صفحات الحوار

أبرامز لـ«الحياة»: إدارة أوباما بدأت من دون إستراتيجية للديموقراطية … وتسريع إسقاط الأسد يخفف المرارة بين العلويين والسنّة

 


واشنطن – جويس كرم

عاصر ملفات إقليمية شائكة منذ انضمامه إلى العمل الحكومي في إدارة رونالد ريغان عام 1985، بينها فضيحة «إيران كونترا» وتخبطات الحرب الباردة، وكان له دور محوري في أجندة الرئيس السابق جورج بوش الشرق الأوسطية، وكنائب لمستشار مجلس الأمن القومي.

أليوت أبرامز، الخبير اليوم في مجلس العلاقات الخارجية، يتحدث عن مرحلة جديدة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بعد «سنة سقوط الديكتاتوريات». ولا يخفي أبرامز الجمهوري الميول، انتقاداته لإدارة باراك أوباما، ولـ «تأخرها في احتضان الديموقراطية»، وهو يتوقع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في العام 2012، وعلاقة أفضل لواشنطن مع دول شمال إفريقيا بعد الثورات. «الحياة» التقت أبرامز، وهنا نص الحوار:

ماذا يعني «الربيع العربي» للولايات المتحدة؟ بالنسبة إليها ما الذي يقف على المحك في الشرق الأوسط؟

– الربيع العربي يعني أن على الولايات المتحدة أن تبني علاقة جديدة مع العالم العربي. علاقتنا اعتادت أن تكون مع الحكام وليس الشعب، وفي وقت تبتعد دول مثل ليبيا وتونس ومصر عن الأنظمة الديكتاتورية علينا التواصل مع شعوب هذه الدول.

لدى إدارة باراك أوباما عامل يلعب لمصلحتها، هو شعبية أوباما حول العالم، إنما لا أراها تفعل الكثير لضمان ذلك. الجولات الخارجية لأركان الإدارة (كلينتون وبايدن وبانيتا والرئيس) مهمة بلا شك، إنما لا أراهم يقتنصون الفرص، بل يركزون أكثر على الحملة الانتخابية (الأميركية للرئاسة). ليبيا وتونس هما فرصتنا الأفضل، بسبب غياب التاريخ الاستعماري، وهناك شعور جيد تجاه الولايات المتحدة في ليبيا أكثر منه حيال الأوروبيين.

هل توقعت الولايات المتحدة «الربيعَ العربي»؟ هل توقعته إدارة جورج بوش التي شاركتَ فيها؟

– أعتقد بأن تحليل بوش كان صائباً إذا عدنا لخطابه أمام المعهد الوطني للديموقراطية عام 2003 وخطاب القسم الثاني، وأيضاً خطاب (وزيرة خارجيته كوندوليزا) رايس في القاهرة عام 2005. التحليل كان صائباً، إذ إن هذا الاستقرار (في المنطقة) خاطئ ومبني على القمع، وليس هناك استثناء عربي للرغبة في الحرية. نحن لم نعتقد بأن الأمر («الربيع العربي») قد يحصل بهذه السرعة، وبوش اعتبر أنه سيأخذ أجيالاً. لذلك، أعتقد بأن لا أحد توقع أن يكون عام 2011 سنة سقوط الديكتاتوريات. إنما فهمنا (في إدارة بوش) جوهر المشكلة، وهنا نختلف عن أوباما، الذي بدأ عهده بمحاولة الانخراط مع (الرئيس السوري بشار) الأسد ومع المرشد الأعلى في إيران (علي خامنئي) و (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، وهذا كان خطأ. كان على أوباما الاستمرار في هذا النهج، لأن هؤلاء الأشخاص سيذهبون عاجلاً أو آجلاً، والأهم بناء علاقة مع الشعوب.

وهل تعتقد بأن إدارة أوباما افتقدت بداية لإستراتيجيه للإصلاح والديموقراطية في العالم العربي؟

– لم تكن لديهم إستراتيجية بالتأكيد، وإذا نظرنا إلى خطابات أوباما في السنة الأولى، سمعنا القليل جداً عن الديموقراطية وحقوق الإنسان. رأينا أن ألسنتهم كانت معقودة في حزيران (يونيو) 2009 في ظل الأحداث في الشارع الإيراني بعد الانتخابات. وحين بدأت الثورة في مصر اعتبرت (وزيرة الخارجية هيلاري) كلينتون أن الوضع هناك مستقر. معظم الإدارات تتطلع إلى فصل ذاتها عن كل إدارة سابقة، وهذا ما حصل مع أوباما بعد بوش، باعتبارهم أن أجندة الحرية غبية، وجاؤوا بفكرة الانخراط.

  لكن الكثير يؤخذ على إدارة بوش، بتدخلها بالقوة في العراق، وفي شكل صرف المواطن العربي عن الاهتمام بقضاياه الداخلية، وزاد مشاعر العداء للولايات المتحدة…

– أعتقد بأن هذا صحيح، العراق حوّل الانتباه وجعل الناس تعتبر «أجندة الحرية» غطاء للغزو، إنما لم تكن كذلك، والعالم سيفهم ذلك اليوم.

هل لحقت إدارة أوباما بالقطار اليوم، وطوّرت إستراتيجية تحتضن هذه الثورات؟

– نعم أعتقد بأنهم لحقوا بالقطار واحتضنوا الديموقراطية، رغم أنهم يتحركون ببطء. مثلاً في سورية، كانوا أكثر بطئاً من بعض الدول الأوروبية أو حتى العربية في إدراكهم أن الأسد مفقود الأمل منه، واستمروا في الحديث الربيعَ الفائت عن إمكانية إجرائه إصلاحات. هو ليس إصلاحياً، انه قاتل. كنت أتمنى أيضاً لو أخذوا موقفاً أقوى حول البحرين، في شكل يمكّن واشنطن من مساعدة الحكومة والمعارضة هناك في التوصل إلى تفاهم.

أنت كنتَ بين الشخصيات الأميركية التي وقّعت رسالة إلى أوباما لفرض عقوبات أقسى على سورية وإنشاء «مناطق آمنة» بالتعاون مع تركيا. هل تتوقع اتخاذ أوباما خطوات أكبر رغم أننا مقبلون على سنة انتخابية في الولايات المتحدة؟

– لا أتوقع خطوات كبيرة. لا يبدو أنهم مهتمون. من غير الواضح لي أيضاً ولغيري مَن هو المسؤول عن سياسة الشرق الأوسط في الإدارة. إذا نظرنا إلى البيت الأبيض، وجدنا أنه شهدَ خروج مسؤولين (بينهم دنيس روس)، وهناك كثيرون مرتبكون لا يعرفون من هو المسؤول عن أي ملف شرق أوسطي.

هل تخشى أن تهدر إدارة أوباما فرصة نحو الديموقراطية في سورية، في حال بقي الرئيس الأسد في السلطة؟

– لا أعتقد بأن الأسد سيبقى في السلطة. المسألة هي مسألة وقت، والفارق بين ذهابه خلال ثلاثة أشهر أو سنة هو عدد القتلى في سورية وأن الاقتصاد السوري سيكون تضرر أكثر وسيأخذ وقتاً أكبر للتعافي، كما أن امتداد الأزمة سيعني أن العلاقة بين الفئات السورية مثل العلويين والسنّة، ستصبح أكثر سوءاً ومرارة، لذلك لا يكفي القول بأن الأسد سيذهب عاجلاً أم آجلاً، بل علينا العمل لذهابه في شكل أسرع.

أترى أن الأسد في طريقه للخروج؟

– نعم. لا أحد يمكن أن يحدد تاريخاً، لكنني أعتقد بأنه سيذهب عام 2012.

ما الذي يجعلك متأكداً من ذلك؟ ليست هناك بعد انشقاقات سياسية داخل النظام…

– نرى انشقاقات عسكرية متزايدة، ومواجهات بين المنشقين والجيش، وهذا النمط هو مثل كرة الثلج وسيزيد مع الوقت. لدى الحكومة السورية سياسة واحدة هي إطلاق النار، ولا تجدي. كثيرون تساءلوا ماذا لو قتلوا 5000 في البداية، والجواب هو أنهم كانوا طمسوا التظاهرات، إنما هم لم يطمسوها. ونرى أن تركيا تأخذ موقفاً لافتاً، والأرقام التي رأيتها تفيد بأن الاقتصاد (السوري) يتعرض لضرر كبير، لا سياحة ولا استثمار، وهم يستخدمون احتياطهم للنقد الأجنبي بليوناً بعد بليون، وهو في نهاية المطاف نظام أقلية.

أين ترى إيران في كل ذلك؟

– هناك معضلتان أمام إيران، الأولى في سورية، فسقوط الأسد يشكل صفعة كبيرة لإيران و «حزب الله»، ولا أعتقد أن بإمكانهم فعل الكثير حول ذلك. يمكنهم إعطاؤه المال وليس أكثر. والمعضلة الثانية هي العقوبات التي أصبحت أكثر صرامة وستؤذي اقتصاد إيران أكثر في 2012.

في عملية السلام، هل انهارت إستراتيجية إدارة أوباما؟

– نعم. لا أعتقد بأن لديهم سياسة لعملية السلام اليوم. كانت لهم سياسة وفشلت منذ سنة عندما توقف المبعوث السابق جورج ميتشل عن العمل ثم استقال. واليوم ينتظرون انتهاء الانتخابات الأميركية (في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل).

ــــنـــدما أتــــــحدث الى الاسـرائـيـليـيـن والفلسطينيين لا أجد تفاؤلاً لديهم بالوصول لأي اتفاق في 2012. لا أعـــــتقد بـــأن فكرة وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ودعوته إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات مقنعة، ما من فرصٍ لنجاح ذلك. ما أود أن أراه في 2012 هو تقدم أكبر على الأرض في الضفة الغربية، في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية واقتصاد أقوى وتعاون أمني أوسع، وغارات إسرائيلية أقل، وتولي الجانب الفلسطيني إدارة عدد أكبر من المدن والقرى.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى