صفحات العالم

التركيز على… ما بعد الأسد!


راجح الخوري

 عندما يجتمع الرئيسان باراك اوباما وفلاديمير بوتين في لوس كامبوس في المكسيك على هامش قمة العشرين [18 – 19 حزيران] سيكون مستقبل الوضع السوري اي مرحلة ما بعد الاسد الملف الاول على الطاولة. هذا الاجتماع يفترض ان يخرج بتفاهم الحد الادنى على مسألة دقيقة وحساسة، لأن النظام السياسي الذي سيحكم سوريا بعد الاسد سيشكل بلا ريب تغييراً في قواعد اللعبة تتجاوز الوضع الداخلي لتتصل بحسابات استراتيجية اقليمية ودولية تبدأ في طهران وتنتهي في موسكو.

والحمى الديبلوماسية هذه الايام هي نتيجة اجماع دولي على ان النظام لن يتمكن من البقاء وان من الضروري رسم مخارج متفق عليها ولو بالحد الادنى، لمنع اندلاع الحريق السوري في اذيال المنطقة. وهكذا عندما يدعو كوفي انان الى تشكيل “مجموعة اتصال دولية” موسعة تشمل كل اللاعبين على الحلبة السورية بما في ذلك ايران، فأنه يحظى بتشجيع واضح من موسكو التي تدعم خطته التي ستفضي في النهاية الى “الحل اليمني” الذي جرى توافق عليه منذ اشهر!

هذا التشجيع عبر عنه سيرغي لافروف الذي يراقب بحذر تحركات هيلاري كلينتون المحمومة وقد انهت اول من امس اجتماعاً في اسطنبول حضرته 14 دولة ودعا الى تشكيل “هيئة تنسيق” تسعى لتوحيد المعارضة السورية في اجتماع سيعقد في 10 – 16 من الجاري ولتنسيق عملية الانتقال الديموقراطي في مرحلة ما بعد الاسد.

كلينتون تواصل تحركها السريع فتلتقي اليوم كوفي انان، بعد تلويح اميركي باللجوء الى الفصل السابع تلبية لطلب الجامعة العربية، وهو ما رد عليه البيان الروسي – الصيني المشترك الذي عارض التدخل العسكري لتغيير النظام بشكل قاطع وهو تدخل وصفه لافروف بأنه كارثة. لكن هذا لا يعني ان واشنطن لا تؤمن بضرورة اشراك روسيا في نوع من “الاستراتيجية الانتقالية” في سوريا، والدليل ان فريديريك هوف المسؤول عن الملف السوري في الخارجية الاميركية يجري في موسكو مع عدد من مساعديه منذ يومين، محادثات يفترض انها ترسم تصوراً متفقاً عليه في الحد الادنى لتقاسم الجبنة السورية!

منذ 10 آذار الماضي عندما حضر لافروف اجتماع الجامعة العربية الذي دعا الى اعتماد “الحل اليمني” لتسوية الازمة السورية، بدا ان موسكو لا تعارض تغيير النظام في المبدأ لكنها تحرص على ألا يقوّض هذا التغيير المصالح الروسية التي ارسيت في خلال 40 عاماً وألا تحصد في سوريا ما سبق ان حصدته في ليبيا.

بعد مجزرة الحولة سرّعت موسكو وتيرة نزولها عن شجرة الاسد لكنها تحرص على ان تبقى لها حصة في الثمار السورية، ولأنها تدرك اهمية ما قاله الامير سعود الفيصل صراحة عن امكان تضرر مصالحها في العالمين العربي والاسلامي،  فإنها تفاوض الاميركيين الآن على حصتها من”الجبنة السورية”!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى