صفحات الثقافة

مقالات تناولت جائزة البوكر

 

«بوكر» 2012 تفضل الأدب الشعبوي!

معظم الروائيين الذين بلغوا القائمة القصيرة للجائزة هذه الدورة ينتمون إلى جيل الشباب. لكن ذلك لا يعني انحياز لجنة الجائزة العربية إلى التجريب بقدر ما يشير إلى ذوقها المتورط في اللحظة الراهنة بكل ثقلها السياسي

سيد محمود

تونس | لن تنجو النتيجة التي انتهت إليها لجنة تحكيم جائزة «بوكر» العربية هذا العام وهي تختار قائمتها القصيرة، من سهام النقد حتى تختار الفائز بالجائزة في 23 نيسان (أبريل) المقبل على هامش «معرض أبو ظبي الدولي للكتاب». اللجنة التي رأسها أستاذ الاقتصاد المصري جلال أمين عكست بخياراتها ذوقاً شعبوياً إلى حد كبير. أحد الكتّاب التونسيين الذين شاركوا في المؤتمر الصحافي الذي عقد الأربعاء الماضي في «المسرح البلدي» في تونس، رأى أنّ اللجنة انحازت إلى أعمال ذات منحى كلاسيكي، ولم تغامر بخيارات أخرى تتعلق بالأعمال التجريبية.

ورأت اللجنة أنّ الأعمال المختارة «تُعدّ في صلب الواقع العربي اليوم وتعالج التطرف الديني وغياب التسامح ورفض الآخر وانفصال الفكر عن السلوك عند الإنسان العربي المعاصر». ملاحظة الكاتب التونسي الغاضب كشفت ذوق اللجنة التي اختارت أعمالاً لستة كتّاب عرب (راجع الكادر). ورغم أنّ غالبية هؤلاء ينتمون إلى جيل الشباب، وبعضهم لا يتجاوز الـ 35 عاماً، إلا أنّ هذا لا يعني بالضرورة انحيازاً طليعياً من قبل اللجنة بقدر ما يشير إلى ذوقها المتورط في اللحظة الراهنة بكل ثقلها السياسي. هذا الأمر واجهته اللجنة خلال المؤتمر ببيان موجز وُصفت لغته بـ«الانطباعية وليست لغة النقد الرصين». أوضحت أنّها لم تستجب لضغط اللحظة الراهنة، بل استبعدت أعمالاً عالجت ما يسمى الثورات العربية لأنّها «لم تنضج بعد واتسمت بضعف فني واضح». ودافع رئيس اللجنة عن بيانها، واصفاً الأعمال المختارة بأنها «إنسانية»، مشيراً إلى أنّ اللجنة لم تبن خياراتها على أسس سياسية، خلافاً لما هو متوقع «واستندت إلى ذائقة أعضائها وخبراتهم».

في مقابل خيارها المنحاز عمرياً لكتّاب شباب، أطاحت اللجنة أعمال أسماء ذات رصيد كبير في الرواية العربية كانت ضمن القائمة الطويلة التي أُعلنت قبل شهرين، كاللبنانيين الياس خوري وهدى بركات وربيع جابر، والجزائري واسيني الأعرج. لكن جلال أمين أكّد لـ«الأخبار» أنّ ذلك لم يكن مقصوداً؛ «فلجنة التحكيم لم تلجأ إلى إقصاء أي كاتب، ولم تصدر حكماً بإعدام روايات لكتّاب كبار»، مضيفاً أنّ «على القراء أن يقبلوا قرارات اللجنة بتسامح، فلا يفترض للكاتب العظيم أن يبقى عظيماً طوال الوقت».

لكنّ لجنة التحكيم بدت لروّاد مواقع التواصل الاجتماعي الأضعف منذ إطلاق الجائزة قبل ستّ سنوات؛ لأنها خلت من «ناقد لامع» ومن روائي معروف؛ «فغالبية أعضائها من النقاد الأكاديميين الذين لم يعرف لهم إنتاج خارج أسوار الجامعة. وباستثناء جلال أمين الشخصية الإشكالية في تعاطيها مع الأدب، والفنان السوري علي فرزات، لم تلبّ اللجنة طموحات الباحثين عن الأسماء الشهيرة التي كانت في الماضي تعطي الجائزة «بعض الوهج». وهو أمر كان مثار جدل خلال المؤتمر الصحافي الذي لم يخل أيضاً من انتقادات وجهها كتاب تونسيون للجائزة التي وُصفت بأنها «ذات توجه مشرقي» يعمل على تهميش الأدب المغاربي. وصف انطوى على عدم دقة كون لوائح الجائزة ضمت في الأعوام الأخيرة أعمالاً للتونسي الحبيب السالمي، والجزائري بشير مفتي، والمغربي سالم بن حميش، وفاز بجائزتها العام قبل الماضي المغربي محمد الأشعري. بدا واضحاً أنّ القائمة تعكس بالقدر نفسه الحضور القوي للرواية الخليجية التي مُثِّلت هذا العام بعملين للكويتي سعود السنعوسي والسعودي محمد حسن علوان.

إلى ذلك، لفت نظر المتابعين احتواء القائمة على عملين من منشورات «الدار العربية للعلوم ناشرون»، هما «ساق البامبو» لسعود السنعوسي، و«أنا وهي والأخريات» للبنانية جنى فواز الحسن. وبعيداً عن جدارة العملين، رأى البعض أنّ هذا الخيار يعكس نفوذاً ما للناشر بشار شبارو الذي كان من بين أعضاء مجلس أمناء الجائزة. ملاحظة دفعت إلى قراءة المؤشر البياني للجائزة التي كانت سابقاً تختار للفوز أعمالاً لناشرين متنفذين في مجلس الأمناء على تعاقب دوراته. خلال دورتين، انحازت إلى منشورات «دار الشروق» المصرية التي كان يمثلها إبراهيم المعلم، ولـ«المؤسسة العربية للدراسات والنشر» التي مثّلها ماهر الكيالي. إلا أنّ عضو مجلس الأمناء الناشر التونسي نوري العبيدي أوضح أنّ هذه العضوية جزء من تقاليد جائزة «بوكر» العالمية التي استلهمتها «بوكر» العربية. وقال: «أعضاء مجلس الأمناء لا يتعاطون مع اللجنة أبداً». ملاحظة أكّدها عضو اللجنة الأكاديمي اللبناني صبحي البستاني الذي قال إنّ اختيارات اللجنة «لم تكن جزافية، فقد قرأت 133 عملاً روائياً»، وهو ما عدّه الممثل التونسي سالم اللبان بنبرة ساخرة «عملاً خارقاً أقرب إلى المستحيل».

المرشحون واللجنة

ضمت اللائحة القصيرة لـ«بوكر» العربية هذا العام كلاً من: اللبنانية جنى فواز الحسن عن روايتها «أنا، هي والأخريات» (الدار العربية للعلوم ناشرون)، والمصري إبراهيم عيسى عن «مولانا» (دار بلومزبري ـــ مؤسسة قطر للنشر)، والتونسي حسين الواد عن «سعادته السيد الوزير» (دار الجنوب)، والكويتي سعود السنعوسي عن «ساق البامبو» (الدار العربية للعلوم ناشرون)، والعراقي سنان أنطون عن «يا مريم» (دار الجمل)، والسعودي محمد حسن علوان عن روايته «القندس» (دار الساقي). علماً بأنّ لجنة الدورة السادسة للجائزة التي رأسها الكاتب والمفكر المصري جلال أمين، ضمت في عضويتها الجزائرية زاهية الصالحي، واللبناني صبحي البستاني، والسوري علي فرزات، والمستعربة البولندية بربارا ميخالك – بيكولسكا.

رواية ‘مولانا’ لإبراهيم عيسى: في نقد الفقه التلفزيوني!

رشيد العناني

حين وقعت عيناي لأول مرة على رواية إبراهيم عيسى، ‘مولانا’، الصادرة عن دار بلومزبري بقطر في 2012، والتي شهدت طبعات أربعة في عام واحد، والتي اختارها محكمو الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) مؤخرا ضمن قائمة الست روايات لعام 2013 .

حين وقعت عيناي على عنوانها وعلى صورة الغلاف التي تتكون من لوحة نصفية لشيخ ملتحٍ ومعمم ومن خلفه تتراقص ألسنة اللهب، وقع في ظني، وخاصة أني أعرف إبراهيم عيسى وميوله الفكرية والسياسية من مقالاته الصحفية وبرامجه التلفزيونية، أن الرواية لابد وأن تكون عملا مكرّسا للسخرية من دعاة الفضائيات وغيرها، الذين اسهموا على مدى عقود في تشويه صورة الدين، وجعله مجالا للتعصب وضيق الأفق ورفض الاختلاف والتفريق بين المذاهب في الدين الواحد، ناهيك عن بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد المختلفين في الإيمان.

ظننت. ولم يكن ظني مخالفا للحقيقة كما تفتّقت عنها قراءتي للرواية، إلا أن الواقع الروائي الذي تكشّف لي لم يكن بالبساطة التي تصورتها. فعلا وجدت الرواية تتناول في شيء كثير من التفصيل فهي تزيد على 550 صفحة شيخا داعية من شيوخ الفضائيات، هو الشيخ حاتم الشناوي، الشخصية الرئيسية في الرواية، وهي من اللحظة الأولى تلقي بنا في عالم الدعاة الفضائيين إن جاز التعبير حيث المشهد يدور في استديو المحطة الفضائية المعنية، استعدادا لتسجيل حلقة جديدة من برنامج الشيخ الشناوي، وبالتحديد لحظة طلاء وجه الشيخ بمساحيق المكياج اللازمة للظهور التلفزيوني. ولعل البدء بهذه اللحظة خاصة لا يخلو من الغرض الروائي سواءً قصد إليه الكاتب عمدا أو عن غير وعي. فالتمَكْيُج تلفزيونيا كان أو في غيره من المناسبات هو فعل تمويه، فعل تدليس، فعل إبراز لجمال غير موجود أو إخفاء لقبح موجود، هو فعل تقديم مظهري لباطن مخالف للمظهر المُقدَّم. وليس هناك ما هو أكثر توفيقا من هذه اللحظة الافتتاحية في الرواية المختارة بعناية من قِبل إبراهيم عيسى. فالدين المُتَلْفَز في الرواية كما في أغلب الأحوال في الواقع المعاش ليس إلا دينا مُمَكْيَجا، دينا معدّا إعدادا خاصا، لجمهور خاص، من قِبل باثٍ خاص، ذي رسالة خاصة، وهي رسالة قلّما يُقصد بها وجه الدين. وكما أن الممثلين والممثلات والمذيعين والمذيعات ورجال السياسة والمعلّقين السياسيين إلى آخر القائمة يحتاجون إلى المكياج أمام عدسات التلفزيون، كل لغرضه، فكذا رجال الدين ودعاة الفضائيات، لا يفرق هؤلاء من أولئك فارق. وهذه هي الحقيقة التي يدركها إبراهيم عيسى جيدا، فينزع عن دعاة الفضائيات مكياجهم ورتوشهم وأقنعتهم ويقدمهم لنا في حال عري فكري تام.

ولست أدري إلى أي حد يقصد إبراهيم عيسى أن يكون الشيخ حاتم الشناوي صورة طبق الأصل للدعاة الفضائيين، خاصة كما يتصورهم أولئك غيرُ المختوم على قلوبهم من المؤمنين العاديين الذين يخلو إيمانهم من البرامج السياسية، والذين لا يرون في الدين مطية للتسلط السياسي، والذين يحذرون أن يكون الدين مدعاة فرقة وتصارع. فذلك النمط من الدعاة وهو الأعمّ ليس محببا إلى النفس، والأغلب أن يكون منظاره للحياة ذا لونين فقط: الأبيض والأسود، إما الجنة أو النار، إما الثواب أو العقاب، لا ظلال عنده ولا تعقيد ولا تشابك، ولا تسامح أو سماحة، ولا هزل أو فكاهة، وإنما جد وصرامة، وتجهم وعبوس. وليس في شيء من هذا كله الشيخ الشناوي، بطل رواية ‘مولانا’. فهو شخصية إنسانية محببة، يجمع بين الجد والهزل، وينطوي على شيء كثير من ‘الفَهْلَوة’ المصرية التقليدية، وهو عالم فقيه في أمور الدين، ولكنه أيضا عملي، يعرف ما يُقال وما لا يُقال، ما يصلح للفضائية الدينية وما لا يصلح. ما يجوز قوله لجمهور شبه مقولب، شبه مغسول المخ، صار يتوقع ما يسمع ولا يريد أن يسمع غيره. ويعرف أيضا ما يريد من يدفعون أجره الباهظ أن يقوله، وما لا يقبلون أن يقوله. يعرف ما يجوز الإفتاء به وما لا يجوز. يعرف ما تريده أجهزة الأمن وولاة الأمر في السلطة السياسية. وأهم من هذا كله أنه يعرف من أمور الدين ما يعينه على تلبية كل هذه التوقعات بدون أن يمسك عليه أحد خطأً ما، فالدعوة الفضائية مثلها مثل حبل مشدود كحبال السيرك من فقد توازنه فوقه سقط بدون أن تتلقاه شبكة أمان.

الشيخ الشناوي نموذج غريب ومعقد لشيوخ الفضائيات. ولا أظن أن بين قارئي الرواية أو مجرد هذا المقال من لم يشاهد حلقة أو عشرة، متابعا أو عابرا، من برامج الدعوة أو الوعظ أو الإفتاء والنصح الديني: صارت هذه البرامج واقعا حياتيا معاشا لا مهرب منه شئنا أو لم نشأ. إلا أن ما تتيحه لنا رواية إبراهيم عيسى هو المشهد من وراء الكواليس. المشهد قبل إشارة ‘الكلاكيت’. المشهد في غرفة المكياج. وليس فقط مكياج الفرشة والمساحيق، وإنما أيضا المكياج الفكري. ما تتيحه لنا الرواية هو نفسية الشيخ الواعظ المفتي، واختياراته الدينية الفكرية التي يقدّم بعضها ويؤخر الآخر أو يخفيه تماما. وكذلك حياته الخاصة. مشاكله الأسرية. علاقته مع زوجته التي تخونه ويخونها. علاقته مع ابنه. علاقته مع أساتذته من ناحية ومريديه من ناحية أخرى. علاقاته الأمنية. تداعيات حياته قبل أن يصبح واعظا، وكيف أسهمت في جعله داعية فضائيا. مخاوفه المالية، وخشيته أن يقول شيئا أو يخطو الخطوة الخطأ، فينقطع الرزق المنهمر بعشرات الآلاف أو مئاتها فيعود به إلى نمط من الحياة يخلو من مباهج الحياة الدنيا التي كثيرا ما يعظ الآخرين أن ينبذوها. تحالفاته مع رجال السلطة والمال التي تملي عليه ما يعظ به وما ينهر عنه.

ولكن الشيخ الشناوي عالم بحق، وليس متعالما. وهو مجتهد يعمل الفكر في النصوص وليس تقليديا ناقلا مرددا بغير تأمل ولا تمحيص. بل هو محسوب على المعتزلة، سادة الفكر الحر في التراث العربي. وهو يدافع عن الشيعة، والمسيحيين، واليهود وغيرهم، ولا يشارك في حملات التفكير وفتاوى الكراهية والتحريض. هو كل هذه الأشياء الجيدة. ولكنه أيضا منافق. لأنه لا يعطي علمه إلا بحساب، على المقاس. ولأنه يقول ما لا يؤمن به ويؤمن بغير ما يقول. وفلسفته تستحق أن تُقتطف بوضوح لما فيها من تناقض بيّن يظهر خداعه لذاته قبل الآخرين، فهو يصف فلسفته الدعوية على النحو التالي: ‘أنا أكثر معرفة بمصلحتي التي يمكن أن يضربونها بالضربة القاضية لو ظهرت بآراء وأفكار بشكل مختلف عما يريد الجميع أن يسمعه. كل ما أقوله في العلن هو كلام مؤمن به طبعا، لكن على الحواف ومن فوق السطح وفي الوعظ والإرشاد وتذكرة الناس بربنا وقصص تاريخية مهمة، ولكن الأساس فيها الوعظ وليس العظة، الدعاية للدين وليس الاعتبار والتبصرة به، فتاوى للحياة اليومية تلبي حاجة التدين عند الناس، لكنها لا تغير في حياتهم ولا حتى في نفوسهم شيئا (…) ما نقوله هو كلام يأتي من متاحف الفكر، محفوظ ونصي وقديم مكرر. ربما الدعاة من منافسي في السوق لا يملكون غير هذا الكلام، لكن أنا أملك علما درسته وذاكرته واقتنعت به، بل أحببته كذلك، لكنني لا أبذل جهدا في الخروج من النص التلفزيوني للدين (…) لا أظهر كل ما في صدري وفي علمي ولا أقول كذبا، بل أقول قشرا.’ (ص 366-367)

كل هذا تكشف عنه هذه الرواية التي يخبرنا إبراهيم عيسى في صفحتها الأخيرة أنه قضى ثلاث سنوات في كتابتها من 2009 إلى 2012، سنة نشرها. ولا أستغرب أنها قد استغرقت هذا الوقت في الكتابة، فهي وإنْ كتابة إبداعية، إلا أن وراءها جهدا بحثيا أكاديميا وليس فقط حياتيا. فمن وراء علم الشيخ الشناوي وطروحاته الفكرية والإفتائية، تكمن جهود الكاتب في الاطلاع على القرآن وتفاسيره، والسنة النبوية والسيرة، والحديث، صادقه ومكذوبه والمشكوك فيه، وفكر المعتزلة وتاريخ الإسلام في عصوره العديدة، وكذلك بعض من تاريخ الكنيسة وعلم اللاهوت المسيحي إلى آخره. كل هذا كان لازما لخلق الصورة الحية المُشْغِفَة التي يرسمها الروائي للشيخ حاتم الشناوي، والتي تبقى في الذهن بعد أن نقلب الصفحة الأخيرة من الكتاب، والتي أظن أنها ستغير من نظرة القارئ لدعاة الفضائيات من الآن فصاعدا. ولكن هل تغير من نظرة الدعاة لذواتهم؟ أم أن هذا إفراط في التفاؤل بالوظيفة التطهيرية للأدب؟ المؤكد أن ‘فهلوة’ الشيخ الشناوي الفكرية والفقهية لا تنجيه في النهاية، والرواية تنتهي وهو في حال لا يُحسد عليها، ومصر كلها في حال لا تُحسد عليه. والمؤكد أيضا أن ‘شطارته’ الدينية خذلته في النهاية ولم تقده وبلده إلا على سكة الندامة.

‘مولانا’ رواية ذات قضية. ذات أطروحة. رواية خرجت إلى الوجود لأن كاتبها أراد أن يوصّل لنا فكرة معينة تؤرقه ويعتقد أنها يجب أن تؤرقنا نحن أيضا القراء. هذه رواية أحب أن أسميها بالرواية الآنية. لأنها مرتبطة بالوقت الذي كتبت فيه، وبالقضية التي تتناولها: دعاة الفضائيات. وبهذا المعنى لا نتوقع لمثل هذه الرواية أن تعيش بعد زمنها. أو بعد زوال قضيتها. ولأنها رواية آنية ذات قضية محددة، فهي معنية بالسرد، وعرض الأفكار، والإطالة بقصد التوضيح، ومعنية كذلك بالتسلية التي تعين القارئ على تحمل الجرعات الفكرية. ولا صبر لها على الكثافة اللغوية، أو الشعرية، أو التفلسف والتعمق في النوازع البشرية وراء ما يؤدي الغرض القريب المطلوب. وكل هذا مرغوب، والروائي عليه مشكور. هي رواية تضيف إلى جهد إبراهيم عيسى الصحافي والإذاعي في النقد السياسي والاجتماعي. هي رواية ربما أنه ليس مقدرا لها أن تصبح من روائع الأدب، إلا أنها من أمسّ ما نحتاج أن نقرأه ونتكلم فيه ونكتب عنه اليوم وفي الغد المنظور.

ـ رواية ‘مولانا’ لإبراهيم عيسى، دار بلومزبري – مؤسسة قطر للنشر، 2012.

ناقد من مصر

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى