صفحات الثقافة

وقت/ فدوى سليمان

 

 

لا يزال عندي وقتٌ كي تمسح ذاكراتي عن جدرانها الرؤوسَ المقطوعة والعيونَ الشاخصةَ في الموت ذبحاً أو خنقاً أو هرسَ أعضاء.

لا يزال عندي وقتٌ كي أُلملم أشلاء الجياع والمحرومين من بين أفكاك الضباع الشبعى، وكي أُلملم أصابع الأطفال من أفواه الجرذان.

لا يزال عندي وقتٌ كي أبكي على الذين أطلقوا النار على حمار، وعلى الحمار الذي تمتّعوا بإعدامه، بعد أن كتبوا فوق جسمه اسمَ ديكتاتور.

لا يزال عندي وقتٌ كي يتمزّق قلبي من مفاجأة الحمام بأسلوب موتِهِ.

لا يزال عندي وقتٌ كي يمرّ صوتي عبر السكايب إلى دمشق:

– ماما كيفون القطط؟

– عم يختفوا!

– ليش؟

– والله ما بعرف يا ماما.

فيأتيني الجواب من الإعلام: يحلّل شيخٌ أكلَ القطط في مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.

* * *

لا أملك مزيداً من الوقت كي أُسامحنا نحن الموتى الأحياء على موتنا

لكن يبقى لديَّ بعضُ وقت كي أُسامح الذين ناموا في ظلمة القبر وتركونا في انتظارِ موتٍ يتلذّذ بموتنا البطيء.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى