صفحات سوريةمحمد زكريا السقال

اللوحة مرسومة بالدم والعبث والهرطقة

 


محمد زكريا السقال

النظام الذي يمسك بكل ما يحيط هذا الوطن، يريد إصلاحا ( على قياسه) لا يخسره شيئا من المملكة، المزرعة، السلطة، القصر، الحكم. يريد ان يقدم هبات مشروطة بالطاعة والرضوخ والتسبيح ليل نهار بحمد هباته وكرمه.

النظام يعرف تماما أن سوريا دولة علمانية بحسب الدستور الذي حاول قص أكمامه وضيق أكتافه، وحشر صدره، وخيط قفاه ليصبح ممرا و منفذا لكل جرائمه وسرقاته وتسلطه، ويبقى دستورا علمانيا، يقر أن الشعب مصدر السلطات.

جوهر ما يحصل هو ان الشعب يريد أن يشارك بالسلطة، يريد أن يترجم سلطته إلى تشريعات، تعيد الهواء والحرية له ولدستوره. يريد ان يقرر مستقبل وطنه، يريد ان ينتخب ليغير المياه الراكدة ويأتى بغيرها تعبر عنه يكون قادر على على اسقاطها حين لا تلتزم همومه وأوجاعه.

النظام يدرك هذا جيدا، ويعرف أنه ومهما حاول أن يقتل أو يدس أو يسفك، أو يعتقل ويسجن، ان جوهر الحرية هو مجتمع ديمقراطي مدني، يتعامل بكل شفافية ويعترف ببعضه ويحل إشكالاته ومسائله بالحوار و التعبير و الكتابة، يختصم ويتحاور في مؤسسات تعبر عنه، تتمسك بحقوق المواطن التي يجب ان يحميها القانون .

النظام يريد سلطة إلى الأبد، يريد أن يؤبد حكمه وتفرده وتمسكه بهذا الوطن كمزرعة لكل غييه وسرقته واستبداده، وهنا تكمن معادلة النضال الحالي لجماهير سورية المنتفضة، فكل تسوية لا تحدد هذا السقف للمجتمع، ستجد نفسها بالضرورة إلى جانب سلطة القمع والأجهزة الأمنية.

حوار اليوم الدائر وكل ما يتفتق عنه من مؤتمر مصالحة، الجلوس الى طاولة حوار، رسم خرائط طريق وكل التجاذبات، نرى إن من واجبها خدمة هذا الفهم باعتباره الجوهر الممهور بالدم والطلب الذي يفجر حياة جديدة مشرقة تعمها الحرية.

اسياد النضال والنظريات، الخائفين المترددين، الإنتهازيين، المحذلقين، الفاشلين، عليهم أن يقولوا وبشكل واضح أين هم ، وأين يقفون.

الشارع كما بدا واضحا عطش للحرية يتوق للإنعتاق من عسف المؤسسة الأمنية البغيضة، يقف موحدا ومجمعا على الوطن، هل يمكن ان تتسرب إليه الفطريات، نعم ممكن، أيتسرب إليه من يريد مآرب أخرى؟؟؟ نعم جائز…، كل هذا ممكن، لكنه لا يبرر في اي حال أن يتخلى المثقفون الموهوبون الشاطرون عن مواكبة حراك الشعب، عندما يعجزوا أن يكونوا على رأس الصفوف هناك في الشارع مع ناسهم يشاطرونهم الهم والنضال، الذين سيتخلفون عن شعبهم ونضالاته، لن يغفر لهم أحد أوهامهم وجلوسهم بانتظار وحي ينزل عليهم بتحركات على قياسهم الفكري والنظري. لهذا ستكثر الدماء، وبالقدر نفسه ستكثر لعنات التاريخ الذي لا يرحم.

محمد زكريا السقال

26 / 4 / 2011

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى