بيانات الانتفاضة

بيان: من أجل سورية وشعوب المنطقة العربية كلها

 


تتسارع الأحداث في سوريا كما في بلدان عربية أخرى، ويؤلمنا ويثير الحفيظة والغضب أن تلجأ الحكومة السورية لتصعيد العنف ضد متظاهرين عزل بذرائع لا يقبلها العقل، واليوم تستباح مدن وحارات بأكملها لمنع اتساع التحرك المنادي بالديمقراطية والكرامة والحرية وحتى لمجرد المطالبة بالإصلاح. لقد راح ضحية أجهزة الأمن والمخابرات السورية مئات الشهداء وآلاف الجرحى وآلاف أخرى من المعتقلين ممن تمارس بحقهم الإساءات وأعمال التعذيب المحرمة من القانون والعرف الأخلاقي. واليوم يزج بالجيش العربي السوري في عمليات اقتحام غير مشرفة لا تستذكر قتاله وصموده البطولي في حرب تشرين بقدر ما تستذكر أحداث مدينة حماة الأليمة.

إن إقدام النظام السوري على مواجهة المطالبة بالديمقراطية والحرية بالعنف يكشف ضعف النظام وفشله في استيعاب دلالات الانتفاضات الشعبية في عالمنا العربي. وإذ كان أسلوب العنف قد خدم النظام في ظروف مختلفة وحقب سابقة، فإنه نهج بات محكوما عليه بالفشل حالياً. ولن ينفع النظام تخبطه وإطلاقه الوعود تارة والوعيد تارة أخرى وإعلانه إجراءات إصلاحية قبيل إطلاق الحملات الدموية، بل عليه أن يعي أنه أمام استحقاقات نصف قرن من حكم الحزب الواحد وأربعين عاماً من حكم الأسرة الواحدة، وأمام استحقاقات كبت الحريات في عالم سريع التغيير، وهو يواجه فشله كما هو حال أنظمة عربية أخرى في إدارة شؤون البلاد بحكمة  ومسؤولية وفي مواكبة تطلعات الشعوب للحرية ولحياة كريمة. ويواجه النظام أيضاً استحقاق فشله في التنمية الاقتصادية وفي الإعمار وفي تحسين الظروف المعيشية لغالبية فئات الشعب السوري. وهو يقف أمام المساءلة حول استشراء الفساد واتساع الهوة في الثروة والدخل وفرص الحياة ونكوص الدولة عن التزاماتها في مجال الخدمات الاجتماعية وجنوح الحكم نحو تبني حزمة سياسات تخدم شريحة اجتماعية ضيقة قائمة على تزاوج بين السلطة والمال بما يقوض مقومات السيادة الوطنية.

إن للأجيال الجديدة من الشباب تطلعات كبيرة تستحق التأييد والدعم، وهم يبتكرون أنماطاً حية من التنظيم والعمل الجماعي وتمتلك هذه الأجيال وعياً قادراً على التمييز بين الدولة وبين السلطة التنفيذية، وهي ليست أسيرة التنظيمات السياسية القديمة التي استطاع النظام استيعابها وتحجيمها بوسائل عدة. .إن حركات الاحتجاج والثورة في عموم العالم العربي حركات أصيلة نابعة من تجارب الشعوب مع أنظمة فاقدة للشرعية ورافضة للتغيير. وحراك الشعب السوري يعكس بشكل عام وعياً وطنياً عالياً وحرصاً على تجسيد الوحدة الوطنية. وإن كان الحراك في سوريا في بداية نهوضه، وإن بدا أنه غير قادر في القريب العاجل على إيجاد البديل الديمقراطي للنظام الحالي، فإن النظام بدوره لن يستطيع تجاهله وإغماض العيون عن دلالاته واستحقاقاته، فالحراك الجماهيري الناهض ليس ملكا لأحد ومن الأجدى والأبعد نظراً والأكثر حكمة التفاعل مع مطالبه التي هي في خدمة تطوير وتحديث ودمقرطة سوريا وتحصينها في مواجهة التحديات والأطماع الصهيونية والامبريالية. ولن يفيد النظام في شيء  إسكات الأصوات الحرة وقمع الفكر المعبر عن التطلعات الديمقراطية  وقمع الحقوق الأساسية، بل هو بذلك يغلق باب الإصلاح ويفتح باب الأزمات الخطيرة على مصراعيه.

إننا نرى أن المسؤولية عن الأزمة الحالية في سوريا تقع على عاتق حكومة البلاد والرئيس بشار الأسد، والنظام السوري وحده من يتحمل وزر الهوة بينه وبين الجماهير الواسعة من الشعب، وعلى النظام تقع مسؤولية انعدام الثقة وأخطار انفلات الأوضاع والخسائر البشرية والمادية التي باتت تشكل ذرائع لعدوان خارجي محتمل، والنظام نفسه هو من يلوح بالانقسام الطائفي وزعزعة وحدة الشعب السوري، ويبالغ في دور وحجم القوى المدفوعة من أطراف خارجية. وهو بسلوكه الحالي مسؤول عن تفاقم الأخطار المحيطة بقوى المقاومة في فلسطين ولبنان وهو للأسف الشديد بات يستعدي قوى الجماهير على قوى المقاومة. وتقع على النظام مسؤولية تاريخية مع تلاشي الفرص لوقف انزلاق الأوضاع في سوريا نحو الاقتتال الداخلي ونحو اجتذاب الوصاية الأجنبية. وبهذا الشأن، نحذر من خطر السلوك المنافي للأعراف الإنسانية والدولية ومن إيجاد الذرائع لكل من يتربص بسوريا وبثورة الشعوب العربية.

إننا نطالب النظام السوري بالتوقف فوراً عن حصار ودهم المدن والضواحي وعن استعمال العنف ضد المعارضة السلمية الديمقراطية، وبأن ينفذ دون تأخير وعوده بإطلاق سراح السجناء والموقوفين السياسييين وإطلاق حريات التعبير والتظاهر والتنظيم السياسي، ونطالبه برفع يد قوى الأمن السياسي عن حياة الناس وفسح المجال أمام وسائل الإعلام المختلفة. وندعو النظام إلى الإدراك بأن خطابه السياسي والإعلامي أصبح مدعاة للسخرية والتندر، كما عليه أن ينهي وصايته على الشعب السوري وأن يواجه حقيقة انهيار حاجز الخوف وولادة وعي جديد في سوريا، ونحن نأمل أن يكون بإمكان النظام التحلي بالشجاعة المعنوية بدل أن يتحصن بالقوة الواهنة. إن على النظام أن يتقبل خيار الشعب السوري المطالب بالديمقراطية، فالخيارات أمامه كلها صعبة ويبقى الانتقال الديمقراطي هو ضمان صيانة وحدة الشعب وتمكين المواطن والوطن.

إن أمام النظام فرصة أخيرة لفتح حوار وطني عام حقيقي يشارك فيه ممثلون عن النظام  وعن  مختلف التيارات والجماعات المعارضة دون استثناء، شرط الوقف الفوري للعنف والملاحقة واحترام حق المواطنين بالتعبير والتظاهر، ويكون الهدف هو إجراء التغييرات الديمقراطية التي تستجيب لتطلعات الشعب السوري.

 

أ. د. إبراهيم عودة                          جامعة هاواي

د. أحمد جدي                                 الجامعة التونسية

د. أنيسة الداوودي                           جامعة درهام

أ. د. جلبير الأشقر                          كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن

أ. جميل هلال                                باحث فلسطيني

أ. حسن خضر                               مؤسسة الكرمل الثقافية

د. خالد الحروب                             جامعة كمبردج

د. رجاء بن سلامة                         رئيسة تحرير “الأوان”

د. سامر سليمان                             الجامعة الأمريكية في القاهرة

أ. سامي الرمضاني                         جامعة لندن متروبوليتان

أ. د. سلوى اسماعيل                       كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن

أ. د. طارق اسماعيل                       جامعة كالجاري

أ. د. عساف كفوري                        جامعة بوستن

د. غادة الكرمي                              جامعة أكستر

أ. د. غازي درويش                        جامعة بغداد سابقا وجامعة سري

د. كامل مهدي                               مدرسة لندن للإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة لندن

د. كرمة النابلسي                            جامعة أوكسفورد

د. لؤلؤة الرشيد                              معهد الدراسات السياسية في باريس

د. محمد صالح عمري                     جامعة أوكسفورد

أ. د. مضاوي الرشيد                       كلية كينكز، جامعة لندن

د. مهى عبد الرحمن                        جامعة كمبردج

أ. د. وليام حداد                              جامعة ولاية كاليفورنيا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى