صفحات سورية

الشعب أسقط نظام الخوف

 


لقمان محمد

ثلاثة أشهر مرّت على اندلاع الثورة الشعبية في سورية، ومازالت الجروح تنزف والدماء تسيل والجثامين يمثّل بها والبراءة الطفولية تقتل والأعراض تنتهك وجرائم جديدة ضد الأنسانية ترتكب بحق متظاهرين لايطالبون سوى بحياة حرة وكريمة…

ثلاثة أشهر مرّت وكل يومٍ نرى أنفسنا أمام حلقةٍ من حلقات الفظائع القمعية التي يرتكبها نظام الشبيحة، وكل يومٍ نشاهد فصلاً جديداً من فصول أفلام الرعب المروعة التي يقوم بلعب أدوارها مرتزقة البعث الأمنية…

النظام السوري الذي يُعد من أشرس وأشد الأنظمة السلطوية، والذي يحكم بإسم البعث وعائلة الشبيحة، والتي تعتبر أجهزته الأمنية المرتزقة عمودها الفقري، يهدف من خلال جرائمه التي يرتكبها الترويع، وإعادة زرع الخوف في القلوب مجددأ…

لكن هيهات!!!

فتسونامي الشعوب الذي اقتلع جذور الخوف المعشعش في القلوب، وضرب شبكاته الدفاعية المسيطرة على الخلايا، وأسقط بذلك أنظمة الخوف الديكتاتورية تحت أقدام الحرية، هاهو قد وصل إلى سورية و يجتاح هذا النظام الأمني ويسقطه…

الخوف هو حالة نفسية تنتاب الأنسان عندما يجد نفسه أمام شيئ لايعرف عنه أية معلومة، وهو ردة فعل ضد كل الهجمات والتحركات التي تستهدف قيمه وأسس حياته. وهو وسيلة تم تطويرها من قبل الأنسان لحماية نفسه ومن خلالها تشكيل نظام الدفاع الذاتي.

لكن الانسان الذي استخلص الدروس من التجارب التاريخية وتعلمها من بني جلدته، لم يستخدم نظام غريزة الخوف من أجل حماية نفسه فقط، بل تعداه وحوّله إلى وسيلة تحكم وقمع على بني جنسه. خاصة الطبقات الحاكمة والأنظمة الإستبدادية مارست سياسة القمع والبطش والظلم، لزرع الخوف في نفوس الشعوب،و لترسيخ أنظمتها.

إن الأنظمة الإستبدادية، تقوم بممارسة القمع النفسي والجسدي، تتعامل مع شعوبها ومجتمعاتها بلغة السوط، حيث ترى أن هذه السياسات هي الدعائم الأساسية للإبقاء على حكمهم. لأن لغة التهديد والترهيب تجعل الفرد ينضوي على نفسه ويصمت خوفاً من العناصر التي تهدده. وكلما ارتهب يزداد الخوف انتشاراً كالوباء. والخوف يغذي الخوف. حتى يتحول الخوف إلى شبكة تسيطر على خلايا الأنسان وتتغلغل في أنسجته الذهنية ويصبح أسير الخوف حتى من ذاته. هذا الوضع يبقى مسيطراً على مفاصل حياة الأنسان حتى يتفهم الفرد ويستوعب بأن الخطر الحقيقي على قيمه ووجوده هو الخوف بذاته. وتعتبر هذه نقطة البداية في المقاومة، وكلما قاوم الأنسان ضد كافة أساليب وأشكال الخوف، كلما ابتدع واكتشف أيضاً أساليباً جديدة لمقاومة الخوف وهزيمته…

إن المجتمع السوري بكل أطيافه الأثنية والدينية والمذهبية، ومنذ نصف قرنٍ يرزح تحت قانون الطوارئ، ويعبث فيه النظام البعثي وأزلامه الأمنية كما تشاء، مستخدماً كل أشكال القمع المادية والمعنوية، لقد وصل هذا المجتمع إلى نقطة بأنه لم يعد هناك شيئ يخسره بعد. فلم يعد يهاب الموت أو يخاف القمع، فهاهو يجابه آلات القتل من أسلحة ودبابات ومدرعات ومروحيات النظام الشبيحي بصدورٍ عارية، وينادي بأعلى صوته ” الشعب يريد إسقاط النظام “. فالشعب حوّل كل طاقات ردود الفعل إلى قوة لصالحه، وبدء يقارع ويحارب النظام المتصدع بهذه الطاقات.

لذا فإن النظام عندما رأى بأن الشعب لم يعد يأبه القمع والإرهاب، وبأنه قد هزم خوفه وانتصر عليه، وقف عاجزاً. كلما عجز النظام يصبح مسعوراً، وكلما ازداد سعوراً ازداد تهجماً ووحشية. وهذه الحقيقة هي التي جعلت نظام الخوف الذي سقط تحت أقدام الشعب، أن يستخدم كافة أساليب القمع وحشية من قتلٍ وتعذيبٍ وتمثيلٍ بالجثامين ضد الشعب حتى الأطفال منهم. هذه الحقيقة تدل على انهيار النظام وبشكلٍ مفجع. وتدل على أن الشعب قد مزّق أسلاك الخوف وأحرق السفن وأسقط نظام الخوف…

الحوار المتمدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى