صفحات العالم

الأميركيون نحو تواصل أكبر مع معارضي الداخل السوري


مجموعة الاتصال لتوريط روسيا في الحلّ ولا أوهام

    روزانا بومنصف

تكشف مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع عن ان الفكرة التي يعمل عليها المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان اي انعقاد مجموعة اتصال دولية تضم الدول الخمس الكبرى من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، اضافة الى بعض الدول الاقليمية العربية وغير العربية ودول الجوار السوري، اطلقها اجتماع مع انان عقد في 25 ايار الماضي في جنيف في حضور شخصيات سياسية معروفة من العالم العربي وفاعلة لدى العالم الغربي او على علاقة مع الامم المتحدة  ايام رئاسة انان للمنظمة الدولية. ومن بين هذه الشخصيات وزراء  وسفراء سابقون، اضافة الى خبراء في الشأن الاقليمي والسوري. وقد بحث اللقاء في السبل الآيلة الى ايجاد حل، للازمة السورية وكان مرتكزها ان هناك حاجة الى توريط روسيا في العمل من اجل ايجاد حل كما  توريط دول اخرى يمكن ان تضغط في الاتجاه نفسه ومن بينها ايران. وهناك بنود اخرى برزت في هذا اللقاء كان ابرزها عزم الولايات المتحدة على التواصل بشكل اكبر مع المعارضة الداخلية في سوريا وعدم اقتصار التواصل مع المعارضة السورية في الخارج، لئلا تتكرر التجربة نفسها التي حصلت مع الرهان على احمد الشلبي في العراق والتعاون معه من اجل اطاحة صدام حسين. اذ هي ترغب في ان تكون على صلة اكبر بما يجري في الداخل وما يقوم به الثوار والمعارضون هو الاساس في دينامية الازمة السورية.

ولا تعتبر هذه المصادر ان مجموعة الاتصال الجديدة في حال اجتماعها قد تلغي او تحل مكان مجموعة اصدقاء سوريا التي انعقدت أول مرة في تونس وتعتزم الاجتماع مطلع تموز المقبل في باريس، الاّ انها تندرج من ضمن محاولة انان اعطاء خطته الزخم اللازم ومن اجل ان يساهم الافرقاء المعنيون عملياً في الضغط على الافرقاء لوقف العنف والمساعدة للانتقال الى العملية السياسية. وبحسب هذه المصادر، فان لا أوهام لدى انان بأن النظام السوري يمكنه ان يستمر او ان يبقى، الاّ انه لا يستطيع الجهر بذلك كما لا يمكنه الانطلاق بالعملية على اساس القول للرئيس السوري ان عليه ان يرحل. وتواجه مجموعة الاتصال مجموعة تساؤلات تتصل بجملة امور من بينها في شكل خاص ما هو معروف من هذه التساؤلات حتى الآن وتتصل برفض الولايات المتحدة مشاركة ايران في هذه المجموعة. اذ تقول هذه المصادر ان الاميركيين يعترضون على وجود ايران اذا كانت ستستمر في دعم الرئيس بشار الاسد في حين ان الامر سيكون مختلفا اذا كانت ستضغط عليه من اجل رحيله، اضافة الى عدم الرغبة في اتاحة الفرصة لايران لتطرح ما تريده من دور في المنطقة، وفقا لما رغبت فيه في مناقشة ملفها النووي. وما هو غير معروف يتصل بما اذا كان هناك احتمال لنجاح هذه المجموعة في حال اجتماعها في الخروج بجديد ام لا. اذ ان الموقف الروسي حتى الان لا يسمح بالرهان على نضوجه باعتبار ان هناك تحوّلا حصل، لكنه ليس بالتحول الكافي في عملية تبدوانها تسير ببطء شديد وفق الوتيرة التي يحددها الروس. ولم يطرأ جديد يذكر بين اللقاء الذي عقده الرئيسان الاميركي باراك اوباما وفلاديمير بوتين في لوس كابوس في المكسيك في اوائل الاسبوع الماضي في 18 من الجاري من دون ان يؤدي الى نتيجة تذكر على الصعيد السوري. ولذلك فان اجتماعا جديدا لدول مجلس الامن الدائمة العضوية اضافة الى بعض الدول الاقليمية والعربية المؤثرة سيعطي صورة اخرى عن عدم التوافق الدولي، وتالياً العجز الدولي في ايجاد آلية لوقف العنف مما سيترك انطباعات سلبية على هذه الدول اكثر مما يتركه واقع عجز مجلس الامن عن وقف ما يحصل في سوريا او يؤكده باقل الاحتمالات.

الاّ ان هذه المصادر تشير ايضاً الى استحقاق وصول خطة انان الى خواتيم مهلتها في منتصف تموز المقبل بحيث يتعين توفر عناصر التجديد او التمديد لها. وهو عنصر ضاغط على الافرقاء المعنيين، اذ انها وعلى رغم عدم نجاحها في تنفيذ اي بند من بنودها ولا سيما منها وقف النار، فإنها لا تزال الوحيدة المتاحة في غياب البديل الذي يسمح بالاستغناء عنها، علما ان انان نفسه لا يعتقد ان الخطة يمكن ان تنفذ وفقاً لما تقول هذه المصادر، الاّ انه يكسب بعض الوقت او يشتريه حتى نضوج المواقف والتوصل الى تسوية. وسيكون صعباً على كل الدول المعنية الذهاب مجدداً الى مجلس الامن والتمديد لمهمة انان وقت نعاها عدد كبير من الدول الغربية  او في حين انها وصلت الى حائط مسدود مع تعليق المراقبين عملهم وعدم توافر العناصر التي تسمح لهم باستئنافها. علماً انه بين اقرار خطة انان قبل بضعة اشهر والتمديد لها طرأت مجموعة متغيرات على الارض مؤثرة، وينبغي ان تؤخذ في الاعتبار.

واياً تكن الخطوة التالية على هذا الصعيد اي توافر القدرة على تأمين لقاء لما يسمى مجموعة الاتصال حول سوريا التي يعمل على توفير عناصرها في المدة الفاصلة عن اواخر الشهر الجاري ام عدم توافر هذه القدرة،  فان الامور، وما لم يطرأ ما يبدلها على نحو جذري، تراوح من ضمن المعطيات التي لا تزال قائمة منذ بضعة اشهر، وان اكتسبت تأكيداً اكبر مع فداحة ما يحصل في سوريا يوميا. وهذه المعطيات هي وفق ما تؤكدها هذه المصادر:   ان لا حل في الافق المنظور حتى الآن على رغم وفرة الافكار في هذا الاطار، عدم امكان بقاء الرئيس السوري في اي شكل من الاشكال في اي صيغة مستقبلية لسوريا على رغم ان مهلة استمراره غير واضحة اطلاقاً، وما اذا كانت ستستغرق اشهرا عدة حتى نهاية السنة او اكثر بقليل على رغم ان هناك عجزا عن ايجاد شخصية علوية بارزة من ضمن النظام يمكن ان تمثله في اي حكومة مستقبلية، واحتمال  قبول اي نظام جديد تسوية سياسية تسمح برحيله من دون محاكمته  تغدو ضعيفة اكثر فاكثر.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى