستقبل» إن قرار سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية، جاء بهدف الضغط على النظام السوري وإيران للكف عن عرقلة المسار السياسي، وبعد المواقف الأخيرة للنظام التي حاولت الالتفاف على العملية السياسية التي تقودها موسكو جنباً إلى جنب مع واشنطن.

وتزامناً مع انطلاقة العملية التفاوضية في جنيف أمس، صدرت إشارة بارزة تقود إلى استنتاج أن هذه الجولة تحمل جدية والتزاماً دولياً بالتوصل إلى حل للأزمة السورية، وجاءت على لسان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي أعلن أن عملية الانتقال السياسي في سوريا هي النقطة الأساسية التي سيتناولها مع الأطراف السورية خلال مفاوضات جنيف التي بدأت أمس، وذلك استناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وحذر دي ميستورا الأطراف المتحاربة من أنه لا توجد خطة بديلة سوى استئناف الحرب إذا لم تحرز المحادثات التي تهدف إلى وضع «خارطة طريق واضحة» لعملية السلام تقدماً.

وقبل إعلان بوتين الانسحاب قال دي ميستورا إن سوريا تواجه لحظة حقيقة في مستهل المحادثات التي تهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ خمس سنوات وأسفر عن نزوح نصف السكان ودفع بموجات من اللاجئين إلى أوروبا وحوّل سوريا إلى ساحة معارك لقوى أجنبية ومتطرفين.

ووصف بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف لقاءه الأول مع دي ميستورا بأنه إيجابي وبناء مضيفاً أنه قدم وثيقة بعنوان «العناصر الأساسية لحل سياسي». وقال دي ميستورا إن بعض الأفكار قد طُرحت في الاجتماع الذي وصفه بأنه جلسة تحضيرية قبيل اجتماع آخر يوم الأربعاء سيركز على المزيد من الموضوعات الأساسية.

ولدى سؤاله عن الفجوة الهائلة بين مطالب الفريقين قال دي ميستورا إنه من طبيعة المفاوضات أن يبدأ كل من الفريقين بمواقف متصلبة. وتابع المبعوث الدولي إن المحادثات يجب أن تركز على الانتقال السياسي الذي وصفه بأنه «أم كل القضايا» فيما ستتولى مجموعات عمل منفصلة القضايا الإنسانية ووقف الأعمال القتالية. وقال «على حد علمي فإن الخطة البديلة الوحيدة المتوفرة هي العودة إلى الحرب وحرب أشد حتى مما شهدناه حتى الآن«.

وكان دي ميستورا أعلن قبل صدور القرار الروسي، أن الانتقال السياسي هو «أساس كل القضايا» التي ستتم مناقشتها خلال مفاوضات جنيف حول سوريا التي بدأها رسمياً الاثنين بلقاء مع وفد الأسد.

وقال في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة «هذه هي لحظة الحقيقة»، متسائلاً «ما هي النقطة الأساسية؟ الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية في كل القضايا» التي ستتم مناقشتها بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريتين.

وقال إن «جدول الأعمال قد وضع استناداً الى القرار الدولي 2254، وفي إطار توجيهات إعلان جنيف بالطبع».

وتستمر الجولة الحالية حتى 24 آذار، ثم تبدأ الجولة الثانية بعد توقف لمدة أسبوع أو عشرة أيام، على أن تستمر لمدة «أسبوعين على الأقل». وتُعقد جولة ثالثة من المفاوضات بعد توقف مماثل.
(آر تي، رويترز، أ ف ب، العربية.نت، «المستقبل»)

المعارضة تطلب هيئة حكم انتقالي بسوريا
أعلن المتحدث باسم وفد المعارضة السورية إلى مباحثات جنيف سالم المسلط، أن المعارضة تريد هيئة حكم انتقالي يكون الجميع شركاء فيها باستثناء “من تلطخت يده بدماء السوريين”، واعتبر أن قرار سحب قوات روسية من سوريا يمكن أن يمهد الطريق لوضع نهاية للصراع الدائر منذ خمس سنوات.

وجاءت تصريحات المسلط قبل ساعات من بدء لقاء المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا مع وفد المعارضة السورية، والذي انطلق قبل نحو ساعتين من الآن في جنيف.

وقال المسلط في مؤتمر صحفي بجنيف اليوم الثلاثاء “حرصنا أن تبدأ هذه المفاوضات اليوم بمناقشة هيئة الحكم الانتقالي.. هيئة الحكم الانتقالي هي ضمانة لكل السوريين بدلا من أن تكون حكومة وحدة وطنية”.

وأضاف “حكومة وحدة وطنية هي كالحكومة الحالية، عبارة عن وزارات، لكن من يملك توجيههم وتعيينهم هو رأس النظام. هذا غير مقبول لدى السوريين”، وجدد التأكيد على حرص المعارضة على إنجاح مفاوضات جنيف وحقن دماء السوريين.

واعتبر أن سحب القوات الروسية “يمكن أن يساعد في وضع نهاية لدكتاتورية الرئيس السوري بشار الأسد وجرائمه”، وأشار إلى أن الانسحاب قد تكون له تداعيات بعيدة المدى على مسار الحرب في سوريا، وأكد أن ما أبقى الأسد في السلطة هو وجود القوات الروسية.

وفاجأت روسيا القوى العالمية أمس الاثنين حين أعلنت سحبا جزئيا لقواتها في سوريا بداية من اليوم، ولقيت الخطوة الروسية ترحيبا واسعا، فقد اعتبرها دي ميستورا “تطورا مهما”، بينما وصفتها فرنسا بالتطور الإيجابي ودعت إلى تشجيع أي خطوة تساهم في تخفيف حدة التوتر في سوريا.
لافروف يشيد
من جانب آخر، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو ترى استعدادا من جانب الولايات المتحدة للتأثير على المعارضة السورية في محادثات جنيف، وأعرب عن تقدير بلاده لجهود السعودية فيما يخص جهود التسوية السياسية في سوريا.

وقال لافروف في تصريحات بموسكو إن الوفد المفاوض عن المعارضة والذي تم اختياره عقب اجتماعات في الرياض “يبدي موقفا جادا في مفاوضات جنيف”، وأضاف “يبدو اليوم أنهم مصممون على الانضمام إلى العملية السياسية السورية انطلاقا من ضرورة البحث عن حلول وسط، والتوصل إلى اتفاقات على أساس توافق مع الحكومة”.

من جانبها، قالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري إن بلادها تتوقع أن تزيد الولايات المتحدة الضغوط على من يعارضون حل الأزمة في سوريا.

وتجرى المفاوضات في جنيف في إطار مسعى دبلوماسي بدأ بدعم أميركي روسي لإنهاء الحرب المستمرة في سوريا منذ خمس سنوات، والتي راح ضحيتها أكثر من 250 ألف شخص، وسببت أسوأ أزمة لاجئين في العالم.

لماذا قررت روسيا الانسحاب من سوريا؟
تساءلت حلقة (14/3/2016) من برنامج “ما وراء الخبر” عن أبعاد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاص ببدء سحب القوات الروسية من سوريا، وعلاقة هذا القرار ببدء مفاوضات تسوية الأزمة السورية في جنيف والتقارير التي تتحدث عن توافقات بين القوى الكبرى بهذا الشأن.
وحول هذا الموضوع وصف مدير مكتب الجزيرة في موسكو زاور شوج قرار الرئيس بوتين بالخطوة المفاجئة، باعتبار أن الروس وضعوا سقفا زمنيا مفتوحا لتدخلهم العسكري، يتراوح بين 12 و18 شهرا.
وكان بوتين وجّه وزير دفاعه مساء الاثنين لبدء سحب المجموعات الروسية من سوريا، اعتبارا من غد الثلاثاء؛ نظرا “لإنهائها تنفيذ مهماتها”، وشدد -خلال اجتماع مع وزيري الدفاع والخارجية في الكرملين- على ضرورة تكثيف الدور الروسي في العملية السياسية لإنهاء الصراع في سوريا، وقال متحدث باسم الكرملين ديمتري بوسكوف إن بوتين أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد هاتفيا بالقرار الروسي.
وأشار زاور إلى أنه لا تفاصيل أوردها بيان الكرملين بشأن قرار الانسحاب سوى أنه يبدأ غدا الثلاثاء، وأن موسكو ستحتفظ ببعض التواجد العسكري في قاعدة حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس.
وأثار مدير مكتب الجزيرة مجموعة من التساؤلات بشأن الخطوة الروسية، تتعلق بتوقيتها، والأهداف التي وضعها الروس عندما تدخلوا في سوريا، وهي القضاء على ما أسموها التنظيمات الإرهابية.
وربط قرار الانسحاب من سوريا بالتصعيد العسكري في شرق أوكرانيا خلال الفترة الأخيرة، وبخطر تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات الجهادية في منطقة آسيا الوسطى، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، حيث يسعى بوتين إلى الخروج من اللعبة بأقل الخسائر.
غير أن التساؤل الكبير الذي طرحه مدير مكتب الجزيرة يتعلق بمصير الأسد، وهل سيتركه بوتين وحيدا ويتخلى عنه، وهو الذي دعمه وأسهم إلى حد ما في تغيير موازين القوى على الأرض، وما مصير مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة السورية في ضوء قرار بوتين؟
الكاتب والباحث السياسي محمد زاهد غل وصف من جهته الخطوة “بالشجاعة” التي ربما قد تكون مدخلا لإعادة تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة بعد التوتر الذي شهدته في المدة الأخيرة، ورجح أن تسهم الخطوة أيضا في خلق توازنات جديدة في المنطقة تسهم في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

توافقات سرية
وأثار غل بدوره تساؤلات حول التوافقات التي تكون قد حصلت ودفعت بوتين إلى اتخاذ هذا القرار، وقال إن الروس الذين دفعوا دفعا لدخول المستنقع السوري، يريدون تحقيق أهدافهم بالمفاوضات بعد أن فشلوا في تحقيقها على الأرض، حيث إنهم لم يتمكنوا من دحر المعارضة السورية وتقوية حليفهم الأسد.
ورأى أن الروس أدركوا أن بقاءهم العسكري في سوريا لم يعد مهما، ولم يستبعد حصول توافق بينهم وبين الأميركيين بهذا الشأن، وأن الإيرانيين أيضا أدركوا عجزهم عن تحقيق أي نصر على حساب المعارضة والشعب السوري، وحذر الكاتب والباحث السياسي السوريين من محاولات الالتفاف عليهم، وهذه المرة عن طريق المفاوضات.
أما الخبير في العلاقات الدولية جوشوا واكر فاستبعد أن يكون هناك أي تنسيق بين موسكو وواشنطن بشأن قرار الانسحاب الروسي من سوريا، وقال إن الخطوة جاءت في توقيت مهم جدا، لكنه ربطها بحسابات روسية في القرم وأوكرانيا، إضافة إلى الوضع الاقتصادي في البلاد.
وبشأن مدى تأثير الخطوة الروسية على مفاوضات جنيف، أوضح واكر أن موسكو تأمل أن تكون لها توافقات حتى تظهر كأنها انتصرت في سوريا، وأن حليفها الأسد انتصر، وأشار إلى أن الروس يدركون أن الأسد انتهى، وتساءل في السياق نفسه عن قدرة الإيرانيين على تأمين الأسد بعد انسحاب روسيا من سوريا.
وشكك واكر -وهو مستشار سابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية- في نوايا روسيا، وحذر واشنطن من أن موسكو ستواصل التنافس مع القوى الكبرى.

روسيا تسحب طائرات وتعلن مواصلة عملياتها بسوريا
عادت طائرات حربية روسية إلى قاعدة جنوب موسكو بموجب قرار مفاجئ اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بانسحاب جزئي من سوريا، لكن موسكو قالت إنها ستستمر في شن غارات على ما تسميه التنظيمات الإرهابية في سوريا.

وقال مراسل الجزيرة في موسكو زاور شاوج إن دفعة أولى تضم قاذفات من طراز “سوخوي 24” وطائرات نقل من نوع “توبوليف 154” هبطت اليوم الثلاثاء في قاعدة “فورونيج” (500 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الروسية).
وفي وقت لاحق اليوم حطت في القاعدة نفسها طائرات حربية روسية أخرى قادمة أيضا من سوريا. وشارك قائد القوات الجوية الروسية فيكتور بونداريف مئات بينهم عائلات الطيارين الروس في استقبال العسكريين العائدين من سوريا.

وأضاف مراسل الجزيرة أن طائرات النقل حملت معدات تقنية بينها رادارات كانت في قاعدة حميميم في ريف محافظة اللاذقية بشمال غرب سوريا. وقال إنه كان لدى سلاح الجو الروسي في قاعدة حيميم نحو ستين طائرة بينها قاذفات ومقاتلات وطائرات مروحية وطائرات شحن.

ونقل المراسل عن مصادر عسكرية روسية أن بضع طائرات ستظل في تلك القاعدة موضحا أن روسيا أبرمت عقدا مع النظام السوري تستأجر بمقتضاه القاعدة لمدة 25 عاما، وينص الاتفاق على إعفاء العسكريين الروس من أي ملاحقات قضائية داخل سوريا.

وعرض التلفزيون الرسمي الروسي صورا لعسكريين في قاعدة جوية روسية بسوريا وهم يحملون معدات إلى طائرات نقل لإعادتها إلى روسيا. وأظهرت الصور التي بثتها قناة روسيا 24 التلفزيونية، قوات تحمل معدات إلى طائرات إليوشن آي أل 76 للنقل الثقيل في قاعدة حميميم.

وكانت روسيا قد تدخلت عسكريا في سوريا نهاية سبتمبر/أيلول الماضي بذريعة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية عقب تفجير طائرة ركاب روسية فوق سيناء المصرية، بيد أن جل الغارات الروسية استهدفت منذ ذلك الوقت فصائل المعارضة التي توصف بأنها معتدلة والمدنيين.

وأسفرت الغارات الروسية خلال خمسة أشهر ونصف عن مقتل ما لا يقل عن 1500 مدني سوري، فضلا عن مئات من مقاتلي المعارضة السورية، وفق بعض التقديرات.

انسحاب جزئي
وفضلا عن الطائرات الحربية التي ستظل في قاعدة حميميم، ستُبقي روسيا أيضا على منظومة الصواريخ “إس 400” حتى تتأكّد من تطوّر الأوضاع في سوريا، حسب ما قاله رئيس لجنة الدفاع والأمن بالمجلس الفدرالي الروسي.

وفي الوقت نفسه، قال نائب لوزير الدفاع الروسي إن الطائرات الروسية ستواصل غاراتها على من وصفهم بالإرهابيين في سوريا. وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أمر أمس ببدء تنفيذ قرار بوتين سحب الجزء الأساسي من القوات الروسية العاملة في سوريا.

وعن الانسحاب الجزئي قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه جاء بناء على قرار الرئيس الروسي وليس نتيجة للمفاوضات.

وبررت موسكو سحب تلك القوات من سوريا بأنها أنجزت المهمة الموكلة إليها، وبرغبة روسيا في إنجاح المحادثات الجارية في جنيف بين النظام والمعارضة السوريين بوساطة الأمم المتحدة، وبناء على تفاهم بين موسكو وواشنطن.

وقال مراسل الجزيرة في موسكو إنه كما بدأت روسيا تدخلها في سوريا بنوع من الاستعراض لقوتها، فإنها أعلنت عن بدء انسحابها بنفس الصورة.

ونقل عن قائد القوات الجوية الروسية قوله أثناء استقبال العسكريين العائدين من سوريا إن بلاده أنجزت مهمتها، وإن قوات النظام السوري وقوات التحالف الدولي وفصائل من المعارضة لديها إمكانيات لمواجهة تنظيم الدولة.

ونقلت وكالة إنترفاكس عن مصدر دبلوماسي عسكري قوله إن المستشارين العسكريين الروس سيستمرون في عملهم من أجل تقديم الدعم لكوادر الجيش السوري، فيما يتعلق بالتدريب والمساعدة.

آثار 177 يوما من الغارات الروسية بسوريا
على مدى 177 يوما وبدعوى محاربة الإرهاب، أمطرت مقاتلات سلاح الجو الروسي المدن السورية بآلاف الأطنان من المتفجرات، أسفرت عن تحقيق مكاسب للنظام السوري على الأرض، وخلفت آلاف الضحايا وأضعافهم من النازحين.
بدأت الضربات الجوية الروسية يوم 30 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، ومكنت تلك الضربات قوات النظام من استعادة السيطرة على معظم ريف اللاذقية الشمالي حتى غدت قواته تعرض مناطق قوات المعارضة المسلحة في ريف إدلب للخطر, وأحكمت سيطرتها على الطرق بين المنطقتين، كما فرضت حصارا على ريف اللاذقية الشمالي.

وفي ريف حلب الجنوبي، استعادت قوات النظام مناطق واسعة وكادت تسيطر على منطقة طريق دمشق حلب الدولي تحت غطاء جوي روسي كثيف.

وفي ريف حلب الشرقي، استعادت قوات النظام السيطرة على أكثر من عشرين قرية كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وعززت حماية طريق إمدادها البري الوحيد بين حماة وحلب. وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، استولت قوات النظام على مساحات واسعة من منطقة المرج.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد خلفت الغارات الروسية 1484 قتيلا من المدنيين, وخلال الأشهر الثلاثة الأولى قتل 152 طفلا و60 امرأة في الغارات الروسية التي استهدفت 111 موقعا, لم يكن بينها من الأهداف العسكرية سوى عشرة.

وتقول منظمات معنية بالشؤون الإنسانية إن الغارات الروسية استهدفت 27 مركزا طبيا منذ بدء الغارات الجوية، و22 مدرسة ومستشفى في إدلب وحلب ودرعا واللاذقية بينها مستشفيات للأطفال.

الناشطون السوريون يحيون الذكرى الخامسة للثورة
يحيي الناشطون السوريون اليوم الثلاثاء الذكرى الخامسة لاندلاع ثورتهم ضد نظام بشار الأسد، التي بدأت بمظاهرات سلمية حاشدة تطالب بإسقاط النظام، وتطورت لاحقا إلى حرب دولية سقط خلالها أكثر من 190 ألف قتيل مدني، في حين يشهد الميدان تطورات غير مسبوقة، ويتبادل وفدا النظام والمعارضة الاتهامات في جنيف.
وتزامنت الذكرى الخامسة للثورة اليوم مع إعلان موسكو بدء تنفيذ قرارها المفاجئ بسحب القسم الأكبر من قواتها من سوريا، مع الإبقاء على وجود جوي “لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار” في قاعدة حميميم بـطرطوس السورية.

كما يتزامن ذلك مع إعلان موقع “جنوبية” الإخباري اللبناني أن حزب الله بدأ منذ نحو ثلاثة أيام سحب مئات من مقاتليه من سوريا “بشكل مفاجئ وكثيف”، لافتا إلى أن هذا الانسحاب يأتي تنفيذا لاتفاق روسي أميركي يقضي بدعم العملية السياسية في سوريا.

وتتوافق هذه الانسحابات المفاجئة مع اجتماع تقرر انعقاده اليوم في أنقرة لكبار قادة الفصائل في المعارضة السورية المسلحة، وكشف رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد أحمد بري للجزيرة أن الاجتماع سيبحث تشكيل قيادة عسكرية عليا وغرفة عمليات موحدة، بما يسمح لاحقا بالتنسيق بين هيئة الأركان وجميع الفصائل المعارضة.

ومع أن الهدنة ما زالت قائمة ولم تشهد خروقات ذات شأن هذا اليوم، فإن الساحة الميدانية تشهد تطورا خطيرا منذ أيام قد يقلب المعادلة، حيث اشتبكت جبهة النصرة مؤخرا مع الفرقة 13 التي تعد من أكبر فصائل الجيش الحر في ريف إدلب، مما أدى إلى سيطرة الجبهة على مقرات الفرقة واحتجاز عدد من مقاتليها، ثم خروج مظاهرة غاضبة بمدينة معرة النعمان أمس أسفرت عن حرق مقر للنصرة وتحرير بعض المحتجزين.

وقد أدى هذا التطور إلى توتر غير مسبوق بين جبهة النصرة وفصائل المعارضة، وتبادل الناشطون المؤيدون للطرفين اتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
مفاوضات وضحايا
ووسط هذه التطورات، تبدو ساحة المفاوضات السياسية أكثر غموضا في جنيف، فالوفد المعارض اتهم وفد النظام بمحاولة تقويض المباحثات، كما جدد وفد النظام رفضه “للشروط المسبقة”، وحذر المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا من عدم وجود خطة بديلة عن المحادثات، مهددا بأن فشل المباحثات سيعني العودة إلى الحرب وسيدفعه إلى طلب تدخل القوى الكبرى.

ويبدو أن المدنيين هم الخاسر الأكبر في هذه الأزمة، فقد سقط منهم حتى الآن 194 ألفا و208 قتلى خلال السنوات الخمس الماضية بحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أما وكالة الأناضول فقد رفعت هذه الحصيلة إلى 235 ألفا و140 قتيلا بحسب مصادرها.

ورغم فداحة هذه الحصيلة من الخسائر البشرية، فليس من الواضح الآن ما إذا كانت العدالة ستأخذ مجراها لمحاسبة المسؤولين، حيث وافق مجلس النواب الأميركي أمس على قرار غير ملزم يطالب بإنشاء محكمة دولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل أطراف النزاع السوري، وعلى رأسها النظام وحلفاؤه.

كما أقر المجلس قرارا مشابها يقضي باعتبار الجرائم التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية ضد الأقليات جرائم إبادة. وقد حظي هذا القرار بالإجماع، وصوّت ثلاثة نواب ضد القرار الأول.

فورين بوليسي: انسحاب روسيا قد يمهد لتنحي الأسد
قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن إعلان روسيا أمس الاثنين انسحابها العسكري من سوريا يوحي بأنها تنشد لنفسها مخرجا من الصراع هناك، وربما يفتح المجال أمام تشكيل حكومة يقودها شخص آخر غير بشار الأسد.
غير أن مسؤولين أميركيين حذروا من أن موسكو لم تشرع بعد في نقل معداتها وآلياتها العسكرية إلى خارج سوريا، ومن ثم فإنه من السابق لأوانه تقدير حجم القوات التي سيبدي الرئيس فلاديمير بوتين استعداده في نهاية المطاف لإعادتها إلى بلاده.
ورأت المجلة التي تُعنى بالسياسة الخارجية وتتمتع بتأثير على صانعي القرار في واشنطن، أن الانسحاب قد يعني نهاية الدعم الروسي غير المشروط للأسد ويشيع فسحة من التفاؤل بحل دبلوماسي يضع حدا لما وصفته بـ”المجزرة البشعة” في سوريا.

وقد ساعد قصف الطيران الحربي الروسي العنيف لمواقع المعارضة السورية المسلحة، نظام الأسد على تعزيز مكاسبه في غرب البلاد مما أفقد تلك الفصائل، التي يحظى بعضها بدعم أميركي، توازنها.

وذكرت فورين بوليسي أن النظام استصحب معه تلك المكاسب إلى طاولة المفاوضات الجارية حاليا في جنيف، والتي بدا أنها على وشك أن تنحرف عن مسارها قبيل إعلان بوتين المفاجئ عن الانسحاب العسكري من سوريا.

ودفعت الخلافات حول نطاق المفاوضات بين أطراف النزاع في جنيف العديد من المحللين لإبداء شكوكهم في تحقيق أي شيء عن طريقها. بيد أن قطع روسيا المحتمل لشريان الحياة الذي ظلت تمده إلى الأسد قد يضطر النظام السوري إلى تغيير حساباته.

ونقلت المجلة عن الخبير في الشؤون السورية بمركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أندرو تابلر القول “يبدو أن روسيا قد تراجع دعمها للأسد بغية الضغط عليه ليقدِّم تنازلات في طاولة المفاوضات. وحتى الآن ليس ثمة ما ينبئ بأنه مستعد للتنازل عن الكثير”.

من ناحية أخرى فإن بعض المحللين يرون أن الثقة الزائدة التي كان يبديها النظام بدأت تتلاشى تدريجيا حتى إن أحدهم وهو جوشوا لانديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، الذي ظل حتى الأسبوع الأخير على تواصل مع مسؤولين مقربين من نظام الأسد في دمشق، قال إنهم لم يعودوا يردون على اتصالاته الهاتفية، وهو أمر مفاجئ.

وأضاف “لا أحد من المسؤولين السوريين في دمشق يرد على هاتفي. هذا يقودني للاعتقاد بأنهم محبطون تماما”.

على أن صحيفة أخرى مرموقة مثل وول ستريت جورنال ترى أن انسحاب روسيا جاء بعد أن مكَّنت للأسد ورسَّخت أقدامه بما يجعله في وضع أفضل لاستغلال المفاوضات التي تنعقد بوساطة أميركية روسية.

وأشارت إلى أن بوتين بإعلانه سحب قواته يأمل انتزاع تنازلات من الولايات المتحدة وأوروبا، فهو يريد من الغرب أن يخفف عقوباته على بلاده ويدرك أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يتطلع إلى عودة العلاقات إلى طبيعتها مع موسكو.

كما أن الانسحاب قد يكون محاولة من جانب بوتين لمنح أوباما غطاء دبلوماسيا يعينه على إعادة ضبط العلاقات بين البلدين قبيل مغادرته البيت الأبيض.

وخلصت الصحيفة إلى أن التدخل الروسي لم يُنه الحرب الأهلية في سوريا، وأن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يسيطر على معظم أجزاء البلاد.

وأردفت قائلة إن مكافحة الإرهاب لم تكن يوما غاية بوتين، فقد أراد أن يُظْهِر للعالم أن روسيا تقف إلى جانب حلفائها، وأن ينتزع نفوذا جديدا لبلاده في الشرق الأوسط وأوروبا.

الصحف الروسية تعتبر الانسحاب من سوريا انتصارا
أوردت الصحف الروسية الثلاثاء أن إعلان انسحاب القسم الأكبر من القوات الروسية من سوريا يتيح لموسكو تقديم تدخلها في هذا البلد بمثابة انتصار سياسي، لكونها أعطت أولوية للتسوية السياسية بدل الغرق في النزاع.
وكتبت صحيفة كومرسانت أن “موسكو كان يمكن أن تغرق في مستنقع هذه الحرب (…) إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن سحب قواته العسكرية، وباتت لديه حجج قوية ليقول إن حملته في سوريا انتصار له”.

وتابعت الصحيفة أن موسكو لم تكن تهدف إلى تحرير كل الأراضي السورية، وهو “ما يمكن أن يستغرق سنوات دون أي ضمانات بتحقيق نتيجة إيجابية”.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا -بفضل الحملة العسكرية في سوريا- نجحت في الخروج من العزلة الدولية التي فرضت عليها بسبب النزاع في أوكرانيا، مشيرة إلى أن قرار سحب القوات لم يكن من الممكن أن يتخذ دون اتفاق مع الولايات المتحدة.

وأوردت صحيفة فيدوموستي الليبرالية أن روسيا بدأت حملتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا أساسا “بهدف التقارب مع الغرب”، و”بهدف إطلاق محادثات” السلام أيضا.

وأشارت صحف عدة إلى أن إعلان موسكو المفاجئ للانسحاب في الوقت الذي بدأت فيه جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة في جنيف بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريتين، من شأنه أن يشجع عملية السلام.

وكتبت صحيفة إيزفستيا القريبة من الكرملين أن “سحب القوات الروسية يضع حدا للتوتر الذي تثيره الغارات الجوية” الروسية، وأضافت أن “الانسحاب يظهر أيضا أن الجيش السوري بات قادرا الآن على مواجهة قوات تنظيم الدولة الإسلامية بنفسه”.

وعلق المحلل الروسي غيورغي بوفت لإذاعة بزنيس أف أم، أن “موسكو منذ البداية لم تكن تسعى إلى إنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأي ثمن، بل هدفها الرئيسي كان الخروج من العزلة الدولية وهذا ما تمكنت من تحقيقه”.

وتابع بوفت أن روسيا “حققت أقصى ما يمكن التوصل إليه دون القيام بعملية برية” فيما يتعلق بمكافحة تنظيم الدولة، متفادية أن تتحول سوريا إلى “أفغانستان جديدة”.

وأضافت الصحف الروسية أن الكرملين أراد تفادي تكرار تجربة الاتحاد السوفياتي سابقا في أفغانستان، حين خاض الجيش الأحمر حربا استمرت عشر سنوات ضد المجاهدين بين 1979 و1989.

موقع لبناني: حزب الله يسحب مئات المقاتلين من سوريا
أكد موقع لبناني أن حزب الله سحب مئات من مقاتليه من سوريا، تنفيذا لاتفاق أميركي روسي يدعم الحل السياسي في هذا البلد.
ونشر موقع “جنوبية” في وقت متأخر مساء الاثنين أن “المئات من عناصر حزب الله الذين يقاتلون في سوريا بدؤوا منذ عصر الأحد العودة إلى منازلهم بالضاحية الجنوبية بشكل مفاجئ وكثيف دون سابق إنذار”.

وكتب الموقع “عرفنا من مصادر متقاطعة ومتعددة قريبة من حزب الله أن الحزب سحب المئات من مقاتليه في سوريا، وبدؤوا العودة إلى منازلهم وقراهم في لبنان منذ نحو ثلاثة أيام.

وكشف أن هذا الانسحاب “يأتي تنفيذا لاتفاق روسي أميركي، يقضي بدعم العملية السياسية جديا في سوريا، ومن ضمن ذلك انسحاب حزب الله وتثبيت الهدنة، وجاء تتويج ذلك بإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء أمس “بدء سحب أجزاء كبيرة من القوات الروسية في سوريا”.

ولفت موقع “جنوبية” إلى أن “الحزب سيسحب جزءا كبيرا من مقاتليه في سوريا، لكن ليس جميعهم”، مرجحا أن “لا يعلن الحزب عن ذلك بشكل رسمي”.

وأورد الموقع أن “الانسحاب سيكون من مناطق مثل حلب، لكن الحزب لن ينسحب من دمشق والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية مثل القلمون والزبداني”.

دعوة أممية لبدء ملاحقة مجرمي الحرب بسوريا
قال محققون أمميون في قضايا حقوق الإنسان بسوريا إن إعداد الدعاوى ضد مجرمي الحرب يجب ألا ينتظر انتهاء الصراع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات. ودعوا أطراف الصراع إلى الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع السجناء.
وأشارت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي وثقت انتهاكات كل الأطراف ضمن قائمة سرية إلى أنه لا ينبغي أن يؤدي وقف إطلاق النار الهش في سوريا إلى حجب حقيقة أن هناك آلاف السوريين ما زالوا يعانون من جرائم حقوق إنسان خطيرة يوميا.

ولفت رئيس اللجنة باولو بينيرو إلى أنه “يتم احتجاز الآلاف وتعذيبهم، ويموت الكثير منهم في أماكن الاحتجاز”.

وقال باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق بشأن سوريا لمجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية -بينما كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا يقوم بجهود الوساطة في نفس المبنى- “الآن ولأول مرة هناك أمل بالنهاية يلوح في الأفق”.

وأضاف وقد وقف إلى جواره المفوضان كارلا ديل بونتي وفيتيت مونتاربورن “يجب ألا ينتظر اتخاذ الإجراءات التي تمهد الطريق للمحاسبة حتى التوصل إلى اتفاقية سلام نهائية ولا يحتاج إلى ذلك”.

وأشار مايكل راتني المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا إلى أن بلاده تدين “بوضوح لا لبس فيه الأعمال الوحشية التي ارتكبتها كل الأطراف لكن يجب ألا ننسى أن الشعب السوري سيتذكر دائما أن الأسد وحلفاءه كانوا منذ البداية وحتى الآن المصدر الرئيسي للقتل والتعذيب والحرمان في هذه الحرب”.

وأضاف أن نشطاء ومحققي الأمم المتحدة المستقلين “يضعون الأساس لمحاسبة مرتكبي الجرائم في المستقبل وقال “هذه ليست مسألة لو بل مسألة متى”.

وقال بينيرو إن “العدالة الجنائية ضرورية لكن في الوقت الحالي العدالة الوحيدة التي يشار إليها تكون من خلال المحاكم الوطنية للدول الأعضاء. سنواصل الدعوة إلى الإحالة إلى المحكمة الجنائية
الدولية أو إلى محكمة خاصة”.

لكنه دعا أيضا إلى اتخاذ خطوات على الفور للتخطيط لعملية طويلة الأجل للعدالة الانتقالية واحترام سيادة القانون.

وأضاف أن تنظيم الدولة الإسلامية الذي لا يشمله اتفاق وقف الأعمال القتالية مستمر في استخدام التفجيرات الانتحارية ويستغل أكثر من 3000 امرأة يزيدية في الاستعباد الجنسي.

وحث بينيرو الأطراف السورية المشاركة في محادثات السلام بجنيف على الاتفاق على إجراءات بناء ثقة تشمل الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع السجناء الذين اعتقلوا بشكل تعسفي ووضع آلية لاقتفاء أثر المفقودين.

190 ألف قتيل مدني بسوريا خلال خمس سنوات
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عدد قتلى الأزمة السورية من المدنيين بلغ 194 ألفًا و208، في حين أحصت وكالة الأناضول أكثر من 235 ألف قتيل مدني، وذلك في الذكرى الخامسة لاندلاع الثورة التي بدأت بمظاهرات ضد النظام في دمشق يوم 15 مارس/آذار 2011.

وقالت الشبكة السورية في تقرير إن عدد القتلى من المدنيين خلال خمس سنوات بلغ 194 ألفاً و208، بينهم 183 ألفاً و827 قتيلا على يد قوات النظام، وألف و984 قتيلا جراء الغارات الروسية، فضلا عن 416 قتيلا على يد وحدات حماية الشعب الكردية، إضافة إلى ألفين و196 قتيلا على يد تنظيم الدولة الإسلامية، و356 قتيلا على يد جبهة النصرة.

كما لقي 311 مدنيا حتفهم جراء غارات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وألفان و959 مدنيّا على يد المعارضة المسلحة، فضلا عن ألفين و159 شخصا على يد جماعات غير معروفة، بحسب الشبكة.

أما ضحايا التعذيب فبلغ عددهم 12 ألفا و558 مدنيا، 12 ألفاً و486 منهم على يد قوات النظام، و17 على يد وحدات حماية الشعب الكردية، و22 على يد تنظيم الدولة، و14 على يد جبهة النصرة، فضلاً عن 19 آخرين على يد جماعات غير معروفة، في حين لا يزال 180 ألف شخص معتقلين بشكل تعسفي من قبل قوات النظام، وفقا لتقرير الشبكة السورية.

كما ذكر التقرير أن 536 ناشطا إعلاميا قتلوا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأن 609 عاملين في المجال الطبي لقوا مصرعهم أيضا خلال تلك الفترة.

ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 14 ألفا و652 مدنيا جراء قصف النظام بالبراميل المتفجرة، بينهم ألفان و896 طفلا، وألفان و672 امرأة، بينما ألحقت تلك البراميل الضرر بـ4 آلاف و57 مدرسة، وألفين و146 مسجدا.

وعلى صعيد آخر، تسبب الحصار الذي يفرضه النظام على مناطق عدة في وفاة 901 شخص، بينهم 294 طفلا و189 امرأة، بحسب التقرير الصادر عن الشبكة.

أما وكالة الأناضول فقالت إنها جمعت من مراكز التوثيق السورية المحلية إحصاءات تشير إلى مقتل 235 ألفا و140 مدنيا جراء الحرب في السنوات الخمس الماضية.

كيري: نشهد أفضل فرصة لتحقيق السلام في سوريا
واشنطن – رويترز
قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري اليوم الثلاثاء إن أمام العالم فرصة قد تكون الأفضل لإنهاء الأزمة السورية الدائرة منذ خمس سنوات نظرا للانسحاب الروسي المزمع واستئناف محادثات السلام في جنيف.
وقال كيري للصحفيين إنه يخطط للسفر الأسبوع القادم إلى روسيا للاجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين لبحث الأزمة السورية.
بدأت روسيا سحب معداتها العسكرية من سوريا، حسب ما أعلنت وزارة الدفاع، الثلاثاء، بعد ساعات على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء الاثنين، سحب القسم الأكبر من القوات الروسية من هذا البلد.
وصرحت الوزارة في بيان أن “تقنيين بدأوا بتحضير الطائرات لرحلات طويلة المدى إلى قواعدها في روسيا”، مضيفة أن القوات العسكرية تقوم بتحميل معدات وتجهيزات على متن هذه الطائرات.
وكان بوتين أعلن مساء الاثنين أن بلاده مستعدة لسحب القسم الأكبر من قواتها العسكرية المنتشرة في سوريا منذ 30 سبتمبر، وذلك بعد أسبوعين على بدء العمل بوقف إطلاق النار.
وجاء القرار الروسي في اليوم الأول من انطلاق المحادثات غير المباشرة في جنيف حيث التقى الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا كبير مفاوضي وفد النظام السوري بشار الجعفري.

المعارضة السورية: نطالب بحكومة انتقالية ذات سلطات كاملة
سالم المسلط: انسحاب روسيا ينهي ديكتاتورية الأسد
العربية.نت
أعلن المعارض السوري جورج صبرة، في مؤتمر صحافي بجنيف، الثلاثاء، أن المعارضة قدمت إلى المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا وثيقة بشأن حكومة انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة.
وفي وقت سابق نقلت وكالة الإعلام الروسية عن سالم المسلط، المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية في محادثات جنيف قوله، اليوم الثلاثاء، إن المعارضة ليست ضد “المحادثات المباشرة مع الحكومة السورية”.
ونسبت الوكالة إلى المسلط قوله “لسنا ضد بدء محادثات مباشرة”.
وأعرب سالم المسلط، المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية عن أمله بأن يدفع أصدقاء سوريا باتجاه إنجاح محادثات جنيف. وشدد على رفض بقاء الأسد، قائلاً “نحمل معنا قرار الشعب السوري الرافض لبقاء الأسد في المستقبل”.
وعن إعلان روسيا انسحاب قواتها جزئياً من سوريا قال المسلط للصحفيين في جنيف:” إن سحب القوات الروسية يمكن أن يساعد في وضع نهاية لدكتاتورية بشار الأسد وجرائمه”. وأضاف:” نتمنى أن نرى إيجابية تلك الخطوة بتطبيقها على الأرض”، مشدداً على أنه لا يمكن التنجيم بما يحمله بوتين في عقله. وتابع: “نتمنى أن تكون العلاقة جيدة مع الشعب الروسي ونأمل بتصحيح الخطأ الفادح الذي ارتكبته روسيا في سوريا”.
وأشار إلى أن المعارضة تطالب بانسحاب كامل لكافة الجيوش والميليشيات الأجنبية.
إلى ذلك، أكد وفد المعارضة السورية في جنيف على أن المعارضة بمختلف أطيافها تؤكد على وحدة التراب السوري.

أول رئيس للمجلس الوطني السوري: انتهت الحرب في سوريا
العربية.نت
غرّد المعارض السوري، الدكتور برهان غليون، على حسابه الرسمي بتويتر، معلناً نهاية الحرب السورية “انتهت الحرب السورية”، مستبقاً بذلك المفاوضات.
وجاءت التغريدة بعد قرار الانسحاب الروسي من سوريا والبدء فعلاً بعملية الانسحاب.
ولاقت التغريدة استغراباً في المجتمع السوري المعارض، وعبر العديد من النشطاء عن استغرابهم من هكذا تغريدة تعطي آمالاً كبيرة للسوريين قبل حتى أن تظهر وتتضح الصورة بالكامل.
وأظهر غليون “المفكر الاجتماعي السياسي، وأول رئيس لجسم معارض بعد الثورة (المجلس الوطني السوري)” لصحيفة “الشرق الأوسط” في حديث اليوم، تفاؤلاً كبيراً بالمفاوضات التي بدأت اليوم، وقال “لن تكون هناك مصالحة سريعة، لكن لن تكون هناك في نظري انتقامات كما يتصور البعض”. وأضاف “هذا يحتاج أولا إلى تطبيق العدالة في حدها الأدنى، ويساق المجرمون والقتلة المعروفون إلى العدالة. وثانيا أن يتنادى العقلاء من المثقفين والسياسيين ورجال الدين والعلماء والفنانين للعب دور إيجابي في إحياء الهوية السورية والتأكيد عليها، ليس في مواجهة الهويات والعصبيات الجزئية، وإنما في موازاتها من أجل العمل على تجاوز أفكار الكراهية والعنصرية”.
وحول الفترة الانتقالية قال غليون للصحيفة “بعد فترة انتقالية سيغلب عليها الفوضى والتشتت اللذان نشهدهما في الساحة الآن ويعكسان تشكيلات الماضي وعيوب ثقافته السياسية، سوف تتبلور حياة سياسية أكثر جدية وانسجاما. لكن يتوقف هذا أيضا على طبيعة النظام السياسي الذي سيقوم في البلاد وحجم التدخلات الأجنبية ووتيرة العودة إلى التعافي الاقتصادي والاجتماعي. أما في نظام يشجع على تجييش العصبيات الطائفية والقومية سوف نعيش حالة دائمة من التفتت والصراع، وسيكون من الصعب تكوين أحزاب تستقطب تيارات سياسية وأيديولوجية قوية تغطي الفضاء الوطني بأكمله ولا يقتصر نفوذها على المناطق والأحياء والطوائف”.

ثلاثة مواقف عصفت بعلاقة بوتين بالأسد
آخرها خط وليد المعلّم الأحمر الذي أطار صواب الروس
العربية.نت – عهد فاضل
ثلاثة أيام فصلت ما بين تصريحات للأسد في لقاء مع مجلس نقابة المحامين بتاريخ 15 فبراير الماضي، ورد روسيا على ما جاء فيها من “تخريب” لتفاهمات روسيا مع الدول الفاعلة في العالم.
وهو الرد والموقف الأكثر صلابةً وانتقاداً لسياسة رئيس النظام السوري بشار الأسد، من قِبل حليفه الروسي، في الثامن عشر من شهر فبراير الماضي، عندما توجّه فيتالي تشوركين بـ”نصيحة” حادة المذاق يخيّر فيها الأسد ما بين الخروج بكرامة من الأزمة، أو أن الوضع سيكون صعباً للغاية.
استعادة الأراضي ومواصلة القتال
كان هذا اليوم “مشهوداً” برأي كل المحللين السياسيين والمراقبين الذين التقطوا الإشارات الواردة في تحذير تشوركين عالي اللهجة. واتفقت أغلب التحليلات حينها، أن القادة الروس منزعجون من تصريح الأسد حول “استعادة كامل الأراضي” عبر مواصلة القتال، وكذلك تفسيره للمرحلة الانتقالية، حسب وجهة نظره التي أطارت صواب الروس، بأنها انتقال من الفوضى إلى الاستقرار.
وعلى الرغم من أن تشوركين قد أردف تصريحاته المحذرة للأسد بأنها “مجرد تقييم شخصي” إلا أن قوله عن تصريحات الأسد إنها “لا تنسجم مع الجهود الدبلوماسية لروسيا” أعطت تحذيره صبغة رسمية واضحة، بكل المقاييس.
فقد نقلت جريدة “الحياة” اللندنية بعددها الصادر بتاريخ 19 فبراير الماضي، تصريحاً لديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين، يتحدث فيه عن أن “وسائل إعلام روسية تعتبر تصريحات الأسد خلال لقاء مع مجلس نقابة المحامين لا تتوافق مع مضمون الاتفاقات الأخيرة التي توصلت إليها مجموعة دعم سوريا”، ونقلت عن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن “بشار الأسد وأطرافاً أخرى في الصراع يجب أن يستمعوا لنصيحة موسكو”.
من جهة أخرى، ذكرت الأنباء التي تناقلتها عدة وسائل إعلامية في اليوم التالي لتصريحات تشوركين، أن وزير الخارجية الروسي لافروف تقدّم باستقالته. ليتبين في ما بعد أنها إما مجرد شائعة، أو أنها كانت تعكس توتراً في دائرة صناعة القرار الروسي من “تصرفات” الأسد التي تصب مباشرة في إحباط تفاهمات لافروف مع شركائه الأميركيين والأوروبيين والعرب بطبيعة الحال.
الدعوة لانتخابات برلمانية تتناقض مع القرار 2254 الخاص بسوريا
إلا أن فيتالي تشوركين حاول “تطويق” ذيول تصريحات الأسد القائلة باستمرار الحرب واستعادة كل الأراضي، من خلال قوله: “لا ينبغي التركيز على ما يقوله الأسد، بل على ما سيفعله”. وتؤكد كل الأنباء التي صدرت من العاصمة الروسية موسكو أن تصريحات الأسد انتهت عند هذا “التطويق” ثم توقفت ردود الأفعال، كلياً، ريثما تأتي الخطوة الثانية من الأسد، بإصدار مرسوم جمهوري يحدد فيه موعداً لانتخابات مجلس الشعب.
فقد قالت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم الخارجية الروسية، في تعليق منها على إعلان الأسد إجراء انتخابات نيابية في ابريل القادم، إن هذه الانتخابات يجب أن “تجري على أساس اتفاقات بين الحكومة السورية والمعارضة”. ثم شدّدت على موقف بلادها المتمسّك “بكل الاتفاقيات الخاصة بمضمون ومراحل عملية التسوية السياسية للأزمة السورية”.
وقام الأسد بإيفاد المستشارة في القصر الجمهوري بثينة شعبان في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، إلى موسكو لتشرح موقفه للسياسيين الروس، حيث قالت شعبان حينها وفي لهجة اعتبرها مراقبون “تخلو” من الدبلوماسية ولياقات التخاطب، إن “المنطق الذي ينتقد الإجراءات الدستورية في سوريا يهدف إلى التغطية على تقصير الآخرين” على حد قولها الذي صب ضدّ الروس مباشرة، لأنهم أول طرف دولي انتقد تحديد موعد للانتخابات البرلمانية في سوريا!
في المقابل، وبذات الطريقة التي “طوّق” بها الروس ذيول تصريحات الأسد في مجلس نقابة المحامين، تم “تطويق” ذيول إعلان إجراء انتخابات برلمانية، فصرّح الروس رسمياً بأن إجراء الانتخابات “لن يعرقل عملية السلام” في سوريا. تبعاً لما نقل عن الكرملين في الرابع من الجاري، حيث أكد أن بوتين أجرى اتصالات هاتفية بعدد من القادة الأوروبيين أخبرهم فيها أن إعلان الأسد عن انتخابات برلمانية في ابريل القادم “لن يعرقل عملية السلام”.
قنبلة “الخط الأحمر” التي فجّرها المعلّم
ثالثة الأثافي، كانت بالمؤتمر الصحافي الذي عقده وزير خارجية الأسد، قبيل توجه وفد النظام إلى جنيف لعقد مباحثات مع المعارضة السورية يفترض أنها ستتناول قضية هيئة الحكم الانتقالي وإجراء انتخابات رئاسية.
فقد أطلق المعلم عدة تصريحات لم يقو معها الروس على “التطويق” كما سبق ونجحوا في تصريحات الأسد مع مجلس نقابة المحامين، وفي “تطويق” ذيول قراره بالانتخابات النيابية مع ما تحمله من تعارض مع الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها القرار 2254.
قال المعلم إن البحث بمصير الأسد غير مطروح في جنيف، ونفى أن يكون هناك “وثائق” دولية تتحدث عن ذلك، ثم قطع بأن رئيسه “خط أحمر” وأن وفده لن يناقش هذه المسألة مع المعارضة، لأن “مقام الرئاسة مِلك للشعب السوري” على حد زعمه الذي “أطار” صواب الروس، لما يحمله من نسف لكل التفاهمات التي أجرتها روسيا مع الأميركيين والأوروبيين والعرب.
هنا، أُسقِط في يد الروس، خصوصا بعد قول وزير الخارجية الأميركي: “إذا اعتقد النظام وحلفاؤه أنهم قادرون على اختبار صبرنا أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداته، من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة، فإنهم واهِمون”.
على الفور، وبعد ساعات قليلة جدا من “تهديد” كيري. أعلن بوتين عن سحب قوات أساسية من سوريا. في إشارة قاطعة للأسد، إذا لم تلتزم التعهدات الدولية بهيئة الحكم الانتقالي والانتخابات الرئاسية، فأنتَ وحدك في معركة لا أمل لك فيها بـ”الخروج بكرامة” لو لم تحذُ حذو روسيا، كما قال فيتالي تشوركين حرفياً، الأمر الذي دفع بالصحافة الروسية، أمس الاثنين واليوم الثلاثاء، إلى التركيز على تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير والتي قال فيها إن الأسد لن يرحل “إنما سيُقتَل”.

منظمة كير: السوريات وضعن تحت ضغوط هائلة منذ بدء الأزمة
عمان – نادر المناصير
أكدت “منظمة كير العالمية” أن النساء السوريات وضعن تحت ضغوط هائلة خلال سنوات الحرب الخمسة، وأنهن يكافحن لسد ثغرات حاجات عائلاتهم المادية، وفي الخدمات العامة المتدهورة.
وأوضحت “كير” في تقرير جديد أطلقته، الثلاثاء، تحت عنوان “النساء والعمل والحرب” أثر الحرب في سوريا على سبل عيش النساء السوريات ومعاناتهن في توفير احتياجات أُسَرِهن والمخاطر التي يتعرضن لها خلال قيامهن بذلك.
وأضاف التقرير الذي حصلت “العربية.نت” على نسخة منه، أنه فيما يذهب الرجال للمشاركة في الحرب أو يتعرضون للقتل أو يعودون إلى سوريا من البلدان المجاورة فإن مزيداً من المسؤوليات تقع على عاتق النساء.
وأشار التقرير إلى أن هناك تحولاً جذرياً في دور النساء في الأزمة السورية، مفسراً ذلك بما تشكله النساء قبل الحرب بنسبة 22 في المائة فقط من القوى العاملة الرسمية، فيما تشكّلن حالياً خُمس أرباب الأسر السورية.
ونقل التقرير عن مديرة منظمة كير العالمية في الأردن، سلام كنعان قولها بأن النساء يقمن بمضاعفة جهودهن من خلال دورهن كمعيل وتحديداً بين العائلات التي ترأسها النساء، بينما تضطر أخريات للقيام بموازنة صعبة بين توفير الدخل لعائلاتهن ومواجهة رفض أزواجهن وأقاربهن الذكور لهذا الدور الجديد؛ حيث إن التقاليد تفرض أن يكون الرجل هو المعيل الرئيسي.
وتشكل النساء ما يقارب 35 في المائة من أرباب الأسر السورية بين اللاجئين في المنطقة بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، حيث يعاني الرجال عادةً في بحثهم عن عمل غالباً بسبب تعرضهم للتمييز كونهم لاجئين، ما من شأنه أن يعرض النساء للمزيد من التهديدات، كالتحرش الجنسي والاستغلال.
ويقول المدير الإقليمي للأزمة السورية في منظمة كير ريتشارد هاملتون إن النساء تضطر في مناطق مختلفة من سوريا كانت قد انقطعت عنها خدمات المياه والوقود والدواء للسير لمسافاتٍ طويلةٍ لحمل حطب الوقود أو نقل الماء، بل وتواجههن أحياناً نيران القناصين في الجبهات فيما يقمن بإدخال مواد طبية ضرورية بشكل سري إلى مناطق محاصرة.
دورات إسعاف بل الخياطة
وتطالب المنظمة مع انعقاد الدورة الستين للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة في نيويورك هذا الأسبوع، بتركيز الاهتمام بحاجات النساء في الأزمات عبر ضمان أن تحصل النساء على المنبر والمساحة المطلوبة لإيصال أصواتهن حتى يكنّ جزءاً فعالاً من حل الأزمة.
وفي هذا السياق، يقول هاملتون: “غالباً ما تطرح المنظمات الإنسانية فرضياتٍ بشأن قدرة النساء وما يرغبن بالقيام به فيما يتعلق بفرص سبل العيش والتعليم، فيما طالبت النساء شركاءنا داخل سوريا بأنهن بحاجة لدورات إسعاف أولي واستجابة طوارئ أكثر من دورات الخياطة، وعلينا أن نستمع لهنّ”.

الانسحاب الروسي.. وظلال الحل السياسي لأزمة سوريا
مفاوضات جنيف 2 فشلت عقب القصف الروسي على شمال سوريا
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
يبدو أن المفاوضات الجارية في جنيف بين الأطراف السورية بدأت تدخل منعطفا حاسما، إذ ألقى قرار روسيا بسحب الجزء الأكبر من قواتها من سوريا بظلاله على مسار المفاوضات، وباتت هناك معطيات جديدة وانتعشت أجواء انعقاد هذه المحادثات.
فالمعارضة السورية من جانبها تتحدث عن أجواء إيجابية وجدية تسود محادثات جنيف، ولأول مرة يتم الحديث عن وضع جدول أعمال للمحادثات، أساسه بحث آلية تنفيذ فترة الحكم الانتقالي في سوريا.

إلا أن هناك مزيدا من التكهنات قد ثارت بشأن تأثير هذا القرار على مجريات المفاوضات، فالمعارضة السورية وبشكل حذر رحبت بهذا القرار، لكنها تريد التحقق من تنفيذه واقعا على الأرض.

واعتبر المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، انسحاب القوات الروسية من سوريا تطورا مهما في مفاوضات السلام، معربا عن الأمل في أن يكون له “تأثير إيجابي” على مفاوضات السلام في جنيف.

فالقرار الروسي، من وجهة نظر مراقبين، قد يكون بمثابة دفع الحكومة السورية إلى إبداء مرونة في مواقفها خلال محادثات جنيف، في ظل أنباء تؤكد انزعاج موسكو من مواقف متعنتة صدرت مؤخرا عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

إلا أن هناك تساؤلا بات مطروحا في الساحة الدولية، وهو هل يمهد قرار الانسحاب الروسي من سوريا على مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في استمراره كرئيس للبلاد، إضافة إلى مصير المفاوضات بين النظام والمعارضة السورية؟

واللافت أن وفد الحكومة السورية كان دائما يعارض بحث مستقبل قيادة الرئيس السوري للبلاد، وأن المفاوضات لا تعني رحيل الأسد، إلا أن التطورات الأخيرة قد تمهد لهيئة الحكم الانتقالي التي تطالب بها المعارضة.

من جانبه، قال المتحدث باسم وفد المعارضة، سالم المسلط: “إذا كانت خطوط الوفد الحكومي الحمراء هي رحيل الأسد، فإن خطوطنا الحمراء هي نصف مليون شهيد سوري”.

ميدانيا، القرار قد يغير من التوازنات على الأرض، لأن القرار يعزز من فرص الجيش السوري الحر، بعد أن فقدت القوات الحكومية أحد أهم الأذرع الداعمة لها في مواجهة المعارضة، إلا أن هناك حديث عن استمرار القصف على الجماعات المتشددة التي لم تحددها روسيا.

وإن كانت روسيا بقصفها السابق على مناطق شمالي سوريا قد ساهم في إفشال مفاوضات جنيف 2، التي تأجلت بعد تغير موازين القوى في مناطق الشمال وعزز القصف الروسي لمواقع المعارضة من تواجد الجيش السوري في مناطق لم يكن له موضع قدم من قبل واسترد على إثر ذلك السيطرة على مناطق كانت للمعارضة السيطرة عليها.

ويبدو جليا أن مسار المفاوضات ستتأثر كثيرا بالقرار الروسي، الذي قد يمهد لإنشاء توازنات جديدة في المنطقة قد تسهم لاحقا في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

مستشارة الأسد ترد لـCNN على فرح المعارضة السورية بانسحاب روسيا: يرسلون رسائل إعلامية لرفع معنوياتهم
بثينة شعبان: لقد تم تحرير مئات القرى، وكذلك العديد من المدن من العصابات المسلحة، وأجزاء كبيرة من سوريا محررة الآن … ووزارة الدفاع الروسية أعلنت أن الحرب ضد الإرهاب ستستمر. ونحن سعداء أيضا أن نرى التنسيق الأميركي الروسي في مكافحة الإرهاب. لذلك كل الخطوات التي تبذل من قبل الروس هي الخطوات الصحيحة نحو التسوية السياسية وأيضا نحو مواصلة مكافحة الارهاب.

بيكي: حسناً، رد المعارضة كان “مغادرة الروس سيكون جيداً للشعب السوري وسيضعف النظام السوري” هل توافقين على ذلك؟

بثينة شعبان: بالطبع أنا لا أتفق، تعرفين بيكي إذا قمت بمراجعة سجل المعارضة منذ بداية الحرب على سوريا حتى الآن، ستجدين أنهم لم يكونوا قط قادرين على التحدث عن الواقع كما هو، وهم دائماً يقومون بإرسال رسائل إعلامية من شأنها إبقاء معنوياتهم مرتفعة ويحاولون إظهار أن أهدافهم على وشك أن تتحقق.

بثينة شعبان: وفدنا في جنيف لديه التعليمات ليكون مستعداً من أجل المساعدة قدر الإمكان للتوصل إلى تسوية سياسية. ومنذ بداية الحرب على سوريا، والحكومة السورية لا تدخر أي جهد من أجل محاولة وضع حد لهذه الحرب على سوريا والآن كل الخطوات المتخذة من قبل الروس أو من قبل الحكومة السورية تسير في هذا الاتجاه، ووضع حد لإراقة الدماء وإحلال السلام والأمن في سوريا.

محللون: الأسد قد يطلب اللجوء إلى إيران.. وفرانكونا لـCNN: بوتين يعلم أن على الأسد الرحيل وقد يدفعه للتسوية بجنيف
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)— قال ريك فرانكونا، محلل الشؤون العسكرية في CNN إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعلم أن على بشار الأسد الرحيل، وأنه لن يغامر كثيرا في سوريا في سبيل انقاذ الأسد وحسب.

جاء ذلك في مقابلة لفرانكونا على CNN حيث قال: “قد تدفع روسيا بشار الأسد لقبول تسوية في محادثات جنيف، بوتين يعلم أن الأسد عليه أن يذهب، ولن يغامر في سبيل انقاذ الأسد في سوريا.”

وتابع فرانكونا: “إن النظام السوري وبسبب التدخل الروسي في وضع قوي بمحادثات جنيف،” إلا أن محللين يقولون إن بوتين لا يبالي إن كان النظام بوضع قوي طالما ضمن تواجدا لروسيا في سوريا.

ولفت المحللون إلى أن بوتين قد يضغط على الأسد لقوب لتسوية خلال محادثات جنيف مثل أن يقبل الأسد باللجوء إلى إيران على سبيل المثال.

محللة توضح كلفة العمليات الروسية في سوريا.. ومحلل لـCNN: بوتين سحب قواته من سوريا بسبب المصروفات
محللة توضح كلفة العمليات الروسية في سوريا.. ومحلل لـCNN: بوتين سحب قواته من سوريا بسبب المصروفات
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)— قال جيمس غيلفن، بروفيسور التاريخ بجامعة كاليفورنيا بلوس انجليس إن السبب الذي يقف وراء قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سحب قواته من سوريا هو عدم قدرة بلاده تحمل التكاليف أكثر من ذلك.

اقرأ: (محللة تبين لـCNN كلفة عمليات روسيا بسوريا: موسكو لن تتحمل أكثر من 4 أشهر.. إطلاق صواريخ كروز كلف 30 مليونا.. و500 مليون لبناء القاعدة عدا التكلفة اليومية)

وتابع غيلفن في مقابلة مع CNN: “لم يكن بوتين يتوقع أن يستعيد كل الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش وفصائل المعارضة الأخرى، ولكن دور روسيا أثر وإلى حد كبير في صالح النظام والقوات الحكومية.”

وأضاف غيلفن: “بوتين سحب قواته حتى يعلم الأسد أن سوريا أصبحت لوحدها وينبغي عليها التفاوض،” مشيرا للمحادثات الجارية في جنيف.

ويذكر أن تصريحات غيلفن تأتي بعد إعلان بوتين أن سحب القوات هو لتحقيق الهدف العام لوزارة الدفاع في مهمتها بسوريا، في حين يؤكد النظام السوري على أن هذا الانسحاب جاء مدروسا وبالتنسيق بين بوتين والأسد.

لافروف بعد سحب قوات روسيا من سوريا: لم نتخذ هذا القرار لنيل إعجاب أحد
موسكو، روسيا (CNN)— قال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إن قرار الرئيس فلاديمير بوتين بسحب القوات الروسية من سوريا لم يتم اتخاذه لنيل إعجاب أحد، وذلك بحسب ما نقلته وكالة أنباء سبوتنيك الروسية الحكومية.

وتابع لافروف: “لم تتخذ هذه القرارات لنيل إعجاب أحد ما أو ليمدحنا شخص ما، لقد انطلقنا من مصالح الشعب السوري ومنطقة الشرق الأوسط وحشد أقصى قدر من الدعم الدولي في مجال مكافحة الإرهاب.”

وأضاف: “لقرار الذي تم الإعلان عنه أمس، اتخذه الرئيس الروسي في اليوم، الذي بدأت فيه المفاوضات السياسية في جنيف برعاية الأمم المتحدة… وبطبيعة الحال، فإن بدء المفاوضات سوف يتطلب المزيد من العمل المكثف من قبل روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة”.

المعارضة السورية: انسحاب روسيا يؤكد فشل محاولة انقاذ الأسد وكسر التدخل الخارجي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— قال أحمد رمضان عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا، إن قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بسحب قواته من سوريا، يؤكد الفشل في محاولة انقاذ بشار الأسد.

جاء ذلك في تقرير نشره الموقع الرسمي للائتلاف على لسان رمضان حيث قال: “القرار الروسي ببدء الانسحاب العسكري من سورية؛ يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، ويؤكد صمود الشعب السوري ونجاحه في كسر موجة التدخل الخارجي وفشل محاولات إنقاذ الأسد ونظامه.”

وتابع رمضان “المطالبة بانسحاب جميع القوات والميليشيات الأجنبية من سورية، وفي المقدمة منها الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له،” مؤكدا على أنه “ليس من مصلحة روسيا وإيران الاستمرار كقوة احتلال في سورية، في ظل إصرار الشعب السوري على التحرر مهما بلغت التضحيات.”

ولفت إلى أن “رفع روسيا الغطاء العسكري يجب أن يتبعه رفع الغطاء القانوني عن الأسد وأركان نظامه في مجلس الأمن الدولي، بما يسمح بتقديمهم للمحاكمة لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.”

دي ميستورا: سحب القوات الروسية في يوم استئناف المفاوضات تطور هام للتوصل إلى الانتقال السياسي في سوريا
جنيف، سويسرا (CNN)– علق مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا، الثلاثاء، على سحب القوات الروسية، بأنه تقدم إيجابي، مشيرا إلى تزامن القرار مع استئناف المفاوضات حول الأزمة السورية.

إذ قال دي ميستورا: “إن إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في اليوم ذاته من بداية هذه الجولة من المحادثات السورية في جنيف يمثل تطورا هاما، والتي نأمل أن يكون لها تأثير إيجابي على سير المفاوضات في جنيف، التي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي للصراع السوري والانتقال السياسي السلمي في البلاد.”

ويأتي تعليقه بعدما أعلن بوتين قرار سحب القوات الروسية من سوريا، الاثنين، وإعلان وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، مغادرة أول مجموعة من الطائرات الروسية من قاعدة حميميم السورية، في طريقها إلى روسيا، وأن جميع الطائرات ستغادر في دفعات.

وكان دي ميستورا قد قال في مؤتمر صحفي، الثلاثاء: “ناقشنا عددا من القضايا مع وفد النظام السوري حتى نكون على فهم مشترك لمسائل المفاوضات.. ومن السابق لأوانه التعليق على عدد من المسائل، مضيفا أنه إذا لم يلاحظ وجود استعداد للتفاوض بين أطراف الأزمة السورية فإن النتيجة ستكون بإرجاع القضية إلى موسكو وواشنطن إلى جانب مجلس الأمن.

معارض: ليس من مصلحة السوريين خروج روسيا من الساحة كلياً
روما (15 آذار/مارس) وكالة (آكي) الايطالية للأنباء
قال معارض سوري إنه ليس من مصلحة السوريين خروج روسيا من الساحة كلياً، لأن ذلك سيؤثر سلباً على المفاوضات الجارية في جنيف، ورأى أن لقرار انسحابها أكثر من سبب، وشدد على أن النظام وإيران هما الخاسران.

وقال المعارض موسى أحمد النبهان لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “لابد من قراءة متأنية وغير متسرعة لقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ينص على سحب القوات الروسية من سورية بعد أن أنجزت مهمتها حسب زعمه، فهكذا قرار يستوجب الوقوف على المعطيات والبواعث التي أفضت لاتخاذه واختبار مدى جديته”.

وأضاف “نحن لا نستبعد أن القيادة الروسية قد استشعرت مؤخراً بعمق التورط الذي أوقعت نفسها فيه، من خلال تدخلها السافر في الأزمة السورية، مما دفعها للسعي وراء مخرج براغماتي ربما يوفر عليها التكاليف الباهظة اقتصادياً ومعنوياً لهذا التورط”. وأردف “كلنا لاحظ في الآونة الأخيرة كيف أن موسكو وعبر وسائل إعلامها كانت قد ألمحت لذلك، إذ أنها راحت تشير إلى خيبة الأمل الروسية من الأسد ونظامه، وأن صبرها أوشك على النفاذ، بسبب أسلوب النظام السوري اللا مسؤول في حل الأزمة السورية، مما جعل القيادة الروسية تقتنع بأن الدعم المكلف لهكذا نظام فاشل سيكون غير ذي جدوى”، وفق قوله.

لكنّه في نفس الوقت لم ير الانسحاب الروسي العسكري انسحاباً من المشهد السوري، وقال “لن تنسحب موسكو من المشهد السوري بشكل فعلي وكلي، وقرارها هذا ربما تود أن ترسل من خلاله عدة رسائل تبدأ بردع للنظام الأسدي وحلفائه الإيرانيين، فموسكو اليوم تسعى جاهدة لنجاح مفاوضات جنيف وتريد أيضاً لمرحلة الحكم الانتقالي أن يُكتب لها النجاح، والرسالة الأهم يؤكد فيها للنظام السوري ولإيران بأنه صاحب القرار في سورية”، حسب رأيه.

وأوضح “لقد تعهدت روسيا في الاجتماع الأخير في العاصمة النمساوية فيينا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وتركيا، لإنجاح المفاوضات بين نظام الأسد والمعارضة السورية، وهذا التعهد يُلزم الجانب الروسي بأن يتحقق، وبموضوعية أكثر”.

وتابع “ليس من مصلحة أحد أن يخرج الروس من الساحة السورية كلياً، وخصوصاً في هذه المرحلة، فالخروج الروسي بشكل كامل سيؤثر سلباً على سير المفاوضات الجارية مؤخراً في جنيف، وباعتقادي هناك اتفاق مسبق أُبرم في فيينا ينص على الخروج الروسي من مناطق معينة في سورية، لتحل مكانها قوات عربية وإسلامية، مع تعويم للكتائب الإسلامية المعتدلة كي تحل محل الوجود الكردي، وذلك لتعرية كل من الأسد وتنظيمي داعش والنصرة، ولكن هذا السيناريو المتفق عليه مسبقا كان مقرر له أن يحدث بعد نجاح المفاوضات وبدء مرحلة الحكم الانتقالي وليس قبلها”. ورأى أن “قرار الرئيس بوتين هو عبارة عن رسالة تحذيرية للأسد كي يجبره على الانخراط في المفاوضات وإنجاحها، ومما لا شك فيه، فإن الخاسر الأكبر من قرار الانسحاب العسكري الروسي من سورية هما النظامان السوري والإيراني. وأخيراً فإن اختبار الجدية الروسية تكمن اليوم، عندما لا تقوم الاخيرة باستخدام حق النقضفي مجلس الأمن الدولي لصالح نظام الأسد، إذ أن الفيتو الروسي كان قد قتل من السوريين الأبرياء أكثر مما قتلت الطائرات الروسية منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سورية، ونأمل أن تراهن روسيا على الشعب السوري فقط وليس على نظام مارق”، على حد تعبيره.

وبغض النظر عن الأسباب، فإن المعارض السوري لؤي صافي رأى أن “سحب روسيا لقواتها العسكرية هو فرصة على المجتمع الدولي استغلالها، وقال لـ آكي “أمام المجتمع الدولي فرصة للضغط على النظام وحلفائه للاستفادة من مفاوضات جنيف لبدء علمية انتقال سياسية تحول دون دخول منطقة المشرق بأكملها في صراع سيهدد مستقبل الاتحاد الأوربي والمنظومة العالمية، وسيفتح المجال لتمدد قوى التطرف لا في المشرق العربي وحسب، بل في أوربا حيث بدأت القوى اليمينية المتطرفة بتوظيف التهجير الذي يفرضه نظام الأسد وحلفائه على الشعب السوري لتوسيع نفوذها وتغيير الأوضاع السياسية بصورة عميقة في القارة العجوز”.

المعارضة السورية المسلّحة تسعى لتشكيل مجلس عسكري مشترك
روما (15 آذار/مارس) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
بدأ اليوم الثلاثاء قادة فصائل سورية مقاتلة اجتماعاتهم اليوم في أنقرة بتركيا لمناقشة صيغة عمل موحدة يمكن أن تُسهّل تشكيل مجلس عسكري، تضبطه غرفة عمليات مشتركة.

ويشارك في الاجتماع نحو ثلاثين فصيلاً معارضاً، أبرزها جيش الإسلام وأحرار الشام والجبهة الشامية وفيلق الشام بالإضافة إلى فصائل من الجيش السوري الحر، منها الفرقة الساحلية والشمالية.

ويحظى الاجتماع، الذي يأتي بعد لقاء تمهيدي عُقد قبل عشرة أيام، برضى سعودي وتركي. ومن المرجّح أن يرأسه المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، ويتمثل كل فصيل مقاتل بأكثر من قيادي، وهذه الفصائل هي من تلك الموافقة على الحل السياسي للأزمة السورية.

ووفق مشاركين في الاجتماع، من المفترض تشكيل قيادة عسكرية عليا وغرفة عمليات موحدة تُنسّق بين هذه الفصائل في مختلف المناطق السورية.

ويُعتبر توحيد المعارضة المسلحة مطلباً لتيارات وقوى المعارضة السورية السياسية، وشهدت الساحة السورية تشكيل مئات الفصائل المسلحة التي رفض الكثير منها مبدأ الاندماج أو الانضباط تحت قيادة عسكرية واحدة. وتتحدث بعض المصادر عن وجود نحو 350 فصيلاً مسلحاً معارضاً للنظام في سورية، بعضها يضم الآلاف من المقاتلين، وبعضها لا يتجاوز عدد مقاتليه العشرات.

الأمم المتحدة: المحادثات الجديدة “لحظة حاسمة” لسوريا
وصف مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا المحادثات الجديدة في جنيف بأنها “لحظة حاسمة”.
ولكن لا يبدو أن أيا من الحكومة السورية أو المعارضة مستعدتان للتنازل بشأن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد.
ويأمل الدبلوماسيون في استثمار هدنة جزئية وهشة بدأ تطبيقها في نهاية فبراير/شباط.
وتأتي المحادثات في الوقت الذي وردت فيه تقارير عن شن القوات الحكومية على مواقع تنظيم “الدولة الإسلامية” بالقرب من تدمر.
وشاركت المقاتلات السورية والطائرات المروحية والقوات البرية في الهجوم على تدمر، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، ومقره بريطاينا.
واستولى تنظيم “الدولة الإسلامية” على تدمر في مايو/أيار الماضي، وتشير صور إلى أن التنظيم قد يكون دمر جزءا كبيرا من الآثار التاريخية في البلدة الموضوعة على قائمة اليونسكو للتراث الإنساني.
ووردت تقارير الاثنين أيضا عن مظاهرات ضد جبهة النصرة في المنطقة التي تسيطر عليها شمال غربي سوريا.
وتمثل المحادثات بزعامة الأمم المتحدة أول تدخل دبلوماسي جاد منذ بدء روسيا هجماتها الجوية في سبتمر/أيلول الماضي.
وقال دي ماستورا متحدثا قبل المفاوضات إن “أم القضايا” هي التحول السياسي وإن البديل الوحيد هو العودة للقتال.
واتهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دمشق “بمحاولة الإخلال بالعملية”.
وقال ائتلاف المعارضة السوري الرئيسي، المعروف باسم اللجنة العليا للمفاوضات إن فرض شروط مسبقة قد يوقف المحادثات حتى قبل أن تبدأ.
وقال الائتلاف الأحد إنه سيدعو لحكومة مؤقتة لا يلعب فيها الأسد والحكومة الحالية أي دور.
وقال دي ماستورا إنه يريد أن تجرى الانتخابات الرئاسية في الأشهر الـ 18 القادمة.
ولن يتقابل الطرفان وجها لوجه، ويبدأ دي ماستورا المفاوضات بالاجتماع بوفد الحكومة.

المعارضة السورية تطلب تفاصيل من الحكومة في محادثات السلام
جنيف (رويترز) – طالب مفاوضون من المعارضة السورية يوم الثلاثاء بأن توضح الحكومة السورية بالتفصيل أفكارها بشأن الانتقال السياسي وقالوا إنه لا يوجد أي تقدم بشأن إطلاق سراح المعتقلين الذين ذكروا أنه يتم إعدام 50 منهم يوميا.

وقال جورج صبرا المفاوض عن الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة في المحادثات إن وفد المعارضة قدم لوسيط الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا اقتراحا بشأن حكومة انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة.

وقال دي ميستورا إنه يريد أفكارا من جميع الأطراف ويأمل في دمجها في موقف مشترك.

(إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية – تحرير أمل أبو السعود)

البيت الأبيض: روسيا تنفذ انسحابا من سوريا فيما يبدو
واشنطن (رويترز) – قال البيت الأبيض يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة تراقب انسحاب روسيا من سوريا لكن من السابق لأوانه تحديد تأثير هذا التحرك على الحرب الأهلية أو على المنطقة بشكل أعم.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست للصحفيين خلال مؤتمر صحفي يومي “سنتابع هذا التحرك بالطبع. المؤشرات الأولية هي أن الروس ينفذون لكن لا يزال من السابق لأوانه في هذه المرحلة تحديد مدى تأثير ذلك على الوضع بشكل أوسع.”

وأضاف أن روسيا لم تخطر الولايات المتحدة مسبقا بقرارها الرحيل عن سوريا.

(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)

المعارضة السورية “ليست ضد” المحادثات المباشرة مع الحكومة
جنيف (رويترز) – قال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية في محادثات جنيف يوم الثلاثاء إن المعارضة “ليست ضد” المحادثات المباشرة مع الحكومة السورية.

وتحدث المسلط قبل فترة وجيزة من اجتماع مفاوضي الهيئة مع ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة للمرة الأولى فيما يتوقع أن تكون جولة محادثات غير مباشرة مدتها عشرة أيام بين الطرفين.

وقال المسلط إن الهيئة ليست ضد المحادثات المباشرة لكن دي ميستورا هو من قرر البدء بمحادثات غير مباشرة.

وتوقع المسلط أن يتحول دي ميستورا إلى أسلوب المحادثات المباشرة في مرحلة لاحقة لكنه قال إن الأمر يرجع إلى مبعوث الأمم المتحدة. وقال دي ميستورا إنه يخطط لإجراء ثلاث جولات من المحادثات تتوج بخارطة طريق واضحة بشأن الخطوات القادمة.

وقال أحمد فوزي المتحدث باسم الأمم المتحدة إن إجراء المحادثات بشكل غير مباشر كان قرار دي ميستورا.

وأضاف فوزي “سيكون سعيدا بترتيب محادثات مباشرة عندما يرى أن الوقت مناسب لها.”

وقال دي ميستورا إن أسلوب المحادثات غير المباشرة يمنحه قدرا كبيرا من المرونة للتنقل بين الطرفين المتحاربين والتشاور مع آخرين على الهامش لكنه لم يقل إن كان أي من الحكومة أو الهيئة العليا للمفاوضات قد رفض المحادثات المباشرة.

وقال المسلط إن المعارضة ليس لديها مانع بشأن شكل المفاوضات ما دامت ستسفر عن حل.

والتقى دي ميستورا مع جماعة نسائية سورية يوم الأحد ومع وفد الحكومة يوم الاثنين ووفد الهيئة العليا للمفاوضات يوم الثلاثاء. وسوف يجتمع يوم الأربعاء مع مجموعة من حوالي ثمانية نشطاء سوريين آخرين بينهم قدري جميل ممثل الجبهة الشعبية السورية وهي جماعة معارضة.

لكن جميل قال لرويترز إن ممثلين للأكراد السوريين- الذين تعتبرهم تركيا جزءا من فصيل إرهابي- لا يزالون ممنوعين من المشاركة في المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة برغم أنهم سيشاركون في مرحلة لاحقة.

(إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية – تحرير ليليان وجدي)

روسيا تنسحب من سوريا بعد تمكينها نظام دمشق على الأرض
تغادر الطائرات الحربية الروسية الأجواء السورية بعدما نجحت في تمكين قوات النظام على الأرض لكن تدور الشكوك حول ما إذا كأنت دمشق قادرة على الحفاظ على الوضع الميدأني لصالحها خصوصا في مواجهة الجهاديين.

يقول آرون لوند الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للأبحاث ورئيس تحرير مجلة “سوريا في أزمة” أن الرئيس السوري بشار الاسد “في موقف افضل بكثير فيما فقد اعداؤه توازنهم إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب أنتهت”.
ويضيف “تمكنت روسيا خلال حوالى ستة اشهر من تغيير الموازين على الارض لصالح نظام الأسد”.

وكانت قوات النظام منيت بخسائر كبيرة قبل بدء التدخل الروسي في مواجهة فصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ونفذت القاذفات والمقاتلات والمروحيات الروسية آلاف الغارات التي سمحت للجيش السوري بتحقيق تقدم ملحوظ في محافظات عدة.
ويؤكد الخبير في الشؤون السورية في جامعة ادنبرة توماس بييريه لفرأنس برس أن التدخل الروسي “أوقف تقدم الفصائل المقاتلة وسمح للنظام إلى جانب القوى التي وفرها مقاتلون شيعة باستعادة مناطق استراتيجية في حلب (شمال) واللاذقية (غرب) ودرعا (جنوب) ودمشق”.

وتخوض قوات النظام وفق لوند اليوم مرحلة “استعادة الأراضي. وفي المقابل تعرضت قوات المعارضة لضربة موجعة خصوصا بعد التقدم الذي احرزته قوات النظام في محافظة حلب في شباط/فبراير 2016”.
وفي بداية شباط/فبراير 2016 حقق الجيش السوري الاختراق الاكثر الاهمية في حلب منذ العام 2012. وتمكن بغطاء جوي روسي مكثف من تضييق الخناق على الفصائل المقاتلة في مدينة حلب وكسر الحصار الذي فرضه مقاتلو المعارضة على قريتين على مدى حوالى سنتين واستعاد مواقع عدة.

ويرى مصدر ميداني سوري أن “وتيرة الهجوم الكبير في الشمال السوري قد تخف” بعد الانسحاب الروسي “ولكن لن تعود الكفة لصالح المسلحين فهذا خط أحمر”.
ويقول الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش أن الانسحاب الروسي قد يترك “وقعا نفسيا بالدرجة الأولى” على قوات النظام السوري “وقد يراه البعض تخليا عن بشار الأسد”.
لكن عسكريا يشير الى أن الجيش السوري حصل على دبابات جديدة ومن المفترض أن يحصل على طائرات ومروحيات أيضا “ما يمكنه من الحفاظ على تفوقه الجوي”.
وبالنتيجة فإن مستقبل الوضع الميداني في سوريا يتعلق أساسا بمعرفة ما “تركه الروس في سوريا وكيف عززوا أو لا قدرات الجيش السوري خلال الأشهر الماضية”.

“امتحأن” الأنسحاب

وقد لا تشهد المناطق المشمولة بالهدنة السارية منذ 27 شباط/فبراير 2016 تغييرات حقيقية على الأرض خصوصا أن روسيا والولايات المتحدة تضغطان من أجل إجبار الأطراف المعنية على الالتزام بها ما يضمن اكثر حصول تقدم في العملية السياسية.
ويقول بييريه “ستضغط الدول الغربية على الفصائل المقاتلة التي تدعمها لعدم استغلال الوضع على الاقل طوال فترة المفاوضات” بين الحكومة والمعارضة التي بدأت في جنيف الاثنين 14 مارس 2016.
لكن الأسئلة تطرح بقوة اكبر في مناطق الجهاديين الذين لا تشملهم الهدنة.

ويقول بيرييه أن هؤلاء قد يسعون إلى “امتحان” الانسحاب الروسي بحسب تعبيره.
وأعلن مسؤول عسكري روسي الثلاثاء 15 مارس 2016 من قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية أن موسكو ستواصل ضرباتها ضد “الاهداف الإرهابية” في سوريا.
ويقول لوند “هناك العديد من المناطق التي يحتاج فيها الأسد الى القوة الجوية الروسية حاليا أن لم يكن في مواجهة الفصائل المقاتلة بسبب الهدنة ففي مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية” كما في تدمر مثلا في وسط البلاد.
وتخوض قوات النظام معارك عنيفة مع الجهاديين في محيط مدينة تدمر الأثرية في محافظة حمص.

ويرى بييريه بدوره أن “عملية تدمر ستكون صعبة على قوات النظام من دون الطيران الروسي” الذي كأن مهد الطريق أمام قوات النظام في المنطقة فاستعادت أراضي وباتت على بعد ستة كيلومترات فقط من المدينة الأثرية.
كما تدور شكوك حول ما ستؤول إليه الأمور في ريف اللاذقية الشمالي وما إذا كانت قوات النظام ستواصل تقدمها في المنطقة في مواجهة جبهة النصرة وفصائل مقاتلة وإسلامية أخرى.
وبالتزامن مع بدء الانسحاب الروسي قال قيادي في جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا لفرانس برس الثلاثاء 15 مارس 2016 أن الجبهة ستشن هجوما في البلاد خلال الساعات ال48 المقبلة بعد “الهزيمة الروسية”. وأضاف “من دون الطيران الروسي لكنا الآن في (مدينة) اللاذقية”.

4 فرضيات حول الانسحاب الروسي
إعلان بوتين المفاجئ سحب جزء من القوات الروسية العاملة في سوريا فاجأ متابعي الأوضاع السورية وترك الجميع في حالة حيرة حول الأسباب الحقيقية في وقت طبّع فيه الروس de facto وجودهم العسكري في سوريا وحقق دعمهم الجوي الكثيف توازناً جديداً في القوى بين نظام الأسد المترنّح ومجموع المجموعات المسلحة المعارضة. فلماذا تنسحب روسيا الآن؟
“لماذا؟”.. هو السؤال المباشر الذي طرحته مجلة Expert الروسية بعدما استطاعت موسكو “حماية الأسد” و”الحفاظ على سوريا موحدة بحدودها الحالية” وتمكنت من “تحرير 400 قرية و10 آلاف كم مربع من الأرض”. تتابع Expert “لماذا تمنح موسكو الدول العربية فرصة الشك في عزيمتها وتدخلها؟” و”لماذا توقف حربها الفعالة ضد الإرهاب والتي تعطي روسيا “صورة دولية جيدة وهي الطرف الوحيد الذي يخوض تلك الحرب بصدق؟”.

تقترح المجلة المقربّة من الكرملين أربع فرضيات ننقلها عن الترجمة الفرنسية التي قدمتها مجلة “كورييه أنترناسيونال”:

أولا، هناك “الإنذار التركي”. فبعد هجوم 14 آذار/مارس في أنقرة، يبدو أن أردوغان أبلغ بوتين قراره إرسال قوات إلى المناطق الكردية السورية مؤكداً أن تركيا سترد على أي اعتداء روسي. اختار بوتين، بحسب Expert، موقفاً “جباناً قليلاً” لكنه الأنسب بالنظر إلى العواقب المترتبة على التصعيد مع تركيا.

ثانياً، هو انسحاب مؤقت فقط. تعتقد القيادة العسكرية الروسية أن العمليات العسكرية ستصبح من الآن فصاعداً صعبة للغاية في سوريا لأسباب مناخية. الفترة المقبلة ستشهد ارتفاعاً في الحرارة وعواصف رملية تعقد الحسابات العسكرية. يبدو أن بوتين قرر إعادة المعدات غير الضرورية حالياً ويرسل من خلال ذلك إشارة إيجابية إلى مؤتمر جنيف. في الوقت نفسه يقول الروس “إذا لم يتحقق تقدم في جنيف، ستعود الطائرات الروسية إلى سوريا”.

ثالثاً، هو قرار تم بالاتفاق مع واشنطن. اعتبرت Expert أن القرار يمكن أن يكون جزءاً من “صفقة كبرى حول الأزمة الأوكرانية” تتضمن تنازلات متبادلة: الأمريكيون في أوكرانيا والروس في سوريا. إن صحت هذه الفرضية فسيعقب البادرة الروسية في سوريا تقدم ما في الملف الأوكراني.

رابعاً، موسكو ترغب في تلقين درس لحلفائها. ستقول روسيا وفق هذه الفرضية أنها هي التي تولت مهمة القيام “بالأعمال القذرة” في سوريا وبذلك فهي “تتوقع جهوداً مضاعفة من قبل طهران” حول انخراطها العسكري والمالي في النزاع السوري. رغم أن إيران هي الطرف الذي لديه مصالح كبرى في المنطقة فإن روسيا هي من تتحمل أعباء نزاع مكلف وطويل الأمد. “لماذا تخاطر روسيا في الغرق في أفغانستان أخرى مع كل ما سيترتب عن ذلك من أعباء على الميزانية والدولة الروسية؟”. فهل تدفع روسيا إيران لتحمل مسؤولياتها في المنطقة وتعطي الانطباع للدول العربية أنها لم تختر “المعسكر الشيعي” على حساب السنة العرب؟.

المفاوضان الجعفري وعلوش يجسدان التناقض السوري الكامل
ما الذي يجمع بين بشار الجعفري الذي يقود وفد النظام السوري إلى مفاوضات جنيف، ومحمد علوش، كبير مفاوضي وفد المعارضة؟ لا شيء:الأول دبلوماسي متمرس يتكلم لغات عدة والثاني قيادي في فصيل مقاتل برز خلال الحرب. ولعل هذه الاختلافات تعكس الهوة الواسعة بين طرفي المفاوضات التي بدأت الاثنين 14 مارس 2016 في جنيف برعاية الأمم المتحدة.فمن هو الجعفري، ومن علوش؟

الجعفري.. الدبلوماسي المخضرم

يرأس بشار الجعفري، الرجل الستيني الطويل القامة والذي غزا الشيب رأسه، وفد الحكومة السورية إلى جنيف مستفيدا من خبرات راكمها خلال سنوات في العمل الدبلوماسي.

ويشكل جزءا من رموز النظام الذي يتعرض منذ خمس سنوات لانتقادات الدول الغربية والمجموعات الحقوقية، وقد قيدت الولايات المتحدة منذ آذار/مارس العام 2014 حركته، فلم يعد يحق له التحرك سوى في قطر لا يتجاوز 40 كيلومترا حول مدينة نيويورك.

ويمثل الجعفري المعروف بدهائه الدبلوماسي وطلاقته في الكلام الحكومة السورية في الأمم المتحدة منذ عشر سنوات تقريبا، قام خلالها ولا يزال بدور الدفاع المستميت عن النظام.

وخلال الجولة السابقة من المفاوضات في بداية شباط/فبراير والتي باءت بالفشل، قال الجعفري لصحافيين “لن يكون هناك تفاوض، نحن هنا لإجراء محادثات غير مباشرة على شكل حوار سوري – سوري من دون شروط مسبقة ومن دون تدخل خارجي”.
وأضاف بالعربية العامية “احفظوها هاي، هاي فاتحة بالقرآن”، في إشارة إلى استحالة التراجع عن هذا الموقف.

لكنه يجد نفسه اليوم في جنيف وسط ضغوط دولية قوية، روسية وأميركية تحديدا، لإحراز تقدم في العملية السياسية، ما قد يفرض عليه تغيير إستراتيجيته.
ويقول صحافي مطلع في دمشق لوكالة فرانس برس “يسمونه في دمشق +أسد الدبلوماسية+ لمواقفه الصارمة ضد نظرائه الخليجيين، وهو مفاوض شرس يفهم ماذا يحدث في كواليس الأمم المتحدة”.

وطالما نفى الجعفري اتهامات كثيرة وجهت إلى الحكومة السورية بانتهاك حقوق الإنسان، بينها اتهامها بهجوم بالأسلحة الكيميائية في العام 2013 قتل خلاله المئات في الغوطة الشرقية في ريف دمشق.

ويقول دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي إن “تحليلاته غير القابلة للنقاش حول الوضع في سوريا تجعل من الصعب التحاور معه”.
ويضيف أن “أداءه المثير للجدل في مجلس الأمن لا يساعد على تغيير النظرة إليه على اعتبار انه متحدث باسم الأسد أكثر منه دبلوماسيا”.

من مواليد دمشق العام 1956، حائز على شهادات أكاديمية عدة بينها دبلوم دراسات عليا في الترجمة والتعريب ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة السوربون في باريس. متزوج من إيرانية ويتكلم الفارسية بطلاقة، بالإضافة إلى الفرنسية والانكليزية.

بدأ عمله في وزارة الخارجية السورية في العام 1980. وشغل أول منصب له خارج البلاد في باريس كملحق دبلوماسي وسكرتير ثالث في السفارة السورية، ثم استلم مناصب عدة بينها مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة في جنيف قبل أن يصبح في العام 2006 ممثل سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في مقرها في نيويورك.

علوش.. مقاتل في بزة رسمية

في غرفة أخرى من قاعات الأمم المتحدة، سيقود محمد علوش، الشاب السلفي في الثلاثينيات من العمر، مباحثات سياسية باسم المعارضة.

من مواليد العام 1970 من مدينة دوما في الغوطة الشرقية التي تخضع لحصار تفرضه قوات النظام السوري منذ أكثر من سنتين. وهو ابن عم زهران علوش، الزعيم السابق لفصيل جيش الإسلام الذي قتل في غارة لقوات النظام في 25 كانون الأول/ديسمبر 2015 في ريف دمشق، والممثل السياسي للفصيل المتهم من جهات حقوقية بانتهاكات لحقوق الإنسان.

أمضى علوش سنوات طويلة بعيدا عن دوما، فدرس مع ابنه عمه الشريعة الإسلامية لعام واحد في دمشق قبل أن ينتقلا إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في السعودية. وحصل في العام 2009 على ماجستير في العلوم المصرفية الإسلامية من جامعة بيروت الإسلامية.

ويقول احد سكان دوما لوكالة فرانس برس “لا احد يعرفه هنا”، مشيرا الى انه كان “بالكاد يمضي 15 يوما في السنة في منزله في دوما”.

ومنذ بداية النزاع السوري، شغل علوش مناصب عدة وكان آخرها في المكتب السياسي لجيش الإسلام، الفصيل الأقوى في الغوطة الشرقية.

وسمته الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن أطياف واسعة من المعارضة السورية كبيرا للمفاوضين عنها بعد اجتماع موسع لها في الرياض في كانون الأول/ديسمبر 2015. وتدعم السعودية فصيل جيش الإسلام.

على الصعيد الشخصي، يختلف علوش أيضا بطبعه المتحفظ عن الجعفري. ويصفه ناشط سوري لفرانس برس بأنه “هادئ”، ولا يعبر بإسهاب عن أفكاره.

وبخلاف الجعفري، هذه هي تجربة علوش الأولى في الأمم المتحدة، وقد أثار تعيينه جدلا واسعا، خصوصا أن الهيئة العليا للمفاوضات تضم في صفوفها رئيس حكومة سابق هو رياض حجاب الذي انشق في 2012 ووزير الثقافة السابق رياض نعسان آغا.

ويتهم ناشطون معارضون فصيل جيش الإسلام بالتورط في خطف ناشطين حقوقيين في دوما.

ويرى البعض أن المعارضة اختارت علوش كبيرا للمفاوضين “لتحدي روسيا بعد مقتل زهران علوش”، وفقا لما يقول مصدر في الفصائل المقاتلة.

ويضيف “سيحرج هذا الأمر النظام عندما يتحاور مع علوش، كونه يصنف جيش الإسلام منذ خمس سنوات بالإرهابي الذي يقصف دمشق، فكيف سيجلس مع من يقصف دمشق؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى