صفحات سوريةفايز ساره

لماذا استانة 2 قبل جنيف!/ فايز سارة

 

 

دعت وزارة الخارجية الكازخستانية في خطوة محسوبة نظام الأسد والمعارضة السورية الى عقد جولة جديدة من المفاوضات في استانة يومي 15-16 شباط الحالي تحت رعاية كل من روسيا وتركيا وايران لاجتماعات، يحضرها الأردن والموفد الدولي الى سوريا ستيفان ديميستورا من اجل “إيجاد تسوية للوضع في سوريا”، كما قال بيان الخارجية الكازخستانية.

وبغض النظر عن الهدف المعلن لاجتماعات استانة 2 والذي يبدو فضفاضاً، فان المهمة الأساسية للاجتماعات، لن تتجاوز التدقيق في محصلة الجهود التي بذلتها روسيا وتركيا في الفترة الأخيرة لمسار حل القضية السورية، ومدى توافق تلك الجهود مع موقف كل من ايران ونظام الأسد اللذين ابديا اعتراضات على ماجرى، وسعي الأردن الذي انضم مؤخراً الى فريق استانة للتدقيق في ما يجري باعتباره احد الأطراف المؤثرة في القضية السورية ولاسيما في جنوب سوريا، كما يمكن ان تكون التمايزات التركية – الروسية في الموقف من القضية السورية موضع تدقيق ايضاً، لان بين الطرفين خلافات واختلافات، مازالت قائمة رغم مساعيهما للعمل المشترك، وتوافقاتهما الظاهرة في الموضوع السوري.

حذر ايران ونظام الأسد من الجهود الروسية – التركية، هو مما يمكن ان تؤدي اليه من حل سياسي يتعارض مع رؤيتهما، وينال من طبيعة النظام وموقع ايران ومليشياتها في سوريا وخاصة ما يتعلق بمصير رأس النظام بشار الأسد ولو على المدى البعيد..بينما الحل بالنسبة اليهما لا يقوم الا على ترسيخ النظام والحفاظ على رأسه في السلطة، وإعادة تأهيله في السياسة الإقليمية والدولية من بوابة “الحرب على الإرهاب”، ويحفظ لإيران ومليشياتها وجودهم ودورهم السوري.

الأردن الذي حضر اجتماعات استانة السابقة، يؤكد رغبته في الانخراط أكثر في الحل السوري من خلال نقطتين، الأولى دفعه تشكيلات المعارضة المسلحة في الجنوب للمشاركة في وفد التشكيلات المسلحة، والثانية شروعه في نشاط عسكري مستقل في الحرب على “داعش” في الجنوب من خارج التحالف الدولي للحرب على الإرهاب في سوريا، لتأكيد مكانته ودوره في الحل الذي تنسجه الجهود الروسية – التركية قبل الذهاب الى جنيف المقبل.

اما النقطة الثالثة، والأكثر حساسية، التي سيجري التدقيق فيها في استانة، فهي التمايزات الروسية – التركية، ومنها ان روسيا اقرب الى حل يتوافق مع مطالب نظام الأسد وايران، فيما تركيا اقرب الى حل يلبي طموحات المعارضة ويتوافق مع مصلحة السعودية وقطر حلفاء تركيا الإقليميين، ومنها ايضا رغبة روسيا في ضم اصدقائها من “المعارضة” وبينهم منصة حميميم وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (BYD)، فيما ترى تركيا، ان الأخير امتداد لمنظمة إرهابية، تهدد امنها القومي، ولاينبغي ان يكون له دور، ولا حتى وجود في سوريا، وهي ترغب في ان يضم الوفد التفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات، وتفضل ان تكون الهيئة على رأس الوفد وان تقوم بتشكيله بخلاف الموقف الروسي الراغب في استبعاد الهيئة وتهميش دورها.

واذا كانت اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضات، قد بحثت موضوع وفد المعارضة الى جنيف في الرياض في اليوميين الماضيين، ورسمت ملامح الوفد، فان هذه الملامح ستظل معرضة للتدقيق والتعديل لسببين أولهما، توفير اعلى درجات التوافق بين اطراف المعارضة باتجاهاتها المختلفة، والثاني ضمان اعلى تفاعل إقليمي ودولي مع مشروع الحل السياسي للقضية السورية، وكلاهما عنصر ضروري للمضي على هذا الطريق.

غير ان الأهم مما سبق، توفر إرادة واستعداد للعمل من قبل الأطراف جميعاً للمضي باتجاه حل، يضع حداً لمعاناة السوريين، ووقف تداعيات الوضع إقليميا ودولياً ولاسيما في موضوعات ابرزها الإرهاب والتطرف والهجرة واللجوء، وهذه جميعاً لايمكن ان تتحقق دون تثبيت وقف اطلاق النار عام، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة والسماح بتدفق المساعدات الإنساني دون قيد او شرط، والبدء في اطلاق المعتقلين والمحتجزين، بالتزامن مع البحث في أوضاع المفقودين، إضافة الى وضع سوريا على قاعدة تغيير عميق في النظام السياسي، يقود الى نظام ديمقراطي، يوفر الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين.

ان استانة2 الذي سيعقد في خلال الأيام القادمة مستبقاً مؤتمر جنيف في جولته الرابعة يوم العشرين من شباط(فبراير) سوف يرسم بصورة أساسية، ملامح جنيف المقبل، ويوضح النتائج المرتقبة للمؤتمر، وحجم كل واحد من الأطراف المشاركة فيها والمهتمة بنتائجه.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى