صفحات الرأي

قراءة في أوراق الناطق – الاخواني – السوري


صلاح بدرالدين

في مقالة مطولة بعنوان – أوراق عن الحالة السورية – كتبها حديثا من القاهرة القيادي في جماعة الاخوان السورية والناطق الرسمي باسمها * يفصح فيها بخلاف السلوك الكتوم المتبع لدى الجماعة حتى قبل وقت قصير عن مايدور في خلدهم ومايخبؤون في سرهم من رغبة جامحة في تولي حاكمية بلدان المنطقة ومن بينها سوريا خاصة وأنهم يستشعرون بروز أقرانهم للوهلة الأولى مابعد اتمام المرحلة الأولى من الانتفاضتين الثوريتين في كل من مصر وتونس ومازالوا في ” نشوة الاعتراف الأمريكي الغربي بهم ” بحسب الكاتب والاعلامي المصري محمد حسنين هيكل وكما يظهر فان أوراق الناطق تحمل في طياتها النذر اليسير من الحقائق والشيء الكثير من الدعاوى والتمنيات يمكن القول أنها بمواضيعها المثارة وأرقامها وايماءاتها قراءة آيديولوجية اسلامية – سنية صرفة للنظام السياسي الحاكم ولتاريخ سوريا وجغرافيتها البشرية ومستقبلها مابعد ازالة الاستبداد توطئة في ذات الوقت لتطويع كل الأسباب في خدمة أحقية الاخوان قوميا ودينيا ومذهبيا بحسب نتائج حسابات أوراقه جمعا وطرحا لامتطاء صهوة جواد الخلافة في محاولة استباقية لقيادة البلاد .

جاء في أوراقه * بخلاف المعلومات والاحصائيات المغلوطة التي لاتستند الى أية مصادر عليمة صورة مفرطة في التطرف والمغالاة تجاه الحالة السورية الثورية وتناول النظام الحاكم من منطلقات مذهبية ضيقة بتجاهل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية ودون الاقتراب من طبيعته العنصرية الشريرة تجاه الشعوب والأقوام الوطنية ومخططاته الاقصائية ضد الكرد السوريين وجوهره المعادي للديموقراطية وحقوق الانسان واستغلاله ونهبه لخيرات الشعب السوري وبالخصوص الطبقات الدنيا وجمهور الفقراء فهو لايرى سوى المسألة الطائفية كمن ينظر بعين واحدة ويكاد أن يأخذ كل أبناء وبنات الطائفة العلوية الكريمة بجريرة النظام العائلي وتجريمهم وتهديدهم كما لايتوانى عن اتباع منهج التفسير الديني للتطور الوطني والثوري في سوريا وحصر الثورة في المسلمين وبخاصة السنة كما يستدل من أوراقه متنكرا بذلك ظلما وتجاوزا على حقيقة مساهمة كل الأطياف السورية من عرب وكرد وأشوريين وتركمان مسلمين ومسيحيين سنة وعلويين ودروز بشكل أو بآخر قليلا أو كثيرا في الانتفاضة الثورية الوطنية .

وتضمنت أوراقه قراءة شوفينية– عقائدية – اقصائية لواقع حال المكونات الوطنية السورية من قوميات وأثنيات وأديان ومذاهب ناكرا بصورة واضحة الطبيعة التعددية للمجتمع السوري طوال التاريخ منذ آلاف السنين وحتى الآن والهدف كما يبدو من أطروحات المنظر الأول للاخوان هو التحضير من الآن لنسف مااتفق عليه السورييون في معظم مؤتمراتهم ومجالسهم وحواراتهم في الداخل والخارج حول تماسك وتكاتف كل المكونات والعمل من أجل اعادة بناء الدولة السورية الديموقراطية التعددية الحديثة والسعي للترويج للبديل الأحادي قومية ودينا ومذهبا تماما كما هو طبيعة النظام القائم المستبد فهو ينفي فسيفسائية الشعب السوري وتنوعه وتعدده ويتهم الفضائيات باختلاق هذا الانطباع ويمضي في سبيل منح المصداقية لمزاعمه تسجيل أرقام احصائية من وحي خياله الشاعري الواسع باعتبار نسبة مسيحيي سوريا 5% معللا هذا النقص بتأثير الهجرة للغرب ليس طلبا لسعة العيش فحسب بل يتهمهم بالانصياع لأفكار الغرب متناسيا أن غالبية مهاجري سوريا ومنهم المسيحييون لم يقطعوا الصلة بوطنهم ماديا ومعنويا وعاطفيا ونضاليا أيضا ولاأدري وضع الاخوان المسلمين حيث 99% بحسب التقديرات متواجدون في الغرب بل في قلب الامبريالية منذ أكثر من أربعين عاما وبحسب الناطق يجب التشكيك بوجود وولاء هؤلاء كما يسترسل في الخداع ويمنح العلويين 10% والدروز 4% والاسماعيليين 1% ليخلص الى نتيجته المفضلة أن المسلمين السنة 85% والمسلمين عموما 95 ويتفضل مشكورا بالاعتراف بوجود ” أقليات عرقية ” من أكراد وتركمان وشركس يشكلون بمجملهم 10% وبنشوة المنتصر في منهجه الأصولي – الديني – المذهبي – الشوفيني يخرج بنتيجة باهرة قد تساعد مشروعه السلفي التكفيري السياسي : ” هذه هي الحقائق الديمغرافية عن سورية أو عن بلاد الشام العربية المسلمة التي يثور شبابها اليوم طلبا للحرية والعدل وانتصارا للدين والهوية.. هذه الثورة من جهد المعارضة وفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين التي حملت راية المعارضة وتزعمتها طوال ثلاثين عاما .. ورفضت التدخل الخارجي أو الاستعانة بالأجنبي .. وتلمس النصرة من ( تركية ) بحكم الجوار وحسن الظن ” .

قبل الرد على الناطق أود الاشارة الى أن الأرقام والأعداد لاتلعب الدور الأساسي في استحقاقات المكونات الوطنية في أي بلد وخاصة سوريا بل أن المبادىء والمواقف السياسية الديموقراطية هي المنطلق لقراءة أية ظاهرة اجتماعية سياسية وثقافية وبما يتعلق بحقائق الجغرافيا البشرية في بلادنا وبحسب المعطيات غير الرسمية والتقديرات الأقرب الى الصحة البعيدة عن المواقف المؤدلجة المسبقة فان النسب تتوزع بالشكل التالي : 15% أكراد 13% علوييون 14% مسيحييون 7% دروز 2% اسماعيلييون 4% تركمان 2% شركس وشيشان ومن بين المسيحيين هناك قوميات وأثنيات مثل الأرمن والآشوريين والكلدان والسريان والنتيجة أن 57% من السوريين اما ليسوا عربا أو ليسوا مسلمين سنة مما لاتوفر شروط اقامة امارة اسلامية – سنية صافية للسيد الناطق الاخواني .

أما عن أباطيل أن الاخوان السورييون يتزعمون المعارضة منذ ثلاثين عاما وحتى الآن واضافة الى تناقضه مع تصريحات المرشد العام أقول اذا كان الناطق أنكر علاقتهم بكل ماجرى في الثمانينات في بيانات عديدة لم يتبق من فعلهم المعارض سوى ماأعلنوه على الملأ عن ” تجميد ” معارضتهم منذ أعوام من أجل تحرير المسكينة غزة وكل سلوكهم في الجبهات والاعلانات والمؤتمرات والمجالس عبارة عن زيارات استكشافية موسمية حتى ظهور العامل التركي الذي يسعون لاستثماره لمصلحة أجندة غامضة تثير الشكوك من بينها المزايدة حتى على حكومة الحزب الاسلامي الحاكم في معاداة الكرد من جهة ومزاحمة التيارات الشوفينية في سوريا في تجاهل الكرد وقضيتهم والانتقاص من حقوقهم بل اثارة الفتن بين العرب والكرد بهذه المواقف المريبة للناطق أو لم يكن كلمة شيخهم ومرشدهم السيد البيانوني في ” مؤتمرالانقاذ ” عندما أعلن متحديا وبدون سبب عن عروبة سوريا باستانبول سببا في اشعال فتنة أدت الى انسحابات ومواجهات وكذلك تصريحاته الأخيرة على الفضائيات ؟ .

لقد حذرالبعض من الأصدقاء والحلفاء العرب السوريين في المعارضة من مغبة محاولات اثارة الفتنة والشقاق بين العرب والكرد وكما تدل الوقائع هناك خطط موضوعة بهذا الاتجاه من جماعات الاسلام السياسي وخاصة الاخوان المسلمين ومن تيارات وشخصيات قوموية شوفينية أخرى فبعد التصريح المسيء للسيد برهان غليون ( رغم اعتذاره الشكلي ) صدر بيان آخربنفس المعاني والتوجهات من ” التيار القومي العربي ” ( المعارض ) جاء في احدى فقراته : لقد لاحظ الموقعون على هذا البيان، أنّ معظم أدبيات وبيانات المعارضة السورية ، ولا سيما تلك التي صدرت بعد 15 ـ 3 ـ 2011 قد تجاهلت البعد العربي لسورية، وباتت تتكلم عنها كما لو كانت جزيرة معزولة عن محيطها العربي. !ن سورية جزء من الوطن العربي، و !ن شعبها جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ” .

نرى أن كل ما يجري الآن على ساحتنا عبارة عن صراع فكري – سياسي بدأه الاسلام السياسي والتيارات القوموية الاقصائية مبكرا لتلمس الخطوط العامة لبديل المستقبل بعد ازالة الاستبداد وفي الوقت الذي نؤكد فيه على ضرورة الالتزام بقواعد الحوار وأصول المعركة السياسية والفكرية والثقافية نرى بأن العمل على صياغة البرنامج السياسي للمعارضة الوطنية بات من أولويات الواجبات الوطنية وسنبقى كما كنا أوفياء لقضيتنا الوطنية السورية المشتركة ولشراكتنا وتلاحمنا ونضالنا الواحد مع أشقائنا السوريين بكل أطيافهم وتياراتهم أمام العدو المشترك : نظام الاستبداد .

•                    – زهير سالم – أوراق عن الحالة السورية- القاهرة 24 – 10 – 2011 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى