صفحات المستقبل

الموت ثلاثي الأبعاد/ فادي محمود

 

 

الخطر التركي على الأكراد أعوان النظام بدأ يتصاعد، والقصف الذي تتعرض له قوات سورية الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية كان قصفاً موجعاً للأكراد في مواقعهم التي احتلوها، أخيراً، في مطار “منغ” العسكري، ومدينة أعزاز المحاصرة، ومدينة تل رفعت الساقطة، أخيراً، في يد الأكراد، هذا ما حدا روسيا للتقدم  بقرار “مضحك” لمجلس الأمن وجُوبه بالرفض من خمس دول في مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، ينص على حماية سيادة سورية على أراضيها!

روسيا التي ارتكبت مئات المجازر على عموم الأرض السورية الخارجة على سلطة النظام، تدافع عن “سيادة سورية” التي لم تميز مقاتلاتها بين المدارس والمستشفيات والمرافق العامة، وبين مقاتلي “داعش”، حجّتها في العدوان؛ مكافحة الإرهاب، وهو حسب التعريف “الأسد روسي” لا حسب تعريفات ومواثيق القانون الدولي لحقوق الإنسان والأمم المتحدة.

كان من ذلك، التطور العسكري التركي لحماية حدودها من أي خطر كردي متفاقم في أراضيها أو أي تمكن للقوات الكردية – المقاتلة باسم الجيش السوري؛ حسب ما صرحت بثينة شعبان، مستشارة الأسد، من أي تمدد محتمل تحت غطاء نار الطيران الروسي، مترافقاً مع الاتفاق السعودي التركي للتدخل البري لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” تحت غطاء التحالف الدولي.

ترافق كل هذا مع الدعوة الأميركية الخجولة لتركيا بوقف قصفها الأكراد في مواقعهم، مما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تخيير أميركا بين تركيا والأكراد في المنطقة، وتجديد دعوتها لإقامة منطقة عازلة ذات حظر جوي في شمال سورية؛ لتردف الخارجية الأميركية نفيها تسليح الأكراد المقاتلين في سورية ورفضها استغلال الأكراد للفوضى للاستيلاء على المزيد من الأراضي.

وفي خِضم تسارع في الأحداث السورية والإقليمية يتهدد نحو ربع مليون سوري في محافظة حلب خاصة وما حولها النزوح والتشرد، مما يشكل عبئاً إضافياً على تركيا، المنفذ الوحيد أمام الفارين من الموت ثلاثي الأبعاد الروسي الأسدي الكردي.

ويتفاقم الوضع اتهام تركيا بالقصف العشوائي للمدنيين الأكراد، وفي مدينة عفرين الكردية شمال حلب، والخوف والتخويف من التدخل البري السعودي والتركي، والتلويح الروسي باندلاع حرب عالمية ثالثة فيما لو تم هذا.

خشية الروس والإيرانيين الكبيرة وأذرعهم في سورية من أي تدخل بري ضد داعش وخاصة في الرقة ودير الزور لأن البديل لن يكون إلا من القوات السورية المعتدلة، أي الجيش الحر المحرر الأول لكل الأراضي، قبل أن يستولي عليها تنظيم داعش، وهذا الذي يبدو أن أميركا-حتى الآن- لا ترغبهُ؛ لأن التوريط الروسي يبدو أنه آخذ  بالتمدد وكل محاولات ميونخ وقبلها جنيف3 وأي اجتماع دولي على ضرورة وقف إطلاق النار جُوبه برفض روسي واضح عبر مجازر يومية مستمرة!

ويتضح أن السعودية هي الطرف الوحيد المتحفّز والجاد بقرارها المشاركة العسكرية البرية وتأهب مقاتلاتها في تركيا، ومناورات “حفر الباطن” للتحضير لرعد شمال، وقطعها للمعونة المالية الضخمة التي كانت مخصصة لجيش لبنان، كعقوبة لحزب الله المتورط في سورية.

وفي انتظار استئناف مفاوضات جنيف في الوقت الحالي، وشروط المعارضة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير 2254؛ قبل أي مفاوضات جدية وبسياسة النظام التاريخية في اللعب على الوقت وبالألفاظ والتفاصيل، والمواربة التي أضحت سمة يتصف بها خاصة في جنيف عبر كل نُسخها السابقة، يبقى الواقع السوري في انتظار بارقة أمل أو حبل نجاة تحد من المآسي الإنسانية اليومية، لا عبر بُعدٍ كردي ثالثٍ للموت في واقع سورية ومستقبل كل مكوناتها والأكراد من بينهم.

(سورية)

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى