بيانات الانتفاضة

يبان إلى الشعب السوري: الخطاب الثالث تكريس للأزمة

 


إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي

بعد شهرين على خطابه الثاني، ساد فيهما صمت رسمي مريب على الرغم مما تشهده البلاد من غليان وقتل وتهجير؛ ألقى الرئيس السوري خطابه الثالث متابعاً- كما في الخطابين السابقين- توصيف ما يحدث في سورية على أنه ” مؤامرة ” يدبرها أعداء النظام الخارجيون، وينفذها بعض المخربين والإرهابيين والخونة المأجورين، ويشارك فيها مواطنون غرر بهم؛ منكراً وجود أزمة عميقة بين النظام والشعب، ومؤكدا على استمرار الحل الأمني في مواجهة ” المؤامرة ” وأدواتها، ورابطاً تحقيق المطالب المعيشية والخدمية؛ التي وصفها في خطابيه السابقين بالمحقة؛ بالقضاء على “المؤامرة “، ومقرّاً باقتراب البلاد من أزمة اقتصادية كبيرة.

إن قراءة متأنية للخطاب تكشف الآتي:

1.                   استمرار النظام في إنكار الأزمة العميقة التي تلفّ سورية شعباً ودولةً، وتكرار الحديث عن”مؤامرة ” مُتوَهَمّة يجري تصنيع عواملها في أجهزة النظام المختلفة، وتجاهل الرفض الشعبي للنظام وطبيعته بدءاً ببنيته الدستورية والأمنية التي سلطت أجهزة المخابرات على مقدّرات الوطن والمواطن ومصيرهما، وصولاً إلى رفض شرعيته في جمعة التظاهر الأخيرة، وبخاصة في مسألة التوريث في نظام جمهوري وصلاحيات غير محدودة لرئيس الجمهورية. هذا الرفض عكسته مطالب المتظاهرين. وقد تداخل هذا مع تأكيده على استمرار الحل الأمني ومواجهة الشعب والتظاهرات السلمية بالقوة العارية وزج الآلاف في المعتقلات وتعذيبهم بوحشية غير مسبوقة.

2.                   أسهب الخطاب في موضوع” الحوار الوطني”، كما يراه النظام ويريده. فهو يرى أن الحوار مع” الشعب”، في أماكن تواجده في المحافظات، متجاهلاً القوى السياسية. إن الحوار المطروح لا يُراد له نهج ولا توجه ولا هدف، على اعتبار أنه يجب أن يكون” تحت سقف الوطن”، أي تحت سقف النظام. بذلك يحاور النظام نفسه، أو أنه في أحسن الأحوال يحاور أصحاب المطالب المعيشية البسيطة، علماً بأن الأزمة سياسية أساساً، وحلها سياسي أيضاً.

3.                   لم يرد في الخطاب ما يوحي بالتراجع عن الخيار الأمني، بل على العكس من ذلك، يرى النظام أن توريط الجيش في اجتياح المدن ومواجهة المتظاهرين، ضرورة يبررها” ضعف” الشرطة وعدم تدرّبها على مواجهة المظاهرات. ويبدو هنا جلياً في نهج النظام استبعادَ احتمال أن يستخدم الشعب حقه في التظاهر السلمي. وبخاصة أن هناك أربعة وستين ألفاً من المطلوبين للعدالة- وهو رقم أدهش النظام نفسه كما جاء في الخطاب- وأراد أن يوحي بذلك بأنهم القتلة في الشوارع، أو ما يسميها بالعصابات المسلحة، عصابات لم تظهر في مسيرات التأييد الموالية!

4.                   تعمّد الخطاب تجاهل الوضع الدولي، وتنامي ضغوطاته على النظام. وجاء وزير الخارجية في اليوم التالي ليستدرك المسألة، فزاد الطين بلّة. لقد شطب أوربا عن الخارطة، وأعلن الاستغناء عنها والتوجه شرقاً وجنوباً، في الوقت نفسه الذي يغامر فيه النظام بعلاقاتنا مع أقرب جيراننا: تركيا، ويسلك طريقاً خطراً. هنا، لا بد من ملاحظة الخفة التي يتناول بها النظام العلاقات الدولية وانعكاسات ذلك على أزمة البلاد، ومستقبلها كدولة تعيش في عالم يتقارب يوماً بعد يوم.

 

بيّن الخطاب أن النظام لا يملك أية خطة للخروج من الأزمة، تبدأ بالاعتراف بوجودها وطبيعتها الشاملة؛ وعَكَس غياب حس المسؤولية الوطنية والاستخفاف بمصير الوطن والاحتمالات الخطيرة التي سوف تترتب على اعتماد الحل الأمني وإراقة دماء المواطنين، وصولاً إلى التحريض الطائفي ودفع المواطنين للصدام المباشر .

لقد أكد الرئيس في خطابه هذا، بصيغته ومحتواه وإيحاءاته، أنه صاحب القرار، وأنه مسؤول عن تبني الخيار الأمني وما يترتب عليه من نتائج. كما عكس طبيعة النظام وجوهره الاستبدادي. وهنا يبدو جليّاً أن الانتفاضة ما زالت حاجة موضوعية، لا بد من استمرارها وتطويرها، حتى تتحقق آمال الشعب في التغيير الوطني الديمقراطي.

تحية لأرواح الشهداء

وعاشت سورية حرة وديمقراطية

دمشق في 24/ 6/2011 الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى