صفحات العالم

ردّ الفعل الفرنسي والأميركي على الراعي رسم خطوطاً حمراً


الموقف من النظام السوري تحدٍ آخر للحكومة

روزانا بومنصف

تخشى مصادر سياسية ان تكون ردود الفعل الفرنسية والاميركية على المواقف التي اطلقها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من باريس مؤشرا الى وجود محاذير اخرى امام الدولة اللبنانية والمراجع الرسمية. فحتى الآن تم ربط التعامل مع الحكومة، التي يشكل عمادها الاساسي “حزب الله”، على اساس موقفها من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. ويبدو من رد الفعل الاميركي والفرنسي ان الموضوع السوري يشكل محظورا آخر يتعين على الحكومة اللبنانية او رئيسها كما على رئيس الجمهورية الحذر في شأنه ليس من اجل عدم حصد ردود فعل محلية رافضة فحسب بل ايضا من اجل عدم المساهمة في عزل لبنان عن المجموعة الدولية والعربية. علما ان لبنان وإن كان يرأس مجلس الامن لهذا الشهر فانه لن يرأس اي جلسة تتصل باتخاذ قرار يفرض عقوبات على النظام السوري اذ ان هذا القرار ليس جاهزا او ناضجا بعد، اضافة الى ان اي قرار لن يحتاج الى لبنان كما الحال بالنسبة الى البيان الرئاسي لان لا حق له بالفيتو كما الدول الدائمة العضوية، وتصويت تسعة اعضاء يكون كافيا من دون وجود فيتو على القرار. وتقول مصادر غربية إن التفهم الذي تبديه الدول الصديقة للبنان في الموقف من سوريا كبير جدا لكن لا يعتقد ان هذا التفهم سيدوم او سيتم قبوله في ظل البحث عن اجماع دولي ضد سوريا، علما انها تلاحظ ان لبنان يساهم في تفرده على الصعيد العربي في عدم الاتاحة لحكومته الانفتاح الذي كانت تأمله هذه الحكومة حتى الآن من الدول العربية المعروفة بصداقتها التاريخية للبنان. لا بل على العكس من ذلك، فان مواقفه يمكن ان تستدرج استمرارا لعدم الانفتاح خصوصا ان احد الاسباب الرئيسة التي اطلقت شرارة الحذر ازاء الحكومة الحالية ما تعتبره هذه الدول اطاحة سوريا بواسطة حلفائها اللبنانيين الحكومة السابقة وتطيير وساطات عربية بذلت الدول المعنية بها جهودا كبيرة اجهضها النظام السوري.

ولا تتوقع هذه المصادر ان يهمل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي يبدأ زيارة لنيويورك يرجح ان يلتقي على هامشها مسؤولين كبارا، الموقف الدولي الصارم من النظام السوري وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يزور نيويورك ايضا. اذ ان رئيس الجمهورية الذي زار البطريرك الراعي في الديمان الاسبوع المنصرم لم يخف امام زواره فيما كان لا يزال سيد بكركي في العاصمة الفرنسية ان هذا الاخير لم يكن مضطرا للدخول في تفاصيل شرح مواقفه العلنية بالطريقة التي فعل مما ادى الى ردود فعل لا يجوز ان تحصل في ما خص مواقف بكركي وموقعها المعنوي. والامر نفسه ينسحب على الرئيس ميقاتي الذي زار ايضا البطريرك الراعي في الديمان وكان له موقف يتصل برد فعل على البعد الداخلي بكلام البطريرك لجهة دور الطائفة السنية في ما شكل ردا ديبلوماسيا على ما اطلقه الراعي من دون الموقف من النظام السوري. لكن زوار رئيس الحكومة نقلوا عنه ايضا موقفا مماثلا لموقف الرئيس سليمان من حيث اعتباره ان البطريرك الراعي لم يكن مضطرا للدخول في تفاصيل شرح مواقفه اعلاميا على النحو الذي قام به في باريس، الامر الذي اضطره لاحقا على المستوى الشخصي وامام طائفته الى الرد في موضوع السنة وعدم ضرورة الخوف منهم وفق ما أثاره البطريرك لجهة التخوف الذي ابداه من وصول الاخوان المسلمين الى الحكم في سوريا.

ولهذه الاسباب لا تعتقد هذه المصادر ان رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة يمكن ان يخاطرا باطلاق مواقف تتصل بالدفاع عن النظام السوري اقله علنا من دون ان يعني ذلك عدم امكان بحث المخاوف او الهواجس اللبنانية مع مسؤولين او ديبلوماسيين غربيين على هامش مشاركة كل منهما في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة وترؤس جلسات لمجلس الامن الدولي. علما ان رئيس الجمهورية قد وجه دعوة، وفق ما تكشف المصادر السياسية المطلعة، الى رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما من اجل حضور الجلسة التي سيرأسها في مجلس الامن تحت عنوان “الديبلوماسية الوقائية”، لكنه سبق ان عبر عن هواجس مماثلة لهواجس البطريرك في ما يتعلق بالخوف على المسيحيين امام مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان لدى زيارته لبنان في الشهر الثاني من انطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى