صفحات الناس

الليرة السورية.. إلى انهيار “أكثر حدة”؟/ جهاد اليازجي

 

تجاوزت قيمة الدولار مستوى 170 ليرة في سوق العملة السورية خلال الأيام العشرة الماضية بعد أشهر من الاستقرار على قيمة 165 ليرة للدولار الواحد.

ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها الليرة السورية ضغطاً يُضعف من قيمتها، وهذا يقود في كل مرة إلى توقعات بأن العملة السورية ستنهار ولن تستطيع التعافي.

لكن السلطات السورية استطاعت خلال السنوات الثلاث الماضية أن تضع حدوداً لانهيار عملتها. بالرغم من أن قيمة الليرة انخفضت من 47 ليرة للدولار في آذار من عام 2011 إلى 170 ليرة للدولار اليوم، إلا أن العديد من المراقبين توقعوا أن يكون الانهيار “أكثر حدة”.

إذاً ما هي أسباب هذه الصلابة النسبية وما هي الفرص المستقبلية لليرة السورية؟

تعود أسباب القوة النسبية لليرة السورية إلى العوامل التالية:

1- بعد فترة قصيرة جداً من بدء الانتفاضة السورية، تراجع مستوى الاستيراد (وبالتالي مستوى الطلب على العملة الأجنبية) بشكل سريع بعد رفع الرسوم الجمركية، وانخفض الاستثمار والإنفاق الحكومي والخاص.

2- كان المصرف المركزي السوري يملك احتياطياً من النقد الأجنبي يقدر بحوالي 20 مليار دولار أُنفقت لتمويل الطلب على العملة الأجنبية في السوق.

3- تلقت الحكومة دعماً دولياً هاماً، خاصةً من إيران.

4- المساعدات الدولية في مناطق “النظام” والمعارضة زادت المعروض من العملات الأجنبية في السوق.

5- رفع المصرف المركزي السوري معدلات الفائدة على الليرة ووضع حدوداً على كمية النقد الأجنبي التي يمكن شراؤها وحاول تضييق الخناق على تجار السوق السوداء.

وبالرغم أن هذه السياسات كانت ناجحة نسبياً، إلا أن تحديات جديدة ظهرت.

إحد هذه التحديات هو أن الحكومة لا تملك أي دخل من العملات الأجنبية منذ أكثر من ثلاث سنوات، بينما يُعتقد أن احتياطي النقد الأجنبي قد استُنفذ بشكل شبه كامل. لم يقدم المصرف المركزي مؤخراً أي معلومات حول حجم احتياطيه، لكن العديد من المحللين يعتقدون أنه منخفضٌ جداً الآن.

التحدي الثاني هو أنه تم استهلاك القرض الذي قدمته إيران بقيمة مليار دولار لتمكين الحكومة السورية من تمويل استيرادها. وبالرغم من أن الحكومة تخطط لعقد مناقشات جديدة من أجل طلب قرض إضافي ستقبله طهران على الأرجح، إلا أن هذا يشير إلى أن الحكومة لا تملك وسائل ذاتية تمكنها من تمويل نفسها، وهذا ما يثير شكوكاً حول قدرة المصرف المركزي على مواجهة الطلب على العملة الأجنبية في السوق.

التحدي الثالث هو أن الحكومة أعلنت مؤخراً لائحة كبيرة من زيادات الأسعار على الخبز، السكر، الرز، الكهرباء، الماء، الهاتف والإنترنت. وسيقود هذا الارتفاع في الأسعار إلى ارتفاع عام في معدل التضخم وهذا ما سيضعف قيمة الليرة السورية.

علاوةً على هذه المصاعب الاقتصادية والمالية، لا يبدو الوضع السياسي والعسكري مبشراً بالخير بالنسبة لليرة السورية، فخلال السنوات الثلاث الماضية، كانت انتصارات “النظام” تقوّي الليرة وهزائمه العسكرية تضعفها.

وبالرغم من أنه لا يبدو أن “النظام” سيهزم في المدى القريب، إلا أن تطورات الحرب في الأسابيع القليلة الماضية أثبتت أن ادعاءاته حول نصرٍ شامل تفتقر إلى الواقعية. وهذا يعني أنه لن يستطيع أن ينتصر.

لا تبدو الفرص القصيرة المدى مبشرة بالخير بالنسبة لليرة السورية. وسنرى ما إذا كانت الحكومة ستستطيع تحديد خسائرها مرة أخرى، أم أن الليرة ستنخفض إلى مستوى أدنى بكثير.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى