بدرالدين حسن قربيصفحات سورية

فتشوا عن النظام السوري


بدرالدين حسن قربي

قد يكون من المبالغة الإشارة إلى البحث عن وجود النظام السوري وراء الكثير من عمليات القتل والإرهاب النوعية محلياً وإقليمياً وعربياً ودولياً وخصوصاً منها السياسية، وإنما بالتأكيد سيجد من يتابع ويبحبش، ولاسيما لمن يمتلكون الأدوات، أنه على علاقة بمعظمها بطريقة ما، وبشكل خاصٍ منها العمليات ذات الحرفية العالية أو النظيفة كما تسمّى أحياناً، مما معناه صعوبة الوصول من الجريمة المشهودة إلى حقائقها وخفاياها في وجهها المظلم، بل ويبعدنا حتى عن أن يكون مكان شك. يُمكّن النظامَ من أداء هذه العمليات أجهزةٌ أمنية متغوّلة ومتوحشة، ومخبرون أمنيون، وشبكات من رجال مالٍ وأعمال، وشركات ومكاتب تغطي الأعمال والمهمات والعمليات، تتعدد جنسياتهم بتعدد حلفائه ومحازيبه، بعضهم يعرف الدور القميء المطلوب منه ومعظمهم من حسني النوايا والمخدوعين بما يقال لهم عن المقاومة والممانعة للمشاريع الصهيو أمريكية. وعليه، فإنه فلا يوجد مكان في العالم خلواً من متابعاته وعملياته وآثامه.

مرات عدة، وفي مناسبات مختلفة، كرّر النظام السوري على لسان رئيسه تهديداتٍ بإشعال المنطقة، وأن الاقتراب منه يعني الدمار والفوضى وشيوع الإرهاب والأرض المحروقة. منها ماكان في أجواء الضجة الدولية والتصريحات مابعد مقتل الحريري، وبعضها ماكان في أيار/مايو الماضي فيما قاله ابن الخال رامي مخلوف إلى صحيفة نيويورك تايمز بأنه لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، لا تدعونا نعاني، لا تضعوا المزيد من الضغوط على الرئيس، لا تدفعوا سوريا للقيام بأي شيء لا تريد القيام به، يجب أن يعلموا أننا حين نعاني لن نعاني وحدنا، ثم ما تمّ تسريبه في نفس الأسبوع إلى الواشنطن بوست عبر مراسلتها في بيروت ليز سلاي قولها: سوريا كالبنك الدولي أكبر من أن يُسمح بسقوطها، فسقوطها يعني سيناريو يوم القيامة، وهو نفس الكلام الذي أعاده أحد شبيحة التحليل السياسي من دمشق إلى فضائية العربية في ذات الأسبوع، ومنها أيضاً ماسبق هذا التاريخ من رسائل (مسجات) إلى الهواتف النقالة (عبر سيرياتل) المملوكة لابن الخال في 3 و4 شباط/فبراير الماضي، أبان الدعوة إلى يوم الغضب السوري للتظاهر في الخامس من الشهر نفسه حيث كانت رسالتهم التهديدية الواضحة: الناس تحرق نفسها للخلاص من رئيسها، وإنما نحن (الشبيحة) في سوريا نحرق العالم ليبقى رئيسنا. وهي بالمناسبة، رسالة كاتبها وموزعها النظام نفسه.

فإذا عرفنا أن من عادة النظام كثرة الشعارات وقلة العمل والتطبيقات، اللهم إلا في مسألة الترويع والقتل وسفك الدماء والتهديد فما عرف عنه الكذب البتة، فإنه يفعل مايفعل من كبير الجرائم وفي غاية التكتم، وإن تكلم فهو يرمي بجريمته بريئاً، وأمر أبوعدس معروف. وعليه، فيصبح البحث عن النظام السوري أصابع وأدوات لمن يهمه الأمر مسألة مهمة ومطلوبة، فيما حصل من تفجيرات أخيرة في العراق كان ضحاياها بالمئات بل وماقبلها، وفي الهجوم الذي شنه حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا الأسبوع السابق ضد عناصر من الجيش، وأعمال الشغب التي اجتاحت عدداً من المدن البريطانية قبل عشرة أيام، وقبل ذلك العملية الإرهابية المروّعة التي راح ضحيتها أكثر من سبعين شخصاً في النرويج، والأهم منها جميعاً ضرب برجي مانهاتن في نيويورك في 11 سبتمبر 2001، وهو اليوم الموافق للذكرى السنوية لميلاد بشار الأسد، ومن ثم فلا نستغرب أبداً أن يكون هدية له في يوم ميلاده أو أن يكون له يد خفية فيما كان وبصورة ما. كما يصبح الحذر والانتباه من عمليات إرهابية في دول الخليج يحركها النظام على طريقته أمر مهم جداً ولاسيما مع اشتداد أزمته ومطالبته بالرحيل.

إن بلداً محكوماً بآليات شمولية، وتدار أموره بنظام العصابة والمافيات، وطرق التشبيح على كافة الأصعدة، ويمارس أنشطته في أنحاء الأرض الأربعة باعتبار رئيسه يساوي العالم الذي سيُحرق من أجله، ويرى فيه كذلك مجلس الشعب السوري ماعبر عنه أحدهم مخاطباً بشار الأسد نفسه بمقاطعته أثناء خطابه وقوله له: الوطن العربي قليل عليك، أنت لازم تحكم العالم. إن نظاماً يقتل وبكل دم بارد المئات والآلاف من شعبه ممن هم في قلبه من أهل الوطنية الصادقة والعروبة والأصيلة والنخوة والشهامة وعشرات الآلاف من غيرهم ويشرّد أضعاف أمثالهم كما كان القذافي الذي توعد بقتال شعبه الثائر إلى يوم القيامة بل أشد وأنكى. إن نظاماً اسمه النظام السوري ينبغي التفتيش عنه بعمق، وعن أياديه الخفية بحذر، والبحبشة عن ثعابينه النائمة وأفاعيه المتخفية بدقة عند كل كارثة إرهابية فلعله موجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى