صفحات العالم

اتفاق على المهمة وخلاف على المرجعية

رفيق خوري
كوفي أنان بات يحمل، نظرياً، كل أوراق الدعم لمهمته في دمشق. من البيان الرئاسي في مجلس الأمن الى قرار القمة العربية في بغداد. ومن تسليم الغرب والشرق بأن الحل السياسي هو الباب المطلوب للخروج من الأزمة الدامية الى موافقة الرئيس بشار الأسد على مقترحات أنان الستة. وهو ذهب، فوق ذلك، الى روسيا والصين، من دون أن يتجاهل الحاجة الى ايران. إذ هو يلعب حسب الأصول، ويعرف ان عليه ضمان الممر الاقليمي والدولي الى المقر الداخلي للصراع. لكن مهمته تبدو، عملياً، مجرد مخرج لكل المحرجين حيال الوضع. لا بل كأنها يافطة يقف خلفها من لا يستطيع أن يفعل ما يريد، ومن لا يريد ان يفعل ما يستطيع.
ذلك ان الاجماع على الدعم المعلن يخفي الكثير من الخلافات. لا فقط على التفاصيل الحساسة في التنفيذ بل أيضا على الأساس، وهو مرجعية المهمة. فالرجل جاء الى دمشق في اطار التباس حول مرجعية المهمة. والبيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن لدعم المهمة تبنى مقترحات أنان بلا تحديد واضح للمرجعية.
أما قمة بغداد، فانها تمسّكت بكون المرجعية هي قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة وقرارات الجامعة العربية. ومعنى ذلك تفويض الرئيس الأسد نائبه فاروق الشرع الصلاحيات للتفاوض مع المعارضة. وأما الرئيس الأسد، فانه استقبل أنان كموفد خاص للأمم المتحدة لا كموفد مشترك لها وللجامعة العربية. وهو رفض كل ما صدر ويصدر عن الجامعة، ويتصرف على أساس انه انتصر على المؤامرة وان الحل السياسي هو الاصلاحات التي قام بها والقابلة للزيادة بالحوار مع المعارضين الوطنيين في الداخل. لا بل انه اختار قمة دول البريكس، لا قمة بغداد، ليبعث اليها برسالة يطلب فيها تجفيف منابع الدعم للارهاب.
وكل هذا، قبل أن يبدأ التفاوض مع أنان لتنفيذ مقترحاته. فالتنفيذ، كما تراه دمشق، ليس فقط على النظام بل أيضاً على المعارضين والمسلحين ومن يدعمهم في الخارج. وهو، حسب المعارضين وقرارات الجامعة يبدأ من تنحّي الرئيس الأسد، في حين يصرّ النظام على أن الرئيس هو الذي يدير ما سمّاه بيان مجلس الأمن الانتقال السياسي بقيادة سورية نحو نظام ديمقراطي تعددي.
ولا شيء يوحي ان أي طرف يريد التراجع عن موقفه الثابت. فالصراع على المدخل كبير قبل الوصول الى المبنى. والتشابك كامل بين صدام الارادات في الداخل وصراع الأدوار الخارجية على سوريا وما هو أبعد منها. وليس كوفي أنان الذي يجمع أوراق الدعم لمهمته سوى لاعب ديبلوماسي في لعبة يمسك بخيوطها لاعبون كبار وصغار في زحام الثوابت والمتغيرات.
الأنوار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى