صفحات العالم

لحظة سقوط الأسد

 

إيلـي فــواز

في ظل حدة الانقسام الحاصل في لبنان بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” (منذ انقلاب القمصان السود حتى يوم اغتيال اللواء وسام الحسن)، وفي ظل تسارع الأحداث في سورية التي تنبئ بقرب انهيار النظام الأسدي، فوجئ اللبنانيون بسلسلة تسجيلات بثتها قناة الجنرال عون ونشرتها جريدة الأخبار الناطقة باسم “حزب الله”، والتي يملك رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي حصة كبيرة فيها، تهدف إلى تظهير الرئيس سعد الحريري كـ”مجرم حرب” يقوم بمد “الإرهابيين” الثوار بالسلاح. حتى إن بعض إعلام 8 آذار حاول الإيحاء بأن شباب الشمال الذين تعرضوا لكمين في تل كلخ، جُندوا وأُرسلوا من قبل تيار “المستقبل”.

الشيء الأكيد، هو أن التضليل الإعلامي في لبنان، لم يسبق أن وصل إلى هذا الدرك والمستوى المعيب، الذي يجعل غوبلز النازي أو بيريا الستاليني فخورين جداً بهكذا “إنجاز”. ومع هذا كله، إذا أعملنا المنطق البسيط في قضية التسجيلات التي تتهم الرئيس الحريري بتسليح المعارضة السورية وقارناها بما كان يكتب بحقه ولا يزال يكتب، في وسائل إعلام 8 آذار، لا سيما جريدة الأخبار وقناة البرتقاليين، قد نجد أن ثمة تعارضاً وتناقضاً كبيرين في مضمونهما وفي منطقهما، ونكتشف من دون عناء مدى التزوير المقصود بحق الرئيس الحريري وتيار “المستقبل”.

فلشهور مضت، ظلت الوسيليتان الإعلاميتان تتحدثان عن الانهيار المالي للرئيس الحريري بالبراهين والمعلومات التي كانت تنشرها. فتارة يصوّر الرئيس الحريري على أنه شخص غير مرغوب فيه في المملكة العربية السعودية، وتارة أخرى نراه محاصراً بالفضائح المالية التي تلاحق شركاته، ناهيك عن إعلان إفلاسه، لنكتشف بعدها من خلال الوسائل الاعلامية نفسها، أنه يمد الثوار بالسلاح وعلى مدى سنتين. والجميع يعلم أن مد الثوار بالسلاح يحتاج إلى ميزانيات دول. فأية صورة هي الأصح يا …؟ الحريري المفلس أوالحريري المموِّل؟

أما في التسجيلات المسروقة من حاسوب النائب صقر التي ظنوا أنها برهان على تسليحه ثوار سوريا، فثمة أمر مريب. لأننا نجد أن المطلوب مع قرب سقوط جبهة إعزاز وتل رفعت وريف حلب، من “الحديد” هزيل. لا يجدر بالمرء أن يكون خبيراً عسكرياً لكي يكتشف أن 300 “حبة” “آر بي جي” وعشرين قاذفاً من المستحيل أن تدافع عن عرض الجبهة التي يتحدث عنها “ابو النعمان” والآيلة إلى السقوط نتيجة قصف الطيران والمدفعية؟ من يستطيع أن يصدق أن هذا السلاح يستطيع رد هجوم الجيش السوري النظامي براً وجواً؟ من يصدق أن تلك الجبهة وبالتالي الثورة السورية التي دخلت لعبة الأمم تتكل على النائب صقر في استمراريتها؟ ثم كيف لتلك الكمية من السلاح أن تصل قبل سقوط الجبهة السريع؟

طبعاً الأسئلة كثيرة في ما خص الإصرار على فبركة اتهامات بحق الرئيس الحريري بتسليح الثوار. هل هوتمهيد لـ 7 أيار جديد؟ أم هي رسالة تهديد إضافية إلى سعد الحريري من أجل ثنيه عن العودة إلى لبنان قبيل الانتخابات؟ أم هي مجرد سلسلة إضافية في حلقة التهجم على الخصم الأول لجبهة الممانعة والصمود؟ هل هي مقدمة لإشعال الحرب في لبنان تنفيذا لتهديدات رامي مخلوف التي أعلنها في تصريح لجريدة “النيويورك تايمز” قبل أشهر؟ أم هي محاولة يائسة للرد على العملية النوعية (سماحة ـ مملوك ـ شعبان) التي نفذها اللواء الراحل وسام الحسن؟ من دون أدنى شك، أن في جزء منها، تلك الحملة الشعواء على موقف الرئيس الحريري الأخلاقي من الثورة، ونتيجة علاقاته الوطيدة بأركانها. وهي أيضا خوف من حجم الرئيس الحريري بعد سقوط الأسد الذي يُفترض أن يصبح أكبر وأقوى وأفعل.

في كل الأحوال، جميع الاحتمالات واردة، وهي في سباق محموم بين لحظة التفيذ ولحظة سقوط الأسد

موقع لبنان الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى