حسين الشيخصفحات مميزة

مجلة “دمشق” هل هكذا يتم التأسيس لثقافة ديمقراطية قادمة!؟: حسين الشيخ

حسين الشيخ

تبدو مجلة “دمشق” مفاجأة من العيار الثقيل اذا ما نظرنا الى الحملة الاعلامية الكبيرة التي رافقت صدورها، نشر خبر صدورها في كل وسائل الاعلام العربية الرئيسية، وقدم لها على أساس أنها بمثابة “سفينة نوح” الموعودة ، خلاص وطريق  المثقفين السوريين نحو الحرية ولكن ما أن ينقشع غبار حملة العلاقات العامة التي رافق اصدارها حتى يبدو لنا واقعا بائسا للغاية.

تصفحت العدد الأول هناك أسماء أحبها وأحترمها بين كتاب هذا العدد رفيق شامي، صبحي حديدي وزياد ماجد ،  بدأت بمقال رفيق شامي، قلت سأقرأ مقاله الذي خص به المجلة، رغم أنني أعرف أن رفيق شامي لا ينشر سوى في صفحات سورية، المقال الذي بدأت بقراءته، وجدت أنه منشور سابقا في صفحات سورية، تساءلت هل من الممكن أن يكونوا قد حصلوا على اذن من الكاتب، لكنني علمت بعد أن سألته أن المجلة لم تحصل على اذن ولم تراسل رفيق شامي على الاطلاق حول اعادة نشر هذه المقال، ولم تتصل بنا ادارة المجلة في الموقع أيضا للحصول على حق اعادة نشر المقال، ولم تشر الادارة على الاطلاق الى مكان النشر.

كتبت فيما سبق كتبت مقالا حول الترجمة، كان عنوانه ” الترجمة خيانة للنص” نشر حينها في مجلة الوحدة التي كانت تصدر من المغرب عن مركز دراسات الوحدة العربية،  تعبت في هذا المقال حوالي شهرين حتى استوى ونضج، وأرسلته للنشر وبالفعل تم نشره، تأخر وصول المردود المادي لهذا المقال، وكان عبارة عن 150 دولارا للمقال، أرسلت رسالة أخرى للمجلة أسأل فيها عن التعويض المادي، أخبرني مسؤول التحرير آنذاك بأنهم قد حولوا المبلغ لي ولتسعة كتاب آخرين، إلى علي عقلة عرسان، رئيس اتحاد الكتاب العرب آنذاك. حين ذهبت الى دمشق قلت سأمر على اتحاد كتاب العرب من أجل الحصول على التعويض، ثلاثة مرات زرت الاتحاد وقابلت علي عقلة عرسان، ولكنني لم أستطع رغم الحاحي المتكرر من استلام التعويض المذكور، لقد سرق علي عقلة عرسان جهدي وربما جهد الكتاب الآخرين الذين استلم تعويضاتهم المحولة من مجلة الوحدة اليهم.

تساءلت وأنا أتذكر هذه القصة: ما الفرق بين سرقة تعويض عن مقال وسرقة من نوع آخر ، مثلا أن تسرق مقالا منشورا في موقع معارض سوري منذ 2005  وهو هنا “صفحات سورية”، دون اذن من الكاتب ولا من ادارة موقع صفحات سورية، وتنسبه لنفسك ومجلتك، دون أي اعتبار لحقوق النشر والاقتباس، دون أي أعتبار لقامة رفيق شامي المميزة والعالية، فقط هكذا دون احترام له ولرغبته، دون احترام لجهده، تأخذ مقاله وتنشره، كيف يمكن لمجلة تدعي أنها ستكون منبر للحرية أن تنشر مقالا دون موافقة الكاتب الأصل، ودون الاشارة الى مكان النشر.

ما هو الفرق بين سلطة ديكتاتورية تفرض رئيسا لاتحاد الكتاب العرب لعدد من السنوات دون أي اعتبار لمبادئ الأخلاق ولا الانتخاب ولا آلاف الكتاب الذين يستحقون كلهم شرف الترشح على الأقل، وبين ومجلة تدعي مساندتها للحرية وتحارب الديكتاتورية كما تدعي، وتفتتح اصدرارتها بالسرقة دون أذن أو اشارة الى المصدر.

هكذا دون أن يرف لهم جفن استهان القائمون على مجلة “دمشق” بقدر رفيق شامي، تجاهلوا رغبته، وانتقصوا من جهده،  كان من المفترض في مجلة كهذه تمتلك كل وسائل الاتصال  أن تتصل برفيق شامي على الأقل، أن تتصل بموقع صفحات سورية ثانيا،  لكن ادارة المجلة تجاهلت أبسط حقوق الكاتب، أبسط قواعد الاحترام والتقدير لكاتب مثل رفيق شامي، وتجاهلت الموقع ثانيا. القضية برمتها هي قضية أخلاقية بامتياز، العديد من الأصدقاء اعتبر أنه ليس من المناسب اثارة هذه المسألة في هذا الظرف الذي تمر به البلد، أجيب على تلك الاعتراضات: متى سيكون الوقت مناسبا لطرح مثل هذه القضية الهامة، هل حين نودع في البنك عدة نسخ من علي عقلة عرسان لنستحدمها لاحقا؟ أنا حزين بالفعل، لأن ما نُبشر به بعد الثورة أشد ايلاما من مثقفي الديكتاتور،  مجموعة من شبيحة الثقافة بالفعل ، مجموعة من لاعبي الكشتبانات، لا هم لديهم سوى تحقيق مآربهم الشخصية، رعاة الثقافة القادمون، الذي كان يتفاخر بعض أعضائها بعلاقاته مع جنرالات النظام الأكثر شراسة ودموية في ذبح الالاف الآن، كان ينتقل من حضن جنرال الى آخر مباهيا في الوقت ذاته بتلك العلاقات المشبوهة ومهددا العديد بها، والامر ذاته ينسحب على بعض الآخرين الذين كان صامتين طوال كل السنين الماضية، لم يشاركوا في أي فعل للمعارضة سواء من قريب أو بعيد، شبيحة يؤسسون لثقافة هجينة لا تختلف عن ثقافة الديكاتور سوى ببعض الستائر التي تحجب بشاعة المنظر في خلفية المشهد.

 جميل أن عنوان المجلة في انجلترا فهنا في أوروبا لا مزاح مع حقوق الطبع والنشر مثلما يحدث في البلدان العربية، ولن نلاحق المجلة قضائيا، فقط سنهملها، سنهمل ما تنشر، ولن نشارك أبدا في الخديعة.

أود الاشارة أخيرا إلى أن الموقع لا يملك امكانيات نشر هذا المقال في كل المواقع التي نشرت فيها مجلة دمشق حملة علاقاتها العامة، سنكتفي باعلام الآلاف من القراء الذين يتصفحون الموقع يوميا.

انه بالفعل واقع ثقافي بائس للغاية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى