صفحات الثقافة

ردود بالجملة على مقال: رابطة الكتاب السوريين الأحرار’: إني أسأل لخليل النعيمي


لا أحد يمول ‘رابطة الكتاب السوريين’ وبيت مالها فارغ!

حول ذمتها المالية (ردا على خليل النعيمي في مقاله إنني أتساءل):

نوري الجراح

أنا المدعو نوري الجراح منسق أعمال ‘رابطة الكتاب السوريين’ من الفترة الممتدة من تاريخ الإعلان عن التأسيس في 1-1-2012، وحتى انتخاب المكتب التنفيذي للرابطة ورئيسها الاستاذ صادق جلال العظم، في (17 ايلول/سبتمبر 2012) تاريخ انتهاء مهمتي منسقا لأعمالها، أعلن أن ‘رابطة الكتاب السوريين’، التي هي رابطة حرة مستقلة تأسست استجابة لنداءات شعبنا في بناء مؤسسات المجتمع المدني الديمقراطي السوري، لم تتلق تمويلا مشروعا أو غير مشروع لا من أميركا، ولا من الاتحاد الأوروبي، ولا من روسيا، ولا من إيران، ولا من السعودية ولا من قطر، ولا من حزب الله، ولا من الإخوان المسلمين، ولا من النظام السوري، ولا من اسرائيل. وهي ما تزال حتى الساعة ببيت مال فارغ ينتظر اشتراكات الأعضاء. ومن لديه أي ادعاء على الرابطة بتلقيها أموالا من أي جهة كانت رسمية أو غير رسمية فليتفضل ويثبت ادعاءه، وإلا فليحترم نفسه ويصمت.

هذا الإعلان ليس تبرئة للرابطة، فهي أنصع من أن تطالب ببراءة، ولا هو توطئة لتبرئتها من تهمة اخرى، لكنه توضيح للعموم على إثر ما أثاره البعض من لغط ولغو وما طرح في الآونة الأخيرة عبر الفيسبوك ثم في صحيفة ‘القدس العربي’ (انظر مقال خليل النعيمي في 22- 10 -2012) الذي بلور تساؤلات حول مالية ‘رابطة الكتاب السوريين’ التي تشكلت خلال الثورة السورية ككيان معنوي مستقل للكتاب السوريين الأحرار. وما إذا كانت الرابطة قد مولت نفسها بطريقة غير مشروعة، أو بطريقة لا تنسجم واستقلاليتها.

في ظل تباطؤ المكتب التنفيذي في الإجابة عن هذه التساؤلات لأسباب تتعلق بظروف أعضاء المكتب، وقبل أن يتورط أصحاب هذه التساؤلات المشروعة بظنونهم، ويحولها الصائدون البائسون في المياه العكرة إلى اتهامات باطلة يستغلها النظام السوري المتربص بالثورة وهيئاتها، أجد من واجبي الإجابة عن هذه التساؤلات، على رغم عدم تمتعي اليوم بأي صفة قيادية في الرابطة، وإنما أقدم على هذا لكوني كنت حتى نهاية اجتماع الأمانة العامة للرابطة في القاهرة أيام (16-17 سبتمبر/ أيلول الماضي) أحد الفاعلين السبعة في تأسيس الرابطة وإيصال مركبها إلى شاطيء الأمان وزملائي هم ياسين الحاج صالح، خلدون الشمعة، فرج بيرقدار، حسام الدين محمد، مفيد نجم، صادق جلال العظم. وبالتالي أجد أن من حق السائلين علي، ومن واجبي، أيضا، عرض الوضع المالي للرابطة بشفافية تامة حتى اليوم الأخير للمؤتمر المشار إليه.

بداية أريد ان أشكر الكاتب الروائي والجراح السوري خليل النعيمي على مقالته المعنونة (‘رابطة الكتاب السوريين الأحرار’: إني أسأل) لكونها (رغم تحفظي على ما طبع لغتها من تهويل لا يليق بالعلاقة الكبيرة التي تربطنا بالرجل) لخصت الأسئلة التي طرحت هنا وهناك على صفحات الفيس بوك من قبل أعضاء في الرابطة اضطروا، ولو متسرعين، في ظل عدم انتظام آليات التعبير والتواصل في الرابطة، إلى طرح تساؤلاتهم على صفحات الفيس بوك، في ظروف يمكنها، كما رأينا، أن تنتج لغطا فوضويا منتجا للمهاترة، أكثر منه حوارا مسؤولا منتجا للمعرفة. وأريد هنا قبل ان أدخل في الموضوع، أن أردد مع صديقي خليل النعيمي أننا نريد نحن ايضا أن يطمئن أعضاء الرابطة بأننا لم ‘نتورط لا عَفْواً، ولا هَفْواً، في التعامل مع أحد ذي شُبْهَة، أو هيئة ذات شبهة، حتى ولو كان ذلك في مجال الاحتمال’ وإلا لكانت لنا سيرة مختلفة مع الرابطة غير تلك التي يعرف الجميع مقدار نزاهتها. والرابطة قبل هذا الكلام وبعده هي بإجماع سوري المولود الديمقراطي الأول للثورة السورية وهي عزيزة علينا، ولا نتخيل أن لأحد غاية في تحطيم هذا الكيان الجماعي الوليد سوى نظام القتل والموت نظام آل الأسد المجرمين ومن يواليهم علانية أو سراً.

ملخص السؤال هو: من يمول ‘رابطة الكتاب السوريين’؟ وملخص الجواب، قبل الدخول في التفاصيل، لا أحد يمول ‘رابطة الكتاب السوريين’. الرابطة لها صندوق مال فارغ وليس فيه حتى الآن، قرش واحد، بانتظار ان تكتمل تشكيلاتها الإدارية، ويتفضل أعضاء الرابطة، إذ ذاك، وبينهم المتسائلون عن مسالة التمويل، بتمويل رابطتهم بأنفسهم من اشتراكات العضوية، على اعتبار أن النظام الداخلي للرابطة الذي نوقش فحواه وجوهره في اجتماع امانتها العامة في القاهرة نص على ان الرابطة ينطبق عليها وضع الجمعية الأهلية ذات النفع العام وبالتالي يحق لها الحصول على التمويل من اشتراكات الأعضاء ومن الدعم الذي سيقدم لها مستقبلا، أي بعد التحرير، بالطريقة التي تمول فيها منظمات المجتمع المدني.

قبل اجتماع الرابطة الأخير، عقدت اللجنة التحضيرية للانتخابات اجتماعها في القاهرة، حيث فرزت الاصوات وأعلنت نتيجة الاقتراع الإلكتروني وانتخبت أمانة عامة من 34 عضوا، وكما يعرف الجميع فإن اللجنة التحضيرية تشكلت من عضوية الأساتذة الشاعر اللبناني بول شاؤول، الشاعر الفلسطيني زهير ابو شايب، الكاتب الأردني محمود الريماوي، الشاعر المغربي حسن نجمي، الروائي المصري سعد القرش، ورأس اللجنة السوري الوحيد فيها عضو اللجنة المؤسسة للرابطة كاتب هذه السطور وقد اختير لكونه لم يكن مرشحا في انتخابات الرابطة.

هذا الاجتماع تكفل الأستاذ الصحافي بسام جعارة بتأمين تغطية نفقاته من رجل أعمال عربي مساند للثورة السورية (وتحديدا بطاقة السفر والإقامة لثلاثة أيام في الفندق لخمسة أشخاص) أما المصروفات الأخرى قبل هذا الاجتماع وبعده وحتى اجتماع الامانة العامة للرابطة، فقد تكفلت بها شخصيا ومن مرتبي الشخصي، بما في ذلك كلفة تأسيس الموقع بثماني لغات والصرف عليه طوال عام حتى تاريخ اجتماع القاهرة الأخير (مع الاعتذار من القراء عن هذا الإفصاح غير اللائق، لكنني كما ترون مضطر إليه الآن)، ناهيك عن العمل في الموقع تحريرا .

نحن طبعا لسنا في جردة حساب حول التأسيس وأدوار المشاركين فيه فهذه أكبر من الحديث حول جزئية التمويل، أو جزئية ‘الموقع الإلكتروني’ وجردة الحساب، ليس هنا مكانها، فضلا عن انها تحتاج إلى حيز خاص ينصف الجميع، لأن الحديث على مجمل النشاط اليومي المتعلق بالرابطة أمر يتعدى الأشخاص، ولابد إذ ذاك من أن اذكر أولا جهود الصديق الكاتب حسام الدين محمد وثانيا الناقد مفيد نجم وثالثا الكاتب ياسين الحاج صالح، ورابعا فرج بيرقدار… ومن ثم بقية أعضاء لجنة التأسيس الذين بذلوا الجهود المضنية، وقد تشاركنا معا، وإن بدرجات، في يوميات العمل على تحويل الفكرة من حلم عزيز إلى واقع عملي سرعان ما صار كيانا حقيقيا. واريد هنا أن أخص بالذكر حسام الدين محمد الذي كان الشخص الأكثر حضورا في العمل اليومي للرابطة خلال فترة التاسيس.

‘ ‘ ‘

إثر الإعلان عن تأسيس ‘رابطة الكتاب السوريين’ مطلع العام الجاري وخلال الاتصالات التي خولني زملائي في اللجنة المؤسسة القيام بها قامت بيني وبين عدد من الشخصيات الثقافية السورية المعارضة من أعضاء الرابطة بينهم د. برهان غليون، والأستاذ جورج صبرة والرئيس الحالي للمجلس الوطني الأستاذ عبد الباسط سيدا، وآخرين غيرهم، دار الحديث حول أهمية مراعاة المنحى الاستقلالي للرابطة، وللأمانة لم يفكر أي من هؤلاء الثلاثة وهم أعضاء قياديون في ‘المجلس الوطني السوري’ أن يستقطبوا الرابطة أو أن يجعلوها داعما لمواقفهم، أو لأشخاصهم، ولذلك أكثر من سبب ليس أولها ولا آخرها ان الرابطة ابدت منذ لحظة الإعلان عنها موقفا نقديا واضحا من التشكيلات السورية المعارضة على رغم إيمانها بأهمية هذه التشكيلات وضرورتها التاريخية لثورة الشعب السوري وبينها ‘المجلس الوطني…’.

وبالتالي فإن البحث عن سبل لتمويل اجتماعات الرابطة ونشاطاتها مع هؤلاء الاساتذة وغيرهم استبعد منذ البداية أي مصدر رسمي أو غير مقبول، وذهب التفكير باستمرار نحو رجال أعمال سوريين. ولهذا السبب تأخر اجتماع الأمانة العامة للرابطة وأعضاؤها يتوزعون على رقعة جغرافية تغطي ثلاث قارات على الاقل، وهم بين داخل وخارج، وفي ظروف قاسية، بل إن ثلاثة من أعضاء الأمانة العامة كانوا بين الاعتقال والمطاردة ونزلاء في المخيمات. وهذا التأخير في الاجتماع خلق في حينه حالة من نفاذ الصبر عبر عنه عدد من أعضاء الرابطة ممن انتظروا أن تدخل المؤسسة الوليدة سريعا طور العمل الفعال وهم محقون، إنما لم يخطر في بالهم التريث والتفكير بالأسباب والعوامل المؤخرة للاجتماع وسبل تجاوزها، ولا هم قدموا اقتراحات تساعد على تجاوزها. ولو كان اعضاء الرابطة موجودين في جغرافيا واحدة لما استغرق التحضير لمؤتمرهم الأول أكثر من 10 ايام.

‘ ‘ ‘

في اتصال هاتفي سبق اجتماع الأمانة العامة أبلغني عضو الرابطة الأستاذ د. برهان غليون أنه وجد تمويلا للاجتماع، وهو تمويل ينسجم مع مبادىء الرابطة لأن مصدره سوري، رجل من رجال الأعمال الداعمين للثورة. وقد شعرت وزملائي بالسعادة لهذا الخبر. وبعد وقت قصير وخلال وجودي في القاهرة في حزيران الماضي التقيت بعضو الرابطة الأستاذ جورج صبرة عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني والناطق الرسمي، برفقة الكاتب والإعلامي السوري ابرهيم الجبين، وقال لي إنه طلب من الجبين أن يفاتح الزعبي بقضية تمويل اجتماع الأمانة العامة للرابطة لكونه انسب شخص يمكن أن يقوم بهذا الدور، فهو رجل وطني مخلص، وداعم كبير للثورة. وكانت النتيجة أن الرجل أبدى استعداده لأن يفعل، لاسيما ان الرابطة هي أول مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني السوري جرى تشكيلها ديمقراطيا ورأى الزعبي في ذلك مصدرا للاعتزاز ومحرضا على الدعم. وقال لي جورج صبرا بحماسة: وجدنا الجهة الانسب لعقد اجتماع ‘رابطة الكتاب السوريين’ إنه المهندس وليد الزعبي، وأثنى على الرجل بأنه إحدى الشخصيات الوطنية السورية التي ليست فقط فوق الشبهات وإنما ذات السلوك الوطني ويمكن للرابطة ان تقبل رعايته للمؤتمر. فاتصلت بالدكتور برهان غليون وابلغته بمضمون حديث صبرا معي، فأبدى سروره بالخبر، وأثنى على الزعبي لعلمه بالدور الذي يلعبه في دعم ومساندة الحراك الثوري في الداخل. وقد رأى هؤلاء وغيرهم كما رأينا نحن أن التمويل الأهلي السوري هو الحل الحقيقي لاستقلالية مؤسسات المجتمع المدني السوري وبينها ‘رابطة الكتاب السوريين’.

وانطلاقا من هذه الخلاصة توافقنا في الرابطة على أن يرعى المهندس وليد الزعبي اجتماع الأمانة العامة في القاهرة، فيتكفل ببطاقات السفر والإقامة للمشاركين في الاجتماع. وقد أضاف عليها، مشكورا، رعايته إصدار العدد صفر من مجلة ‘الرابطة، وهو ما تم بالفعل، بطريقة لابد من الاعتزاز بها، وليس التشكيك بها كما وجدنا في تلك الغمزات واللمزات البائسة التي نشرها بعض أهل الصيد ممن لا تاريخ لهم، والتي تورط بالاستناد إليها، للأسف، بعض الكتاب المحترمين من أهل ‘المساءلة والتفسير’

‘ ‘ ‘

هذه هي قصة علاقة الرابطة بالمهندس وليد الزعبي، هنا بدات وهنا انتهت، في تمكين الرابطة من عقد الاجتماع الأول لأمانتها العامة، وإصدار عدد من مجلتها، هو العدد صفر.

وقد تفضل الرجل إضافة الى ما سبق فأبدى استعداده لتوفير غرفة في مكتب له في القاهرة لتعقد الرابطة اجتماعاتها فيها إلى أن يصبح لديها مقر خاص بها. وفي سلوكه هذا كثير من حرارة الاحتضان للتجربة الرائعة لـ’رابطة الكتاب السوريين’.

‘ ‘ ‘

كانت للراعي كلمة في حفل الافتتاح بوصفه راعيا، فضلا عن كونه ممثلا عن تيار ‘بناة المستقبل’ إلى جانب كلمات لكل من الأستاذ عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني والأستاذ فايز سارة ممثلا للمنبر الديمقراطي، والمفكر سلامة كيلة ممثلا لائتلاف اليسار السوري، وسيد عطاء الله مهاجراني ممثلا عن الحركة الخضراء في إيران ، وكلمات اخرى.

وكما يعرف جميع من شارك في اجتماعات الرابطة أنها كانت اجتماعات مغلقة لم يحضرها إلا بعض المراقبين، ولم يكن بينهم راعي الاجتماع. وبقية القصة يعرفها الجميع، بمن فيهم الذين كتبوا يتساءلون من أعضاء الامانة العامة أو أعضاء المكتب التنفيذي.

لا أريد أن أكرر، هنا، ماقاله تصريحا وكتابة الضيوف والمراقبون حول الأجواء والظروف والأجواء الحرة غير المسبوقة التي رافقت عقد اجتماع الأمانة العامة للرابطة، ولا الثناء الكبير والسعادة التي استقبل بها الاجتماع وما نجم عنه، فهذه يمكن لمن يريد العودة إليها فهي موثقة صوتا وصورة… وتقارير مكتوبة ومنشورة في الصحافة.

وبالنسبة إلى القناعات، فلو رجع الزمن إلى الوراء، وكنت الشخص نفسه الذي سيكون أحد الموافقين على أن يقوم السيد وليد الزعبي برعاية الاجتماع بالصيغة نفسها التي توافقنا عليها لما ترددت أبداً بالقول: نتشرف بذلك ونرحب به.

‘ ‘ ‘

يهمني هنا أن أسجل ملاحظتي على بعض الزملاء الكتاب من أعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء الأمانة العامة أنهم ذهبوا رأسا إلى الكتابة في الفيس بوك والصحف متسائلين حول هذه النقطة أو تلك، وكان حريا بهم أن يدعوا أولا إلى اجتماع للمكتب التنفيذي يطرحون خلاله تساؤلاتهم حول مختلف الأمور والقضايا التي تشغلهم لا أن يلجاوأ الى الصحف رأسا. فالصحف يلجا اليها أصحاب قضية او مسألة مستعصية وقد حالت الظروف بصورة نهائية في العثور على حل داخلي لها، بفعل فاعل عطل حوارا. وهو ما لا ينطبق ابدا على الموضوع المثار هنا في هذه المقالة.

بقي أن أشير إلى أنني في كل ما أقوم به من عمل عام، أكان هذا في إطار نشاطاتي الثقافية الميدانية في المخيمات السورية وفي بعض مدن وقرى الشمال السوري، أو في ميدان نشاطاتي الفكرية والثقافية في إطار ‘رابطة الكتاب السوريين’، أو في إطار التعاون المستجد مع ‘بناة المستقبل’ حيث اتفقنا على تحقيق أفكار ومشروعات ثقافية وعلمية مهمة بينها فكرة عقد ‘المؤتمر الفكري والعلمي السوري’ الذي أعلن عنه مؤخرا والذي اقترحته شخصيا على ‘بناة المستقبل’ ولقي اهتماما جديا وقبولا غير مشروط إلا بشروط النزاهة والانفتاح على كل العقول والتجارب والاتجاهات الفكرية والأدبية السورية الكبيرة داخل سوريا وخارجها، إنما أقوم بهذا العمل وغيره من الأعمال خدمة خالصة للثورة السورية ولشعبنا الثائر، وبالتالي أؤدي دوري في الثورة كغيري متطوعا، ومن موقع المثقف المستقل، واعذروني لو قلت أنني لم أقبل في الماضي ولن أقبل في المستقبل أي تعويض مادي عن هذا العمل في الشأن العام، فأنا لي عملي الذي يعرفه جميع العاملين في الحقل الثقافي، وهو الإشراف على ‘المركز العربي للأدب الجغرافي’ و’ندوة الرحالة العرب والمسلمين’ و’جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة’ وهو عمل يكفيني غائلة الدهر ولا يحيجني لأحد.

وللإيضاح ايضا، انا لا ألزم أحدا بما الزمت به نفسي، فهو سلوك شخصي سلكته مختارا منذ أن اندلعت الثورة السورية وسأبقى وفيا لما اخترت، من دون أن أفكر للحظة أن في ذلك أي بطولة أو ما شابه من كلام كبير، فالبطولة، اليوم هي للشهداء وحدهم، هي للشعب الثائر.

ولمن يريد ان يعرف المزيد عن موقفي المعلن من الثقافة والمال، والثقافة والرعاة، فليراجع تصريحاتي وحواراتي، وآخرها الخميس الماضي في التقرير الذي نشرته صحيفة ‘الحياة’ اللندنية السبت 20 الشهر الجاري، تحت عنوان ‘مئة مثقف سوري وعربي في مؤتمر تشاوري’ موقعا بقلم الأستاذ معن البياري، وفيه إشارات محددة حول مؤتمر القاهرة الذي ورد حديث حوله على هامش النقاش حول ‘بناة المستقبل’ واجتماعات الرابطة.

أيها الكتاب السوريون لديكم رابطة للكتاب هي بحق المولود الديمقراطي الأول للثورة السورية، اشتغلوا من خلالها لو توافقتم مع برنامجها، واشتغلوا لأجلها، ولا تكونوا سببا في قتل مولود رائع دفع شعبنا العظيم لأجله الدم.

القدس العربي

من له مصلحة في اغتيال رابطة الكتاب السوريين؟

حسام الدين محمد

انتشرت على مواقع الكترونية عديدة مقالات تهاجم رابطة الكتاب السوريين كان أبرزها مقال لعمر سليمان عنوانه ‘رابطة الكتاب السوريين وحوت الفساد‘. يكاد مقال عمر سليمان ان يكون تحفة فنية خالصة لأنه يجمع بين التشهير العلني والديماغوجيا والافتراء الصريح، ويمثل المقال المذكور نموذجاً فظيعاً من العقل التدميري الذي هو ثمرة (وضحية في الآن نفسه) خبيثة لعشرات السنوات من الدكتاتورية والطغيان الأعمى الذي طبع بطابعه لا النظام السوري وأجهزته القمعية المتغولة فحسب بل جزءاً كبيراً من الشخصية السورية بشكل لا يشبه الا أفلام الرعب التي يستحوذ فيها شيطان ما على جسد ضحيته فيجعلها ترغي وتزبد وتنطق كلامه وتستخدم منطقه.

زرع النظام السوري حالة من الشك الدائم التي تحوط السوريين وتخوفهم من أقرب الناس اليهم بحيث لا يوفر أحداً او جماعة من جنون الارتياب بحيث يتعمم القمع بصورتين متناقضتين ومتكاملتين في الآن نفسه: التهجم الدائم على أي شخص كان او جماعة تعارض النظام، وادعاء الطهرانية المطلقة التي لا يشوبها شائب.

يخلخل الاستبداد النظام الطبيعي للأشياء فيمسخ مثل ميداس، الملك اليوناني الذي يمسّ فيحوّلها الى ذهب، لكن ميداس الاستبداد السوري يحول البنى التي يمسّها، احزاباً كانت، او طوائف واديانا، او معاني سياسية او أخلاقية او أفرادا، الى دبابات وطائرات ومدافع تقصف شعبه، واتباعا وشبيحة تتعبده وتصلّي لأجله.

في النظام الاستبدادي للأشياء لا يمكن لعمل ان يكون تعبيراً عن ارادة حرة فهو لا بد ان يكون مؤامرة تابعة لبلد خارجي.

يفسّخ الاستبداد المعاني الخيّرة للبشر والعلاقات النظيفة بينهم، ولكن أقسى ما يفعله أنه يحوّل ضحاياه الى جلادين، لأقرانهم ولأنفسهم.

في نظام الاستبداد، وعندما يعتقل امرؤ يبتعد عنه أقرب أصدقائه ومعارفه، فتنقلب المعاني المتعارف عليها لعلاقات الصداقة والحب والأخوة والتضامن محيلة الحيّز لمشاعر الخوف من الاعتقال والرهبة من المخابرات والحيطة والحذر على النفس والأهل والممتلكات.

في نظام الاستبداد، تنسحق الفردية انسحاقا هائلاً فتمنع في انسحاقها أي عمل جماعي، وتخرّب أي محاولة للتعاضد بين المضطهدين.

بسبب الضغط المزمن على الفردية تتكرّس فكرة المستبد الأوحد ‘أنا أو لا أحد’.

هذه الظواهر كلها لمستها لمس اليد في الحال التي آلت اليها أحوال أعداء رابطة الكتاب السوريين وكذلك في بعض أعضاء الرابطة وحتى بعض المنتخبين في أمانتها العامة بعد ان انفتح مزاد التهجم عليها إثر ما نشر فقد كان رد الفعل الأول عند هذا البعض هو التصويب على عمّن قاموا طوال أشهر بتنسيق شؤون الرابطة وتدبير شؤونها من مالهم الخاص وجهدهم اليومي وتوجيه اللوم اليهم، وتصديق التهم ضد من رعى اجتماع الأمانة العامة رغم ركاكة الادعاء وبيان تهافته.

وبهذا نقول ان ما ينسحب على بعض ناقدي رابطة الكتاب السوريين ينسحب أيضا على أعضائها واذا أردنا ان نكون عقلانيين فهو يجب ان ينسحب ايضا على تجربة تأسيس الرابطة ككل، وهذا يعني فيما يعنيه ان هذه التجربة لا يمكن ولا تستطيع ان تزعم انها خير خالص وأنها النقيض الطهراني للنظام السوري، فجلّ ما كان يمكن ان تسعى اليه هو ان تكون تجربة في العمل الجماعي تخطئ وتصيب، وتترك الطهرانية المطلقة لمدعيها.

هدف رابطة الكتاب السوريين عند انطلاقها كان واضحا وبسيطاً: العمل على تأسيس مؤسسة مدنية يتوافق اعضاؤها على التعاقد الجماعي لتنظيم شؤونهم والدفاع عن حقوقهم. كان هذا السعي البسيط، في روع البادئين الأوائل بالتجربة، سيدفعهم بقوة المنطق والتجربة نفسها خارج اطار العقلية الاستبدادية والأمنية.

كان البادئون بالفكرة يعرفون ان ‘النظام’ ليس جيشا وشبيحة فحسب بل جهازاً متكاملاً يتعاضد ليمنع الحرية ويؤبد الاستبداد وان الطريق للتغيير يكون بالشغل الطويل والصبور على المصاعب التي ستواجه تجارب مدنية ديمقراطية بديلة.

رابطة الكتاب السوريين هي ابنة الواقع السوري بكل تناقضاته وفي محاولتها الخروج من عقلية الاستبداد وتمظهراته بقوة الرغبة بالتضامن والثقل الاخلاقي للثورة السورية لكنها بقيت تعاني من غياب تقاليد ديمقراطية راسخة. واذا كان للرابطة ان تفخر انها ليست بنيانا مرصوصا كالأحزاب الفاشية والستالينية فانها بالوقت نفسه تستنكر محاولة تهشيمها باسم الثورة نفسها.

الشفافية والديمقراطية، ستتلبسان، ولفترة طويلة، حالات من التشنج والعصاب وستكونان كذلك حجتان لمن همّه من الديمقراطية اغتيال المؤسسات المدنية المتخلقة من رحم الثورة وكل ذلك باسم الثورة نفسها وباسم معاداة النظام.

ليس الطريق امام الرابطة معبداً وليس سهلاً ولا كانت الفكرة ممكنة التطبيق بمجرد التفكير بها او العمل عليها. كان على التأسيس ان يتعثر وعلى البادئين بالفكرة ان يخطئوا ويتعلموا وما كان للتجربة الجديدة ان تتصلب وتتخذ قواماً وشكلاً دون ان تعاني من أعراض الاستبداد التي زرعها في الأفراد، ومن مشاكل الطفولة الديمقراطية وعثراتها وشوائبها.

كان من اعراض الطفولة هذه ان يفترض البعض هذا العمل سباقا الى مركز الصورة وان يبتعد البعض الآخر عنه بحثا عن طهر كامل لا يتحقق الا للملائكة.

في السعي نحو الحرية يتجادل الفردي والجماعي، ويعتبر البعض ما يقوم به تضحية فيما يعتبره الآخرون سلطة يشرّع لحيازتها التناهب والتنازع والتنافس…. والافتراس.

يستخدم كاتب المقالة آنفة الذكر ‘صواريخ ذكية’ لدكّ أسس الرابطة والايقاع بين اعضائها وتأليب اصدقائها عليها ونزع صمامات الحياة والتنفس عنها بطريقة يحمرّ لها وجه ماكيافيلي نفسه.

لكنه في جمعه هذا الكشكول من التهجمات لا يدرك انه يناقض نفسه ويكشف خللاً اخلاقيا ومهنيا لأنه، مثله مثل النظام الذي يدعي عداءه، يستخدم أسلحة محرمة قانونيا ضد تجربة لم تقف بعد على قدميها ولم يتضح شكلها وصوتها، ولم تبدأ بعد عملها الجماعي المنظم.

من ذلك ان يتهم كاتب المقالة الآنفة الذكر الرابطة بالمحاصصة الطائفية لأن الرابطة اختارت رشا عمران (‘العلوية’ كما يصفها الكاتب) لمنصب نائب الرئيس، ويتهم مؤسسيها بأنهم كانوا قريبين من النظام (وهي فرية رخيصة لأن مؤسسيها هم اما مناضلون دفعوا من أعمارهم فترات طويلة من السجن: ياسين الحاج صالح وفرج بيرقدار ومفيد نجم او منفيون عن سورية او مطاردون منذ عقود: نوري الجراح وخلدون الشمعة وحسام الدين محمد، او مفكر كبير مثل صادق جلال العظم لا أحد يستطيع ان ينتقص من قامته ومن نضاله ضد الاستبداد).

اضافة الى الكذب الصريح والديماغوجيا الفاضحة يتضح لقارئ المقال الأس الأسخف والأكثر ركاكة الذي قام عليه واستحقت رابطة الكتاب السوريين ان يتم اعدامها ميدانيا لأجله.

ذنب الرابطة الخطير هذا هو انها لم تستشر ‘الأسماء الشابة الثائرة حول كيفية تشكيل هذه ‘الرابطة’، لا أن يؤسسوها وحدهم ثم ينصبوا أنفسهم ممثلين عن كتاب سوريا!’.

عدم معرفة مؤسسي الرابطة بالشاب الثائر عمر سليمان هي الخطيئة الأصلية التي سترتب عليهم ديناً أسوأ من دين شايلوك الذي لن يسدد ما لم يقتطع الكاتب وناشره رطلاً من لحم الرابطة.

فلنفترض جدلاً ان هذا المطلب السوريالي محق وعادل ولنقم بحسبة بسيطة لتحليله:

بدلاً من تأسيس الموقع الالكتروني وتفعيله واصدار البيانات والتواصل مع الاعلام ومع الكتاب السوريين وصد تغوّل النظام ضد اقرانهم ومساجلة مناصري النظام من الكتاب السوريين والعرب، والتواصل مع روابط واتحادات الكتاب العربية والاجنبية لتوفير الدعم لبعض الكتاب اللاجئين والمطاردين، بدلاً من كل ذلك كان علينا حسب مطلب عمر سليمان ان نجمع بيانات وارقام هواتف وايميلات ‘الاسماء الشابة الثائرة’ و’نستشيرها في كيفية ‘تشكيل’ الرابطة’.

يعني عملياً انه كان على الرابطة التي وقع على الانتساب اليها اكثر من 220 كاتبا وطلب الانضمام اليها اكثر من سبعين آخرين، والتي استغرق جمع امانتها العامة وانتخاب رئيسها ومكتبها التنفيذي شهوراً طويلة ان تستبدل كل شيء فعلته بالتفتيش عن السيد عمر سليمان وأقرانه من ‘الاسماء الشابة الثائرة’ واستشارتهم في حل تلك المشكلة الفلسفية المعقدة: كيف يجب ان تتشكل الرابطة؟

البادئون بالرابطة مذنبون بالطبع لأنهم لم يعرفوا بالسيد عمر سليمان ولم يستشيروه في كيفية تشكيل الرابطة لكن السؤال هو: ما دام يعرف كيف يشكل رابطة للكتاب فلماذا ينتظر العون من الآخرين؟

يتراشق السوريون بالتهم ضد بعضهم البعض ولا يترفعون عن أقساها وابشعها واكثرها ابتعاداً عن العقل والمنطق والاستدلال الحسي البسيط. لا تغفر ‘الاسماء الشابة الثائرة’ لمن تهاجمهم لا حيواتهم ولا تواريخهم فكل شيء يمكن ليّه وتأويله واعادته الى أصل خبيث وسيء. في مطحنة التهم تلك يمكن لأي شخص ان يساق الى مقصلة العمالة والخيانة والفساد.

لا يحتاج المتهم الى بينة ودليل ضد من يتهمه وما عليه الا استدعاء تلك الخلطة المضمونة من اوصاف ونعوت تربط بين المتهم وشياطين جاهزة للبس: النظام السوري، الطائفية، الاقصاء، الدكتاتورية الخ…

غير انه ما كان لهذه الفضيحة الاخلاقية ان تكتسب ثقلها ووزنها لولا انها وجدت ما ظنته حائطاً واطئاً تستطيع تسلقه: ربط الرابطة بما سمته ‘حوت الفساد وليد الزعبي’.

بعد عقود من الطغيان باسم ‘الاشتراكية’ والتغول على حقوق البشر باسم ‘التأميم’ والاستيلاء على أملاك الدولة لصالح فاسدين كبارا مثل رامي مخلوف ترسّخت في أذهان السوريين علاقة وطيدة بين المال والاستبداد، وبسبب استيلاء المركب الأمني المالي على الفضاء السوري العام صار أي ثريّ موضعا لشبهة لا تحتاج اثباتاً ولا دليلاً عليها.

وكما يقول مقال عمر سليمان: ‘يكفي ان يكون الزعبي مستثمرا بهذا الحجم في ظل نظام العصابة الحاكمة ليقدم اعتذارا رسميا للشعب السوري على ما ارتكبه’. أي ان خطيئة وليد الزعبي هي ان يكون مستثمرا (في ظل نظام العصابة الحاكمة)، وان استثماره في سوريا بمبالغ ضخمة يعني عمليا انه شريك لرامي مخلوف في الفساد.

الحيلة البسيطة التي قام بها الكاتب تشبه المنطق الأرسطي: وليد الزعبي ثري كبير. لا أحد يستطيع ان يعمل في سوريا دون ان يشارك رامي مخلوف اذن وليد الزعبي شريك لرامي مخلوف. وليد الزعبي فاسد.

لا تحتاج ماكينة فرم عمر سليمان المنطقية غير التلاعب البسيط بالمعاني وايراد مبلغ مذهل مثل 700 مليون دولار حتى يغدو وليد الزعبي بنظره فاسدا.

لا يحتاج عمر سليمان الى وثائق وحقائق مكتوبة حتى يشطب على تاريخ شخص محوّلا اياه بجرّة قلم الى حوت فساد.

يعرف عمر سليمان ويعرف السوريون جميعهم ان رامي مخلوف لا يشارك أحداً: إنه يفرض على أصحاب الأعمال خوة تقارب نصف أموالهم او اكثر ويسمي ذلك شراكة. يعرف السوريون جميعاً ان رامي مخلوف شريكهم في الماء والهواء والكلأ وان الامتناع عن ‘شراكته’، مثلما فعل غسان عبود او كمال سنقر (الذي يحتفظ بملف من ألف صفحة عما فعله به رامي مخلوف)، او آلاف غيرهم من الذين عاقبتهم السلطة الأسدية المخلوفية فمنعت عنهم ارزاقهم وسجنتهم ونكلت بهم لرفضهم ‘شراكتها’ امثال رياض سيف ومأمون الحمصي اللذين ألقي بهما في السجن جزاء وفاقا لما ارتكبوه من ‘الممانعة’ و’المقاومة’ لشراكة آل مخلوف والأسد. هذه الشراكة الإرغامية لم توفر حتى شركاء ماليين حقيقيين من طراز الملياردير المصري ساويرس الذي هرب بجلده من تلك ‘الشراكة’ المخاطة على مقاس رامي مخلوف وشركاه.

هذه هي الشراكة التي يتحدث عنها عمر سليمان.

اما الفساد الذي لا يجد عمر سليمان دليلاً عليه سوى ان وليد الزعبي غني فهو يتجاهل ان اتهام الناس بالفساد دون بينة هو شكل من اشكال الفساد.

ليست من مهمة رابطة الكتاب السوريين الدفاع عن وليد الزعبي فهو قادر عن الدفاع عن نفسه لكن من حقّها ان تؤكد انها توثقت ودققت في الذمة المالية والسياسية لرجل الأعمال النبيل هذا قبل ان تطلب منه تمويل اجتماع أمانتها العامة الأول.

جمع وليد الزعبي ماله من أعماله في الامارات العربية المتحدة التي وفّرت له طفرتها المالية والعقارية هذه النقلة، والغنى (والفقر) أمران طبيعيان وممكنان في أي بلد أكان الامارات ام الولايات المتحدة الامريكية حيث الشركة التي نشرت المقال، وما أعرفه بالتأكيد أن السيد الزعبي لم يجمع أمواله بالخوّة ولا استخدم سلطة متغولة لينهب أموال البشر ويدعيها لنفسه.

كما يقوم النظام السوري بالتلفيق الذي يتحدى امكانيات العقل البسيط يتحدى الخبر الذي نشره موقع الكتروني شهير يستند الى مقالة عمر سليمان وافتتاحية ماهر شرف الدين وكولاج من معلومات متنافرة ليقول مثلا ان ‘الشاعر الأردني طاهر رياض طالب الرابطة بالرد على الأسئلة’، وان عددا من أعضاء الرابطة استقالوا على اثر المقالة وهو ايضا كذب وديماغوجيا.

في اتصال لي مع الشاعر الأردني الصديق أستفهم منه الأمر استنكر رياض طريقة الاستشهاد به واعتبرها مغرضة.

الشخص الوحيد الذي استقال من الرابطة بشكل رسمي (أي أنه ارسل رسالة الى الرابطة وليس عبر الفيسبوك او وسائل التواصل الاجتماعي) فهو محمد علاء الدين عبد المولى، ولم يكن في استقالته ما يشير الى احتجاجه على ‘فساد’ ما على عكس ما أشار الخبر.

كنت قد كتبت عن فدوى سليمان، زوجة الشاعر عمر سليمان، مرتين في ‘القدس العربي’ ووصفتها بايقونة الثورة السورية، وبعد خروجها العظيم من سورية اتصلت بي وسألتني ان كان ممكنا الكتابة لصحيفة ‘القدس العربي’ فرحّبت بالفكرة ثم أحالتني الى زوجها عمر سليمان (صاحب المقالة المذكورة) الذي سألني عن المبلغ الذي تستطيع ‘القدس العربي’ ان تقدمه مقابل المقالات التي سيكتبها فذكرت له المبلغ (وهو، بالمناسبة، مبلغ متواضع لكنه ‘يؤوي’ عددا من كتاب الصحيفة المحترمين) لكنني طلبت منه ان يرسل لي نموذجا عن كتاباته لتقدر هيئة التحرير في الصحيفة مدى ملاءمتها.

كان هذا آخر عهدي بالسيد سليمان، الذي اعتقد، بعد ان قرأت مقالته، ان لديه ما يقوله، لكن مقالته الآنفة هي سقطة اخلاقية بامتياز.

اما ماهر شرف الدين الذي أحببت شجاعته عندما ارسل اعتذاره من فواز حداد الى موقع الرابطة بعد ان هاجمه فانني ورداً على سؤاله في افتتاحيته في ‘الغاوون’: من خدع الكتاب السوريين؟ أعيد السؤال نفسه الى ملعبه وأضيف عليه سؤالا آخر: مــن لـه مصلحـة في اغتيال رابطة الكتاب السوريين؟

كاتب من أسرة ‘القدس العربي’

الأسد دعاني للاستثمار في سورية ثم بدأ أتباعه بمحاربتي: عن رامي مخلوف.. وهنري برنار ليفي وآخرين

وليد الزعبي

قرأت ما ورد في مقالة الدكتور الأديب الجراح خليل النعيمي والمنشورة على صفحات جريدتكم الموقرة (القدس العربي) بتاريخ 2012-10-21 تحت عنوان (رابطة الكتاب السوريين: إني أسأل) والتي تناولت ما يثار من لغط حول تمويل اجتماع رابطة الكتاب السوريين، والذي قمت بواجبي الوطني برعايته ودعمه، إضافة إلى تقديم الدعم اللازم للاقلاع بمجلة الرابطة الادبية التي يعاد اصدارها بعد توقفها في ظل الاستبداد وذلك بعد ان صدرت لأول مرة في دمشق في العام 1921.

ليس جديداً على عملي الذي بدأته في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل أكثر من عشرين عاماً، أن يكون فيه جانب خيري أو إنساني، وليست هذه المرة الأولى من نوعها، في دعم ورعاية المشاريع الوطنية التي يعمل المجتمع على إنتاجها ويتعلّق بها، ولا ضرورة لذكر هذا وتعداده فهو واجب لا ننتظر عليه شكراً من أحد، ولكننا نقف عند تساؤلات يثيرها عدد من الذين لا يحترمون معنى العمل الصحفي ومسؤولياته، ولا يمنعهم لا قانون ولا أعراف مهنية من انتهاك حقوق الآخرين المادية والمعنوية، فيظنون أنهم بإطلاق الاتهامات إنما ينجزون شيئاً وما يحققون إلا المزيد من التورّط في مساءلة قانونية واضحة.

طلب مني الصديقان الأستاذ جورج صبرا والأستاذ إبراهيم الجبين تقديم الدعم والعون لرابطة الكتاب السوريين لعقد اجتماعها الأول، معللين ذلك بأن الرابطة لا تريد أن تحسب على أحد من الجهات الرسمية حزبية كانت أو دولية، وتريد أن تحفظ استقلالها وحرية قرارها وهويتها، فوافقت على الفور ولم أتردّد، لا سيما وأن مشروعي المشترك مع عدد من السوريين الأجلاء، والذي يمثله (تيار بناة المستقبل) وهو مشروع علمي فكري اقتصادي وطني غير آيديولوجي يقوم على إعادة الاعتبار إلى الطاقات والمؤسسات التي يخلقها المجتمع السوري صاحب الثورة ومبدعها، وتربتها التي نبتت فيها، وإليه يردّ الفضل والنتاج النهائي، رغم ما شاب هذه الثورة من شوائب كثيرة تعلق عادةً بالعمل الجماعي في ظل الفوضى وقمع النظام وقصف المدن والقرى والآمنين.

وهكذا كان، بإشراف الشاعر السوري الصديق الأستاذ نوري الجراح، الذي تابع عمله على عقد اللقاء، وإصدار المجلة، مع فريق من الشرفاء من الكتاب السوريين من أعضاء اللجنة التأسيسية للرابطة، وعقد المؤتمر بكل المودة والاحترام، الذي كنت ضيفاً عليه لساعات فقط، ولم نتدخل في عمل المفكرين والأدباء ولا حتى في أسماء المدعوين، ولم تحصل فيه أية أخطاء أو حتى هفوات، وكان مناخه إيجابياً راقياً جليلاً يليق بالفكر والثقافة السوريين.

بعد هذا بدأت تنتشر على صفحات الانترنت ـ غير المسؤولة ـ شبه مقالات وكتابات لا تستند إلى أي شيء مثبت ولا حتى قصاصة ورق واحدة، تشيع أن راعي اجتماع الرابطة، شريك لأحد رموز الفساد في سوريا، رامي مخلوف، إضافة إلى الكثير من الإشاعات التي بدت و كأنها تريد معاقبة من يقوم بدعم الثورة المدنية السورية بكل أشكالها وتجلياتها، والحق أني لم ألتق يوماً برامي مخلوف، ولم أشاركه بأي شيء، ولم أعرف حتى شكله أو صورته إلا بعد اندلاع الثورة، حين بدأ يطلق تصريحات عن أمن إسرائيل وارتباطه بأمن النظام، ولم أكن يوماً ما شريكاً لأحد من أركان السلطة في سوريا، لا صغيرها ولا كبيرها، وحين زار بشار الأسد قبل سنوات دولة الامارات العربية المتحدة ودعا رجال الاعمال السوريين إلى الاستثمار في سوريا، لم يطلب مني شخصيا لقاء مخلوف، وقال إنه يريد أن أطبّق ما فعلته من نهضة معمارية وإنشائية وعقارية في دولة الإمارات العربية المتحدة، على الأرض السورية، ولم يستمر هذا العمل طويلاً فسرعان ما أرسل هو بنفسه ثلاثة من وزرائه (هلال الأطرش وزير الإدارة المحلية ـ وغسان لحّام وزير شؤون رئاسة الجمهورية ـ ونبيل عمران محافظ ريف دمشق) ليقفوا على رأس الورش التي قامت بهدم مشروعنا على المدخل الجنوبي لدمشق والذي افتتحناه تحت اسم (مجمّع كونكورد) وشركائي فيه هم الدكتور خالد المحاميد عضو مجلس رجال الأعمال السوريين، والأخ رمضان مشمش والأخ جمال الخطيب، فلا رامي مخلوف ولا غيره كان على مرمى بصرنا، وحين رأينا أن النظام يريد عرقلة مشاريعنا، تركنا تلك المشاريع وتابعنا أعمالنا في المغتربات، مع أن بشار الأسد أرسل يقول إنه لا علاقة له بما فعل الوزراء الثلاثة وأنه قام بإقالتهم بسبب مضايقتهم لنا في المشروع، وهو ما تأكدت من كذبه وعدم صحته.

بقي أن أقول إن من لديه أية إثباتات تؤكد او حتى تلمّح إلى تلك الشراكة المزعومة مع أحد من أزلام النظام فليقم بتقديمها، وبقي أيضاً أن أفسّر لكم ما يدفع بعض أولئك إلى شن تلك الحملة السخيفة والتي لا قيمة لها حقاً بحقي وحق المشروع الكبير الذي نعمل عليه، فقد عرض علينا ممن يؤيد او يدعم من يكتبون تلك المقالات، ممن يزعمون أنهم مناصرون لثورة الشعب السوري عبر العمل الإعلامي أو الدعم المالي، أن نضع يدنا بيد السيد برنار هنري ليفي، وأن نذهب إلى جيل من الشباب من الإسرائيليين، غير معنيين بالصراع مع العرب، وما يهمّهم هو فقط العلاقات الاقتصادية، ونحن رفضنا هذا رفضاً قاطعاً لا نقاش بعده، وقطعنا كل صلة مع أي طرف يروّج في الخفاء أو الجهر لهذا الاتجاه، سواء بعقد مؤتمرات في باريس أو بعقد اجتماعات سرية بين هذه العاصمة أو تلك، وحين يتطلب الأمر فإننا على استعداد لعرض وثائق وتسجيلات الجلسات التي تمت فيها تلك العروض ليرى السوريون ما تم عرضه علينا وليروا معه ردّنا الحازم عليه، فإيماننا أن الإسرائيليين ونظام بشار الأسد يقومان على القتل والتنكيل بالشعب السوري والفلسطيني بالآليات ذاتها، وبالأساليب ذاتها، وبالحقد ذاته، وحين اخترنا هذا الطريق لدعم الثورة السورية، عرفنا أننا سندفع أثماناً كبيرة، أقلها تشويه السمعة والإساءة والتشهير، وقد تصل إلى حدود أن يدفع المرء حياته ثمناً لموقفه.

أشكركم على فتح هذا الملف على صفحاتكم لتعود إلى السجالات الجادة بين الناس ضوابطُها بدلاً من استسهال إلقاء التهم وتشويه السمعة والتاريخ، مع العلم أنني كلفت المحامين برفع الدعاوى على المشهّرين باسمي ممن اعتمدوا على أباطيل لا سند لها ولا وثيقة وإنما قامت على شتائم وسخافات، وايضاً على من تابعهم في هذا الخط دون أن يتأكد من أصل ما يتحدث عنه.

يضاف الى ذلك ان النظام السوري قام بتاريخ 16/9/2012 بناء على المرسوم التشريعي رقم 63 بالحجز على أموالي المنقولة وغير المنقولة في سوريا، بتهمة ‘القيام بتمويل المجموعات الارهابية في القطر والتآمر على كيان الدولة وزعزعة استقرارها الداخلي والقيام بأعمال تستهدف اثارة الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي’، وقد وقع هذا القرار الدكتور محمد جليلاتي وزير المالية في 24 ايلول 2012.

كل هذا لن يؤثر هذا على إصرارنا على عملنا وعزيمتنا على تمويل الكثير من النشاطات والحملات الإغاثية في الثورة السورية، ويمكن سؤال الدكتور برهان غليون، والاستاذ فاروق طيفور، والاستاذ جورج صبرا، والاستاذ رياض سيف، والدكتور نذير الحكيم، والهيئة العامة للثورة السورية، والمجالس المحلية والمجالس العسكرية ورابطة علماء الشام، والشيخ سارية الرفاعي، وقائد الجيش الوطني اللواء محمد الحاج علي والتنسيقيات، ومخيمات اللاجئين في تركيا والأردن، والجهات الرسمية العربية المعنية بالشأن السوري، وآخرين وآخرين… هل من يساندهم في دعم ثورة الشعب السوري هو حقاً رامي مخلوف؟!!!

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى