صفحات الناس

أزمة اللاجئين بين المغرب والجزائر تنتظر منقذاً من كوارث إنسانية

 

 

عبد الله حاتم / محمد عبود – الخليج أونلاين

لا تزال أزمة اللاجئين السوريين العالقين على الحدود بين المغرب والجزائر مستمرة، حيث يعيشون ظروفاً بالغة الصعوبة، في وقت يتبادل البلدان الاتهامات بشأن المتسبب في الوضع القائم.

فمنذ أبريل/نيسان الماضي، يتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مؤلمة لعدد من اللاجئين السوريين، بزعم أن السلطات الجزائرية طردتهم نحو الحدود المغربية، وهو ما لاقى استنكاراً واسعاً، واندلعت على إثره أزمة سياسية بين الدولتين وتبادلتا الاتهامات، ووصل الأمر إلى استدعاء خارجيتيهما للسفيرين، وتوجيه رسائل استهجان.

الحقوقي الجزائري أنور مالك، أدان استمرار أزمة السوريين العالقين على الحدود بين الجزائر والمغرب، وقال في تغريدة على حسابه على “تويتر” تضمنت مقطعاً مصوراً لأطفال يناشدون التدخل لإنهاء أزمتهم: “كجزائري أطالب السلطات الجزائرية بإنقاذ سريع لهؤلاء العالقين السوريين، فما يحدث لهم ليس من الشهامة، وستبقى وصمات عار في جبين الجزائر والمغرب”.

وفي اتصال هاتفي مع الحقوقي الجزائري، قال لـ “الخليج أونلاين”: إن “الأزمة الحالية هي الثانية، حيث كانت الأولى في مارس/آذار 2014، وأعلن المغرب أن الجزائر طردت لاجئين سوريين إلى حدودها، ثم تبين كذب هذا الادعاء لاحقاً، حيث تم تسريب وثيقة استخباراتية تؤكد أن المغرب هو الذي دفع هؤلاء اللاجئين إلى الحدود، بهدف تصفية حسابات مع الدولة الجزائرية فيما يخص الملف الصحراوي، عبر وجود اللاجئين الصحراويين على التراب الجزائري”.

وأضاف مالك أن “الأزمة نشأت بعد وصول لاجئين سوريين قدموا من السودان عقب التنقل عبر عدة دول وكانوا في طريقهم إلى المغرب، ثم لاحقاً إلى إسبانيا، ولكن عندما وصلوا إلى المنطقة الحدودية منع المغرب دخولهم، كما منعت الجزائر عودتهم، لأن الحدود مغلقة”.

مالك أكد- نقلاً عن بعض اللاجئين العالقين- أن المغرب أجبرهم على اتهام الجزائر أنها تقف وراء عدم حل الأزمة، وأنها السبب في طردهم، نافياً صحة هذا الاتهام، كما أكد أن الجزائر لم تطرد أحداً من اللاجئين في هذه الأزمة أو غيرها إلا بعض العناصر التي ثبتت صلتها بالاستخبارات السورية”.

“هذا الموقف لا ينفي تهمة دعم النظام الجزائري للنظام السوري”، حسب ما قاله مالك في تصريحه لـ “الخليج أونلاين”، مؤكداً أن “المغرب يستغل هؤلاء اللاجئين من أجل معارك أخرى تتعلق بالملف الصحراوي”.

وأكد مالك عدم وجود أي حلول تتعلق بملف اللاجئين حتى الآن، مناشداً السلطات المغربية فتح الحدود تجنباً لكوارث إنسانية، مقترحاً، كحقوقي، أن تتحمل الدولتان مسؤولية اللاجئين السوريين، من خلال استقبالهم بالمغرب أو إعادتهم إلى الجزائر”.

كما اقترح استضافتهم في الجزائر؛ “لأنه من العار أن يموت لاجئ هارب من الحرب ووصل به المطاف إلى منطقة صحراوية نائية في الحدود، ثم أصبح عالقاً مع أطفاله، ما يعرضهم للموت، وهو ما سيكون وصمة عار في جبين الجزائر”، مستشهداً بموقف الجزائر في عهد حافظ الأسد، حينما قال الرئيس الجزائري آنذاك: إن “الجزائر لا تطرد ضيوفها، وقد طلب الأسد إعادتهم إلى سوريا لمحاكمتهم واعتقالهم”، حسب قوله.

وطالب مالك المجتمع الدولي بالتحرك إذا لم تعمل الدولتان على حل أزمة اللاجئين العالقين على الحدود.

– استغلال

وزارة الخارجية المغربية قالت في بيان لها، الأحد 23 أبريل/نيسان 2017، إن 54 سورياً حاولوا دخول المغرب عبر مدينة “فجيج” الحدودية، بين 17 و19 من الشهر الجاري، واتهمت الجزائر بإجبارهم على العبور إلى المغرب، محملة إياها “المسؤولية السياسية والأخلاقية في هذا الوضع”.

وأوضح البيان أن “استخدام الضائقة المادية والمعنوية لهؤلاء الناس، لخلق فوضى على الحدود المغربية- الجزائرية، ليس بالأمر الأخلاقي”، قبل أن ترد الخارجية الجزائرية في بيان لها، مساء اليوم نفسه، باستدعاء السفير المغربي لديها لإبلاغه رفضها ما وصفته بـ”الاتهامات الخطيرة والكاذبة” حول طردها رعايا سوريين.

وتمتد حدود بطول 1500 كيلومتر بين المغرب والجزائر، من البحر المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوباً، وأغلقت منذ 1994.

والعلاقة بين الدولتين متوترة منذ استقلالهما عن فرنسا، وأثارت النزاعات الحدودية صراعاً مسلحاً في ستينيات القرن الماضي أطلق عليه اسم “حرب الرمال”.

ومن بين نقاط الخلاف الكبرى بين المغرب والجزائر قضية الصحراء الغربية التي كانت مستعمرة إسبانية، وضم المغرب معظم أراضيها إليه عام 1975. وتدعم الجزائر وتستضيف جبهة البوليساريو التي تنادي باستقلال الصحراء الغربية وهو ما يثير غضب المغرب.

– معاناة

وبحسب الصور المتداولة، فقد ظهر اللاجئون، وبينهم العديد من النساء والأطفال، وهم يفترشون المنطقة الحدودية بين الجزائر والمغرب في حالة مزرية.

وللوجود السوري في الدول المغاربية حضور طغى على كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية، لكن زحف هذه المرة إلى الميدان السياسي، ونكأ جرح العلاقات المتجدد بين أكبر دولتين مغربيتين؛ وهما الجزائر والمغرب.

وسجّلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى المغرب، في شهر مايو/أيار 2016، نحو 6471 لاجئاً سورياً، بيدَ أن هذا الرقم لا يجسد الواقع؛ لأن فئات كبيرة منهم غير مسجلة، بحسب منظمات مدنية.

وتتضارب المعلومات بشأن الحياة التي يعشيها السوريون، فبينما استقر جزء كبير منهم على امتداد المغرب العربي، فإن التقارير الحقوقية تتحدث عن أوضاع مزرية يعيشون في ظلها.

ففي تقرير يعود للعام 2016 أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن اللاجئين السوريين يعيشون أوضاعاً “كارثية”، في ظل حرمانهم من الضمانات اللازمة لحماية حقوقهم الأساسية.

وأكدت الجمعية المغربية أن آلاف اللاجئين السوريين في المغرب تحديداً يعيشون أوضاعاً كارثية، ترجع بالأساس إلى عدم توفير الحماية الواجبة لهم، والأخذ بمتطلبات وجودهم كلاجئين في البرامج والسياسات العمومية.

كما أن وضع السوريين في الجزائر ليس بأفضل حال، ففي العام 2012 اتهمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الحكومة الجزائرية بتسليم 60 لاجئاً للسلطات السورية، ممَّن فروا نتيجة الظروف الأمنية.

واتهمت المنظمة “السلطات الأمنية الجزائرية بأنها تنسق مع الأمن السوري لرفض دخول بعض طالبي اللجوء، حيث إنها تحتجز العشرات من اللاجئين في منافذها البرية والجوية من المطلوبين؛ بغرض تسليمهم للسلطات الأمنية السورية”.

وبخلاف المغرب، تتخذ الجزائر موقفاً سياسياً مناصراً للنظام السوري، حيث وقفت إلى جانبه، وضد إدانته بجرائم الحرب التي يرتكبها في المحافل العربية والدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى