صفحات العالم

مقالات عن اسقاط الطائرة التركية -2-


تسخين الجبهة السورية التركية

رأي القدس

يعقد وزراء خارجية الدول الاعضاء في حلف الناتو اجتماعا في لوكسمبورغ اليوم لبحث اسقاط الدفاعات الارضية السورية طائرة استطلاع تركية اخترقت الاجواء السورية. لكن دول الحلف تتبنى منهج التهدئة في العلن على الاقل وتتجنب التصعيد.

وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي عقدوا اجتماعا خاصا بهم مساء امس، واكتفوا بوصف هذا العمل السوري بانه ‘غير مقبول’، وفرض عقوبات اقتصادية اضافية على سورية.

اعتراف القيادة التركية بان الطائرة المستهدفة اخترقت الاجواء السورية، وسقطت في المياه الاقليمية السورية ايضا يعتبر مؤشرا على جنوحها للتهدئة، ولوحظ ان السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي التزم الصمت طوال اليومين الماضيين، ولم يطلق اي تصريحات نارية يتوعد فيها بالانتقام مثلما جرت العادة.

سورية تخشى من ان يتمخض اجتماع وزراء خارجية دول الناتو عن قرار بهجوم عسكري عليها لان البند الخامس من ميثاق الحلف ينص على الرد الفوري على اي اعتداء تتعرض له اي دولة من الدول الاعضاء، وقد حذر الدكتور جهاد مقدسي الناطق الرسمي باسم الخارجية السورية من ان اي عدوان على بلاده سيتم التصدي له بحزم.

هذه اللهجة السورية التهديدية تنفي ما تردد سابقا على لسان مسؤولين اتراك من ان السلطات السورية قدمت اعتذارا لنظيرتها التركية عن اسقاط الطائرة في الاجواء الدولية.

الدكتور مقدسي هدد ‘بان الاجواء السورية والاراضي السورية والمياه السورية مقدسة بالنسبة الى الجيش السوري، مثلما ان الاراضي والمياه والاجواء التركية مقدسة بالنسبة الى تركيا’.

لا نعرف ما اذا كانت سياسة ضبط النفس التركية هذه محسوبة بعناية، من حيث عدم الانجرار الى مصيدة التصعيد العسكري السورية والتورط في حرب لا ترى ان هذا هو الوقت المناسب لخوضها، ام انها تخفي خيارا عسكريا بات وشيكا قد يحدد وزراء خارجية حلف الناتو مكانه وزمانه في اجتماع اليوم.

حلف الناتو، مثلما يقول خبراء قانونيون دوليون، يستطيع استخدام حادث اسقاط الطائرة الحربية هذه كذريعة للهجوم على سورية ودون الرجوع الى مجلس الامن الدولي، لان ميثاقه يعطيه مثل هذا الحق ويلزم الدول الاعضاء في الحلف بالمشاركة في هذا الهجوم في حال اقراره.

من المؤكد ان الخبراء القانونيين السوريين يعلمون هذه الحقيقة، ولا بد انهم شرحوها لاصحاب القرار بشكل مفصل، ولذلك فان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن الاسباب التي دفعت القيادة السورية الى اسقاط الطائرة التركية وهي التي لم تقدم على هذه الخطوة عندما اخترقت طائرات اسرائيلية الاجواء السورية اكثر من مرة في الماضي، ونفذت هجمات ضد اهداف سورية، من بينها تدمير المفاعل النووي الوليد في منطقة دير الزور شمال شرق البلاد؟

الاجابة على هذا السؤال صعبة لندرة المعلومات والتزام القيادة السورية الصمت، لكن من غير المستبعد ان تكون هذه القيادة باتت منزعجة جدا من الدعم التركي المتزايد للجيش السوري الحر وتحويل الاراضي التركية الى قاعدة امداد للاسلحة والمعدات العسكرية للوحدات العسكرية التابعة له التي تعمل على الاراضي السورية، ولهذا قررت استدراج تركيا لمواجهة عسكرية، ولو محدودة، تخفف الضغط الداخلي على النظام السوري، وتعطي اشارة للداخل المنقسم بان البلاد تتعرض لعدوان خارجي على امل تحويل الانظار عن الازمة الداخلية.

من الصعب تأكيد او نفي مثل هذه التحليلات، لكن ما هو منطقي وشبه مؤكد ان الحدود والاجواء والمياه الاقليمية للبلدين مرشحة للتسخين في الاسابيع والاشهر المقبلة.

القدس العربي

دور تركيا ومكانتها.. أمام امتحان حاسم

 إياد أبو شقرا

«الغيارى يتكلمون دائما عن موتهم في سبيل أوطانهم، لكنهم لا يتكلمون مطلقا عن قتلهم الآخرين من أجل أوطانهم».

(برتراند راسل)

مفخرة حقا لكل عربي أن تستبد العزة بنظام حكم عربي للدفاع عن حدوده بالطريقة التي مارسها النظام السوري بالأمس مع طائرة حربية تركية «سرحت» داخل المجال الجوي السوري.

ملابسات «انتهاك» الطائرة التركية أجواء سوريا ما زالت لتاريخ كتابة هذه السطور قليلة الوضوح. ولا أعتقد أن التهديدات الجوفاء التي وجهتها أنقرة إلى القيادة السورية منذ اختارت الأخيرة النهج التقتيلي لقمع الثورة الشعبية السورية التي فجرها أطفال درعا قبل 15 شهرا، ستوضح الصورة كثيرا.

أتذكر جيدا ما حدث في أواخر عقد التسعينات من القرن الماضي عندما وجهت أنقرة إنذارا حازما إلى الرئيس السوري السابق الراحل حافظ الأسد بشأن دعمه لحزب العمال الكردستاني وتأمينه مرافق تدريبية وتسهيلات تسليحية له داخل سوريا وفي شرق لبنان المحتل سوريا في ذلك الحين. وكما هو معروف، رضخت القيادة السورية يومذاك بسرعة.. وأبعدت الزعيم الكردي عبد الله أوجلان من سوريا ومناطق سيطرتها في لبنان.

كذلك أتذكر تماما ردود الفعل السورية «السلمية» على الغارات الجوية الإسرائيلية على معسكر عين الصاحب قرب دمشق، ومجمع الكبر قرب دير الزور، ناهيك من الاستعراضات الجوية الإسرائيلية فوق المقر الرئاسي في محافظة اللاذقية.. أي المكان نفسه الذي قررت القيادة السورية أنه «محظور» على طائرة تركية جرى إسقاطها، بدلا من إنذارها، بعدما صارت فوق المياه الدولية. وهذا مع العلم أن مسافة الـ13 كلم التي قيل إن الطائرة ربما دخلتها تظل أقصر بكثير من المسافة الفاصلة بين خط الهدنة في الجولان وموقع مجمع الكبر في محافظة دير الزور المتاخمة للعراق.

على أي حال، المسألة أكثر من سوء فهم عابر، وهذا ما تدركه كل من أنقرة ودمشق. فما نحن فيه الآن، واقعيا، حرب ذات أبعاد دولية وإقليمية ومذهبية غاية في الخطورة. وربما كان بإمكان الرئيس الأسد الابن لو لجأ، قبل 15 شهرا، إلى حنكة أبيه ومناوراته في التعامل مع بواكير الثورة الشعبية.. بدلا من أن يختار تطبيق خبرته المهنية في مجال الجراحة. لكنه، كما نشهد، ارتأى أن الجراحة أجدى نفعا حتى لو «نجحت العملية.. ومات المريض!»، كما يقول المثل السائر.

الأسد الابن لم يكتفِ بمحاولة الاستئصال عبر شلالات من الدماء وتدمير المدن والقرى على ما تبقى من ساكنيها، بينما شردت ماكينة القتل، العسكرية و«التشبيحية» المسلطة على الناس، مئات الألوف عبر الحدود، كي لا نشير إلى التهجير الداخلي.

لا، لم يكتفِ بذلك، بل تبنى – إذا كان ما زال حقا صاحب القرار – الإنكار والهروب إلى الأمام، مستعينا بعاملين داخلي وخارجي أطالا مؤقتا عمر نظامه المتهاوي.

العامل الداخلي هو تأثير أكثر من 40 سنة من سلطة الدولة الأمنية، بكل من فيها من زرع للشك والخوف والحقد وتسطيح المعرفة واعتماد الوصولية والانتهازية فلسفة وممارسة وقناعات في الحياة اليومية للمواطن السوري الصابر. واليوم قد ينتقد المنتقدون – ولعلهم على صواب – التناقضات المؤسفة داخل صفوف المعارضة السورية، غير أن المنتقدين يغفلون عن حقيقة جوهرية هي أن معظم هؤلاء المعارضين ولدوا وتربوا في جحيم هذه الثقافة التفتيتية التحريضية، التي تتحكم بها آفات التعصب الطائفي والعرقي والفساد والمحسوبية والاستزلام. وإذا كان الإنسان السوري المغلوب على أمره قد فقد الثقة حتى بأهل بيته الذين من الممكن أن يخرج منهم في أي لحظة «مخبر» أو «شبيح».. فهل يتوقع منه أن يثق بأشخاص لم يسبق له أن عرفهم، بل كل ما في الأمر أن المصيبة جمعتهم.. وتضافرت جهودهم ضد عدوّ مشترك؟

أما العامل الخارجي فيتمثل في الحسابات الدولية إزاء منطقة ذات حساسية استثنائية في العالم، في ظل أمرين: الأول هو نظرة القوى العالمية المتحالفة والمتنافسة إلى صعود «الإسلام السياسي». والثاني محاولة بعض القوى الدولية استغلال ما يظهر من تراجع في وزن «الأحادية الأميركية» التي انفردت واقعيا بزعامة العالم بعد نهاية الحرب الباردة. والواضح اليوم أن هناك عدة نماذج من «الإسلام السياسي»، منها النموذج التركي الأردوغاني – الإربكاني، والنموذج الإيراني الخامنئي – الخميني، ونموذج السلفية الجهادية، والآن النموذج الواقعي التونسي – المغربي الذي قد يشمل اعتبارا من يوم أمس الحالة المصرية بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية داخل إطار سياسي فضفاض، بصلاحيات مبهمة، وتعايش تحت الاختبار في ظل «توليفة» الدولة الأمنية مع مبدأ فصل السلطات.

حتى الآن قام رهان الرئيس السوري على أن الغرب، ومن ضمنه إسرائيل، لا يمكن أن يتخلى عن نظام مهادن للغرب وإسرائيل – بل متعاون معهما عند المفاصل الاستراتيجية، ولو ادعى الراديكالية والثورية لفظيا – لصالح بديل له يتمتع «الإسلام السياسي» بنفوذ ثقيل فيه. وحقا، سعى النظام في دمشق منذ البداية إلى لصق تهم الأصولية والتكفيرية والإرهاب على الرغم من وجود قيادات لامعة في صفوف المعارضة الشعبية من مختلف طوائف الشعب السوري، كجورج صبرا وعارف دليلة وجبر الشوفي. ثم حاول الابتزاز علنا بنقل نهجه الصدامي خارج حدود سوريا بكل ما لهذا الخيار من تداعيات إقليمية خطيرة، ناهيك من إحراج الأقليات داخل سوريا وتوريطها بمواجهات هي في غنى عنها… ما لم نقُل إنها تهدد مصالحها وربما وجودها.

وفي ما يخص تركيا، بالذات، أضاف النظام إلى اتهامه تركيا بدعم المعارضة السورية بالسلاح، تشديده القمع الدموي في مناطق بعينها يشكل فيها التركمان الأتراك حضورا سكانيا مهمّا، مثل ناحية الحولة (تحديدا بلدات مثل تلدو وسمعليل)، حيث ارتكبت إحدى أفظع مجازر الأشهر الأخيرة، وبلدة زارة قرب تلكلخ بمحافظة حمص، وضاحية الحجر الأسود قرب دمشق، ومدينة أعزاز ومحيطها في محافظة حلب. ثم إن بعض التقارير قد أشارت مؤخرا إلى استهداف القوات السورية طائرات إطفاء تركية عبر الحدود، وتعمدها و«شبيحتها» إطلاق النار على المواطنين الفارين واللاجئين هناك. وهذا كله قبل إسقاط طائرة الفانتوم «إف 4» فوق البحر.

كيف تمارس دمشق «لعبة القط والفأر» مع تركيا اليوم.. وهي التي كانت تحسب ألف حساب لغضب أنقرة؟ ماذا تغير الآن في ميزان القوى بين دمشق وأنقرة عن ميزان 1998 إبان أزمة عبد الله أوجلان؟ هل وراء عرض العضلات السوري المستجد استقواء دمشق بـ«الفيتو» الروسي – الصيني المزدوج… وما يمكن أن يشكله من ردع لأنقرة؟ أم أن دمشق ما زالت مطمئنة إلى الموقف الإسرائيلي ولا سيما في ظل قلق تل أبيب من الصعود المطرد لـ«الإسلام السياسي» في المنطقة؟

هنا لا بد من العودة إلى تهديدات أنقرة المتكررة بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي» إزاء المجازر التي يرتكبها النظام السوري، من دون أي ترجمة على أرض الواقع. إن جعجعة بلا طحن، مثل التهديدات التركية، والاستنكارات والمطالبات الأميركية، أقنعت النظام السوري – على ما يبدو – بأن تركيا عاجزة عن فعل أي شيء، تخوفا من روسيا والصين أولا، ومن إيران ثانيا، ولذا استمر التصعيد الدموي والسياسي… ثم تجرأت دمشق على إسقاط الطائرة التركية.

الكرة الآن في ملعب أنقرة، وخياراتها التي تتناقص بمرور كل يوم.

الشرق الأوسط

الثلاثاء

كيف سيرد الأتراك على الأسد؟

طارق الحميد

هناك حيرة من إحجام أنقرة عن أي ردود فعل عملية تجاه إسقاط النظام الأسدي للطائرة العسكرية التركية بالمياه الإقليمية، فالتحليلات بهذا الشأن كثيرة، فهناك من يتهم تركيا بالعجز، وهناك من يقول إن نقرة تتحدث أكثر مما تفعل، خصوصا أن كثيرا ما قال أردوغان إن للصبر حدودا.

فاليوم وبعد أن كشف الأتراك، وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام هناك، أن الأوامر بإسقاط الطائرة التركية قد صدرت من النظام الأسدي نفسه، وذلك استنادا للتسجيلات المتوفرة للسلطات التركية، فإن السؤال القديم الجديد هو: لماذا لا يوجد هناك رد تركي عملي؟ فالقوة العسكرية التركية تفوق حجم قوات طاغية دمشق، وبمراحل، بل لا مجال للمقارنة، كما أن أوراق الرد الملجم لدى أنقرة كثيرة، ومتعددة، ومنها إمكانية إنهاك نظام الأسد عبر حدود يبلغ طولها 822 كيلومترا بين البلدين، وهناك خيار إدخال سوريا كلها في عتمة من خلال قطع الكهرباء، أو السعي لعدم انتظامها، ومن شأن ذلك إرباك النظام الأسدي، وهناك خيار منع القوات الأسدية من التحرك على الحدود بحسب الاتفاقيات المبرمة، هذا عدا عن إمكانية مساعدة الثوار السوريين بشكل أكبر، وتزويدهم بأسلحة نوعية بمقدورها إحراق مائة دبابة أسدية مقابل إسقاط الطائرة التركية. كل تلك الخيارات متاحة لأنقرة، بل وأكثر، ولذا فإن الحيرة من عدم التحرك التركي للآن للرد على طاغية دمشق تعتبر مبررة.

ونقول مبررة خصوصا إذا تذكرنا التهديد التركي للأسد الأب عام 1998 بأنه في حال لم يسلم عبد الله أوجلان فإن الجيش التركي سيقوم باجتياح سوريا، وأذعن الأسد الأب وقتها لذلك، وها هو أوجلان في السجون التركية. فكيف تسكت تركيا اليوم على اعتداءات الأسد، ومنها إسقاط طائرة تركية، وحتى لو أنها انتهكت الأجواء السورية؟! فبحسب ما أعلن الأتراك، مثلا، فإن قرابة 114 حالة انتهاك جوي قد تمت لأجوائهم هذا العام سواء من قبل اليونان، أو إسرائيل، أو غيرهما، ولم يتم إسقاط أي من تلك الطائرات، ولم تكن هناك قضية من أساسه، خصوصا أن هناك قوانين دولية، وأنظمة، تحكم عملية انتهاك المجالات الجوية بين الدول، فلماذا لم ترد تركيا للآن؟

بالطبع قد يكون الرد التركي قد بدأ فعليا، ودون إعلان رسمي، خصوصا مع الإعلان عن استقبال تركيا لعدد من الضباط المنشقين، والجنود، وعائلاتهم، حيث بلغ العدد، بحسب «سي إن إن» التركية، قرابة 222، وتم الإعلان عن وصولهم إلى تركيا بشكل سريع وفوري، مما يوحي بأن بمقدور أنقرة فعل الكثير ودون أن تعلن عن ذلك، أو أن تشن حربا شاملة على الأسد.

ومن دون شك، فإن حماقة النظام الأسدي من شأنها أن تساعد أردوغان على التحرك، وبكل سهولة، تجاه الطاغية، فالحكومة التركية مثلا باشرت بإطلاع المعارضة التركية بفحوى التسجيلات المتوفرة لديها حول تورط النظام الأسدي في إسقاط المقاتلة، كما أن حكومة أنقرة باتت تقول علنا للأسد: «لا تستفز الجيش التركي»! فهل تحرك الأتراك فعليا، أم سيتحركون، حتى دون إعلان حرب لتسريع الانهيار المتوقع لطاغية دمشق؟ دعونا نرى.

الشرق الأوسط

الأزمة السورية من الأرض إلى الجو

خليل حسين

ثلاث حالات متتالية دخلت على الأزمة السورية، وعلى الرغم من عدم ارتباطها زمانياً ومكانياً في الظاهر، فإنها تشكّل منعطفاً في مسار الأزمة السورية وتداعياتها الإقليمية ضمنياً . الأولى انشقاق طيار برتبة عقيد وهبوطه في مطار أردني، والثانية تأكيد روسيا إعادة تأهيل طائرات سورية مروحية، والثالثة حادثة إسقاط القوات السورية لطائرة عسكرية تركية .

في الحالة الأولى، تشكل هذه الحادثة سابقة في سياق الأزمة القائمة، فهي الأولى في صفوف القوات الجوية، وتلقفتها قوى إقليمية ودولية باعتبارها من النوع الذي يمكن البناء عليه مستقبلاً، وبخاصة الإشارات التي أطلقت بأنها لن تكون الأخيرة .

وفي الحالة الثانية، يعدّ التأكيد الروسي لتحديث طائرات مروحية سورية بمنزلة مضي المواجهة بين موسكو والعواصم الغربية في سياق منع عمليات التسليح التي تخضع أصلاً لقرارات صادرة عن مجلس الأمن، وهي من نوع الاشتباك السياسي الأولي الذي يمكن أن يعقبه خيارات أخرى عالية النبرة في التعاطي مع هذه القضية .

وفي الحالة الثالثة، تشكل حادثة إسقاط الطائرة التركية نقلة نوعية في التعاطي التركي مع الأزمة السورية، فهي سابقة من الصعب على أنقرة تجاوزها من دون ردات فعل تزيد من مستوى الإرباك في إدارة الأزمة القائمة . وبصرف النظر عن كيفية أو نوعية التعاطي مع القضية، فإن تداعياتها ستكون من النوع الذي يؤسس أيضاً لخيارات أشد عنفاً ووطأة على سوريا .

ففي الزمان تشكل هذه الحالات الثلاث نوعاً من الربط المتتالي لتكوين الإطار الأولي، لأزمات فرعية متصلة بالأزمة الأم . وهي أتت أيضاً في سياق متصل بتصعيد الضغوط على دمشق بغية إجبارها على عدم اعتماد سياسة تقطيع الوقت بانتظار متغيرات في بعض عواصم القرار الدولي، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية .

أما في المكان، فهي متعلقة بدولتين لم تكن دمشق يوماً على علاقة مريحة معهما، بل إن علاقتها مع كل من عمان وأنقرة، شهدت حالات تصعيد وصلت إلى حد الاشتباك العسكري الذي يعني سرعة استنفاد وسائل احتواء الأزمات التي كانت غالباً ما تصل إلى خيارات مغلقة، لا تملك أطرافها وسائل حلها بطرق عادية متعارف عليها .

إضافة إلى تلك الحالات الثلاث، ثمة تجربة صاروخية باليستية روسية جرت مؤخراً، لها دلالات واضحة في مستوى تصعيد موسكو لوسائل إدارة الأزمة السورية، وهي لا تؤسس فقط للعودة الفعلية إلى الحرب الباردة، بل أيضاً إلى مستوى النزاع على سوريا وليس في سوريا . إن جمع هذه الحالات في زمانها ومكانها المختلفين، تظهر صورة بانورامية لمستقبل الأزمة في سوريا وعليها . فهي تفلّتت من عقالها الداخلي، وباتت الأزمة إحدى أدوات ووسائل الصراع الإقليمي والدولي . وبصرف النظر عن الإشارات الاحتوائية لإسقاط الطائرة التركية، فإن ذيولها وتداعياتها لن تكون لمصلحة دمشق في الوقت الذي تكافح هذه الأخيرة لاحتواء المزيد من الضغوط الدبلوماسية والسياسية عليها .

من المتعارف عليه أمنياً وعسكرياً في مطلق نظام سياسي، أن القوات الجوية هي من أشد الوحدات العسكرية حساسية ودقة في انتقاء أفرادها وبيئة عملها، ما يعني أن انشقاق الطيار السوري يشكل علامة سلبية فارقة في سلاح الجو السوري، وبخاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها سوريا .

إن التدقيق في واقع الأزمة السورية ووقائعها الأخيرة، يظهر مجموعة من الإشارات الواضحة في مسار الأزمة، ومن بينها أن حلقة العنف التي تظهر في الواقع الداخلي بين النظام والمعارضة، لم يعد بالإمكان السيطرة عليها بوسائل تقليدية متعارف عليها في علم إدارة الأزمات، بل الأخطر من ذلك، أن سوريا باتت اليوم في مهب لعبة الأمم، وبالتالي عدم قدرتها عملياً التأثير في ما تواجهه من ضغوط .

أما الأخطر من ذلك، فهو ظهور قضايا إضافية فرعية من النوع القابل للاستثمار أمنياً وعسكرياً وسياسياً في جسم الأزمة السورية، وهو ما سوف يظهر جلياً في قضية الطائرة التركية، فهل إن أزمة سوريا انتقلت من الأرض إلى الجو؟ يبدو أن الأمر أصبح كذلك .

الخليج

من يلعب بالنار… سوريا أم تركيا؟

محمد نور الدين

وصف العديد من الصحف التركية، الموالية لحزب العدالة والتنمية، في عناوينها الرئيسية إسقاط سوريا المقاتلة التركية «أف ـ 4» بأنه «لعب بالنار». وكانت في ذلك تحذر من خطورة الحادث على العلاقات بين البلدين وفي المنطقة.

ولكن برغم النبرة العالية لبعض هذه الصحف، ولبعض تصريحات قادة حزب العدالة والتنمية، ولا سيما رئيسه رجب طيب اردوغان الذي تعهد برد «حازم»، ونائب رئيسه عمر تشيليك، الذي وصف الحادثة بـ«العدوان»، وبأن العلاقات بين البلدين دخلت «مرحلة جديدة»، فإنه يمكن استنتاج أن الخطاب التركي تجاه سوريا بعد هذه الحادثة لن يتعدى الضجيج الإعلامي.

وفي هذا الإطار يمكن تسجيل المعطيات والمؤشرات والاستنتاجات التالية:

1- لقد ثبت أن الطائرة التركية قد انتهكت المجال الجوي السوري فوق المياه الإقليمية، وقد اعترف بذلك أعلى مسؤول تركي هو الرئيس عبد الله غول. وبمعزل عن تبريرات الانتهاك فإن الجو المتوتر بين سوريا وتركيا لا يضع مجالا للتردد في التعامل مع مثل هذه الحالات. ولا يمكن أن نتجاهل انه في ذروة شهر العسل التركي – السوري استخدمت الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي التركي ذهابا وإيابا لضرب منشآت دير الزور، وأفرغت في طريق العودة بعضا من حمولات خزانات الوقود فوق الأراضي التركية. لذا من الطبيعي أن تتعامل سوريا بحزم مع الأخطار التي تتهددها، خصوصا أن تركيا هي إحدى أكثر القواعد تهديدا للنظام السوري، حيث تحتضن أنقرة قيادة وعناصر «الجيش السوري الحر» والمعارضة السورية السياسية.

ولن نذهب إلى حد القول إن دمشق مارست عملية «ثأرية» من تركيا لدعمها المجموعات المسلحة في سوريا بشتى الوسائل، لكن هذا لا يعفي من التساؤل عما كانت تفعله الطائرة التركية في الأجواء السورية. والمسؤولية في النهاية تقع على عاتق الحكومة التركية التي، وفي ظل منسوب التوتر العالي مع سوريا، كان يفترض بها أن تمارس أعلى درجات الاحتياط لعدم حصول احتكاك مع دمشق، وعدم الوقوع في هذا الخطأ الذي قد يكلفها كثيرا.

2- إن اعتراف غول بانتهاك المجال الجوي السوري مؤشر مهم على أن تركيا لن تبادر إلى الردّ، لأنها تفتقد إلى الحجة القانونية. وإضافة إلى تصريح مسؤول «رفيع المستوى» إلى صحيفة «ميللييت» أمس من «أننا لن نذهب إلى الحرب، لكن إسقاط طائرة دولة أخرى انتهاك خطير» فإن مؤشرات عدم الرد التركي متعددة، ومنها أن رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان لا يستطيع التفرد بأي خطوة بمستوى فتح الطريق أمام حرب مع سوريا يتخوف منها الأتراك قبل غيرهم.

وأردوغان يعرف جيدا أن كل سياساته وسلطته، كذلك على المحك في ما لو ذهب منفردا إلى مغامرة عسكرية وغير عسكرية مع سوريا. لذلك هو أراد تغطية الذهاب إلى الحرب أو التزام الهدوء عبر دعوة زعماء المعارضة جميعا إلى اجتماع معه أمس. وهو في ذلك يريد إما توريط القوى السياسية التركية الأخرى معه في أي مغامرة سورية جديدة. وهذا مستبعد، نظرا إلى أن زعماء القوى السياسية التركية جميعا يعارضون سياسته السورية بدءا من زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار اوغلو وزعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي إلى الأكراد بطبيعة الحال. وهؤلاء بعد ثبوت انتهاك الطائرة التركية للمجال الجوي السوري، لا يمكن أن يدعموا اردوغان.

وحتى لو لم يكن هناك انتهاك، فإن قادة المعارضة ليسوا مستعدين لتبييض صفحة اردوغان السورية، فرئيس الوزراء التركي لم يوفر فرصة إلا وحاول إنهاك خصومه في الداخل قبل أعدائه في الخارج، وزعماء المعارضة التركية يدركون أن اردوغان في موقف العاجز عن التحرك ضد سوريا مباشرة، بعدما أخطأت الدبلوماسية التركية في التعامل مع الأزمة في دولة مجاورة التي تبقى في النهاية خارجية مهما حاولت أنقرة أن تصوّر تأثيراته على الداخل التركي. والأزمة السورية تؤثر فعلا على أنقرة فقط عندما تضع تركيا نفسها، وهو ما حصل، في موقع الطرف في الأزمة، وليس عندما تنأى بنفسها وتسعى لرأب الصدع بين أفرقاء الأزمة الداخليين.

لذلك فإن اردوغان لن يكون قادرا على القيام بأي عمل جدّي ضد سوريا في ظل عدم دعم المعارضة له وتوفير إجماع وطني. ولا تريد تركيا تكرار غزو قبرص في العام 1974 عندما خاضت حربا بمفردها عانت منها الكثير على الساحة الدولية ولا تزال. وأردوغان إذ يعرف ذلك فالأرجح انه دعا إلى اجتماع مع قادة المعارضة لكي يوفر مخرجا لنفسه لعدم قدرته على الرد على سوريا.

3- يدرك أردوغان أن الأزمة السورية لم تعد محلية بعد كل التطورات التي حصلت. وإسقاط الطائرة يحمل من الدلالات التي تمنع تركيا من القيام بأية خطوة لها تداعياتها على الساحة الدولية. ولم يكن «اصطياد» الطائرة التركية بصاروخ روسي أمرا عابرا، خصوصا بعدما أشيع أن روسيا نصبت مؤخرا شبكة رادارات في منطقة كسب السورية ردا على نشر الدرع الصاروخي «الأطلسي» في ملاطية التركية.

إن الدعم الروسي الكامل لسوريا في المرحلة الحالية وفي حادثة إسقاط الطائرة رسالة قوية جدا إلى أن موسكو لن تتهاون في أي محاولة لإسقاط النظام السوري، ولو أدى ذلك إلى حرب مع تركيا. وتنقل صحيفة «صباح» عن أوساط استخباراتية تركية قولها انه يجب التوقف عند تجديد روسيا لنظام الدفاع الجوي السوري الموجود عند سواحل اللاذقية قبل ثلاثة أشهر. وسوريا، تقول هذه الأوساط، لا يمكن أن تواجه تركيا بمفردها ولا تريد ذلك، لذا يجب إعارة الاهتمام إلى عامل الدعم الروسي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتركيا بدلا من اتخاذ خطوة مضادة على إسقاط الطائرة مثل ضرب الدفاعات الجوية السورية يجب أن تحلل بهدوء قضية إسقاط الطائرة؟

4- ويرتبط إسقاط الطائرة هذا مباشرة بحادثة هرب الطيار السوري حسن مرعي الحمادة بطائرة روسية من طراز «ميغ -21» إلى الأردن. وقد جاء إسقاط الطائرة التركية ردا مباشرا وسريعا على ذلك في «رسالة» روسية وسورية أن محاولة المس بالجيش السوري والإيهام بالقدرة على التغلغل داخله وتفكيكه، أو حتى قيامه بانقلاب ضد الأسد هي لعبة لن تمر.

5- لفت كثيرا في الداخل التركي حديث رئيس الأركان التركي نجدت اوزيل قبل يوم واحد فقط من إسقاط الطائرة أن الجيش التركي لا يمكنه القيام بعملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمال العراق من دون موافقة الولايات المتحدة. ولولا حادثة الطائرة لكان هذا التصريح – الفضيحة موضع سجال واسع في تركيا لجهة إظهار أنقرة بمظهر الذي يأخذ إذنا من واشنطن في قضايا السياسة الخارجية.

وإذا كانت «مشكلة قنديل» الواضحة جدا والمحدودة في الزمان والمكان تحتاج إلى إذن من واشنطن فكيف بحادثة الطائرة التي يمكن أن تتسبب بحروب إقليمية وعالمية؟. ومن الواضح أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ليست في وارد الدخول في أي حرب إقليمية عبر البوابة السورية. وقد أبلغ أوباما رئيس الحكومة التركية، في لقاء بينهما في المكسيك قبل أيام، ضرورة عدم اتخاذ أي خطوة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية. كما أن واشنطن دخلت في عملية بحث عن أطر للتفاهم مع روسيا لإيجاد حل للأزمة السورية. وبالتالي فإن تركيا في ظل المعارضة الأميركية لن تبادر إلى أي خطوة أحادية تجاه دمشق.

6- لفت في هذا السياق أن الأمين العام الأمم المتحدة بان كي مون، الذي تحول في الأزمة السورية إلى متحدث باسم جبهة الصقور، دعا إلى التعقل في معالجة ذيول إسقاط الطائرة السورية، في رسالة إلى أن ما يسمى بالمجتمع الدولي ليس في وارد تحمل أي هجوم تركي على سوريا.

7- يكرر المسؤولون الأتراك، وآخرهم مسؤول العلاقات الخارجية ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك، أن إسقاط الطائرة السورية هو عدوان على حلف شمال الأطلسي، وعلى دول المنطقة والشرعية الدولية. وفي ظل غياب إرادة لدى حلف شمال الأطلسي في التدخل في سوريا فإن الإشارة المتكررة إلى «الأطلسي» تعني أن أنقرة ستلتزم بقرار الحلف الذي لا يزال ينأى بنفسه عن التدخل العسكري، خصوصا أن الانتهاك التركي للمجال الجوي السوري كان واضحا وثابتا.

8- وصف غول الحادثة بأنها تنم عن «نية سيئة» وكذلك فعل تشيليك. وذلك لأن سوريا لم توجه إنذارا في البداية، حتى إذا لم تلتزم الطائرة بالإنذار أسقطت. ويعطي البعض داخل تركيا مثالا على ضرورة الإنذار المسبق ما يحصل دائما بين تركيا واليونان في سماء بحر ايجه من انتهاكات متبادلة بين طائرات بلديهما. لكن هذه المقارنة غير دقيقة، إذ انه ليس بين اليونان وتركيا حالة حرب، كذلك لا تدعم تركيا أو اليونان بالمال والسلاح والتدريب المجموعات المعارضة داخل البلد الآخر. ومع انه لا توجد حالة حرب رسمية بين سوريا وتركيا فإن الحالة موجودة بصورة غير رسمية، أو لنقل توجد حرب بالوساطة، والتدخل التركي في الشأن السوري لم يسبق له مثيل. يقول ديريا سازاق في صحيفة «ميللييت» إن «الضغوطات التركية على سوريا ارتبطت بحلم العثمانية الجديدة، والعلاقات بين البلدين وصلت إلى نقطة العداوة بعدما كانت نموذجا. وفي ظل هذه العداوة أمكن لسوريا أن تسقط الطائرة التركية من دون الضرورة إلى توجيه إنذار». ويتساءل «هل من المصادفة أن يصادف يوم إسقاط الطائرة الكشف عن تسليح الـ«سي آي إيه» للجيش السوري الحر؟». ويتساءل كوراي تشالشقان في «راديكال» انه «يجب إيضاح لماذا تذهب طائرة وعلى ارتفاع منخفض، لاستطلاع أراضي بلد آخر هو تحت التهديد بتغيير نظامه؟».

لقد كان من الطبيعي، وفق المثل الشائع «كثرة الدق تفك اللحام»، أن تصل العلاقات التركية – السورية إلى مثل هذه الحادثة، وربما أخطر من ذلك. وعسى أن تعتبر تركيا أن هذا الكم الهائل من الضغوطات على النظام في سوريا، وهذا الكم الهائل من التدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر والسعي غير المسبوق والمستهجن لتغيير النظام في دمشق (وفي بغداد ولما لا في لبنان أيضا)، غير مقبول. وفي وقت لم يمر يوم من دون أن يطلق المسؤولون الأتراك أبشع الصفات والنعوت على الأسد ونظامه كان المسؤولون السوريون يتجنبون الرد بالمستوى والنبرة نفسيهما. بعد هذا كله يحق لنا التساؤل: من يلعب بالنار: سوريا أم تركيا؟

السفير

الأربعاء

الرد التركي على سورية

رندة تقي الدين

هل ساندت قوات روسية القوات الجوية السورية في إسقاطها طائرة الاستطلاع التركية؟ السؤال يطرح كون القوات الجوية السورية عجزت مرات عديدة في الدفاع عن امنها الوطني في الأوقات التي تعرضت لضربة إسرائيلية. فأين كانت القوات الجوية السورية عندما ضربت إسرائيل الموقع النووي السوري «الكبر»؟ وأين كانت القوات الجوية السورية عندما غزت إسرائيل لبنان في ١٩٨٢ وكان الجيش السوري يحتل لبنان ورأينا جنود الجيش السوري الباسل ضد شعبه الآن ينسحب بسرعة خوفاً من الجيش الإسرائيلي؟ فالاحتمال مطروح حول قيام الروس نيابة عن حليفهم النظام السوري في مساندته بالهجوم على الطائرة التركية، ولو أن علاقة روسيا بتركيا متينة. وتحدث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن خرق مروحيات سورية الأجواء التركية خمس مرات دون أن ترد تركيا عليها في حين أن سوريا أسقطت طائرة استطلاع تركية خارج المجال الجوي السوري مما وصفه بالموقف العدواني وطالب حلف الأطلسي بعقد اجتماع طارئ للبحث في الموضوع.

إن مما لا شك فيه أن تصعيد النظام السوري إلى مواجهة عسكرية مع الأتراك ليس تطوراً طارئاً إنما هو تخبط لنظام يريد إدخال حليفه الروسي على الخط وتدويل ازمته معتقداً انه مخرجه الوحيد للبقاء قيد الحياة. إن الهجوم على الطائرة التركية هو كما وصفه أردوغان عمل عدواني على تركيا. وتركيا بلد كبير ونظامها ديموقراطي وسياستها تتميز بجدية كبرى واحترام كبير لمواطني البلد. فمن زار تركيا رأى كيف أن هذا البلد قطع أشواطاً على كل الأصعدة اضافة إلى أن الجيش التركي كبير وقوي ولن يبقى صامتاً وراضخاً لهجوم خطير. فالنظام التركي ليس الحكومة اللبنانية التي تتحمل يومياً الخروق السورية وتبقى صامتة وتنأى بالنفس عن كل ما يقوم به النظام السوري من خرق في لبنان. فحلف الناتو لن يتدخل مباشرة في سورية لأن لا احد يريد الحرب والنظام السوري مدرك لذلك. إلا أن حلف الناتو قد يبارك أي مسعى تركي للدفاع عن نفسه من التهديد السوري الذي وصفه أردوغان. وقد يعطي الضوء الأخضر لتركيا للقيام بعملية عسكرية مساندة للشعب السوري ليخلصه من نظام أخذ البلد والمنطقة إلى شفير الهاوية. فقد لا يكون الرد العسكري التركي فورياً ولكنه محتمل إذا استمرت الخروق والأعمال التهديدية السورية ضد تركيا.

إن النظام السوري يطلق النار على طائرة خرقت مرة أجواءه وهو يخرق يومياً الأراضي اللبنانية ويدخل ويذهب كما يشاء ويقتل الصحافيين مثلما حدث مع زميلنا الشهيد في محطة «الجديد» ولا احد في لبنان يتجرأ للرد لأن لبنان ضعيف بانقساماته وتبعياته. والنظام السوري يستخدم طائراته ومروحياته لقتل شعبه والمتظاهرين من اجل الحرية والشعب الباسل مستمر رغم كل ما يحصل له من مآس في المدن في التظاهر ومقاومة نظام لن يبقى منه إلا قدرة القتل والتعذيب والتهديد ودمار بلد جميل انهكه نظامه بنهجه الاستبدادي.

إن مسؤولية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كبرى في ما يقوم به النظام السوري إزاء شعبه. ومسؤولية الرئيس الأميركي باراك أوباما الضعيف اكبر في أن الولايات المتحدة القوة العظمى أصبحت مشلولة. فضغطها على روسيا اصبح شبه معدوم وهاجسها العراقي يهيمن على كل سياستها الخارجية. علماً أن بوش أنهى صدام حسين وأوباما سلم العراق إلى إيران. فرغم أن اجتماع الناتو امس لم يأت بنتائج ظاهرة خارقة إنما قد يكون اعطى الضوء الأخضر للحليفة التركية بالدفاع عن نفسها كما تشاء ومتى تراه ضرورياً لأمنها. وهذا ينبغي أن يدركه النظام السوري الذي منذ زمن بعيد يحكم بنكران الواقع.

الحياة

الأربعاء

الطائرة التركية رحلة فارقة في الأزمة السورية

                                            غازي دحمان

تثير حادثة إسقاط طائرة الاستطلاع التركية فوق المياه الإقليمية السورية العديد من التساؤلات، سواء ما تعلق منها بتوقيت الحادثة وأبعادها السياسية والعسكرية، أو ما يخص طبيعة وحدود الرد التركي المتوقع، وما أكانت هذه الحادثة سوف تشكل منعطفاً في الحدث السوري الذي يبدو يوماً بعد آخر بأنه بات يتحول إلى أزمة إقليمية مفتوحة وممتدة.

توسيع رقعة شطرنج الأزمة

في الواقع يمكن قراءة هذا الحادث باعتباره نتاج سياق طبيعي للأزمة، وهو يؤشر على مدى تعمق الأزمة ودرجة تعقيدها ومحاولات النظام السوري البحث عن مخارج، وإن كانت ذات طبيعة خطرة، تنقذه من ورطته المتمثلة في غرقه المستمر في مستنقع الدم السوري وانسداد كل إمكانيات الخروج من هذه الوضعية وعودته نظاما قابلاً للتأهيل.

بالمعنى العملياتي تحمل هذه الحادثة طابع المغامرة المدروسة من قبل النظام السوري، الهدف منها فحص التوجهات الدولية وطرق التفكير الإستراتيجية تجاه النظام واستكشاف حدود التحركات الدولية. ويأتي ذلك في ظل استشعار النظام بوجود حركة إقليمية ودولية تأخذ شكل ترتيبات معينة يجد النظام نفسه في ظلها طرفاً مستهدفاً دون إلمامه بطبيعة هذا الاستهداف وحدوده.

ومن الواضح أن التسريبات الكثيرة وذات النمط المتواتر في الفترة الأخيرة المتعلقة ببعض النشاطات الاستخبارية لأطراف دولية وإقليمية في الداخل السوري، والتي تستهدف النظام في أكثر دوائره تماسكاً، قد أربكت صانع القرار الأمني في دمشق ودفعته إلى اتباع إستراتيجية المغامرة في محاولة فك طلاسم التحرك الدولي وتوضيحها، وخاصة أن الحادث كان يمكن تجاوزه عبر القنوات العسكرية بين البلدين التي لا زالت تعمل حتى اللحظة وإن بحدودها الدنيا.

ولا تنفصل عن هذا السياق التطورات النوعية في طبيعة عمل ونوعية تسليح المعارضة السورية المسلحة في ظل تقديرات سورية ودولية عن امتلاك المعارضة لأسلحة نوعية من شأنها التأثير في ميزان القوى الداخلي، وخاصة أن قوات المعارضة باتت تتموضع في مناطق إستراتيجية مهمة، بعضها يشرف مباشرة على العاصمة دمشق وما يمثله ذلك من تهديد إستراتيجي للنظام، وبعضها الآخر، وهو ما يتحسب له النظام بأقصى درجات الحذر والريبة، بات يرسم شبه مناطق عازلة وخاصة في ريف درعا الملاصق للحدود الأردنية في ظل تحولات ملموسة في الموقف الأردني كشفت عنه حادثة لجوء طائرة الميغ 21، وإمكانية لعب الأردن أدواراً معينة في التدريب والتسليح بعد لجوء أعداد كبيرة من عناصر الجيش المنشق عن النظام السوري إليه.

واستتباعاً لما سبق تظهر حادثة إسقاط الطائرة التركية قفزة سورية بالأزمة إلى فضاء جرت دراسته بعناية وتقدير أبعاده واستحقاقاته، وهي محاولة مكشوفة لنقل الصراع إلى الدوائر الإقليمية والدولية حيث تتفاعل الأزمة وتأخذ شكل تجاذبات سياسية وإستراتيجية، ذلك أن نظام دمشق يدرك أن التفاعلات الدولية حَولته طرفاً وكيلاً وغير مباشر في الصراع وأن تصرفاته وسلوكه يراجع فيها الأطراف الدولية والإقليمية الداعمة له بل قل الممثلة له، وهكذا بات النظام يركن إلى حقيقة أن الصراع تجاوزه وصار أكبر منه، هو صراع مع روسيا وإيران، وأن النظام يعمل تحت سقف الشعار الروسي القاضي بعدم قبول إسقاط النظام السوري عبر تدخل قوات عسكرية سواء كانت تشكيلاتها إقليمية أو دولية.

في هذا الإطار أيضًا يدرك النظام السوري أن ثمة قنوات تفاوض دولية مفتوحة مع الروس، وأن ثمة مؤشرات روسية عدة تدلُّ على درجة من المرونة في الموقف الروسي باتت تعبر عن نفسها في أكثر من مجال، ولعل آخرها الإعلان عن زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى بعض دول المنطقة لشرح الموقف الروسي من الموضوع السوري.

ولا شك بأن أجهزة رصد النظام التقطت تلك المؤشرات الجديدة القادمة من موسكو وهو يحاول بسلوكه المغامر إعادة ترتيب الأوراق ودفع الأمور باتجاه تصعيد عسكري ينسف معه أية ترتيبات جديدة ويمنع أي تطورات محتملة في الموقف الروسي، مستغلاً حالة تضارب الاستعدادات اللوجستية والعسكرية الروسية التي تتعاطى مع الحدث بوصفه جزءاً من صراع جيوستراتيجي معقد، وبين ممكنات التسوية والتفاوض التي مهدت لها الدوائر الدبلوماسية الروسية مع أكثر من مكان في العالم .

ضبط الحادثة في إطار إدارة الصراع

لا شك بأن هذه الحادثة تشكل إحراجاً كبيراً لحكومة أردوغان كما تمثل اختباراً خطيراً للسياسة الدفاعية التركية وتكشف طبيعة ونوعية استعدادات أنقرة للتعامل مع أزمة طالما أكدت أنها تمس أمنها القومي بدرجة أولى.

وتأتي هذه الحادثة في ظل انقسام في المستويات العسكرية والسياسية التركية، الأمر الذي من شأنه التأثير على طبيعة القرار التركي في ظل هذا المناخ المشوب بالتوتر، وما يزيد من حدة الإشكالية اتباع القيادات السياسية لتركيا خطاباً تصعيدياً عبرت عنه تصريحات كل من الرئيس ورئيس الوزراء من أن حادثة إسقاط الطائرة ستكون لها عواقب خطيرة، وهذا المنطق الواضح والصريح يقلل من مرونة التحرك التركي ويحصره في اتجاهات وأفعال محددة، فضلاً عن كونه يرفع سقف توقعات الشارع التركي ويستفزه بنفس الآن.

غير أن ذلك لا يعني بالضرورة قيام الجانب التركي برد عسكري ساحق، بل يمكن تصريف هذا الموقف عبر تكتيكات عسكرية معينة تتم ترجمتها من خلال ضغوط عملياتية تمارسها القوات التركية بهدف إرهاق الجيش السوري بزيادة درجة استنفاره وتوتره وتشتيت جهوده على حدود طويلة جداً، إضافة إلى إمكانية توظيف الفضاء الجوي والمجال البحري الذي تتمتع فيه تركيا بتفوق إقليمي ملموس.

ولعل ما يرجح إمكانية اتباع هذا النمط من التعاطي التركي حقيقة أن تركيا تعمل في الموضوع السوري ضمن إستراتيجية كبرى وتتقاسم الأدوار مع أكثر من طرف في هذا المجال، فهي طرف في مجموعة “أصدقاء سوريا” التي باتت تملك إستراتيجية واضحة في التعامل مع الأزمة وتملك آليات يتوقع أن يصار إلى تفعيلها في مرحلة قادمة، إضافة إلى عضويتها في حلف الناتو وما توفره لها من حماية دولية وتعطيها فرصة للتنسيق مع قوى عسكرية عظمى لها مصالح حيوية في المنطقة، وفي هذا الإطار ترى تركيا نفسها طرفاً في إدارة الأزمة في سوريا وبالتالي لا بد أنها ستتنبه إلى محاولات تحويلها طرفاً في الأزمة.

استثمار الحادث داخليا وخارجيا

من المتوقع أيضاً أن تعمد حكومة أردوغان إلى استثمار هذه الحادثة والإفادة منها في علاقاتها الداخلية والخارجية، سواء لجهة الضغط على الأصوات التي تنتقد تدخل الحكومة في الأزمة السورية عبر إثبات نظرية تأثير هذه الأزمة على الأمن القومي التركي، أو عبر علاقاتها مع كل من إيران وروسيا من خلال إثبات أنها طرف إقليمي مسؤول ويعاني من تبعات امتداد الأزمة السورية واستمرارها.

لقد أظهرت السياسة التركية على طول امتداد الأزمة السورية عدم استعجال واضح في الوصول إلى نهايات سريعة وغير مدروسة للأزمة السورية وعملت على موازنة حساباتها بدقة وصبر ملحوظ، كذلك عملت على عدم تطوير مواقفها إلى مرحلة اشتباك طالما حاول النظام السوري دفعها إليه، وفي سبيل ذلك انخرطت السياسة التركية ضمن أطر أوسع لتجنب ارتدادات الحدث السوري ومحاولة حصره ضمن أضيق النطاقات الإستراتيجية، وهي تدرك أن أي اشتباك مع الطرف السوري من شأنه تعقيد الأزمة ومنح النظام طوق نجاة يبحث عنه.

لن تمر حادثة إسقاط الطائرة التركية من دون أن تترك عواقب لها، هذه حقيقة تعنيها الدبلوماسية التركية، لكن طرق تصريفها وخيارات الفعل التركية بصددها قد تأخذ طيفاً واسعاً من الإجراءات، وهو ما قد نلحظه في تطور الموقف الدولي في الأيام والأسابيع القادمة، وإذا كان النظام في سوريا يتوقع أن يجد خلاصاً لأزمته في الملعب التركي فمن المتوقع أنه قد اختار المكان الخاطئ.

الجزيرة نت

الجمعة

هل الحرب قادمة مع سوريا؟ ليس بعد

مصطفى أكيول

كان إسقاط القوات السورية لطائرة تركية، قبل أسبوع، إيذانا بنشوب أزمة جديدة. وتركزت عناوين جميع وسائل الإعلام على ذلك الاعتداء السوري، متسائلة عما إذا كانت تركيا على وشك الدخول في حرب أم لا. وباءت بالفشل جهود البحث عن الطيارين التركيين، اللذين سقطا على ما يبدو في البحر، وبات واضحا بصورة مؤلمة أن مدافع أجنبية قد أودت بحياة أتراك في البحر المتوسط مرة أخرى، بعد واقعة السفينة «مرمرة».

ووسط كل هذه الأجواء، حبس الجميع أنفاسهم، في انتظار الكلمة الأسبوعية، التي يلقيها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، أمام البرلمان التركي. وقد ألقى الرجل خطابا قويا بما يكفي للتنديد والاستنكار، وكذلك تهديد النظام السوري، ولكنه اتسم أيضا بما يكفي من الحذر لتجنب أي تصعيد قد يقود تركيا إلى حرب حتمية.

وقال أردوغان في كلمته: «صداقة تركيا ثمينة، ولكن لا بد أن يعرف الجميع أن غضبها كبير كذلك»، ثم أوضح أن قواعد الاشتباك مع سوريا من الآن فصاعدا قد ارتفعت إلى مستوى جديد، مؤكدا: «أي عنصر عسكري قادم من سوريا ويشكل تهديدا أو خطرا أمنيا على الحدود التركية سيتم التعامل معه باعتباره هدفا عسكريا».

وهذا يعني أن حادثة الطائرة هذه ليست ذريعة للحرب، لكن أي أعمال عدوانية مستقبلية من قبل النظام السوري ربما تكون كذلك، ومن ثم فعلى شبيحة دمشق أن يحسنوا التصرف.

وفي رأيي أن هذا هو الموقف السليم من جانب تركيا، فالدخول في حرب مع سوريا، أو مع أي أحد، سيكون بمثابة مغامرة كارثية يذهب ضحيتها أناس أبرياء وتدمر الاقتصاد التركي وتلقي بظلالها على «القوة الناعمة» التي تتمتع بها تركيا. وفي المقابل، فإن الظهور بمظهر الضعيف عند التعرض لاعتداء سيكون خطأ هو الآخر. ويبدو أن أردوغان قد عثر على التوازن السليم ما بين هذا وذاك.

والموضوع الآخر الذي تناوله أردوغان في خطابه هو كيف وأين أصيبت الطائرة بالضبط، حيث أوضح أنها كانت طائرة عسكرية غير مسلحة تؤدي طلعة جوية اعتيادية «لاختبار نظام الرادار الخاص بتركيا»، لكنها اخترقت المجال الجوي السوري عن غير قصد ولبضع دقائق فحسب، قبل أن تتلقى تحذيرا من قاعدتها وتغادر الأجواء السورية على الفور. إلا أن السوريين أصروا على استهدافها، وقاموا بإسقاطها فوق المياه الدولية.

وقد قدم السوريون بالطبع رواية مختلفة؛ فهم يزعمون أن الطائرة تم ضربها داخل المجال الجوي السوري. ولكن إذا كانوا صادقين في ذلك، فينبغي عليهم الكشف عن صور الرادار التي التقطوها، كما فعلت تركيا.

وفي النهاية، فقد أضافت حادثة إسقاط الطائرة مستوى آخر إلى التوترات القائمة بين تركيا وسوريا، التي أخذت في التصاعد منذ الأشهر الأولى لثورات الربيع العربي. والمثير للسخرية أن البلدين كانا وقتها قد أقاما صداقة قوية بينهما، حيث كانت العلاقة بين أردوغان والأسد متينة للغاية، وتم فتح الحدود بين البلدين، وصارت سوريا هي الشاهد الأول على نجاح «سياسة تصفير المشكلات»، التي انتهجتها تركيا مع جيرانها.

ومع ذلك، فإن الأتراك الذين يذكرونك بتلك الأيام الخوالي الجميلة التي شهدتها العلاقة بين تركيا وسوريا، ويتساءلون بغضب «عما أفسد الأمور» مخطئون تماما، فالأسد في ذلك الوقت لم يكن يذبح شعبه. صحيح أنه كان نظاما بلا ديمقراطية، ولكنه لم يكن يتصرف كآلة قتل، كما يفعل الآن.

والحقيقة الواضحة هي أن ثورات الربيع العربي بدأت فصلا جديدا تماما في تاريخ الشرق الأوسط، حيث أصبحت الفجوة بين النظم الاستبدادية وشعوبها أكثر وضوحا مما كانت في أي وقت مضى. ومما يحسب لتركيا أنها فعلت ما هو صواب بانحيازها إلى الشعوب، ولا بد أن يستمر هذا في كل مكان، وبالذات في سوريا. وعلى تركيا أن لا تتهاون في موقفها المناهض لنظم الطغيان الموجودة في المنطقة.

ملحوظة: تهانينا لمحمد مرسي، أول رئيس مصري يتم انتخابه في انتخابات ديمقراطية. ويحدوني أمل كبير في أن يكون «رئيسا لكل المصريين»، كما تعهد في أول خطاب له بعد فوزه بالرئاسة. وعلى جميع المصريين، بمن فيهم من لم يصوتوا له، أن يمنحوه الفرصة.

* بالاتفاق مع صحيفة

«حرييت ديلي نيوز» التركية

الشرق الأوسط

الخميس

هل بامكان تركية أن تجبر الولايات المتحدة دول الناتو على مهاجمة سوريا؟

آدم ليفاين

لقد اتخذت القيادة التركية لهجة أكثر شدة يوم الأحد, حيث وصفت عملية إسقاط طائرتها من قبل سوريا  بأنها “عمل عدائي” كما أنها أثارت حقها في التشاور مع دول الناتو. هذه الدعوة للتشاور أثارت التساؤل حول ما إذا كانت الدول الأخرى بما فيها الولايات المتحدة سوف تقوم بالرد نيابة عن تركيا.

لقد تحدث وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون و مع وزيرة الخارجية الأمريكية و مع المملكة المتحدة و فرنسا و روسيا و إيران و مع منسقة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون منذ حصول الحادث وهو ما أخبر به المتحدث باسم الخارجية التركية سيلكوك أونال السي إن إن يوم السبت الماضي.

و قد وصف وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ الحادث بأنه “مشين” و قال بأنه يدين هذا العمل بقوة.

وقد قال وزير الخارجية البريطاني :” إن على نظام الأسد أن لا يرتكب خطأ الاعتقاد بأنه يمكن أن يقوم بالعمل و يفلت من العقاب. النظام سوف يتحمل مسئولية أعماله”.

و قد دعا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكي مارتن ديمبسي نظيره التركي نهاية هذا الأسبوع, كما أخبر مسئول أمريكي مراسلة السي إن إن باربرا ستار.

و قد تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع نظيرها التركي أيضا. و في بيان صدر يوم الأحد وصفت الحادث بأنه “عمل وقح وغير مسئول بأقوى العبارات الممكنة”.

إن أعضاء الناتو سوف يجتمعون هذا الثلاثاء في بلجيكا من أجل مناقشة الحادث, و ذلك بطلب من المسئولين الأتراك , وفقا للمتحدثة باسم الناتو أوانا لونغيسكو.

الاجتماع أو ” المشاورات” دعت إليها تركيا تحت البند الرابع من معاهدة الناتو, و ذلك وفقا ل لونغيسكو من خلال رسالة إلكترونية أرسلتها إلى السي إن إن. و تتوقع أن تقوم  تركيا بتقديم موجز حول حادث الطائرة.

و قد كتبت لونغيسكو “تحت البند الرابع, فإن أي عضو يمكن أن يطلب التشاور متى ما أراد, حول سلامة أراضيه و استقلاله السياسي أو أي تهديد أمني موجه له”.

مع التشاور, هناك فرصة بأن تطالب تركيا برد عسكري جماعي. و هي الفكرة القادمة من ما يعرف باسم الفقرة الخامسة من معاهدة  واشنطن لحلف شمال الأطلسي, و التي تنص على أن أي دول عضو تهاجم – و هو ما ينطبق على تركيا- فإنه يتوجب على باقي أعضاء الناتو و بعمل جماعي أن يقوموا بالدفاع عن النفس “بالطريقة المناسبة من ضمن ذلك استخدام القوة المسلحة من أجل الحفاظ و استعادة أمن منطقة شمال الأطلسي”.

لقد أثيرت الفقرة الخامسة مرة واحدة منذ إنشاء الناتو, و هو الرد العسكري بعد حادثة 11/9.

في هذا الحادث’ و بعد تصريحات ضبط النفس في وقت مبكر, صدر عن تركيا تصريحات غاضبة جدا و ذلك مع تكشف المزيد من التفاصيل. يوم الأحد, قال وزير الخارجية التركي بأن بلاده سوف ترد بحزم وفق القانون الدولي و قد فند ما زعمته سوريا وقال بأن عملية إسقاط الطائرة كان عملا عدوانيا.

إن الطائرة التي أسقطت لم تكن مسلحة و لم ترسل إي إشارات عدائية, كما قال داوود أوغلو. و قد كانت الطائرة تختبر أنظمة الرادار التركية وفقا لأوغلو.

و قد قال في أول بيان تفصيلي صادر عن تركيا “عليك أن ترسل تحذيرا في البداية. و إذا لم ينجح التحذير, فإنك ترسل طائراتك و ترسل إشارات تحذيرية أكثر قوة و تجبر الطائرة على الهبوط. لم يكن هناك وقت كافي للقيام بأي شئ مما ذكر في الوقت الذي كانت فيه طائرتنا في الأجواء السورية”.

و قد أضاف داود أوغلو بأن الطائرة قد أسقطت في المجال الجوي الدولي.

لقد قامت تركيا بإثارة البند الرابع من قبل, و ذلك بعد أن ثارت التوترات على الحدود مع العراق.

و قد قالت لونغيسكو “هذا الأمر لم يؤدي إلى استخدام الفقرة الخامسة”.

و قد أخبر مسئول أمريكي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع مراسل السي إن إن جيل دورتي يوم الأحد بأن طلب تركيا “تشاوري فقط , و هم لم يطلبوا أكثر من هذا”. و قد أضاف المسئول بأن هذا التحرك يعني أن تركيا تعتبر أن عملية إسقاط سوريا لطائرتها يعتبر تهديدا للأمن التركي”.

إذا كان الناتو يبحث عن القتال, فإن هذا الأمر يعتبر فرصة جيدة لإثارة الفقرة الخامسة, و لكن ليس هناك أي رغبة لصراع عسكري مع سوريا في الوقت الحالي, و هذا ما أخبر به دبلوماسيون من الناتو مراسلة السي إن إن إليسي لابوت يوم الأحد الماضي.

إن هناك الكثير من العوامل التي تعمل ضد الرد العسكري. أولها و أهمها, أنه يتوجب الحصول على موافقة مجلس شمال الأطلسي على هذا الأمر. أيضا, حتى لو وافق, فإن كل عضو يمكن أن يشارك كما يرى الأمر مناسبا من طرفه.

و بحسب وصف الناتو الذي نشر على موقعه الإلكتروني فإن الأمر “يعتبر واجبا فرديا يترتب على كل حليف و كل حليف مسئول عن تحديد ما هو ضروري في هذه الظروف المحددة”.

لقد عارضت الولايات المتحدة و العديد من الدول الأخرى التدخل العسكري و أنها لن تشجع تركيا على المضي بسرعة في هذا الموضوع. بعد أن قامت القوات السورية بقصف اللاجئين السوريين في الجانب التركي من الحدود بداية هذا العام, فقد أوضح وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا بأنه يمكن لتركيا أن تدعي الحاجة إلى الدفاع الجماعي عن النفس.

و قد سئل بانيتا حول إثارة الفقرة الخامسة و ذلك في جلسة استماع لجنة الخدمات المسلحة في شهر أبريل.

و قد قال بانيتا “أعتقد أنه من الواضح بأن الطريق الوحيد لكي تتدخل الولايات المتحدة عسكريا هو إن كان هناك إجماع في المجتمع الدولي من أجل محاولة فعل أي شئ على هذا الخط. و من ثم يجب التأكد و بشكل واضح أن المجتمع الدولي قادر على الحصول على السلطات اللازمة من أجل المضي في هذا الأمر. كما أن عليهم أن يتأكدوا أن ما يجري هناك يشكل حقيقة تهديدا مباشرا لتركيا. و أعتقد أن هذا الأمر لربما يمتد”.

في بيانها يوم الأحد, قالت كلينتون بأن الولايات المتحدة سوف تبقى على اتصال مع تركيا و ذلك مع قيامها بتحديد ردها. إن الولايات المتحدة سوف تعمل مع تركيا و الشركاء الآخرين من أجل تحميل نظام الأسد المسئولية. وفقا لكلينتون.

لقد وافق أعضاء الناتو الرد على هذا الحادث, و ذلك كما كتب جايمس جوينر في مدونة مجلس الأطلسي, لقد شعر جوينر الذي قال بأنه يعارض التدخل العسكري في سوريا, بأن الحادث لم يثر لحد الآن ذلك المستوى من الرد.

و قد كتب جوينر يوم الجمعة :”إن الكلمة العملياتية التي تجرد هذا الحادث من الفقرة الخامسة هي ” الهجوم”. لقد كانت تركيا متورطة في عمل عدائي على حدودها مع سوريا خلال الوضع المتوتر المحدد و قد دخلت في المجال الجوي السوري. و بينما يمكن اعتبار إسقاط الطائرة ردا مبالغا فيه, فإن حكومة الأسد قالت أن الأمر بالكاد يكون هجوما”.

إضافة إلى ذلك, فقد قال جوينر بأن الفقرة بحاجة إلى رد من أجل الحفاظ أو استعادة الأمن في منطقة شمال الأطلسي.

و أضاف جوينر “بالنظر إلى أن الحادث قد تم احتواؤه, فإن هذا الأمر يعني على الأرجح أنه سوف لن يتبع بأي شكل من أشكال العمل في غياب الاستفزاز السوري, وذلك بالنظر إلى أن الأمن محفوظ فعليا. في الواقع فإن رد الناتو أو الرد التركي سوف يجعل من المنطقة أقل أمنا”.

و لكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد يشعر أن عليه أن يقوم برد حاسم, و ذلك كما يقول فؤاد عجمي من مركز هوفر والذي قال بأن أردوغان يقع حاليا تحت الضغط بعد أن انقلب ضد  النظام السوري و دعا إلى إنقاذ الشعب السوري.

و قد قال عجمي في مقابلة مع السي أن أن “أعتقد أن الوضع محرج بالنسبة لرجب طيب أردوغان بسبب أنه بحاجة أن يقدم شيئا ما بالمقارنة مع التهديد الذي أطلقه” .

و قد قال عجمي بأن عملية إسقاط الطائرة يعتبر تطورا مقلقا نوعا ما لأنه يعطي الرئيس السوري بشار الأسد شعورا بالتخلي عنه.

“إن تركيا عضو في الناتو. كما أن تركيا قوة هائلة جدا. إضافة إلى أن تركيا أكبر من سوريا بأربع مرات. كما أن الجيش التركي مؤسسة قوية جدا.

وفكرة أن النظام المتداعي في دمشق يمكن أن يسقط طائرة تركية – طائرة إف 4 فانتوم, يخبرنا بأن نظام بشار الأسد لديه إحساس بعدم القهر , و أنه لا أحد قادم لإنقاذ الشعب السوري” وذلك كما قال عجمي يوم الجمعة.

و لكن في نهاية المطاف, ليس هناك أي شخص يتوقع أن يطلب الأتراك إثارة الفقرة الخامسة, و ذلك لمعرفة أن الناتو لن يسير على هذا الخط على الأرجح, وفقا لما أدلى به دبلوماسيين للسي إن إن يوم الأحد. إن الانطباع هو أن تركيا نفسها لا تريد أن تصعد الأمور إلى ذلك الحد, أيضا.

سي إن إن

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

السبت

دور أكبر من أردوغان

    سميح صعب

 بعد اسقاط الجيش السوري المقاتلة التركية والرد التركي بحشد قوات على الحدود مع سوريا ورفع انقرة الامر الى حلف شمال الاطلسي، الى أي مدى يمكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان يذهب في تصعيد وضع أقحم نفسه فيه منذ اللحظة الاولى التي انحاز فيها الى المعارضة السورية ضد النظام عوض ان يدخل في وساطة جدية بين الجانبين او ينأى بنفسه نسبياً عن الصراع شأنه شأن العراق او الاردن او لبنان.

 كانت تركيا الطرف الاكثر دعماً للمعارضة السورية عقب تبدل مفاجىء في موقف انقرة الذي كان على علاقة استراتيجية بدمشق.  وتالياً كان من الطبيعي ان تكون تركيا الاكثر تأثراً بوقع الاحداث في سوريا صعوداً ونزولاً. وهي التي هددت منذ اكثر من سنة باقامة منطقة عازلة داخل الاراضي السورية لاستيعاب السوريين الفارين من القتال. واتخذ اردوغان وضع ان الازمة السورية شان تركي داخلي وانه لا يمكنه الا الوقوف الى جانب المعارضة. لكن السؤال الان ما هو موقفه وسوريا كلها تنزلق نحو حرب اهلية وأي طرف من هذه الحرب سيختار؟ وقبل ان يندفع اكثر نحو سوريا  يحسن به ان يقرأ تاريخ من تورطوا في حروب اهلية في دول مجاورة لدولهم.

لعل وراء اندفاع اردوغان نحو التورط في سوريا شعوره بانه معرض ليفقد الكثير من دوره الاقليمي اذا ترسخت مصر دولة ديموقراطية وانجزت العملية الانتقالية بسلاسة وعادت لتلعب دوراً غابت عنه اكثر من 35 عاماً.  وليست مصر وحدها التي تأكل من دور تركيا، بل ان عودة العراق الى ممارسة دوره الطبيعي في محيطه الذي غاب عنه بسبب حروب صدام حسين، يقلق اردوغان ويجعله يبحث عن تعويض في سوريا التي تعيش اضطرابات الآن.

 وعودة مصر والعراق تجرد اردوغان من دوري الملهم    والنموذج في المنطقة وتقلص كثيراً حدود النفوذ التركي في الشرق.

 واذا ما اضيف الى ذلك الاحباط الذي يشعر به اردوغان من اوروبا التي ترفض ان تعوضه ما يخسره في الشرق، فإن كل هذه العوامل تجعله يبحث عما تبقى له من نفوذ عبر البوابة السورية.

 ان التبدل في موازين القوى في المنطقة يدفع اردوغان الى تأدية دور في سوريا. ولكن ما يجب ان يتنبه اليه هو ان هذه المخاطرة ليست مجانية وانها يمكن ان ترتب عليه الكثير من الاثمان. فتغيير الخرائط السياسية للمنطقة قد يجعل التاريخ يستيقظ مجدداً بكل صراعاته ومآسيه.

 الافضل لاردوغان ألا يقحم تركيا في نزاع اكبر من طاقته. وليقرأ جيداً الموقف الروسي.

النهار

السبت

حدود قواعد الاشتباك التركي – السوري

خليل حسين

بصرف النظر عن سياسة تركيا القائمة على تصفير المشكلات مع دول الجوار، وبخاصة مع سوريا والعراق، فإن العلاقات السورية التركية لم تشهد يوماً تطوراً يرقى إلى مستوى العلاقات الطبيعية بين دولتين جارتين، رغم كل الاتفاقيات التي عُقدت خلال العقد الماضي، والتي وصل بعضها إلى مستوى الاتفاقيات الاستراتيجية في بعض المجالات .

وقد أتت حادثة إسقاط الطائرة التركية لتعطي بُعداً آخر أشد تعقيداً على علاقة أنقرة بدمشق، خاصة بعدما لجأت تركيا إلى الحلف الأطلسي، لكن هذا الخيار لم يكن بالمستوى المرغوب تركياً، فقد نوقش الموضوع وفقاً للمادة الرابعة من ميثاق الأطلسي، وهو نقاش ذو طابع تشاوري لا يرقى إلى اتخاذ قرارات تنفيذية، كما تنص عليها المادة الخامسة من الميثاق . فماذا يعني ذلك في السياسة والأمن؟

في السياسة ثمة تمهّل أطلسي في معالجة التصعيد السياسي  العسكري، السوري  التركي إلى أجل محدد، نطاقه على ما يبدو إلى حدود التجديد للمهمة الدولية كحد أقصى، وعلى الأقل إلى حدود المؤتمر الدولي لمعالجة الأزمة السورية، وبين الموعدين ثمّة كلام كثير في السياسة التركية، حدوده الضغط على دمشق أكثر فأكثر، من دون نوايا عدوانية كما عبر عنها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، مع الإشارة الاستطرادية التي أطلقها بحفظ حق الرد على إسقاط الطائرة التركية .

في الأمن ثمة اتجاه آخر لا يختلف عن السياسة في المدى المنظور، أي أن قواعد الاشتباك السياسي  العسكري، هي ضمن حدود السيطرة والمتابعة والتركيز، على أن ذلك لا يعني بالضرورة عدم رفع النبرة والانتقال إلى مستويات أرفع في المعالجات وإدارة الأزمة .

وفي الواقع، أن ميزان القوى العسكري بين أنقرة ودمشق لا يعكس عملياً وواقعياً مستوى التعامل التركي مع أزمة الطائرة، فعملياً كانت ردة الفعل التركية بداية عالية النبرة، ما لبثت أن خفتت نسبياً لدواعٍ إقليمية ودولية، وعلى الرغم أيضاً من لغة الاحتواء الدبلوماسي للأزمة، فثمة عناصر أخرى كثيرة تحفز الموقف التركي إلى التصعيد في المستقبل القريب، لكن في الوقت نفسه لا تملك القدرة على اتخاذ الموقف منفردة، وبمعزل عن أطراف آخرين من بينهم الولايات المتحدة والأوروبيون .

في المقابل، تبدو دمشق في موقع الغريق الذي لا يخشى من البلل، فهي من جهة لا تملك منفردة خيارات التصعيد السياسي والعسكري لاعتبارات الأزمة المستفحلة يوماً بعد يوم، علاوة على أن المقرر في هذا الشأن ليست دمشق تحديداً، وإنما عواصم أخرى من بينها موسكو وطهران، بالنظر إلى ما تشكلانه من خلفية داعمة ذات وزن مقرر في المسائل الاستراتيجية وبطبيعة الأمر الأزمة القائمة بين أنقرة ودمشق .

إن تداخل الأزمة السورية وتشابكها بين الوضعين الداخلي والخارجي، يجعل قواعد الاشتباك التركي  السوري مرهونة بعوامل خارجة عملياً عن إطار سيطرتهما وقدرتهما على التحكم فيها في المدى المنظور، ورغم ذلك ثمة العديد من العناصر المؤثرة التي يصعب ضبطها، قادرة على تغيير السلوك السياسي للعديد من أطراف الأزمة السورية، وبالتالي تأثيرها في آليات ووسائل إدارة الأزمة على الصعيدين الداخلي والخارجي .

إن إصرار أطراف الأزمة السورية على عدم الولوج في الحل السياسي، ينذر بعواقب وخيمة على مسار الأزمة إقليمياً ودولياً، وبالتالي دخول المنطقة برمتها في نفق مظلم يصعب الخروج منه من دون أثمان كبيرة جداً، ويمكن أن تؤثر في طبيعة التوازنات القائمة، وبالتالي في مستوى النظامين الإقليمي والدولي، وصولاً إلى التأثير في الجغرافيا السياسية للعديد من كيانات المنطقة .

إن انتقال الأزمة السورية من الأرض إلى الجو، عمل من شأنه تغيير السلوك السياسي للأطراف الفاعلين والمباشرين في الأزمة، ويمهد لتغيير قواعد الاشتباك السياسي والعسكري لأطرافها عاجلاً أم آجلاً . لقد رفعت أنقرة البطاقة الحمراء في وجه دمشق، فيما سحب حلف الأطلسي بطاقته الصفراء وفقاً للمادة الرابعة من ميثاقه، فهل ستُرتكب أخطاء أخرى ما يستدعي اللجوء إلى المادة الخامسة، وبالتالي التقاء البطاقتين التركية والأطلسية؟ الإجابة مرهونة بأحداث القليل من الأيام المقبلة .

الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى