صفحات العالم

مشروع الاتفاق النووي ألاميركي مع إيران – مجموعة مقالات-

 

 

 

 

أولويات سلمان: ترميم الأحلاف لوقف التمدد الإيراني

مركز الجزيرة للدراسات

ملخص

مباشرة بعد إعلان رحيل الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، توالت القرارات التي طالت مواقع رئيسية في بنية النظام السياسي؛ وبدا وكأن الملك سلمان يعيد تشكيل السلطة بالكامل. وكان طبيعيًّا أن تثار أسئلة عديدة حول ما إن كان التغيير الكبير في بنية الحكم والدولة سيواكبه تغيير مواز في سياسات المملكة الخارجية.

إن كان ثمة حدث قرع أجراس الخطر في السعودية خلال الشهور القليلة الماضية فليس ثمة شك في أنه اليمن، وسيطرة الحوثيين على معظم الشمال اليمني، وفتحهم أبواب البلاد على مصراعيها للنفوذ الإيراني.

لا يجب أن يكون ثمة شك في أن سُلَّم الأولويات السعودية أخذ في التغيير، ولكن من الضروري تجنب الذهاب بعيدًا في توقع أثر هذا التغيير على الملفات والسياسات التفصيلية العربية والإقليمية..

مقدمة

أُعلنت وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز في وقت متأخر من مساء 22 يناير/كانون الثاني الماضي 2015، وأُعلن مباشرة في الرياض عن بيعة ولي العهد، الأمير سلمان بن عبد العزيز، ملكًا جديدًا على المملكة العربية السعودية. خلال ساعات، وفي صباح اليوم التالي، الجمعة، 23 يناير/كانون الثاني، وبالرغم من أن اليوم هو العطلة الأسبوعية الرسمية للمملكة، أعلن مذيع محطة التلفاز الحكومية 34 مرسومًا ملكيًّا وقرارًا وزاريًّا، تضمنت ما وُصف حينها بالانقلاب الكامل في بنية الحكم السعودية. تضمنت القرارات، والتي لابد أنها كانت قد أُعدَّت خلال الأيام القليلة السابقة، منذ تأكد تدهور صحة الملك الراحل، تعيين الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية، وليًّا لولي العهد، والأمير محمد بن سلمان، وزيرًا للدفاع ورئيسًا للبلاط الملكي، إضافة إلى تغييرات واسعة في عضوية مجلس الوزراء، وفي إدارة إمارات البلاد.

ولكن التغيير الأبرز الذي أُعلن عنه كان حلَّ المجالس المتخصصة، التي أُنشئت في العهد السابق، وأصبحت بمثابة مجلس وزراء مواز، وإنشاء مجلسين رئيسيين لرسم السياسات الاستراتيجية والإشراف على تنفيذها، هما: مجلس السياسة والأمن، الذي يرأسه محمد بن نايف، ويضم وزراء الشؤون الأمنية والعسكرية والخارجية ورئيس المخابرات؛ ومجلس الاقتصاد والتنمية، الذي يرأسه محمد بن سلمان، ويضم كافة الوزراء الآخرين. ما فُهم من هذا القرار أن هذين المجلسين سيلعبان دورًا رئيسًا، تحت إشراف، وبتوجيه من الملك، في إدارة شؤون الحكم في المرحلة المقبلة.

خلال الأسابيع القليلة التالية، توالت القرارات التي طالت الصف الثاني من مواقع ورجال الحكم؛ وبدا وكأن الملك سلمان تشكيل السلطة بالكامل. وكان طبيعيًّا أن تثار أسئلة عديدة حول ما إن كان التغيير الكبير في بنية الحكم والدولة سيواكبه تغيير مواز في سياسات المملكة الخارجية. إن كان الملك سلمان غيَّر معظم رجال الإدارة السابقة، فهل سيتخلص أيضًا من سياسات الإدارة السابقة الخارجية؟ ما أثار هذه الأسئلة كان عددًا من الخطوات غير المسبوقة، وغير المعهودة في تقاليد سياسة المملكة الخارجية، التي اتخذتها إدارة الملك الراحل، سيما في حقل السياسة العربية. هذه قراءة أولية لتحولات السياسة الخارجية في عهد الملك سلمان، ومحاولة لاستطلاع الملامح الرئيسة لهذه السياسة.

الثقل المضاعف لموقع المملكة ودورها الإقليمي

وُلدت المملكة العربية السعودية رسميًّا في سبتمبر/أيلول 1932، بالرغم من أن معظم بلادها كانت قد أصبحت تحت سيطرة الرياض وحكم الملك عبد العزيز آل سعود قبل ذلك. وليس ثمة شك في أن المملكة الوليدة لعبت من البداية دورًا رئيسًا في محيطها العربي، حتى قبل اكتشاف النفط وتوفر الفائض المالي لحكامها. وظلَّت المملكة منذ استقلال الدول العربية، إلى جانب مصر والعراق وسوريا، في المشرق، والجزائر والمغرب، في المغرب، تعتبر من دول الثقل والقرار العربيين، سواء في فترات التفاهم والتضامن بين الدول العربية، أو فترات الانقسام والمحاور المتصارعة. خلال السنوات الأربعة الماضية، وبعد اندلاع الثورات العربية، تضاعف تأثير المملكة ودورها، وذلك بفعل ما تسببت به حركة الثورة العربية من الاضطراب الداخلي الهائل في سوريا واليمن والعراق، والتراجع المتفاقم في دور مصر وقدرتها على الفعل.

وظَّفت إدارة الملك عبد الله هذا التأثير المتزايد للمملكة بصورة جديدة مختلفة كليًّا عن الطريقة التي أدارت بها المملكة سياستها العربية في السابق. اتسمت السياسات السعودية العربية خلال معظم تاريخ المملكة، بخلاف فترة قصيرة من عهد الملك فيصل، بقدر كبير من البراغماتية، والحرص على عدم التدخل في خيارات الشعوب العربية، والعمل من أجل الحفاظ على استقرار الدول العربية وتضامنها، ودعم الحقوق الفلسطينية. ولكن إدارة الملك الراحل ابتعدت عن هذه البراغماتية خاصة في التعامل مع ملف الإخوان المسلمين، سيما بعد أن أفسحت الثورات العربية لصعود ملموس لقوى التيار الإسلامي السياسي. أظهرت المملكة، رغم تعاملها ببراغماتية مع الثورة الليبية واليمنية والسورية، خشية لا تَخفى من مسارات التحول الديمقراطي في المجال العربي عمومًا، فاختطَّت سياسة مناهضة للثورة والإخوان المسلمين في مصر.

التزمت إدارة الملك الراحل موقفًا داعمًا لقوى الثورة العربية المضادة مناهضًا لصعود الإسلاميين لسدة الحكم في مصر، وإن استند إلى أصوات الناخبين، بل ولأنه استند إلى أصوات الناخبين؛ وكان غريبًا على التقاليد السعودية أن تتخذ الرياض موقفًا مؤيدًا لنظام انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 في مصر، بالرغم من الانقسام الواضح في مصر، وللإجراءات الدموية التي اتخذها النظام لفض الاعتصامات في ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس/آب 2013. وحتى في الساحة السورية، تجنبت السعودية تقديم أي دعم ملموس لجماعات الثوار السوريين ذات التوجه الإسلامي. وصل الموقف المناهض للإسلاميين ذروته بإعلان الإخوان المسلمين، الذين تمتعوا دائمًا بعلاقات دافئة مع المملكة، إلى جانب قوى وجماعات أخرى، تنظيمًا إرهابيًّا في القائمة السعودية المعلنة في 6 مارس/آذار 2014. وفي الآن نفسه، لم تعترض الرياض على مواقف حكومة رام الله ضد حركة حماس، وسياسة الحصار التي فرضها النظام المصري على قطاع غزة؛ فابتعدت عن تقليدها المعهود في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية.

أدى إعطاء المملكة الأولوية، بعد الانقلاب في مصر، لهدف مواجهة حركة الثورة والتغيير في المحيط العربي ومناهضة القوى الإسلامية السياسية إلى صناعة مناخ من التوتر والانقسام في مجلس التعاون الخليجي؛ وفقدان المملكة لحلفائها في التيار الإسلامي السياسي السُّني؛ فاستغلت إيران هذا الارتباك في السياسة السعودية ووسعت نفوذها بشكل غير مسبوق، ليس في سوريا ولبنان والعراق وحسب، بل وفي اليمن أيضًا؛ فاضطرت المملكة إلى تحمل أعباء مالية هائلة لدعم الأنظمة العربية الحليفة، سيما مصر؛ وإلى انتقادات في المملكة ذاتها لتلك السياسات التي وجد كثير من السعوديين أنها ابتعدت عن تقاليد بلادهم وميراثها. ولكن، ومنذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، بدا وكأن التوجهات الإقليمية والعربية للإدارة الجديدة ستختلف بصورة ملموسة عن توجهات إدارة الملك الراحل.

مؤشرات جديد في السياسة الخارجية

كان أول المؤشرات على توجهات إدارة الملك سلمان قيام ولي ولي عهده ورئيس مجلس الأمن والسياسة، وزير الداخلية، محمد بن نايف، بزيارة الدوحة (11 فبراير/شباط 2015)، في أول خطوة له خارج البلاد منذ توليه مسؤولياته. اتسمت علاقات الدوحة مع الرياض في السنوات القليلة الماضية بقدر من التوتر، خصوصًا حول الموقف من نظام الانقلاب في مصر، ومارست الرياض ضغوطًا متزايدة من أجل أن تدفع الدوحة لتتغير رؤيتها للنظام المصري. ولذا، فقد اعتُبرت زيارة ابن نايف مؤشرًا على إعطاء إدارة الملك سلمان الأولوية لتعزيز التضامن الخليجي، بغضِّ النظر عن الخلافات حول الموقف من مسائل عربية أخرى، وعلى أن دعم النظام المصري لم يعد يحتل موقعًا متقدمًا في أولويات الرياض. في الأيام القليلة التالية، استقبلت الرياض الزعماء الخليجيين أو ممثلين لهم، بداية من أمير الكويت في 15 فبراير/شباط. وكان لافتًا أن الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، تلقى استقبالًا مميزًا، وقضى يومًا حافلًا باللقاءات الرسمية وغير الرسمية، عند وصوله للرياض في 17 فبراير/شباط.

بعد الزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ تميم للرياض بيومين، 19 فبراير/ شباط، أصدر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، من مقر الأمانة العامة في الرياض، بيانًا شديد اللهجة، في الرد على الاتهامات التي وجهها دبلوماسي مصري لقطر بدعم الإرهاب. وبالنظر للدور المرجعي الذي تقوم به الرياض لأمانة المجلس، قدَّر كثيرون أن بيان الزيَّاني ما كان ليصدر لولا موافقة السعودية. في وقت متأخر من مساء اليوم نفسه، نشر الزياني بيانًا آخر، أكد فيه على علاقات المجلس الوثيقة بمصر، بدون أن يشير إلى البيان السابق، ويُعتقد أن البيان الثاني صدر لاحتواء ردود الفعل الإماراتية الغاضبة على البيان الأول.

منذ بداية الشهر التالي، مارس/آذار، بدأ العاهل السعودي في استقبال مسؤولين عرب ومسلمين آخرين، كان واضحًا أن دافعهم الرئيس لم يكن التعرف على الملك الجديد وتهنئته وحسب، بل والتعرف على توجهات المملكة السياسية تحت قيادته. قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة سريعة للرياض في 2 مارس/آذار، صدر عنها بيان منفرد من الجانب المصري، أشار إلى أن الجانبين بحثا العلاقات المشتركة ودعوة السيسي لتشكيل قوة تدخل عسكرية عربية مشتركة. ولكن لا الجانب السعودي أصدر بيانًا مقابلًا حول الزيارة، ولا البيان المصري تكفل بتوضيح ما إن كان مقترح قوة التدخل المشتركة قد وجد تأييدًا من السعوديين.

في اليوم التالي، 3 مارس/آذار، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارة رسمية للرياض، بعد أن كان قد قضى اليومين السابقين في تأدية العمرة وزيارة المدينة المنورة. عقد الطرفان: السعودي والتركي جلستي مباحثات مطولة، اقتصرت الثانية منهما على عدد محدود من المسؤولين. وقد شارك في المباحثات، إلى جانب الملك سلمان، كل من محمد بن نايف ومحمد بن سلمان. ما رشح من المباحثات أن اللقاء شهد اتفاقًا كاملًا بين الطرفين حول سوريا واليمن، وحول مخاطر التوسع الإيراني الحثيث على أمن واستقرار المنطقة. كما اتفق الطرفان على استطلاع إمكانية تشكيل مجلس استراتيجي لتطوير العلاقات الثنائية، شبيه بالمجلس الاستراتيجي المشترك بين تركيا وروسيا؛ ولكنهما اختلفا في تقدير الوضع المصري.

في موازاة هذه السلسلة من اللقاءات، نُشرت تقارير حول اتصالات جرت بين قيادة المملكة والسيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، التي هي ربما الأولى منذ سنوات، وحول اقتراب موعد زيارة مشعل للرياض. كما اتخذت الرياض موقفًا حازمًا من تطورات الوضع اليمني، مؤكدة على شرعية الرئيس هادي، وداعية لحوار يمني-يمني في الرياض. وهو الموقف الذي أيده لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وصاحبه نقل سفراء دول المجلس من صنعاء إلى عدن، التي أعلنها هادي عاصمة مؤقتة للبلاد. وأفادت تقارير بوجود دعم سعودي ملموس للقبائل اليمنية في محافظة مأرب الاستراتيجية، المعارضة للتوسع الحوثي. ولوَّحت الملكة على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل، في 23 آذار/مارس، إلى استعمال القوة إذا واصل الحوثيون الانقلاب على الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وسعوا إلى فرض سلطتهم بالقوة على باقي مناطق اليمن.

في 10 مارس/آذار، ألقى الملك سلمان خطابًا شاملًا، رسم فيه الخطوط الرئيسية لسياسة إدارته، وقد لوحظ أن معظم الكلمة خُصِّص للشأن الداخلي؛ حيث حرص الملك على توكيد التزامه بالثوابت التي قامت عليها المملكة، سيما الالتزام بالشريعة الإسلامية. أما في الشأن الخارجي، فقد عاد الملك في خطابه إلى اللغة السعودية التقليدية في التوكيد على الحقوق الفلسطينية والتزام المملكة دعم الشعب الفلسطيني؛ وأكد على ضرورة التضامن العربي والإسلامي.

وفي 13 مارس/آذار، وبالرغم من أن مراقبي الوضع المصري لاحظوا غياب الملك سلمان عن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، الذي كان قد نُظِّم أصلًا باقتراح من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، فقد مثَّل الأمير مقرن ابن عبد العزيز، ولي العهد، بلاده، معلنًا في كلمته أمام المؤتمر أن السعودية ستدعم الاقتصاد المصري بأربعة مليارات دولار، منها مليار واحد وديعة في البنك المركزي (أي: قرض بلا فوائد). ولكن مقرن لم يوضح في كلمته مدة هذه الوديعة، ولا أعطى أية تفاصيل محددة حول المليارات الثلاثة الأخرى، وما إن كانت ستُقدَّم بصورة مساعدات نفطية، أو منح، أو استثمارات، ولا حول المدة الزمنية التي سيتوفر فيها هذا الدعم. غياب الملك سلمان، والغموض الذي أحاط بطبيعة الدعم الموعود، أشارا بوضوح إلى أن حماس إدارة الملك سلمان لنظام 3 يوليو/تموز في مصر لا يرقى لحماس سلفه.

فإلى أين تتجه السياسة السعودية الخارجية فعلًا؟

محددات عامة لسياسة إدارة الملك سلمان الخارجية

إن كان ثمة حدث قرع أجراس الخطر في السعودية خلال الشهور القليلة الماضية فليس ثمة شك في أنه اليمن، وسيطرة الحوثيين على معظم الشمال اليمني، وفتحهم أبواب البلاد على مصراعيها للنفوذ الإيراني. ولا تغفل إدارة الملك سلمان، بالرغم من الخطوة التي اتخذتها الرياض لإعادة فتح السفارة السعودية في بغداد، أن إيران تكاد تسيطر على القرار العراقي، وأن النفوذ الإيراني تغلغل في مفاصل الدولة العراقية، تمامًا كما أن إيران أصبحت صاحبة اليد الطولى في سوريا ولبنان، سواء بصورة مباشرة أو عبر الحلفاء. ويقول عدد ممن التقوا الملك سلمان: إن الملك لا يتوقف عن الإشارة إلى التهديد الذي يمثله التوسع الإيراني الحثيث في الجوار العربي. وهنا يقع المتغير الرئيس في السياسة السعودية: أن أولوية المملكة باتت تتعلق بمواجهة مخاطر التوسع الإيراني.

تتطلب هذه الأولوية تعزيز العلاقات الخليجية-الخليجية، سيما في ظل غيبة الدول العربية الرئيسة عن ميزان القوى الراهن في المشرق؛ كما تتطلب رفع مستوى العلاقات مع تركيا وباكستان؛ إضافة إلى حشد أوسع للحلفاء الإقليميين، سواء على مستوى الدول أو مستوى القوى السياسية من غير الدول. ولكن من الضروري، ربما، تجنب المبالغة في حجم التغيير الذي سيُحدثه تغيير سُلَّم الأولويات السعودية في السياسات التفصيلية لكل ملف عربي وإقليمي على حدة.

لا توفر دول الخليج غطاءً سياسيًّا ضروريًّا للسياسة السعودية وحسب، بل هي أيضًا مصدر تأثير ونفوذ إضافي، سيما في دول الأزمات المتفجرة، مثل: اليمن وسوريا والعراق. وتلعب باكستان دورًا مهمًّا في منع التوسع الإيراني شرقًا، وربما في تطوير المقدَّرات السعودية النووية، إن وُلِدت الحاجة لمثل هذا التطوير؛ بينما يمكن لتركيا أن تلعب دورًا بالغ الأهمية في احتواء ومحاصرة النفوذ الإيراني في العراق، وفي دفع الأزمة السورية في الاتجاه الذي ترغب به الرياض، كما في توفير تأييد إقليمي وإسلامي للخطوات السعودية في اليمن. وليس ثمة شك في أن السعودية تحتاج تأييدًا شعبيًّا عربيًّا واسعًا لسياساتها في المرحلة المقبلة، وهو التأييد الذي لا يمكن أن يوفره تيار عربي كما يمكن للتيار الإسلامي أن يوفره. في بعض المناطق، كما في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، يمكن أن تساعد قوى التيار الإسلامي العام على إحداث تغيير ملموس في ميزان القوى، وفي إضعاف الجماعات الإسلامية المتطرفة ومنعها من التوسع. وهذا ما يعني، على الأرجح، أن الإدارة السعودية الجديدة ستتجاهل ذلك الجزء الخاص بالتيار الإسلامي الرئيس في قائمة الجماعات الإرهابية الذي صدر عن الرياض في 2014، وأنها ستفتح الأبواب لتعاون أوثق مع قوى مثل حماس والإخوان المسلمين في سوريا والإصلاح في اليمن.

من جهة أخرى، فإن الحرص السعودي على تعزيز الصف الخليجي والتقارب السعودي-القطري لا يعني بالضرورة أن العلاقات السعودية مع الإمارات ستنقلب رأسًا على عقب. الأرجح، أن الخصوصية التي اتسمت بها العلاقات السعودية-الإماراتية خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية وصلت إلى نهايتها، ولكن هذه النهاية لن تنقلب إلى خصومة أو توتر، كما أن عودة الدفء لعلاقات السعودية بقوى التيار الإسلامي السياسي السنِّي، سيما الإخوان، لا يعني أن الرياض ستتبنى مقاربة الإطاحة بالنظام المصري. ليس ثمة دوافع أيديولوجية لاستمرار سياسة مطاردة القوى الإسلامية السياسية السنِّية، ولا تنظر إدارة الملك سلمان إلى نظام السيسي في القاهرة باعتباره أولوية عربية، ولكن مثل هذا التغيير لن يتحول إلى موقف معاد للنظام المصري.

بصورة ما، لا يخفى على إدارة الملك سلمان أن الجيش كان دائمًا القوة الرئيسة في نظام حكم مصر، وأن السيسي ليس سوى ممثل للجيش، بمعنى أن شيئًا كبيرًا لم يتغير في مصر، على أية حال، وأن المهم الآن الحفاظ على ما تبقى من أمن مصر واستقرارها. ففي ظل اضطراب أوضاع عدد من الدول العربية وانزلاق بعضها إلى مناخ من الحرب الأهلية، سيجعل انهيار أمن واستقرار مصر من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، محاولة استعادة الاستقرار في المجال العربي. بكلمة أخرى، ما يحدد مقاربة الرياض للمسألة المصرية هو مستقبل مصر وليس مستقبل السيسي. إضافة إلى أن عملية التحول الديمقراطي ليست هدفًا محببًا لأركان الحكم في السعودية.

وبالرغم من أن العلاقات السعودية-الأميركية كانت دائمًا ذات صلة وثيقة بسياسات السعودية الإقليمية والعربية، فإن قدرًا من الغموض يحيط بهذه العلاقات اليوم. فمن ناحية، ثمة توقعات بأن مباحثات الملف النووي الإيراني في طريقها إلى التوصل لاتفاق، وأن مثل هذا الاتفاق سينعكس بالتأكيد على الموقف الأميركي من التوسع الإيراني الإقليمي. والحقيقة، أن أثر المباحثات على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بدأ بالفعل، ويمكن ملاحظته في التحالف غير المكتوب بين واشنطن وطهران في العراق، وحرص إدارة أوباما على عدم إغضاب الإيرانيين في سوريا واليمن. وتلاحظ الرياض، على أية حال، التراجع الكبير في الدور الأميركي في الشرق الأوسط منذ بداية عهد أوباما. تراجع الدور الأميركي، والمخاطر الكامنة في الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، تفرض على السعودية أن تصبح أقل اعتمادًا على الحليف الأميركي، وأن تتجه بصورة أكبر نحو بناء تحالف إقليمي فعَّال ونشِط.

من ناحية أخرى، ليس من السهل، بعد عقود من التحالف الخاص جدًّا أن تدير الرياض ظهرها لوعود العلاقة الخاصة مع واشنطن، كما أن بنية الدولة السعودية، العسكرية والأمنية، لم تقم أصلًا على أساس تعهد دور مستقل عن الحليف الأميركي. وربما تكون هذه واحدة من أكبر المعضلات التي تواجهها إدارة الملك سلمان، وسيلعب حلُّها دور المحدد الأهم لمستقبل العلاقات السعودية الإقليمية الأخرى وطبيعة هذه العلاقات.

في النهاية، وبكلمة أخرى، لا يجب أن يكون ثمة شك في أن سُلَّم الأولويات السعودية أخذ في التغيير، ولكن من الضروري تجنب الذهاب بعيدًا في توقع أثر هذا التغيير على الملفات والسياسات التفصيلية العربية والإقليمية. حتى القلق السعودي المتزايد من التوسع الإيراني لا يعني بالضرورة أن الرياض أسقطت نهائيًّا خيار التفاوض مع طهران. ثمة ملامح انقلاب في الخارطة السياسية الداخلية ونظام الحكم؛ أمَّا على صعيد السياسة الخارجية، فإن المتغيرات ستكون أقل ضجيجًا وأكثر حذرًا، وسيمر بعض الوقت، قبل أن تتضح الملامح الكاملة لهذه المتغيرات.

 

 

 

 

هل يستطيع الكونغرس منع اتفاق نووي أميركي مع إيران؟

وحدة تحليل السياسات

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذه الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقًا للقضية المطروحة للنقاش..

وجّه 47 عضوًا جمهوريًا في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى الحكومة الإيرانية يحذّرون فيها من أنّ أيّ اتفاق نووي مع إدارة الرئيس باراك أوباما قد لا يستمر بعد خروجه من الرئاسة. وورد في نص الرسالة التي صاغها السناتور الجمهوري توم كوتون، أنّ أيّ اتفاق لا يقرّه الكونغرس سيكون “اتفاقًا إجرائيًا” لا غير؛ بمعنى أنّه قرار تنفيذي وغير ملزم قانونًا الولايات المتحدة، وبإمكان الكونغرس أو أيّ رئيس مقبل أن يبطله[1]. وقد أثارت هذه الرسالة التي تعدّ تدخّلًا حزبيًا غير مألوف في السياسة الخارجية، نقاشًا بشأن مدى قدرة الكونغرس فعلًا، والذي يسيطر الجمهوريون على مجلسيه، النواب والشيوخ، على أن يفشل مساعي الإدارة الديمقراطية في التوصّل إلى اتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي. وبحسب خريطة طريق المفاوضات الجارية الآن مع إيران، فإنّه من المفترض أن يجري التوصل إلى اتفاق إطار قبل نهاية الشهر الجاري، وإلى اتفاق نهائي مع نهاية شهر حزيران / يونيو المقبل.

موقف الجمهوريين

يشكّك الجمهوريون، ومعهم بعض الديمقراطيين في الكونغرس، في جدوى أيّ اتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي. وتعدّ هذه الرسالة ثاني خطوة يقومون بها في بحر أسبوع واحد، لإفشال مساعي الإدارة في هذا الصدد؛ فقد جاءت بعد دعوتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مطلع شهر آذار / مارس الجاري، ليخاطب الكونغرس بشأن “مخاطر” الاتفاق مع إيران. ويتّفق الجمهوريون وبعض الديمقراطيين مع التخوفات التي طرحها نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس، وأهمّها، حديثه عن أنّ أيّ اتفاق سيتضمّن تنازلَيْن كبيرين لفائدة إيران، وهما: أولًا، ترك بنية نووية تحتية كبيرة جدًا لايران ما يؤهّلها إلى الوصول سريعًا إلى صنع قنبلة نووية حتى مع وجود إجراءات رقابة شديدة. ثانيًا، إنّ القيود التي تريد إدارة أوباما فرضها على البرنامج النووي الإيراني ستنتهي خلال عشر سنوات[2]. وهو فعلًا ما صرّح به أوباما.

وبحسب السيناتور كوتون، فإنّ الهدف من وراء تسطير الرسالة يتمثّل في توجيه إشارة واضحة إلى الزعماء الإيرانيين مفادها أنّه لا بدّ من أن يدلي الكونغرس برأيه في المفاوضات النووية معهم[3]. وبحسب الدستور الأميركي فإنّ أيّ معاهدة دولية لا تصبح نافذة إلا بعد تصديق مجلس الشيوخ عليها.

وبناءً على ذلك، يطالب الجمهوريون، وعددٌ من الديمقراطيين، بدورٍ أوسع للكونغرس في أيّ اتفاق مع إيران. ويرى زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أنّ الرسالة لم تكن “خطأً” ذلك أنّ إدارة أوباما على وشك إبرام “اتفاق سيء للغاية… مع أحد أسوأ الأنظمة في العالم بما سيسمح له باستمرار امتلاك بنية تحتية نووية”[4]. وأضاف أنّه إذا توصلت الإدارة إلى اتفاق مع إيران فإنّ مجلس الشيوخ سيصوّت على مشروع قانون يُلزم الإدارة بعرضه على المجلس. وهو الأمر الذي هدّد أوباما باستخدام الفيتو لإحباطه.

موقف الإدارة

ترى إدارة الرئيس أوباما أنّ الرسالة “غير مسبوقة”[5] في التقاليد السياسية الأميركية، وأنّها “مصمّمة لإضعاف الرئيس في خضمّ مفاوضات دولية حساسة”[6]، وتقوية موقف المتشددين في إيران[7]؛ إذ قد يكون لها “تأثير سلبي عميق” في المفاوضات، بما يمكّن طهران من إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في حال فشلها[8]. ويذهب مسؤولو الإدارة أبعد من ذلك بالقول “إنّ الرسالة تمثّل تدخلًا مباشرًا” في المفاوضات النووية بصورة تهدّد بتقويض قدرة أيّ رئيس أميركي في المستقبل، سواء أكان ديمقراطيًا أم جمهوريًا، للتفاوض مع الدول الأخرى نيابةً عن الولايات المتحدة. ويتمثّل الأهمّ في مقاربة الإدارة الأميركية في تأكيدها أنّ السلطة التنفيذية يحقّ لها أن تبرم “اتفاقات تنفيذية” دولية أو ما يسمّى “اتفاقات غير ملزمة”، دون عرضها على مجلس الشيوخ للتصديق عليها. ويؤكد وزير الخارجية جون كيري، أنّ الكونغرس لا يحقّ له تعديل أيّ “اتفاقية تنفيذية”، وإن كان يقرّ في الوقت ذاته أنّ عقد مثل هذه الاتفاقات يجعلها “غير ملزمة قانونًا”، وعليه، فإنّ من حقّ أيّ رئيس مقبل أن يبطلها[9].

وبحسب الناطقة باسم الخارجية الأميركية، جين باسكي، فإنّ الاتفاقية مع إيران، لو أبرمت، “سيكون لها طابع الترتيبات المتعارف عليها كما في العديد من مبادراتنا الدولية السابقة ذات الطابع الأمني.. (ومن ذلك) إطار المفاوضات مع روسيا لتدمير الأسلحة الكيماوية في سورية، ومبادرة الحدّ من انتشار السلاح النووي، ونظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ، والمبادرات غير الأمنية، مثل الإعلان المشترك الأخير بين الولايات المتحدة والصين بخصوص التغيرات المناخية”[10]. ويقول مسؤولون في الإدارة إنّ الهدف من عدم توقيع “اتفاق ملزم” قانونًا مع إيران في هذه المرحلة، وعرْضه على مجلس الشيوخ، يكمن في الحفاظ على أكبر قدرٍ من المرونة والقدرة على المناورة لإعادة فرض العقوبات على إيران إذا لم تلتزم تعهداتها. غير أنّ ثمة من المراقبين من يرى أنّ السبب الحقيقي لعدم عرض الاتفاقية على الكونغرس لتصبح ملزمة قانونيًا، إن أُقرّت، هو أنّ إدارة أوباما تريد تجنّب أيّ رقابة يمارسها الكونغرس.

لمن اليد العليا؟

من الناحيتين السياسية والقانونية، يد السلطة التنفيذية في إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي هي العليا. غير أنّ مجلس الشيوخ بإمكانه أيضًا أن يُصدر مشروع قانون يلزم الإدارة بعرض أيّ اتفاق مع إيران عليه، وهو مشروع موجود فعلًا. وفي هذه الحالة، يمكن للرئيس أن يعترض على ذلك وينقض المشروع عبر “الفيتو” الرئاسي. وهو ما هدّد البيت الأبيض بفعله. حينها سيحتاج الجمهوريون إلى 60 صوتًا لتجاوزه، والحال أنّ عدد أعضائهم في مجلس الشيوخ (54 عضوًا) لا يمكّنهم من فعل ذلك. إلا أنّ تأييد 11 عضوًا من الديمقراطيين لموقفهم سوف يجعلهم قادرين على تحدّي إدارة أوباما[11]. لكن الأمور تبدو مع ذلك أكثر تعقيدًا؛ إذ ثمّة تخوفات داخل الحزب الجمهوري من أن تسهم الرسالة التي وقّعها غالبية أعضاء الحزب في مجلس الشيوخ في إثارة الغضب بين الديمقراطيين، وتراجع بعضهم عن تأييد أيّ مشروع قانون يلزم الإدارة بعرض أيّ اتفاق مع إيران على المجلس للتصديق عليه، كما امتنع سبعة من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ عن توقيع الرسالة، وعلى رأسهم بوب كروكر. وتكمن أهمية كروكر في رئاسته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهي اللجنة التي ينبغي أن تقرّ أولًا مشروع قانونٍ كهذا قبل عرضه على المجلس، علمًا وأنّ كروكر هو من صاغ مشروع القانون الذي ينصّ على ضرورة أن تعرض إدارة أوباما أيّ اتفاق مع إيران على المجلس.

وقد أرسل رئيس طاقم موظفي البيت الأبيض، دينيس مكدونو، رسالةً إلى كروكر يناشده فيها عدم عرض مشروع القانون على التصويت إلا بعد الثلاثين من حزيران / يونيو 2015، وهو الموعد النهائي للتوصّل إلى اتفاق شامل مع إيران. ولكن كروكر يصرّ حتى الآن على عرض المشروع الذي ينصّ على إعطاء مجلس الشيوخ مهلة 60 يومًا للموافقة على أيّ اتفاق مع إيران في نيسان / أبريل المقبل، أو للاعتراض عليه؛ ما قد يسحب من يد الرئيس سلطة تعليق بعض العقوبات التي أقرّها الكونغرس على إيران[12]. وفي حين أنّ الكونغرس هو من يحقّ له إلغاء تلك العقوبات، بما أنّها أُقرّت بقوانين ملزمة، فإنّها تضمّنت أيضًا بنودًا تعطي للرئيس صلاحية تعليق بعضها بقرارات تنفيذية إن رأى مصلحة في ذلك. وفي حال صوّت مجلسَا الشيوخ والنواب على تشديد العقوبات على إيران، وتمكّنا من تجاوز عقبة “الفيتو” الرئاسي، فإنّ الرئيس سيفقد هامش المناورة مع إيران.

في مواجهة تحدّي الكونغرس، بدأت إدارة الرئيس أوباما تحرّكًا مع القوى الخمس الكبرى الأخرى التي تفاوض إيران بهدف الاتفاق على قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي برفع بعض عقوبات الأمم المتحدة عن إيران، إذا جرى التوصّل إلى اتفاق نووي معها. وهي خطوة قد يصعب معها على الكونغرس تعطيلُ أيّ اتفاق محتمل أو إلغاؤُه. وتقول وزارة الخارجية الأميركية إنّ أيّ رفعٍ للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة لن يكون له تأثير في العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة من جانبٍ واحد أو الحَدّ من قدرة واشنطن على اتخاذ إجراءات من جانبها ضدّ إيران في المستقبل.

خلاصة

سوف يكون بمقدور البيت الأبيض على الأرجح تمرير اتفاقية إطار مع إيران، على افتراض إبرامها قبل نهاية هذا الشهر، حتى لو حاول الكونغرس تعطيلها؛ فـ”الاتفاقيات التنفيذية” أو “غير الملزمة” هي من ضمن صلاحيات الرئيس. وستكون المشكلة في التصديق قانونيًا على “معاهدة” ملزمة لا يرضى عنها مجلس الشيوخ، وهذا أمر مستبعد. وسيكون بإمكان الرئيس أيضًا تعليق بعض العقوبات على إيران بقرار تنفيذي. لكن سيكون بإمكان الكونغرس أيضًا تشديد العقوبات القائمة أو فرض المزيد منها؛ وذلك إذا استطاع تجاوز “الفيتو” الرئاسي. غير أنّ الكونغرس لن يكون في مقدوره إفشال أيّ مسعى لتخفيف العقوبات الأممية والأوروبية على إيران. وهذا يعطي إدارة أوباما الأفضلية.

وحتى مع انتهاء رئاسة أوباما مطلع عام 2017، سيكون من الصعب إلغاء أيّ “اتفاق تنفيذي” مع إيران، إن أُبرم فعلًا؛ فالرئيس المقبل، إذا افترضنا جدلًا أنّه سيكون معارضًا الاتفاق، سيجد نفسه أمام حقائقَ جديدة على الأرض، وحلفاء قد يكونون غير راضين عن التراجع عن التزامات قد قُطعت قبلًا. أبْعد من ذلك، قد يكون في وسع الرئيس أو الكونغرس المقبلَيْن تشديد العقوبات الأميركية على إيران، ولكن لن يكون في وسعهما فرض عقوبات أممية جديدة دون توافق مع الحلفاء والخصوم في مجلس الأمن وخارجه على السواء.

[1] “An Open Letter to the Leaders of the Islamic Republic of Iran,” Bloomberg, March 9, 2015, at:

http://go.bloomberg.com/assets/content/uploads/sites/2/150309-Cotton-Open-Letter-to-Iranian-Leaders.pdf

[2] “Transcript of Netanyahu’s Speech to Congress,” The New York Times, March 3, 2015, at:

http://www.nytimes.com/2015/03/04/us/politics/transcript-of-netanyahus-remarks-to-congress.html?_r=1

[3] Reena Flores, “Sen. Tom Cotton has “no regrets at all” over GOP letter to Iran,” CBS News, March 15, 2015, at:

http://www.cbsnews.com/news/sen-tom-cotton-has-no-regrets-at-all-over-gop-letter-to-iran

[4] Jeremy Diamond, “Mitch McConnell rebukes Iran letter criticism,” CNN, March 15, 2015, at:

http://www.cnn.com/2015/03/15/politics/mitch-mcconnell-iran-letter-john-kerry/

[5] Fredreka Schouten, “Kerry: Iran letter ‘calculated’ to interfere with talks,” USA TODAY, March 15, 2015, at:

http://www.usatoday.com/story/news/politics/2015/03/15/john-kerry-iran-nuclear-negotiations-tom-cotton/24805947/

[6] Maggie Haberman , “Biden Condemns Republicans’ Letter to Iran on Nuclear Talks,” The New York Times, March 9, 2015, at: http://goo.gl/HQlTZh.

[7] “Remarks by President Obama and European Council President Donald Tusk before Bilateral Meeting,” The White House, Office of the Press Secretary, March 09, 2015, at: http://goo.gl/JWnFDE.

[8] Sam Stein & Jessica Schulberg, “White House Issues Saturday Night Iran Deal Warning To Senate,” The Huffington Post, March 14, 2015, at:

http://www.huffingtonpost.com/2015/03/14/white-house-iran-deal-_n_6870992.html

[9] Tim Mak, “Obama Administration Falls Into GOP’s Iran Letter Trap,” The Daily Beast, March 11, 2015, at: http://goo.gl/28Xl9J.

[10] Jen Psaki, “U.S. Department of State Daily Press Briefing,” The U.S. Department of State, March 12, 2015, at: http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2015/03/238840.htm#IRAN

[11] Burgess Everett, “Democrats prepared to buck White House on Iran nuclear deal,” Politico, March 15, 2015, at: http://goo.gl/Dj06lr.

[12] Stein & Schulberg.

 

 

 

دمار الهلال الخصيب؟/ راجح الخوري

من نصدّق، جون برينان الذي يحاول رسم صورة شبه متفائلة عن الوضع الاقليمي، أم نصدّق وليد جنبلاط الذي يرسم صورة كارثية عن المستقبل الدموي للمنطقة؟

بالطبع نصدق وليد جنبلاط الذي قال بعد لقائه فرنسوا هولاند: “لا انفراجات، انها حرب طويلة بين العرب، إنه انهيار الهلال الخصيب ودماره، أرى معاناة رهيبة لشعوب المنطقة العربية”. طبعاً ليست هذه خلاصة لقائه مع الرئيس الفرنسي، فالمشهد الاقليمي الكارثي من بيروت أكثر وضوحاً مما هو من باريس، وجنبلاط يعرف هذا جيداً.

لا حاجة الى التساؤل كيف ولماذا والى أين، يكفي التأمل في تفاصيل المشهدين السوري والعراقي وفي انزلاق اليمن الى حرب أهلية، ويكفي تذكّر ما يجري في ليبيا وتونس وما يحاول الإرهابيون زعزعته في مصر، لكي نرى بالعين المجردة ان الصوملة تعصف بالمنطقة كلها!

على أي أساس يتحدث مدير الاستخبارات الأميركية عن إضعاف “داعش” وانه فقد زخمه ولا يتقدم، في حين تتعثر الحملة على تكريت ويستمر الحديث عن الحاجة الى ثلاث سنوات لاستعادة الموصل، بينما الوضع في سوريا الى الأسوأ، خصوصاً ان تدريب المعارضة المعتدلة لم يبدأ وتدمير ما تبقى من البلد مستمر؟

دعونا من الصورة الظاهرة للمعارك والسياسات سواء في العراق أو في سوريا أو حتى في اليمن، وتعالوا نتأمل في أبعاد الكلام والوقائع. يتحدث برينان عن تحقيق تقدم ضد “داعش” في العراق بالتعاون مع العراقيين ويحمل على دور قاسم سليماني لكنه يقول: “على رغم ان اميركا وايران تقاتلان التنظيم إلاّ أنني لا أعتبر ايران دولة حليفة”.

برينان يتجاهل الوجه الآخر للصورة لأن قتال أميركا وإيران ضد الإرهابيين يترافق مع أعمال انتقامية وتعسفية في المناطق السنيّة، وقد حذّر المرجع الأعلى علي السيستاني من نتائجها الكارثية التي تخدم تنظيم “داعش” الذي يقول هذه حرب صليبية – شيعية ضد السنّة، لجلب المؤيدين الذين نُكِّل بهم كما فعل نوري المالكي!

ما لا يعتبره برينان تحالفاً أميركياً – إيرانياً يراه الكثيرون ممن يتابعون هرولة الإدارة الأميركية لتوقيع الاتفاق مع ايران، تحالفاً يُهمِّش تعاوناً تاريخياً مع دول الخليج السنّية بما يعمق المشاعر المذهبية المتأججة انطلاقاً مما جرى ويجري في العراق!

الصورة في سوريا تمثّل الوجه الآخر للمشهد العراقي لأن ايران و”حزب الله” هما من يقاتل الارهابيين ولولاهما لسقط النظام منذ زمن، وفي ظل تلميح جون كيري الى الاستعداد لمفاوضة الأسد بعد المذابح التي نفذها في حق الشعب، ليس مستغرباً ان يجد “داعش” مزيداً من الإرهابيين ينضمّون اليه على خلفية القول إنها ايضاً حرب صليبية – شيعية ضد السنّة في سوريا… والوضع في اليمن ليس مغايراً؟!

النهار

 

 

 

 

التأسيس لحروب مذهبية مستدامة/ خالد غزال

لم تعد خافية استهدافات المشروع الإيراني في المنطقة العربية، فتصريحات قادة إيرانيين تجهر بالسيطرة على أربعة عواصم عربية، فيما تذهب تصريحات أخرى إلى القول أن الإمبراطورية الإيرانية قد باتت حقيقة واقعة وعاصمتها بغداد. ويؤكد قادة في الحرس الثوري أن إرسال الجيوش الإيرانية بات نهجاً لتثبيت المواقع الجديدة. وإذا كانت الحروب التي تشارك فيها قوات إيرانية تتكبد خسائر بشرية، فإن الحرس الثوري مستعد لدفع عشرة آلاف قتيل من قواته التي يبلغ تعدادها مليوني مقاتل. بصرف النظر عما يحويه الكلام الإيراني من مبالغات، إلا أن الوقائع تظهر أن العرب أمام مشروع متكامل: قومياً وأيديولوجياً وطائفياً، ستكبر أخطاره كلما أوغل في التمدد.

الركيزة الأولى التي تقف خلف المشروع الإيراني هي استعادة القومية الفارسية التي تعود لقرون بعيدة، هذه القومية شهدت انتكاسات وهزائم على يد العرب في مراحل محددة من الصراعات العربية الإسلامية بعد انتشار الدعوة. يستعيد الإيرانيون اليوم حلمهم القديم بإعادة الإمبراطورية القومية الفارسية، واستحضار كل الرموز التي تؤجج الشعور القومي الفارسي. في هذا المجال، يستعير الملالي توجهات شاه إيران الذي وصل أواخر أيام حكمه إلى قناعات بسطوة فارس على جيرانها، وتنصيب إيران شرطي الخليج، فيما يسعى الملالي اليوم إلى جعل فارس شرطي المنطقة وبلطجيتها. لا يخفى ما يقدمه تأجيج الشعور القومي الفارسي من حماسة كبرى لدى القومية الفارسية في إيران، خصوصاً أنها مقترنة بتصورات عن منافع مادية وثروات ستجنيها إيران من هذا التمدد في بلدان المنطقة العربية. لعل إعلان بغداد عاصمة للإمبراطورية خير تعبير عن هذا التوجه.

الركيزة الثانية التي يستند إليها المشروع الإيراني هي استعادة الصراع المذهبي القائم على وجوب استعادة حق تاريخي سرق من الطائفة الشيعية عندما انتصر معاوية على علي بن أبي طالب منذ أربعة عشر قرناً. لا يقل التأجيج المذهبي أهمية في تكتيل القوى عن الشعور القومي. تسعى إيران إلى جعل كل الشيعة تحت عباءتها، بالتحريض والتمويل والتسليح، وعبرت عن ذلك بتنصيب الولي الفقيه الإيراني ولياً على المسلمين جميعاً، وليس على الشيعة فقط. ليس خافياً أن إيران نجحت إلى حد بعيد في نزع العنصر العروبي عن أقسام واسعة من الشيعة، وحصر انتمائهم بالمذهب. تتكرس مذهبة المنطقة وتشييعها اليوم من خلال قوى مرتبطة بإيران، وعبر تصفيات عنصرية وعرقية تقوم بها القوات الإيرانية نفسها ومعها القوى التي تقاتل تحت عباءتها، خصوصاً في العراق وسورية، حيث لا يختلف سلوك إيران وأتباعها عن سلوك «داعش» وأخواته لجهة القتل والتهجير والتنكيل.

يطرح المشروع الإيراني أسئلة مؤرقة على المواطن العربي، هل بات قدراً غير قابل للتعديل هذا التوجه الفارسي؟ من المفيد الإشارة إلى معوقات ستقف مستقبلاً في وجه هذا المشروع. أول المعوقات، أن فارسية المشروع ستصطدم بالشعور القومي العربي الراسخة جذوره. وعلى رغم أن المشروع القومي العربي يعاني اليوم من انتكاسات متعددة، إلا أن هذه الانتكاسات ليست أبدية. فسلوك المشروع الفارسي سيعجل في استعادة الوعي العربي، قد يعبر عنها بصراعات محلية في كل بلد عربي ضد الاحتلال الفارسي لأقطار تقع في قلب المشروع العروبي.

معوّق آخر سينتصب في وجه المشروع الإيراني هو ما سيخلفه التحريض المذهبي ضد المذاهب السنّية التي تشكل أكثرية في أعداد السكان. فالتأجيج والتصفيات المذهبية لن تبقى من دون أثر، بل على العكس إن المشروع الفارسي يؤسس لمئات «داعش» في المنطقة. وليس خافياً أن سوء الظن يحيط بمسلك إيران في ادعائها محاربة «داعش»، فالقوى الإيرانية بالتصفيات التي تقوم بها، تدرك جيداً أنها ستجابه بردود فعل مماثلة، وهذا هو المطلوب وفق الخطة الإيرانية، حيث تبرر لها تصرفات «داعش» البقاء في الأقطار العربية.

واهمة القيادة الإيرانية إذا اعتقدت أنها باتت مهيمنة من خلال بعض المواقع. ستشهد المنطقة حلقات متوالية من الحروب المذهبية التي ستكبر مثل كرة الثلج، ولن يؤثر فيها انهيار «داعش» في بعض مناطق العراق. فـ «داعش» وفكره يتغذيان يومياً من المشروع الفارسي ومسلك القوى التي تنتمي إليه.

في هذه المعمعة، يبدو الوضع العربي في حالة ضياع، تسبق وعيه الضربات الإيرانية البعيدة من الحسابات العقلانية. فهل هذا الوضع سيظل جامداً أم إن الاندفاعة الإيرانية ستصيبه بصدمة وعي تجعله يدرك أخطار ما يخطط للمنطقة ولشعوبها راهناً وفي المستقبل؟

* كاتب لبناني

 

 

 

 

هٓوسُ أوباما بالاتفاق الإيراني/ جويس كرم

منذ وصوله الى البيت الأبيض في 2009، بدأ الرئيس الاميركي باراك اوباما الدفع بقاطرة المصالحة والتطبيع مع ايران من باب الاتفاق النووي الذي يضع كل ثقله لابرام إطاره قبل نهاية الشهر الحالي، على رغم معارضة فرنسية قد تحبطه، وتصويت مرتقب في الكونغرس قد ينال من فرصه حتى بعد توقيعه.

هوس أوباما بالاتفاق رسم منعطفات استراتيجية عدة لإدارته في المنطقة. ففي عام انتخابه، تجاهل أوباما “الثورة الخضراء” في إيران، وكانت الرسالة الخطية الأولى منه الى المرشد خامنئي للتعبير عن النوايا الطيبة، والاقرار بدور طهران الحاضر والتاريخي، وتوظيفه في البحث عّن حل سلمي للبرنامج النووي. ولحق ذلك نهج أميركي حذرٌ يتجنب التصادم مع ايران إقليميا في مناطق نفوذها من العراق الى سورية الى لبنان.

وفي بغداد، انعكس ذلك بإبقاء نوري المالكي رئيسا للوزراء على رغم خسارته الانتخابات في 2010، ومن ثم الرضوخ لشروطه والانسحاب في 2011 من دون تفاهم أمني كان ليضمن ركائز أمن العراق واستقلاليته في المدى الأبعد. وساهمت هذه الأخطاء، على حد قول الجنرال الاميركي السابق ديفيد بترايوس لصحيفة “واشنطن بوست”، في عودة تنظيم “القاعدة” الى العراق، وفتح بؤر الميليشيات الشيعية التي تشكل تحديا أكبر من “داعش” للاستراتيجية الاميركية، بحسب القائد العسكري السابق نفسه.

الفوضى العراقية لم تمنع أوباما من تكرار الأخطاء نفسها في سورية، حيث غض النظر عن “حرب الاستنزاف” بين النظام والمعارضة، وتجاهل حتى خطوطه الحمر في 2013. فكان التراجع عّن محاسبة النظام السوري على استخدامه السلاح الكيماوي 12 مرة، وفق ما اكدت الاستخبارات الاميركية. واستنجد أوباما باللاعب الروسي لتوقيع اتفاق أكسب الأسد الشرعية في تفكيك الترسانة الكيماوية مع استمرار استخدام مادة الكلورين في أرض المعركة.

كل ذلك تم على خطى المفاوضات الاميركية – الإيرانية، وصولا الى الاتصال الاول منذ 1979 من المكتب البيضاوي بالقيادة الإيرانية، ومكالمة اوباما والرئيس حسن روحاني في نهاية أيلول (سبتمبر) 2013 . وجاء الاتصال بعد أسابيع من التراجع في سورية وعشية توقيع اتفاق مرحلي بين طهران والدول الكبرى.

ومنذ الاتفاق المرحلي، وحسابات أوباما هي في تحويله الى اتفاق شامل، وقراءة ذلك على أنه إنجاز تاريخي ولحظة تحولية له مثل سقوط حائط برلين في 1989، أو زيارة ريتشارد نيكسون الى الصين في 1972. ويذهب إعتقاد البيت الأبيض الى ان الاتفاق والتحول الاقتصادي الذي قد يأتي به الى طهران سيساعد المعتدلين ويغير تدريجيا نمط الحكم من دون الحاجة الى تغيير النظام. الا أن هذه النظرية تصطدم بعاملين، الاول ان الشرق الأوسط ليس الاتحاد السوفياتي سابقا أو الصين الشيوعية، والثاني أن تشدد إيران اقليميا في وتيرة تصاعدية منذ بدء المفاوضات، ويستند الى توزيع بارع للأدوار بين وزير الخارجية جواد ظريف في فيينا وجنرال “الحرس الثوري” قاسم سليماني في تكريت.

وفي حين ما زالت العقوبات تقف حاجزا بين أوباما والاتفاق – الاطار مع ايران، باعتبارها المسألة الخلافية الاخيرة بين المفاوضين، فإن الفائدة الاقتصادية من رفعها لن تتمثل في “التبادل العلمي” و”التجارة الحرة” كما يأمل الرئيس الاميركي، بل ستكون على الأرجح سد نفقات ايران المتزايدة في سورية ولبنان والعراق واليمن. وليس هناك استراتيجية أميركية اليوم لمكافحة هذا التصدع الاقليمي، بل علاجات موقتة عبر الضربات الجوية والمفاوضات لاحتواء “الدول المارقة الجديدة” في الشرق الاوسط.

وفي حال إبرامه الاسبوع المقبل، سيكون الاتفاق – الاطار نقطة الوصل الاخيرة قبل اتفاق شامل في تموز (يوليو) المقبل، قد يحتفي بِه أوباما في واشنطن على رغم مقاطعة خامنئي واستمرار ترديد شعار “الموت لاميركا” في طهران.

الحياة

 

 

إيران تمددت بعيداً وواشنطن تحاول الاستدراك المواجهة الإقليمية المذهبية في كل الاتجاهات/ روزانا بومنصف

ليس من الواضح ما اذا كانت ايران استعجلت جدا في العراق كما في اليمن من اجل فرض وقائع جديدة على الارض قبل الانتهاء من مفاوضاتها حول ملفها النووي فحصدت رد فعل من شأنه ان يضعها وجها لوجه في حرب مذهبية في تكريت في العراق كما في هجوم الحوثيين على مدن سنية في اليمن ام انها دفعت الامور بعيدا جدا على غرار اندفاع الحوثيين نحو محاولة السيطرة على اليمن بدلا من الاكتفاء بذكاء بما تحقق على رغم ان ايران كانت شبهت الحوثيين بـ”حزب الله” في لبنان. الامر الذي اثار تكهنات وتوقعات بأن الحوثيين سيقبلون بالحوار وتثبيت مكتسباتهم فيه.

فالولايات المتحدة التي اخذ عليها غض النظر الى حد كبير عن اداء ايران في العراق حيث اثنى مسؤولوها احيانا على ما تقوم به هناك في مساعدة الحكومة العراقية اضطرت اخيرا الى الانكفاء عن المشاركة في توجيه ضربات جوية استنادا الى مشاركة التحالف الدولي في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية وذلك للمساعدة في هجوم قوات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من ايران على تكريت السنية التي تعرضت للنهب والتهجير واحراق المنازل. ابعدت واشنطن نفسها عن صراع مذهبي يتفجر على وقع المساعدة الايرانية المباشرة فتراجعت وتيرة الحملة العسكرية على تكريت. ولم تلبث الولايات المتحدة التي كانت حتى الامس القريب وعلى رغم سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة تشن غارات على مقرات او مراكز لتنظيم القاعدة في اليمن ان سحبت كل عديدها الامني في اليمن في موازة تقدم الحوثيين نحو المدن ذات الغالبية السنية وتهديدهم عدن حيث لجأ الرئيس عبد ربه منصور هادي. في العراق بدت مشاركة الولايات المتحدة كأنها تسجل اهدافا في مصلحة ايران مباشرة عبر تلاقي مصالح مع ايران في السعي الى القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية في مقابل عجز حكومي عراقي وتقاعس عن استيعاب الطائفة السنية هناك. وفي اليمن ومع التصريحات الاستفزازية لكبار المسؤولين الايرانيين وعدم اظهار الحوثيين اي استعداد للحوار او للاتفاق في مقابل استمرار استهداف اركان من تنظيم القاعدة الذي بات يتصدى للحوثيين بات صعبا ان تحلق طائرات الدرون استهدافا لهؤلاء ما يزيد الشرخ مع الولايات المتحدة. فاليمن يبدو على شفير حرب اهلية ذات طابع مذهبي حاد تهدده بان يتحول كما قال المندوب الدولي الى اليمن جمال بنعمر امام مجلس الامن الذي التأم استثنائيا بعد ظهر الاحد الماضي الى عراق او سوريا اخرى حيث الصراع السياسي والمذهبي في اوجه. وهذا يحصل عبر دعم من الدول الاقليمية في مواجهة دعم ايران للحوثيين .

وكان لافتا بالنسبة الى المتابعين خروج الولايات المتحدة الى التعبير عن مواقف قوية ازاء ايران كانت الادارة الاميركية امتنعت عنها خلال التمدد الايراني في العراق وسوريا وحتى في اليمن نتيجة اعتبارات قيل انها رغبة في ادارة الرئيس باراك اوباما عدم تضييع فرصة الوصول الى اتفاق على الملف النووي الايراني في حال وجه انتقادات قوية لطهران كما قيل انها نتيجة خشية على القوات الاميركية التي عادت باعداد غير كبيرة الى العراق من اجل المساعدة في وقف تقدم تنظيم الدولة الاسلامية. ولاحظ المتابعون مواقف لمسؤولين اميركيين حاليين وسابقين كان ابرزها لرئيس الاستخبارات الاميركية جون برينان يوم الاحد الماضي الذي اعتبر ان ايران لا تزال دولة راعية للارهاب وان الولايات المتحدة ستضغط عليها بعد الاتفاق على النووي فضلا عن اعتباره ان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني يعقد مهمة الولايات المتحدة في محاربة الارهاب ويساهم في زعزعة استقرار العراق. وكان الجنرال ديفيد بترايوس القائد السابق للقوات الاميركية في العراق اعتبر في حديث قبل ايام ان ميليشيات ايران في العراق هي اخطر من تنظيم الدولة الاسلامية. وتزامن ذلك مع بيان رئاسي لمجلس الامن الدولي اقر فيها بشرعية الرئيس اليمني مطالبا الحوثيين بالتراجع عن سيطرتهم على مؤسسات الدولة. وفيما يعتبر البعض ان المواقف الاميركية المستجدة حصلت على وقع ضغوط من حلفائها في المنطقة وعلى وقع محاولة نفي استهداف الولايات المتحدة للسنة ومراعاتها او مسايرتها للشيعة، فان اخرين يعتبرون ان وطأة الصمت على التدخل الايراني في المنطقة بات غير محتمل بالنسبة الى الولايات المتحدة التي تتعرض لضغوط كبيرة في هذا الاطار نظرا الى توظيف ايران السعي الى انجاز اتفاق حول ملفها النووي عبر مسارعتها الى تسجيل مكاسب ومحاولة زرع نفوذ قوي لها في محاولة تطويق دول الخليج. ولا يمكن واشنطن او ادارة اوباما تحديدا ان تدير ظهرها لكل من تحفظات رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الذي اعيد انتخابه كما لتحفظات حلفائها من دول الخليج مع تخطي الوضع في اليمن خطوطا حمر غير مقبولة بالنسبة الى امن دول الخليج.

تتزايد في ظل ذلك كله المخاوف من اتساع المواجهة الاقليمية وتمددها مذهبيا في كل الاتجاهات.

النهار

 

 

 

 

 

 

قضايا تحكم تقدم مفاوضات “النووي الإيراني”/ د. فاطمة الصمادي

ملخص

تبحث هذه الورقة ثلاث قضايا ترى أنها تحدد إمكانيات التقدم في مفاوضات الملف النووي الإيراني بصورة تجعل من توقيع اتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 مع نهاية مارس/آذار الحالي أمرًا ممكنًا.

وهذه القضايا هي: العقوبات والتخصيب والرقابة لاحقًا على برنامج إيران النووي. ويعقِّد من قضية العقوبات أن المفاوض الأميركي ينطلق من قناعة بأن العقوبات كانت الخيار الأفضل والمثمر على صعيد إحداث تغيير في السلوك الاستراتيجي لإيران، ولذلك فإن جميع ما يطرحه من عروض على هذا الصعيد لا يغادر هذا الإطار، أما بالنسبة للطرف الإيراني فيبدو المفاوض الإيراني ملزَمًا بالوصول إلى بنود واضحة تضمن تعليق العقوبات خاصة مع الضوابط الأخيرة التي وضعها مرشد الثورة علي خامنئي بأن: “رفع الحظر يجب أن يكون جزءًا من الاتفاق النووي، لأن تعليق الحظر يأتي في صلب المفاوضات وليس نتيجة لها”. أما بالنسبة للتخصيب، فهي قضية ما زالت عالقة وإذا سمح الاتفاق لإيران بزيادة القدرة على التخصيب بشكل تدريجي، فإن السؤال المطروح هو: ما هو السقف المسموح به للتخصيب؟

ولا تبدو الآليات المستقبلية لمسألة الرقابة والتفتيش، واضحة وتتحسب إيران من أن يتضمن الاتفاق الشامل بنودًا تأتي مستندة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1747 مما يجعل من مؤسساتها العسكرية وبرامجها التسليحية عرضة للرقابة.

وتخلص الورقة إلى أنه بدون بنود واضحة تحسم الخلاف بشأن أغلب هذه المسائل إن لم يكن جميعها، سيكون التوصل إلى اتفاق شامل مع نهاية مارس/آذار الحالي أمرًا صعبًا، لكن وفي الوقت ذاته فإن إنجاز “اتفاق إطار” أو “تفاهم سياسي” كما تسميه إيران هو هدف ملحٌّ لجميع الأطراف.

تتحدث الأطراف المشاركة في مفاوضات الملف النووي الإيراني عن تقدم شهدته الجلسات الأخيرة من المحادثات التي تهدف إلى إتمام اتفاق إطار بحلول نهاية مارس/آذار الحالي والتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 30 يونيو/حزيران المقبل. وعكست تصريحات عديدة أن “القادة الأوروبيين يريدون ختامًا ناجحًا لمحادثات إيران النووية”(1).

ومهما يكن من اسم لما سيتم التوافق بشأنه “اتفاق إطار” أم “تفاهم سياسي”، فإن هذه المحادثات تأتي محكومة برغبة الأطراف المشاركة في إنجاح اتفاق، وهذا الإصرار مردُّه إلى الأثمان الباهظة التي قد يرتبها فشل الاتفاق، خاصة على صعيد المخاطر الجيوسياسية، كما أن مستقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية مرتبط بنتيجة المحادثات وكذلك الحال بالنسبة لمستقبل روحاني السياسي، وفرصه لرئاسة ثانية، فضلًا عن تبعات ذلك على الاقتصاد الإيراني والدور الذي تسعى إيران للعبه في المنطقة، وترجمة ما حققته من نفوذ إلى اعتراف دولي. في المحصلة، فإن الأطراف جميعها وفي مقدمتها الطرفان: الإيراني والأميركي لن يُقدِما على مخاطرة ترك طاولة التفاوض.

الحاجة لمخرجات واضحة

بدون مخرجات واضحة بشأن ثلاث قضايا، يجب الحديث بتحفظ عن تقدم في المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، وهذه القضايا هي:

العقوبات: وهي القضية التي بدأت تأخذ مساحة كبيرة من جلسات التفاوض، ومن الملاحظ أن الطرف الأميركي يدير التفاوض بشأنها وفق إطار عام يتضمن أربعة محاور، أهمها: الحفاظ على البنية التحتية لنظام العقوبات على المدى الطويل، وضمان إمكانية استئناف العقوبات مجددًا في وقت قصير جدًّا وتبنِّي استراتيجية تفاوضية تعتمد المرونة في تعديل نظام العقوبات، وأن يأتي تعديل العقوبات أو تعليقها تدريجيًّا وفقًا لما تُبديه إيران من التزام ببنود الاتفاق.

قد تقدم الولايات المتحدة الأميركية مقترحًا جديدًا، يتعلق بالجدول الزمني لتعليق العقوبات، لكن جميع ما اقترحه المفاوض الأميركي لم يخرج عن الأصول الأربعة السابقة.

ومن الواضح أن واشنطن تحمل قناعة بأن العقوبات كانت الخيار الأفضل والمثمر على صعيد إحداث تغيير في السلوك الاستراتيجي لإيران، كما أن ما تواجهه الإدارة الأميركية على صعيد الجغرافيا السياسية من تحديات يجعل من الصعب عليها أن تُحدث تغييرًا جذريًّا في مسار العقوبات المفروضة على إيران.

بالنسبة للطرف الإيراني سيكون المقتَرَح المتعلق بالطريقة التي ستُعلَّق بها العقوبات هو المعيار الأهم في حدوث التوافق من عدمه. وإلى اليوم لم تحصل إيران على جواب إيجابي على هذا الصعيد، ويرى صانع القرار الإيراني على هذا الصعيد أن حلَّ معضلة العقوبات ليست عملية على إيران أن تنخرط فيها، بقدر ما هي قرار يُتخذ دفعة واحدة وبصورة قاطعة. إن فقدان الضمانات بشأن إلغاء العقوبات بشكل كامل يعني بشكل أو بآخر أن العقوبات ستبقى قائمة، وهو ما يقلق الإيرانيين الذين يتخوفون من بقاء الاقتصاد الإيراني رهينة للعقوبات. وقبل أيام من استئناف المحادثات جاءت تأكيدات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي بأن: “رفع الحظر يجب أن يكون جزءًا من الاتفاق النووي، لأن تعليق الحظر هو جزء من صلب المفاوضات وليس نتيجة لها”(2).

وتطالب إيران بموعد معلَن لإنهاء جميع العقوبات، وحتى مع صدور قرار أميركي بتعليق العقوبات فإن طهران تتساءل عن الضمانات التي ستجعل الشركات العالمية بمنأى عن الضغوطات الأميركية(3).

التخصيب: هذه هي القضية الثانية التي يلفها الغموض من جوانب عدة، وإذا ما صحَّت التقارير الصحفية الغربية، في أن الاتفاق يسمح لإيران بزيادة القدرة على التخصيب بشكل تدريجي، فإن السؤال المطروح هو: ما هو السقف المسموح به للتخصيب؟ وعلى سبيل المثال، إذا كان موعد الخطوة النهائية في الاتفاق هو 10 سنوات، وإيران لديها الحق بعد السنوات الخمس الأولى في أن تزيد من قدرتها التخصيبية لأكثر من 6000 سو (SWU) (وهذا مصطلح لوحدة الفرز في عملية تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة الطرد المركزي)، فما هو السقف المحدد لذلك؟ ومن هنا جاء التدخل الألماني الذي وصفه محللون إيرانيون بأنه “تحول في الدقيقة 90 من المفاوضات” بأن يكون سقف التخصيب دائمًا، فيما تُصرُّ طهران على أن تكون المحدودية مؤقتة وقابلة للزوال(4). أعلنت إيران أنها ستكون في المستقبل بحاجة إلى 190 ألف سو (SWU) لتأمين وقود مفاعل آراك. وتقول التسريبات: إن المسموح لإيران سيكون ما بين 6000 إلى 8000 سو، وهذا لا يفي بحاجة إيران العملية في هذا المجال؛ حيث تؤكد أن الوفاء بـ”حاجتها العملية” هو المعيار الذي تقرر بناء عليه القبول باتفاق من عدمه.

وتسعى إيران في المفاوضات للاحتفاظ بعدد أجهزة الطرد المركزي لديها، وهو عبارة عن 9 آلاف جهاز نشط و10 آلاف جهاز غير نشط. وكانت مجموعة 5+1 قد أكدت في السابق أنها لن توافق إلا على 4 آلاف جهاز طرد مركزي فقط، لكن مؤخرًا جرى الحديث عن القبول بـ6000 جهاز طرد مركزي في مفاعل نطنز بما يعادل 60% من الأجهزة الفعالة التي تمتلكها إيران. وهذا العدد يقل عن 10 آلاف لكنه يزيد كثيرًا عن 500-1500 جهاز وهو العدد الذي وضعته واشنطن كسقف في بداية المحادثات، ويزيد أيضًا عن 4 آلاف جهاز التي اقترحها فريق التفاوض الغربي قبل عام من الآن(5).

يضاف إلى ما سبق مستقبل أجهزة الطرد المركزي في مفاعلي نطنز وفوردو والتي تقارب 20 ألف جهاز، ويصل المفعَّل منها إلى النصف، وإذا ما جرى وضع سقف لا يتجاوز 6000 جهاز، فإن المشكلة ستكون حول مستقبل بقية الأجهزة: هل سيتم التخلص منها، أم يمكن لإيران الاحتفاظ بها؟

ورغم عدم الجزم بمدى التقدم الذي حدث في تدوين مسودة الاتفاق أو “التفاهم السياسي”، فإن مسألة مستقبل منشآت تخصيب اليورانيوم تحت الأرض، لا تزال مشكلة، وتطالب واشنطن بتعديل استخدامات هذه المنشآت، فيما تصر طهران على بقاء المئات من أجهزة الطرد المركزي فعَّالة في هذه المنشآت.

مفاعل فردو

كان مفاعل فردو قضية أساسية على طاولة محادثات لوزان التي عُقدت في سويسرا مؤخرًا، وشكَّلت محور خلاف واضح بين إيران ومجموعة 5+1، ويتركز الخلاف في إصرار الطرف الأميركي على استقرار جميع أجهزة الطرد المركزي (التي قد يصل عددها إلى 6000) في مفاعل نطنز فقط، فيما تصر إيران في المقابل على بقاء ما لا يقل عن ألف في مفاعل فردو. ويأتي الإصرار الإيراني من كون مفاعل فردو محصنًا ضد الهجمات العسكرية بصورة كبيرة، ولضمان عدم تعرض مفاعل نطنز لأية ضربة عسكرية لابد أن يبقى مفاعل فردو فاعلًا ليشكِّل منشأة دفاعية(6).

الرقابة والتفتيش: ولا تبدو الآليات المستقبلية لهذه المسألة واضحة، خاصة وأنها مرتبطة بصورة كبيرة بما سيتم التوافق عليه في القضيتين السابقتين، لكن إيران تتخوف من أن تُوظَّف البنود الخاصة في الرقابة والتفتيش في التأخير من مسألة تعليق العقوبات وإلغائها، وتطالب الدول الكبرى بضرورة التنفيذ المؤقت للبرتوكول الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (إن بي تي) من قبل إيران، وهو ما يسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارات مباغتة للمنشآت النووية الإيرانية.

يضاف إلى ذلك أسئلة تتعلق بالجهة التي ستوكل إليها مهمة تقرير ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني يحوي أبعادًا عسكرية (PMD)، خاصة وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد قالت: إنها “عاجزة عن تأكيد سلمية برنامج إيران النووي”(7)، وإن كان تقرير الوكالة السري قد أكد أن إيران مستمرة في الوفاء بالتزاماتها وأنها لا تخصِّب اليورانيوم إلى درجة تركيز أعلى من 5%، وأنها لم تحقق “مزيدًا من التقدم” في أنشطتها الجارية في منشأتين للتخصيب ومفاعل يعمل بالماء الثقيل تحت الإنشاء(8).

وتتحسب إيران من أن يتضمن الاتفاق الشامل بنودًا تأتي مستندة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1747(9)، وهو القرار الذي قال: إن مجلس الأمن “يساوره القلق إزاء مخاطر الانتشار التي يطرحها البرنامج النووي الإيراني”، وهو ما ينقل الملف النووي من مؤسسة الطاقة الذرية إلى وزارة الدفاع؛ إذ يفتح الباب لوصول التفتيش والرقابة إلى مشاريعها العسكرية خاصة برنامجها الصاروخي وأنظمة صادراتها للأسلحة التقليدية. خاصة وأن المؤسسات التي شملها القرار المرفق الأول، وقال: إنها مشتركة في الأنشطة النووية أو أنشطة القذائف التسيارية، تتبع في كثير منها الحرس الثوري ووزارة الدفاع، ومن أبرزها:

مجموعة صـناعات الـذخائر والميتالورجيـا، المعروفـة أيـضًا بمجموعـة صـناعات الـذخائر والتي تسيطر على المجمع الصناعي (هفت تير) برنامج إيران للطرد المركزي. وهي مملوكة وخاضعة لسيطرة مؤسـسة الصناعات الدفاعية، المذكورة في قـرار مجلس الأمن (2006) 1737.

مركز أصفهان لبحوث وإنتاج الوقـود النـووي ومركـز أصـفهان للتكنولوجيـا النوويـة.

مؤسـسة بارشـين للـصناعات الكيميائيـة، وهـي فـرع من مؤسـسة الـصناعات الدفاعيـة.

مركــز كــرج للبحــوث النوويــة، وهــو جــزء مــن شــعبة البحــوث بالمنظمــة الإيرانيــة للطاقة الذرية.

مجموعة صناعة القذائف الانسيابية (cruise missiles) ، وتُعرف أيضًا بمجموعـة صـناعة القـذائف الدفاعيـة البحريـة ومـسؤولة عن القذائف البحرية بما فيها القذائف الانسيابية.

مجموعـة شـهيد هِمّـت الـصناعية ومجموعـة شهيد بقري الصناعية، وكلتاهما مذكورتان في قرار مجلس الأمن (2006) 1737.

مجموعــة ســنام الــصناعية التابعــة لمؤســسة الــصناعات الفــضائية الجويــة.

مجموعة يا مهدي للصناعات، وهي تابعـة لمؤسـسة الـصناعات الفـضائية الجويـة.

مؤسسة القدس لصناعات الملاحـة الجويـة (الـتي تنـتج: طـائرات بـلا طيـار، ومظـلات، وطائرات شراعية، وطائرات شراعية بمحرك…).

شركة بارس لخدمات الطيران التابعة للحرس الثوري.

شـركة شُــعاع للطــيران، ويستخدم الحرس الثوري منتجاتها كجزء من نظريته الحربية اللاتماثلية.

خلاصة

لا يوجد سيناريو واحد لما ستؤول إليه المحادثات، لكن المسائل الثلاث السابقة ما زالت شبه عالقة في المحادثات النووية الإيرانية، رغم الحديث عن تقدم، وبدون بنود واضحة تحسم الخلاف بشأن أغلب هذه المسائل إن لم يكن جميعها، سيكون التوصل إلى اتفاق شامل مع نهاية مارس/آذار الحالي أمرًا في غاية الصعوبة. ومع ذلك يجب أن لا يغيب عن الذهن أن إنجاز “اتفاق إطار” أو “تفاهم سياسي” -كما تسميه إيران- هو هدف الأطراف المشاركة في المحادثات.

ورغم تعقيد القضايا السابقة فإن هذه المحادثات تجري في ضوء الإصرار على إنجاح اتفاق، وذلك تحسبًا للمخاطر التي قد يرتبها فشل الاتفاق، خاصة على الصعيد الجيوسياسي على الرغم من سعي إيران للفصل بين مفاوضات ملفها النووي والقضايا الجيوسياسية. وكما أن مستقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية مرتبط بنتيجة المحادثات كذلك الحال بالنسبة لمستقبل روحاني السياسي، وفرصه لرئاسة ثانية، فضلًا عن تبعات ذلك على الاقتصاد الإيراني والدور الذي تسعى إيران للعبه في المنطقة، وترجمة ما حققته من نفوذ إلى اعتراف دولي. في المحصلة، فإن الأطراف جميعها وفي مقدمتها الطرفان: الإيراني والأميركي سيترددان طويلًا قبل أن يُقدما على مخاطرة من نوع ترك طاولة التفاوض.

______________________________________

د. فاطمة الصمادي – باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، متخصصة في الشأن الإيراني.

 

المصادر والهوامش

1- تأجيل محادثات النووي بلوزان وكيري يتحدث عن تقدم، الجزيرة نت، 20 مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول 21 مارس/آذار 2015:

http://www.aljazeera.net/news/international/2015/3/20/%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%83%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B9%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85

2- رفع الحظر يجب أن يکون جزءًا من الاتفاق النووي، الموقع الرسمي لمرشد الثورة الإسلامية، 21 مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول 22 مارس/آذار 2015:

http://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=29236

3- 20 سوال که توافق جامع بايد به آنها پاسخ بدهد (20 سؤالًا على الاتفاق الشامل أن يجيب عنها)، سايت إيران هسته اى، 22 مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول 22 مارس/آذار 2015 :

http://www.irannuc.ir/content/2536

4- چرخش 1+5 در دقيقه 90/ وزير خارجه آلمان: محدوديت غني سازي بايد دائمي شود (دوران في الدقيقة 90 لمجموعة 5+1، وزير الخارجية الألماني: القيود على التخصيب يجب أن تكون دائمة)، سايت ايران هسته اى(تقرير خاص)، 17 مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول 21 مارس/آذار 2015:

http://www.irannuc.ir/content/2535

5 – BRADLEY KLAPPER and GEORGE JAHN, AP Exclusive: Draft agreement cuts Iran’s nuclear hardware, AP,Mar. 19, 2015:

http://bigstory.ap.org/article/4c7ad2158ed944579dc1e7ed6c550899/ap-exclusive-iran-limited-6k-centrifuges-draft-accord

6- فردو؛ مسئله اصلي در مذاکرات لوزان (فردو، القضية الأساسية في محادثات لوزان)، سايت ايران هسته اى، 16 مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول 18 مارس/آذار 2015:

http://www.irannuc.ir/content/2532

7-U.N. Can’t Confirm All Nuclear Material in Iran Is Peaceful,Newsweek, 3/23/15:

http://www.newsweek.com/un-cant-confirm-all-nuclear-material-iran-peaceful-316098

8 – تأجيل محادثات النووي بلوزان وكيري يتحدث عن تقدم، الجزيرة نت، 20 مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول 21 مارس/آذار 2015:

http://www.aljazeera.net/news/international/2015/3/20/%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%83%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B9%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85

9 – القرار 1747 الصادر عن مجلس الأمن (2007)، الأمم المتحدة 24 مارس/آذار2007، تاريخ الدخول 21 مارس/آذار 2015:

http://www.francetnp.fr/IMG/pdf/ARAB-1747.pdf

مركز الجزيرة للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى