صفحات العالم

ترامب للجنرالات الأميركيين: أقصفوا !/ موناليزا فريحة

 

 

سأل مذيع شبكة “فوكس نيوز” دونالد ترامب عما يجب أن تفعله أميركا لمنع حصول هجمات شبيهة بهجوم أورلاندو، فأجابه بأن “علينا زيادة القصف في الخارج”. وعندما سأله المذيع: قصف ماذا، أجابه: “يجب قصف النفط”، مؤكداً له أنه التقى جنرالات أميركيين كباراً وطلب منهم قصف شاحنات “داعش” التي تنقل النفط. هجوم أورلاندو كان مخيفاً. سفك دماء عزل في منطقة بعيدة من الحرب يترك آثاراً أعمق وأقسى من تلك الجرائم التي تشهدها ساحات الحروب وجبهاتها. روايات الرعب التي نقلها ناجون تبدو صادمة للقريبين والبعيدين على السواء. لكنّ المخيف أو الصادم أيضاً هو ذلك الجدل الذي لم يعد دائرا في أميركا حول سبل تجنب هجمات مماثلة، أو منع اقتناء السلاح أو ضمان حقوق المثليين، بل تحديداً حول السبب الذي يمنع رئيساً مثل باراك أوباما من استخدام تعبير الإرهاب الإسلامي الراديكالي. في تقويم ترامب أن قصف شاحنات النفط يضعف “داعش”، وأن اكتفاء أوباما بالحديث عن “جهاديين” و”متطرفين” يقوي التنظيم. وتنضم إليه في هذه النظرية جوقة من الجمهوريين التي تعتبر هذا الأمر مثالاً آخر على فشل الرئيس الأميركي، وتالياً فشل الديموقراطيين في فهم التهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة. وفعلاً، نجح ترامب في تحويل هذا السجال مادة انتخابية بامتياز. وبدا مصراً على أن أحد الحلول لهذا النوع من الإرهاب يكمن في استخدام أوباما تعبير الإرهاب الراديكالي الإسلامي. وجارته هيلاري كلينتون قائلة للمرة الأولى:” سواء أكان جهاداً راديكالياً أم إسلاماً راديكالياً… أعتقد أنهما يعنيان الأمر نفسه، وسأقول أياً منهما”، وإن تكن نبهت إلى “وجوب عدم تشويه صورة دين بكامله وإعلان الحرب عليه”.

ومهما تجادل الباحثون والخبراء في شأن حساسية النقاش وهامش التفسير والتمييز بين هذه التعابير، فإن الوقت لا يبدو مناسباً في أي شكل للبحث في “جنس” الإرهاب الذي يمارسه “داعش” وأخواته يومياً. لا أحد ينكر أن الدواعش هم مسلمون اعتنقوا نوعاً متطرفاً من الإسلام. حتى الدول الإسلامية نفسها تقر بذلك وتنأى بالإسلام الحقيقي عن تنظيم كهذا. أما الغرق في جدل في هذا الشأن، فليس إلا تشتيتاً للجهود الأساسية الواجب بذلها لمواجهة هذا النوع من الإرهاب الذي لن يؤثر اسمه على شيء من وحشيته. النقاش الملح حالياً لا يتعلق بالجذور الدينية للتنظيم، وهي معروفة أصلاً، وإنما يرتبط بالأخطاء التي ساهمت في إيجاد هذا الوحش ومحاولة مواجهتها، لا بقصف شاحنات النفط أو بلفظ هذا التعبير أو ذاك، وإنما بنسف جذري للسياسة الفاشلة التي أتاحت لحفنة من الموتورين نشر ثقافة الموت والقتل والترويع في أصقاع العالم الأربعة. ولا شك في أن مسؤولية أوباما هنا أكبر بكثير مما هي عن تجنبه استخدام هذا التعبير أو ذاك.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى