صفحات مميزة

دروز سورية والثورة –مقالات متنوعة-

والتاريخ لن يرحم/ فادي عزام

سأقولها بأبسط ما يمكن وأوضح ما يمكن:

أهل حوران العزة والكرامة أهلي مثلما أهل السويداء الكرامة أهلي

والله رافع السموات والأرض.. أهل حوران مش خايفين منكم، خايفين عليكم أكثر ما أنتو خايفين على أنفسكم

أهل حوران مش ناقصهم رجال، أحرارهم معدن ذهب صافي .. بعز عليهم برجالكم وبتاريخكم. أهل حوران يوم قصف بيطلع عليهم من إزرع أو خربة غزالة أو أي منطقة من بقايا فلول النظام بيعرفوا يتعاملوا معه، بس قذيفة تطلع من المستوطنات العسكرية في السويداء.. ما بيردوا وبيبلعوا الألم كرمالكم.

يحتمي الجبان بينكم وكل ما يطلبه منكم أهل حوران ألا تكونوا ظهرا له فيركبكم ولا ضرعا لجرائمه فيحلبكم.

مطار الثعلة لولا الخوف على دمكم كان خلص بساعتين..

يسمعون أهازيج شبيحتكم وهم ويدفنون أهلهم من براميل حقد الفاجر، ويكظمون وجعهم كرمال حق الجوار.

أهل حوران تعرضوا مثل ما تعرض أبناؤكم للخطف والقتل ومن نفس الفصيل المشبوه،وبحثوا وسعوا وعملوا بكل ما لديهم ليعيدوا مخطايفكم.. وعصابة الخطف ومن ساعدها ومن صنعها موجود بفرع الأمن العسكري بالسويداء يقول عنكم لسيادته: إنكم مجرد طبول فارغة ويسخر منكم.

شبيحة درعا حقهم نص فرنك إذا كان هذا مصدر معلوماتكم، فهذا بالحقيقة مصدر رغبتكم بالمعلومة وليس حقيقة ما يجري.

أخيرا .. من المعيب أن يكون جهل السويداء بدرعا بهذا المستوى ..أغلقوا التلفزيون السوري .. وقناة السفاهة في المنار .. أغلقوا كل قناة ولا تستمعوا لفيصل القاسم ولا والجزيرة ولا إلى أي أحد آخر..

أنصتوا فقط لأنين 40 ألف شهيد مدني في درعا سُحقوا بالقنابل وبراميل ورصاص الغدر، لأوجاع ما ينوف عن 2000 شهيد من درعا تحت التعذيب، وبيوت حوران التي سحلت وانسحقت بقنابل الحقد الأسدي.

وبعدها قرروا ما الذي يجب أن تفعلوه …. حوران باقية والنذل زائل..

وملحوظة هامة: لمن يجيد فقط قراءة التاريخ بحدس الضمير السوري الشهم .. سلطان الأطرش . ثورته لم تحرر سورية سنة 1925.. بل رمزيته السورية والوطنية مع باقي السواعد السورية من حررها.

وحين ضاق عليه الجبل وأصدر مشايخ العقل ومرتزقة الفرنسي في السويداء بيان الذل ضده استقبله عمقه العربي والإسلامي، وظل في وادي سرحان 5 سنوات ونصف. يوم لم تُجِرْهُ السويداء. وكفره شيوخ الطبيخ والمرتزقة.

إعقلوا .. يا أهلي . لا كيان إسرائيل ودروزه ولا كيان لبنان ودروزه ولا أي كان في العالم يحميكم سوى ضميركم، وتعاضدكم مع أهلكم وبأضعف الأحوال عدم السماح لنظام القخر والعمالة الإيراني الأسدي باستخدامكم في محرقته.

فأنتم اليوم تتخذون ما ترونه مناسبا ولنا الحق أن نكتب هذا التاريخ كله كما هو.. كما يحدث.والتاريخ لن يرحم.

الفيس بوك

 

 

 

“الموحّدون الدروز” والوطن السوريّ/ سمير العيطة

هناك دلالات كثيرة وعميقة للحادثة التي وقعت في قرية «قلب اللوزة» التي يقطنها مواطنون سوريّون من بني معروف (الدروز). الأهميّة تأتي من البعد الطائفيّ للحدث المأساوي، مع أن مثله وما هو أخطر منه يحدث في كثير من المناطق الأخرى، سواء مِن قبل مَن ينضوون في خانة «الموالاة» أو «المعارضة». ولم يعد استثناءً أن تتطوّر محاولة للاستيلاء على منزل عائلة إلى مواجهة مسلّحة بين الجناة وأبناء العائلة أو القرية، وتنتهي بمجزرة تنتقم فيها ميليشيا من الأهالي.

جاءت مأساة «قلب اللوزة» بعد تبنّي بعض مشايخ الطائفة الدرزيّة في الشمال خطّ المواجهة ضدّ السلطة، برغم ما حدث من انتهاكٍ لحريّة الاعتقاد والممارسة في قراهم بعد سيطرة «المعارضة المسلّحة» عليها، وبعد سجالٍ وجدل في جبل العرب بين مشيخة العقل وبعض الشيوخ حول الموقف المطلوب تبنيّه من الصراع، في حين كانت قوى المعارضة المسلّحة تتقدّم إلى تخوم السويداء وترسل تطمينات أنّها ستحترم خصوصيّة هذه المنطقة وأهلها، فيما تهدّد «داعش» السفح الشرقيّ للجبل. بالتوازي، سار سجال الزعماء الطائفيين في لبنان ليستنجد هذا بتركيا وقطر وذاك بسلطة الأسد وإيران، في حين أكّدت إسرائيل أنّ حماية الدروز أمرٌ يهمّها إلى أبعد الحدود. ولا شكّ في أنّ إسرائيل ترمي بذلك إلى جرّ فئة من المواطنين السوريين إلى الصراع الإقليميّ كي يضحي صراعاً مذهبيّاً بين السوريين، وليدفع أكثر بآفاق التقسيم والوصايات الأجنبيّة.

ليست هذه المرّة الأولى التي لا يتمّ احترام تحييد فئة من السوريّين لنفسها عن الصراع المسلّح الذي تمّ الدفع له لكي يأخذ طابعاً أهليّاً. لقد حدث ذلك منذ ثلاث سنوات في الشمال السوريّ، حين تمّ لوم الأكراد على موقف «النأي بالنفس» حيال الانخراط في الصراع العسكريّ، لينتهي الأمر بتدمير «داعش» لعين العرب/كوباني وبتطوّرات توجّه البلاد فعليّاً نحو التقسيم. وها هو جبل العرب اليوم يوضع بين خيارات أحلاها مرّ، بين السلطة والمعارضة المسلّحة و «داعش». فمَن يحميه من «داعش» في النهاية إذا ما تواطأت معها قوى أخرى، سوى الطيران.. الأميركي؟!

هكذا تضع هذه الحادثة كثيراً من الأمور على المحكّ. لكن ليس المعارضة السياسيّة بالتحديد. إذ إنّ جناحيها الرئيسيين ما زالا يتحدّثان بخطابات تنتمي إلى ما قبل التحديات القائمة. جناح اسطنبول الذي لا يرى سوى مواجهته مع السلطة لكي يحلّ محلّها، وجناح القاهرة اليوم الذي لم يُنتج مؤتمره الأخير سوى إعادة صياغة لوثائق وضعت قبل ثلاث سنوات.

المعارضة المسلّحة هي على المحكّ اليوم، وخاصّة في ما يتعلّق بموقفها من «النصرة» و «داعش». في الشمال، تعيش أيّاماً صعبة مع تقدّم «داعش» نحو حلب، في حين تقصفها الطائرات الحكوميّة بكثافة مع أنّها ليست على تماسٍ مباشرٍ معها، ولم تقم طائرات التحالف إلاّ بأربع غارات على «داعش»، وتنأى «جبهة النصرة» بنفسها عن المعركة. وفي الجنوب، قطعت أكثر مع «النصرة»، ولكن ليس للدرجة التي تسمح بتلاقٍ وطنيّ يؤسّس للمستقبل. والسؤال الجوهريّ لهذه أو تلك هو شكل العقد الاجتماعيّ الذي سيقود إليه انتصار عسكريّ سيكون لـ «جبهة النصرة» فضل أساسيّ في صنعه، خاصّة بعدما فشلت محاولات بعض الدول الإقليميّة في تسويق هذه الجبهة كفصيلٍ وطنيّ، أي يحترم المساواة في المواطنة بعيداً عن المذهبيّة. وهذا السؤال عن تفضيل الوطنيّة على المذهبيّة أو الاصطفاف حيال دولٍ إقليميّة في الصراع، ينطبق أيضاً على الجيش الحكوميّ، مع كلفته الباهظة من الضحايا للحفاظ على السلطة القائمة.

والسؤال الكبير يتعلّق بموقف الولايات المتحدة وروسيا والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فهل وصل الصراع في سوريا إلى حدّ يجب إيقافه وكفّ عبث أيادي القوى الإقليميّة في مصائر أهل هذه البلاد؟

السفير

 

 

 

السويداء على حافة الثقب الأسود/ منير الخطيب

الأكثرية السنية في المشرق العربي أكثرية جريحة. وهذا الجرح الأكثروي الذي صار غائراً، سببته سياسة كسر “إرادتها الأمّويّة ” ( من الأمة ) من قبل إيران الخمينية والمنجدلين على حبالها المذهبية والعدوانية طيلة العقود الماضية. فبعد إسقاط نظام صدام حسين، سقط العراق في الحضن الإيراني بتواطؤ إيراني- أمريكي، وفي لبنان اغتيل رمزه السني رفيق الحريري على يد المنظومة الخمينية، ولا يزال، حتى تاريخه، سعد الحريري زعيم السنة في لبنان، لا يستطيع العودة إلى بلده بسبب تهديدات المنظومة ذاتها التي أصبحت منظومة تشبيح على المستوى الإقليمي. أما في سورية فإن جرح الأكثرية أكثر غوراً وإيلاماً، فهي منذ خمسين عاماً في موقع أقلوي سياسياً، ومنذ ما يزيد عن الأربع سنوات تعيش مناطقها تحت رحمة صواريخ سكود والبراميل المتفجرة والقتل والتهجير.

تمكنت السياسة الإيرانية، ذات المحتوى الإمبريالي العنصري المذهبي، في السنوات الماضية من تنضيد ثقب أسود كبير، تمثل باقتلاع الطوائف من الأنسجة الوطنية، وتخريب الوطنيات المشرقية، واستدعاء سيل جارف من الانبعاث الهوياتي القادم من جوف التاريخ. لذا، ظهر التطرف السني في أحد أبرز وجوهه  كرّد فعل على” كلبية ” السياسة المتطرفة للمنظومة الخمينية وملاحقها، وهو ملازم لهذا الجرح  في صميم كبرياء الأكثرية السنية، مما يدعونا إلى القول: إن تراجعه مرتبط، إلى حد كبير، بانحسار الحضور الإمبريالي الإيراني في المشرق العربي.

تحولت وجهة السياسة الإيرانية في سورية، بعد تآكل قدرات النظام العسكرية والسياسة والاقتصادية، إلى توليد مزيد من التخريب في المناطق الخارجة عن نطاق سيطرته وتهيئتها لدخول داعش إليها، والتركيز على التمسك بالشريط الساحلي وصولاً إلى دمشق عبر القلمون. صار واضحاً، أن داعش غدت حاجة لإيران وحاجة للنظام، اللذين يحاولان، وفق إستراتيجية التخريب والتدمير هذه، دفع السويداء إلى الثقب الأسود من طرق مختلفة: أولها، الإمعان في ضرب علاقتها مع محيطها الطبيعي والتاريخي والاستراتيجي ( حوران وريف دمشق ). وثانيها، عزل الدروز وإضعافهم، ( بدا ذلك جلياً من خلال تفريغ فرع البنك المركزي في السويداء، وتفريغ صوامع الحبوب ونقلها خارج المحافظة، وتفريغها من السلاح )، بهدف خلق موقف “ذمي” لديهم يتمثل في إبقائهم تحت رحمة الحاجة إلى “الحماية” من قبل المحور الإيراني، حيث يستبطن شعار”حماية الأقليات” مضموناً ذمياّ رخيصاً. وثالثها، تأليب البدو، الذين بايعوا داعش، وأبقوا على ولائهم للأجهزة الأمنية في ذات الوقت، للتضييق على السويداء من جهة البادية الشرقية ومن محور براق على طريق دمشق- السويداء. ورابعاً، إجهاض إمكانية تكّون كتلة وطنية في الجنوب السوري، تضم دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة والسويداء، تكون قاعدة موضوعية لإعادة بناء الدولة الوطنية السورية، وقطع الطريق على قيام كيانات ما دون وطنية تحقق مصالح كل من إيران وإسرائيل معاً، وتمعن في تفتيت النسيج المجتمعي السوري.

تشكّلت الدولة الدستورية الحديثة في سورية، بعد الاستقلال وقبل أن يطيح فيها الانقلاب البعثي المشؤوم، على حزمة من المبادئ، أبرزها اثنان: الأول، الأكثرية السنية هي التي بلّورت وقدمت المشروع الدستوري للسوريين، وأسهمت في دفع الأقليات للاندماج معها وفقاً له، بهذا المعنى، كانت الأكثرية رافعة الدولة الوطنية. الثاني، كانت الكتلة الوطنية  المتمركزة في دمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة هي مركز الجذب السياسي في تشكّل الكيان السوري، في حين كان هوى حزب الشعب الحلبي هوىً عراقياً.

لا يزال هذان المبدآن يتمتعان براهنية في الواقع السوري الحالي، ولا تزال السويداء مكّوناً مهماً في تركيب هذه الكتلة/ القاعدة للمشروع الوطني السوري، يحاول الماكرون وأصحاب المشاريع المذهبية دفعها لتقع في التهلكة، ويحاول العقلاء والوطنيون سحبها عن حافة الهاوية. لكن تسارع المتغيرات الداخلية والإقليمية لا يعطي أهل جبل العرب ترف الانتظار على حافة الثقب الملتهب. صحيح، أن الجبل يفتقد إلى كاريزما كالتي تمتع بها سلطان باشا الأطرش، والتي وضعت حداً لركاكة مشيخة العقل آنذاك، وهو قادر على تعويض النقص الحاصل من عدم تبلور شخصية قيادية بحجم الباشا من طريق تنظيم مرجعية وطنية عريضة، تشمل، بشكل رئيس، مشايخ الكرامة والقوى والشخصيات الوطنية وقادة الرأي العام والرموز الاجتماعية. لقد أصبح الحديث يدور، حالياً، في مراكز القرار الإقليمية والدولية عن ترتيبات مرحلة ما بعد الأسد، وخيار الدروز الوحيد في هذه المرحلة يجب أن لا يكون سوى الاندماج مع عمقهم الأكثري، كي لا تتحول السويداء إلى كوباني أخرى! ماذا فعل النظام لحماية كوباني؟ ما فعله في كوباني سيفعله في السويداء.

إذا هاجمت داعش السويداء من الشرق، فلن يحمي ظهر الجبل إلا حوران وريف دمشق، من أطلق قذائف الهاون على السويداء بهدف إثارة النزعات المذهبية لن يقوم إلا بكسر ظهور أهل الجبل، وبدل أن تكون السويداء كوباني ثانية تزاود كل من إسرائيل وإيران على “حمايتها” ، تستطيع  قطع الطريق أمام هذين العدّوين القوميين، من اللعب على مسألة انتمائها الحاسم للوطنية السورية، وذلك بقرار تاريخي من نخبها ومشايخها ورموزها الاجتماعية والسياسية  بالانحياز النهائي لقضية الشعب السوري، التي هي قضية عادلة وأخلاقية ووطنية ونبيلة وإنسانية.

المدن

 

 

 

 

الدروز وأوطان الخوف/ حـازم صـاغيـّة

جاءت المحنة الأخيرة للدروز في قرية قلب لوزة السوريّة، حيث قتلت “جبهة النصرة” ما بين 20 و23 شخصاً، لتعيد إلى الواجهة مسألة الرابط العابر للحدود الوطنيّة بين أبناء الطائفة الدرزيّة.

فقادة الدروز اللبنانيّين، على اختلاف مواقفهم، تعاملوا مع الجريمة وكأنّها تحصل داخل نطاقهم الوطنيّ المباشر، إن لم يكن نطاقهم البيتيّ.

ولئن ظهرت أصوات بين دروز إسرائيل تتناول المسألة على نحو يمكن وصفه بالحميم، فثمّة بين المسؤولين الإسرائيليّين من استغلّ الحدث، استغلاله وجود دروز إسرائيليّين، لمدّ جسور مع دروز سوريّا ومطالبتهم باعتماد خيارات محدّدة.

ونعرف أنّ هذا الواقع الدرزيّ لطالما تسبّب بانتقادات ظالمة للدروز، انتقاداتٍ شكّك أصحابها بانتمائهم الوطنيّ وغمزوا من قناة “العلاقة بإسرائيل”.

والحال أنّ هذا البُعد العابر للحدود الوطنيّة مفهوم جدّاً، خصوصاً اليوم. فصغر الطائفة الدرزيّة عدداً وتوزّعها على بلدان أربعة (لبنان وسوريّا وإسرائيل والأردن) يجعلها أكثر جهراً بما تقوله، أو تفعله الطوائف الأخرى الأكبر عدداً.

لكنّ هذا السلوك يتضامن مع واقع أخطر هو أنّ دول المشرق القائمة، في تماهي سلطاتها مع طوائف أو إثنيّات بعينها، إنّما تجعل الولاء الوطنيّ أمراً قليل الإقناع وقليل الطمأنة للضعيف والخائف.

وإذ تخوض ميليشيات شيعيّة، لبنانيّة وعراقيّة، حرب الدفاع عن النظام السوريّ، فهذا ما يغذّي الميول القائمة إلى تجاوز الحدود الوطنيّة. وها هو العقد يكتمل مع صعود الحركات التكفيريّة السنّيّة العابرة لتلك الحدود، بل الهادمة لها، على نحو يوسّع رقعة الخائفين في هذه المنطقة ويعمّق خوفهم.

وقد شهدنا، في لبنان، في عقد الثمانينات، تمريناً أوّل مصغّراً على بعض ما نراه اليوم، كان فيه الدروز والمسيحيّون الفاعلين الأساسيّين. آنذاك، وفي ما عُرف بـ “حرب الجبل”، تعاون المسيحيّون الخائفون من السوريّين والفلسطينيّين، مع الإسرائيليّين، ثمّ تعاون الدروز، الخائفون من المسيحيّين، مع الإسرائيليّين إيّاهم. لكنْ قبل قرن وربع القرن على “حرب الجبل”، وقبل قرابة تسعة عقود على نشأة إسرائيل، آلت العلاقات الأهليّة المتصدّعة بين المسيحيّين والدروز إلى حرب معروفة.

أمّا في تجربة أخرى، فشهيرة حادثة لجوء الفدائيّين الفلسطينيّين، الذين خافوا من تقدّم الجيش الأردنيّ في 1971، إلى إسرائيل التي حملوا السلاح أصلاً لقتالها.

وهي وجهة تذرّر وانحلال سوف تجعل حال الجميع، في أوطان الخوف ومجتمعاته، أشبه بحال الدروز. ذاك أنّ ما يضمن الجماعات المفتّتة هو إمّا الخارج، بقواه العسكريّة والسياسيّة، أو بالهرب إليه، وإلاّ فـ “أهلنا” الذين يقيمون في هذا الخارج وراء الحدود.

أمّا الاتّهام بإسرائيل مرّةً، وبالوطنيّة مرّاتٍ، فكلام لا يصيب الحقيقة بقدر ما يبعث على التشكيك إمّا برجاحة قائليه أو بنزاهتهم.

موقع لبنان ناو

 

 

 

دروز سورية بين جمهورية الأسد وخيارات جنبلاط/ بهاء أبو كروم

اعتقد الموحدون الدروز في سورية أن انجازهم في ثورة 1925 إنما أتى في سبيل قيام دولة عربية عادلة، وهم من الذين غرسوا فكرة التحرر في المنطقة ورسخوا إمكانية التمرد على الاستعمار لا بل اليقين بقدرة الانتصار عليه. الحراك الوطني للدروز أتى في إطار الشراكة وليس الاستئثار، ولقد قدم سلطان باشا الأطرش إنجازه للشعب السوري ولسورية في شكل عام ولكل العرب، من دون أن يطلب شيئاً له في المقابل أو أن يصرف نفوذه أو نفوذ طائفته مكاسب وامتيازات في النظام السياسي.

وفي المراحل اللاحقة كان الدروز أوفياء لفكرة الدولة التي تجمعهم مع شركاء آخرين في حلقة قومية متعالية عن الفوارق، فكانوا متعلقين بالدولة العربية السورية باعتبارها خياراً حقيقياً وواقعياً لكل السوريين، لكن هذه الأخيرة تبدّلت ظروفها في أوقات لاحقة حيث آلت في نهاية الأمر إلى آل الأسد، وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 بقي الأمر ملتبساً عند بعض الدروز، فمنهم من فضل البقاء بحضن النظام باعتبار أنه الدولة، وفضل آخرون الالتحاق بالثورة لأن الجمهورية العربية السورية في شكلها الرسمي لم تكن إلا جمهورية آل الأسد. وهنا وقع الالتباس.

لا شك في أن نظام آل الأسد وعلى مدى عقود مارس التدجين السياسي بحق معظم الفئات والشرائح، بحيث اقتصرت النخب السياسية على جماعة النظام وأفرغت القيادات الدينية من تلك التي تخالف التوجه العام. وحال دروز سورية كانت تتأثر بكل هذه الوقائع، لذلك يصعب على كثيرين منهم ملامسة حجم التحولات التي تجري من حولهم، حيث ينجح بشار الأسد في تخويفهم من تلك التحولات، ويساعد على إخافتهم أيضاً ما يحصل من ارتفاع حدة التطرف والبربرية التي تقترب من ديارهم.

صحيح أن كثيرين من السوريين، والدروز منهم، يعتبرون أن خياراتهم تقع بين حدين لا ثالث لهما، وهما التكفير أو الاستبداد، وبالتالي فالتعايش الذي كابدوه مع الاستبداد أخف وطأة عليهم من التكفير الذي تتضح تجلياته في العراق وشرق سورية. وهذا التباس آخر.

الدروز لم تكن لديهم امتيازات في النظام القديم حيث كانوا جنوداً أوفياء، لكن ماذا عن النظام الجديد، ما معالمه، وماذا عن المرحلة الانتقالية وما الخيارات المطروحة عليهم؟ في هذه الحال يتضح أن الخيار الذي يطرحه عليهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي هو خيار تأسيسي يتعلّق بمرحلة ما بعد الأسد، أي مرحلة تتضمن سياقاً انتقالياً ونظاماً لا يكون مركزياً بالمستوى الذي كانت عليه الأمور سابقاً، وبالتالي فالبُعد الذي يحمله المستقبل للدروز هو بعد يتكون من أساس مجتمعي ضمن العلاقات الاجتماعية القائمة على وحدة المصير مع أطياف الشعب السوري.

لكن الأمور قد تتخذ منحى آخر، فتظهر تعددية طائفية إنما بصيغة متهالكة تعقب الصراع السني – الشيعي وتكون من تداعياته، وقد تغيب عنها الديمقراطية لعقود، وتتضمن كثيراً من المخاطر بالتالي. فما هو، والحال هذه، السياق الذي يؤول إلى تأمين الحضور القومي والسياسي والتاريخي للدروز، وما شكل الضمانات التي تتيح لهم البقاء والطمأنينة، بخاصة أن ما كان قائماً لم يكن دولة إنما كان شكلاً من أشكال حكم الأقلية التي ظهرت مؤخراً بفجورها المذهبي القبيح؟

ما يطرحه عليهم وليد جنبلاط يتعلق بالضمانة التي تتأمن تلقائياً عبر رسم الاستراتيجية المشتركة مع المحيط، رسم المصير المشترك مع المجتمع في السهل الحوراني الذي يشكل الامتداد الطبيعي للجبل والذي تغلب عليه العلاقات التاريخية التي عكر صفوها نظام الأسد، بخاصة في ما إذا تأمّن استعداد هؤلاء لتجاوز الأمور وبناء شراكة مستقبلية.

لماذا يرفض بعض الدروز في السويداء هذه الشراكة؟ وما البدائل المتاحة؟ وهل لا يزال البعض يعتقد بإمكانية تحسن ظروف النظام؟

المطلوب من دروز السويداء بالنسبة للأسد، يقتصر على إشغال المعارضة وعدم طمأنتها من جهة الشرق لتأخير معركة دمشق، وبالتالي فالموضوع بالنسبة للأسد يرتبط بكسب الوقت. لكن مقابل ذلك، وفي هذا الوقت، فالموضوع بالنسبة الى دروز السويداء يرتبط بالمصير والوجود، وهنا الفارق بين رهانات الأسد ومصير الدروز. وانقلاب الأدوار في مسألة الحماية يظهر بجلاء: فالموضوع اليوم يتعلق بحماية الدروز للأسد وليس العكس، وبالتالي تترتب على ذلك مسؤوليات كبيرة. فهل يتحمل الدروز المسؤولية عن إهدار فرصة الشعب السوري في الانتصار على الأسد ويقعون في ما أوقع به حزب الله شيعة لبنان؟

* كاتب لبناني

الحياة

 

 

 

هل العودة ممكنة إلى «دولة جبل الدروز» (1921) ؟/ طوني عيسى

والآن جاء دور الدروز في سوريا. لقد نضجَت «الطبخة» لطرحِ مصيرِهم على الطاولة، بعدما سلكَ الآخرون مسارَهم وعرفوا مصيرَهم في «سوريا السابقة»: الأكثرية السُنّية والأقلّيتان العَلوية والكردية، وبينهما «يتدبَّر المسيحيّون رأسَهم».

في المراحل الأولى من الحرب السوريّة، لم يَبرز الملف الدرزي. الأرجَح لأنّ جبلَ الدروز واقعٌ في محاذاة الحدود مع إسرائيل، وهي أرادت إبقاءَ الملف الدرزي مَطويّاً حتى المرحلة الثانية من عملية «الفَكفكة» في سوريا. فإسرائيل تفَضِّل معالجة الملفّات المتعلقة بها بعد زوال العواصف وانجلاءِ ما خَرّبته على الأرض.

لقد تبلورَت ملامحُ المناطق السنّية («داعش» وسواها) والعَلوية والكردية، في الشمال والوسط. ورضخَت الأقلّية الدرزية في جبل السمّاق (100 ألف نسمة) تلقائياً لـ«النصرة». ولكن في السويداء (نصف مليون نسمة)، تسمحُ المعطيات الديموغرافية والجغرافية والسياسية والتاريخية بالبحث عن سبيلٍ للصمود.

لو كانت سوريا ستَعود موحّدةً، لكان محسوماً مستقبل الجميع مهما طال أمَد النزاع، لكنّها ذاهبةٌ إلى التفكُّك. ولذلك، ليس أمام الدروز سوى الاستقلال ضمن منطقتِهم، لئلاّ يَخضعوا لنفوذِ أصحاب الفتاوى التكفيرية.

وقد أيقظَت مجزرة قلب لوزة هواجسَهم التاريخية النائمة، وهُم مقتنعون بأنّهم يتعرّضون لاستغلال مزدوج:

– النظام لا يَهتمّ لمصيرهم كما يَهتمّ بالعَلويين. وهو لا يريد من السويداء إلّا رجالَها ليقاتلوا إلى جانبه، ومنع السيطرة على طريق دمشق.

– «النصرة» تريد إخضاعَ جبل الدروز. ومِن أهداف مجزرة جبل السمّاق الضغط في السويداء.

لذلك، تَتنامى لدى الدروز رغبةٌ في التمثّل بالأكراد، لئلّا يصبحَ مصيرُهم كمصير الأشوريين والكلدان والأزيديين في العراق. وسبقَ لبعض قادةِ الدروز في سوريا ولبنان، ولا سيّما النائب وليد جنبلاط، أن «سايرَ» «النصرة» إلى حدّ اعتبارها «غير إرهابية»، ورفعَ منسوبَ حملتِه على النظام، واضطلعَ بدورِ الوسيط في ملف العسكريين اللبنانيين، لعَلّ ذلك يَرفع الأذى في سوريا.

لكنّ المجزرة وقعَت. وهو على رغم رَدِّه العقلاني عليها، لم يَحظَ سوى ببيان يَعتبر الحادثَ فَرديّاً!. فهل يَستطيع الدروز أن يَتأطَّروا ضمن «جبَلهم»، ويواجهوا التحدّيات انتظاراً لتبَلوُر الخيارات السورية الكبرى؟

يبدو صعباً على الأقلّية الدرزية في السويداء أن تواجهَ «النصرة» أو «داعش» عسكرياً. فالأسد بقدراته العسكرية الهائلة عجِزَ عن استعادة المناطق الشاسعة التي فقدَها، فكيف للمجموعة الدرزية الصغيرة أن تواجه؟

لكنّ المثيرَ هو أنّ أقلّيةً موازية للدروز، في الشمال، هي الأكراد، استطاعت أن تخلقَ إطارَها المريح، على رغم بعض الضغوط في كوباني. والمثير أنّ تركيا، التي هي الداعم الأساسي للمعارضة السورية، هي أيضاً توَفّر للأكراد أمنَهم الذاتي… بناءً على التزامٍ مِنهم بمراعاة استقرارها.

وحتى المنطقة العَلوية في الساحل تبدو مرتاحةً في مواجهة «جيش الفتح» الذي اجتاحَ إدلب لكنّه توقّفَ عند تخوم الساحل. وقبل ذلك، توقّفَت «داعش» عن التقدّم في محاذاة الحدود التركية – السورية، ولم تَبلغ البحر.

إذاً، الصراع العسكري في سوريا – والعراق – هو غطاء لتنفيذ عملية ترسيم موضوعة مسبَقاً على الورق… وإلّا فكيف يفسَّر صمود هذه الأقلّيات؟ وربّما سيؤدي سقوط سوريا الحاليّة، سوريا سايكس- بيكو، إلى تظهير الخريطة التي أقَرَّها الانتداب، وتضمّ: «دولة حلب»، «دولة العَلويين»، «دولة دمشق»، و«دولة جبل الدروز» التي قامت في 1921، وجرَت تسميتها في العام التالي «دولة السويداء»، ثمّ أعيدَت تسميتُها «دولة جبل الدروز» في 1927، وهي استمرَّت حتى توقيع المعاهدة السورية – الفرنسية في 1936. وعُيِّنَت حدودُها كالآتي: من الشمال أراضي دمشق، من الجنوب شرقي الأردن، من الشرق الصفا والرحبة وجبال الحارة، ومن الغرب اللجاه وسهل حوران.

وكما أنّ القوّة الإقليمية المحاذية للأكراد هي تركيا، فإسرائيل هي جارة السويداء. ومِن هنا، يقرأ المتابعون ما صدرَ عن إسرائيليين مِن دعمٍ للدروز. وهذا الدَعم فيه الخبثُ واحتمالات الابتزاز، في ضوء الكلام عن رسائل مباشَرة وغير مباشرة بين إسرائيل وبعض التكفيريين والنظام في آن معاً، حول الوضع الحدودي من جبل الشيخ والجولان إلى درعا.

ولدروز إسرائيل (120 ألفاً) مواقعُ مهمّة في الجيش هناك وفي الوزارات والأجهزة. ولطالما نادى محَلّلون إسرائيليّون بمنطقة نفوذ درزية على الحدود تكون شريطاً واقياً على طريقة منطقة «جيش لبنان الجنوبي».

ويَرفض الدروز في المطلق أيَّ تدَخُّل إسرائيلي، ويُدركون -كما مسيحيّو لبنان- مآلَ العلاقةِ بإسرائيل. ولكن، في المقابل، ماذا تفعل الأقلّية الدرزية إذا تعرّضَت للاضطهاد التكفيري، على طريقة «العَدوّ من أمامكم والبحر مِن ورائكم»؟

إنّه مأزقُ الأقلّيات الدينية المشرقية، وهو أيضاً مأزق الأكثريات العربية التي تتحكّم بمصيرها أقلّيتان: الأنظمة والتكفيريّون.

لكنّ خريطة المنطقة تتغيَّر بالتأكيد، والجميع معنيّ بالحفاظ على رأسه. فماذا سيَفعل دروز سوريا؟

(الجمهورية)

 

 

 

النصرة غير داعش.. مجزرة قلب لوزة مثالاً/ سوسن جميل حسن

هل يمكن الحديث، بعد كل هذه الأوضاع الكارثية التي آلت إليها سورية، مجتمعاً ودولة ووطناً وأرضاً، عن “ثورة”؟ أم يمكن الحديث عن حلقة مفرغة دخلتها سورية، ليس منذ اللحظة التي انتفض فيها الشعب، ونزل إلى الشوارع والساحات، يطالب بالحرية والكرامة واستقلال الإرادة، بل منذ عقود، والأرجح قرون، حلقة تبدأ بالقمع ثم التحرير فالانزلاق إلى الأصولية المتطرفة التي أظهر الواقع أنها متجذرة أكثر مما كان في وسع أحد أن يتوقع، ثم القمع مرة أخرى؟

لا بد من طرح أسئلة جديدة، بالإضافة إلى القديمة، يمليها الواقع الجديد، بمتغيراته الكثيرة، فالحديث عن السلمية صار سذاجة، والحديث عن الديمقراطية والعدالة والتعددية والدولة المدنية، وغيرها من الشعارات التي نادى بها الحراك في بداياته، صار حديثاً فيه حد من الحماقة، بل والعدمية أحياناً. فالثورة المنشودة دُفعت، مع سبق الإصرار، إلى العسكرة، الطريقة الأمنية بامتياز التي واجه بها النظام المظاهرات التي خرجت سلمية، لم تنتظر طويلاً، حتى حصدت ردّ الفعل المرجو، ولم يكن منطق المؤامرة وادعاء الإرهاب الذي ما زال النظام يتخذه ذريعةً، من أجل تبرير إدارته العنفية للأزمة، غير مكترث بآلاف الأرواح البريئة من المدنيين التي تحصد على مدار الحرب المشتعلة. لم يكن هذا المنطق أيضاً عدمياً بالمطلق، أو مختلقاً فقط من النظام، فالواقع يظهر جلياً أن المؤامرة حاضرة وفعالة ونشطة، ومواكبة للحدث السوري، والإرهاب موجود بكثافة، ونشط على جميع المستويات الميدانية والنظرية والإعلامية، ولا يزيده عنف النظام غير عنف أكبر وتطرف أشرس.

الحلقة المفرغة التي تحدثت عنها لا توصل إلى نتيجة، أو لا تحدث أي تغيير غير تغيير الحاكم، فتبتعد العملية عن جوهرها ومعناها، تخلع ثوب الثورة، لتصبح انقلاباً على نظام الحكم فقط، وإعادة إنتاج للظلم والقمع والتخلف والجهل والاغتراب عن الحياة العصرية ومواكبة العالم المتحضر، الانقلاب الذي يزخر تاريخنا به، من قديم وحديث، خصوصاً الفترة التي امتدت من بعد الاستقلال بسنوات قليلة، وحتى انقلاب الحركة التصحيحية، وكلها كانت بادعاء الثورات.

“ما جرى، أخيراً، في قرية قلب لوزة الدرزية، ليس غريباً ولا مفاجئاً كسلوك ينجم عن مجموعة جهادية كالنصرة، فقد كان زعيمها واضحاً منذ البداية، وحتى في ظهوره غير السافر الأخير على شاشة قناة الجزيرة”

وإذا رجعنا إلى بدايات الحراك الشعبي في سورية، وواكبناه إلى اللحظة، حيث من جديد الأحداث الذي يستدعي الوقوف عنده كان قتل مدنيين في قرية قلب لوزة الدرزية في الريف الإدلبي، حيث تسيطر جماعة جبهة النصرة، نرى أن الهوية الإسلامية الشمولية هي التي سيطرت باكراً على الحراك، ثم لم يطل بها الوقت، حتى تجلّت أكثر بصورة أصولية متطرفة جهادية تكفيرية، أولى رسائلها كانت إشهار أجنداتها وبرامجها في الحكم وإدارة المناطق التي سيطرت عليها، بطريقة عنفية ممنهجة صارخة، جريئة حدّ الفجور، منتهكة الهوية الخاصة للشعب السوري، المتعدد الثقافات والمعتقدات، الهوية التي انصهرت، عبر الزمن الطويل، لتأخذ ملامحها الحية.

باكراً جداً، بدأت الملامح الإسلامية، من تسميات أيام الجمعة، عندما كان هناك تظاهرات، إلى تسميات الكتائب المسلحة، بعد أن تحولت المواجهة إلى مواجهات عسكرية، وحتى نضوج الكتائب والألوية واستيلائها على مناطق نفوذ خاصة بها، كلها أسماء إسلامية، أو تستند إلى رمز إسلامي. إلى أن كشّر الفكر القاعدي عن أنيابه، وأسفر عن وجهه الكاره كل من لا ينضوي تحت رايته. من يقول إن تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، غير جبهة النصرة يوارب الحقيقة. يتفق التنظيمان، بشكل كامل تقريباً، في نقطة أساسية، تلخص جوهرهما، فهما يتبعان مدرسة عقائدية واحدة، القاعدة، حيث يصران على تقرير مصير الشعوب المتجذرة في ثقافات ومعتقدات مختلفة، استناداً إلى تصورات تدّعي الكونية، متدرّعة بالقيم المختبئة في التقليد الإسلامي، والحافل به تراثنا وكتب تاريخنا وأدبياتنا ومراجع فقهنا، وكان لا بد لها من أن تنبثق، في لحظة ما، بعد تراكم كم هائل من الظلم والتهميش والإفقار الفكري والروحي لشعوب المنطقة، وبعد أن حطمت الإيديولوجيات الداعية إلى التحرر والبناء الوطني، والأنظمة التي عاشت على حساب شعارات القومية والممانعة، كل أشكال التضامن وممارساته بين شرائح الشعب.

ها هي سورية تتقسم، لكن حتى تقسيمها ليس رحيماً، فهي لا تتقسم بمقص ماهر عالي الكفاءة، إنها تُمزق مثل ثوب في العراء، يئن نسيجه من هول الانتهاك، يؤجّج الغرائز فيها، ويضرمها فكر أصولي متطرف “سني، شيعي”، يتمسكون بأصول التشريع الجامد الذي مضت عليه قرون من دون اجتهاد، يبررون للقتل والإقصاء والتهجير والتكفير والتمييز. تضيع سورية بين طرفين متصارعين، يختبئ في ظلهما صراع إقليمي ودولي، وليس الصراع العقائدي سوى ذريعة لكسب قوى على الأرض، وضمان الفوز بأكبر حصة من سورية، فريق يستند إلى مظلومية تاريخية، وآخر يستند إلى مظلومية حديثة.

ما جرى، أخيراً، في قرية قلب لوزة الدرزية، ليس غريباً ولا مفاجئاً كسلوك ينجم عن مجموعة جهادية كالنصرة، فقد كان زعيمها واضحاً منذ البداية، وحتى في ظهوره غير السافر الأخير على شاشة قناة الجزيرة، النصرة وكل الفرق التي تحارب تحت راية الإسلام من أجل نصرة الإسلام والمسلمين لن يكون، في برنامجهم مستقبلاً، مكان لحياة مدنية، يمكن أن ينعم بها الشعب السوري، فيما لو بقي على قليل من تعدديته وهويته التاريخية، بل سيكون كل أفراد المجتمع خاضعين لشريعة تنضبط حياتهم الخاصة والعامة وفق قوانينها وحكمها وقضاتها، ومن يريد البقاء على دينه، فليدفع جزية لقاء حمايته “ممّن؟” وإلاّ فليغادر.

لم يعد هناك ثورة في سورية، على الرغم من أن الحراك بدأ عفوياً تحت ضغط الشعور بالضيم والاعتداء على كرامته وإرادته. هناك حرب، وهناك قوى أصولية متصارعة، منقسمة بين نظام وداعميه من طرف، ومعارضة غالبيتها أصولية متطرفة وداعميها ومموليها من طرف آخر. لذلك، يجب أن تتغير أسئلة الواقع مع المتغيرات، ولا بد من تركيز الأسئلة، والسعي إلى إيجاد حلول لها، والعمل على تطبيقها، حول العمل السياسي. سورية بحاجة ماسة وملحة إلى حل سياسي، وتحقيق وقف العنف على الأرض هو الخطوة الأساس والأهم في هذه اللحظة.

العربي الجديد

 

 

 

 

محطة حوران.. التحدّي الكبير لثورة سورية/ إياد أبو شقرا

ما كان ممكنًا أن يكون توقيت المجزرة التي ارتكبها عناصر من «جبهة النصرة» في قرية قلب لوزة بجبل السمّاق (الجبل الأعلى) في شمال محافظة إدلب أسوأ بالنسبة لمآلات الثورة السورية ومضامينها السياسية.

هنا، أنا لا أتكلم عن حجم المأساة، لأن سوريا شهدت منذ مارس (آذار) 2011 مجازر أكبر وأفظع. ولا يجوز الإفراط في التركيز على «الأقلية» التي تعرّضت للمجزرة، بينما ارتكب أضعاف أضعافها بحق «الأكثرية» طيلة السنوات الأربع الأخيرة.

ليس من الإنسانية في شيء تناسي حقيقة ساطعة، بقدر ما هي مؤلمة، هي أن ثمة قيادات في سوريا توهّمت أن بمقدورها الهروب إلى الأمام من أخطاء حساباتها وسوء فعالها، فاختارت تكرارًا أن تغطي كل جريمة ترتكبها بجريمة أكبر. وهكذا، بنتيجة الدعم الخارجي والتواطؤ الدولي، بلغنا المأساة الفظيعة التي نعيش.

إن الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق نحو 25 من أبناء قلب لوزة «جزء من كل»، ونموذج من نماذج انهيار الدولة – وفق المفهوم السياسي للدولة – من دون توافر البديل الناضج الثوري لها. لكن لماذا ما حدث في قلب لوزة كان مفجعًا، وكان التوقيت سيئًا، بل كارثيًا؟

الجواب هو أن المجزرة ارتكبت قبل ساعات معدودات من بدء ثوار الجنوب السوري معركة تحرير مطار الثعلة العسكري. وكما أن سكان قلب لوزة، ومعها 16 قرية أخرى مجاورة في الريف الشمالي لمحافظة إدلب، من الموحّدين الدروز، فإن بلدة الثعلة المتاخمة للمطار تشكل البوابة الغربية لمحافظة السويداء، التي يعيش فيها أكبر تجمّع للدروز في العالم.

لقد عاش الموحّدون في جبل السمّاق وسفوحه الجنوبية الشرقية منذ نحو ألف سنة حافظوا خلالها على أفضل العلاقات مع إخوانهم وجيرانهم. وعندما قامت «ثورة الشمال السوري» في مطلع العشرينيات ضد الفرنسيين كان البيت الذي لجأت إليه عائلة المناضل إبراهيم هنانو، بطل الثورة الكبير، بيت الوجيه الدرزي محمد علي القصّاب في قرية مرتحوان. ثم عندما اندلعت الثورة الحالية عام 2011 وقفت القرى الدرزية في الشمال السوري مع الثورة، فأمنت الملاجئ والأغذية واعتنت بالجرحى والمصابين.

أما في الجنوب، في محافظة السويداء، فإن سكانها كانوا وما زالوا منذ 400 سنة جزءا من نسيج حوران، ولا حاجة لتوثيق الحقب التاريخية فهي معروفة لكل من قرأ تاريخ سوريا المعاصر، سواء إبان الثورات الوطنية ضد الانتداب الفرنسي، أو المشاركة في الحركات الوطنية والأحزاب والقوى القومية في فترة ما قبل انحرافها وتشوّهها.

للأسف الشديد، يجب الإقرار بأن نظام الأسد نجح في عدد من الرهانات القاتلة في طريقه لتدمير سوريا، وكان أفظعها وأقساها الإفراط في القمع الدموي وإطالة أمده لتدمير أي اعتدال عند الأكثرية السنيّة. ومن ثم، بعد تغليب خطاب الغضب والشك والانتقام في الشارع السنّي الجريح، باشر ابتزاز الأقليات الدينية والمذهبية بهذا الغضب فحشرها أمام خيارين مريرين: إما القبول بحماية نظام هو في حقيقة الأمر يحتمي بها، أو مواجهة خطر التطرّف الانتقامي. وفي سبيل زيادة فرص طغيان التطرّف، أقدم النظام بالفعل على فتح أبواب السجون مفرجًا عن عدد كبير من الحَركيين الذين يعرف جيدًا تاريخهم السياسي والعنفي. وفي وقت لاحق، غضّ النظر عن تنامي الجماعات المتطرفة وتمدّدها، وعلى رأسها «داعش»، كما فعل في الرقّة وريف حلب وتدمر وريف دمشق الجنوبي.

وحقًا، قال أحد دمى النظام السوري في لبنان، أخيرًا، ما معناه أنه عندما ظهر «الجيش السوري الحر» قرّر النظام العمل على إضعافه عبر ترك التنظيمات الإرهابية المتطرفة تنمو في البلاد عمدًا، وهكذا تقضي على هذا «الجيش»، فيجد السوريون أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: أما النظام أو التطرف الإرهابي.

دعم إيران وروسيا المباشر، ثم تواطؤ الولايات المتحدة، أهديا النظام هامش مناورة ممتازًا. بل لقد أدى إحجام واشنطن عن العمل جديًا على إسقاط النظام، برفضها تكرارًا تقديم أي دعم نوعي للمعارضة، إلى توقف الانشقاقات في صفوف الجيش والطبقة السياسية، وإحباط نسبة عالية من أبناء الأقليات ودفعها إلى السكوت والتزام الحياد.

وفي هذه الأثناء، كان توافد الجماعات المتطرّفة «المهاجرة» من غير السوريين – وأحيانًا من غير العرب – على الساحة السورية يغيّر شيئًا فشيئًا طبيعة الثورة، ويقضي تدريجيًا على هدفها الأساسي. كذلك أخذ الإحباط والضيق يتسلل إلى أفئدة مناضلي الثورة الذين خذلهم المجتمع الدولي، وعاقبهم على اعتدالهم وسعيهم إلى سوريا حرّة ومستقلة وديمقراطية، تعيش فيها كل مكوّناتها بحرية وكرامة وعدالة.

في أي ظرف طبيعي، لا بد من تحرير مطاري الثعلة وخلخلة العسكريين في محافظة السويداء، مع العلم أن النظام لم يفعّل المطارين إلا لقصف الثوار وتدمير قرى حوران وريف القنيطرة. غير أن ربط بعض السذّج والمشبوهين بين تحرير مطارين عسكريين و«دخول السويداء»، بما يستبطن التأديب والمساءلة بعد ساعات مما حدث في قلب لوزة، كان ربطًا خاطئًا.

وبسرعة البرق استغل النظام الفرصة. وبعد أيام من محاولته سحب الأسلحة الثقيلة لتسهيل اقتحام «داعش» للسويداء عقابًا على رفض 27 ألف من شبابها الخدمة العسكرية والقتال ضد إخوانهم، «تحمّس» النظام فجأة لتدعيم المطار.

ما سيحدث في حوران سيحدد مآل الثورة السورية. إن أبناء السويداء، والدروز في كل مكان لا يراهنون، على بشار الأسد ولا على داعميه، لكن مصلحة الدروز وكل مكوّنات سوريا، أكثرية وأقليات، تكمن في استعادة الثورة السورية هدفها السياسي، وإبعاد مَن يريد تصنيف السوريين والتسابق لمنحهم شهادات في الإيمان والوطنية.

إذا كان العالم قد أشاح بوجهه حتى اليوم عن معاناة سوريا قبل أن تسقط تحت قبضة التطرّف، فكيف لنا توقّع سكوته عنها وهي بؤرة للتطرف؟

وإذا كنا اليوم نناشد العالم كله التنبه لمأساة الروهينغيا المسلمين في ميانمار (بورما)، فكيف نقف صامتين إزاء القضاء على الثقة بوطن واحد في سوريا يسمو على الطوائف والمذاهب والعشائر؟

الشرق الأوسط

 

 

 

 

السويداء… كما دمشق بين عدوين/ د. عصام نعمان

الحرب في سوريا وعليها، اختزلتها أو كادت، الأسبوعَ الماضي، هجماتُ فصائل «الجبهة الجنوبية» بقيادة جبهة «النصرة» في جنوب البلاد وتهديدها محافظة السويداء (جبل العرب)، التي تسكنها غالبية من الموحدين الدروز. ذلك أن سيطرتها، قبل أيام، على مقر «اللواء 52» الإستراتيجي أتاحت لها ثلاثة خيارات عسكرية وفرصة سياسية امتدت مفاعيلها من سوريا الى لبنان.

الخيار الأول، الأجدى عسكرياً، ان يتجه مقاتلوها غرباً لمهاجمة مركز محافظة درعا، درعا المحطة، حيث الجيش السوري ما زال صامداً مذّ اندلعت الحرب قبل اربع سنوات، وقطع طريق درعا ـ دمشق، وإعادة ربط جيب «النصرة» وحلفائها في حوران مع جيبها الآخر في القنيطرة، على طول خط وقف النار في الجولان المحتل.

الخيار الثاني، الاكثر إثارة، ان يتجه مقاتلوها شرقاً الى مطار الثعلة، غرب محافظة السويداء وبالتالي تهديد مدينة السويداء التي لا تبعد عنه سوى كيلومترات معدودة، وربما ايضاً قطع طريق السويداء ـ دمشق.

الخيار الثالث، الاقل احتمالاً، ان يتجه مقاتلوها شمالاً بقصد مهاجمة دمشق العاصمة.

قادة «النصرة « تخيّروا، مؤقتاً، الخيار الثاني بمباشرتهم هجمات متكررة على مطار الثعلة، بقصد ترويع سكان السويداء والمحافظة ووضعهم امام خيارين: قطع صلتهم بدمشق، او معاناة آثار الحرب ومآسيها.

رافق الهجمات على محافظة السويداء حدثان متزامنان يشيان بأمر مريب:

في «اسرائيل»، تعالت أصوات، في مقدمهم صوت رئيس الدولة رؤفين رفلين في حضور رئيس هيئة الاركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي، وصوت نائب الوزير الدرزي الإسرائيلي ايوب قرّا، بدعوة مريبة الى «حماية» دروز سوريا من بطش «داعش» وحلفائه (مع أن القوة المهاجمة تقودها جبهة «النصرة»).

في شمال سوريا، قامت «النصرة» بارتكاب مجزرة رهيبة في بلدة «قلب اللوزة» (محافظة ادلب) ذهب ضحيتها نحو 40 رجلاً وشيخاً وطفلاً من سكانها الدروز.

هكذا أصبحت السويداء ودروز سوريا بين عدوين: «النصرة» و»اسرائيل».

المجزرة فجّرت ردود فعل غاضبة واطلقت دعوات متباينة:

٭ حلفاء سوريا والمقاومة في لبنان (طلال أرسلان ووئام وهاب والحزب السوري القومي الاجتماعي والقوى العروبية واليسارية ) دانوا همجية «النصرة» وحلفائها ودعوا الى الوحدة والمواجهة ومساندة المقاومة، كما حرّضوا أهل جبل العرب على حمل السلاح ومؤازرة الجيش السوري للدفاع عن الارض والعرض والكرامة.

٭ حليف سوريا الأقوى حزب الله دعا الى الصبر والوحدة في وجه مشاريع التفتيت والتشتيت وزرع بذور الانقسام بين ابناء الشعب الواحد، متعهداً إنهاء وجود الإرهابيين التكفيريين في جرود القلمون.

٭ وليد جنبلاط حاول تنفيس السخط بالقول إن ما حدث ليس مجزرة، بل مجرد إشكال فردي تحوّل الى اشتباك، داعياً الى التهدئة والحكمة (!) فنجح في تأجيج السخط على شخصه وتكريس الفشل في اقناع الناس بأن مهاندته لـِ»النصرة» تشفع للدروز لديها او تحميهم من بطشها.

٭ سعد الحريري استنكر المجزرة معتبراً «أن اسوأ ما يمكن ان تنحدر اليه الثورة السورية هو التطوع في مهمات قتالية لا وظيفة لها سوى تقديم الخدمات لنظام الاسد».

٭ سمير جعجع دعا «دول المنطقة وغير المنطقة التي تدعم المعارضة السورية الى التدخل بقوة لوضع حد لبعض المجموعات التي ترتكب أعمالاً كهذه» .

٭ الاوساط السياسية المؤيدة للمقاومة في بيروت ودمشق وصفت المجزرة بأنها ضربة مدروسة لترويع الدروز عموماً، واهل جبل العرب خصوصاً، لحملهم على التخلي عن دمشق والجيش السوري.

كما فسرت تنطع المسؤولين الإسرائيليين «لحماية» دروز سوريا بأنه حلقة في سلسلة مناورات سياسية وتحركات عملانية لمساعدة «النصرة»، وحلفائها على إقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا خارجة عن سيادة دمشق. غير أن تطورات عسكرية متزامنة قدّمت مؤشرات وشواهد على ان دمشق وليس السويداء فقط باتت بين عدوين: «اسرائيل» و»نصرتها» على مقربة من الجولان المحتل في الجنوب من جهة، و»داعش» المتمدد من مدينة تدمر المحتلة في شرق سوريا الى آبار النفط والغاز على مقربة من مدينة حمص في قلب البلاد من جهة اخرى. قيل ايضاً إن مجموعة داعشية توغّلت غرباً حتى اتصلت باوتستراد دمشق – حمص واقامت حاجزاً عليه بعض الوقت قبل اضطرارها الى الفرار بعد تصدي الجيش السوري لها.

ماذا وراء هذا التقرّب الداعشي المريب من حمص؟

في المسألة قولان:

الاول، يشير الى رغبة تنظيم «الدولة الإسلامية « في السيطرة على آبار النفط والغاز بين تدمر وحمص، بغية تعتيم سوريا بتركها بلا كهرباء بغية إضعافها وحملها على التوجّه الى مؤتمر جنيف – 3 وفق الشروط الامريكية.

الثاني، يشير الى وجود مخطط امريكي تقسيمي يرمي الى تمكين «داعش» من السيطرة على حمص بغية فصل جنوب البلاد عن شمالها ووسط البلاد عن ساحلها.

قادة كثر في دمشق يسلّمون بوجود مخطط صهيوني امريكي من هذا القبيل، لكنهم يسارعون الى تأكيد قدرة سوريا على صده ودحره، ملمّحين في هذا المجال الى تطورين واعدين: نجاح الجيش السوري والمقاومة اللبنانية في طرد «النصرة» و»داعش» من منطقة القلمون المحاذية للحدود مع لبنان، والممتدة الى اطراف حمص الغربية من جهة، وتدفق مدد بشري ولوجستي نوعي من ايران سيكون له تأثير ميداني فارق في قابل الايام من جهة اخرى.

غير ان الصراع يبقى مستمراً وكذلك معاناة الشعب…

كاتب لبناني

القدس العربي

 

 

 

 

السويداء و القرار التاريخي/ علي حماده

لولا جريمة قرية قلب لوزة التي ذهب ضحيتها الابرياء على يد مسؤول عسكري ارعن من “جبهة النصرة ” وتفاعلاتها، وتزامنها مع حصار مطار الثعلة العسكري عند الحدود الفاصلة بين محافظتي السويداء ودرعا، لما خفف الثوار في الجبهة الجنوبية من زخم هجومهم لاسقاط هذا الموقع الاستراتيجي المهم الذي يفتح الطريق نحو خط الاوتوستراد بين درعا ودمشق. لقد استغل النظام عبر الضخ الاعلامي والشغل المخابراتي على الارض نقطة ضعف ابناء السويداء والفوضى الامنية في المحافظة، ولاقته منظومة سياسيين قصيري النظر في لبنان مع فضائيات عاملة لحساب ما يسمى محور “الممانعة” لنشر الخوف في نفوس ابناء جبل العرب، مما دفعهم الى التورط في قتال اخوانهم الثوار وابناء حوران لكي تسبغ على معركة تحرير سوريا من نظام الاسد صفة الحرب على “الاقليات”. ولكن بمرور ساعات تبين من خلال اتصالات بين قوى فاعلة في السويداء واخرى فاعلة في حوران وعاملة في اطار تحالف الفصائل ان لا خطر على جبل العرب إلا من فخاخ النظام ومنتسبيه المحليين. وفي النهاية تجدد القتال حول مطار الثعلة الذي فهم البارحة انه لا تراجع عن اسقاطه ايا تكن الاعتبارات، على اساس انه هدف عسكري، وان ابناء جبل العرب ليسوا مستهدفين اليوم ولا في المستقبل.

ان لغة العقل البارد ينبغي ان تتغلب على محاولات النظام وجماعاته لتوريط ابناء السويداء في معركة ضد الثوار، وخصوصا انهم، أي أبناء السويداء ما كانوا يوما ضد الثورة. صحيح ان الغالبية لم تشارك في الثورة، ولم تنتفض، لكن الصحيح ايضا ان الكثيرين انخرطوا في الثورة بطرق مختلفة: بعضهم قاتل، وبعضهم الآخر ساند ماديا واعلاميا، وبعضهم الثالث شكل شبكات تموينية لدعم صمود اهل حوران، وبعضهم الرابع عالج جرحى الثوار سرا وأخفاهم في بيوته بعيدا من أعين المخابرات، اما بعضهم الخامس فقد قاوم النظام من طريق احباط محاولاته ومحاولات منتسبيه المحليين واللبنانيين تجنيد الشباب في القتال ضد جيرانهم. وقد اعتراف النظام بان عدد المتخلفين عن التجنيد الالزامي بلغ في المحافظة وحدها سبعة وعشرين الفا، مما اضعف كتائب الاسد، عاكسا مزاجا شعبيا في السويداء يتعاطف مع الثورة، ولكنه يميل الى تحييدها عن الفوضى الامنية والاذى دون الخضوع لابتزاز النظام ومنتسبيه.

ان ابناء السويداء ليسوا مع النظام. هذه حقيقة. لكن تطور الوضع على الارض، وتقدم الثوار على جبهة حوران وبلوغهم طريق درعا – دمشق، وسعيهم الى التقدم شمالا لحصار العاصمة، تتطلب التفكر في الوضع مجددا. فالابقاء على القديم، بمعنى ان تبقى للنظام قوات مقاتلة في محافظة السويداء تمارس مهماتها الاجرامية انطلاقا من المحافظة ما عاد ممكنا كما كان يحصل. وهنا لا بد من وقفة صارمة لابناء محافظة السويداء للاستيلاء على مواقعها، والاستحواذ على اسلحتها وذخيرتها، وبعدها اغلاق المحافظة وتحييدها ايجابيا تجاه الثوار. انه زمن الخيارات الصعبة، وابناء السويداء اهل الخيارات الصعبة والتاريخية، لان سوريا تتحرر.

النهار

 

 

 

المسيحيون والدرس الدرزي الصعب/ نديم قطيش

للمسيحيين أن يشعروا بالغيرة من الدروز. هم يتداولون بها على الارجح في ضوء مجزرة قلب لوز، في ريف ادلب، وما استدرجته من ردود فعل اقليمية ودولية.

قتل في المجزرة ما بين ٢٠ الي ٢٣ درزياً على يد النصرة، في حادثة غير معروفة التفاصيل. سرعان ما تنصلت منها النصرة نفسها عبر بيان موقع باسم قيادتها. نجح الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في التخفيف من وطأتها وهول دلالاتها، وقطع الطريق على تكبير الحادثة.

لكن يبقى أن حجم الاستنكار الذي استدرجته الجريمة، في بلد باتت المجازر فيه جزءا من سياق الحياة اليومية، مثير للانتباه. المسألة تعدت التضامن المحلي اللبناني مع الدروز عبر وليد جنبلاط اولاً، وبقية الشخصيات المعنوية والسياسية الدرزية. فالاستنكارات رسمت قوساً من تل ابيب الى موسكو على الاقل.

في المقابل لم يحظَ المسيحيون في محنة تهجير عشرات الالاف التي أصابتهم في العراق وسوريا، بمثل ما حظي به ٢٥ درزياً، من تضامن واستنكار سياسيين، ظلا خارج حدود المزايدات الحزبية ومنطق النكايات والفلكلوريات الذي طبع التضامن مع المسيحيين، على سبيل توزيع صور بائسة لمسلح يؤدي التحية لتمثال السيدة العذراء أو ما شابه.

التضامن مع الدروز سياسي وحقيقي وعميق فيما التضامن مع المسيحيين سطحي واعلامي ودعائي. لماذا هذا الفارق؟

جذر المسألة يعود الى القواعد المقررة لما هو رئيسي وما هو ثانوي بين الاقليات. جرت العادة أن تغيب هذه القواعد في تناول مصطلح الاقليات الذي يستخدم اعلامياً وسياسياً، بشكل تعميمي، ويشمل بلا تمييز، كل مجموعة اثنية او دينية او مذهبية قلَّ عددها بالمقارنة مع اكثرية ما مقابلة لها.

تتضح هذه القواعد، في التتبع الدقيق لتقاليد تحالف الاقليات وعلاقاتها، ببعضها البعض. لماذا انتزعت اقليات كالاقلية الدرزية (في لبنان وسوريا وفلسطين واسرائيل)، أو الاقلية المارونية في لبنان، والمسيحية في جنوب السودان، والكردية (لا سيما في المشرق العربي وتحديدا العراق) ما لم تنجح في انتزاعه الاقلية القبطية في مصر مثلاً، او المسيحية في العراق وسوريا؟

لا يختصر سبب واحد الاجابة عن هذه الاسئلة. فشخصية القومية المصرية مثلاً كانت مانعاً أمام تكون شخصية قبطية سياسية حادة. في حين ان صفة الاقلية لا تنطبق الا تجاوزا على الكرد، وفي سياق تناولهم “القطري” ضمن دول عديدة بدل تناولهم كقومية قائمة بحد ذاتها، هي ربما اليوم القومية الاكثر نهوضا وحراكاً وشهية للتعبير عن نفسها بالمعنيين السياسي والكياني.

مع ذلك يبقى ثمة عامل مقرر لا يجوز تغييبه في تناول اكتساب الاقليات أهميتها او هامشيتها، وهو مدى هيمنة أقلية دون أخرى على بقعة جغرافية متكاملة. ولئن كانت الاقليتان الدرزية والمارونية مدركتين بحدة لهذا العامل، كانت حروبهما البينية الاكثر ترجمة الى معطيات جغرافية من خلال سياسات التهجير والتهجير المضاد. وهما، في لبنان، على الاقل، الأكثر حدة في التعبير عن الضيق والخوف من مسألة شراء العقارات في “مناطقهم” من مذاهب وطوائف أخرى.

فهما ما اكتسبتا ادوارهما الاقلوية الا بمدى حرص كل منهما على حماية الكيانية الجغرافية للطائفة.

بل إن الاقليات، في سياق بناء تحالفاتها، لم تبنِها الا على هذه القاعدة اولاً. فعندما اهتمت اسرائيل، بتطوير علاقاتها مع الاقليات أهملت الاقليات البلا-جغرافية، في مقابل اهتمامها بتلك الحائزة على هذا الشرط. وهو ما كان العامل المقرر في مد الجسور مع موارنة ودروز لبنان (وشيعة لبنان في مراحل مبكرة) وصولا الى مسيحيي جنوب السودان وأكراد اقليم كردستان العراقي.

نجح وليد جنبلاط، بتفاوت، في الاحتفاظ بزعامته على الدروز، في لبنان وسوريا والاردن واسرائيل (أو فلسطين لذوي القلوب القومية الضعيفة!)، وظل على الدوام مدركاً لدوره كزعيم اقلية، تتجاوز زعامته ومسؤوليته حدود لبنان. ساعده، الى أحادية الزعامة السياسية والصفاء المذهبي، الانتظام الجغرافي للدروز في كيان متناسق نسبياً، وفي وجودهم ضمن دولهم في كيانات جغرافية معرفة بدقة.

الاقلية الدرزية اقلية صاحبة جغرافيا وأمامها فرصة لاستعادة الدور. ولو قيض لمناورة وليد جنبلاط ان تنجح سيكون الدروز هم من سيكتب عنهم التاريخ أنهم اسقطوا نظام آل الاسد.

في المقابل لم ينجح المسيحيون اللبنانيون في تشكيل رافعة سياسية للمسيحيين في المنطقة. فالزعامة المارونية اللبنانية، غارقة في كيانيتها اللبنانية، ومشتتة على صعيد جغرافيتها وتعدد قيادتها السياسية. وهي عاجزة، مذهبياً، عن قيادة الاغلبية الارثوذوكسية للمسيحيين خارج لبنان. لهذا بقيت الاقلية المسيحية في المنطقة، على عكس الدروز، بلا غطاء يحمي دورها، ويجيش للدفاع عنها في المحن والملمات. فاقم من ذلك تضاؤل الدور الماروني لبنانياً، الذي كان يمكن له في ظل معارك الوجود أن يجسر الهوة المذهبية مع الارثوذوكس ويعطي صوتاً للمسيحية المشرقية والمخاطر المحدقة بها.

للمسيحيين أن يغاروا من الدروز. ولهم ان يتعلموا أيضاً. أن يتعلموا اعادة انتاج الادوار الحقيقة، الأبعد من الكيدية الريفية التي تهمين على عقل المارونية السياسة في لبنان اليوم. والا فليتنعموا بشرفة دونكيشوت الرابية فيما تنهار آخر ورقة بيد المسيحيين من سواحل الهند إلى شواطئ المغرب!

المدن

 

 

 

دروز سوريا وثمن رفض حلف الأقلّيات/ خيرالله خيرالله

عندما لا يدخل فريق مذهبي حلف الأقلّيات، يبحث النظام السوري عن طريقة لمعاقبة هذا الفريق الذي يفترض به أن يكون تحت جناحيه وفي تصرّفه بصفته العلويّة.

هذا ما يحصل حاليا في السويداء حيث يهدّد النظام الدروز بـ«داعش«، حليفه الموضوعي في الحرب التي يشنّها على شعبه. استفاد النظام، ولا شك، من مجزرة «قلب لوزة« في محافظة إدلب السورية، وهي مجزرة راح ضحيتها نحو عشرين مواطنا درزيا قتلتهم «جبهة النصرة« التي تعدّ حاليا قوّة أساسية في المواجهة مع النظام. أراد إستغلال المجزرة في مكان آخر، أي في السويداء التي تمثّل مع جبل لبنان ثقل الوجود الدرزي في سوريا ولبنان والمنطقة.

أراد النظام، الذي أسّسه حافظ الأسد، القول للدروز أن كلّ الأقلّيات في حمايته وأن على مَن يرفض هذه الحماية ودفع ثمن الحماية تحمّل النتائج. هذا ما يفسّر إلى حدّ كبير سحب النظام قواته من مناطق معيّنة قريبة من السويداء دعما لـ«داعش«. أراد أن يؤكّد للدروز أنّه سيتركهم لمصيرهم، خصوصا بعد رفض دروز جبل العرب في حوران التجنيد الإجباري، أي أنّهم رفضوا الدخول في الحرب التي يشنّها النظام على شعبه من منطلق مذهبي.

اللعبة التي يمارسها النظام السوري قديمة. لا يتقن غيرها على الرغم من أنّه عفا عنها الزمن من جهة، إضافة إلى أنّها صارت مكشوفة من جهة أخرى. لا يعرف النظام، وربّما لا يريد أن يعرف، من هم الدروز وما أهمّية الدروز في المنطقة وما أهمّية الدور الذي لعبوه في مجال نشوء الكيان السوري. رهانه على لعبة تجاوزتها الأحداث، خصوصا أن التطورات على الأرض تتسارع على نحو سريع وذلك في اتجاه واحد وحيد يتمثل في سقوط النظام بشكل رسمي بعد سقوطه عمليا على أرض الواقع وتحوّله دمية إيرانية لا أكثر.

متى استعرضنا ما فعله النظام السوري في لبنان منذ سبعينات القرن الماضي، خصوصا من خلال تعامله مع الطوائف فيه، نجد أنّ بشّار الأسد لا يمتلك غير القراءة من الكتاب القديم الذي تركه له والده. في الفصل الأول من الكتاب العداء لسنّة المدن والتحالف مع سنّة الأرياف. هذا ينطبق على سوريا ولبنان في آن، علما أن بشّار لم يدرك أصلا معنى دخوله في مواجهة مع سنّة الأرياف انطلاقا من درعا.

في فصل آخر من الكتاب القديم الذي يقرأ منه بشّار الأسد، وهو فصل لا يقلّ في أهمّيته عن الفصل الأوّل، هناك تركيز على الأقليات وعلى كيفية بث الرعب في جسم كلّ أقلّية من أجل الإحتماء بصاحب أكبر ميليشيا مذهبية في المنطقة، أي ما يُفترض أنّه «الجيش العربي السوري«، الذي يسيطر عليه الضباط العلويون.

هناك نظام حماية للأقلّيات فرضه حافظ الأسد الذي عمل في البداية على تدجين مسيحيي لبنان عن طريق تخويفهم بالفلسطينيين. كان حافظ الأسد في اساس انتشار الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان وتوسيعه. كان الهدف واضحا كلّ الوضوح. أراد التأكيد للمسيحيين أن جيشه هو الوحيد القادر على حمايتهم من السلاح الفلسطيني الذي كان يتدفّق على لبنان من الأراضي السوريّة.

قبل ذلك، في صيف العام 1973، بعث، عندما أغلق الحدود مع لبنان، برسالة بالغة الأهمّية والوضوح إلى سليمان فرنجيه، الرئيس اللبناني وقتذاك. فحوى الرسالة، التي فهمها سليمان الجدّ تماما، أن هناك رئيسا واحدا لسوريا ولبنان هو حافظ الأسد وأن لا مجال لتعاط من الندّ للندّ بين رئيسي البلدين.

جاء إغلاق الحدود في أيّار 1973 بعد مواجهات بين الجيش اللبناني والفصائل الفلسطينية المسلّحة. ساهم في إشعال المواجهات تنظيم فلسطيني، موال في قسم منه، للنظام في سوريا. خطف هذا التنظيم الذي تبيّن أن بعضه تحت رعاية الأجهزة السورية جنديين لبنانيين…على الأرض اللبنانية.

كان تسليح الميليشيات التابعة للأحزاب المسيحية في لبنان ووضعها في مواجهة مع المسلّحين الفلسطينيين جزءا من استراتيجية النظام السوري الذي عمل في الوقت ذاته على تهجير مسيحيي الأطراف إلى جبل لبنان. مَن يتذكّر مجزرة القاع قرب الحدود السورية ـ اللبنانية وغيرها من المجازر التي ارتكبها النظام السوري بدم بارد في السبعينات من القرن الماضي؟.

في موازاة عملية إخضاع المسيحيين ودفعهم حتّى في إتجاه اسرائيل، كان هناك جهد إنصب على تدجين الدروز أيضا. لم يكن إغتيال كمال جنبلاط في العام 1977 بعيدا عن هذا الجهد في وقت كان حافظ الأسد يرفض كلّيا أن يشاركه أي طرف لبناني وغير لبناني في الإمساك بالورقة الفلسطينية. كان مطلوبا في كلّ وقت إخضاع الدروز وتأليب المسيحيين عليهم وتأليبهم على المسيحيين. هل صدفة تشجيع عملاء النظام السوري الدروز على قتل مسيحيين في قرى الشوف فور انتشار نبأ إغتيال كمال جنبلاط على يد ضابط علوي معروف بالإسم ومجموعة تابعة له؟.

كان هناك في كلّ وقت، عداء لا حدود له لدى النظام السوري لأهل السنّة في لبنان، خصوصا لسنّة المدن. تشهد على ذلك بيروت وطرابلس وصيدا.

إغتال النظام السوري، أو الذين يمون عليهم، شخصيات عدة. إغتال المفتي حسن خالد في عهد الأسد الأب وإغتال رفيق الحريري في عهد الأسد الإبن. إغتال الرئيسين صائب سلام وتقيّ الدين الصلح وآخرين سياسيا.

حدث كلّ ذلك على خلفية استمالة شيعة لبنان كي يشكلوا عنصرا وازنا يضمن استمرار حلف الأقلّيات بقيادة العلوي السوري.

جاءت الثورة السورية لتغيّر كلّ المعادلة الإقليمية التي طرأ عليها تغيير جذري في العام 2003 مع تسليم اميركا العراق على صحن من فضّة إلى ايران. جاءت الثورة في وقت صارت ايران اللاعب الاساسي في سوريا ولبنان، خصوصا بعد ملئها الفراغ الأمني والعسكري الناجم عن الإنسحاب السوري من لبنان بعد حصول جريمة إغتيال رفيق الحريري في العام 2005.

يلعب بشّار الأسد حاليا في الوقت الضائع. إنّه الوقت الذي يفصل بين السقوط العملي للنظام وسقوطه رسميا. ما ورد في الكتاب القديم الذي ورثه عن والده لم يعد ينفع. هذا لا يعني في أي شكل التقليل من الخطر الذي يهدّد دروز سوريا.

من هذا المنطلق، تبدو دعوات النائب وليد جنبلاط إلى التعقّل والرويّة في محلّها. وليد جنبلاط يعرف ما هو النظام السوري. يعرف تماما مدى خطورته ومدى إقتناعه بنظرية أنّ نهايته يجب أن تعني نهاية سوريا أيضا، بما في ذلك نهاية دروزها وكلّ الأقلّيات فيها…إنّه بالفعل نظام خطر على كلّ ما هو حضاري في المنطقة مثل ثقافة العيش المشترك. إنّه نظام خطر في حياته وفي مرحلة مماته ذات الطابع الذي يتسّم بالبطء الشديد.

 

 

الدروز أيضاً بين الكوليرا والطاعون/ دلال البزري

الممانعون سعداء الآن. معضلة دروز سوريا أفرجت عن نظريتهم، وأثبتت صحتها. بات بوسعهم أن يتغنّوا بصوابيتها. فالمذبحة التي تعرّض لها عدد من أبنائهم في قرية لوزة في إدلب، والمخاطر المحدقة بأقرانهم في السويداء… كلها أتت مصداقا عملياً على “عمارة التنظير” التي بناها كبار الممانعين: كانت انتصاراً لهم، هم دعاة الحرب “الإستباقية” التي خاضها “حزب الله” ضد الثورة السورية، هم القائلون بأن “النأي عن النفس” كان وهماً سرعان ما انكشف عطبه واستحالته، هم الرافعون لراية “الدفاع عن الأقليات الدينية”، بوجه الأصولية السنية المتوحشة. هنا يعود “الحق” فيطغى على “القوة” وموازينها الامبراطورية؛ وباسم هذا “الحق”، ومن ضمنه، يندرج الإقتراح الإيراني بتسليم الدروز سلاحا وبناء جيش قائم بذاته، مقابل قسم الولاء التام لجيش بشار الأسد، وعدم نقل البندقية إلى الكتف الخصم.

هذا هو الخيار “العملي” الأول المطروح على دروز سوريا؛ أن ينضموا الى أصحاب “النظريات الصحيحة” بخصوص “الأقليات الدينية”، فيحاربون إلى جانب بشار الأسد، تحت راية محور الممانعة الإيراني. الخيار الثاني لا يقل خطورة؛ فبعد ممارسات “جبهة النصرة” القهرية ضد أهالي إدلب من الدروز باسم “الشريعة” (تبديل الملابس، تهديم المقامات الدينية، سحب الأولاد الى معسكرات التدريب الخ)، وبعد التصريحات الواضحة التي أدلى بها زعيمهم أبو محمد الجولاني، على قناة “الجزيرة”، والتي لا تختلف عن تأويلات “داعش” إلا باللهجة… جاءت أصوات درزية لبنانية تناديهم بضرورة إنضمامهم إلى صفوفها العريضة ضد جيش بشار الأسد، باسم الوقوف مع الثورة؛ مع الكلام إياه عن “تطمينات” على حياتهم وأرزاقهم من “تجاوزات الأفراد غير المنضبطين” في صفوف المعارضة الإسلامية المسلحة. وهذه دعوة إلى نوع مختلف من الجحيم؛ جحيم تجاهل التوجهات الرئيسية لـ”الحليف” القوي، والتي سوف تفضي في نهاية المطاف إلى “حماية” أو “ولاية” أو “ذمية”، أو أي شكل من أشكال الخضوع للمنتصر بالسلاح الذي يحمل “تطبيق الشريعة” غير السمحاء على الدروز، كما على بقية المسلمين. يخففون من وطأة هذه الحقيقة بتجميل وجه “النصرة”، بتصنيفها “إسلامية معتدلة”، بالإطمئنان الى تأييد الغرب لها، أو على الأقل، تفضيلها على “داعش”. وكأن تجربة “طالبان المعتدلة” التي ابتدعها أوباما أول أيام ولايته، نجحت نجاحا مبهراً، وصار علينا التذاكي على الأصوليات الدينية الأخرى، عبر وصفها بـ”المعتدلة”، لعلها تصبح كذلك فعلاً… انه جحيم تجاهل الجحيم.

الخيار الثالث ليس أقل إشكالية: بأن يتحمس عدد من الضباط الكبار الدروز الإسرائيليين لمناصرة أبناء دينيهم في السويداء المحاصرين بين نارين، وأن يقوم أولئك الضباط بـ”اللوبيينغ” (لوبي) من أجل تدريب وتسليح عشرين إلى ثلاثين ألف درزي في جيش محترف بإمرة إسرائيلية، يتولى الدفاع عن نفسه ضد الجبهتين، الممانعة والأصولية. وهذا ميل رمى الحكومة الإسرائيلية في معضلة خاصة بها: فإما انها تتخلى عن سياسة “الحياد” التي اعتمدتها طوال السنوات الأخيرة من الزلزال السوري، وإما ان تتحمل إثم ترك الدروز لقمة سائغة لمن سوف يبتلعهم من أحد الأطراف المتنازعة التي تحاصرهم. حتى هذه اللحظة، وبعيداً عن حملات “استنكار التدخل الإسرائيلي” في سوريا، مالت الحكومة الإسرائيلية نحو “النأي بنفسها”. ولكن لا شيء يدوم في شرقنا، ومستقبله مليء بالأسرار.

هذه الخيارات الثلاثة المعروضة الآن على دروز سوريا تكشف وجهين من وجوه الثورة السورية: الأول ان قيادتها السياسية المتمثلة بـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” خصوصاً، هي أضعف من قيادتين أخريين أكثر ديناميكية منها: القيادة العسكرية للمجريات القتالية الحاصلة على الأرض، والتي تهيمن عليها “النصرة”؛ والقيادات التقليدية الطائفية الإقطاعية، التي تريد أن يكون لها دور في صناعة مصيرهم؛ لعلّها بذلك تحافظ على زعامتها.

الوجه الآخر المكشوف عنه، هو ان معضلة الحالة الدرزية تلخص المعضلة السورية العربية المشرقية، والقائمة اليوم على الخيار بين أمرَّين: الكوليرا والطاعون. كوليرا النظام السوري الخاسر، ولكن غير الفاقد لقدراته التدميرية. وطاعون القوى المسلحة المناهضة له، والتي لا تملك غير تصور واحد واضح، هو “تطبيق الشريعة الاسلامية”… هذا من دون إحتساب سرطان إسرائيل المزْمن.

المدن

 

 

 

الدروز واقتراب ساعة الحسم/ اوفير هعفري

تقرب تطورات الاسابيع الاخيرة في الحرب الاهلية السورية الحسم في مصير الدروز ـ الحسم الذي له آثار هامة على اسرائيل ايضا. فضعف جيش الاسد ترك تجمعات الدروز في جنوب سوريا محوطة بجهات معادية: من الشمال قوات حزب الله الشيعية، من الجنوب ثوار جهاديين سُنة، ومن الصحراء الشرقية تقترب الإعلام السود لداعش. والجبهة الوحيدة التي لا يحدق منها خطر هي الغربية ـ حدود اسرائيل. وعندما ستتعاظم الهجمات على الدروز ستكون اسرائيل مطالبة بان تحسم ـ ان تتخذ عملا أو أن تنظر وهي واقفة جانبا إلى حمام دماء كذاك الذي عانى منه اليزيديين على ايدي داعش.

الدروز هم طائفة دينية ـ اجتماعية عتيقة، في تقاليدهم يعود أصلهم إلى شخصية يترو الميكري، حمي موسى. وهم يتمسكون باله واحد، ومثل اليهود لا يسعون إلى الاعتداء او الاضطهاد لمن ليس مثلهم. ومنذ القرن الثاني عشر وصف بنيامين متودلا الدروز بانهم «سكان الجبال، يؤمنون باله واحد وبتناسخ الارواح»، ممن «يحبون اليهود». وبالمقابل، في نظر الإسلام السني والشيعي، فالدروز هم كفار يجب تحويلهم أو أبادتهم. لقد اضطهد الدروز في احيان متواترة وسكنوا اساسا في المناطق الجبلية التي تسمح لهم بالتحصن والدفاع عن النفس ـ في شمال اسرائيل، في جنوب لبنان وبالاساس في منطقة جنوب سوريا المسماة «جبل الدروز». وفي فترات عديدة اقام الدروز حكما ذاتيا، وفي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي كانت «دولة درزية» برعاية الانتداب الفرنسي، ضمت لاحقا إلى سوريا. وفي سوريا كان الدروز جزءا من تحالف الاقليات الذي بواسطته سيطرت عائلة الاسد على الدولة.

ولكن في السنة الخامسة من الحرب الاهلية الوحشية، ورغم المساعدة من إيران ومن حزب الله، يوجد حكم الاسد في حالة تفكك، ويفقد السيطرة في جنوب سوريا. وحتى الان اعلن الدروز الولاء لنظام الاسد ولكنهم امتنعوا عن المشاركة النشطة في الحرب. كما أن حكم الثوار لا يبشر بالخير، في ضوء السابقة في عدد من القرى الدرزية في شمال سوريا، والتي منذ احتلها الجهاديون توجد تحت ضغوط تغيير الدين القسري والتصفيات. ولا ينتظر الدروز ما سيأتي مكتوفي الايدي، بل ينظمون أنفسهم ويتسلحون بالدفاع عن النفس، وابناء الطائفة في لبنان وفي اسرائيل يعلنون، وعن حق، بانه اذا ما تعرض اخوانهم لخطر وجودي، فسيتجندون للقتال إلى جانبهم.

في كل البلدان التي يتواجدون فيها يبرز الدروز بتراصهم الاجتماعي القومي إلى جانب الولاء الصريح للدولة، ولكن الموت العملي للدولة السورية يضعهم امام حسم صعب. فهل يتمسكون بالولاء لنظام الاسد المتفكك غير القادر على الدفاع عنهم؟ هل يرتبطون بالثوار الجهاديين الذين سيقيمون في سوريا نظاما إسلاميا يصف الدروز بالكفار؟ هل يسيرون في طريق الاكراد الذين اقاموا في شمال سوريا «كانتونات» مستقلة عمليا، في الطريق إلى امكانية الدولة المنفصلة؟ كل بديل ينطوي على مخاطر هائلة، وساعة الحسم تقترب.

كل بديل سيؤثر عميقا على اسرائيل ايضا، وقريبا لن يكون مفر من اتخاذ موقف من الدوامة المشتعلة على حدودنا. فهل المنطقة امام الجولان ستكون تحت سيطرة قوات حزب الله ـ إيران؟ الجهاديين من داعش؟ ام قطاع درزي مستقل؟ المصلحة الاسرائيلية واضحة، ولكن حتى الان اكتفوا عندنا بالاستعدادات لاقامة مستشفى ميداني ومعسكر خيام لحالة وصول عشرات الاف الفارين من سوريا. يجدر بنا أن نستوضح مع أنفسنا ومع حلفائنا في الغرب ماذا يمكن وماذا مرغوب فيه عمله قبيل ساعة الحسم المقتربة.

يديعوت 17/6/2015

القدس العربي

 

 

 

دروز السويداء من الحياد إلى الانخراط/ محمد برهومة

إذا صحّتْ الأنباء التي تحدّثت عن أن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، طلب من الأردن تسليح الدروز في السويداء لحماية أنفسهم من أخطار وجودية تتهدّدهم، فهذا يعيد تأكيد ما أصبح مؤكداً في الآونة الأخيرة، أيْ انتقال الدروز من مرحلة الحياد إلى مرحلة الانخراط، وإنْ في شكل محسوب بشدة ومحدود المدى والدرجة. هذا الانتقال النوعي، في المقياس الدرزي بخاصة، قد بدأ منذ فرّغ الأمن العسكري السوري وقوات النظام محافظة السويداء من الأسلحة الثقيلة ونقلها إلى خارج المحافظة، لغايات استراتيجية فُهم منها في شكل واضح من جانب الدروز وغيرهم، أن النظام يتخلى عن السويداء وأهلها، ويتخلى تالياً عن أن يكون حامياً للدروز، وهو الذي ما فتئ يقدّم نفسه كحامٍ للأقليات وضامن للتنوع السوريّ!

كان هذا فكّ ارتباط، من طرف النظام، بالدروز، الذين أُريد لهم الانخراط بقتال مذهبي مع محيطهم، كي يستثمره النظام في تحسين صورته عبر سياسة اختيار الأقل شراً، وأنّ الشيطان الذي تعرفه خير من الذي لا تعرفه! وإذْ جاءت حادثة مقتل نحو عشرين من أبناء الطائفة الدرزية على يد «جبهة النصرة» لتضخّ الدماء في مسار كهذا، بدا أن سياسة جنبلاط وما قيل عن اتصالاته مع «النصرة» لتحييد الدروز لا تفعل فعلها، الأمر الذي دفعه الى السيطرة على الموقف بالتواصل مع الفاعلين على الساحة الإقليمية، للحيلولة دون تعرّض الدروز لما تعرّضت له أقليات أخرى في العراق وسورية وغيرهما. هنا جاءت خطوة أخرى في الانتقال من الحياد إلى الانخراط، عبر تأكيد جنبلاط أن مستقبل أبناء جبل العرب يكمن في مصالحتهم وتعانقهم مع أهل حوران، وصدرتْ تصريحات عن قيادات درزية أكدت مجدداً أنه لا مكان لنظام بشار الأسد في مستقبل سورية، وأنّ الدروز يضعون أيديهم في أيدي «الجبهة الجنوبية»، التي تقاتل في جنوب سورية، والتي أعلنت أن «الدروز أهلنا» و «ليس في وارد المعارضة أبداً أن يكونوا مستهدفين من جانبها».

أظنّ أن القيمة الاستراتيجية للحكمة الدرزية، (إذا ما تجاوزنا ما حدث في مطار الثعلة)، وانتقالها من الحياد إلى الانخراط الوطني المحسوب، هي رفع منسوب إمكانية التمييز بين النظام السوري والدولة السورية، وكشف عورة خيار إيران و «حزب الله» في «سورية المفيدة»، وممارسة شيء من الضغط الأخلاقي على الطرف الروسي… الذي أفضل ما قد يبديه حتى اللحظة هو القبول بسيناريو سقوط رأس النظام لا النظام، إذا ما تمّ تأمين الأسد وضمن عدم ملاحقته دولياً، في حال خروجه من السلطة.

* كاتب أردني

الحياة

 

 

 

 

 

من يحمي دروز سوريا؟/ رندة حيدر

اكتشف دروز إسرائيل الوجه الحقيقي للدولة التي يعيشون في كنفها ويحملون هويتها ويخدمون في صفوف جيشها. فإسرائيل المستعدة للمجازفة بكل شي دفاعاً عن أي يهودي يتعرض للخطر، ليست مستعدة ولا بأي شكل من الاشكال لأن تفعل شيئاً لحماية اخوان الطائفة الدرزية من مواطنيها الذين يتعرضون لخطر محدق في سوريا من التنظيمات الإسلامية المتشددة.

لا يحتاج دروز سوريا الى حماية إسرائيل لهم، فهم قادرون على الدفاع عن وجودهم في هذه المنطقة التي لهم فيها جذور عميقة، ولن ينجح احد في اقتلاعهم منها. واذا كان تحرك الدروز في إسرائيل ردة فعل طبيعية وتلقائية تعبر عن الحجم الكبير لتضامن أبناء الطائفة الدرزية بعضهم مع البعض أينما كانوا، فان ردة الفعل الإسرائيلية الرسمية على تحركهم فضحت مرة اخرى كون إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها بل هي دولة اليهود قبل أي مواطن آخر، وان المكانة الخاصة التي أعطتها إسرائيل للدروز هي مجرد سياسة تهدف بصورة خاصة الى التمييز بين الاقليات والتفريق بينهم من اجل احكام السيطرة والتحكم بها وتأليبها بعضها ضد البعض.

كم يبدو صعباً على أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل مراقبة اخوانهم في الجانب السوري وهم يتعرضون للحصار والقصف، من غير أن يقدروا على ان يمدوا اليهم يد المساعدة. فسنوات الاحتلال الإسرائيلي الطويلة لهضبة الجولان لم تنجح في القضاء على عرى العلاقة الوثيقة التي تربط أبناء الطائفة الواحدة الذين لا يزالون على تواصل دائم في ما بينهم، ومن المؤلم اليوم رؤية معاناة اخوانهم واقربائهم من دون تقديم العون لهم.

لكن التعامل الإسرائيلي مع تحرك دروز إسرائيل كان فاضحاً بدءاً من القرار الذي اتخذه الجيش الإسرائيلي باعلان الجولان منطقة عسكرية كي يمنع التجمعات الدرزية بالقرب من السياج والذي سرعان ما تراجع عنه بعدما أدرك خطأه، مروراً باعلان مسؤولين عسكريين أن إسرائيل لن تستقبل لاجئين دروزا سوريين في أراضيها رغم انها في السنوات الماضية استقبلت مئات الجرحى السوريين واقامت مستشفى ميدانيا خاصاً للعناية بهم، وانتهاء بالحديث عن جهود إسرائيلية تبذل من وراء الكواليس للضغط على مجموعات المعارضة ومطالبتها بعدم التعرض للدروز مما يوحي بأن إسرائيل تملك شبكة علاقات مع هذه التنظيمات.

ان احتمال تعرض دروز سوريا لمجازر سيترك جرحاً هائلاً في نفوس دروز إسرائيل الذين يعتبرون محنة اي درزي في اي مكان من العالم محنتهم الشخصية والمتعلقين بطائفتهم والمتمسكين بقوميتهم العربية، والأكيد انه ستكون لذلك انعكاسات بعيدة المدى على موقفهم من الدولة الإسرائيلية.

النهار

 

 

 

 

الأقليات من دون جبالها/ سميح صعب

ما جرى للدروز في جبل السماق بمحافظة ادلب ومن ثم الهجوم على مطار الثعلة في جبل العرب ومحاولة اقتحام بلدة حضر في جبل الشيخ، لا يخرج عن سياق ما ينتظر الاقليات في سوريا على أيدي التنظيمات الجهادية ولا سيما منها “داعش” و”جبهة النصرة” التي هي فرع تنظيم “القاعدة” في بلاد الشام، علما ان ثمة تنظيمات لا تقل تطرفاً عن هذين التنظيمين الى درجة ان وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر شكا قبل أيام من ان وزارته لا تجد “معتدلين” في سوريا لتدريبهم في مخيمات اقامتها في الاردن وتركيا في سياق الاستراتيجية الاميركية لمحاربة “داعش” بمقاتلين سوريين “معتدلين”.

وعندما يغيب “الاعتدال” الذي تبحث عنه أميركا في سوريا، فهذا يعني ببساطة ان الجهاديين هم الجهة

الوحيدة البديلة من النظام السوري، سواء أقر المسؤولون الاميركيون بذلك أم استمروا في التمسك بنظرية البحث عن “معتدلين”.

وفي مناخ التطرف الجهادي الضارب في سوريا والعراق واليمن، من الصعوبة بمكان ان تعثر الاقليات على ملجأ. ونظرية الحياد سينظر اليها الجهاديون وكأنها هروب من الوقوف الى جانبهم في مواجهة الآخرين. أما نظرية اللجوء الى طلب الحماية من الخارج، فإن الخارج اذا كان لا يرى ان هذه الحماية تتفق ومصالحه لن يقدمها أو سيصل متأخراً. فالائتلاف الدولي ساعد اكراد العراق وسوريا لأن ذلك يتفق ورؤيته في اقامة وطن مستقل للاكراد يمتد من سوريا الى ايران مرورا بالعراق وتركيا.

أما الاقليات المسيحية في العراق، فقد سحقت ولا من معين لها، تماماً مثلما حصل للايزيديين. وهذا ما حصل للمسيحيين في الحسكة والرقة وبقية الاماكن التي استولى عليها “داعش”. وتبين ان معاملة “جبهة النصرة” لمسيحيي ادلب ليست أفضل من معاملة “داعش” لهم في أماكن سيطرتها. وهذا ما انطبق على الدروز في ادلب ولم يشكلوا استثناء للمنطق الالغائي الذي تتبناه “النصرة”.

ولا يبدو ان الحماية التي يحكى عنها سواء من الاردن أو اسرائيل قادرة على انقاذ أية اقلية من التهجير أو الذوبان، ولا حتى الانضمام الى الجهاديين ضد النظام السوري، يمكن ان يدرأ الخطر الآتي الذي لا يؤمن بأي تنوع. وكل التجميل الذي حاولت “الجزيرة” اضفاءه على خطاب أبو محمد الجولاني محته مجزرة قلب لوزة.

الاقليات في سوريا والعراق تواجه أخطر مصير لها منذ مئة عام. وفي اي اتجاه تذهب تترتب عليه نتائج، خصوصاً ان الخيارات المتاحة باتت ضيقة جداً ولم يعد ثمة مكان لترف الحياد.

النهار

 

 

 

 

الحصار على الدروز/ عاموس هرئيل

قرية الحضر الدرزية، التي على مسافة رشق حجر تقريبا عن حدود اسرائيل في هضبة الجولان، وقفت هذا الاسبوع في مركز القلق لنحو 130 الف من ابناء الطائفة الدرزية في اسرائيل. ومنذ بداية الاسبوع يوجد نحو 12 الفا من سكان القرية، المواطنين السوريين، في عين العاصفة. ويوم الاثنين قتل اثنان من الجنود في الجيش السوري ـ ممن خدموا في الاستحكام العسكري قرب الحضر ـ قائدهما الدرزي وفرا إلى صفوف منظمة الثوار المتطرفة، جبهة النصرة. وفي الغداة استولت منظمات الثوار السُنة على تلال اخرى تشرف على القرية وسيطروا على استحكامين للجيش السوري، بعد أن هرب منهما جنود النظام. بعض قذائف الهاون التي اطلقها الثوار على مواقع الجيش سقطت في اطراف القرية، وقتلت طفلة درزية وجرح نحو عشرة من السكان.

لم يكن الاستحكامان اللذان احتلا قواعد عسكرية كبيرة، بل مواقع سيطرة أولية للجيش السوري، يعرف كل جندي مشاة في الجيش الاسرائيلي منذ عشرات السنين مناورة السيطرة عليهما. والاحداث في قرية الحضر هي بالكاد مؤشر هامشي على ما سيأتي عند الحديث عن الصورة الكبرى للحرب الاهلية في سوريا، حيث يذبح الاف الناس في كل شهر وملايين آخرين تحولوا إلى لاجئين ـ لا يعرف أحد متى، هذا اذا كان ممكنا على الاطلاق، سيعودون إلى بيوتهم. ولكن الاستحكامين اللذين احتلا يقعان على مسافة كيلو متر ونصف او كيلو مترين من الحضر، القرية التي تبدو المعارك حولها واضحة من القرى الدرزية في الجانب الاسرائيلي من الجولان ولا سيما من استحكامات الجيش الاسرائيلي في جبل الشيخ. وبعد احتلالهما، أنهى الثوار عمليا حصار الحضر. ولا يزال يتبقى طريق ترابي، غير مستخدم، يربط القرية باتجاه الغرب، عبر المنطقة الفاصلة نحو الحدود مع اسرائيل. كما يوجد طريق، السفر فيه يعد الان خطيرا جدا، يؤدي إلى الشمال الشرقي باتجاه دمشق.

حاليا، لا يتقدم الثوار نحو القرية نفسها، ومعقول انهم على وعي بحقيقة أن في الحضر يوجد حملة سلاح كثيرون، ينتظمون هذه الايام للدفاع عن عائلاتهم. ويمكن الافتراض بان التحذيرات الاسرائيلية هي الاخرى فعلت فعلها في هذه الاثناء. وفي الاتصالات مع بعض من الميليشيات المحلية في الجولان السوري، والتي تجرى اساسا حول نقل الجرحى والعلاج في المستشفيات في البلاد، تم الايضاح بان اسرائيل لن تقف جانبا اذا ما جرت محاولة احتلال القرية. ولكن هذه الرسالة بعيدة عن أن تهديء روع الدروز في اسرائيل. من ناحيتهم، فان المسافة بين الثوار في الاستحكامات الجديدة التي استولوا عليها وبين القرية تعبر عن حجم الخطر؛ بين اخوانهم في الحضر وبين المذبحة ـ المصير الذي سبق أن شهده ابناء الاقليات في سوريا على ايدي فصائل سنية متطرفة كالنصرة او داعش ـ لا تفصله سوى ساعة او ساعتين.

وهذا بالاجمال مسألة قرار. زعيم النصرة، محمد الجولاني، تحدث مؤخرا بانه في الوقت الذي ستدخل فيه منظمتهم القرى الدرزية فانه سيطلب من سكانها الدخول في الإسلام. واذا رفضوا، فسنتعامل معهم حسب الشريعة، قال. من ناحية الدروز، الرسالة واضحة: من يرفض تغيير دينه، يعدم. كما أن هذا كان مصير نحو عشرين من رجال الدين الدروز الذين قتلهم مسلحو النصرة في قرية في محافظة ادلب في شمال سوريا، في بداية الشهر.

الخطر في الحضر هو صيغة مصغرة للدراما الاكبر التي تجري في جبل الدروز، موقع سكن معظم الدروز في سوريا، قرب الحدود مع الاردن. فانهيار المنظومة العسكرية للاسد في المنطقة أتاح الان التقدم إلى منطقة الجبل من الغرب. ومن الشرق، من جانب رجال داعش. في هذه المرحلة يبدو ان وعود الولايات المتحدة والاردن لمساعدة الدروز في الجبل، إلى جانب ما هو كفيل بان يتبين كمصاعب تنظيمية للثوار في ضوء حملة تستدعي زخما عسكريا كبيرا، لا تزال تبعد الدروز عن المصيبة. ولكن اذا كان جبل الدروز رمزا، المكان الاهم لأبناء الطائفة في سوريا، فان اجتياح الحضر سيكون اصبعا في العين من ناحية ابناء الطائفة في البلاد، لانه سيتم في محاذاة الحدود مع اسرائيل.

بين الحضر والقرى الدرزية الاربع في الجانب الاسرائيلي من الحدود هناك علاقات عميقة. فعندما احتل الجيش الاسرائيلي الجولان في حرب الايام الستة بقيت الضر خلف الحدود. ولكن على مدى بضعة اشهر، من حرب يوم الغفران وحتى اتفاق فصل القوات، كانت القرية بالذات تحت السيطرة الاسرائيلية. فالهجوم المضاد الذي قام به الجيش الاسرائيل، بعد المفاجأة التي تلقاها من سوريا، تضمن سيطرة على اراض خلف الحدود ومن ضمنها الحضر. وقد اعيدت هذه الاراضي إلى سوريا مع انسحاب الجيش الاسرائيلي. وفي السنوات الاخيرة بذلت حكومة اسرائيل وقيادة الدروز في الجليل وفي الكرمل جهدا منسقا لتقريب الدروز في الجولان من اسرائيل. وكلما احتدم وضع الرئيس السوري بشار الاسد وكلما تورط في اعمال ذبح فظيعة، بدأ الدروز في الجولان يحافظون على مسافة بعيدة عنه. فمثلا من الصعب اليوم ايجاد صورة للرئيس على حيطان المطاعم في مجدل شمس، الامر الذي كان منتشرا جدا حتى اندلاع الحرب الاهلية. ولكن حملة التضامن مع الدروز في سوريا تقودها الان الطائفة في اسرائيل. اما الدروز في مجدل شمس وبقعاثا فيحافظون بشكل عام على هدوء إعلامي.

وكلما تعاظم الفزع عقب التقارير من الخضر، شددت قيادة الدولة في اسرائيل وكبار مسؤولي الجيش الاسرائيلي الجهود لتهدئتهم. فقد قال رئيس الاركان غادي آيزنكوت في الكنيست يوم الثلاثاء ان اسرائيل ستفعل كل ما في وسعها كي تمنع ذبح اللاجئين على حدودها. وفي الغداة، كرر ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال «انني وجهت تعليماتي لعمل كل ما يلزم».

وفي نفس اليوم ارسل ايضا ضابط كبير في قيادة المنطقة الشمالية لاطلاع الصحافيين على صورة الوضع. «لا صحة على الاطلاق للشائعات عن المذبحة»، قال. «كانت هناك معلومات مغلوطة، فلا يوجد عشرات الجرحى من الدروز ينتظرون العلاج قرب الجدار. في كل الاحوال، لا توجد لدينا أي نية لان نكون جزءا من القتال في سوريا».

وتحاول سلسلة التصريحات ايجاد التوازن بين قطبين متناقضين: فمن جهة، اسرائيل ملتزمة، قيميا وعلنيا، بما يسمى «حلف الدم» مع الدروز. ومن جهة اخرى فان التدخل العسكري في صالح الدروز سيكون خروجا خطيرا عن الخط الحذر والمتماسك الذي اتخذه نتنياهو على مدى اكثر من اربع سنوات من الحرب في سوريا، وبموجبه ينبغي لاسرائيل أن تمتنع قدر الامكان عن التورط في هذا المستنقع المغرق. ولكن يبدو أنه في هذه الاثناء لا تحقق الرسائل غايتها. فقيميا، بدأ الكثير من الدروز يشكون بان نية اصطلاح «حلف الدم» كانت دوما سفك الدم الدرزي دفاعا عن اليهود، ولكن ليس بالضرورة العكس. عمليا، اقوال آيزنكوت والضابط الكبير الاخر فسرت كاعتراف غير مباشر بان الحضر قد تكون أمام مصيبة قريبا.

في بداية الاسبوع، شارك الالاف من القرى الدرزية في مظاهرات احتجاجية. بل وعلم عن اطلاق نار في الهواء في قرية او اثنتين، وهي الظاهرة التي اختفت من البلدات الدرزية منذ سنين. وبعد ظهر يوم الثلاثاء تجمع سكان دروز من الجليل لمظاهرة احتجاج على الحدود. وخاف الجيش والشرطة من فقدان السيطرة واعلنوا عن منطقة عسكرية مغلقة شمالي مجدل شمس. وفي الطائفة فسروا بان معظم المتظاهرين الذين سعوا إلى الوصول إلى الجدار كانوا «فتيان التلال عندنا»، المتحمسين او العاطلين عن العمل. ومهما يكن الامر، فقد فعل الاعلان فعله. والمتظاهرون لم يأتوا وفتحت المنطقة من جديد.

الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في اسرائيل بدأ مؤخرا يتحدث علنا عن شدة الخطر. ففي مقابلة مع صوت الجيش هذا الاسبوع قال امورا قاسية. اذا لم يتدخل الجيش في صالح الدروز في الخضر كما ادعى، فمتوقع هناك مذبحة. «اسرائيل، مثلما هي دوما، تراهن على الجانب غير الصحيح في المواجهة في سوريا. في الماضي ساعدت اسرائيل حزب الله وحماس على النمو، والان ترتكب نفس الخطأ مع منظمات الثوار مثل النصرة».

هناك امكانيتان فقط، اجمل طريف: مساعدة الدروز او المذبحة. وسبق هذا التصريح العلني سلسلة لقاءات عقدها طريف في الاشهر الاخيرة مع مسؤولين كبار في اسرائيل عن الوضع في سوريا. فقد اجتمع مع رئيس الدولة، رئيس الوزراء، رئيس الاركان وقائد المنطقة الشمالية. وفي اللقاءات مع الضباط سمع ان سلاح الجو يمكنه أن يوقف تقدم الثوار نحو الحضر، عند الحاجة من خلال القصف، ولكن هذا منوط بتلقي التعليمات من فوق.

يشدد الدروز خطر المذبحة على خلفية دينية ويشبهون ذلك بالقلق الذي يشعر به اليهود في اسرائيل في ضوء العمليات ضد اليهود في الخارج. وعلى مدى الحرب في سوريا، قتل، حسب بعض المصادر، قرابة 2.000 جندي درزي في جيش الاسد، ولكن هذا اعتبر جزءا من ثمن الحرب، وحتى عندما قتل اربعة شبان دروز من منطقة الحضر في هجوم لسلاح الجو على الحدود عند محاولتهم زرع عبوة ناسفة هناك بتكليف من حزب الله في بداية ايار، لم يحتج أي من الدروز في اسرائيل. أما الان، فالقصة مختلفة: المطاردة المقصودة والخطر المحدق بالدروز كطائفة وكدين ـ ومن هنا احساس التضامن الكبير والى جانبه الفزع.

زعيم الطائفة ورجاله يعرفون السيناريوهات التي يستعد لها الجيش الاسرائيلي من استيعاب سريع للاجئين وتوسيع المستشفى الميداني على الحدود، وحتى التدخل العسكري من خلال سلاح الجو. وحاليا، رغم تصريحاتهم الحازمة، فانهم لا يزالون يعطون ثقة لقيادة الدولة في ان تقوم بالعمل المناسب في نظرهم، عند الحاجة. ولكن مع ان التقارير عن المذبحة في الحضر تبينت هذا الاسبوع كشائعة عابثة، من الصعب التعاطي باستخفاف مع مخاوف الدروز. ومثل كثير من الامور الاخرى في سوريا، فان مصير القرية المحاصرة معلق بشعرة. تغيير حرج في الوضع، يمكنه ان يضع اسرائيل في معضلة فورية من حيث التدخل العسكري المحلي، من شأنه ان يجري في غضون ساعات. وعليه، فان التصريحات الاخيرة للمسؤولين في جهاز الامن عن وضعنا الاستراتيجي المحسن في الشمال تبدو تبسيطية ومبالغ فيها بعض الشيء. الوضع جيد، نسبيا، صحيح حتى صباح اليوم. لا يوجد أي يقين في أن تكون هذه هي الامور غدا أو في الاسبوع القادم.

هأرتس 19/6/2015

القدس العربي

 

 

 

 

إسرائيل تخطط لإقامة أول منطقة عازلة في سوريا

​إيكونومست: الدروز خط أحمر​

عبد الاله مجيد

هل يحظى الدروز بأول منطقة عازلة في سوريا بسبب تدخل إسرائيلي لحمايتهم من النصرة وداعش، فتكون أول منطقة من نوعها بعد مطالبات كثيرة بإقامتها في مناطق سوريّة مختلفة؟ الجواب عند إسرائيل.

منذ اندلاع الانتفاضة السورية ضد نظام بشار الأسد، وانزلاق سوريا إلى حرب أهلية مدمرة قبل أكثر من اربع سنوات، حرصت اسرائيل على ألا تنجر إلى القتال الدائر على حدودها بشكل سافر. وباستثناء عدد من الغارات الجوية التي استهدفت قوافل أسلحة إلى حزب الله، فإن اسرائيل وقفت عمليًا موقف المتفرج على الأسد والجماعات “الجهادية” يدمرون سوريا. لكن مراقبين يرون أن هذا الموقف قد يتغير بعد تحذير اسرائيل من انها ستتحرك إذا تعرضت طائفة الموحدين الدروز للخطر في الجنوب السوري.

علاقات معقّدة

يعيش أكثر من مليون درزي في الشرق الأوسط، ثلثاهم تقريبًا في سوريا، والباقي موزعون بين لبنان واسرائيل والاردن. وتربط اتباع الديانة الدرزية الباطنية، التي تجمع بين عناصر من سائر الأديان التوحيدية مع شيء من الفلسفة اليونانية، علاقة معقدة بالدول التي يعيشون فيها. وتؤكد شرعتهم على مبايعة الحاكم مع الاحتفاظ بنزعة استقلالية قوية.

في سوريا، ظل كثير من الدروز أوفياء لنظام الأسد، في حين انهم في اسرائيل يشيدون بما عُرف باسم “حلف الدم” الذي وقعوه معها في العام 1956، مؤديًا إلى انخراط غالبية رجال الطائفة في وحدات قتالية في الجيش الاسرائيلي. ويمتهن الكثير من دروز اسرائيل العمل في الجيش أو الشرطة حيث ارتقى بعضهم إلى رتب عالية في وحدات عسكرية نخبوية. واختار دروز هضبة الجولان التي احتلتها اسرائيل في حرب 1967 البقاء مواطنين سوريين من دون أن يمنعهم ذلك من الاقبال على العمل في قطاع السياحة الاسرائيلي.

اتصال مباشر

بعد الهزائم التي تكبدها ما تبقى من جيش النظام السوري المدعوم من ايران وحزب الله، اقتربت قوات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) من المراكز السكانية الدرزية في جبل الدروز المسمى جبل العرب. كما تعرضت قرى درزية في الجانب السوري من هضبة الجولان لنيران جماعات مسلحة بينها جبهة النصرة التي تبايع تنظيم القاعدة. وتسببت هذه المخاطر في تقويض ولاء الدروز التقليدي للحكم والتوجه إلى اشقائهم دروز اسرائيل طلبًا للعون.

ونقلت مجلة إيكونومست عن نائب وزير التعاون الاقليمي في الحكومة الاسرائيلية الدرزي ايوب كارا قوله إن دروز سوريا يتصلون به مباشرة لأول مرة، مشيرًا إلى أن الحكومة الاسرائيلية وعدت مشايخ  الدروز المحليين بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرض اشقاؤهم في سوريا للاعتداء.

أول منطقة عازلة

في 16 حزيران (يونيو)، أعلن رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت، الذي لا يصرح كثيرًا لوسائل الاعلام، أن اسرائيل ستمنع وقوع مجزرة ضد اللاجئين على حدودها مع سوريا. وفي اليوم التالي، حين تقدم مقاتلون من المعارضة السورية نحو قرية حضر الدرزية، التي تبعد ميلًا واحدًا عن الحدود الاسرائيلية، أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اسرائيل “تراقب عن كثب” وضع الدروز، وانه أمر باتخاذ كل الاجراءات اللازمة.

يمكن أن تشتمل الخطط العسكرية الاسرائيلية على اقامة مستشفى ميداني في منطقة الحدود. وإذا أخذ آلاف من اللاجئين الدروز بالتدفق على الحدود، فإن اسرائيل قد تكون أول دولة مجاورة لسوريا تقيم منطقة عازلة معها.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى