صفحات العالم

نقاش سوري


ساطع نور الدين

يمثل الاقتراح الذي قدمه امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بإرسال قوات عربية الى سوريا إشارة الانطلاق لبدء البحث على المستوى العربي اولا والدولي تاليا في التدخل العسكري الخارجي في سوريا، لإنهاء أزمة طالت واستطالت وسفكت دماء سورية غزيرة وعزيزة.

الاقتراح في حده الأدنى هو رد على خطاب الرئيس السوري بشار الاسد الاخير الذي اعلن فيه انه سيضرب بيد من حديد معارضيه، الإرهابيين والشياطين، وجزم في انه ماض في ذلك الطريق الذي لا يكترث بالمبادرة العربية وما تنص عليه من اعمال مراقبة ومتابعة في الإطار العربي وصولا الى المصالحة الوطنية المقترحة تحت مظلة الجامعة العربية.

وهو بهذا المعنى تحذير اولي للنظام السوري من مغبة الاستمرار في استخدام القوة، وتطمين إضافي للمعارضة السورية بانها ليست وحدها في الصراع من اجل التغيير في بلادها، الذي ترتفع كلفته يوما بعد يوم.. ويكشف عن لامبالاة عربية ودولية استثنائية في التعاطي مع أزمة داخلية خطيرة ذات آبعاد إقليمية اشد خطورة .

لكن فتح النقاش لا يضمن تدرجه نحو الهدف المنشود. الأثر النفسي والمعنوي لطرح فكرة إرسال قوات عربية الى سوريا يمكن ان يكون أقوى واشد فعالية من رؤية قوة ردع عربية تنتشر على الرمال المتحركة السورية لوقف حرب أهلية أسوأ من الحرب الاهلية اللبنانية وأوسع مدى في السياسة وفي الجغرافيا.. وهو تورط لا يتمناه اي بلد عربي ولا ينشده ولا يقدر عليه اي جيش عربي.

وهو أيضاً الإنذار الاخير بان الجامعة العربية التي ستشرع في بحث الاقتراح القطري نهاية هذا الاسبوع، تقترب من اتخاذ القرار بنفض يدها عن الملف السوري وتحويله الى الإطار الدولي الذي لا يقتصر على مجلس الأمن ولا يكتفي بالمساومة الدبلوماسية العقيمة مع كل من روسيا والصين، اللتين تعرقلان اي خطوة تحت علم الامم المتحدة.

لكن ثمة سؤالا تركيا يردده اكثر من مسؤول في أنقرة ويثير حتى الآن حيرة الاتراك وحفيظتهم ، وهو عن مدى جدية العرب والغرب في مواجهة الازمة السورية التي تشهد نزفا يوميا مريعا.. وهو سؤال دفع تركيا الى التباطؤ في حملتها من اجل التغيير في سوريا، والى الالتحاق بالموقف العربي وإيقاعه البطيء والمتعثر.

ويبدو ان انقرة لا تجد تفسيرا لتوجه الغرب خاصة من الحصار الى حافة الحرب مع ايران، برغم معرفته ان برنامجها النووي ما زال بدائيا وخطرها العسكري ما زال محدودا وعاجزا حتى عن إغلاق مضيق هرمز وقوتها السياسية تتآكل يوما بعد، وهي تدخل في مرحلة صراعات داخلية عميقة.. بينما يغض الغرب الطرف عن الأزمة السورية التي تسجل يوميا سقوط عشرات القتلى والجرحى، وتنذر بحرب اهلية دموية تهدد الاستقرار او على الاقل تثير القلق في خمس دول محيطة بسوريا، ويكتفي الغربيون حتى الان بعقوبات مخففة وبيانات مدوية ومشاورات مسلية في مجلس الأمن حول مشروع قرار بإدانة ما بات يتخطى فكرة الادانة.

النقاش حول سوريا يتطور، لكنه لا يزال في بداياته التي قد لا يحتمل ترقبها احد من السوريين، موالين او معارضين على حد سواء.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى