صفحات الناس

في يومهم العالمي: “أطفال سورية…الخذلان الفاضح”

 

 

 

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، مقتل ما لايقل عن 26 ألفاً، و446 طفلاً في سورية، منذ بدء الأزمة في البلاد قبل نحو سبع سنوات، أكثرهم قُتلوا على يد قوات النظام، مشيرة إلى أن سورية باتت تتربع في صدارة دول العالم على صعيد الانتهاكات في حقوق الأطفال.

ورصد التقرير الذي أصدرته الشبكة اليوم الثلاثاء، بعنوان “أطفال سورية..الخذلان الفاضح”،  بمناسبة “اليوم العالمي للطفل” الذي صادف أمس، “مقتل 21631 طفلاً من قبل قوات النظام منذ مارس/آذار 2011، بينهم 186 طفلاً قضوا خنقاً إثرَ هجمات بالأسلحة الكيميائية، و209 أطفال قضوا إثرَ هجمات استخدم فيها النظام ذخائر عنقودية”.

فيما تسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام، في هلاك ما لا يقل عن 289 طفلاً، وبلغَ عدد الأطفال الذين مروا بتجربة الاعتقال على يد النظام ما لا يقل عن 12007 أطفال، لا يزال نحو 3007 منهم قيد الاعتقال، بحسب التقرير الذي ذكر أن معظم حالات الاعتقال المسجلة ترقى إلى مرتبة الاختفاء القسري.

وتحدث التقرير عن “تضرر ما لا يقل عن 1123 مدرسة، و24 روضة أطفال، جراء القصف العشوائي، أو المتعمّد لقوات النظام”.

وتحدث عن “تداعيات تراكمية” نتجت عن عمليات القصف والتدمير اليومية، تسببت بخروج ما يزيد عن 3.2 ملايين طفل داخل سورية من المدارس، وتَضرُّر قطاع الصحة، وانخفاض معدلات تلقيح الأطفال، وحرمان 60 في المائة من مُجمل الأطفال اللاجئين من التعليم.

وذكرَ أن “إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، تُبين أنه قد ولد ما لا يقل عن 230 ألف طفل في مخيمات اللجوء، لم يحصل العديد منهم على أوراق ثبوتية، وهناك تحديات هائلة على صعيد مكافحة ظاهرة الحرمان من الجنسية”.

وفي السياق، يقول فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان “لم يتحمل النظام السوري مسؤوليته اتجاه اتفاقية حقوق الطفل، بل هو من ينتهكها على نحو كثيف ومستمر، كما لم تقم الدول الـ 192 المصادقة على الاتفاقية بأي تحركات لردع النظام السوري، يجب عليها أن تتعاون جميعاً لتمنع نظاماً ارتكب جرائم ضد الإنسانية بحق الأطفال من الإفلات من العقاب، وأن تساهم بشكل سريع وجدي في محاكمة المسؤولين عن ذلك، فلا عدالة بلا محاسبة”.

إلى ذلك، رصد التقرير حصيلة الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف الرئيسية الفاعلة في سورية منذ مارس/ آذار 2011 ولغاية 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، مستنداً في ذلك على عملية المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار، من فريق عمل الشبكة والتحقق منها وجمع الأدلة والبيانات.

وذكر أنَّ “القوات الروسية قتلت ما لا يقل عن 1529 طفلاً منذ 30 سبتمبر/ أيلول 2015، بينهم 32 طفلاً قضوا جراء 217 هجوماً بذخائر عنقودية”، كما أشار أن الهجمات الروسية “تسببت بتضرّر ما لا يقل عن 144 مدرسة، إضافة إلى تشريد عشرات آلاف الأطفال”.

واستعرَض التقرير انتهاكات في المناطق التي تُسيطر عليها المليشيات الكردية، كالقتل خارج نطاق القانون، والتجنيد الإجباري؛ وأوردَ أن 127 طفلاً قُتلوا على يد التنظيم، وأن 503 أطفال ما زالوا قيد الاعتقال، أو الإخفاء القسري، في مراكز احتجاز تابعة لها.

وفي نفس الإطار، قتل 711 إثرَ عمليات القصف العشوائي والاشتباكات، أو الإعدام التي مارسها تنظيم “داعش” الإرهابي، وقد بلغ عدد المعتقلين لدى التنظيم، ما لا يقل عن 386 طفلاً.

أما “هيئة تحرير الشام”، فقد قتلت 88 طفلاً، واعتقلت ما لا يقل عن 25 آخرين، ووفقَ التقرير فقد “قتلت قوات التحالف الدولي 723 طفلاً منذ بدء هجماتها في سورية في 23 سبتمبر (أيلول) 2014، كما تضرَّرت 23 مدرسة إثر تلك الهجمات”.

وسجل التقرير مقتل أطفال على يد فصائل بالمعارضة المسلحة، سقط معظمهم جراء القصف العشوائي على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، واعتقال ما لا يقل عن 305 أطفال، وتسبَّبت هجماتها في تضرُّر 23 مدرسة، وروضة أطفال واحدة.

كما سجل مقتل ما لا يقل عن 701 طفل منذ مارس/ آذار2011 على يد جهات أخرى (لم تحددها)، وتضرُّر ما لا يقل عن 19 مدرسة، وروضتي أطفال، على يد جهات مجهولة أيضاً.

وأوصى التقرير المجتمع الدولي بضرورة تأمين حماية ومساعدة للأطفال المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين، وخصوصاً الفتيات منهن ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً، والوفاء بالالتزامات أمام معاهدة حقوق الطفل، وبذل جهود جدية لعزل النظام السوري وفضح ممارساته.

كما طالب بإيجاد آليات لوقف قصف المدارس وحمايتها، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة، معتبراً أن قضية أطفال سورية هي قضية عالمية، يجب على كل الدول أن تبذل جهدها في التخفيف من تداعياتها.

أطفال سورية يحلمون بالخبز والمدرسة ويعدون القذائف فوق رؤوسهم/ ريان محمد

يبدو أن الأطفال هم الخاسر الأكبر جراء الصراع الدموي الدائر في سورية منذ نحو 6 سنوات، وذنبهم الوحيد أنهم وجدوا في مناطق طالب أهلها بالحرية والكرامة، فتعرضوا للقمع والحصار والتجويع والقصف والموت.

“منذ مدة لم تسمح لي أمي أن أخرج للعب في الشارع، حتى أنها لا تسمح لي أن أصعد إلى غرفتي، فهي تخاف علينا من القذائف، التي تسقط على منطقتنا بلا انقطاع” يقول يزن عواد، أبن العشرة أعوام، في حديث مع “العربي الجديد”. ويضيف “لا أعلم شيئاً عن أصدقائي أو مدرستي، سمعت أبي يحدث أمي أن مدرستي قد قصفت، وأن صديقي عمر استشهد في قذيفة مدفعية”.

ويتابع “ليس هناك متسع في الغرفة التي نختبئ فيها للعب كما أنها بالكاد تتسع لنا، غالباً ما ألعب مع شقيقي ببعض الألعاب التي صنعها لنا والدنا، وفي أحيان أخرى نعد القذائف التي نسمع دوي انفجارها، ونتوقع نوعها”.

أما عدنان شمس الدين، ابن السبع سنوات، المحاصر في الغوطة الشرقية، يقضي وقته في تصفح الكتاب الذي تسلمه الشهر الماضي، ويكتب بعض الأحرف والأرقام التي تعلمها. وتوضح أم عدنان أنه “كل يوم يسألني إن كان سيذهب إلى المدرسة، وأنا أخترع له حججاً يومية، وأحدثه أنني أخاف عليه من القذائف، فيجيبني إنه لا يخاف من القذائف ويريد الذهاب إلى المدرسة”.

وتضيف “أخاف أن يتواصل القصف ولا يتمكن من الذهاب إلى المدرسة، حتى أن قلم الرصاص والكراسة التي معه يكاد يستهلكهما، ولا أعلم كيف يمكن أن أحصل له على قلم وكراس جديدين، فهما يمثلان كل شيء بحياته والمدرسة هي حلمه اليوم، والتي لم يزرها سوى أسابيع قليلة كانت كافية ليتعلق بها”.

أما حلم سعيد، ابن الثمانية أعوام، في ظل الحصار، فيقتصر على الحصول على رغيف خبز وقليل من السكر، فهو النوع الوحيد الحلو الطعم الذي تذوقه طوال السنوات السابقة، بحسب حديث والد سعيد مع “العربي الجديد”.

ويقول: “من أصعب المواقف التي أعيشها، عندما يسألني سعيد أو شقيقه الأصغر، عن نوع ما من الفواكه أو الطبخ سمع به من شقيقته الكبرى أو أحد أقاربنا، ويريد مني أن أخبره عن شكله وطعمه، وأنا أعلم أن الجوع يقض مضاجعهم، بانتظار وجبتهم اليومية الوحيدة، التي في الغالب تكون عبارة عن طبق من شوربة الرز أو العدس أو البرغل، التي من الممكن أن تعد حباتها، وبعض الأحيان يكون من القليل من البندورة، في حين لم نتذوق الخبز منذ أسابيع”.

ويقول الناشط براء الشامي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “الأطفال في الغوطة يدفعون ثمناً باهظاً جراء الحصار والقصف الذي تشهده مناطق المعارضة، حيث يحرم الأطفال من أبسط حقوقهم، ومنها حقهم في الحياة. فهم يقتلون في منازلهم ومدارسهم دون أن يعلموا السبب، وحقهم في الحصول على الغذاء والتعليم، إضافة إلى مساحة آمنة للعب”.

ولفت إلى أن “الوضع النفسي للأطفال في المناطق الساخنة خصوصاً في الغوطة الشرقية، يعانون من مشاكل نفسية معقدة، جراء ما يتعرضون له من رهاب القصف ورؤية الأشلاء، بعضها يعود لذويهم أو أصدقائهم، إضافة إلى القهر الذي يعيشونه جراء الجوع الذي لا يفارقهم والبرد والفقر”.

في سياق متصل، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، بمناسبة “يوم الطفل العالمي” في تقريرها السنوي بعنوان “أطفال سورية…الخذلان الفاضح”، مقتل 26446 طفلاً في سورية منذ مارس/آذار 2011، منهم 21631 طفلاً قتلوا من قبل القوات النظامية، كما وثقت مرور 12007 طفلاً بتجربة اعتقال، في حين لا يزال ما لا يقل عن 4226 منهم قيد الاعتقال حتى لحظة إصدار التقرير.

العربي الجديد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى