صفحات المستقبل

إضاءات “سورية“ 4


كما في الأساطير القديمة يظهر الحدث السوري كملحمة أسطورية في التاريخ الإنساني، يتجلى فيها الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل بأوضح صورة.

يبرز الشعب، كمثال نموذجي عن الحق وإرادة الإنسان الأصيلة في الحياة والطموح إلى عيش أفضل، هو إرادة المقهورين في التخلص من الظلم ونيل الكرامة.

ولا يظهر النظام كطرف ظالم معتدٍ وغاشم فقط، بل كاختبار متواصل لتوقعاتنا ولكل معارفنا التقليدية بشأن الحدود المعروفة للعنف والظلم والكذب. هو تعريف مستمر لمعنى صفاقة الإجرام.

وتحت هذه الثنائية الكبيرة، آلاف وملايين الأشخاص والقصص التي تشكل الصورة/المعركة الكبيرة . . . رزان غزاوي، جمال الفتوى، غياث مطر، ابراهيم عثمان، فدوى سليمان، يامن حسين وغيرهم، عينة من شخوص هذه القصص.

**********

في عالم الأعمال، توجد عدة مسلمات، إحداها تسمى Agency Problem، لمن لا يعرف: هي صراع حتمي تفرضه طبيعة الإنسان أولا وطبيعة المؤسسات المالية ثانيا. فالمستثمرون –الملاك الحقيقيون- لا يملكون بالضرورة المهارات اللازمة لإدارة المؤسسة، فيقومون بتوظيف أناس مؤهلين للمهمة. وهي إدارة العمل بما يحقق صالح المؤسسة وبالتالي صالح المستثمرين، مقابل امتيازات معينة.

الذي يحدث بطبيعة الحال، أن هؤلاء الموظفين الذين يملكون سلطة القرار، يجنحون إلى تضخيم امتيازاتهم وتعظيم مكتسباتهم على حساب المستثمرين – زيادة الرواتب والمكافئات والتعويضات . . الخ- ، وغالبا ما يتجنبون المشاريع ذات الربحية العالية والتي تنطوي على نسبة من الخطورة، مخافة المحاسبة والطرد فيما لو فشلوا في إنجازها. وبذلك يؤثرون السلامة والبقاء في مناصبهم بما يعنيه ذلك من هدر لفرص استثمارية مفيدة جدا، مستغلين جهل المستثمرين بحقيقة الأمور.

هي إذا صراع مصالح بين فئة الملاك وفئة المدراء، يبقى مقبولا طالما أن هناك مكاسب ملموسة على الأرض وطالما الرقابة دائمة على أدائهم بما يتيح تقييم إنجازاتهم ومحاسبتهم فيما لو قصروا أو أخفقوا.

لنتصور هؤلاء المدراء بدون رقابة تحاسبهم، بالتأكيد سيعملون لصالحهم كلية، كما لو أنهم يملكون المؤسسة، فلا أحد قادر على محاسبتهم ولا على إزاحتهم. وبذلك يتحولون من موظفين إلى لصوص يسرقون ما أتمنوا عليه.

والوطن مؤسسة.

**********

في زمن اللاحياد يكون الحياد نفاقا وخداعا للنفس على أقل تقدير، وفي سورية هناك من يصنف نفسه كتيار ثالث أو على الحياد –من أجل الوطن- رغم طبيعة الحدث غير المحايد. وبعيدا عن تفنيد هذه الأكذوبة السمجة والتي تلبس لبوس اللاإنسانية في الحدث السوري. لا يحتاج المراقب إلى جهد كبير ليعرف حقيقة هذا الحياد الذي لا يترك فرصة تمر دون أن ينال فيها من الثورة والثوار، وانهماكه الدائم بالتفاصيل والقضايا الخلافية، ونشر أكاذيب النظام للتعمية على حقيقة الصراع بين الشعب وحقه في الحرية والكرامة وبين نظام مستعد لعمل أي شيء في سبيل البقاء في السلطة.

على مدار أربعين سنة، لم يقدم  النظام أي إنجازات حقيقية ولم يحل أي مشكلة، بل على العكس كان مجرد آلة جبارة لإنتاج ومراكمة المشاكل على كافة المستويات، هو يعتمد في استمرار وجوده على استمرار هذه المشاكل، وتغطيتها بغطاء الممانعة والمواجهة والتوازن الإستراتيجي والإستهداف الخارجي والمؤامرة . . . الخ

بعد سقوط النظام – نسأل الله أن يكون قريبا- ستخرج كل المشاكل والمصائب التي راكمها، خروج الشرور من صندوق باندورا . . وفجأة سصبح هذا التيار بصيرا بالمصائب العائمة، وسيستمر بلا أخلاقية تتلائم وطبيعته المنافقة، بجعل الثورة سببا لهذه المشاكل وسيحمل الشعب الحر مسؤولية إخفاقات النظام وجرائمه.

لن يبقى من النظام بعد سقوطه، سوى مصائبه . . ومن هتافات أنصاره إلا: هاي الحرية اللي بدكن ياها!

**********

لا أفهم حقا كيف يفكر أنصار النظام، أولئك الذين لا تجمعهم وإياه أي مصلحة. نظام كيفما سرت معه ستجد أنه غير جدير بالبقاء . . في التفجير الذي حصل مؤخرا في أمن الدولة، لو ماشينا الرواية الرسمية سنجد أنه نظام غير قادر على حماية نفسه فضلا عن ثبوت عجزه عن حماية المدنيين من العصابات المسلحة التي بدعي وجودها على مدى تسعة أشهر،وبالتالي نظام لم يستطع حماية الشعب ولا حماية نفسه ولم ينجح وباعترافه في تحقيق وعوده الإصلاحية، كيف يحظى بمؤيدين وما هو المبرر لاستمرار نظام بهذا العجز التام والفشل المتواصل ؟!

سورية تحتاج إلى علماء نفس إجتماعي أكثر من أي شيء آخر.

**********

بناء على رواية النظام المخزية، يخطر على بالي تساؤل: هل سيقوم النظام بمحاسبة رئيس فرع أمن الدولة لإخفاقه في حماية “أمن الدولة” أم أن السيد بشار سيتعلل بعدم وجود دعوى مرفوعة بحق السيد زهير الحمد ؟!

**********

إيماني بانتصار الشعب كإيماني بالله، يقين وقر في القلب وصدقه عمل الشعب وإصراره العظيم.

http://www.3bdulsalam.com/?p=2557&utm_source=feedburner&utm_medium=feed&utm_campaign=Feed%3A+MatchSticksBlog+%28%D8%A3%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%AF+%D8%AB%D9%82%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A7%D8%A8%29

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى