صفحات الناس

معن عاقل :الرقة… وسوى الروم خلف ظهرها روم

بين عبد الله الخليل رئيس مجلس محافظة الرقة المحررة والمعين بالتوافق حسب تعبيره والناشط س الذي رجاني عدم ذكر اسمه فروق جوهرية, الأول يستطيع أن يقول ما يشاء, قطف ثمار ثورة الحرية باكراَ, أو ربما كسر حاجز الخوف حتى سواه بالأرض, وهناك احتمال له دلالة اتهامية قد يكون من المبكر الاعلان عنه صراحة, أما الثاني فطلب عدم ذكر اسمه لأنه يخشى الانتقام, ليس انتقام السلطة القديمة, أي النظام، إنما السلطة الجديدة, السلطة التي يفترض أنها تمخضت عن ثورة الحرية, الأول لن تتعرض أسرته للجوع ولن تقطع عنه جمعيات الاغاثة إعاناتها, هذا إن كان أصلاً مضطراً لها, أما الآخر فإنه إن نجا من الانتقام المباشر, سيكون الانتقام غير المباشر في لقمة عيشه وعيش أسرته وأبنائه.

والحقيقة أننا أمام وجهتي نظر, يلخص خليل الأولى بأن الوضع في المحافظة الآن أفضل مما كان قبل خروجها عن السيطرة, بينما يرى المعتقل السابق أن جبهة النصرة وأحرار الشام وجميع الملتحين صاروا كابوساً أسوأ من النظام.

إذاً, بحسب الناشط س هناك محاولات مستميتة للقضاء على أي حراك مدني أو أهلي في المحافظة، مؤكداً قدرة المجتمع الأهلي على التصدي لمحاولات الهيمنة عليه في إطار صراع إسلامي علماني بات واضحاً في الشارع، والدليل هو وجود نحو خمسة وأربعين جمعية ومنظمة أهلية ومدنية, بينما يرى الخليل أن كل طرف يحاول أن يفرض أيديولوجيته ومنهم جبهة النصرة والأحزاب اليسارية والشيوعية, ولكن الاعتدال هو الذي سينجح بالنتيجة, وغالباً سيكون الاعتدال الإسلامي.

يقول الناشط س: لم تبق مؤسسة عامة لم تسرق والموسم الزراعي انضرب بسبب عدم وجود آليات للعمل, كل شيء يباع بالمزاد العلني, والأوضاع سيئة جداً, ثمة جوع وقهر وحتى الإغاثة في غاية السوء, ومن يستطيع الوصول إلى جمعية البر التابعة للإخوان المسلمين, لن يحصل على شيء إلا وفق مزاجهم، وأحرار الشام سرقت ثلاثة عشر مليار ليرة سورية من البنك المركزي ووزعت رواتب للموظفين على مزاجها.

ويرد الخليل: لا يوجد نهب للمال العام بالصورة المنقولة, وبالنسبة للبنك المركزي وضعت أحرار الشام يدها عليه ودفعت عشرة آلاف ليرة راتب لكل موظف ويسيرون بعض الأشياء, لكن المصرف تحت تصرفهم, أما النهب فليس عاماً, إنما هناك دوائر معينة جرى الاعتداء عليها من قبل الجهة التي وضعت يدها عليها, وعلى سبيل المثال المشفى الوطني والعيادات الشاملة ومديرية الكهرباء والبريد لم ينهبوا, والصورة المنقولة عن الرقة سوداوية وليست صحيحة, هناك مشاكل وتعثرات وأقصى اليمين وأقصى اليسار يحاولون السيطرة وفرض آرائهما وهذا مستحيل, لذلك لابد من إيجاد حل وسط وهو الأسلم.

على أية حال, يحمل الناشط س عبد الله الخليل جزءاً من مسؤولية ما يجري ويتهمه بالفساد وأن لديه مسلحين وأنه خرب العمل السياسي في الرقة, وأن شعاره إما أن أكون الزعيم أو أخرب العمل, ويسوق كمثال على ذلك أن مجلسين تشكلا في الرقة الأول يرأسه سعد شويش ونبيل الفواز والثاني شكله عبد الله الخليل لوحده عندما عاد من تركيا ومعه أربعمئة ألف دولار حصل عليها من مصطفى الصباغ, وجرت وساطات لتوحيد المجلسين إلا أن الخليل لم يقبل إلا أن يكون الرئيس، فحل المجلس المنتخب نفسه حتى لا تحدث مشاكل، ومع ذلك, ظلت المشكلة قائمة لأن الخليل صار يفرض إتاوات ويشتري ذمم.

وحول هذه النقطة يعترف الخليل أنه ليس رئيس مجلس محافظة منتخباً وإنما جاء بالتوافق من أيام العمل السري, مشيراً أن جميع الخدمات من كهرباء وخبز وهواتف ومشافي عامة ونظافة متوفرة في الرقة بفضل المجلس المحلي إضافة إلى دائرة الاحوال المدنية وأن المحكمة يجري تنظيفها وترتيبها بعد أن قُصِفَت، كما يجري إعداد مشروع للشرطة واستلمته لجنة تقوم بإعداد مقر ولباس للشرطة ولو كانت الإمكانيات متوفرة لباشرت مهامها, مضيفاً أن التمويل حتى الآن بسيط جداً وهو عبارة عن ميزانية دكان, فاحتياجات المدينة تقدر بعشرة ملايين دولار شهرياً ولم يعط الائتلاف منها إلا 400 ألف دولار, مشيراً أن النظام حول 70% من رواتب الموظفين في الرقة لأن المجلس اتبع سياسة ترك المدراء في مواقعهم وإبقاء الموظفين على حالهم حفاظاً على صلتهم بالنظام ولذلك دفع رواتبهم, أي تزاوج غير شرعي بحسب تعبير الخليل.

-وهل تلتزم الكتائب المقاتلة بقرارات المجلس المحلي؟

*الخليل: القرارات تتخذ بالتوافق ونحن موجودون كأمر واقع والكل يدعمنا، واليوم اتصلت بنا إحدى الكتائب لتأمين الكهرباء لها، وأحياناً تتصل بعض الكتائب طالبة المساعدة في مكان معين, وإذا طلبنا منهم شيئاً يستجيبون فوراً, ولأن أغلب الكتائب من متظاهرين سابقين وكنت على علاقة بهم وعددهم نحو ستة ألاف متظاهر يشكلون اليوم نحو 50-60 % من الجيش الحر، وبالتالي لا توجد أية مشكلة معهم.

-يعني أحرار الشام ستسلمكم المصرف المركزي؟

*الخليل: لا، أعتقد ستظل واضعة يدها عليه.

وحول جبهة النصرة وتدخلها في الحريات الشخصية والعامة كحالة اعتقال فتاتين لارتدائهما الجينز أكد الخليل أن الجبهة فصيل من فصائل الجيش الحر وأن اعتقال الفتاتين لم يكن لهذا السبب وليست جبهة النصرة هي التي اعتقلتهما وإنما الهيئة الشرعية, والقضية حُمِّلَت أكثر مما تحتمل, مشيراً أن الهيئة الشرعية أيضاً لا تتدخل في الحريات الشخصية لأنها أصلاً لا تستطيع  أن تخلص نفسها من الشكاوى وأنها غير قادرة على إنجاز العمل الذي بين يديها لتضيف أعباء أخرى.

هنا يؤكد الناشط أن الفتاتين اللتين اعتقلتا هما ابنتا صديقه وأن اعتصاماً وقع بشأن الحادثة مؤكداً أن الكتائب الإسلامية ولاسيما أحرار الشام وجبهة النصرة يسعيان لإقامة إمارة إسلامية.

على أية حال أجري اللقاء قبل حادثة الإعدام الأخيرة في ساحة الساعة التي نفذتها جبهة النصرة بحق ثلاثة أشخاص قيل إنهم ضباط في جيش الأسد، ولم أتمكن من الاتصال بالخليل لسؤاله عن دور الهيئة الشرعية فيما حدث, خاصة وأن قرار الإعدام لم يذكر أسماء الأشخاص ولا تهمهم, واكتفى بالإشارة إلى أنه رد على مجازر طائفية ارتكبها النظام، ولأستوضح منه ثانية إن كان هناك هيئة شرعية واحدة أم هيئات, رغم تصريحه في هذا اللقاء بوجود هيئة شرعية واحدة وليس هيئات.

لكن الناشط س علق على الحدث: إذا كانوا سيقيمون إمارة إسلامية فالإعدامات مسألة بسيطة, وبالمناسبة ليست المرة الأولى التي تعدم فيها جبهة النصرة أشخاصاً في ساحة الساعة إذ أعدمت قبلها شبيحة قالت إنهم قصفوا المدينة بهاون محمول على سيارة ليتهموا الأكراد وتحدث فتنة, وبعد تنفيذ الإعدام الأخير، خرجت مظاهرات في المدينة احتجاجاً على ممارسات الكتائب من سرقة ونهب وتدخل في خصوصيات الناس واعتقالات عشوائية، فاندس عناصر أحرار الشام فيها وخربوها.

حين سألت الخليل عن إمكانية إجراء انتخابات في الرقة أجاب بشكل واضح أنه تشكل نحو سبعة عشر مجلساً محلياً في المناطق, وأجاب بشكل ملتبس: أما بالنسبة للمدينة فيمكن إجراء انتخابات مستقبلاً، لكن انتخابات بين الثوريين. وبصراحة لم تسعفني الشجاعة لأسأل من يحدد من هم الثوريون.

وحول المعارضة ودعمها للمحافظة قال الخليل: يا أخي لا توجد معارضة, المعارضة تريد البقاء في الخارج حتى تظل مستفيدة من الصرف والأموال والفنادق وحتى تظل تتاجر بدماء السوريين.

-وهل حاولتم الاتصال بالمعارضة مباشرة؟

*الخليل: اتصلنا وتلقينا رداً سيئاً, قالوا ليس لديهم وقت للقائنا, وهذا رد الائتلاف.

-ألم يزركم أحد من الائتلاف أو المجلس الوطني؟

*الخليل: أبداً, زارنا أعضاء عاديون من المجلس الوطني في بداية التحرير وكانت زيارة رفع عتب ولم يحملوا معهم شيئاً, زارنا الدكتور أبو حطب وممثل الرقة مصطفى النواف وبعض الموظفين الآخرين.

يسخر الناشط س من عبارة تحرير الرقة ويقول أي تحرير هذا ؟ مازال اللواء 93 والفرقة 17 والمطار موجودين, وأصلاً لم يحرر أحد الرقة, وهي سلمت نفسها, فقط الأمن العسكري والسياسي قاوموا يومين وبعدها تعرضت المحافظة لعمليات سلب ونهب واسعة النطاق بينما لا تزال قوات النظام في مواقعها.

على أية حال, يصر الخليل أن وضع محافظة الرقة الآن أفضل بكثير مما كانت عليه قبل خروجها عن السيطرة, مؤكداً أنه كان هناك سلب ونهب واعتقالات ليلية ولم تكن الناس تتجرأ على الخروج ليلاً, وكان الخبز غير متوفر والقمامة تملأ الشوارع وخاصة في الأيام الأخيرة قبل خروج النظام منها, لكن الحال تغير وتحسن بعد ذلك.

لم أستطع منذ يومين الحصول من السيد الخليل على جواب على آخر سؤال، أرسلته أولاً على السكايب كتابة، ثم أجريت معه اتصالاً فلم يرد، وفحوى السؤال: ما قصة الإعدامات بساحة الساعة من أجل إضافتها للحوار قبل نشره أخذاً بالاعتبار جوابك سابقاً أنه توجد هيئة شرعية واحدة في الرقة، وليس هيئات، وكيف يعدم أشخاص دون ذكر أسمائهم وتهمهم ودون محاكمة علنية، ولماذا الإعدام العلني، وما مدى صحة تدخل أحرار الشام في نفس اليوم لفض تظاهرة مدنية سلمية وتخريبها؟!!!!!!!!!!!

كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى