صفحات مميزة

فخ حماه… وماذا بعدها؟


نور الحلبي

أثبت الشعب السوري خلال الخمسة أشهر الماضية وحتى الآن أنه معجزة الثورات العربية، إذ بقي ملتزما بمبدأ تلك الثورة اليتيمة (سلمية ولا طائفية ) في بلد متعدد الطوائف رغم القتل والتنكيل والتمثيل بالجثث والتفنن في تعذيب وقتل الأطفال بطرق تدخل مرتكبيها التاريخ الإجرامي من أوسع أبوابه، وكذا محاولات النظام إشعال فتن طائفية واستفزاز الشعب من خلال اقتحام حرماته وهتك أعراضه وكرامته ومقدساته بكل جرأة ووقاحة..

فرغم كل الجراح النازفة في الخارطة السورية والأسى الذي يعتصر قلوب السوريين من صمت إخوتهم العرب حافظ السوريون على سلمية تلك الثورة من أجل الخلاص من ميلشيات الدولة الأمنية التي عاثت في الجسد السوري فسادا منذ أربعين عاما، لكن.. ماذا بعد حماه اليوم، التي اعتبرها السوريون وبعض الدول المساندة للشعب خطا أحمر لما آسته في عام 1982 من مجزرة حافظ الأسد، إذ بعدما فشل النظام في إشعال الفتن الطائفية في محاولاته الأخيرة في حمص وبانياس، ومحاولته استفزاز مروءة أهل دير الزور لحمل السلاح من أجل نجدة شيخ أكبر القبائل فيها وهو شيخ قبيلة البكارة، وكذا محاولته استفزاز الشارع المسلم سابقا من خلال اقتحام حرمات المساجد وتدمير مآذنها وحرق المصاحف، وهتك الأعراض عن طريق اقتحام البيوت واغتصاب النساء، يحاول اليوم الخروج من أزمته عن طريق استفزاز الشعب بضرب حماه الخط الأحمر كما قال أردوغان وإعادة صور المجزرة فيها للشعب السوري تزامنا مع بداية شهر رمضان الذي توعدت المعارضة فيه بحراك لا يهدأ وبأنه سيكون حاسما، كل ذلك من أجل إخراج الثورة عن سلميتها وجرالشعب لحرب أهلية من أجل تخفيف وطأة الاحتجاجات في شهر رمضان، أولربما محاولة خلق فرصة للفرار من البلاد بعد إيقاع الشعب في تلك الحرب وقلبها إلى نار مستعرة، فهل يفلح النظام في إيقاع الشعب السوري في فخ حماه؟ أم ستكون حماه وقودا لتعاظم نار الثورة وسبيلا لخروج الفئة الصامتة عن صمتها وأداة لتحريك الضمير العربي والغربي، ودافعا لالتآم الجيش وتماسكه كقوة صادة لطغيان النظام كما صرح به بعض ضباط الجيش المنشق اليوم، وهل لتهديدات أردوغان للنظام بأن حماه خطا أحمر من معنى على أرض الواقع سياسيا أو عمليا، أم هي حملة للفوز بالانتخابات فقط كما وصفها محللون سياسيون، أم سيتكرر السيناريو الدموي المعتاد من وعود بالإصلاح تسبق جُمع الثورة المباركة وعمليات أمنية وعسكرية واعتقالات، وهذا المشهد هو ما عبر عنه الشعب السوري في جمعة ( صمتكم يقتلنا )، والخوف كل الخوف بأن هذا ما سيحصل إن بقي العالم متفرجا بعد ضرب حماه فذاك الصمت يعطي كرت الموافقة لذاك النظام اللا مسؤول بأخذ البلاد إلى مهاوي لا تحمد عقباها بحيث تصبح سوريا وصمة عار تاريخية في جبين العالم العربي والغربي.

كاتبة سورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى