صفحات الحوار

محمد زكريا السقال لـ «الشرق الأوسط»: لا مفاوضات إلا على رحيل بشار.. وعلى إيران تحديد موقفها من ثورتنا


عضو مكتب الخارج لهيئة التنسيق الوطني: لسنا مع انشقاقات الجيش لأننا لا نريد أن ينحاز بالكامل لنا

جريدة الشرق الاوسط

عمرو أحمد

قال الناشط السياسي السوري محمد زكريا السقال، عضو مكتب الخارج لهيئة التنسيق الوطني السوري، إن الثوار في سوريا يواجهون نظاما شموليا قام بسرقة السلطة ورتبها بشكل ممنهج، مشيرا إلى أن الشعب السوري سينعم بالحرية، ولكنه أمامه تحديات كبيرة وشاقة لإعادة بناء الدولة. وأكد زكريا، عضو حزب العمل الشيوعي واللاجئ السياسي منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما، خلال حواره لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا مفاوضات إلا على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد وتسليم السلطة للشعب الحر. وانتقد السقال المقيم في برلين الموقف الإيراني لخرقه الحريات، موجها لإيران تحذيرا قال فيه «على إيران أن تحدد موقفها مع شعبنا ووطننا وعليها احترام سيادة دولتنا». وتمني السقال خلال الحوار الذي تم معه من القاهرة عبر البريد الإلكتروني، أن تتدخل المؤسسات الإنسانية لإنقاذ الشعب السوري ودعمه بالغذاء والمساعدات الطبية. وفي ما يلي نص الحوار.

* تحمل عضوية هيئة التنسيق الوطني للثورة السورية، فما أهم أهدافها؟

– بالفعل أنا عضو مكتب الخارج لهيئة التنسيق الوطني للثورة السورية، وهذه الهيئة شكلت من الكثير من الأحزاب والشخصيات الوطنية السورية، إثر انتفاضة الشعب السوري في 14 مارس (آذار)، وتهدف اللجنة إلى الالتحام بنضال الجماهير وصقل كفاحها لنيل أهدافها بالحرية والكرامة، وبناء سوريا الحديثة لكل أبنائها، بظل الدستور وحماية القانون. فنحن جزء من هذه الثورة، كنا ومنذ زمن نتطلع لتغيير ديمقراطي سلمي يعيد لسوريا وجهها الحقيقي، كمركز حداثي يسهم في مشروع النهضة، ويطور البلد كي ينعم أهله بالحرية والكرامة بعيدا عن كل التدخلات والمشاريع التي تستهدفه، بمعنى آخر نحن انتمينا مبكرا لهذا المشروع النهضوي التحرري لبلدنا.

* كنت عضوا في حزب شيوعي، كيف كان تعامل النظام مع من هم في وضعك؟

– كنت عضوا بحزب العمل الشيوعي، وهو حزب سياسي مثل اتجاها ثوريا بالداخل السوري، تعقبنا النظام وأجهزته الأمنية وبطش بنا وزج بكل رفاقنا إلى جانب الكثير من الوطنين بالسجون والمعتقلات.

* كيف ترى فكرة تكوين المجلس الانتقالي في سوريا؟

– بداية لا بد من التأكيد على أننا مع أي أداة توحد نضالنا وتحدد مسار ثورتنا وسقفها والمستقبل الذي نريده، وبهذا فإننا نركز، بل ونعطي أهمية للحوار واللقاءات التي علينا أن نطرح من خلالها تصوراتنا لمسار الثورة، وكيفية تحقيق أهدافها ومن ثم تشكيل أداة قيادتها، ولا فرق هنا بمجلس أو أي مسمى، المهم أن نجمع كلنا، أحزابا وممثلي الشارع ونخبا وشخصيات، على تصور وفهم يقود الثورة بعيدا عن كل المخاوف والمحاذير التي تحيط بنا، لهذا فإن هذه الصيغ التي تقذف وتبرز من هنا وهناك تثير البلبلة وتضعنا أمام الجماهير بطريقة غير لائقة، لهذا علينا كبح جماح هذه الاندفاعات والتصدي لحماقاتها.

* ما هي العقبات التي تقف في اتجاه الثوار، وهل لديكم وسائل للتغلب عليها؟

– كثيرة هي العقبات التي نواجهها، تبرز أولا لطبيعة النظام الذي نواجهه، وزجه بالمؤسسة العسكرية بمواجهة الشعب، وتحديد الخيار الأمني حلا وحيدا لمواجهة الأزمة، ودفع بالأمور لتأخذ طابعا أهليا. بالإضافة لحالة التمزق التي تسود المعارضة وعدم انسجامها على رؤية واضحة للصراع ومستقبله وتقدير حجم مخاطره، لهذا فإننا نبذل جهدا عاليا، نستطيع عن طريقة جمع المعارضة واتفاقها على برنامج انتقالي وميثاق شرف يحدد كيفية إدارتنا للصراع في سوريا، وتحديد شكل المستقبل الذي نريده والتغلب على المخاطر التي نواجهها وهو الحل والخيار المهم.

* هل التعاون الإيراني مع قوات بشار شيء ملموس ويشكل خطرا على الثوار؟

– إيران كدولة في المنطقة، علينا التعامل معها على هذا الأساس وقد حددناه من البداية، ولكن إيران كدولة متحالفة مع النظام فهذا غير مشروع ونقف عنده، نحن نريد مقاومة واضحة المعالم، خاصة أننا نمتلك أرضا محتلة، ونريد تحالفات واضحة ذات طابع حداثي ولا تفعل فعل التمزيق بمنطقتنا، لهذا على إيران أن تحدد موقفها مع شعبنا باعتباره جارا تربطنا مصالح مشتركة به، وعليها احترام سيادة دولتنا، لهذا نرى في تصريحات وزير الخارجية الإيراني خطوة متقدمة، واتجاها لوعي مطالب شعبنا، ونحن علينا أن نحترم جوارها ونوثق تعاوننا معها على أرضية المصالح المشتركة.

* أعلنت المعارضة الإيرانية عن دعم ثورتكم، فهل سنرى تحالف معارضي إيران وسوريا جنبا إلى جنب؟

– لا أعتقد أن هناك تعاونا مع المعارضة الإيرانية، وإن كانت أيدت فهذا موقف نبيل تمارسه كل القوى التي تحترم القانون والحريات وحقوق الإنسان، ونحن من جهتنا كثيرا ما قمنا بإدانة ممارسات النظام الإيراني وخرقه للحريات العامة وانتهاكه لها.

* من وجهة نظرك، ما الذي يختلف في الثورة السورية عن باقي الثورات العربية؟

– نحن بالتأكيد نواجه نظاما مختلفا، نظاما شموليا، سرق السلطة ورتبها بشكل ممنهج ومتسق لتكوين سلطة شمولية، بمعنى تحويل مؤسسات الدولة لمؤسسات ملحقة به وتابعة، من روضة الأطفال إلى نقابة الكتاب والصحافيين، بمعنى أنت لا تجد مساحة واحدة خارج قبضة السلطة، التي تمسك بها مؤسسة أمنية كبيرة، بمعنى نحن أمام سلطة أمنية تدير البلد وتراقب كل حركاتها، بالإضافة للعبث والتشويهات التي مزق بها النظام البنية الاجتماعية من خلال ترتيبات عشائرية وإثنية وعائلية، ونشر منطق الفساد وخلق مناهجه بحيث أصبح من الصعوبة بمكان معالجته إلا باجتثاث النظام كاملا كبنية فاسدة معيقة لأية عملية إصلاح وتطوير.

* هناك حالات انشقاق في الجيش، فهل تعتقد أنها سوف تغير مسار الثورة؟

– الجيش مؤسسة وطنية علينا الحفاظ عليها كعامل استقرار وضمان لسيادة الدولة التي نريدها دولة حديثة وديمقراطية، ومن الأخطاء الفاحشة هي زج النظام بالجيش في مواجهة شعبه، لهذا فنحن لسنا مع هذه الانشقاقات، نحن نريد أن ينحاز الجيش كاملا، ويأخذ دوره في حماية المواطنين وزج المجرمين والقتلة بالسجون، والإشراف على عملية التحول الديمقراطي ورعايتها كي نجنب البلد الكثير، وهو رهان نراهن عليه ونطالب به.

* هل يمكن أن تقومون بالتفاوض مع النظام السوري؟

– لا مفاوضات إلا على رحيل بشار الأسد، ومن ثم تسليم السلطة للشعب الذي أصبح صاحب المصلحة الأساسية ومصدر السلطات.

* هل ستطالبون بتدخل عسكري للمساعدة على نجاح الثورة؟

– هذا من الثوابت المحرمة، حيث نعي تماما أن مسألة التدخل العسكري في سوريا تعني أن نتائجها ستصب في إضعاف الوطن وتمزيقه، وإثارة كل نعراته، لهذا نحن نريد من المجتمع الدولي الضغط على نظام بشار الأسد وطرده من المحافل الدولية، إلى جانب تعقب رموز القتل والإجرام واللصوص الذين فتكوا بشعبنا.

* ما أشكال الدعم الذي تنتظرونه؟

– ما نطلبه من كل دول العالم هو مساندة شعبنا، كما نتمنى تدخل المؤسسات الإنسانية في أزمتنا، حيث بدأ شعبنا بأمس الحاجة للمساعدات الغذائية والطبية، ونحن لدينا قوائم كثيرة للعائلات المحتاجة، وقوائم أخرى للجرحى والمعتقلين، وهذا بحاجة لدعم كبير من المؤسسات والجمعيات العاملة بهذا المجال، كما نشعر بأننا بحاجة للمنابر الإعلامية التي نستطيع من خلالها تسليط الضوء على معاناة شعبنا.

* هل تتوقع انتصار الثورة السورية قريبا، وكيف ترى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد؟

– الثورة تحمل أحلاما وآمالا، وسوف ننتصر بوحدة شعبنا وقواه الوطنية، وأرجو أن يكون ذلك قريبا. نعم سوف ننعم بالحرية بعد بشار، لكن أمامنا تحديات كبيرة وشاقة لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها بشكل مدني وحداثي ومعبر عن دولة المواطنة التي هي الأساس، وهذا بحاجة لجهد جبار، لكن يطمئننا وجود الشباب.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى