صفحات العالم

ما جنته روسيا والصين على الشعب السوري


محمد كريشان

طبعا لم يكن متوقعا من الصين وروسيا أن يقولا بعد أن صوتا ضد قرار مجلس الأمن الخاص بسوريا بأنهما أخطآ في ذلك. المتحدث باسم الخارجية الصينية رأى أن بلاده فيما فعلته في نيويورك إنما ‘كانت تدافع عن الحق’!!، فيما قال وزير الخارجية الروسي إن موسكو ما كان لها أن تصوت لفائدة القرار العربي الأوروبي لأنه ‘كان يعني انحيازا لطرف على حساب آخر في حرب أهلية’!!.

أما كان متوقعا، إلى جانب ترحيب دمشق بما جرى في نيويورك، فهو بالتأكيد استحسان طهران له فوزير الخارجية الإيراني اعتبر أن ‘القرار الروسي والصيني لا يتعلق بالملف السوري فقط، وإنما بالتعامل الدولي، لأن مجلس الأمن تحول إلى أداة غطرسة وتفرد للغرب ضد سائر الدول، وروسا والصن وقفتا هذه المرة أمامهم’. مثل هذا الموقف الإيراني لا يمكن أن يفهم في سياق التحالف الاستراتيجي بين البلدين فقط وإنما أيضا في ضوء ما رأته بعض التحليلات الأمريكية من أن الفيتو الروسي الصيني يخفي في ظلاله قرارات فيتو أخرى ضد أي جهود غربية ترمي إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران في مجلس الأمن مستقبلا.

المندوب السوري في الأمم المتحدة لم يجانب الصواب عندما تساءل عما إذا كانت واشنطن تشعر بنفس ‘ الاشمئزاز’ الذي عبرت عنه تجاه الفيتو الروسي الصيني عندما استعملت بلادها نفس الفيتو أكثر من ستين مرة لإجهاض قرارات تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. ما فات المندوب السوري أنه بهذه الرغبة في الإحراج إنما وضع النظام في دمشق في نفس منزلة تلك الدولة المارقة التي تضرب بعرض الحائط الشرعية الدولية لكنها تجد من يحميها. وكما كان الفيتو الأمريكي يحمي عربدة الاحتلال الإسرائيلي، هاهو الفيتو الروسي الصيني يحمي عربدة أسوأ هي من نظام ضد شعبه، وهو ما دعا رئيس المجلس الوطني السوري المعارض إلى وصف حكم الرئيس بشار الأسد بأنه ‘محتل’ ، وهنا قد تكتمل بالصدفة المقارنة.

ومن نكد الدهر أنه كما كنا نقول عن ‘الفيتوات’ الأمريكية طوال هذه السنوات بأنها إطلاق ليد الاحتلال الإسرائيلي لمزيد من الفتك بالفلسطينيين فإن الفيتو الروسي الصيني الأخير أطلق يد النظام السوري في مزيد من تبني ‘المطلب الشعبي’ الذي بدأ خيارا أمنيا وانتهى عسكريا ضد الشعب. المفارقة هنا أن هذا النظام، ومن والاه، لا يبارح ولا يمل في اعتبار نفسه قلعة مقاومة وممانعة في وجه من يشترك معه في التمتع بغطاء دولي من جهة ما لمارسات غير مبررة. هنا نستحضر الشاعر أحمد مطر حين قال عنه:

مقاومٌ بالثرثرة

ممانعٌ بالثرثرة

له لسانُ مُدَّعٍ..

(…)

لم يطلقِ النّار على العدوِ

لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ

صحا من نومهِ

وصاحَ في رجالهِ..

مؤامرة !

مؤامرة !

وأعلنَ الحربَ على الشَّعبِ

وكانَ ردُّهُ على الكلامِ..

مَجزرةْ

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى