صفحات العالم

الإسلاميون يخيفون دول “البريكس”!


سركيس نعوم

علّق القريب جداً من فرنسيي نيويورك على كلامي عن وجود ملف حافل بين موسكو وواشنطن لا بد من معالجته في مقابل تخلي روسيا عن الأسد ونظامه، قال: “تريد روسيا ان تكون قوة عظمى. اميركا لم تعاملها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي كقوة عظمى ولا حتى كقوة كبرى. روسيا لا تريد ان ترى في سوريا شعباً مظلوماً وثائراً. انها ترى فقط ارهابيين متمردين على النظام. على كل حال، في مجلس الامن عندما وقفت دول “البريكس” – روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا – ضد قرار يستهدف بشار الأسد، كان الدافع الاساسي لذلك الموقف الخوف من الإسلاميين او بالأحرى من معظمهم. روسيا عندها “الشيشان” المسلمين و”ارهابهم” كما تسميه. الصين عندها مسلمي “الاويغور” الذين يشكلون اكثرية (100 مليون أو اكثر) في مدينة او مقاطعة سينكيانغ والذين يعيشون حال ثورة وإن متقطعة على النظام. والهند عندها اسلاميو باكستان ومسلموها، وعندها افغانستان واسلاميوها ومنظمة “الطالبان” و”عسكر طيبة”، وغالبية اسلامييهما اصولية متشددة بل تكفيرية وعنفية. لكن اللافت ان دول “البريكس”، باستثناء الصين وروسيا، صوتت مع اميركا وحلفائها في مجلس الامن في احدى المرات رغم خوفها من الإسلاميين. على كل، دعني أُخبِرك امراً لافتاً حصل في جلسة التصويت داخل مجلس الأمن على مشروع قرار يتعلق بسوريا عارضته روسيا والصين. سأل رئيس المجلس: من يصوّت مع المشروع؟ فرفع مؤيدوه ايديهم. ثم سأل: من يصوّت ضده؟ فرفع كل من مندوبي الصين وروسيا يده. تطلّع المندوب الروسي في اثناء رفعه يده الى مندوب لبنان في الأمم المتحدة السفير نواف سلام الذي لم يرفع يده، ثم اومأ اليه برفعها رفضاً لمشروع القرار. لكن سلام لم يتجاوب. وعندها سأل رئيس المجلس إذا كان هناك من يمتنع فرفع مندوب لبنان يده. كان السفير سلام جيداً جداً وموفقاً في ادارته موقف بلاده في اثناء وجوده في مجلس الامن رغم الصعوبات التي تمر فيها”.

ماذا عن ايران وملفها النووي؟ وماذا عن احتمالات تنفيذ ايران ضربة عسكرية لمنشآتها النووية؟ سألتُ . أجاب: “الاعتقاد السائد هو ان إسرائيل ستضرب ايران. لكن ماذا يحصل بعد ذلك؟ ستتدخل اميركا. لكن هل يوقف ذلك كله البرنامج النووي الايراني؟ ربما يؤخّره ثلاث سنوات أو أكثر. ذلك ان الضربة قد لا تطال كل المنشآت، علماً ان بعضها غير معروف. ماذا سيفعل “حزب الله” في رأيك إذا ضربت اسرائيل إيران”؟ أجبت: أظن انه قد يضرب اسرائيل. علماً ان ايران قد لا تشعر بالحاجة الى تدخّله مبدئياً. علّق: “أنا أشاركك الرأي، وطبعاً سيؤدي ذلك الى تدمير لبنان. ماذا عن الداخل اللبناني في ضوء ما يجري في سوريا؟ “حزب الله” قوي، لكنه رغم ذلك قد يشعر بالقلق. إذا سقط نظام الأسد فإنه سيضعف رغم قوته العسكرية، وسيجد نفسه مضطراً لإظهار لبنانيةٍ أكثر. ذلك ان إيران ستخسر سوريا أيضاً. وهذا أمر يضعفها. في أي حال، يجب تغيير ميزان القوى في سوريا. طبعاً يمكن ان يتحقق ذلك بالقوة العسكرية الداخلية او الخارجية، كما يمكن تحقيقه بوسائل أخرى. ومن هنا يجب أن يبرز دور العرب بل دور دولهم. هناك علاقة نسب وقرابة بين قبائل سورية وأخرى عراقية وربّما ثالثة سعودية. وموقف سعودي حاسم ونهائي قد يجعل القبائل السورية وشقيقاتها تقف ضد الأسد ونظامه، وهو لن يستطيع ان يفعل شيئاً معها. إذ ان ارسال الجيش لمحاربتها في مناطقها الحدودية سيكون غير ناجح وغير مجدٍ . يقولون إن دمشق لم تتحرك، وهذا دليل على تأييدها لنظام الاسد. كيف تتحرّك والعسكر يملأون الاحياء والأزقة والطرق”؟

ماذا في جعبة قريب جداً من اتراك نيويورك حول ما يجري في المنطقة ولا سيما في سوريا؟

سألته في بداية اللقاء عن اسباب الموقف التركي من “القضية” السورية، وتحديداً عن اسباب تراجعه عن الحماسة الكبيرة للتدخّل ومساعدة الثوار للتغيير واكتفائه بالدعم السياسي واللوجستي والإعلامي. أجاب: “سأكون صريحاً معك، منذ البداية، وخصوصاً بعدما طرحت هذا السؤال وبعد الإحباط الذي شعر به العرب والسوريون والذي حلّ مكان فرحهم بتأييد تركيا لهم، فهم راهنوا على تركيا لإزالة الخطر الايراني عليهم أو لاحتوائه. راهن السوريون على تركيا لتخلّصهم من بشار الأسد بعد قمعه الأخير لهم. لكن رهانهم خاب وأُحبِطوا بعدما ساد في نظرهم التردّد ثم التراجع وحلّا مكان الاقدام”. قاطعته سائلاً: ما هي الأسباب؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى