صفحات العالم

المقاربة الأميركية الجديدة تثير غموضاً متزايداً: دعم اكبر للمعارضة السورية ام امور مفاجئة؟/ روزانا بومنصف

لا شك في ان اعلان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ومسؤولين اميركيين آخرين ان الرئيس باراك اوباما يلتمس خيارات جديدة من كبار مساعديه في شأن سوريا بعد تعثر محادثات السلام حول سوريا التي رعتها واشنطن في جنيف والازمة الانسانية المتفاقمة يمكن ان يثير قلق النظام السوري الذي سيحاول استكشاف ما هي الخيارات التي يمكن ان تلجأ اليها واشنطن لممارسة مزيد من الضغط عليه على رغم محاولة وزير خارجية النظام وليد المعلم التخفيف من ذلك بالقول انها مواقف اعلامية ليس الا. هذا على الاقل ما تعتقده مصادر ديبلوماسية ترى في الوقت نفسه ان مجرد اعلان هذا الموقف يندرج في اطار الضغط على النظام من اجل ارباكه وحضه على التعاون وعدم الاخلال بالتعهدات في شأن اخراج المحاصرين في حمص واتاحة المجال امام وصول المساعدات ومن اجل الاظهار للنظام ان فشل المفاوضات سيؤدي الى خيارات اخرى تسمح باعادة النظر في المواقف او المقاربة الاميركية السابقة للازمة السورية ، الامر الذي يطاول على نحو غير مباشر روسيا ايضا التي تقدم له كل الدعم . لكن الموقف الاميركي الجديد حفز في الوقت نفسه اهتماما حول الاجراءات او الخطوات التي يمكن ان تعتمدها الولايات المتحدة في المرحلة القريبة المقبلة. اذ اثار اعلان كيري مطلع هذا الشهر في مؤتمر الامن الذي انعقد في ميونيخ امام وفد من اعضاء الكونغرس الاميركي كان مشاركا في المؤتمر فشل السياسة الاميركية ازاء سوريا ثم اعلان البحث عن خيارات جديدة تساؤلات واهتماما في ضوء جملة عوامل. اذ هيمن الموضوع السوري على جدول اولويات اوباما اخيرا في ضوء لقائي القمة اللذين عقدهما مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ثم مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني وفي ضوء استعداده للقيام بزيارة للمملكة العربية السعودية يفترض انها لازالة التوتر بينهما على خلفية الموضوعين السوري والايراني وحتى المصري خصوصا مع محاولة روسيا تعبئة الفراغ الذي يتركه ابتعاد حلفاء الولايات المتحدة عنها نتيجة مقاربتها الخاصة للمسائل المستجدة في المنطقة وتوجيه هؤلاء الحلفاء رسائل واضحة تماما في هذا الاطار على ما يعتقد ان زيارة المشير عبد الفتاح السيسي الى موسكو شكلته على هذا الصعيد .

ولا تستبعد المصادر الديبلوماسية ان يخلف عدم قراءة الاطار الذي حددت وتحدد من خلاله الادارة الاميركية مقاربتها الجديدة المحتملة للازمة السورية توقعات في غير محلها في المنطقة وربما احباطا متزايدا من الولايات المتحدة او الرئيس الاميركي الذي ترغب دول عدة انخراطا اكبر منه في ازمات المنطقة. اذ انه لم يتم التخلي اولا عن الخيار الديبلوماسي لمصلحة اي خيار عسكري او امني وكان الرئيس اوباما واضحا في التركيز مجددا في مواقفه الاخيرة خصوصا على اثر القمة التي عقدها مع الملك الاردني في كاليفورنيا على مجموعة نقاط من بينها ما اعلنه هو بنفسه بالاضافة الى عناوين سياسته الخارجية المعروفة . فما اعلنه تمحور على الاتي: “اتخاذ خطوات مرحلية لممارسة مزيد من الضغط على نظام الاسد، ان الديبلوماسية لم تصل بنا الى الحل المنشود لكنها لا تزال الخيار الاكثر صوابية، ولا نتوقع حلا في الامد القريب”. وهي نقاط لا تحمل تغييرا جوهريا، ذلك علما ان تحميل واشنطن موسكو مسؤولية تصلب النظام في المفاوضات وفي التصدي مجددا لاي قرار دولي يسمح بادخال المساعدات الانسانية الى سوريا من شأنه ان يخفف مجددا من البناء على استراتيجية اميركية مختلفة وضرورة خفض التوقعات في هذا الاطار خصوصا مع الكلام عن استمرار الازمة لامد طويل .

اذ في المقلب الاخر، اطاحت المواقف التي انخرطت فيها روسيا خلال ال 48 ساعة الماضية دفاعا عن رفضها قرارا غربيا في مجلس الامن يسمح بادخال المساعدات الانسانية وردا على اتهامها من الولايات المتحدة بدعم تصلب النظام السوري الرهانات او الآمال التي رسمها او حددها البعض مجددا عن تغيير ولو طفيف في الموقف الروسي خصوصا بعد التطور الذي تمثل في استقبال رئيس الائتلاف المعارض احمد الجربا في موسكو واظهرت ان لا تغيير يذكر في هذا الاطار. وفيما ترددت بعض المعلومات الديبلوماسية التي تفيد بان الفشل في جنيف 2 او 3 يتصل بعدم رغبة النظام في التنازل عن الحكم في مقابل عدم رغبة المعارضة او عدم تعهدها في تقديم الضمانات لبشار الاسد بخروج آمن ومن دون محاكمات تطاوله مع عائلته والمقربين منه، فان كثرا رأوا في اعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعوته واشنطن “دائما” كما قال “الى التعامل في شكل مباشر مع النظام” انه يندرج في اطار خدمة اهداف النظام الذي يطمح الى استعادة الاعتراف بشرعيته واظهار نفسه فوق الوفدين المفاوضين في جنيف وانه المرجعية الفصل بينهما في موازاة سعيه الى افراغ الثورة من مضمونها وحصرقياداتها في اطار تهم ارهابية والى الحصول على حكومة انتقالية تضم بعض المعارضين المحليين وليس الى هيئة انتقالية بديلة من حكمه.

لكن ذلك كله لا يمنع انتظار ما ستحمله المقاربة الديبلوماسية الاميركية الجديدة وهل ستكون هذه المقاربة كفيلة باتاحة الفرصة لدعم اكثر فاعلية للمعارضة السورية عبر دول المنطقة كما يتردد او باجراءات اخرى مفاجئة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى