صفحات الناس

سوريا: بدائل اقتصادية خارجية واهية/ جهاد اليازجي

 

تقدم النظام السوري أخيراً بطلب الإنضمام إلى “منظمة شنغهاي للتعاون”، وفقا لنائب وزير الاقتصاد، حيان سلمان. وقال سلمان أن طلب الانضمام إلى المنظمة، كان جزءاً من العديد من خطوات مماثلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية في سورية وتحسين ميزانها التجاري.

وتشمل الخطوات الأخرى، التي خططت لها الحكومة، الإنضمام إلى الاتحاد الجمركي الذي يضم كازاخستان وروسيا البيضاء وروسيا، فضلا عن التوسع في صفقات المقايضة مع “الدول الصديقة”. لكن، تصريح سلمان ذا الطباع التقني في الشكل، يكشف، أولاً وأساساً، ان خطوة الحكومة السورية هي أساساً ذات طابع سياسي. فالنظام يبحث، وهذا دأبه تاريخياً، عن شرعية خارجية تعوض عن فقدانه الشرعية الداخلية بعد إنتفاض شرائح واسعة من السوريين ضده.

في الواقع، إن هدف منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم روسيا والصين وأوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، لا يقتصر، في المقام الأول، على تطوير العلاقات الاقتصادية. بدلاً من ذلك، يبدو هدفها الرئيسي تحسين التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب والتهديدات الأمنية الدولية الأخرى. بتعبير أدق، التعاون الاقتصادي بين دول المنظمة يحتل مركزاً ثانوياً، مقارنة مع مستويات التعاون الأمني الواسع النطاق بين هذه البلدان.

وفي الوقت نفسه، كان النظام يشتغل على خطوط موازية. إذ تمت مناقشة مشروع الانضمام إلى الاتحاد الجمركي لأكثر من ثلاث سنوات من قبل مسؤولين سوريين ولكن المفاوضات لم تؤد إلى أي تقدم.

في الواقع، منذ بداية الثورة أظهرت الحكومة أنه ليس لديها استراتيجية اقتصادية واضحة، على الأقل في ما يتعلق بالعلاقات الخارجية. في غضون أسابيع قليلة من بداية الثورة، قالت الحكومة أنها ستعلق اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع تركيا والدول العربية لأنها كانت تعتقد أنها تسببت في تدمير أجزاء كبيرة من الصناعة التحويلية وفي زيادة البطالة. ومع ذلك، في وقت لاحق وقعت الحكومة اتفاقية تجارة تفضيلية مع إيران، التي خفضت الحواجز التجارية بين البلدين. بعد ذلك تحدّثت عن الإنضمام إلى الإتحاد الجمركي.

قصارى القول انه من الواضح جداً أن قرار تطوير العلاقات التجارية مرتبط بالدعم السياسي الذي تقدمه البلدان الأخرى للنظام السوري، وليس بمصلحة الاقتصاد، وليس طبعاً بمصلحة الأكثرية الساحقة من السوريين، الذين إما نزحوا من مناطقهم التي تتعرض للقصف، أو هاجروا تماماً إلى خارج البلاد.

اللافت للنظر أنه قبل الثورة بكثير، لم تجعل الحكومة السورية تعزيز العلاقات الإقتصادية والتجارية مع دولة مثل إيران من أولى أولوياتها، على الرغم من ان شراكة إستراتيجية طويلة الأجل كانت تربطها بها، خصوصاً منذ وقف الأسد الأب في صف إيران إبان الحرب العراقية – الإيرانية. كما أن إتفاقيات تبادل السلع بالمقايضة، وفيما كان يتوقع أن تكون وسيلة لمواجهة العقوبات الدولية، إلا ان عدداً قليلاً جداً من هذه الإتفاقات يبدو أنها قد وقعت في السنوات الثلاث الماضية.

في الواقع، صفقات المقايضة تنطوي على تبادل بعض السلع في مقابل السلع الأخرى. بيد ان المشكلة الكبرى تكمن في حقيقة انه مع تدمير الصناعات التحويلية، وتدني مستوى المحاصيل الزراعية وتوقف إنتاج حقول النفط، ليس لدى الحكومة السورية من السلع لتبادلها بغيرها.

الحكومة السورية لا تلك شيئاً تقدمه غير الدمار.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى