صفحات العالم

موسكو تشعر بقرب غرق الأسد؟


    علي حماده

 من الواضح ان اندفاع النظام في سوريا نحو استراتيجية المجازر “الهادفة” وضع سوريا على شفا الحرب الاهلية الشاملة والمفتوحة. وفي يقيني ان سوريا تعيش حربا اهلية عمل من أجلها النظام منذ اليوم الاول لقيام الثورة في 15 آذار 2011. فقد واجه التظاهرات السلمية المدنية بالرصاص الحي، ثم بالقنابل وقذائف الدبابات والمدفعية الثقيلة، وصولا الى الذبح المنهجي في العديد من المناطق الى حد ان الشعب المسالم والاعزل ما عاد يجد وسيلة للدفاع عن نفسه سوى حمل السلاح الخفيف ونزول الجنود المنشقين الى الشارع للدفاع عن الناس. لقد عمل النظام على عسكرة الثورة السورية معتقداً انه أقدر على مواجهتها بالحديد والنار في اطار حرب فيحسم الموقف. ولكن سرعان ما بدا ان الحسم ما كان بالامر السهل، وان دونه معطيات جديدة على مسرح المواجهة اولها ان جيش بشار ما حظي يوما ببيئة شعبية حاضنة من اقصى سوريا الى اقصاها. في المقابل بدا الثوار اكانوا مدنيين ام جنوداً منشقين او حتى من حملوا السلاح في نهاية الامر اشبه بالسمكة في الماء. اما كان ماو تسي تونغ في خضم الحرب الشعبية اواخر الاربعينات يقول ان العنصر الاهم المحدد لانتصار الثورة المسلحة ان يتحرك الثوار وسط الشعب مثل السمكة في الماء؟ في حالة سوريا وعلى رغم الآلام العظيمة طبق الثوار قاعدة ماوتسي تونغ مما حال دون بشار والحسم النهائي في اي بقعة من البقاع الثائرة. وللتأكيد على ما نقول فقد حاولنا ان نجد مكانا واحدا تمكن فيه بشار من تطبيع الوضع فعجزنا. اكثر من ذلك يؤكد المراقبون الامميون في تقاريرهم ان حوالى 45 في المئة من مساحة سوريا خرجت عمليا عن سيطرة النظام.

بالامس توسع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في شرح فكرة المؤتمر الدولي الموسع الذي تدعو اليه موسكو لحل الأزمة في سوريا كبديل من قرار بموجب الفصل السابع في مجلس الامن، او من مزيد من العقوبات على النظام. فهل جاء المقترح الروسي في ضوء معلومات جديدة مفادها ان الوضع الميداني يتغير، وان بشار يعمل اليوم على رسم حدود الدويلة العلوية بالدم، مركزا المجازر والتدمير والتهجير المنهجي في المناطق التي طال الحديث عن أنها ستكون جزءا من الدويلة ان كعمق جغرافي، او كممر استراتيجي مع لبنان ولا سيما بقاعه الشمالي الواقع تحت سيطرة بيئة سياسية وطائفية “حليفة”؟

نحن نعرف تمام المعرفة ان فكرة الوحدة ما كانت يوما سوى خيار متغير للنظام الذي بناه حافظ الاسد، اما الخيار الآخر الذي ما غاب يوما فكان الدويلة ساعة لا يعود في الامكان الاحتفاظ بحكم سوريا موحدة. من هذا المنطلق تجد المجازر التي يرتكبها النظام تفسيرها المنطقي في اطار مشروع تفكيك سوريا ومحاولة اقتطاع ابناء حافظ الاسد دويلة مذهبية يستمرون فيها. فحكم سوريا صار حلما بعيد المنال، والعودة الى نظام حافظ الاسد ابعد منالا.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى