صفحات سورية

بعد ستة أشهر من الثورة .. هل حان أوان التصحيح ؟؟؟


أحمد حسن

الجمعة التي غادرتنا كانت تحت اسم جمعة (وحدة المعارضة)..الاسم الأكثر إجماعا من الشارع الثائر ومثقفي الثورة.. والأكثر قبولا أيضا من قواعد الثورة منذ بداية تسميات الجمع … هل هذا الإجماع مرده إلى الخلافات الكثيرة التي صبغت الشهرين الآخرين بين واجهات المعارضة المؤتمراتية والثقافية ؟؟

أم مرده إلى الخوف الذي بات يسيطر على الكثير من شباب الثورة .. وهو أن فشل الثورة – لاسمح الله – لن يكون على يد النظام .. بل على يد المعارضة المختلفة والهزيلة .. وهو ما جعل الكثير من الناشطين والهيئات التابعة للثورة تصر على جعل هذه الجمعة آخر جمعة تشتت للمعارضة وتهدد بفضح كل من يحاول شق صفوفها ..

السؤال المهم: هل أدرك الجميع حاجة الثورة إلى تصحيح مسار ؟؟؟

وهل حان وقت النقد الذاتي لتصحيح الأخطاء ..لتجاوزها .. ؟؟

هناك من يغضب من مجرد ذكر كلمة تصحيح .. أو نقد .. ويعتبرها تراجعا في أهداف الثورة ..ربما معهم حق في ذلك ..فقد حول البعض من المعارضين نقد أخطاء المعارضة إلى تصفية حسابات شخصية مع هذا وذاك.. وتحويلهم إلى ستاتوسات للسخرية والترفيه  بينما الدبابات والشبيحة تقتل وتعتقل وتكمم الأفواه .. لكننا إن استثنينا هؤلاء وبعض التجار من المعارضة وأقصد تجار الثورة وليس تجار الاقتصاد ..فهناك الكثير من الخطابات الواعية والناقدة للمعارضة غايتها الحفاظ على الثورة حتى تحقيق أهدافها .. في إسقاط المنظومة الأمنية المستبدة في سوريا والانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية تحفظ حقوق المواطن وكرامته مع أمن الوطن وكرامته..

لا أحد يستطيع أن ينكر انجازات الثورة من شوارع درعا حتى أخر شارع ثائر بسوريا .. حتى أولئك الأشد حبا للنظام والذين يريدون الحفاظ على النظام بحجة انه قدم الكثير من التنازلات فهذه التنازلات لم يكونوا يحلمون بها ولو حلما لولا هذه الثورة وشهداؤها .. الكل بسوريا مدين لهذه الثورة ..حتى أولئك المعارضون الذين ينقدون شارع الثورة وأخطاءه ويعقدون مؤتمرات اللاءات والحوارات في الداخل ..لم يكونوا يحلمون بسكوت النظام عنهم ومباركته لهم لولا هذا الشارع الثائر والثورة..

لكن هذه المنجزات الكبيرة حقا للثورة في دولة لم توجد خلال الأربعين سنة إلا الاستبداد لا تلغي وجود أخطاء.. قد لا تكون كبيرة بشكل عام لكنها تغدو أخطاء كبيرة جدا .. حين توضع مقابل كل هذا الكم الهائل من التضحيات التي لم يقدمها أحد من مجتمعات الربيع العربي .. سواء الشهداء أو المهجرون أو المعتقلون أو حتى القصص والانتهاكات الشنيعة التي تجري بحق شباب الثورة… ومن هنا كنا الأولى بتصحيح الأخطاء … لا ترفا ..ولكن حاجتنا إلى التصحيح ضرورية لان ما ينتظر الثورة أخطر مما مر عليها..حتى تبقى مشتعلة ومستمرة يجب أن تصحح أخطاءها .. وعلى رأس هذه الأخطاء تشرذم المعارضة .. وانشقاقاتها .. ومؤتمراتها العبثية وبياناتها التي لا تقدم شيئا لمن يقدم روحه في سبيل الحرية على الشارع ..

هناك من يشكك بتحقق وحدة المعارضة رغم كل الأخطار والتحذيرات وهم نسبة لا بأس بها بل ينادون إلى إسقاط النظام والمعارضة معا.. ونتمنى أن يكونوا مخطئين.. وتتوحد المعارضة . هذه الوحدة لا تعني جمع الجميع على رأي واحد ..بل إرساء وحدة الاختلاف وليس وحدة الخلاف ..

ولكن ماهي  وسائل هذه الوحدة ؟؟؟

أنا لن أتحدث عن وسائل كثيرة .. بل سأتحدث عن وسيلة واحدة .. أرى أنها الأهم في هذه المرحلة المليئة بالعقبات وهي ماينقص الثورة ..

إنها الواجهة الإعلامية للثورة.. قد يستغرب البعض ويعتبر هذا سخيفا. وقد يستهجنه البعض.. لان للثورة الآلاف من الواجهات الإعلامية .. بدءا من المواقع الالكترونية إلى صفحات الفيس بوك إلى تويتات تويتر إلى يوتيوبات اليوتيوب إلى المحطات الفضائية وغيرها من الواجهات الإعلامية الكثيرة ..

لا تستغربوا مشكلتنا الحقيقية في هذه الواجهات..

نحن ندعو إلى دولة مدنية ديمقراطية والى وطن كبير .. الجميع متساويين تحت سقفه في الحقوق والواجبات … بينما هذه الواجهات أو الكثير منها .يمثل العشيرة والطائفة والملة والتيار السياسي… رغم أن سوريا أكبر من الجميع .. ودولة المواطنة – التي يدفع الشارع ثمنها من دم شهدائه وصرخات معتقليه تحت التعذيب – لا تعترف بشيء إلا الوطن ..

هذه هي الواجهة الإعلامية التي تحتاجها الثورة ..

نعم لن نبخس حق تلك الواجهات الإعلامية ودورها في احتضان الثورة والترويج لأفكارها وفضح جرائم النظام..لكن أيضا لا ننكر دورها في تشتيت الكثير عن الهدف الحقيق للثورة نحو العدالة الاجتماعية ودولة المواطنة إلى أهداف هزيلة أخرى لا تتناسب لا مع طموحات الشباب الثائر في سوريا ولا تناسب مع ضخامة التضحيات التي قدمها الشارع السوري .. من شهداء ومعتقلين يزيدون على كل ما قدمه خلال حروبه مع العدو..

هذه الواجهة لن تكون خمسة أو خمسين شخصا ..لا.. بل ستكون مجموعات كبيرة من الإعلاميين والناشطين .. يوحدها هدف الثورة في إسقاط نظام الاستبداد وإرساء دولة المواطنة والقانون دون انتقام من أحد ولا إقصاء لأحد..إن مجرد وجود مجموعات إعلامية تمثل أهداف الثورة التي هي  أكبر من الطائفة أو العشيرة أو الدين أو التيار السياسي كفيل بتوحيد المعارضة.. فلا خلاف على اسم القائد لأن القائد هو الهدف ..ولا بحث عن تطمينات للأقليات أو غيرها .. لأن مجرد كون الجميع تحت سقف الوطن يكفي لتطمينهم ..وإلا فان كل الضمانات المقدمة من واجهة إعلامية تتحدث باسم دين أو طائفة لن يجد أي أذن صاغية من أي طرف مقابل لها في الاتجاه مهما حاولوا …

كما أن هذه الواجهة الإعلامية الكبيرة ستسمح بخروج المتظاهرين من الكثير من الأماكن التي لم يكن يخرج منها أحد كالنقابات والأحزاب والتجمعات وقد بدأت بوادرها هذا الأسبوع بخروج الطلاب من مدارسهم ..وهذا يعطي للثورة دافعا أكبر ويحرم النظام من أحد أسلحته التي يهدد بها الاقليات و العلمانيين والتيارات الأخرى بخروج الثورة من المساجد..

هذه الواجهة أيضا ستلغي العشوائية في الخطابات والمقترحات والبيانات .. فتصدر البيانات من روح الشارع وليست مشخصة تخدم هدف البعض فقط..كما يلاحظ في التعليقات المريبة والطائفية على بعض الفيديوهات واللافتات في المظاهرات .. وبذلك نحرم النظام من سلاح أخر يخترق به المعارضة.. لإعطاء الصبغة الطائفية للثورة ..

هذه الواجهة أيضا ستنظف الثورة والمعارضة من الكثير من الأسماء الوهمية والتنسيقيات الوهمية التي يتستر تحتها عملاء النظام لاختراق المعارضة وتشويه سمعتها … صحيح أن الأسماء الوهمية كانت ضرورة في بدء الثورة للامان ..لكنها الآن صارت وسيلة اختراق خطير..يتسبب بمقتل الكثير من شهدائنا وتسليمهم بسهولة ..لذلك تعتبر الأسماء الحقيقية الآن ضرورة لحماية الثورة .. فلا أظن أن أرواحنا أغلى من روح غياث وحمزة وزينب والكثير من شهداء الوطن …ومن سلك طريق الحرية لن يبالي إن مات شهيدا في سبيل  الوطن وكرامته .

أتمنى من كل قلبي أن نحقق هدف وحدة المعارضة ..

وأتمنى أن نصل قريبا إلى لحظة الحرية التي دفعنا في سبيلها الكثير من الدم والاقتصاد والتضحيات ..

وعاشت سوريا حرة كريمة …

أحمد حسن – كاتب وسيناريست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى