صفحات العالم

العودة من باب “القاعدة”!

 

    سميح صعب

بعض المعارضين السوريين في الخارج والولايات المتحدة ودول اوروبية ومجلس التعاون الخليجي وتركيا، يضعون رهاناً جديداً امامهم، في سعيهم الى إطاحة الرئيس السوري بشار الاسد، يتمثل في ما يطلقون عليه معركة دمشق.

هذا الرهان ينطلق من المفهوم القائل ان الضغط العسكري بات أجدى من الدخول في حلول سياسية مع النظام وفق التصورين الروسي والايراني للخروج من الأزمة السورية.

ففي الحل السياسي ستجد الدول الخليجية وتركيا والولايات المتحدة نفسها مضطرة الى تقديم تنازل قاس من وجهة نظرها، ألا وهو التسليم ببقاء الاسد خلال مرحلة الانتقال السياسي، مما يشكل نقضاً لكل ما نادى به هؤلاء الاطراف مدى عامين، في حين انهم يرون ان الاستيلاء على دمشق من شأنه ان يقنع الاسد بالتسليم بأن لا مجال له للاستمرار في السلطة.

وفي المقابل، يرى الروس والايرانيون ان هذا رهان خاسر، ذلك انه لو سقط الاسد فأن الازمة لن تنتهي بل انها ستستمر بأشكال اخرى وتتخذ طابعا اكثر دموية، مما يعوّض اي فرصة لتسوية سياسية تنقذ ما تبقى من سوريا. لذا لم يكن من قبيل المصادفة ان يتراجع الاميركيون عن حديث الحل السياسي ووثيقة جنيف والذهاب في اتجاه مساعدة المعارضة عسكرياً وخصوصاً إقناع الاردن بتسهيل عبور مقاتليها الذين انتقتهم الاستخبارات الاميركية “بعناية”، الى الاراضي السورية للسيطرة على درعا في الطريق الى دمشق.

إذاً حول دمشق يدور أكثر من رهان، لأن النظام بدوره جعل صموده فيها حتى الآن عنوان المواجهة مع المعارضة المسلحة وداعميها.

ومن شأن تدويل الصراع جعل معركة دمشق أشد صعوبة وقد تؤدي الى استجرار تدخلات عسكرية اجنبية مباشرة، فتجميع جهاديي العالم وإرسالهم الى سوريا قد لا يكون كافياً لإسقاط دمشق. وأمام الضغط الذي يتعرّض له الرئيس الاميركي باراك أوباما من الكونغرس وبعض المسؤولين في إدارته، فإنه قد يتجه الى التورط عسكرياً مباشرة بعد ان ينتهي من مرحلة تقويم الخيارات التي يجب اعتمادها حيال الأزمة السورية.

لكن كل ذلك ليس مضموناً ان يشكل نهاية للأزمة، لأن الولايات المتحدة وأوروبا ستجدان نفسهما بعد ذلك في مواجهة المسلحين الذين يقاتلهم النظام السوري الآن.

إذا كان الغرب لا يتعظ من دروس التاريخ، فإن ذلك يعزّز نظرية وقوفه خلف كل ما يجري من أجل العودة الى المنطقة ولو من باب “القاعدة”.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى