صفحات سوريةغسان المفلح

المجلس الوطني السوري بين التمثيل والتلغيم.. قضايا للحوار


غسان المفلح

على الثوار والمجتمع الاهلي تشكيل مجالسهم المحلية في البلدات والقرى والمدن، لكي تكون مجالس وطنية مصغرة، وحاضن للمجلس الوطني وضامن لخطه السياسي، وبديل عنه في حال خرج عن مطالب الثورة. وبنفس الوقت تقود هذه المجالس المرحلة الانتقالية، والثورة معا على الارض…مجالس تضم قادة التنسيقيات وشخصيات اجتماعية مع الثورة، وبذلك يكون التمثيل السياسي قد تحقق على الارض بالمعنى النسبي للعبارة، وأتمنى على لجان التنسيق المحلية والهيئة العامة للثورة وباقي تشكيلات التنسيقيات، وتنسيقيات الشباب الكرد، ان يبدأوا بتشكيل مثل هذه المجالس المحلية..والأهم ايضا من أجل احتواء أي منحى للوضع لايخدم الثورة. وتأمين المساعدات المطلوبة للناس..

وبالمقابل يجب ان يولي المجلس الوطني أهمية كبيرة لهذا الموضوع، بدلا أن يصدر البيانات هو واطراف المعارضة الأخرى بنبذ العنف والاعمال الطائفية في بعض المناطق، إن هذا التمنى على الثوار بالنسبة لي ولكثر من النشطاء والمعارضين، يدخل ضمن الأمل في أن تفرز الثورة تمثيلها على الارض، تحسبا لأي طارئ، لأننا في المعارضة السورية نعاني من أزمة مزمنة، وهذه الأزمة رغم تشكيل المجلس الوطني، يمكن أن تلغم التمثيل الحقيقي لمطالب الشارع بوجهات نظر، غير منسجمة مع مطالب الناس ومعاناتها، أو من خلال اختراق بعض شخصيات لفضاء المعارضة بحجة أنها لم تمثل، من أجل تلغيم المجلس من الداخل، وافشال المطلب الديمقراطي للشعب السوري، وبعيدا عن هذه التخوفات والهواجس، يبقى هذا المطلب كما أراه حاجة داخلية وحقيقية وهامة للثورة وشبابها الذي يفدون كل الوطن السوري بدماءهم، وجميعنا يلاحظ بالطبع، أزمة التمثيل السياسي للمعارضة والمعارضين، وهذا الفهم الذي يجعل حركة المعارضة السورية اقل دينامية واقل تناسبا مع حركية الثورة وتضحياتها.

هل المجلس الوطني هو تكليف أم تشريف؟ وهل من يتبنى الخط السياسي للمجلس من المعارضين وخاصة المستقلين، يجب أن يمثل بشخصه؟ وإذا لم يمثل بشخصه يصبح المجلس اقصائي وبالتالي يجب العمل من أجل التشويش عليه، والعمل من أجل تأبيد الأزمة المزمنة للمعارضة، كيف يمكن حل هذه المعضلة؟

أنا اتفهم مطلب حزب بكامله، أو تحالف بين احزاب وتيارات، لم يمثلوا في المجلس وهم لايختلفون معه في الخط السياسي أن يسعوا للانضمام للمجلس ويكون لهم ممثلين داخل هيئاته ومكاتبه، ولكن اصرار كل المستقلين على أن يكونوا ممثلين وإلا الويل والثبور للمجلس، فإن هذا مطلب تعجيزي لايمكن أن يتحقق مهما كانت الامور، لأن هنالك عوامل موضوعية تتعلق بديناميات العمل ومتطلباته، هل يعقل أن نظهر أمام العالم بمجلس يضم 5000 عضو مثلا، ويضم مكتبه التنفيذي 200 عضو مثلا إذا ارادوا الذهاب للقاء مسؤول دولي، يذهب 50 منهم!!! هل هذا معقول؟

إذا كنت أثق بالمجلس واعتبر أنه يمثلني سياسيا، ولاعتبارات ما، لم أكن موجودا بشخصي فيه، فهل هذا يحول المجلس إلى حالة يجب الهجوم عليها وبعثرة جهودها في معارك هامشية مع اطراف من المعارضة السورية؟ بالتأكيد هنالك شخصيات لاتحصى غير موجودة في المجلس وهي أكثر رمزية تاريخيا من اعضاء كثر داخل المجلس، وربما أكثر دينامية، ولكن هل هذا يعني أن تعالج الامور بالتهجم ومحاولات حثيثة لتشكيل بدائل، تبوء بالفشل غالبا لكنها تشوش على عمل المعارضة وصورتها. وهذا ما أقول عنه أيضا أنه تلغيم لعمل المجلس وليس بحثا عن تمثيل سياسي..

بالمناسبة أريد ان أكون صريحا في هذه النقطة، إن المجلس لايزال يعاني من عدم الانسجام في عمل مكاتبه، ويعاني من تقصير، وهنالك آراء تسللت للمجلس عبر شخوص، ليست مقتنعة بكل مطالب الناس في الشارع، وتحاول أن تفرض هذا الأمر بطريقة أو بأخرى على المجلس عموما، وهنالك من يتصدى لها، وهذا يعني فيما يعنيه، أن المجلس أيضا داخله تيارات سياسية متباينة الرؤى حول بعض المسائل. وهو ليس كتلة مصمتة على رأي واحد، وهذا طبيعي ولكن ما يجب الانتباه له،هو الخوف من أن ينتصر الاتجاه الذي يجعل الشارع ينفض عن المجلس، وخاصة لجهة الاشخاص الذين يخرجون على الاعلام، يجب أن ينتبهوا لتصريحاتهم وما يدلون به، وهنا بكل صراحة وصدق وحرص اسجل ملاحظتي على الدكتور الصديق برهان غليون” الصديق برهان لايزال في بعض اطلالاته الاعلامية يتعامل أنه صاحب رأي يريد الدفاع عن رأيه، وهذا خطأ يمكن أن يؤثر سلبا على عمل المجلس، الدكتور برهان غليون رئيسا للمجلس، وليس صاحب رأي يدافع عنه، ويجب أن يقول فقط ما يراه المجلس للاعلام أما آراءه الخاصة يمكن أن يعبر عنها بطريقة أخرى..وبأماكن أخرى داخل المجلس أو خارجه..خاصة إذا عرفنا أن هنالك من يحاول التصيد…ساضرب مثالا” الشارع ينادي بحماية دولية للمدنيين وبدعم الجيش السوري الحر وعدم الحوار مع هيئة التنسيق كخط سياسي وليس كشخوص، واعتقد أن الشارع والمجلس قد بت بهذه القضايا، فيجب على من يخرج للاعلام من اعضاء المجلس أن لا يتحدث برأيه الشخصي إذا كان في موقع مسؤولية، بل يجب أن يدافع عن رأي المجلس ورأي الأكثرية فيه..هنا نعود لقضية كيفية التعاطي مع موضوعة التمثيل السياسي، ولاأزال أعتقد أن الدكتور برهان قادرا على تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولكن أعتقد أيضا أنه يجب ان يكون قد تعود على الحديث” بنحن كمجلس” فالناس تنتظر اطلالاته الاعلامية بوصفه الآن رئيسا للمجلس الوطني الذي يمثلها… ولولا معرفتي بحرص غالبية أعضاء المجلس على الشفافية ربما ماكنت كتبت ما كتبته الآن أو من قبل..

ثمة أمر آخر أعيد الكتابة فيه ربما للمرة العاشرة، إذا كانت المعارضة التي تعتبر نفسها تقليدية،وذات تاريخ نضالي، برموزها الحزبية والمستقلة، لم تستطع لوحدها أن تنجز مجلسا وطنيا وتقدم مجموعة من المستقلين الذين لم يكونوا من عداد هذه المعارضة ونجحوا في تشكيل هذا المجلس، فهل نقول لهم تنحوا انتم لأننا نحن اصحاب الشرعية النضالية؟ هذا منطق لايستقيم ابدا، أن نرمي بعجزنا على الآخرين الذين يعملون، تحت ذريعة: فلان كان مع النظام، وعلان خرج من سورية حديثا..الخ من اتهامات، ما يجب ان يتم التركيز عليه هو ماذا يعمل الآن هؤلاء من خلال المجلس، وكيف يمكن تلافي أي تقصير أو افتراق مع الشارع، هذا ما يجب أن يكون مثار تركيز..لهذا اقول للثوار أن يشكلوا مجالسهم المحلية لكي تكون حاضنة لعملنا ورقيبة عليه وحامية للثورة من أية انزلاقات غير محمودة، والمساعدة على تهيئة المجتمع الاهلي لما ستكون عليه سورية خلال الثورة وبعدها.

التمثيل السياسي ليس قضية شخصية، وعندما يتحول إلى قضية شخصية ومشخصنة يصبح تلغيم وليس تمثيل..تلغيم لانريده أن ينفجر بوجه الثورة التي روت ارض سورية الجديدة بدماءها…

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى