صفحات سورية

يوم أمهات سوريا

 


محمد حسين الأطرش

كل عام وأنت بخير أمي ومعك كل أمهات سوريا. لعام جديد يحمل لكن الأمان بكل معانيه. حان الوقت لتعشن بعضا من السلام الداخلي الذي حرمكن إياه نظام القمع والترهيب. خوفكن علينا وعلى حياتنا دفعكن دوما لتفرضن علينا تربية الصمت. ما زلت أراكن تضعن أصبعكن أمام أفواهكن طالبين منا الصمت عند الحديث عن أي شيء وعن كل شيء يصل بخيوطه لينتقد النظام أمي وكل أمهات سوريا أفهم خوفكن علينا وأشعر دوما بعبارتكن الدائمة في آذني: “ما متنا بس شفنا مين مات”. كثيرات ممن عرفتهن غيبوا في السجون وكثيرات ممن عرفتهن ماتوا خارج السجن ينتظرن الإفراج عن أولادهن الذين تجرؤوا على انتقاد النظام. خفتم ضمانا لنا لكنكن اليوم وأنتم تروننا نقبع في الخوف في التردد أدركتم أنكم ضمنتم لنا الحياة لكنكن لم تضمن لنا مستقبلا يليق بشباب سوريا في الآلفية الثالثة. في عيدكن اليوم لا أطلب منكن سوى أن تخرجن صامتين ناظرين إليه في قصر المهاجرين. بصمتكن سيفهم أنه يقول ما لا يفعل وبأنه مستعد لاستباحة دماء أولادكن كل مرة يكتبون فيه عبارة تنتقد أجهزته وممارساتها. صمتكن سيحرجه لن يقوى على النظر إليكن وفي عيونكن صور قتلى حماة ودرعا وسجن تدمر وآلاف السجناء الذين مروا في سجونه وغرف تعذيب مخابراته. أمي ومعك كل أمهات سوريا تذكرن أن منكن كانت من أنجبت الشيخ صالح العلي وابراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش ويوسف العظمة. كل أمهات هؤلاء خفن للحظات وترددن لدقائق لكنهن في لحظة ما أردن لأولادهن وأولاد جميع السوريين أن يحيوا حياة كريمة بعيدا عن الذل والإستعباد.أمي ومعك كل أمهات سوريا قفوا اليوم مع ابنائكن لتعوضوهن عن تربية الخوف، أخرجوا عن صمتكن لتخرجن أبنائكن من خوفهم. أولادكن يحلمون بأن تعود سوريا لهم. بأن تكون سوريا للسوريين وليس سوريا الآسد وشوكت ومخلوف ووو. غدا في عيدكن إحتفلن بأولادكن وهم يخلعون من قلوبهم الخوف. غدا في عيدكن زفوا شهداء درعا وحماة وسجن تدمر. زغاريدكن سترجع لقلوبهم سوريتهم، عزتهم. زغاريدكن ستعيد لهم صورة العلي وهنانو وسلطان باشا ويوسف العظمة.غدا ليكن عيدكن مثالا للمرأة السورية المناضلة التي عرفتها سنوات الأربعين من القرن الماضي. في عيد الأمهات اكتبن لنا غدا صفحة جديدة لسوريا جديدة تجمعنا مرفوعي الرأس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى